الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حكم تشريح الأموات
سؤال: علمت في موضوع تشريح الأموات حديثاً، ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام:«كسر عظم الميت ككسره وهو حي» ، وهناك استدلال بهذا الحديث على حرمة تشريح الميت بغض النظر عن أي أسباب؛ لأن هذا الحديث لم يكن مُعَلَّلاً، بحيث إذا انتفت العلة نقدر نُشَرِّح، فما رأيكم في الموضوع؟
الشيخ: رأيي هو كما يدل الحديث لكن بقيد، وهو المؤمن، المؤمن كسر عظم الميت المؤمن ككسره حياً.
فالتشريح بالنسبة للمسلم لا يجوز إطلاقاً؛ لأن فيه تمثيلاً، أما بالنسبة لغير المسلم، فإذا كان بإذن أهله جاز؛ لأنه ليس له تلك الحرمة التي للمسلم، واضح الجواب.
سؤال: فيه شيء اسمه الطب الشرعي، يعني: التشريح يكشف الجرائم ويكشف هذا، ما فيه شيء في السنة يجيز ذلك؟
الشيخ: هذا ليس طِبًّا شرعياً هذا طب فقهي، يجب أن نُفَرِّق بين الأمرين.
بعض الفقهاء خاصة وفي آخر الزمان يجتهدون اجتهادات بالرأي، كما كان يقال عن أهل الرأي بالكوفة، لكن هؤلاء أولاً: يغلب عليهم البعد عن دراسة الفقه السُّنِّي، وأعني به: الفقه المُسْتَنبط من السنة؛ لأنهم لا يُعْنَون منذ نعومة أظفارهم إلى أن يتخرجوا دكاترة في الشريعة، لا يعنون بدراسة السنة والإحاطة بما فيها من كنوز ومن نصوص، وإنما يستعملوا رأيهم أن المصلحة تقتضي هكذا، وما دام ما فيه نص في الشرع يمنع من ذلك، هذا في حدود - طبعاً - معلوماتهم، فيُفْتُون بمثل هذه الفتاوى.
لكن الآن انظر كيف وقعنا في زمانٍ ما هُوَ منصوص في الشرع لا نُعْمِلُهُ ولا نُحَكِّمه، وما ليس منصوصاً في الشرع، أقل ما يقال: نجتهد من عندنا في سبيل إظهار أنه هذا القتيل قُتِل برصاصة من نوعية مُعَيَّنة، هذا الرصاص يمثل شرطة
مثلاً، يمثل سفاكي دماء إلخ، ويتوصلوا من كشف نوعية الرصاص إلى تحديد هوية المجرم.
لو قلنا بجواز هذا التحقيق المُبالغ فيه بل المُتَنَطَّع فيه ما ثمرة هذا، اكتشفنا في الأخير من هو القاتل، هل يقتل؟ لا يُقتل إلا ما ندر جداً، لأنه عم بتثبت حقائق يقينية ما تحتاج إلى مثل هذه البحوث الطبية الدقيقة، مع ذلك نُعَطِّل الأحكام الشرعية، هذا معروف لديكم حتماً.
إذاً: ما المقصود من هذا الطب الشرعي؟ كشف المجرم، هاي مجرمين بالعشرات كل يوم وما نقيم عليهم الحد الشرعي، فاعتبروا يا أولي الأبصار.
هذا لو فرضنا أن ما فيه تمثيل بجثة هذا القتيل، أنه فوق ما هو قُتِل ولَقِي أَجَلَه عند ربه بحق بباطل، الله عزوجل هو الذي سيحكم بين الناس، نأتي نحن ونُشَرِّح فيه ونتعلم عليه، ومثلما يقال كما قرأنا في بعض كتب الأدب:«استضعفوك فوصفوك» هلَّا وَصَفُوا لك شبل الأسد، لو واحد له صولة وله جولة، فلن يستطيعوا أن يُمَثِّلوا به هذا التمثيل، يتركوه ويتهموا زيد وعمرو من أساس يأخذوا بثأره، فتسمية هذا النوع من الفحص الطبي بالطب الشرعي، أقل ما يقال فيه في رأيي: تسامح في التعبير.
مداخلة: في لفظ آخر قرأته أو سمعت فيه على هذه الناحية، مثل الطب الشرعي، أو لغاية التعليم الطبي.
نقول: بالنسبة للطب الشرعي، المقصود هو ما يلزم القاضي من معلومات ليصدر حكماً أو رأياً في قضية ما، الحكم حتى يذكر القاضي بحاجة إلى بينة، وإذا وجدت بينة غير كافية يستأنس بقرائن، والبينات معروفة في الإسلام أربعة أنواع: الاعتراف واليمين والشهادات الموثقة والشهود، وهذه الأمور الأخرى من الأثر أو من الفحص الطبي، أو من علامات بقيت في مكان الجريمة أو صورة كلها تعتبر قرائن، يستأنس فيها القاضي، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها في إصدار حكم، فقيمتها أصلاً أمام القاضي حتى لو عملت فهي ضعيفة لأنها قرينة وليست بَيِّنة.