الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وضع علامة على القبر
عن كثير بن زيد المدني عن المطلب قال: لما مات عثمان بن مظعون أُخرج بجنازته، فدُفن، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً أن يأتيه بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليها رسوله الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه، قال كثير: قال المطلب: قال الذي يخبرني ذلك عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم: كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسوله الله صلى الله عليه وسلم حين حسر عنهما، ثم حملها فوضعها عند رأسه، وقال:«أَتَعَلَّمُ بها قبرَ أخي، وأَدْفِنُ إليه مَنْ مات من أهلي. يعني: عثمانَ بنَ مَظْعُونٍ رضي الله عنه» .
[قال الإمام]:
وقد استدل الشافعية وغيرهم بهذا الحديث على أنه يستحب أن يجعل عند رأسه علامة من حجر أو غيره؛ قالوا: ولأنه يعرف به فَيُزار. وأقول: ولأنه إذا عرف لم يجلس عليه ولم يدس بالنعال. وقد ترجم له أبو داود بقوله: «باب في جمع الموتى في قبر، والقبر يُعَلَّمُ» . والبيهقي فقال: «باب إعلام القبر بصخرة أو علامة ما كانت» .
السلسلة الصحيحة (7/ 1/ 166).
إذا قام بعض الناس بتسوية القبور دون إذن من الجهات الرسمية
مداخلة: شيخنا: قرأت في إحدى الصحف اليوم، بأن السُلطات الكويتية قامت باعتقال ثلاثة أشخاص بِتُهْمَة تسوية بعض القبور في إحدى الجبانات، أو إحدى القبور في الكويت، فما تعليقك على هذا الموضوع؟
الشيخ: يعني هدم المبني على القبر.
مداخلة: لا، هي تسوية؛ لأنه مشرف، قاموا بتسويته، ووصفوهم بالأصوليين طبعاً؛ لأنه لا يوجد بناء فوق القبر في الإسلام، كما يقول هؤلاء المجموعة، فقامت باعتقالهم على هذا الشيء؛ لأنهم سَوَّوا هذه القبور.
الشيخ: الجواب: التسوية التي جاء ذكرها في حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسوية القبور، إنما المقصود بهذا الأمر، هو هدم ما يُبْنَى على القبور، بناءً مخالفاً للشرع.
لأنه ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبر، لكن مقابل هذا النهي ثبت أن السنة أن يرفع القبر عن الأرض، ولا يُسَوّى بالأرض، وإنما يُرفع بمقدار شبر أو شبرين، وهذا في الواقع الحكمة منه ظاهرة جداً، حتى يتميز القبر من سائر الأرض، فلا يُعَامَل كما تعامل أيّ قسم من الأرض.
وحينئذٍ يكون المسلم في منجي من مخالفة الرسول عليه السلام، بل ومخالفته مخالفة مزدوجة في قوله عليه السلام:«لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها» .
فلو أن القبر كان مسوىً بالأرض، لربما صلى عليه الإنسان، فخالف نهي الرسول عليه السلام أو صلى إليه، وإذا جلس عليه فقد ارتكب المحظور الآخر في الحديث:«لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها» ، وفي أحاديث أخرى وإن كانت خارج الصحيح فهي ثابتة، أنه نهى عن الصلاة «حصل هنا انقطاع صوتي» .
الشيخ: فإذاً: من الحكمة البَيِّنة الواضحة أن يكون القبر مرتفعاً عن الأرض بمقدار شبر أو شبرين؛ لتمييزه.
ففي مثل هذا القبر لا يأتي الأمر بالتسوية، وإنما يأتي هذا الأمر بالنسبة للقبور التي رُفِعت، وبُني عليها مخالفة هذه الشريعة. إلى هنا أظن وضح الأمر ..
لنعود إلى ذاك النفر الذي سمعت أو قرأت ما أدري، أن الحكومة الكويتية ألقت القبض عليهم، وأنا أقول: إن كان إلقاء القبض عليهم؛ لأنهم خالفوا الشرع، فهذا خطأ، وإن كان القبض عليهم؛ لأنهم قاموا بما لا ينبغي لفرد من الأفراد أن يقوم به؛ خشية أن تثور الثورة بين الأمة؛ لأنه هذا يتعصب لهذا الحكم الثابت في السنة، وآخر ربما يتعصب لرأي لبعض العلماء المتخلفين أو المتأخرين في الأمة ..