الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى غير المساجد الثلاثة من المواضع الفاضلة، هو الذي يجب المصير إليه، فلا جرم اختاره كبار العلماء المحققين المعروفين باستقلالهم في الفهم، وتعمقهم في الفقه عن الله ورسوله أمثال شيخي الاسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهم الله تعالى، فإن لهم البحوث الكثيرة النافعة في هذه المسألة الهامة، ومن هؤلاء الافاضل الشيخ ولي الله الدهلوي، ومن كلامه في ذلك ما قال في «الحجة البالغة» «1/ 192»:«كان أهل الجاهلية يقصدون مواضع معظمة بزعمهم يزورونها ويتبركون بها، وفيه من التحريف والفساد ما لا يخفى، فسد صلى الله عليه وسلم الفساد، لئلا يلحق غير الشعائر بالشعائر، ولئلا يصير ذريعة لعبادة غير الله، والحق عندي أن القبر، ومحل عبادة ولي من الأولياء والطور كل ذلك سواء في النهي» .
ومما يحسن التنبيه عليه في خاتمة هذا البحث أنه لا يدخل في النهي السفر للتجارة وطلب العلم، فإن السفر إنما هو لطلب تلك الحاجة حيث كانت لا لخصوص المكان، وكذلك السفر لزيارة الاخ في الله فإنه هو المقصود كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية في «الفتاوي» «2/ 186» .
أحكام الجنائز [285]
حرمة إيقاد السرج عند القبور
[من محرمات القبور]: إيقاد السرج عندها.
والدليل على ذلك عدة أمور:
أولا: كونه بدعة محدثة لا يعرفها السلف الصالح، وقد قال صلى الله عليه وسلم:«كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار» .
رواه النسائي وأبن خزيمه في «صحيحه» بسند صحيح.
ثانيا: أن فيه إضاعة للمال وهو منهي عنه بالنص كما تقدم في المسألة «42 ص 64» .
ثالثا: أن فيه تشبها بالمجوس عُبَّاد النار، قال ابن حجر الفقيه في «الزواجر»
قلت: ولم يورد بالإضافة إلى ما ذكر من التعليل دليلنا الأول، مع أنه دليل وارد، بل لعله أقوى الأدلة، لأن الذين يوقدون السرج على القبور إنما يقصدون بذلك التقرب إلى الله تعالى - زعموا، ولا يقصدون الإنارة على المقيم أو الزائر، بدليل إيقادهم إياها والشمس طالعة في رابعة النهار! فكان من أجل ذلك بدعة ضلالة.
فإن قيل: فلماذا لم تستدل بالحديث المشهور الذي رواه أصحاب السنن وغيرهم عن ابن عباس: «لعن الله زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج» وجوابي عليه: أن هذا الحديث مع شهرته ضعيف الإسناد، لا تقوم به حجة، وإن تساهل كثير من المصنفين فأوردوه في هذا الباب وسكتوا عن علته، كما فعل ابن حجر في «الزواجر» ، ومن قبله العلامة ابن القيم في «زاد المعاد» ، واغتر به جماهير السلفيين وأهل الحديث فاحتجوا به في كتبهم ورسائلهم ومحاضراتهم.
وقد كنت انتقدت ابن القيم من أجل ذلك فيما كنت علقته على كتابه، وبينت علة الحديث مفصلا هناك، ثم في «سلسلة الاحاديث الضعيفة» «رقم 223» ، ثم رأيث ابن القيم في «تهذيب السنن» «4/ 342» نقل عن عبد الحق الإشبيلي أن في سند الحديث باذام صاحب الكلبي وهو عندهم ضعيف جدا، وأقره ابن القيم، فالحمد لله على توفيقه.
وأما الجملة الأولى من الحديث فصحيحة لها شاهدان من حديث أبي هريرة وحسان ابن ثابت أوردتهما في المسألة «119 ص 185، 186» .
وأما الجملة الثانية فهي صحيحة أيضا متواترة المعنى، وقد ذكرت في هذا الفصل في المسألة السابعة سبعة أحاديث صحيحة تشهد لها.
أحكام الجنائز [285]