الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفسير حديث تعذيب الميت ببكاء أهله
[قال الإمام]:
حديث: «من نيح عليه يعذب بما نيح عليه» أي: يتألم ويتوجع، قال شيخ الإسلام في تفسير حديث أبي ذر - بعد أن قرر أن ليس على أحد من وزر غيره شيء، وأنه لا يستحق إلا ما سعاه -، قال:«2/ 209 - من المجموعة المنيرية» : «وإن ظن بعض الناس أن تعذيب الميت ببكاء أهله عليه ينافي الأول! فليس كذلك؛ إذ ذلك النائح يعذب بنوحه، لا يحمل الميت وزره، ولكن الميت يناله ألم من فعل هذا كما يتألم الإنسان من أمور خارجة عن كسبه، وإن لم يكن جزاء الكسب والعذاب أعم من العقاب، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «السفر قطعة من العذاب» . وانظر تفصيل هذا البحث في «تهذيب السنن» لابن القيم «4/ 290» ، وقد صرح فيه بخطأ تفسير هذا الحديث على هذا الوجه، فراجعه؛ فإنه مفيد.
التعليقات الرضية (1/ 460)
معنى ما جاء في الأحاديث من تعذيب الميت ببكاء أهله عليه
[قال رسول الله صلى الله عليه وسلم]: «إنّ الكافر ليزيدُه الله عز وجل ببكاءِ أهلهِ عذاباً» .
[قال الإمام]:
أخرجه البخاري «1287 و 1288» ، ومسلم «3/ 42 - 43» ، وابن حبان «5/ 54/ 3126» ، وأحمد «1/ 41 - 42» كلهم من طريق عبد الله بن أبي مُليكة قال: كنت عند عبد الله بن عمر، ونحن ننتظر جنازة أم أبان ابنة عثمان بن عفان، وعنده عمرو بن عثمان، فجاء ابن عباس يقوده قائد، قال: فأراه أخبره بمكان ابن عمر، فجاء حتى جلس إلى جنبي، وكنت بينهما؛ فإذا صَوْتٌ من الدار، فقال ابن عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه» ، فأرسلها عبد الله مرسلة. قال ابن عباس: كنا مع أمير المؤمنين عمر، حتى إذا كنا بالبيداء؛
إذا هو برجل نازل في ظل شجرة، فقال لي: انطلق فاعلم من ذاك؟ فانطلقت؛ فإذا هو صهيب، فرجعت إليه فقلت: إنك أمرتني أن أَعْلَمَ لك من ذاك؟ وإنه صهيب. فقال: مروه فليلحق بنا. فقلت: إن معه أهله! قال: وإن كان معه أهله- وربما قال أيوب مرة: فليلحق بنا-! فلما بلغنا المدينة؛ لم يلبث أمير المؤمنين أن أصيب، فجاء صهيب، فقال: واأخاه! واصاحباه! فقال عمر: ألم تعلم- أو لم تسمع- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه» ؟ ! فأما عبد الله فأرسلها مرسلة، وأما عمر فقال: «ببعض بكاء
…
». فأتيت عائشة رضي الله عنها، فذكرت لها قول عمر؟ فقالت: لا والله! ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن الميت يعذب ببكاء أحد! ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكرت الحديث. [قالت]: وإن الله لهو أضحك وأبكى، {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}! قال أيوب: وقال ابن أبي مليكة: حدثني القاسم قال: لما بلغ عائشة رضي الله عنها قول عمر وابن عمر؛ قالت: إنكم لتحدثوني عن غير كاذبين، ولا مكذبين، ولكن السمع يخطئ. وأخرجه النسائي «1/ 263» ببعض اختصار. «تنبيه»: من الواضح من السياق المتقدم: أن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها تخطِّئ عمر، وابنه- رضي الله عنهما فيما.
سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الميت ليعذب ببكاء- أو ببعض بكاء- أهله عليه» . وعللت ذلك بأن السمع يخطئ، فتذهب إلى أن الصواب في الحديث: أن الكافر هو الذي يعذب ببكاء أهله.
ونحن نقول: إن التعليل المذكور يرد عليها أيضاً، بل هي به أولى؛ لأنها فرد وهما اثنان، كيف ومعهما ثالث وهو: المغيرة بن شعبة؟ ! انظر حديثه في «أحكام الجنائز» «41/ 7» ، ومعهم رابع وهو: عمران بن حصين؛ «أحكام الجنائز» «40/ 6» ، فتخطئة هؤلاء من أجل فرد أبعد ما يكون عن الصواب. لكني أقول: إنه لا ضرورة لتخطئة أم المؤمنين عائشة، بل إنها قد حدثت بما سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل ذلك كان لمناسبة وفاة أحد الكفار من اليهود أو غيرهم؛ علماً بأنه لا منافاة بين حديثها وحديث الجماعة؛ فإن لفظ:«الميت» عندهم يشمل الكافر كما هو ظاهر. والله أعلم. وأما احتجاجها بقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ؛ فغير