الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ: أما أنها واردة فهي واردة وصحيحة، أما أنه هل يجوز تكرارها؟ فلا يصح تكرارها تعبدًا ويصح تكرارها تعليمًا، واضح.
(فتاوى جدة - 6/ 00: 32: 39)
حكم تلقين الميت الشهادة بعد دفنه
مداخلة: ما حكم تلقين الميت للشهادة بعد قبره؟
الشيخ: هذا التلقين الذي يفعل في بعض البلاد الإسلامية عمدته حديث لا يصح بوجه من الوجوه، وكم دفن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه من الشهداء وغيرهم ولم ينقل عنه ولا في حديث واحد من فعله عليه السلام ولو كان حديثاً ضعيفاً أنه بعد أن دفن الميت أخذ عليه السلام يلقنه هذا التلقين: إذا جاءاك فسألاك من ربك فقل: ربي الله إلى آخره، هذا لم يرد من فعله عليه السلام مطلقاً وإنما جاء في حديث أحياناً من حديث أبي أمامة أو ثوبان الآن أنا أشك في معجم الطبراني الكبير وفي إسناده ضعف مذكور في محله.
هذا التلقين لا يجوز اتخاذه سنةً؛ ومن عجب أن التلقين المشروع لا يأخذ اهتمامهم كما يهتمون بهذا التلقين غير المشروع، أعني بالتقلين المشروع: ما جاء به الحديث الصحيح من غير ما طريق واحد ألا قوله عليه الصلاة والسلام: «لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله» لقنوا موتاك، أي: الذين حضرهم الموت وأشرفوا على الموت وهم لا يزالون في قيد الحياة؛ لأن هذا التلقين قد ينفعهم؛ لأن الرسول عليه السلام ثبت عنه أنه قال: «إن الله تبارك وتعالى يقبل توبة عبده ما لم يغرغر» .
فإذا كان فضل الله عز وجل واسعاً إلى درجة أنه يقبل توبة عباده أو عبده قبل أن تصل الروح إلى الحلقوم فحينئذٍ يؤمل ويرجى أن المحتضر إذا قيل له: قل: لا إله إلا الله، أن يستجيب لهذا القول ولهذا الأمر فيكون آخر قوله شهادة أن لا إله إلا الله، ويكون ذلك بشرى له بحسن خاتمته، فهذا التلقين هو المشروع، «لقنوا موتاكم» أي: الذين حضرهم الموت لا إله إلا الله، أما تلقين الميت الذي وضع في
قبره فلا يفيده شيئاً؛ لأنه انتهى أجله إن صالحاً فصالح وإن طالحاً فطالح ولا يفيده هذا التلقين المبتدع.
بل أنا أقول: هذا التلقين يشبه نوعاً من التلقين معروف بين الناس في هذا الزمان وهم الطلبة في المدارس، إذا أحدهم لقن جاره في أثناء الامتحان قد يكون سبباً لسقوطه؛ لأنه تلقن ما لا ينبغي أن يتلقنه؛ لأنه هذا الذي كان قد لقنه كان ينبغي عليه أن يصل إليه بجهده وتعبه ونصبه، أما أن يستفيد من جهود غيره فسوف لا يستفيد، كذلك هذا الميت الذي دفن في قبره فتلقينه لا يفيده شيئاً مطلقاً.
«من مات وكان آخر ما قال: لا إله إلا الله» أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
بهذه المناسبة تلقين المحتضر: هناك بعض العلماء يقولون، وفي زعمي قولهم هذا يشبه الفلسفة التي لا أصل لها في الشرع بل ولا في العقل، يقولون: لا ينبغي للملقن لمن حضره الموت أن يقول له: قل لا إله إلا الله، وإنما هو يذكر الله ويقول: لا إله إلا الله .. لا إله إلا الله تسميعاً للمحتضر لعله يتنبه من غفلته في تلك الساعة الخطيرة ويقول: لا إله إلا الله، لماذا يقول هذا البعض، أنه لا ينبغي أن يأمره بلا إله إلا الله؟ خشية أن يرفض الأمر فيكون عاقبة أمره الموت على كفر والعياذ بالله، هكذا زعموا.
لكني أقول: قد جاء في السنة الصحيحة ما يبين أن قوله عليه السلام: «لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله» إنما يعني أمر المحتضر بأن يقول: لا إله إلا الله، جاء هذا في صحيح البخاري حينما مرض غلام من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فعاده النبي صلى الله عليه وسلم فوجده في حضرة الموت، فقال له عليه الصلاة والسلام:«قل: لا إله إلا الله» هذا هو التلقين.
وبهذا ينبغي أن نأخذ فائدة وهي: أن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم يجب تفسيرها بأفعاله عليه الصلاة والسلام فالسنة القولية تبين بالسنة الفعلية، «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله» قيل كما سمعتم آنفاً أنه يقول في حضرة المحتضر: لا إله إلا الله، ولا يخاطبه بقوله: قل: لا إله إلا الله، فجاءت السنة الفعلية مبينة أن المقصود من: «لقنوا
موتاكم» ثم ما هو؟ أن يؤمر بأن يقول: لا إله إلا الله، هذا ما فعله الرسول عليه الصلاة والسلام حينما عاد هذا الغلام اليهود الذي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم وهو يهودي ابن يهودي، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام هو من أكرم الناس خلقاً ولو كان هذا الغلام يهودياً فقد عاده، ولكنه عليه الصلاة والسلام يهتبل كل فرصة ليبلغ الناس العلم والدين فاغتنمها فرصة وقال له:«يا غلام! قل: لا إله إلا الله» وعلى رأس الغلام والده اليهودي فنظر الغلام إلى أبيه كأنه يقول له ما رأيك .. هاأنت تسمع محمداً عليه الصلاة والسلام يقول لي: قل: لا إله إلا الله، فالخبيث وهذا شأن الكفار كما قال تعالى:{يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] هو يعرف أن دعوة الرسول حق ولكن كما قال أيضاً في الآية الأخرى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} [النمل: 14] لما رأى اليهودي ابنه في طريق له وأنه لا حياة له بعد ذلك قال له: أطع أبا القاسم، أبا القاسم يقول لابن اليهودي، قال: لا إله إلا الله، واليهودي الوالد يكفر بلا إله إلا الله، ولكن لما رأى ولده أنه في طريق الموت ولا نجاة له إذا مات يهودياً قال له: أطع أبا القاسم، أما هو فلا يزال عاصياً لأبي القاسم عناداً وكفراً وضلالاً.
الشاهد، قال الغلام: أشهد أن لا إله إلا الله، وخرجت روحه، فقال عليه الصلاة والسلام:«الحمد لله الذي نجاه بي من النار» فهذا هو التلقين المشروع أن يقال للمحتضر: قل: لا إله إلا الله، أما تلقينه وهو في قبره فلا يفيده شيئاً سواء عند دفنه أو بعد دفنه وهو ميت لا حراك له ولا يسمع ما يلقن ولو سمع لما استجاب؛ لأنه خرج ما حصله في الدنيا من إيمان وعمل صالح، أو كفر وعمل طالح.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يوفقنا لفهم الإسلام فهماً صحيحاً وأن يرزقنا العلم الصالح، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
(رحلة النور: 08 أ/00: 44: 03)