الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإستطاعة؛ لأنه أحيانا قد تكون الأرض صخرية جداً ولا يساعد على اللحد، خاصة في ذاك الزمان الذي لم تكن الحفارات القوية، ولو الحفارة اليدوية ماذا يسموها الكبريتر.
الان هي سهل جداً، مهما كانت الأرض، لكن الكبريتر هذه يعنى ما تحقق مثلاً في بعض القرى، ولذلك فإذا تَيَسَّر اللحد فهو بلا شك هو الأفضل، وإلا الشق جائز.
(الهدى والنور / 536/ 00: 45: 00)
زراعة الشجر على المقبرة
مداخلة: الموضوع يا شيخنا، بعض الناس يزرعون شجرة على القبر، ويترددون على هذا القبر، بحُجَّة أنهم يسقون هذه الشجرة، فما رأيكم في هذا، هل تُقْطَع هذه الشجرة، وممكن يكون نساء أيضاً يفعلن هذا الفعل، حتى كَثُرَت أشجار الزيتون والتين والفواكه على المقابر؟
الشيخ: نعم، هذا أسلوب لا شك ليس إسلامياً من جهات عديدة، أهمها: أنه أسلوب الكفار الذين ينزعجون من زيارة القبور، ولذلك فمن سافر إلى بلاد الكفر، يجد المقابر أشبه ما تكون بالحدائق الغناء، مزروعة بالأشجار الكثيرة والورود والزهور ونحو ذلك، حتى إذا مَرّ المار من تلك المنطقة، لا ينزعج بذكر الموت.
فالمسلمون الآن يَسْلُكون سنن من قبلهم، كما تنبأ بذلك النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه» .. إلى آخر الحديث.
فهذه الظاهرة هو تقليد للكفار، ومن تمام التقليد ما ابتلي به بعض البلاد الإسلامية وبلدنا هذا مع الأسف منها، وهو إخراج المقابر خارج البلد، وبذلك يقطعون الصلة بين الأحياء والأموات، أي: يعطلون زيارة القبور؛ لأنه ليس من
الممكن عادة أن المسلم الذي مات أبوه أنه يشد الرحل ويخرج خارج البلد من أجل أن يرى أبوه، لا والله لن يسأل عن أبيه ولا عن أمه ولا عن أخته.
هذا هدف لقطع الصلة بين الأحياء والأموات، بطريق تحقيق الغاية الشرعية التي سبق ذكرها آنفاً.
ولذلك فلو أن هناك دولة إسلامية حقاً، فهذه المسألة مع أنها -كما يقول بعضهم: ثانوية- ولا نقول من باب القشور، لكنها ثانوية، لكن مع ذلك سوف تضع المخطط البلد أو المدينة أو العاصمة لا تكون القبور فيها إلا في داخلها، لكيلا يقطعوا الصلة بين المسلمين وبين قوله عليه السلام:«ألا فَزُوروها؛ فإنها تُذَكِّركم الآخرة» .
مداخلة: يا شيخنا يعني: يستدل بعض المسلمين بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مَرّ على قبر فأخذ غُصناً رطباً أو كذا ما أذكر النص، فوضعه على القبر، فيستدلون بهذا الحديث أنهم يجوز لهم أن يضعوا شجر أو غيره.
الشيخ: هذا الحديث بلا شك هو حديث صحيح، ولكن لا يدل الحديث على الغاية التي يستند إليها هؤلاء الذين يضعون الورود والزهور ويزرعون الأشجار على مقابرهم أو قبورهم؛ بزعم أنها تُخَفف العذاب عن أولئك الأموات، بسبب أن هذا الشجر الأخضر يسبح الله عز وجل، وبهذا التسبيح يُخَفَّف العذاب عن أهل القبور، هذا الحديث الصحيح لا يدل على هذا التعليل الذي لا أصل له في الشرع أولاً.
بل الحديث الذي سألت عنه، يدل على أن هذا الغصن الرطب الذي وضعه الرسول عليه السلام لم يكن سبباً لتخفيف العذاب، حتى يصح أن يُتَّخذ هذا السبب نظاماً، ويُطَبَّق في مقابر المسلمين، وإنما يدل على أن رطابة هذا الغصن إنما كان علامة وتحديداً لزمن تخفيف العذاب عن أولئك المقبورين؛ ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سُئِل عما فعل من وضع الغصنين على القبرين، قال:«لعل الله أن يخفف عنهما ما داما رطبين» ، هذا حديث البخاري ومسلم.
وهناك رواية من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل أجاب: بأن الله عز وجل قبل شفاعته عليه السلام أن يخفف العذاب مادام الغصن رطباً.
إذاً: ما هو السبب في التخفيف؟ شفاعة الرسول أي: دعاء الرسول، إذاً: الرطابة هذه ليست هي السبب، إنما هي علامة، ماداما رطبين فالعذاب مخفف، هذا صريح في الحديث.
لكن هناك أشياء استنباطية نظرية سليمة تؤكد هذا المنصوص في الحديث، أول ذلك: لو كان مجرد وضع الغصن الأخضر على القبر سبباً لتخفيف العذاب، لجرى السلف الأول على اتخاذ هذه الوسيلة تخفيفاً للعذاب، وإذ لم يفعلوا، فهذا دليل أنهم لم يفهموا ذلك الفهم الخلفي أن سبب التخفيف هو رطابة الغصن، هذا شيء.
وشيءٌ ثانٍ: لو أن ذلك يكون سبباً شرعياً لتخفيف العذاب، فهنيئاً للكفار الذين أصبحت مقابرهم حدائق غناء، فإذًا يُخَفَّف عنهم العذاب؛ بسبب هذه العلة المُبْتَدعة المختلقة التي لا أصل لها في السنة.
وثالثاً وأخيراً: رُبُّنا عز وجل يقول: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44]، كل شيء حول الميت، بل الميت نفسه، سواء كان لا يزال لحماً على عظم، أو ذاب اللحم وبقي العظم، أو صار العظم رميماً، كل هذا وهذا وهذا، داخل في عموم قوله تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44].
إذاً: لا فرق بين الأخضر وبين اليابس، لا فرق بين الشجر وبين الحجر، بين الحجر وبين المدر، كله داخل في عموم الآية الكريمة، لذلك: إن هذا الذي يقولونه إلا اختلاق.
(الهدى والنور/603/ 31: 46: 00)
(الهدى والنور/603/ 33: 49: 00)