الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يصح (1) بل يقف على القبر يدعو له بالتثبيت، ويستغفر له، ويأمر الحاضرين بذلك لحديث عثمان بن عفان رضى الله عنه قال:«كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يُسأل» .
أحكام الجنائز [198].
جواز الجلوس عند الميت أثناء الدفن بقصد تذكير الحاضرين
ويجوز الجلوس عنده أثناء الدفن بقصد تذكير الحاضرين بالموت وما بعده، لحديث البراء بن عازب قال:«خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الانصار، فانتهينا إلى القبر ولما يُلْحَد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة، وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عوده ينكت في الارض، فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه، ثلاثا، فقال: استعيذوا بالله من عذاب القبر، مرتين، أو ثلاثا، «ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر» «ثلاثا» ، ثم قال: إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الاخرة، نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كأن وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحنوط (2) من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مدَّ البصر، ثم يجيئ ملك الموت عليه السلام (3)
حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة «وفي رواية:
(1) وكذا قال ابن القيم في «زاد المعاد» «1/ 206» وضعفه النووي وغيره كما ذكرته في «التعليقات الجياد» ثم حققت القول فيه في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» ، وقال الصنعاني في سبل السلام «2/ 161»:«من كلام أئمة التحقيق أنه حديث ضعيف، والعمل به بدعة، ولا يغتر بكثرة من يفعله» . ويعجبني منه قوله: «والعمل به بدعة» ، وهذه حقيقة طالما ذهل عنها العلماء، فإنهم يشرعون بمثل هذا الحديث كثيرا من الأمور ويستحبونها اعتمادا منهم على قاعدة «يعمل بالحديث الضعيف في فضائل الاعمال» ولم يتنبهوا إلى أن محلها فيما ثبت بالكتاب والسنة مشروعيته وليس بمجرد الحديث الضعيف، وقد سبق لهذا مثال في التعليق «ص 153» . ثم فصلت القول في هذه المسألة في مقدمتى على «صحيح الترغيب» فانظر «1/ 21 - 34» منه. [منه].
(2)
بفتح المهملة ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة. [منه].
(3)
قلت: هذا هو اسمه في الكتاب والسنة «ملك الموت» ، وأما تسميته «بعزرائيل» فمما لا أصل له، خلافا لما هو المشهور عند الناس، ولعله من الاسرائيليات! [منه] ..
المطمئنة»، اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فيّ السقاء، فيأخذها، «وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى الله عليه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم»، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، فذلك قوله تعالى:{تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُون} ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الارض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون - يعني - بها على ملا من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان ابن فلان - بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا، فيستفتحون له، فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها، إلى السماء التي تليها، حتى ينتهي به إلى السماء السابعة، فيقول الله عزوجل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين، {وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ، كِتَابٌ مَرْقُومٌ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} ، فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الارض، فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فيرد إلى الأرض، وتعاد روحه في جسده، قال: فانه يسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه مدبرين فيأتيه ملكان شديدا الانتهار فينتهرانه، ويجلسانه فيقولان له: من ربك؟ فيقول: ربي الله، فيقولان له: ما دينك؟ فيقول: ديني الاسلام فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعثت فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقولان له: وما عملك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به، وصدقت، فينتهره فيقول: من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن، فذلك حين يقول الله عزوجل {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}، فيقول: ربي الله، وديني الاسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم، فينادي مناد في السماء: أن صدق عبدي، فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، قال: فيإتيه من روحها وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، قال: ويأتيه وفي رواية: يمثل له رجل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: ابشر بالذي يسرك، أبشر برضوان من الله، وجنات فيها نعيم مقيم، هذا يومك الذي كنت
توعد، فيقول له: وأنت فبشرك الله بخير من أنت فوجهك الوجه يجيئ بالخير، فيقول: أنا عملك الصالح فوالله ما علمتك إلا كنت سريعا في إطاعة الله، بطيئا في معصية الله، فجزاك الله خيرا، ثم يفتح له باب من الجنة، وباب من النار، فيقال: هذا منزلك لو عصيت، الله، أبد لك الله به هذا فإذا رأى ما في الجنة قال: رب عجل قيام الساعة، كيما أرجع إلى أهل ومالي، فيقال له: اسكن، قال: وإن العبد الكافر وفي رواية: الفاجر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة غلاظ شداد، سود الوجوه، معهم المسوح (1)
من النار، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال: فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبلول، فتقطع معها العروق والعصب، فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء وتغلق أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله ألا تعرج روحه من قبلهم، فيأخذها، فإذا أخذها، لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الارض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملا من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان ابن فلان - بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له، فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم:{لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} (2) فيقول الله عزوجل: اكتبوا كتابه في سجين، في الارض السفلى، ثم يقال: أعيدوا عبدي إلى الارض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم، وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، فتطرح روحه من السماء طرحا حتى تقع في جسده ثم قرأ {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]، فتعاد روحه في جسده، قال: فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه، ويأتيه ملكان شديدا الانتهار، فينتهرانه، ويجلسانه، فيقولان له: من
(1) جمع المسح، بكسر الميم، وهو ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشفا وقهرا للبدن. [منه] ..
(2)
أي ثقب الابرة، والجملى هو الحيوان المعروف، وهو ما أتى عليه تسع سنوات. [منه].
ربك؟ فيقول: هاه هاه (1)
لا أدري، فيقول له: ما دينك؟ فيقول: هاه هاه لا أدري، فيقولان: فما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم فلا يهتدي لاسمه، فيقال: محمد! فيقول هاه هاه لا أدري سمعت الناس يقولون ذاك! قال: فيقال: لا دريت، ولا تلوت، فينادي مناد من السماء أن كذب، فأفرشوا له من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيإتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه وفي رواية: ويمثل له رجل قبيح الوجه، قبيح الثياب، منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوؤك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول وأنت فبشرك الله بالشر من أنت؟ فوجهك الوجه يجيئ بالشر؟ فيقول: أنا عملك الخبيث؟ فو الله ما علمت إلا كنت بطيئا عن طاعة الله، سريعا إلى معصية الله، فجزاك الله شرا، ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة! لو ضرب بها جبل كان ترابا، فيضربه ضربة حتى يصير بها ترابا، ثم يعيده الله كما كان، فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة يسمعه كل شئ إلا الثقلين، ثم يفتح له باب من النار، يمهد من فرش النار.
فيقول: رب لا تقم الساعة».
أحكام الجنائز [198].
(1)[منه]. هي كلمة تقال في الضحك وفي الايعاد، وقد تقال للتوجع، وهو أليق بمعنى الحديث والله أعلم، كذا في «الترغيب» ..