الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقف الامام في صلاة الجنازة وراء رأس الرجل، ووسط المرأة
- ويقف الامام وراء رأس الرجل، ووسط المرأة، وفيه حديثان:
الأول: عن أبي غالب الخياط قال: «شهدت أنس بن مالك صلى على جنازة رجل، فقام عند رأسه، «وفي رواية: رأس السرير» فلما رُفع، أُتى بجنازة امرأة من قريش أو من الأنصار، فقيل له: يا أبا حمزة هذه جنازة فلانة ابنة فلان فصل عليها، فصلى عليها، فقام وسطها، «وفي رواية: عند عجيزتها، وعليها نعش أخضر» وفينا العلاء بن زياد العدوي، فلما رأى اختلاف قيامه على الرجل والمرأة قال: يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم حيث قمت، ومن المرأة حيث قمت قال: نعم، قال: فالتفت إلينا العلاء فقال: احفظوا».
قلت: وعند أبي داود زيادة أخرى لا بد من ذكرها وبيان حالها وهي: «قال أبو غالب: فسألت عن صنيعه في قيامه على المرأة عند عجيزتها» .
فحدثوني أنه إنما كان لأنه لم تكن النعوش، فكان يقوم الامام حيال عجيزتها يسترها من القوم.
فهذا التعليل مردود من وجوه:
الأول: أنه صادر من مجهول، وما كان كذلك فلا قيمة له.
الثاني: أنه خلاف ما فعله راوي الحديث نفسه وهو أنس رضي الله عنه، فإنه وقف وسطها مع كونها في النعش، ودل ذلك على بطلان ذلك التعليل.
ويؤيده الوجه الآتي وهو: الثالث: أنه خلاف ما فهمه الحاضرون لصلاة أنس، ومنهم العلاء بن زياد العدوي، فإنه لما استفهم من أنس هذه السنة التفت إلى أصحابه وقال لهم:«احفطوا» فلو كانت معللة بتلك العلة التي تعود السنة بالابطال لما اهتم العلاء بها هذا الاهتمام البالغ - وأمر أصحابه بحفظها، وهذا ظاهر والحمد لله.
ولذلك لم يلتفت جمهور العلماء إلى هذا التأويل، فذهبوا إلى ما دل عليه الحديث
من الوقوف عند رأس الرجل، ووسط المرأة. ومنهم الامام الشافعي وأحمد وأسحاق كما في «المجموع» «5/ 225» قال الشوكاني «4 - 57»:«وهو الحق» .
قلت: واختاره بعض الحنفية، بل هو قول لأبى حنيفة نفسه كما في «الهداية» «1/ 462» وأبي يوسف أيضا كما في «شرح المعاني» «1/ 284» للإمام الطحاوي ورجحه على قولهما الاخر وهو «يقوم من الرجل والمرأة بحذاء الصدر» ! وهو قول الإمام محمد أيضا وعليه الحنفية، واحتج لهم في «الهداية» بقوله «لأنه موضع القلب، وفيه نور الإيمان، فيكون القيام عنده إشارة إلى الشفاعة لإيمانه» ثم ذكر قول أبي حنيفة الأول وأنه احتج بقول أنس «هو السنة» فأجاب عنه صاحب «الهداية» بقوله: «قلنا تأويله: إن جنازتها لم تكن منعوشة فحال بينها وبينهم» .
قلت: قد عرفت مما سبق بطلان هذا التأويل، ثم لو سُلم لهم «فما هي حجتهم في مخالفتهم الحديث في شطره الأول وهو الوقوف حذاء رأس الرجل، فقالوا هم: بل يقف حذاءه وليت شعري ما الذي يحملهم على الجهر بمخالفة السنة بمثل هذه التعليلات الباطلة وقولهم: «لأنه موضع القلب .. وأئمتهم قالوا بها في قول لهم، أفلا أخذوا به كما فعل الطحاوي رحمه الله فيكونون أصابوا السنة وأخذوا بقول الائمة في آن واحد ومع هذه المخالفة الصريحة لهذه السنة وغيرها مما ياتي التشبيه عليه ينسبون من يتمهم بانهم يقدِّمون الرأي على السنة إلى التعصب عليهم» !
الثاني: عن سمرة بن جندب قال: «صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى على أُم كعب ماتت وهي نفساء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليها وسطها» .
والحديث واضح الدلالة على السنة أن يقف الامام حذاء وسط المرأة وهو بمعنى حديث أنس: «عند عجيزتها» .
بل هذا مما يزيده وضوحا فإنه أصرح في الدلالة على المراد من حديث سمرة.
أحكام الجنائز [138].