الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مُسندُ شدَّاد بْن أوسٍ رضي الله عنه
-)
369/ 1 - " الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا صَاحِبٌ لَنَا، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِى عُبَادَةُ بْنُ نُسَىٍّ، سَمِعْتُ أَبَا الْعَجْفَاءِ، حَدَّثَنِى شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ قَالَ: أَقْبَل رَجُلٌ مِنْ بَنِى عَامِرٍ شَيْخٌ كَبِيرٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصَاهُ حَتَّى مَثَلَ بَيْنَ يَدَىْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ تَفُوهُ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ: تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ الله أُرْسِلْتَ إِلَى النَّاسِ كَمَا أُرْسِلَ مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ، وَعِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ، وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِهِمْ، وَإِنَّمَا أَنْتَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ، فَمَا لَكَ وَالنُّبُوَّة؟ وَلَكِن (لِكُلِّ) قَوْلِ حَقِيقَةٌ، وَلِكُل بَدْءِ شَأنٌ، فَحَدِّثْنِى بِحَقِيقَةِ قَوْلِكَ وَبَدْءِ شَأنِكَ، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَليمًا لَا يَجْهَلُ، فَقَالَ لَهُ: يَا أَخَا بَنِى عَامِرٍ، إِنَّ للأَمْرِ الَّذِى سَأَلْتَنِى عَنْهُ قِصَصًا وَنَبأً، فَاجْلِسْ أُنْبِئْكَ بحَقيقَةِ قَوْلِى وَبَدْءِ شَأنِى، فَجَلَسَ العَامِرِىُّ بَيْنَ يَدَىْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ وَالِدِى لَمَّا بَنَى بِأُمِّى حَمَلَتْ، فَرَأَتْ فَيمَا يَرَىْ النَّائِمُ أَنَّ نُورًا خَرَجَ مِنْ جَوْفِهَا، فَجَعَلَتْ تُتْبِعُهُ بَصَرَهَا حَتَّى مَلأَ مَا بَيْنَ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ نُورًا، فَقَصَّتْ ذَلِكَ عَلَى حَكِيمٍ مِنْ أَهْلِهَا، فَقَالَ لَهَا: والله لَئِنْ صَدَقَتْ رُؤْيَاكِ لَيَخْرُجَنَّ مِنْ بَطْنِكَ غُلَامٌ يَعْلُو ذكْرُهُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَكَانَ هَذَا الْحَىُّ مِنْ بَنِى سَعْدِ بْنِ هَوَازِنَ يَنْتَابُونَ نِسَاءَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَحْضُنُونَ أَوْلَادَهُمْ وَينْتَفِعُونَ بخَيْرِهِمْ، وَإِنَّ أُمِّى وَلَدَتْنِى فِى العَامِ الَّذِى قَدمُوا فيهِ وَهَلَكَ وَالِدِى، فَكُنْتُ يَتِيمًا فِى حِجْرِ عَمِّى أَبِى طَالِبِ، فَأَقْبَلَ النِّسْوَانُ يَتَدَافَعْنَنِى وَيَقُلْنَ: ضَرْعٌ صَغِير لَا أَبَا لَهُ فَمَا عَسَيْنَا أَنْ نَنْتَفِعَ بِهِ مِنْ خَيْرٍ، وَكَانْ فِيهنَ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا: أُمُّ كبشة ابْنَةُ الْحَارِثِ، فَقَالَتْ: وَالله لَا أَنْصَرِفُ عَامِى هَذَا خَائِبَةً أَبَدًا، فَأَخَذَتنِى وَأَلْقَتْنِى عَلَى صَدْرِهَا فَدِرَّ لَبَنُهَا فَحَضَنَتْنِى، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَمِّى أَبَا طَالِب أَقْطَعَهَا إِبِلًا وَمُقَطَّعَاتٍ مِنَ الثِّيَاب، وَلَمْ يَبْقَ عَمُّ مِنْ عُمُومَتِى إِلَّا أَقْطَعَهَا وَكسَاهَا، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ النِّسْوَانَ، أَقْبَلْنَ إِلَيْهَا، يَقُلْنَ. أَمَا وَالله يَا أُمَّ كبْشَةَ لَوْ عَلِمْنَا بَرَكَةَ هَذَا يَكُونُ هَكَذَا؟ مَا سَبقْتينَا إِلَيْه، ثُمَّ تَرَعْرَعْتُ وَكَبِرْتُ، وَقَدْ بُغَّضَتْ إِلَىَّ أَصْنَامُ قُرَيْشٍ وَالْعَرَبِ، فَلَا أَقْرَبُهَا وَلَا آتِيهَا حَتَّى إِذَا كَانَ بَعْدَ زَمَنٍ خَرَجْتُ بَيْنَ أَتْرَابٍ لِى مِنَ الْعَرَبِ نَتَقَاذَفُ بِالأَجِلَةِ يَعْنِى البَعْرَ فِإِذَا بثَلاثَةِ نَفَرٍ مُقْبِلِينَ
مَعَهُمْ طَسْتٌ منْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٌ ثَلْجًا، فَقَبَضُوا عَلَىَّ مِنْ بَيْنَ الغِلْمَانِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلكَ الغلْمَانُ انْطَلقُوا هُرَّابًا، ثُمَّ رَجَعُوا فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ النَّفَرِ: إِنَّ هَذَا الغُلَامَ لَيْسَ مِنَّا وَلَا مِن الْعَرَبِ، وَإِنَّهُ لَابْنُ سيِّدِ قُريْشٍ وَبَيْضَةِ المَجْدِ، وَما مِنْ حَىٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ إِلَّا لآبَائِهِ فِى رِقَابِهمْ نِعْمَةُ مُجلَّلَةٌ فَلَا تَصْنَعُوا بِقَتْلِ هَذَا الغُلَامِ شَيْئًا، فَإِنْ كُنْتُمْ لَا بُدَّ قَاتِلِيهِ فَخُذُوا أَحَدَنَا فَاقْتُلُوُه مَكَانَهُ، فَأَبَوْا أنْ يَأخُذُوأ عَنِّى فِدْيَةً، فَانْطَلَقُوا وَأَسْلَمُونِى فِى أَيْدِيهِمْ، فَأَخَذَنِى أَحَدُهُمْ، فَأَضْجَعَنِى إِضْجَاعًا رفيقًا وَشَقَّ مَا بَيْنَ صَدْرِى إِلَى عَانَتِى، ثُمَّ اسْتَخْرَجَ قَلْبِى فَصرَمَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مُضْغَةً سَوْدَاءَ مُنْتِنَةً فَقَذَفَهَا ثُمَّ غَسَلَهُ فِى تلْكَ الطّسْتِ بِذَلكَ الثَّلْجِ ثُمَّ رَدَّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ الثَّانِى فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِى إِلَى عَانَتِى، فَالْتَأَم ذَلِكَ كُلُّهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ الثَّالثُ وَفى يَدِهِ خَاتَمٌ لَهُ شُعَاعٌ، فَوَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفِىَّ وَثَدْيَيَّ، فَلَقَدْ لَبثْتُ زَمَانًا منْ دَهْرِى وَأَنَا أَجِدُ بَرْدَ ذلكَ الخَاتَم، ثُمَّ انْطَلَقُوا وَأَقْبَلَ الحىُّ بِحَذافيرِهمْ، فَأَقْبَلتُ مَعَهُمْ إِلَى أُمِّى الَّتِى أَرْضَعَتْنِى، فَلَمَّا رَأَتْ مَا بِى أَلْزَمَتْنِى وَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ قُتِلْت: لوحدَتكَ وَلِيُتْمِكَ وَأَقْبَلَ الحَىُّ يُقَبِّلُونَ مَا بيْنَ عَيْنَى إِلَى مَفْرق رَأسى، وَيقُولُونَ، يَا مُحَمَّدُ: قُتِلتَ لوحَدتكَ وَليتمك احْمِلُوهُ إِلَى أَهْلِهِ، لَا يَمُوتُ عِنْدَنَا، فَحُمِلْتُ إِلَى أَهْلِى، فَلَمَّا رآنى عَمِّى أَبُو طَالبٍ قَالَ: والَّذِى نَفْسى بيَده، لَا يَمُوتُ ابْنُ أَخِى حَتَّى تَسُودَ بِه قُرَيْشٌ جَمِيعَ الْعَرَبِ، احْمِلُوهُ إِلَى الكَاهِنِ، فَحُمَلْتُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رآنِى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، حَدِّثْنِى مَا رَأَيْتَ، وَمَا صُنَعَ بِكَ، فَأَنْشَأتُ أَقُصُّ عَلَيْهِ القَصَصَ، فَلَمَّا سَمِعَهُ وَثَبَ عَلَىَّ وَالْتَزَمَنى، وقَالَ: يَا لَلْعَرَبِ، اقْتُلُوهُ، فَوَالَّذى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَئِنْ بَقِىَ حَتَّى بَلَغَ مَبَالِغَ الرِّجَالِ لَيَشْتُمَنَّ مَوْتَاكُمْ، وَلَيُسَفِّهَنَّ رَأيكُمْ، وَلَيَأتيَنَّكُمْ بِدِينٍ مَا سَمِعْتُمْ بمثْلهِ قَطُّ، فَوَثَبَتْ عَلَيْه أُمِّى الَّتى أَرْضَعَتْنِى، فَقالَتْ: إِنْ كَانَتْ نَفْسُكَ قَدْ غَمَّتْكَ، فَالْتَمِسَ لَها مَنْ يَقْتُلُهَا، فَإنَّا غَيْرُ قَاتِلِى هذَا الْغُلاِمِ، فَهَذَا بَدْءُ شَأنى وَحَقِيقَةُ قَوْلَى، فَقالَ العَامِرِىُّ: فَمَا تَأمُرُنِى يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: آمُرُكَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا الله، وَأَنَّ مُحمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَتُصَلِّىَ الخَمْسَ لِوقْتِهِنَّ، وَتَصُومَ شَهْرَ رَمَضانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَتُؤَدِّىَ زَكَاةَ مَالِكَ. قَالَ: فَمَا لِى إِنْ فَعَلتُ ذلِكَ؟ قَالَ: جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى منْ تَحْتِها
الأَنْهارُ، ذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى. قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَإِلَى المُسْمِعَاتِ أَسْمَعُ. قَالَ: جَوْف اللَّيْلِ الدَامِسِ إِذَا هَدَأَتِ العُيُونُ فَإِنَّ الله حَىٌّ قَيُومٌ يَقُولُ: هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتوُبُ عَلَيْهِ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرُ لَهُ ذَنْبَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعطِيهُ سُؤْلَهُ؟ فَوَثَبَ العَامِرِىُّ فَقالَ. أَشْهَدُ أَنْ لَا إِله إِلَّا الله وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله ".
كر، وقال: هذا حديث غريب، وفيه من يجهل، وقد روى عن شداد من وجه آخر فيه انقطاع (1).
369/ 2 - " عَنْ عُمَرَ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ ثَوْر بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ منْ بَنِى عَامِرٍ وَهُوَ سَيِّدُ قَوْمهِ وَكَبِيرُهُمْ وَمِدْرههِمْ (*) يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصَاهُ، فَقَامَ بَيْنَ يَدَىْ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَنَسَبَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم إِلَى جَدِّهِ، فَقَالَ يَا بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِنِّى نُبِّئْتُ أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ الله إِلَى النَّاسِ، أَرْسَلَكَ بِمَا أَرْسَلَ بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرَهُمْ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، أَلَا وَإِنَّكَ قَدْ تَفَوَهْتَ بِعَظِيمٍ، إِنَّمَا كَانَتْ الأَنْبِيَاءُ وَالْمُلُوكُ فِى بَيْتَيْنِ مِن بَنِى إِسْرائِيلَ: بَيْتِ نُبُوَّةٍ، وَبَيْتِ مُلْكٍ، فَلَا أَنْتَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَلَا مِنْ هَؤُلَاءِ، إِنَّمَا أنْتَ رَجُلٌ مِنَ العَرَبِ (مِمنْ يَعْبُدُ الحِجَارَة والأَوْثَانَ)، فَما لَكَ وَالنَّبُوَّة؟ وَلكِنْ لِكُلِّ أَمْرٍ حَقِيقَةٌ، فَأَنْبِئْنِى بِحَقِيقَة قَوْلكَ (وبدءِ) شَأنِكَ، فَأَعْجَبَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم مَسْأَلَتُهُ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَخَا بَنِى عَامِرٍ إِنَّ لِلحَدِيثِ الًّذى تَسْأَلُ
(1) الحديث في المطالب العالية لابن حجر العسقلانى 4/ 171 إلى 176 كتاب (السير والمغازى) باب: مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم 4254 بلفظه مع اختلاف يسير لأبى يعلى.
وعبادة بن نسى الكندى الأردنى أبو عمر قاضى طبرية حدث عن أبيه، وعبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، ومعاوية، وأبو موسى الأشعرى، وغيرهم من الصحابة والتابعين، وروى عن مكحول، وغيره، واجتاز دمشق وولاه عبد الملك بن مروان وعمر بن عبد العزيز الأردن - تهذيب ابن عساكر، ج 7/ 217، 218 وفى دلائل النبوة للبيهقى، ج 1 ص 139: 142 باب: ذكر رضاع النبي صلى الله عليه وسلم ومرضعته وحاضنته من طريق عبد الله بن محمد بن عبد الله الحافظ، عن عبد الله بن عباس، الحديث مطولًا بأغلب ألفاظه وما بين الأقواس مستدرك من المطالب العالية والكنز.
(*) المدره: زعيم القوم وخطيبهم والمتكلم عَنهم والذى يرجعون إلى رأيه - نهاية 4/ 310
عَنْهُ نَبَأً وَمَجْلسًا، فَاجْلِسْ، فَثَنِى رِجْلَهُ وَبَرَكَ كَما يَبْرِكُ البَعِيرُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَا أَخَا بَنِى عَامِرٍ: إِنَّ حَقِيقَةَ قَوْلِى وَبَدْءَ شَأنِى: دَعْوَةُ أَبى إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى أَخِى عِيسَى ابْن مَرْيَمَ، وَإِنِّى كنْتُ بِكْرَ أُمِّى، وَإِنَّها حَمَلَتْنِى كَأَثْقَلِ مَا تَحْمِلُ النِّساءُ حَتَّى جَعَلَتْ تَشْتَكِى إِلَى صَوَاحِبَها ثِقَلَ مَا تجِدُ، وَإِنَّ أُمِّى رَأَتْ فِى الْمَنامِ أَنَّ الَّذِى في بَطنِهَا نُورٌ، قَالَتْ: فَجَعَلْتُ أُتْبِعُ بَصَرِى النُّورَ، فَجَعَلَ النُّورُ يَسْبِقُ بَصَرِى حَتَّى أَضاءَ لِى مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَها (ثُمَّ إِنها ولدتنِى) فَلمَّا نَشَأتُ بُغِّضَتْ إِلىَّ الأَوْثَانُ وَبُغِّضَ إِلَىَّ الشِّعْرُ وَاسْتُرْضِعَ لِى فِى بَنى جشم بْنِ بَكْرٍ، فَبَيْنَمَا أَنَا ذاتَ يَوْمٍ فِى بَطْنِ وَادٍ مَعَ أَتْرابٍ لِى مِنْ الصِّبْيَانِ إِذْ أَنا بِرَهْطٍ ثَلَاثَةٍ، مَعَهُمْ طَسْتٌ منْ ذَهَبٍ مَلآنُ (نُورٌ) وَثَلجٌ، فَأَخَذُونى مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِى، وَانْطَلَقَ أَصْحابى هُرَّابًا حَتَّى انْتَهُوا إِلَى شَفِيرِ الوَادِى، ثُمَّ أَقْبَلُوا عَلَى الرَّهْطِ فَقالُوا ما لَكُمْ ولِهَذَا الْغُلَام؟ إِنَّهُ غلَامٌ لَيْسَ مِنَّا وَهُو (مِنْ بَنِى) سيّد قُرَيْشٍ وَهُوَ مُسْتَرْضَعٌ فِينَا، غُلَامٌ يَتيمٌ لَيْسَ لَهُ أَبٌ، فَمَاذَا يَرِدُ عَلَيْكُمْ قَتْلُهُ، وَلئنْ كُنْتُمْ لَابُدَّ فَاعِلِينَ، فَاخْتَارُوا منَّا أَيَّنا شِئْتُمْ، فَلْيَأْتِكُمْ فَاقْتُلُوهُ مَكَانَهُ وَدَعُوا هَذَا الْغُلَامَ، فَلَمْ يُجِيبُوهُمْ، فَلَمَّا رَأَى الصِّبْيَانُ أَنَّ القَوْمَ لَا يُجِيبُونَهُمْ انْطَلقُوا هُرَّابًا مُسرِعِينَ إِلَى الحَىِّ يُؤْذنُونَهُمْ بهِ وَيَسْتصْرخُونَهُمْ عَلَى القَوْم، فَعَمَدَ إِلَىَّ أَحَدُهُمْ، فَأَضْجَعَنِى إِلَى الأَرْضِ إِضْجَاعًا لَطِيفًا، ثُمَّ شَقَّ مَا بَيْنَ صَدْرِى إِلَى مَتْنِ عَانَتِى وَأَنَا أَنْظُرُ فَلَمْ أَجِدْ لِذَلِكَ مَسّا، ثُمَّ أَخْرَجَ (أَحْشَاءَ) بَطْنى فَغَسَلَهُ بِذَلِكَ الثَّلجِ، فَأَنْعَمَ غَسْلَهُ، ثُمَّ أَعَادَهَا مَكَانَهَا، ثُمَّ قَامَ الثَّانِى فَقالَ لصاحِبِه تَنَحَّ، ثمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِى جَوْفِى فَأَخْرَجَ قَلبى وَأَنَا أَنْظُرُ فَصَدَعَهُ فَأَخْرَجَ مِنْهُ مُضْغَةً سَوْدَاءَ فَرَمَى بِها ثُمَّ قَالَ: بِيَدِهِ (يَمِنَة مِنْهُ) كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا، فَإذَا أَنا بِخَاتَمٍ فِى يَدِهِ مِنْ نُورٍ (نُورِ النُّبُوَّةِ وَالْحِكْمَة) يَخْطفُ أَبْصَارَ النَّاظِرينَ دُونَهُ، فَخَتَمَ قَلْبِى فَامْتَلأَ نُورًا وَحِكْمَةً، ثُمَّ (أَعَادَه) مكَانَهُ فَوَجَدْتُ بَرْدَ ذَلِكَ الخَاتَم فِى قَلْبِى دَهْرًا، ثُمَّ قَامَ الثَّالِثُ فَنَحَّى صَاحِبَيْهِ فَأَمَرَّ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيىَّ (وَصَدْرِى) وَمُنْتَهَى عَانَتى، فَالْتَأَمَ ذَلكَ الشِّقُ بإذْنِ الله تعَالَى، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِى فَأَنْهَضَنِى مِنْ مَكَانِى إِنْهَاضًا لَطيفًا، فَقَالَ الأوَّلُ لِلَّذِي شَقَّ بَطْنى زِنُوهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِى فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِمِائَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَزَنُونِى
فَرَجَحْتُهُمْ، ثُمَّ قَالَ: زِنُوهُ بِأَلْفٍ مِنْ أُمَتِه، فَوَزَنُونِى فَرَجَحْتُهُمْ، قَالَ: دَعُوهُ، فَلَوْ وَزنتُمُوهُ بِأُمَّتِه جَميعًا لَرَجَحَ بِهِمْ، ثُمَّ قَامُوا إِلَىًّ فَضَمُّونى إِلَى صُدُورِهمْ، وَقَبَّلُوا رَأسِى وَمَا بَيْنَ عَيْنَىَّ، ثُمَّ قَالُوا يَا حَبِيبُ: لَمْ تُرع أَنَّكَ لَوْ تَدْرِى مَا يُرَاد بِكَ منَ الخَيْرِ لَقَرَّتْ عَيْنُكَ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلَ الحَىُّ بَحذَافِيرِهِمْ، فَإِذا ظِئْرى أَمَامَ الحَىِّ تَهْتِفُ بِأَعْلَى صَوْتها، وَهِىَ تَقُولُ: يَا ضعَيفَاهُ، فَأَكَبُّوا عَلَى يُقَبِلونى وَيَقُولُونَ يَا حبَّذَا أَنْتَ مِنْ ضَعيِفٍ ثُمَّ قَالَتْ: يَا وَحَيدَاهُ، فَأكَبُّوا عَلَىَّ وَضَمَّونى إِلَى صُدُورِهِمْ، وَقَالُوا: حَبَّذَا أَنْتَ مِنْ وَحيدٍ، مَا أنْتَ بِوَحِيدٍ، إِنَّ الله مَعَكَ. وَمَلَائِكَتُهُ وَالمُؤْمِنُونَ مِنْ أَهْل الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَتْ: يَتِيمَاهُ اسْتضْعِفْتَ مِنْ بَيْن أَصْحَابكَ فَقُتِلْتَ لِضَعْفِكَ، فَأَكَبُّوا عَلَىَّ (وَضَمُّونِى) إِلَى صُدُورِهِمْ وَقبَّلُوا رَأسِى، وَقَالُوا: يَا حَبَّذَا أَنْتَ مِنْ يَتِيمٍ، مَا أَكْرَمَكَ عَلَى الله، لَوْ تَعْلَمُ مَاذَا يُرَادُ بِكَ مِن الخَيْرِ؟ قالَ فَوصَلُوا إِلَى شَفِير الوَادى، فَلَمَّا بَصُرَتْ بِى ظِئْرِى، قَالَتْ: يَا بُنَىَّ أَلَا أَرَاكَ حَيّا بَعْدُ؟ فَجَاءَتْ حَتَّى أَكَبّتْ عَلَىَّ فَضَمَّتْنِى إِلَى صَدْرِهِا، فَوَالَّذى نَفْسى بِيَدِهِ إِنِّى لَفِى حِجْرِهَا قَدْ ضَمَّتْنى إِلَيْها وَإِنَّ يَدِى لفِى يَدِ بَعْضِهِمْ وَظَنَنْتُ أَنَّ القَوْمَ يبصِرُونَهُمْ، فَإِذَا هُمْ لَا يُبْصِرُونَهُمْ، فَجَاءَ بَعْضُ الحَىِّ، فَقَالَ هَذَا غُلَامٌ أَصَابَهُ لَمَمٌ، أَو طائفٌ مِنَ الجِنِّ، فَانْطَلقُوا بنا إِلَى الكَاهِنِ يَنْظُرُ إِلَيْهِ وَيُدَاوِيهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا هَذَا، لَيْسَ بِى شَىْءٌ مِمَّا تَذْكُرُونَ، إِنَّ لِى نَفْسًا سَلِيمَةً، وَفَؤَادًا صَحِيحًا وَلَيْسَ بى شَىْءٌ، فَقَالَ أَبِى وَهُوَ زَوْجُ ظِئْرِى، الَا تَرُونَ كَلَامَهُ صَحِيحًا؟ إِنِّى (لأرجو) أنْ لَا يَكُونَ بِابْنِى بِأسٌ، فَاتَّفَقَ القَوْمُ عَلَى أَنْ يَذْهَبُوا بى إِلَى الكاهِنِ، فَاحْتَمَلُونِى حَتَّى ذَهَبُوا بِى إِلَيْهِ، فَقَصُّوا عَلَيْه قَصَّتى، فَقالَ: اسْكُتُوا حَتَّى أَسْمَعَ مِنَ الغُلَامِ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَمْرِهِ، فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ أَمْرِى مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ مَقَالَتِى ضَمَّنِى إِلىَ صَدْرِه، وَنَادَى (بِأَعْلَى) صَوْتِه، يَا لَلعَرَب اقْتُلُوا هَذَا الْغُلَامَ وَاقْتُلُونى مَعَهُ، فَواللَّات وَالعُزَّى، لَئنْ تَرَكْتُمُوهُ لَيُبَدِّلنَّ دِينَكُمْ، وَلَيُسَفِّهَنَ أَحْلَامَكُمْ وَأَحْلَامَ آبَائِكُمْ، وَلِيخَالفنَّ أَمْرَكُمْ، وَلَيَأتِيَنَّكُمْ بِدينٍ لَمْ تَسْمَعُوا بمِثْله، فَانْتَزَعَتْنِى ظِئْرى مِن يَدِهِ وَقَالَتْ: لأَنْتَ أَعْتَهُ مِنْهُ وَأَجَنُّ، وَلوْ عَلِمْتُ أَنَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ قَوْلِكَ، مَا أَتَيْتُكَ به، ثُمَّ احْتَمَلُونِى (وَرَدُّونِى) إِلَى أَهْلِى، فَأَصْبَحْتُ مَغْمُومًا مِمَّا فُعِلَ بى، وَأَصْبَحَ أَثَرُ الشَّقَّ مَا بَيْنَ صَدْرِى إِلَى مُنْتَهى عَانَتِى
كَأَنَّهُ شِرَاكٌ، فَذَاكَ حَقِيقَةُ قَوْلى وَبَدْءُ شَأنِى. فَقَالَ العَامِرِىُّ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَّا الله وَأَنَّ أَمْرَكَ حَقٌّ، (فأَنبئنى) بِأَشْيَاءَ أَسْأَلُكَ عَنْها، قَالَ:(سَلْ عَنْكَ) وَكَانَ يَقُولُ للسَّائِلِينَ قَبْلَ ذَلِكَ: (سَلْ عَمَّا بَدَا لَكَ)، فَقالَ يَوْمَئِذٍ لِلعَامِرِىِّ (سَلْ عَنْكَ)، فَإِنَّها لُغَةُ بَنِى عَامِرٍ، فَكَلَّمهُ بِمَا يَعْرِفُ، فَقَالَ العَامِرىُّ: أَخْبِرْنِى يَا بْنَ عَبْدِ المُطَّلبِ، مَاذَا يَزِيدُ فِى الشَّرِ؟ قالَ:(التَّمَادى)، قَالَ: فَهَلْ يَنْفَعُ البِرُّ بَعْدَ الفُجُورِ؟ قَالَ النَّبِى صلى الله عليه وسلم: (نَعَمْ، إِنْ التوبَةَ تَغْسِلُ الحَوْبَةَ، وَإِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ، فَإِذَا ذَكَرَ العَبْدُ رَبَّهُ فِى الرَّخَاءِ أَعانَهُ عِنْدَ البَلَاءِ) قَالَ العَامِرِىُّ: وَكَيْفَ ذلِكَ يَا بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَقالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: (ذَلكَ بِأَنَّ الله يَقُولُ: لَا أَجْمَعُ لِعَبْدِى أَمْنيْنِ وَلَا أجْمَعُ لَهُ أَبَدًا خَوْفَيْنِ) إِنْ هُوَ أَمِنَنِى فِى (الدُّنْيَا) خَافَنِى يَوْمَ أَجْمَعُ فِيهِ عِبَادِى في حَظِيرَةِ القُدْسِ ليَدُومَ لَهُ أَمْنُهُ وَلا أَمْحَقُهُ فِيمَنْ أَمْحَقُ، فَقالَ العَامِرِىُّ: يَا بْنَ عَبْد الْمُطَّلِبِ إِلَى مَا تَدْعُو؟ قَالَ: أَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ الله وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ، وَأَنْ تَخْلَعَ الأَنْدادَ وَتَكْفُرَ بِاللَاّتِ وَالعُزَّى، وَتُقِرَّ بِمَا جَاءَ الله مِنْ كِتَاب وَرَسُولٍ، وَتُصَلِّى الصَّلواتِ الخَمْسَ (بِحِقائِقِهِنَّ)، وَتَصُومَ شَهْرًا مِن السَّنَةِ، وَتُؤَدِّى زَكَاةَ مَالِكَ. فَيُطَهِّركَ الله بِهِ وَيَطِيب لَكَ مَالُكَ، وَتَحُجَّ البَيْتَ إِذَا وَجَدْتَ إِلَيْه سَبيلًا، وَتَغْتَسِلَ مِن الجَنَابَةِ، وَتُقِرَّ بالبَعْثِ بَعْدَ المَوْتِ، وَبِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ. قَالَ: يَا بْنَ عَبْدِ المُطَّلِب، فَإِذَا أَنَا فَعلتُ هَذا، فَمَا لِى؟ ، قَالَ: النبىُّ صلى الله عليه وسلم: (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِها الأَنْهَارُ خَالِدينَ فيَها وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى)، قَالَ: يا بْنَ عَبْد المُطَّلبِ: (هَلْ مَعَ هَذَا مِن الدُّنْيَا شَىْءٌ؟ فَإِنَّهُ يُعْجِبُنَا الوَطَاءَةُ فِى العَيْشِ، فَقالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: (نَعَمْ) النَّصْرُ وَالتَّمْكِينُ فِى البِلَادِ) (*) فَأجَابَ العَامِرىُّ وَأَنَابَ ".
ع، وأبو نعيم في الدلائل، كر، وقال: مكحول لم يدرك شداد (1).
(*) ملاحظة: ما بين الأقواس استدركناه من المطالب العالية.
(1)
الحديث في المطالب العالية لابن حجر 4/ 171 إلى 176 كتاب (السير والمغازى) باب: مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث رقم 4254 بلفظه لأبى يعلى. قال البوصيرى: رواه أبو يعلى بسند ضعيف لضعف عمر ابن صبح، والراوى عنه محمد بن يعلى؛ لكن هناك أحاديث تشهد له في الجملة. =
369/ 3 - " عَنْ عَبْد الرَّحْمن بْنِ غَنْمٍ، قَالَ: دَخَلْنَا مَسْجِدَ الجَابِيَة أَنَا وَأَبُو الدَّرْدَاءِ (أَلْفيْنَا) عُبادَةَ بْنَ الصَّامِت (فَأَخَذَ يَمِينِى بِشمالِهِ، وَشِمالِ أَبِى الدرداء بيمينه فخرج يمشى بيننا) فَلقِينَا عُبَادَةَ بنَ الصَامِتِ، فقال عُبادةُ: طال بكُمَا عُمْرُ أَحَدِكُما أَوْ كلَاكُما فَيُوشِكُ أَنْ تَرَيَا الرَّجُلَ مِنْ ثَبَج المُسْلِمِينَ (*) قَدْ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى لِسَان مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَعادَهُ وَأَبْدَاهُ وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ، وَنَزَلَ عِنْدَ مَنَازِلِهِ أَوْ (قَرأَه) عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ لَا (يحور فيكم) (* *) إِلَّا كَما يحورُ رَأسُ الحِمارِ الميِّت، فَبَيْنَما نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنًا شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ وَعَوْفُ بْنُ مَالِكٍ فَجَلَسَا إِلَيْنَا، فَقَالَ شَدَّادٌ: إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَيَّهَا النَّاسُ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مِن الشَّهْوَةِ الْخَفيَّةِ وَالشِّرْكِ. فَقالَ عُبَادَةُ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ أَوَ لَمْ يَكُنْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ حَدَّثَنا أَنَّ الشَّيْطَانَ قدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِى جَزِيرَةِ العَرَبِ؛ فَأَمَّا الشَّهْوَةُ الخَفِيَّةُ، فَقَدْ عَرَفْنَاهَا، فَهِىَ شَهَواتُ الدُّنْيا مِنْ نِسَائهَا وَشَهَوَاتها، فَما هَذَا الشِّرْكُ الَّذِى تخَوِّفُنَا بِه يَا شَدَّادُ؟ قَالَ: أَرَأَيْتكُمْ لَوْ رَأَيْتُمْ أَحَدًا يُصَلِّى لِرَجُلٍ أَو يَصُومُ لَهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ لَهُ، أَوَ تَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ أَشْرَكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ شَدَّادٌ: فَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ صَلَّى يُرَائِى فَقَدْ أَشْرَكَ، وَمَنْ صَام يُرَائِى فَقَدْ أشْرَكَ، وَمَنْ يُرائِى فَقَدْ أَشْرَكَ. فَقالَ عَوْفٌ: وَلَا يَعْمُد الله (إِلَّا) مَا ابْتُغِىَ فيه وَجْهُهُ مِنْ ذَلِكَ العَمَلِ كُلِّه، فَيَتَقَبَّلُ منْهُ مَا خَلُصَ لَهُ، وَيَدعُ مَا أَشْرَكَ بِه فِيهِ، فَقالَ شَدَّادٌ: فَإِنِّى سَمِعتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: قَالَ الله تَعالَى: (أَنَا خَيْرُ (قَسيمٍ) فَمَنْ أَشْرَكَ بِى شَيْئًا فَإِنَّ جَسَدَهُ وَعَمَلَهُ وَقَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لِشَرِيكِهِ الَّذِى أَشْرَكَ (بِهِ)، أَنَا عَنْهُ غَنِىٌّ (* * *) ".
= وفى دلائل النبوة للبيهقى، ج 1 ص 139 إلى ص 142 باب: ذكر رضاع النبي صلى الله عليه وسلم ومرضعته وحاضنته، من طريق عبد الله بن محمد بن عبد الله الحافظ، عن عبد الله بن عباس الحديث مطولا بأغلب ألفاظه.
(*) معنى (ثبج المسلمين) الثبج: الوسط وما بين الكاهل إلى الظهر، أى من وسط المسلمين، وقيل من سراتهم وعليتهم (النهاية 1/ 206).
(* *) أى لا يرجع فيكم بخير، ولا ينتفع بما حفظ من القرآن، كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. نهاية 1/ 458.
(* * *) ملحوظة: ما بين الأقواس استدركناه من ابن عساكر.
كر (1).
369/ 4 - " عَنْ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الرَّحْمن قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى يُحَدِّثُ عَنْ جَدِّهِ شَدَّادِ ابْنِ أَوْسٍ. قَالَ: لَمَّا دَنَتْ وَفَاةُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، قَامَ شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ ثُمَّ جَلَسَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مَا قَلَقُكَ يَا شَدَّادُ؟ فَقَالَ: يَارَسُولَ الله ضَاقَتْ بِىَ الأَرْضُ، فَقَالَ: أَلَا إِنَّ الشَّامَ إِنْ شَاءَ الله وَبَيْتَ المَقْدِسِ سَتُفْتَحُ إِنْ شَاءَ الله وَتَكُونُ أَنْتَ وَوَلَدُكَ بَعْدَكَ أَئِمَّةً بِها إِنْ شَاءَ الله ".
كر (2).
369/ 5 - "عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ شَدَّادِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى يَذْكُرُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ شَدَادِ بْنِ أَوْسٍ، أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِه، فَقالَ: مَالَكَ يَا شَدَّادُ؟ قَالَ: ضَاقَتْ بِىَ الدُّنْيا. فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ، إِنَّ الشَّامَ تُفْتَحُ وَيُفْتَحُ بيت المَقْدِسِ وَتَكُونُ أَنْتَ وَوَلَدُكَ أَئِمَّةً فِيهِمْ إِنْ شَاءَ الله ".
كر (3).
(1) الحديث في تهذيب ابن عساكر، ج 7 ص 210، 211 عن عبادة بن الصامت، نحوه.
وفى المعجم الكبير للطبرانى، ج 7 ص 341، 342 أحاديث رقم 7144، 7145 نحوه مختصرا.
وفى مسند الإمام أحمد، ج 4 ص 126، 127 بلفظه مع اختلاف.
(2)
الحديث في تهذيب ابن عساكر، ج 6 ص 290 بلفظه.
وفى مجمع الزوائد للهيثمى، ج 9 ص 411 باب: ما جاء في شدا رضي الله عنه بمعناه وقريبًا من لفظه.
وقال الهيثمى: رواه الطبرانى، وفيه جماعة لم أعرفهم.
وفى المعجم الكبير للطبرانى، ج 7 ص 347 حديث رقم 7162 بمعناه وقريبًا من لفظه.
(3)
الحديث في تهذيب ابن عساكر، ج 6 ص 290 بلفظه.
وفى مجمع الزوائد للهيثمى، ج 9 ص 411 باب. ما جاء في شداد رضي الله عنه بلفظه.
وقال الهيثمى: رواه الطبرانى، وفيه جماعة لم أعرفهم.
وفى المعجم الكبير للطبرانى، ج 7 ص 347 حديث رقم 7162 بلفظه.
369/ 6 - " عَنْ مُطَرِّف بْنِ عَبْدِ الله بْن الشِّخِّيرِ، عَنْ رَجُلٍ منْ أَهْلِ المَقْدِس، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لى عَلَى شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ. فَقَالَ: أُزَوَدُكُما حَدِيثًا كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَاه فِى السَّفَر وَالحَضَرِ، فَأَمْلَى عَلَيْنَا وَكَتَبْنَا، بِسْم الله الرَّحْمنِ الرَّحِيم (اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِى الأَمْر، وَأَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرُّشد، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ حُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ يَقينًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ إِنكَ عَلَاّمُ الغُيُوبِ)، قَالَ شَدَّادٌ: قَالَ لِى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، يَا شَدَّادُ بْنُ أُوْسٍ إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ يُكْثِرُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ، فَأَكْثِرْ أَنْتَ هَؤُلَاء الْكلمَاتِ ".
كر (1).
369/ 7 - " عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ إِذْ أَتَانى جِبْرِيلُ، فَاحْتَمَلَنى عَلَى عَاتِقِهِ (جناحه) الأَيْمَنِ، فَأَدْخَلَنِى جَنَّةَ رَبِّى، وَفِى لَفْظٍ: جَنَّةَ عَدْنٍ، فَبَيْنَا أنَا فِيهَا إذْ رَمَقْتُ بَعيْنى تُفاحَةً فَانْفَلَقَتْ التُّفَاحَةُ بنصْفَيْنِ فَخَرَجَتْ منْهَا جَارِيَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم لَمْ أَرَ أَحْسَنَ مِنْهَا حُسْنًا، وَلَا أَجْمَلَ (أَكْملَ) مِنْها جَمَالًا، تُسَبحُ الله بِتَسْبِيحٍ لَمْ يَسْمَع الأَوَّلُونَ وَالآخرُونَ بِمِثْلِه، قُلتُ: مَا أَنْتِ؟ قَالَتْ أَنَا: الْحَوْرَاءُ خَلَقَنِى رَبِّى مِنْ نُورِ عَرْشِه، قُلْتُ: فَلِمَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا للأَمينِ (لِلديِّن الأَمِين الأَمغر) (*) الْخَليفَةِ الْمَظلُومِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ".
(1) الحديث في تهذيب ابن عساكر، ج 6 ص 292 بلفظه مع اختلاف يسير.
وفى مصنف ابن أبى شيبة، ج 10 ص 271 كتاب (الدعاء) حديث رقم 9407.
وفى مجمع الزوائد للهيثمى، ج 10 ص 173 باب: الأدعية المأثورة الذى دعا بها وعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظه، عن البراء بن عازب.
وقال الهيثمى: رواه الطبرانى في الكبير والأوسط، وفيه موسى بن مطير، وهو متروك.
وفى مسند الإمام أحمد 4/ 123 نحوه، عن شداد.
وفى المعجم الكبير للطبرانى، ج 7 ص 351 إلى 353 أحاديث أرقام 7175 إلى 7180 بألفاظ نحوه.
(*) ملحوظة: ما بين الأقواس استدركناه من المطالب العالية المذكور.
ع، كر (1).
369/ 8 - " عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِى ثَمانىَ عَشْرَةَ خَلَتْ منْ رَمَضَانَ، فَأَبْصَرَ رَجُلًا يَحْتَجِمُ بِالبَقِيعِ، فَقالَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِى: افْغَمْ (أَفْطر) (ش) الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ ".
ابن جرير (2).
369/ 9 - " عَنْ سَعِيدِ بْن عفير، عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمن مِنْ وَلَدِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ يَعْلَى بْن شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مُعاوِيَةَ وَهُو جَالِسٌ وَعَمْرُو ابْنُ العَاصِ عَلَى فِراشِهِ، فَجَلسَ شَدَّادٌ بَيْنهمَا وَقَالَ: هَلْ تَدْرِيَانِ مَا يُجلِسُنِى بَيْنَكُما؛ لأَنِّي سَمعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا جَمِيعًا فَفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا، فَوَالله مَا اجْتَمَعْتُما إِلاًّ عَلَى غَدْرَةٍ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُفَرِّقَ بَيْنَكُمَا ".
كر، وقال: سعيد بن عبد الرحمن وأبوه مجهولان، وسعيد بن كثير بن عفير وإن كان قد رويا عنه (خ) فقد ضعفه غيره (3).
369/ 10 - " بَكَى شُعَيْبٌ النَّبِىُّ مِنْ حُبِّ الله عز وجل حَتَّى عَمِىَ، فَرَدَّ الله إِلَيْهِ
(1) الحديث في المطالب العالية، ج 4 ص 55 مناقب عثمان رضي الله عنه حديث رقم 3944 وعزاه لأبى يعلى.
(*)(ما بين الأقواس صححناه من ابن أبى شيبة).
(2)
الحديث في مصنف ابن أبى شيبة، ج 3 ص 49، 50 كتاب (الصيام) باب: من كره أن يحتجم الصائم. بلفظه.
وفى المعجم الكبير للطبرانى، ج 7 ص 242 أحاديث رقم 7147، 48، 49، 50، 52، 53، 7154 بلفظه من طرق مختلفة.
وفى مصنف عبد الرزاق، ج 4 ص 209 باب: الحجامة للصائم، أحاديث رقم 7519، 20، 21 بلفظه.
وفى مسند الإمام أحمد 4/ 123 بلفظه.
(3)
الحديث في مجمع الزوائد للهيثمى، ج 7 ص 248 بَاب: ما جاء في الصلح وما كان بعده، بلفظه.
وقال الهيثمى: رواه الطبرانى، وفيه عبد الرحمن بن يعلى بن شداد ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وفى المعجم الكبير للطبرانى، ج 7 ص 346، 347 حديث رقم 7161 بلفظه.
بَصَرَهُ وَأَوْحَى إِلَيْهِ، يَا شُعَيْبُ مَا هَذَا البُكَاءُ؟ أَشَوْقًا إِلَى الجَنَّةِ أَوْ خَوْفًا من النَّارِ؟ ، قَالَ: إِلهِى وَسيِّدى، أَنْتَ تَعْلَمُ مَا أَبْكى شَوْقًا إِلَى جَنتِكَ، وَلَا خَوْفًا مِن النَّار، وَلكِنِّى اعْتَقَدْتُ حُبَّكَ بقَلْبَى فَإِذَا أَنَا نَظَرْتُ إِلَيْكَ فَمَا أُبَالِى مَا الَّذِى صُنِعَ بى، فَأَوْحَى الله إِلَيهِ يَا شُعَيْبُ: إِنْ بِكَ ذَلِكَ حَقًا، فَهَنِيئًا لَكَ لِقائِى، يَا شُعَيْبُ: وَلِذَلِكَ أَخْدَمْتُكَ مُوسَى بْنَ عِمْرانَ كَلِيمِي".
الخطيب، وابن عساكر، عن شداد بن أوس، وفيه إسماعيل بن على بن الحسن بن بندار بنى المثنى الأَستراباذى الواعظ أبو سعيد. قال الخطيب: لم يكن موثوقا به في الرواية، والحديث منكر، وقال الذهبى في الميزان، هذا حديث باطل، لا أصل له، وقال ابن عساكر: رواه الواحدى عن أبى الفتح محمد بن على الكوفى، عن على بن الحسن بن بندار كما رواه ابنه إسماعيل عنه، فقد برئَ من عهدته. قال والخطيب إنما ذكره لأَنَّهُ حمل فيه على إسماعيل (1).
369/ 11 - " إِنَّ الله عز وجل زَوَى لىَ الأَرْضَ حَتَّى رَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغارِبَها، وَإِنَّ مُلكَ أُمَّتِى سَيَبْلُغُ مَا زُوىَ لِى فِيهَا (*)، وَإِنِّى أُعْطِيتُ الكَنْزَيْنِ الأَبْيَضَ وَالأَحْمَرَ، وَإِنِّى سَأَلْتُ ربِّى عز وجل أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِى بِسَنَة عَامَّةٍ، وَأَنْ لَا يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا فَيُهْلِكَهُمْ بِعَامَّةً، وَلَا يُلبِسَهُمْ شِيعًا، وَأَنْ لَا يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأسَ بَعْضٍ، فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ: إِنِّى قَدْ قَضَيْتُ قَضَاءً، فَإنَّهُ لَا يُرَدُّ، وَإِنِّى قَدْ أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتكَ أنْ لَا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّةٍ، وَأنْ لَا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِمِّنْ سوَاهُمْ فَيُهْلِكهُمْ بِعَامَّة حَتَّىَ يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلكُ بَعْضًا وَبَعْضُهُمْ يُسْبِى بَعْضًا. إِنِّى لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِى إِلَّا الأَئِمَةً المُضِلِّينَ، فَإِذَا وَقَعَ السَّيْفُ فِى أُمَّتِى لَمْ يُرْفَعْ عَنْهُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَة ".
(1) الأثر في تاريخ بغداد للخطيب 6/ 315، 316 ترجمة رقم 3362 إسماعيل بن على أبو سعد الاسترباذى. بلفظه. وقال الخطيب: هذا جميع ما سمعت من أبى سعد ببغداد ولم يكن موثوقًا به في الرواية.
وفى تهذيب ابن عساكر، ج 3 ص 37 ترجمة إسماعيل بن على بن الحسين بن بندار بن المثنى أبو سعد الاسترباذى الواعظ. بلفظه. وقال ابن عساكر: والحديث فيه مطعن للطاعن.
(*) فيها: هكذا بالمخطوطة وفى المسند (منها).
حم، ض، عن شداد بن أوس (1).
369/ 12 - "صَلَّيْتُ بِأَصْحَابِى صَلَاةَ العَتَمَةِ بِمَكَّةَ مُعْتِمًا، فَأتَانِى جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ بَيْضَاءَ فَوْقَ الحِمَارِ وَدُونَ البَغْلِ فَاسْتَصْعَبَتْ عَلَىَّ، فَأَدَارَها بِأذُنِهَا حَتَّى حَمَلَنِى عَلَيْهَا، فَانْطَلَقَتْ تَهْوى بنَا، تَضَعُ حَافِرَهَا حَيْثُ أَدْرَكَ طَرْفهَا، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نخْلٍ، قَالَ: انْزِلْ، فَنَزَلتُ، ثُمَّ قَالَ: صَلِ فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ رَكبْنَا، قَالَ لِى: أَتَدْرِى أيْنَ صَلَّيْتَ؟ قُلتُ: الله أَعْلَمُ، قَالَ: صَلَّيْتَ بِيَثْرِبَ، صَلَّيْتَ بِطَيْبَةَ، ثُمّ انْطَلَقَتْ تَهْوِى بِنَا، تَضَعُ حَافرَهَا حَيْثُ أَدْرَكه طَرْفهَا، حَتَّى بَلَغْنَا أَرْضا بَيْضَاءَ، قَالَ لِى: انْزِلْ، فَنَزَلتُ ثُمَّ قَالَ: صَلِّ فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ رَكبْنَا، قَالَ: تَدْرِى أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ قُلتُ: الله أَعْلَمُ، قَالَ: صَلَّيْتَ بِمَدِينَة صَلّيْتَ (*)، عِنْدَ شَجَرَةِ مُوسَى، ثُمَّ انْطَلَقَتْ تَهْوِى بِنَا، تَضَعُ حَافِرَهَا حَيْثُ أَدْرَكَتْ طَرْفَهَا، ثُمَّ ارْتَفَعْنَا، فَقَالَ: انْزِلْ، فَنَزَلتُ، فَقَالَ: صَلِّ، فَصَلَّيْتُ ثُمَّ رَكبْنَا، فَقَالَ: أتَدْرِى أَيْنَ صَلَّيْتَ؟ قُلْتُ: الله أَعْلَمُ، قَالَ: صَلَّيْتَ بِبَيْتِ لَحْمٍ، حَيْثُ وُلِدَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ انْطَلَقَ بى، حَتَّى دَخَلنَا المَدينَةَ منْ بَابِ اليَمَانِىِّ، فَأَتَى قِبْلَةَ المَسْجِدِ، فَرَبَطَ دَابّتهُ وَدَخَلنَا المَسْجِدَ مِنْ بَابٍ فِيهِ تَمِيلُ الشَّمْسُ وَالقَمَرُ، فَصَلَّيْتُ مِن المَسْجِدِ حيْثُ شَاءَ الله، ثُمَّ أُتَيْتُ بإِنَاءَيْنِ، فِى أَحَدِهِمَا لَبَن وَفِى الآخرِ عَسَل - أُرْسِلَ إِلَىَّ بهِمَا جَمِيعًا، فَعَدَلتُ بَيْنَهُمَا، ثُمّ هَدَانِى الله فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فَشَربْتُ حَتَّى رَغَتْ (* *) بِهِ حسى، وَبَيْنَ يَدَىَّ شَيْخٌ مُتَّكِئٌ، فَقالَ: أَخَذَ صَاحِبُكَ بِالفطرَة، ثُمَّ انْطَلَقَ بِى حَتَّى أَتَيْتُ الوَادِىَ الَّذِى بِالمَدِينَةِ، فَإِذَا جَهَنَمُ تَنْكَشِفُ عنْ مِثْلِ الزَرابِىِّ، ثُمَّ مَرَرْنَا بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ بِمَكَانِ كذَا وَكذَا قَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، هَذا صَوْتُ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِى قَبْلَ الصُّبْحِ بمَكَّةَ، فَأَتَانى أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ يَارَسُولَ الله أَيْنَ كنتَ اللَّيْلَةَ؟ فَقَدْ التَمَسْتُكَ فِى مَكَانِكَ فَلَمْ أَجِدْكَ، فَقُلتُ:
(1) الحديث في مسند الإمام أحمد 4/ 123 بلفظه، مع اختلاف يسير.
(*) كذا بالأصل وفى (الطبرى، والبيهقى، والبزار)(مدين).
(* *) كذا بالأصل، وفى البيهقى، والطبرانى (حتى فرغت به جبينى).
أعْلِمُكَ أِّنى أَتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِس اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: يَارَسُولَ الله، إِنَّهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ فصِفْهُ لى فَفُتِحَ لِى صرَاطٌ كَأنِّى أَنْظُرُ إِلَيْهِ، لَا يَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إِلَاّ أَنْبَأتُهُمْ عَنْهُ".
البزار، وابن أبى حاتم، طب، وابن مردويه، ق في الدلائل وصححه عن شداد بن أوس (1).
369/ 13 - "صُمْ مِنْ كُل شَهْرٍ يَوْمًا وَلَكَ أجْرُ مَا بَقِىَ، وَصُمْ يَوْمَيْن وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِى، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أيامٍ وَلَكَ أجْرُ مَا بَقِىَ، وَصُمْ أَرْبَعَةَ أَيَّام وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِىَ، وَأفْضَلُ الصَّوْم، صِيَامُ يَوْمٍ وَإِفْطَارُ يَوْمٍ".
ابن زنجويه، طب، عن ابن عمرو (2).
(1) الحديث في كشف الأستار عن زوائد البزار على الكتب الستة للهيثمى، ج 1 ص 35، 36، 37 باب: حديث 53 الإسراء. بلفظه.
وقال الهيثمى قال البزار: ما نعلمه يروى عن شداد إلا بهذا الإسناد.
والإسناد هو: حدثنا عبد الله بن أحمد بن شَبُّوَية، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحمصى، حدثنا عمرو بن الحارث، حدثنى عبد الله بن سالم، عن الزبيدى، حدثنى الوليد بن عبد الرحمن أن جبير بن نفيل حدثه، حدثنا شداد بن أوس قال: قلنا يا رسول الله
…
الحديث، بلفظه مع اخلاف يسير.
وفى المعجم الكبير للطبرانى 7/ 338 إلى 340 حديث جبير بن نفيل، عن شداد بن أوس رقم 7142 بلفظه من قوله صليت بأصحابى
…
الحديث، مع اختلاف يسير.
وقال الهيثمى في مجمع الزوائد 1/ 46 وفيه إسحاق بن إبراهيم بن زبرق الحمصى وثقه يحيى بن معين وأبو حاتم، وضعفه النسائى وأبو داود.
وفى دلائل النبوة للبيهقى 2/ 354 باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وما ظهر في ذلك من الآيات ص 355 إلى 357 الحديث بلفظه، مع اختلاف يسير.
وقال البيهقى: هذا إسناد صحيح (شداد بن أوس) وروى ذلك مفرقا في أحاديث غيره ذكرها كلها من ص 357 إلى ص 365 فارجع إليها إن شئت.
(2)
الحديث في الفردوس بمأثور الخطاب للديلمى، ج 2 ص 394، 395 حديث رقم 3752 عن عبد الله بن عمرو، بلفظ:(صم من الشهر يوما ولك أجر ما بقى، صم يومين ولك أجر ما بقى، صم ثلاثة أيام ولك أجر ما بقى، صم أربعة أيام ولك أجر ما بقى). =
369/ 14 - "صُمْ رَمَضَانَ وَالَّذِى يَلِيهِ، وَكُلَّ أَرْبَعَاءَ وَخَميسٍ، فَإِذَا أَنْتَ صُمْتَ الدَّهْرَ كلَّهُ وَأَفْطَرْتَ".
الديلمى، عن سلمة القرشى (1).
= وفى سنن النسائى، ج 4 ص 217 (صيام أربعة أيام من الشهر)، بلفظ:"أخبرنا إبراهيم بن الحسن، قال حدثنا حجاج بن محمد، قال: حدثنى شعبة، عن زياد بن فياض، قال: سمعت أبا عياض، قال: قال عبد الله بن عمرو: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم: صم من الشهر يومًا ولك أجر ما بقى قلت: إنى أطيق أكثر من ذلك. قال: فصم يومين ولك أجر ما بقى. قلت: إنى أطيق أكثر من ذلك. قال: فصم ثلاثة أيام ولك أجر ما بقى. قلت: إنى أطيق أكثر من ذلك. قال: صم أربعة أيام ولك أجر ما بقى. قلت: إنى أطيق أكثر من ذلك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصوم صيام داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا".
وفى مسند الإمام أحمد، ج 4 ص 347 حديث أبى نوفل بن أبى عقرب، عن أبيه رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوم
…
وساق الحديث بِلَفْظِه مختصرًا عن حديث ابن عمرو.
وفى حلية أبى نعيم، ج 8 ص 375 بسنده من ثلاثة طرق عن أبى عقرب، عن أبيه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم
…
وساق الحديث بلفظه مختصرًا.
(1)
الحديث في البخارى في التاريخ الكبير، ج 7 ص 253، 254 حديث رقم 1077 بلفظ:"مسلم القرشى رأى النبي صلى الله عليه وسلم (روى عنه ابنه عبيد الله) وقال أبو نعيم عن هارون بن سلمان سمع مسلم بن عبيد الله سمع أباه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن صيام الدهر فقال: أما لأهلك حق؟ صم رمضان والذى يليه، وكل يوم أربعاء وخميس، فإذا أنت قد صمت الدهر".
وفى سنن أبى داود وشرحه المنهل العذب المورود للشيخ محمود خطاب السبكى، ج 10 ص 189 كتاب (الصيام) باب: فضل صيام الأربعاء والخميس، بلفظ:(حدثنا محمد بن عثمان العجلى، حدثنا عبيد الله يعنى ابن موسى، عن هارون بن سلمان، عن عبيد الله بن مسلم القرشى، عن أبيه قال: سألت، أو سئل النبي - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - عن صيام الدهر فقال: إن لأهلك عليك حقا، صم رمضان والذى بليه، وكل أربعاء وخميس، فإذا أنت قد صمت الدهر).
وفى سنن الترمذى كتاب (الصيام) باب: 44 ما جاء في صوم الأربعاء والخميس ج 2 ص 125 حديث رقم 745 بلفظ: (حدثنى الحسين بن محمد الحريرى، ومحمد بن مدويه قالا: أخبرنا عبيد الله بن موسى، أخبرنا هارون بن سلمان، عن عبيد الله المسلم القرشى، عن أبيه قال: (سألت، أو سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صيام الدهر فقال
…
) الحديث بلفظ رواية أبى داود وزاد في آخره: (فإذا أنت قد صمت الدهر وأفطرت).
369/ 15 - "صُمْ يَوْمًا مِنْ كل شَهْرٍ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقىَ، صُمْ يَوْمَيْنِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِىَ، صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كلِّ شَهرٍ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِىَ إِنَّ أَحَبَّ الصّيامِ إِلَى الله، صَوْمُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا".
حب، عن ابن عمرو (1).
(1) الحديث في صحيح ابن حبان 5/ 265 باب: ذكر كتبة الله جل وعلا للمرء بصوم ثلاثة أيام من الشهر أجر ما بقى حديث رقم 365 بلفظه؛ إلا أنه زاد قوله: (قلت إنى أطيق أكثر من ذلك) عقب كل جواب.
وفى سنن النسائى، ج 4 ص 212 ذكر الزيادة في الصيام والنقصان، وذكر اختلاف الناقلين لخبر عبد الله بن عمرو فيه بسنده من طريق محمد بن المثنى، عن عبد الله بن عمرو من حديث طويل قال فيه: صم يومًا ولك أجر ما بقى. قال إنى أطيق أكثر من ذلك. قال: صم يومين ولك أجر ما بقى. قال إنى أطيق أكثر من ذلك. قال: صم ثلاثة أيام ولك أجر ما بقى .. إلى أن قال: صم أفضل الصيام عند الله صوم داود عليه السلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا. وانظر ص 217 (صيام أربعة أيام من الشهر) من طريق إبراهيم بن الحسن، عن زياد بن فياض قال: قال عبد الله بن عمرو: قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم صم من الشهر يومًا ولك أجر ما بقى، قلت إنى أطيق أكثر من ذلك. قال فصم يومين ولك أجر ما بقى. قلت إنى أطيق أكثر من ذلك. قال صم ثلاثة أيام ولك أجر ما بقى. قلت: إنى أطيق أكثر من ذلك. قال: صم أربعة أيام ولك أجر ما بقى. قلت إنى أطيق أكثر من ذلك. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصوم صيام داود كان يصوم يومًا ويفطر يومًا".