الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ رَضِيَ الْآخَرُ وَكَانَ الثَّمَنُ مُنْقَسِمًا عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَإِلَّا لَا، وَإِنْ رَضِيَ الْآخَرُ لِعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً كَمَا حَرَّرَهُ الْوَانِيُّ أَوْ (بَيَّنَ ثَمَنَ كُلٍّ) كَقَوْلِهِ بِعْتُهُمَا كُلَّ وَاحِدٍ بِمِائَةٍ وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ لَفْظَ بِعْتُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ
(وَمَا لَمْ يُقْبَلْ بَطَلَ الْإِيجَابُ إنْ رَجَعَ الْمُوجِبُ) قَبْلَ الْقَبُولِ (أَوْ قَامَ أَحَدُهُمَا) وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ (عَنْ مَجْلِسِهِ) عَلَى الرَّاجِحِ نَهْرٌ وَابْنُ الْكَمَالِ،
ــ
[رد المحتار]
رُكْنَيْهِ وَبَطَلَ الْأَوَّلُ. (قَوْلُهُ: أَوْ رَضِيَ الْآخَرُ) أَيْ بِدُونِ إعَادَةِ الْإِيجَابِ فَيَكُونُ الْقَبُولُ إيجَابًا وَالرِّضَا قَبُولًا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: كَمَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافَ الْعَبْدَ الْوَاحِدَ كَمَا سَلَفَ ذِكْرُهُ فِي عِبَارَةِ الْبَحْرِ ط. وَوَجْهُ الصِّحَّةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُنْقَسِمًا عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ تَكُونُ حِصَّةُ كُلِّ بَعْضٍ مَعْلُومَةً.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِنْ يَكُنْ الثَّمَنُ مُنْقَسِمًا عَلَيْهِمَا كَذَلِكَ بَلْ كَانَ مُنْقَسِمًا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ لَا يَصِحُّ الْقَبُولُ لِأَحَدِهِمَا، وَإِنْ رَضِيَ الْآخَرُ لِجَهَالَةِ مَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً) صُورَتُهُ مَا إذَا قَالَ: بِعْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْأَلْفِ الْمُوَزَّعِ عَلَى قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْآخَرُ، فَإِنَّهُ بَاطِلٌ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ وَقْتَ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَصْلِ قَصْرِ الْعَامِّ مِنْ التَّلْوِيحِ عَزْمِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ: ابْتِدَاءً خَرَجَ بِهِ مَا إذَا عَرَضَ الْبَيْعَ بِالْحِصَّةِ، بِأَنْ بَاعَهُ الدَّارَ بِتَمَامِهَا فَاسْتَحَقَّ بَعْضَهَا وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالْبَاقِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعُرُوضِ الْبَيْعِ بِالْحِصَّةِ انْتِهَاءً، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مَحِلَّ عَدَمِ الْجَوَازِ فِيمَا إذَا لَمْ يُكَرِّرْ الثَّمَنَ وَلَفْظَ الْبَيْعِ أَوْ يَفْصِلْ الثَّمَنَ فَقَطْ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ط. (قَوْلُهُ: كَمَا حَرَّرَهُ الْوَانِيُّ) لَمْ يَذْكُرْ الْوَانِيُّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ تَحْرِيرًا ط. (قَوْلُهُ: أَوْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلٍّ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ كَعَبْدَيْنِ وَثَوْبَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ لَفْظَ بِعْتُ) ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ تَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ) تَقَدَّمَ وَجْهُ تَرْجِيحِهِ عَنْ الْفَتْحِ.
[مَطْلَبٌ مَا يُبْطِلُ الْإِيجَابَ سَبْعَةٌ]
ٌ (قَوْلُهُ: بَطَلَ الْإِيجَابُ إنْ رَجَعَ الْمُوجِبُ إلَخْ) قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيجَابَ يَبْطُلُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ وَبِرُجُوعِ أَحَدِهِمَا عَنْهُ وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا؛ وَلِذَا قُلْنَا: إنَّ خِيَارَ الْقَبُولِ لَا يُورَثُ وَبِتَغَيُّرِ الْمَبِيعِ بِقَطْعِ يَدٍ وَتَخَلُّلِ عَصِيرٍ وَزِيَادَةٍ بِوِلَادَةٍ وَهَلَاكِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْدَ قَلْعِ عَيْنِهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بَعْدَمَا وَهَبَ لِلْمَبِيعِ هِبَةً، كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَبْطُلُ بِهِبَةِ الثَّمَنِ قَبْلَ قَبُولِهِ فَأَصْلُ مَا يُبْطِلُهُ سَبْعَةٌ فَلْيُحْفَظْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَبُولِ) وَكَذَا مَعَهُ، فَلَوْ خَرَجَ الْقَبُولُ وَرَجَعَ الْمُوجِبُ مَعًا كَانَ الرُّجُوعُ أَوْلَى كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ عَنْ مَجْلِسِهِ عَلَى الرَّاجِحِ) وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ مَا دَامَ فِي مَكَانِهِ بَحْرٌ. وَيَبْطُلُ بِالْقِيَامِ وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ لَا مُعْرِضًا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ: فِي النَّهْرِ. وَاخْتِلَافُ الْمَجْلِسِ بِاعْتِرَاضِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِعَمَلٍ آخَرَ كَأَكْلٍ إلَّا إذَا كَانَ لُقْمَةً، وَشُرْبٍ إلَّا إذَا كَانَ الْإِنَاءُ فِي يَدِهِ، وَنَوْمٍ إلَّا أَنْ يَكُونَا جَالِسَيْنِ، وَصَلَاةٍ إلَّا إتْمَامَ الْفَرِيضَةِ، أَوْ شَفْعٍ نَفْلًا، وَكَلَامٍ وَلَوْ لِحَاجَةٍ وَمَشْيٍ مُطْلَقًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ حَتَّى لَوْ تَبَايَعَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ أَوْ يَسِيرَانِ وَلَوْ عَلَى دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَصِحَّ. وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَالطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ إنْ أَجَابَ عَلَى فَوْرِ كَلَامِهِ مُتَّصِلًا جَازَ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ وَقَالَ: فِي الْخُلَاصَةِ: لَوْ قَبِلَ بَعْدَمَا مَشَى خَطْوَةً أَوْ خَطْوَتَيْنِ
فَإِنَّهُ كَمَجْلِسِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ وَكَذَا سَائِرُ التَّمْلِيكَاتِ فَتْحٌ. (وَإِذَا وُجِدَا لَزِمَ الْبَيْعُ) بِلَا خِيَارٍ إلَّا لِعَيْبٍ أَوْ رُؤْيَةٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَحَدِيثُهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَفَرُّقِ الْأَقْوَالِ إذْ الْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ قَبْلَ قَوْلِهِمَا وَبَعْدَهُ وَبَعْدَ أَحَدِهِمَا، وَإِطْلَاقُ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْأَوَّلِ مَجَازُ الْأَوَّلِ، وَفِي الثَّانِي مَجَازُ الْكَوْنِ وَفِي الثَّالِثِ حَقِيقَةٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
جَازَ، وَفِي مَجْمَعِ التَّفَارِيقِ وَبِهِ نَأْخُذُ، وَفِي الْمُجْتَبَى الْمَجْلِسُ الْمُتَّحِدُ أَنْ لَا يَشْتَغِلَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِغَيْرِ مَا عُقِدَ لَهُ الْمَجْلِسُ، أَوْ مَا هُوَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ وَالسَّفِينَةُ كَالْبَيْتِ فَلَا يَنْقَطِعُ الْمَجْلِسُ بِجَرَيَانِهَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَمْلِكَانِ إيقَافَهَا. اهـ. مُلَخَّصًا ط وَفِي الْجَوْهَرَةِ لَوْ كَانَ قَائِمًا فَعَقَدَ لَمْ يَبْطُلْ بَحْرٌ وَكَذَا لَوْ نَامَا جَالِسَيْنِ لَا لَوْ مُضْطَجِعَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَتْحٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ كَمَجْلِسِ خِيَارِ الْمُخَيَّرَةِ) أَيْ الَّتِي مَلَّكَهَا زَوْجُهَا طَلَاقَهَا بِقَوْلِهِ لَهَا اخْتَارِي نَفْسَكَ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ: وَيَبْطُلُ مَجْلِسُ الْبَيْعِ بِمَا يَبْطُلُ بِهِ خِيَارُ الْمُخَيَّرَةِ اهـ.
وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ خِيَارَهَا يَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسِهَا خَاصَّةً لَا عَلَى مَجْلِسِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسِهِمَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا سَائِرُ التَّمْلِيكَاتِ فَتْحٌ) لَمْ يَذْكُرْ فِي الْفَتْحِ إلَّا خِيَارَ الْمُخَيَّرَةِ ط. وَفِي الْبَحْرِ، قَيَّدَ بِالْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ وَالْعِتْقَ عَلَى مَالٍ لَا يُبْطِلُ الْإِيجَابَ فِيهِ بِقِيَامِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى لِكَوْنِهِ يَمِينًا وَيَبْطُلُ بِقِيَامِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةً فِي حَقِّهِمَا كَمَا فِي النِّهَايَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) وَبِقَوْلِهِ قَالَ: أَحْمَدُ وَبِقَوْلِنَا قَالَ: مَالِكٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: وَحَدِيثُهُ) أَيْ الْخِيَارِ أَوْ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ رُوِيَ بِرِوَايَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ مِنْهَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -:«الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا أَوْ يَكُونُ الْبَيْعُ خِيَارًا» " ط. (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى تَفْرِيقِ الْأَقْوَالِ) هُوَ أَنْ يَقُولَ الْآخَرُ بَعْدَ الْإِيجَابِ: لَا أَشْتَرِي، أَوْ يَرْجِعَ الْمُوجِبُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَإِسْنَادُ التَّفَرُّقِ إلَى النَّاسِ مُرَادًا بِهِ تَفَرُّقُ أَقْوَالِهِمْ كَثِيرٌ فِي الشَّرْعِ وَالْعُرْفِ قَالَ: اللَّهُ - تَعَالَى {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} [البينة: 4]- وَقَالَ: صلى الله عليه وسلم «افْتَرَقَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: إذْ الْأَحْوَالُ ثَلَاثَةٌ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمُتَبَايِعَيْنِ الْمُشْتَغِلَانِ بِأَمْرِ الْبَيْعِ لَا مَنْ تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا وَانْقَضَى؛ لِأَنَّهُ مَجَازٌ وَالْمُتَشَاغَلَانِ يَعْنِي الْمُتَسَاوِمَيْنِ يَصْدُقُ عِنْدَ إيجَابِ أَحَدِهِمَا قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ أَنَّهُمَا مُتَبَايِعَانِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادَ، وَهَذَا هُوَ خِيَارُ الْقَبُولِ، وَهَذَا حَمْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. لَا يُقَالُ هَذَا أَيْضًا مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ قَبْلَ الْآخَرِ بَائِعٌ وَاحِدٌ لَا مُتَبَايِعَانِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذِهِ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَصْدُقُ الْحَقِيقَةُ فِيهَا بِجُزْءٍ مِنْ مَعْنَى اللَّفْظِ؛ وَلِأَنَّا نَفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو هُنَاكَ يَتَبَايَعَانِ عَلَى وَجْهِ التَّبَادُرِ إلَّا أَنَّهُمَا يَشْتَغِلَانِ بِأَمْرِ الْبَيْعِ مُتَرَاضِيَانِ فِيهِ فَلْيَكُنْ هُوَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْحَقِيقِيِّ مُتَعَيِّنٌ فَيَكُونُ الْحَدِيثُ لِنَفْيِ تَوَهُّمِ أَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ وَتَرَاضَيَا عَلَيْهِ ثُمَّ أَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ يَلْزَمُ الْآخَرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْبَلَ ذَلِكَ أَصْلًا لِلِاتِّفَاقِ وَالتَّرَاضِي السَّابِقِ عَلَى أَنَّ السَّمْعَ وَالْقِيَاسَ ضِدَّانِ لِلْمَذْهَبِ، أَمَّا السَّمْعُ فَقَوْلُهُ: - تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]- وَهَذَا عَقْدٌ قَبِلَ التَّخْيِيرَ وقَوْله تَعَالَى - {لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]- وَبَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ تَصْدُقُ تِجَارَةٌ عَنْ تَرَاضٍ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى التَّخْيِيرِ فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ - تَعَالَى - أَكْلَ الْمُشْتَرَى قَبْلَ التَّخْيِيرِ وقَوْله تَعَالَى - {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: 282]- أَمَرَ بِالتَّرَفُّقِ بِالشَّهَادَةِ حَتَّى لَا يَقَعَ التَّجَاحُدُ وَالْبَيْعُ يَصْدُقُ قَبْلَ الْخِيَارِ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، فَلَوْ ثَبَتَ الْخِيَارُ وَعُدِمَ اللُّزُومُ قَبْلَهُ كَانَ إبْطَالًا لِهَذِهِ النُّصُوصِ وَأَمَّا الْقِيَاسُ فَعَلَى النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ كُلٌّ مِنْهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ يَتِمُّ بِلَا خِيَارِ الْمَجْلِسِ بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَا فَكَذَا الْبَيْعُ وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ وَالْفَتْحِ ط.
(قَوْلُهُ: مَجَازُ الْأَوَّلِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا تَئُولُ إلَيْهِ عَاقِبَتُهُ ط عَنْ الْمِنَحِ مِثْلُ - {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36]-. (قَوْلُهُ: مَجَازُ الْكَوْنِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ مِنْ قَبْلُ مِثْلُ - {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: 2]-.
(وَشُرِطَ لِصِحَّتِهِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ) مَبِيعٍ وَثَمَنٍ (وَوَصْفُ ثَمَنٍ)
ــ
[رد المحتار]
(قَوْلُهُ: وَشَرَطَ لِصِحَّتِهِ مَعْرِفَةَ قَدْرِ مَبِيعٍ وَثَمَنٍ) كَكُرِّ حِنْطَةٍ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْرَارِ حِنْطَةٍ فَخَرَجَ مَا لَوْ كَانَ قَدْرُ الْمَبِيعِ مَجْهُولًا أَيْ جَهَالَةً فَاحِشَةً، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقَيَّدْنَا بِالْفَاحِشَةِ لِمَا قَالُوهُ لَوْ بَاعَهُ جَمِيعَ مَا فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ أَوْ هَذِهِ الدَّارِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ مَا فِيهَا لَا يَصِحُّ لِفُحْشِ الْجَهَالَةِ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ جَمِيعَ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ، أَوْ الصُّنْدُوقِ، أَوْ الْجَوَالِقِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ يَسِيرَةٌ قَالَ: فِي الْقُنْيَةِ: إلَّا إذَا كَانَ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِدُونِ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْمَبِيعِ، كَمَنْ أَقَرَّ أَنَّ فِي يَدِهِ مَتَاعَ فُلَانٍ غَصْبًا أَوْ وَدِيعَةً ثُمَّ اشْتَرَاهُ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مِقْدَارَهُ. اهـ.
وَمَعْرِفَةُ الْحُدُودِ تُغْنِي عَنْ مَعْرِفَةِ الْمِقْدَارِ، فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ -: بَاعَهُ أَرْضًا وَذَكَرَ حُدُودَهَا لَا ذَرْعَهَا طُولًا وَعَرْضًا، جَازَ، وَكَذَا إنْ لَمَّ الْحُدُودَ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا تَجَاحُدٌ، وَفِيهَا جَهْلُ الْبَائِعِ مَعْرِفَةَ الْمَبِيعِ لَا يَمْنَعُ وَجَهْلُ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ. اهـ. وَعَلَى هَذَا تَفَرَّعَ مَا فِي الْقُنْيَةِ: لَكَ فِي يَدِي أَرْضٌ خَرِبَةٌ لَا تُسَاوِي شَيْئًا فِي مَوْضِعِ كَذَا فَبِعْهَا مِنِّي بِسِتَّةِ دَرَاهِمَ، فَقَالَ: بِعْتهَا، وَلَمْ يَعْرِفْهَا الْبَائِعُ وَهِيَ تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَيْعَ الْمَجْهُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ: لَكَ فِي يَدِي أَرْضٌ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَرْضُ كَذَا وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ بَاعَهُ نَصِيبَهُ مِنْ دَارٍ فَعِلْمُ الْعَاقِدَيْنِ شَرْطٌ أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَيُجِيزُهُ أَيْ أَبُو يُوسُفَ مُطْلَقًا وَشَرَطَ أَيْ مُحَمَّدٌ عِلْمَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ وَفِي الْخَانِيَّةِ: اشْتَرَى كَذَا كَذَا قِرْبَةً مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ. قَالَ: أَبُو يُوسُفَ: إنْ كَانَتْ الْقِرْبَةُ بِعَيْنِهَا جَازَ لِمَكَانِ التَّعَامُلِ، وَكَذَا الرَّاوِيَةُ وَالْجَرَّةُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا كَالْبَيْعِ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِرَأْسِ مَالِهِ أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ أَوْ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَاهُ فُلَانٌ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْقَدْرِ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَمِنْهُ أَيْضًا مَا لَوْ بَاعَهُ بِمِثْلِ مَا يَبِيعُ النَّاسُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا لَا يُتَفَاوَتُ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: وَوَصْفُ ثَمَنٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَجْهُولَ الْوَصْفِ تَتَحَقَّقُ الْمُنَازَعَةُ فَالْمُشْتَرِي يُرِيدُ دَفْعَ الْأَدْوَنِ وَالْبَائِعُ يَطْلُبُ الْأَرْفَعَ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ شَرْعِيَّةِ الْعَقْدِ نَهْرٌ.
[تَنْبِيهٌ] ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْكَنْزِ يُعْطَى أَنَّ مَعْرِفَةَ وَصْفِ الْمَبِيعِ غَيْرُ شَرْطٍ، وَقَدْ نَفَى اشْتِرَاطَهُ فِي الْبَدَائِعِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ، وَظَاهِرُ الْفَتْحِ إثْبَاتُهُ فِيهِمَا، وَوَفَّقَ فِي الْبَحْرِ بِحَمْلِ مَا فِي الْبَدَائِعِ عَلَى الْمُشَارِ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ، وَمَا فِي الْفَتْحِ عَلَى غَيْرِهِ لِمَنْ حَقَّقَ فِي النَّهْرِ أَنَّ مَا فَهِمَهُ مِنْ الْفَتْحِ وَهْمٌ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ فِي الثَّمَنِ فَقَطْ. قُلْتُ: وَظَاهِرُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى اشْتِرَاطِ مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الْوَصْفِ فِيهِمَا وَلِلْعَلَّامَةِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا: نَفِيسَ الْمَتْجَرِ بِشِرَاءِ الدُّرَرِ، حَقَّقَ فِيهَا أَنَّ الْمَبِيعَ الْمُسَمَّى جِنْسُهُ لَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى بَيَانِ قَدْرِهِ وَلَا وَصْفِهِ وَلَوْ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ الْمَانِعَةَ مِنْ الصِّحَّةِ تَنْتَفِي بِثُبُوتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَافِقْهُ يَرُدُّهُ فَلَمْ تَكُنْ الْجَهَالَةُ مُفْضِيَةً إلَى الْمُنَازَعَةِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِفُرُوعٍ صَحَّحُوا فِيهَا الْبَيْعَ بِدُونِ بَيَانِ قَدْرٍ وَلَا وَصْفٍ، مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ جَمِيعِ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ أَوْ الصُّنْدُوقِ، وَشِرَاءِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ غَصْبٍ
كَمِصْرِيٍّ أَوْ دِمَشْقِيٍّ. (غَيْرِ مُشَارٍ) إلَيْهِ (لَا) يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي (مُشَارٍ إلَيْهِ) لِنَفْيِ الْجَهَالَةِ بِالْإِشَارَةِ مَا لَمْ يَكُنْ رِبَوِيًّا قُوبِلَ بِجِنْسِهِ
ــ
[رد المحتار]
أَوْ وَدِيعَةٍ، وَبَيْعِ الْأَرْضِ مُقْتَصِرًا عَلَى ذِكْرِ حُدُودِهَا وَشِرَاءِ الْأَرْضِ الْخَرِبَةِ الْمَارَّةِ عَنْ الْقُنْيَةِ. وَمِنْهَا: مَا قَالُوا لَوْ قَالَ: بِعْتُك عَبِيدِي، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا عَبْدٌ وَاحِدٌ صَحَّ، بِخِلَافِ بِعْتُكَ عَبْدًا بِدُونِ إضَافَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي الْأَصَحِّ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ كُرًّا مِنْ الْحِنْطَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ الْكُرِّ فِي مِلْكِهِ بَطَلَ وَلَوْ بَعْضُهُ فِي مِلْكِهِ بَطَلَ فِي الْمَعْدُومِ وَفَسَدَ فِي الْمَوْجُودِ، وَلَوْ كُلُّهُ فِي مِلْكِهِ لَكِنْ فِي مَوْضِعَيْنِ أَوْ مِنْ نَوْعَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، لَا يَجُوزُ وَلَوْ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ جَازَ وَإِنْ لَمْ يُضِفْ الْبَيْعَ إلَى تِلْكَ الْحِنْطَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ مَا فِي كُمِّي فَعَامَّتُهُمْ عَلَى الْجَوَازِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى عَدَمِهِ وَأَوَّلَ قَوْلَ الْكَنْزِ وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ وَوَصْفِ ثَمَنٍ، بِأَنَّ لَفْظَ " قَدْرِ " غَيْرُ مُنَوَّنٍ مُضَافًا لِمَا بَعْدَهُ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ قَوْلِ الْعَرَبِ: بِعْتُكَ بِنِصْفِ وَرُبْعِ دِرْهَمٍ. قُلْتُ: مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِذِكْرِ الْجِنْسِ عَنْ ذِكْرِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الْبَيْعِ فِي نَحْوِ: بِعْتُكَ حِنْطَةً بِدِرْهَمٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَمِثْلُهُ بِعْتُكَ عَبْدًا أَوْ دَارًا وَمَا قَالَهُ مِنْ انْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ بِثُبُوتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ قَدْ يَسْقُطُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمَبِيعِ، فَتَبْقَى الْجَهَالَةُ الْمُفْضِيَةُ إلَى الْمُنَازَعَةِ، وَكَذَا قَدْ يَبْطُلُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ قَبْلَهَا، بِنَحْوِ بَيْعٍ أَوْ رَهْنٍ لِمَا اشْتَرَاهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِهَا؛ وَلِذَا قَالَ: الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ: صَحَّ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ لِمَا لَمْ يَرَيَاهُ، وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ شَرْطُ الْجَوَازِ اهـ. فَأَفَادَ أَنَّ انْتِفَاءَ الْجَهَالَةِ بِهَذِهِ الْإِشَارَةِ شَرْطُ جَوَازِ أَصْلِ الْبَيْعِ لِيَثْبُتَ بَعْدَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ. نَعَمْ: صَحَّحَ بَعْضُهُمْ الْجَوَازَ بِدُونِ الْإِشَارَةِ الْمَذْكُورَةِ، لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ انْتِفَاءُ الْجَهَالَةِ بِدُونِهَا وَلِذَا قَالَ: فِي النِّهَايَةِ هُنَاكَ: صَحَّ شِرَاءُ مَا لَمْ يَرَهُ يَعْنِي شَيْئًا مُسَمًّى مَوْصُوفًا أَوْ مُشَارًا إلَيْهِ أَوْ إلَى مَكَانِهِ وَلَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ بِذَلِكَ الِاسْمِ. اهـ.
وَقَالَ: فِي الْعِنَايَةِ قَالَ: صَاحِبُ الْأَسْرَارِ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي عَيْنٍ هِيَ بِحَالَةٍ لَوْ كَانَتْ الرُّؤْيَةُ حَاصِلَةً لَكَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا. اهـ. وَفِي حَاوِي الزُّهْدِيِّ: بَاعَ حِنْطَةً قَدْرًا مَعْلُومًا، وَلَمْ يُعَيِّنْهَا لَا بِالْإِشَارَةِ، وَلَا بِالْوَصْفِ لَا يَصِحُّ. اهـ.
هَذَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ تَفْرِيعًا وَتَعْلِيلًا أَنَّ الْمُرَادَ بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ، وَالْوَصْفِ مَا يَنْفِي الْجَهَالَةَ الْفَاحِشَةَ وَذَلِكَ بِمَا يُخَصِّصُ الْمَبِيعَ عَنْ أَنْظَارِهِ، وَذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ لَوْ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَبَيَانُ مِقْدَارِهِ مَعَ بَيَانِ وَصْفِهِ لَوْ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ، كَبِعْتُكَ كُرَّ حِنْطَةٍ بَلَدِيَّةٍ مَثَلًا بِشَرْطِ كَوْنِهِ فِي مِلْكِهِ، أَوْ بِبَيَانِ مَكَانِهِ الْخَاصِّ كَبِعْتُكَ مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ، أَوْ مَا فِي كُمِّي أَوْ بِإِضَافَتِهِ إلَى الْبَائِعِ كَبِعْتُكَ عَبْدِي، وَلَا عَبْدَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ بَيَانِ حُدُودِ أَرْضٍ فَفِي كُلِّ ذَلِكَ تَنْتَفِي الْجَهَالَةُ الْفَاحِشَةُ عَنْ الْمَبِيعِ، وَتَبْقَى الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنَافِي صِحَّةَ الْبَيْعِ لِارْتِفَاعِهَا بِثُبُوتِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، فَإِنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ صِحَّةِ الْبَيْعِ لِرَفْعِ تِلْكَ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ لَا لِرَفْعِ الْفَاحِشَةِ الْمُنَافِيَةِ لِصِحَّتِهِ فَاغْتَنِمْ تَحْقِيقَ هَذَا الْمَقَامِ بِمَا يَرْفَعُ الظُّنُونَ وَالْأَوْهَامَ، وَيَنْدَفِعُ بِهِ التَّنَاقُضُ وَاللَّوْمُ عَنْ عِبَارَاتِ الْقَوْمِ. (قَوْلُهُ: كَمِصْرِيٍّ أَوْ دِمَشْقِيٍّ) وَنَظِيرُهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ غَيْرِ النُّقُودِ كَالْحِنْطَةِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ قَدْرِهَا وَوَصْفِهَا كَكُرِّ حِنْطَةٍ بُحَيْرِيَّةٍ أَوْ صَعِيدِيَّةٍ كَمَا أَفَادَهُ الْكَمَالُ وَحَقَّقَهُ فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُشَارٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ قَالَ: فِي الْبَحْرِ: لِأَنَّ التَّسْلِيمَ وَالتَّسَلُّمَ وَاجِبٌ بِالْعَقْدِ، وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَيَمْتَنِعُ التَّسْلِيمُ وَالتَّسَلُّمُ وَكُلُّ جَهَالَةٍ هَذِهِ صِفَتُهَا تَمْنَعُ الْجَوَازَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي مُشَارٍ إلَيْهِ) قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَقَوْلُهُ: غَيْرُ مُشَارٍ إلَيْهِ قَيْدٌ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ مَبِيعًا كَانَ أَوْ ثَمَنًا لَا يُحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ، وَوَصْفِهِ فَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ مِنْ الْحِنْطَةِ أَوْ هَذِهِ الْكَوْرَجَةَ مِنْ الْأُرْزِ وَالشَّاشَاتِ: وَهِيَ مَجْهُولَةُ الْعَدَدِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي يَدِك: وَهِيَ مَرْئِيَّةٌ لَهُ فَقَبِلَ جَازَ، وَلَزِمَ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ جَهَالَةُ الْوَصْفِ يَعْنِي الْقَدْرَ، وَهُوَ لَا يَضُرُّ إذْ لَا يَمْنَعُ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْمُشَارُ إلَيْهِ رِبَوِيًّا قُوبِلَ