المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب في سكنى أهل الذمة بين المسلمين في المصر] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٤

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ

- ‌[فَرْعٌ الِاسْتِمْنَاءُ]

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا

- ‌بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ الْمُحَرَّمِ

- ‌[فَرْعٌ]سَكْرَانُ أَوْ صَاحَ جَمَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَصَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ

- ‌بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[فَرْعٌ]عَايَنَ الْقَاضِي رَجُلًا زَنَى أَوْ شَرِبَ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] مَنْ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَقِمْ عَلَيَّ التَّعْزِيرَ فَفَعَلَهُ ثُمَّ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ

- ‌[فَرْعٌ] أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالدِّيَاثَةِ أَوْ عُرِفَ بِهَا

- ‌[فُرُوعٌ] ارْتَدَّتْ لِتُفَارِقَ زَوْجَهَا

- ‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

- ‌[فُرُوعٌ]سَرَقَ فُسْطَاطًا مَنْصُوبًا

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌كِتَابُ الْجِهَادِ

- ‌بَابُ الْمَغْنَمِ وَقِسْمَتُهُ

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا

- ‌بَابُ الْمُسْتَأْمِنِ

- ‌فَصْلٌ فِي اسْتِئْمَانِ الْكَافِرِ

- ‌[بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا تَصِيرُ بِهِ دَارُ الْإِسْلَامِ دَارَ حَرْبٍ وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِزْيَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَمْيِيزِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْمَلْبَسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي سُكْنَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُ الذِّمِّيِّ وَمَا لَا يُنْتَقَضُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ الْإِمَامُ قَبْلَ أَخْذِ وَظِيفَتِهِمَا]

- ‌بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[مَطْلَبٌ تَوْبَةُ الْيَأْسِ مَقْبُولَةٌ دُونَ إيمَانِ الْيَأْسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ]

- ‌بَابُ الْبُغَاةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَرَاهَةِ بَيْعِ مَا تَقُومُ الْمَعْصِيَةُ بِعَيْنِهِ]

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي تَصْرِف اللَّقِيط]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ مَاتَ فِي سَفَرِهِ فَبَاعَ رَفِيقُهُ مَتَاعَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَلْقَى شَيْئًا وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ أَلْقَى شَيْئًا وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ نِثَارِ السُّكْرِ فِي الْعُرْسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَنْ وَجَدَ دَرَاهِمَ فِي الْجِدَارِ أَوْ اسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ صُرَّةٌ]

- ‌كِتَابُ الْآبِقِ

- ‌[فَرْعٌ] أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ أَمَةِ غَائِبٍ وَمَجْنُونٍ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ الشَّرِكَةُ بِمَالِ غَائِبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَوْقِيتِ الشَّرِكَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَحْقِيقِ حُكْمِ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُبْطِلُ الشَّرِكَةَ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الشَّرِكَة]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الشَّرِكَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَائِطِ إذَا خَرِبَ وَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قِسْمَتَهُ أَوْ تَعْمِيرَهُ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَدْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالضَّرُورَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمُرْتَدِّ وَالْكَافِرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ سَكَنَ دَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ]

- ‌[فَرْعٌ] أَرَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ نَقْضَ الْمَسْجِدِ وَبِنَاءَهُ أَحْكَمَ مِنْ الْأَوَّلِ

- ‌[فَرْعٌ بِنَاء بيتا لِلْإِمَامِ فَوْق الْمَسْجِد]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَنْقُولِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ التَّحْدِيدُ فِي وَقْفِ الْعَقَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَشَاعِ الْمَقْضِيِّ بِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَنْقُولِ قَصْدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَطْعِ الْجِهَاتِ لِأَجْلِ الْعِمَارَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَلَمْ يُمْكِنْ عِمَارَتُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ يَأْثَمُ بِتَوْلِيَةِ الْخَائِنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي عَزْلِ النَّاظِرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا يَصِحُّ عَزْلُ صَاحِبِ وَظِيفَةٍ بِلَا جُنْحَةٍ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَالِ الْفَرَاغِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِبْدَالِ الْوَقْفِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[فَرْعٌ] أَقَرَّ بِوَقْفٍ صَحِيحٍ وَبِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَوَارِثُهُ يَعْلَمُ خِلَافَهُ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌[فَصْلٌ إجَارَة الْوَاقِفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اشْتَرَى بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا لِلْوَقْفِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[مَطْلَبٌ طَالِبُ التَّوْلِيَةِ لَا يُوَلَّى]

- ‌[فَرْعٌ طَالِبُ تولية الْوَقْف لَا يُوَلَّى]

- ‌[مَطْلَبٌ التَّوْلِيَةُ خَارِجَةٌ عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الشَّرَائِطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ]

- ‌[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ

- ‌[مَطْلَبٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا فِيهَا أَشْجَارٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ وَظِيفَةً فِي الْوَقْفِ إلَّا النَّظَرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي زِيَادَةِ الْقَاضِي فِي مَعْلُومِ الْإِمَامِ]

- ‌[مَطْلَبٌ تَعْلِيقُ التَّقْرِيرِ فِي الْوَظَائِفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُصَادَقَةِ عَلَى النَّظَرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَتَى ذَكَرَ الْوَاقِفُ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إقَالَةِ الْمُتَوَلِّي عَقْدَ الْإِجَارَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَالدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفِ الْأَوْلَادِ مِنْ الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَسَمَّاهُمْ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي مُجْتَهِدٍ فِيهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ]

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْبَيْع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْجَامِكِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يُبْطِلُ الْإِيجَابَ سَبْعَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي صُرَّةٍ وَلَمْ يَعْرِفْ مَا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَثْمَانِ وَالْمَبِيعَاتِ]

- ‌[فُرُوعٌ] بَاعَ بِحَالٍّ ثُمَّ أَجَّلَهُ أَجَلًا مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي أَحْكَامِ النُّقُودِ إذَا كَسَدَتْ أَوْ انْقَطَعَتْ أَوْ غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَمَا لَا يَدْخُلُ

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ مَا دَخَلَ تَبَعًا لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالشَّجَرِ مَقْصُودًا]

- ‌[فَرْعٌ] ظَهَرَ بَعْدَ نَقْدِ الصَّرَّافِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ زُيُوفٌ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ قَبْضًا لِلْمَبِيعِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَمَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ]

- ‌فُرُوعٌ] بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ بِلَا أَرْضٍ

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌[فَرْعٌ] وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَاعَ بِلَا شَرْطٍ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْخِيَارِ أَوْ فِي مُضِيِّهِ أَوْ فِي الْأَجَلِ أَوْ فِي الْإِجَازَةِ أَوْ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ]

- ‌[فُرُوعٌ بَاعَ دَارِهِ بِمَا فِيهَا مِنْ الْجُذُوعِ وَالْأَبْوَابِ فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا]

- ‌بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ

الفصل: ‌[مطلب في سكنى أهل الذمة بين المسلمين في المصر]

فَأَجَابَ: يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ الشَّدِيدُ وَالْحَبْسُ فَفِي الْخَانِيَّةِ: وَيُؤْمَرُونَ بِمَا كَانَ اسْتِخْفَافًا لَهُمْ وَكَذَا تُمَيَّزُ دُورِهِمْ عَنْ دُورِنَا انْتَهَى فَلْيُحْفَظْ ذَلِكَ

[مَطْلَبٌ فِي سُكْنَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ]

(وَإِذَا تَكَارَى أَهْلُ الذِّمَّةِ دُورًا فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لِيَسْكُنُوا فِيهَا) فِي الْمِصْرِ (جَازَ) لِعَوْدِ نَفْعِهِ إلَيْنَا وَلِيَرَوْا تَعَامُلَنَا فَيُسْلِمُوا (بِشَرْطِ عَدَمِ تَقْلِيلِ الْجَمَاعَاتِ لِسُكْنَاهُمْ) شَرَطَهُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ (فَإِنْ لَزِمَ ذَلِكَ مِنْ سُكْنَاهُمْ أُمِرُوا بِالِاعْتِزَالِ عَنْهُمْ وَالسُّكْنَى بِنَاحِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمُونَ) وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَفِي الْأَشْبَاهِ: وَاخْتُلِفَ فِي سُكْنَاهُمْ بَيْنَنَا فِي الْمِصْرِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ انْتَهَى وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ رَدَّهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ جَوَى زَادَهْ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ فَهِمَ خَطَأً فَكَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ النَّاحِيَةِ الْمَحَلَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَعْدَمَا نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ يُؤْمَرُونَ بِبَيْعِ دُورِهِمْ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَبِالْخُرُوجِ عَنْهَا، وَبِالسُّكْنَى خَارِجَهَا لِئَلَّا يَكُونَ لَهُمْ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ

ــ

[رد المحتار]

الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إنَّ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ، فَلَا نَقُولُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَلَا بِعَدَمِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَدُورُ الْحُكْمُ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَالضَّرَرِ وَالْمَنْفَعَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَجَابَ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِيَارِ الْحَلْوَانِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ ط: وَلَمْ يُجِبْ عَنْ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ الْوَظِيفَةَ لِقِيَامِهِمَا بِالْعَمَلِ. اهـ. قُلْت: وَإِنَّمَا تَرَكَهُ لِظُهُورِهِ وَتَنْبِيهًا عَلَى مَا هُوَ الْأَهَمُّ فَهُوَ مِنْ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} [البقرة: 189]- الْآيَةَ (قَوْلُهُ فَفِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ) أَيْ وَالِاسْتِخْدَامُ الْمَذْكُورُ يُنَافِي الِاسْتِخْفَافَ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا تَكَارَى إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الْكِرَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الشِّرَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَبْرِ عَلَى الْبَيْعِ مُطْلَقًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بِالتَّفْصِيلِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالشِّرَاءِ بَلْ أَصْلُ الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الشِّرَاءِ كَمَا نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْ السَّرَخْسِيِّ (قَوْلُهُ فِي الْمِصْرِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ بَعْدَ اعْتِبَارِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمُونَ) هُوَ فِي مَعْنَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُسْلِمِينَ إقَامَةَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ رَدَّهُ إلَخْ) وَعِبَارَتُهُ كَمَا رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ وَغَيْرِهَا قَوْلُهُ فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ، هَذَا اللَّفْظُ لَمْ أَجِدْهُ لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا الْمَوْجُودُ فِي الْكُتُبِ أَنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِمَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ بِقَوْلِهِ هَذَا إذَا قَلُّوا بِحَيْثُ لَا تَتَعَطَّلُ بِسَبَبِ سُكْنَاهُمْ جَمَاعَاتُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَقَلَّلُ أَمَّا إذَا تَعَطَّلَتْ أَوْ تَقَلَّلَتْ، فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا، وَيَسْكُنُونَ فِي نَاحِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ مِنْ النَّاحِيَةِ الْمَحَلَّةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَدْ صَرَّحَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَعْدَمَا نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ يُؤْمَرُونَ بِبَيْعِ دُورِهِمْ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْخُرُوجِ عَنْهَا وَبِالسُّكْنَى خَارِجَهَا لِئَلَّا تَكُونَ لَهُمْ مَنَعَةٌ كَمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْعِهِمْ عَنْ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ حَيْثُ قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرْنَاهُ نَقْلًا عَنْ النَّسَفِيِّ، وَالْمُرَادُ أَيْ بِالْمَنْعِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْأَمْصَارِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي الْمِصْرِ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ يَسْكُنُونَهَا وَلَهُمْ فِيهَا مَنَعَةٌ كَمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا سُكْنَاهُمْ بَيْنَهُمْ وَهُمْ مَقْهُورُونَ فَلَا كَذَلِكَ اهـ.

قُلْت: وَقَوْلُهُ بِمَنْعِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صَرَّحَ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ قَالَ أَيْ التُّمُرْتَاشِيُّ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَحَلَّةَ مِنْ جُمْلَةِ الْمِصْرِ مَعَ أَنَّ الْحَلْوَانِيَّ قَالَ: لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا أَيْ فِي الْمِصْرِ وَيَسْكُنُونَ فِي نَاحِيَةٍ إلَخْ فَهُوَ صَرِيحٌ بِأَنَّهُ إذَا لَزِمَ تَقْلِيلُ الْجَمَاعَةِ يَسْكُنُونَ فِي نَاحِيَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الْمِصْرِ فَهِيَ غَيْرُ الْمَحَلَّةِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ التُّمُرْتَاشِيِّ أَيْضًا مَنْعُهُمْ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ فِي الْمِصْرِ وَإِنَّمَا يَسْكُنُونَ بَيْنَهُمْ مَقْهُورِينَ، يَعْنِي إذَا لَمْ يَلْزَمْ تَقْلِيلُ الْجَمَاعَةِ، فَتَحَصَّلَ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِ الْحَلْوَانِيِّ وَالتُّمُرْتَاشِيّ: أَنَّهُ إذَا لَزِمَ مِنْ سُكْنَاهُمْ فِي الْمِصْرِ تَقْلِيلُ الْجَمَاعَةِ أُمِرُوا بِالسُّكْنَى فِي نَاحِيَةٍ خَارِجَ الْمِصْرِ، لَيْسَ فِيهَا جَمَاعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ يَسْكُنُونَ فِي الْمِصْرِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَقْهُورِينَ لَا فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ فِي الْمِصْرِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي مِصْرِ الْمُسْلِمِينَ مَنَعَةٌ كَمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، بِسَبَبِ اجْتِمَاعِهِمْ فِي مَحَلَّتِهِمْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَنَّهُمْ يُؤْمَرُونَ)

ص: 210

نَقْلًا عَنْ النَّسَفِيِّ، وَالْمُرَادُ أَيْ بِالْمَنْعِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْأَمْصَارِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي الْمِصْرِ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ يَسْكُنُونَهَا وَلَهُمْ فِيهَا مَنَعَةٌ عَارِضَةٌ كَمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِمَّا سَكَنًا بَيْنَهُمْ وَهُمْ مَقْهُورُونَ، فَلَا وَذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى الْإِسْكُوبِيُّ فَلْيُحْذَرْ

ــ

[رد المحتار]

مَفْعُولُ نَقَلَ ط (قَوْلُهُ نَقْلًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ صَرَّحَ بِتَأْوِيلِ اسْمِ الْفَاعِلِ. اهـ. ح.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ الْمُرَادَ، وَيَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِصَرَّحَ ط (قَوْلُهُ وَلَهُمْ فِيهَا مَنَعَةٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَالْمَنَعَةُ بِفَتْحِ النُّونِ جَمْعُ مَانِعٍ أَيْ جَمَاعَاتٌ يَمْنَعُونَهُمْ مِنْ وُصُولِ غَيْرِهِمْ إلَيْهِمْ أَفَادَهُ ح وَقَوْلُهُ: عَارِضَةٌ صِفَةُ مَنَعَةٍ وَعُرُوضُهَا إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ اجْتِمَاعِهِمْ فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ وَقَوْلُهُ فَأَمَّا سُكْنَاهُمْ إلَخْ مُقَابَلَةُ أَيْ أَنَّ سُكْنَاهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، لَا فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ بَلْ مُتَفَرِّقِينَ بَيْنَهُمْ وَهُمْ مَقْهُورُونَ لَهُمْ فَلَا كَذَلِكَ أَيْ فَلَا يَكُونُ مَمْنُوعًا.

مَطْلَبٌ فِي مَنْعِهِمْ عَنْ التَّعَلِّي فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ [تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى وَكَذَا يُمْنَعُونَ عَنْ التَّعَلِّي فِي بِنَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ الْمُسَاوَاةِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ نَعَمْ يَبْقَى الْقَدِيمُ كَمَا فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَشُرُوحِهَا وَفِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ:

وَيُمْنَعُ الذِّمِّيُّ مِنْ أَنْ يَسْكُنَا

أَوْ أَنْ يَحُلَّ مَنْزِلًا عَالِي الْبِنَا

إنْ كَانَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ يَسْكُنُ

بَلْ أَهْلُ ذِمَّةٍ عَلَى مَا بَيَّنُوا

. اهـ. قُلْت: وَمُقْتَضَى النَّظْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَنْعَ وَلَوْ الْبِنَاءُ قَدِيمًا لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْمَنْعَ عَلَى السُّكْنَى لَا عَلَى التَّعْلِيَةِ فِي الْبِنَاءِ لَكِنْ سُئِلَ فِي الْخَيْرِيَّةِ عَنْ طَبَقَةٍ لِيَهُودِيٍّ رَاكِبَةٍ عَلَى بَيْتٍ لِمُسْلِمٍ، يُرِيدُ الْمُسْلِمُ مَنْعَهُ مِنْ سُكْنَاهُمْ، وَمِنْ التَّعَلِّي عَلَيْهِ فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِ ذَلِكَ فَقَدْ جَوَّزُوا إبْقَاءَ دَارَ الذِّمِّيِّ الْعَالِيَةِ، عَلَى دَارِ الْمُسْلِمِ وَسُكْنَاهَا إذَا مَلَكَهَا مَا لَمْ تَنْهَدِمْ فَإِنَّهُ لَا يُعِيدُهَا عَالِيَةً كَمَا كَانَتْ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ وَكَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا. اهـ.

وَذَكَرَ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ آخَرَ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّعَلِّي لِلتَّحَفُّظِ مِنْ اللُّصُوصِ، لَا يُمْنَعُ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ رَفْعُ بِنَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّعَلِّي عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بَلْ لِلتَّحَفُّظِ، فَلَا يُمْنَعُونَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ وَقَالَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ فِي فَتَاوَاهُ: أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ فَمَا جَازَ لِلْمُسْلِمِ فِعْلُهُ فِي مِلْكِهِ جَازَ لَهُمْ وَمَا لَا فَلَا وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ تَعْلِيَةِ بِنَائِهِ إذَا حَصَلَ لِجَارِهِ ضَرَرٌ كَمَنْعِ ضَوْءٍ وَهَوَاءٍ قَالَ: هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ أَنَّ لِلْقَاضِي مَنْعَهُمْ مِنْ السُّكْنَى بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، بَلْ يَسْكُنُونَ مُنْعَزِلِينَ قَالَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ: وَهُوَ الَّذِي أُفْتِي بِهِ أَنَا اهـ أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَنْعُهُمْ مِنْ السُّكْنَى بَيْنَنَا، فَلَهُ مَنْعُهُمْ مِنْ التَّعَلِّي بِالْأَوْلَى، وَذَكَرَ فِي جَوَابٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يُعْلُوا بِنَاءَهُمْ عَلَى بِنَاءِ الْمُسْلِمِينَ: وَلَا أَنْ يَسْكُنُوا دَارًا عَالِيَةَ الْبِنَاءِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بَلْ يُمْنَعُونَ أَنْ يَسْكُنُوا مَحَلَّاتِ الْمُسْلِمِينَ. اهـ.

وَهَذَا مَيْلٌ مِنْهُ إلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَأَفْتَى بِهِ أَوَّلًا أَيْضًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ أَهْلُ الذِّمَّةِ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَالْمُسْلِمِينَ، وَلَمَّا كَانَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُمْ فِيمَا فِيهِ اسْتِعْلَاءٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَفْتَى فِي الْمَوْضُوعَيْنِ بِالْمَنْعِ لِمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْحَاوِي مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُلَازِمَ الصَّغَارَ فِيمَا يَكُونُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِعْلَاءَهُ فِي الْبِنَاءِ عَلَى جِيرَانِهِ الْمُسْلِمِينَ خِلَافُ الصَّغَارِ، بَلْ بَحَثَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ إذَا اسْتَعْلَى عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَلَّ لِلْإِمَامِ قَتْلُهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ اسْتَعْلَى يَشْمَلُ مَا بِالْقَوْلِ وَمَا بِالْفِعْلِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْخَيْرِيَّةِ مُخَالِفًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ مَا أَفْتَى بِهِ قَارِئُ الْهِدَايَةِ مِنْ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، أَقْوَى مُدْرَكًا لِلْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْمُوجِبِ لِكَوْنِهِمْ لَهُمْ مَا لَنَا وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَيْنَا، فَإِنَّ قَارِئَ الْهِدَايَةِ لَمْ يُفْتِ بِهِ بَلْ أَفْتَى فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِخِلَافِهِ كَمَا سَمِعْت. وَالْحَدِيثُ الشَّرِيفُ لَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُمْ مَا لَنَا مِنْ الْعِزِّ وَالشَّرَفِ، بَلْ فِي الْمُعَامَلَاتِ

ص: 211

(وَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ بِالْغَلَبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ لِلْحَرْبِ أَوْ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ) زَادَ فِي الْفَتْحِ أَوْ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ (أَوْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ طَلِيعَةً لِلْمُشْرِكِينَ) بِأَنْ يُبْعَثَ لِيَطَّلِعَ عَلَى أَخْبَارِ الْعَدُوِّ. فَلَوْ لَمْ يَبْعَثُوهُ لِذَلِكَ لَمْ يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُحِيطِ (وَصَارَ) الذِّمِّيُّ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ صُوَرٍ (كَالْمُرْتَدِّ) فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ (إلَّا أَنَّهُ) لَوْ أُسِرَ (يُسْتَرَقُّ) وَالْمُرْتَدُّ يُقْتَلُ (وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الذِّمَّةِ) وَالْمُرْتَدُّ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ (لَا) يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ (بِقَوْلِهِ نَقَضْت الْعَهْدَ) زَيْلَعِيٌّ (بِخِلَافِ الْأَمَانِ) لِلْحَرْبِيِّ، فَإِنَّهُ يُنْتَقَضُ بِالْقَوْلِ بَحْرٌ (وَلَا بِالْإِبَاءِ عَنْ) أَدَاءِ (الْجِزْيَةِ)

ــ

[رد المحتار]

مِنْ الْعُقُودِ وَنَحْوِهَا لِلْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى إلْزَامِهِمْ الصَّغَارَ وَعَدَمِ التَّمَرُّدِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّ مَنْعَهُمْ عَنْ التَّعَلِّي وَاجِبٌ، وَأَنَّ ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْظِيمِ دِينَهُ فَلَا يُبَاحُ بِرِضَا الْجَارِ الْمُسْلِمِ. اهـ.

وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ تَعْظِيمُهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الرِّضَا بِاسْتِعْلَائِهِ تَعْظِيمٌ لَهُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

مَطْلَبٌ فِيمَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُ الذِّمِّيِّ وَمَا لَا يُنْتَقَضُ

(قَوْلُهُ وَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ إلَخْ) لِأَنَّهُمْ بِذَلِكَ صَارُوا حَرْبًا عَلَيْنَا وَعَقْدُ الذِّمَّةِ مَا كَانَ إلَّا لِدَفْعِ شَرِّ حِرَابَتِهِمْ فَيُعَرَّى عَنْ الْفَائِدَةِ فَلَا يَبْقَى وَلَا يَبْطُلُ أَمَانُ ذُرِّيَّتِهِ بِنَقْضِ عَهْدِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ بِالْغَلَبَةِ عَلَى مَوْضِعٍ) أَيْ قَرْيَةٍ أَوْ حِصْنٍ فَتْحٌ وَقَوْلُهُ لِلْحَرْبِ أَيْ لِأَجْلِ حَرْبِنَا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِلْحِرَابِ بِزِيَادَةِ الْأَلْفِ وَاحْتَرَزَ بِالْغَلَبَةِ الْمَذْكُورَةِ عَمَّا لَوْ كَانُوا مَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ يُعِينُونَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ، فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ عَهْدُهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ الْبُغَاةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِاللَّحَاقِ بِدَارِ الْحَرْبِ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ انْتِقَالُهُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي تَغَلَّبُوا فِيهِ كَانْتِقَالِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ بِالِاتِّفَاقِ، إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَكَانُ مُوَاخِمًا لِدَارِ الْإِسْلَامِ: أَيْ بِأَنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِدَارِ الْحَرْبِ وَإِلَّا فَعَلَى قَوْلِهِمَا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ بِالِامْتِنَاعِ عَنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ) أَيْ بِخِلَافِ الِامْتِنَاعِ عَنْ أَدَائِهَا عَلَى مَا يَأْتِي، لَكِنَّ الِامْتِنَاعَ عَنْ قَبُولِهَا إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ وَضْعِهَا وَهُوَ حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَهْدُ ذِمَّةٍ، حَتَّى يُنْتَقَضَ، وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِيمَنْ دَخَلَ فِي عَهْدِ الذِّمَّةِ تَبَعًا ثُمَّ صَارَ أَهْلًا كَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ، فَإِذَا أَفَاقَ أَوْ بَلَغَ أَوَّلَ الْحَوْلِ تُوضَعُ عَلَيْهِ فَإِذَا امْتَنَعَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ أَفَادَهُ ط.

(قَوْلُهُ أَوْ يَجْعَلُ نَفْسَهُ طَلِيعَةً لِلْمُشْرِكِينَ) هَذَا مِمَّا زَادَهُ فِي الْفَتْح أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا، بَلْ ذَكَرَهُ فِي النِّكَاحِ فِي بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُبْعَثَ لِيَطَّلِعَ إلَخْ) صُورَتُهُ أَنْ يَدْخُلَ مُسْتَأْمَنٌ وَيُقِيمَ سَنَةً، وَتُضْرَبَ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ وَقَصْدُهُ التَّجَسُّسُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِيُخْبِرَ الْعَدُوَّ ط (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَبْعَثُوهُ) بِأَنْ كَانَ ذِمِّيًّا أَصْلِيًّا وَطَرَأَ عَلَيْهِ هَذَا الْقَصْدُ ط (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُحِيطِ) حَيْثُ قَالَ لَوْ كَانَ يُخْبِرُ الْمُشْرِكِينَ بِعُيُوبِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِيَقْتُلَهُ لَا يَكُونُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ، وَهَذَا التَّوْفِيقُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ، وَيُشْعِرُ بِهِ تَعْبِيرُ الْفَتْحِ بِالطَّلِيعَةِ فَإِنَّ الطَّلِيعَةَ وَاحِدَةُ الطَّلَائِعِ فِي الْحَرْبِ، وَهُمْ الَّذِينَ يُبْعَثُونَ لِيَطَّلِعُوا عَلَى أَخْبَارِ الْعَدُوِّ، كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ) فَيُحْكَمُ بِمَوْتِهِ بِاللَّحَاقِ وَإِذَا تَابَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَتَعُودُ ذِمَّتُهُ وَتَبِينُ مِنْهُ زَوْجَتُهُ الذِّمِّيَّةُ الَّتِي خَلَفَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إجْمَاعًا وَيُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَتْحٌ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالْمُرْتَدُّ يُقْتَلُ) لِأَنَّ كُفْرَهُ أَغْلَظُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالْمُرْتَدُّ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ) أَمَّا الْمُرْتَدَّةُ فَإِنَّهَا تُسْتَرَقُّ بَعْدَ اللَّحَاقِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَبْلَهُ فِي رِوَايَةِ بَحْرٍ (قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ نَقَضْت الْعَهْدَ) لِأَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِالْقَوْلِ بَلْ بِالْفِعْلِ كَمَا مَرَّ، بِخِلَافِ الْأَمَانِ لِلْحَرْبِيِّ.

قُلْت: وَلَعَلَّ وَجْهَ الْفَرْقِ أَنَّ أَمَانَ الْحَرْبِيِّ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْعَوْدِ، مَتَى أَرَادَ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ، بِخِلَافِ عَهْدِ الذِّمَّةِ فَهُوَ لَازِمٌ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَلِذَا لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، فَيُجْبِرُهُ الْإِمَامُ عَلَى الْجِزْيَةِ مَا دَامَ تَحْتَ قَهْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَحِقَ بِدَارِهِمْ أَوْ غَلَبُوا عَلَى مَوْضِعٍ أَوْ جَعَلَ نَفْسَهُ طَلِيعَةً أَوْ امْتَنَعَ عَنْ قَبُولِ الْجِزْيَةِ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ صَارَ حَرْبًا عَلَيْنَا كَمَا مَرَّ وَفِي الثَّالِثِ: عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْعَهْدَ بَلْ جَعَلَهُ وَصْلَةً إلَى إضْرَارِهِ بِنَا،

ص: 212

بَلْ عَنْ قَبُولِهَا كَمَا مَرَّ وَنَقَلَ الْعَيْنِيُّ عَنْ الْوَاقِعَاتِ قَتْلَهُ بِالْإِبَاءِ عَنْ الْأَدَاءِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ فِي الْبَحْرِ (وَ) لَا (بِالزِّنَا بِمُسْلِمَةٍ وَقَتْلِ مُسْلِمٍ) وَإِفْتَانِ مُسْلِمٍ عَنْ دِينِهِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ (وَسَبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم)

ــ

[رد المحتار]

وَفِي الرَّابِعِ: لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ الْقَتْلَ بِخِلَافِ مَا إذَا امْتَنَعَ عَنْ أَدَائِهَا وَلِذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّ الْغَايَةَ الَّتِي يَنْتَهِي بِهَا الْقِتَالُ الْتِزَامُ الْجِزْيَةِ لَا أَدَاؤُهَا وَالِالْتِزَامُ بَاقٍ فَيَأْخُذُهَا الْإِمَامُ مِنْهُ جَبْرًا اهـ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا اسْتَشْكَلَهُ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ عَنْ قَبُولِهَا نُقِضَ عَهْدُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا بِالْقَوْلِ.

وَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ الِانْتِقَاضَ لَمْ يَجِئْ مِنْ قَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ بَلْ مِنْ عَدَمِ وُجُودِ مَا يَدْفَعُ عَنْهُ الْقَتْلَ وَهُوَ الْتِزَامُ أَدَائِهَا بِخِلَافِ امْتِنَاعِهِ عَنْ أَدَائِهَا بِقَوْلِهِ لَا أُؤَدِّيهَا، فَإِنَّهُ قَوْلٌ وُجِدَ بَعْدَ الْتِزَامِهَا الدَّافِعُ لِلْقَتْلِ، وَلَا يَزُولُ ذَلِكَ الِالْتِزَامُ بِهِ وَكَذَا بِقَوْلِهِ نَقَضْت الْعَهْدَ لِمَا قُلْنَا، مِنْ أَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَمْلِكُ فَسْخَهُ صَرِيحًا، وَلَا دَلَالَةً مَا دَامَ تَحْتَ قَهْرِنَا فَافْهَمْ، وَانْدَفَعَ بِهِ أَيْضًا مَا أَوْرَدَهُ فِي الدُّرَرِ مِنْ أَنَّ امْتِنَاعَهُ عَنْ أَدَائِهَا بِقَوْلِهِ: لَا أُعْطِيهَا يُنَافِي بَقَاءَ الِالْتِزَامِ لِمَا قُلْنَا مِنْ لُزُومِ ذَلِكَ الِالْتِزَامِ، وَأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَقْضَهُ صَرِيحًا فَكَذَا دَلَالَةً بِالْأَوْلَى فَيُجْبَرُ عَلَى أَدَائِهَا مَا دَامَ مَقْهُورًا فِي دَارِنَا، ثُمَّ رَأَيْت الْحَمَوِيَّ أَجَابَ بِنَحْوِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ بَلْ عَنْ قَبُولِهَا) أَيْ بَلْ يُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِالْإِبَاءِ عَنْ قَبُولِهَا، وَقَدَّمْنَا تَصْوِيرَهُ، وَقَدْ عَلِمْت آنِفًا وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَنَقَلَ الْعَيْنِيُّ) حَيْثُ قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ مَذْكُورَةٍ فِي وَاقِعَاتِ حُسَامٍ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إذَا امْتَنَعُوا عَنْ أَدَاءِ الْجِزْيَةِ يُنْتَقَضُ الْعَهْدُ، وَيُقَاتَلُونَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ. اهـ.

وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهَا رِوَايَةً وَدِرَايَةً بَحْرٌ. قُلْت: أَمَّا وَجْهُ الضَّعْفِ رِوَايَةً فَلِأَنَّهُ خِلَافُ الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصَةِ فِي الْمُتُونِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الدِّرَايَةُ أَيْ الضَّعْفُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، فَلِمَا عَلِمْت مِنْ بَقَاءِ الِالْتِزَامِ الدَّافِعِ لِلْقَتْلِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ جَبْرًا، وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُ مَا فِي الْوَاقِعَاتِ، بِمَا إذَا كَانُوا جَمَاعَةً تَغَلَّبُوا عَلَى مَوْضِعٍ هُوَ بَلَدُهُمْ أَوْ غَيْرُهُمْ وَأَظْهَرُوا الْعِصْيَانَ وَالْمُحَارَبَةَ، فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا مِنْهُمْ إلَّا بِالْقِتَالِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا بِالزِّنَا بِمُسْلِمَةٍ) بَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ مُوجِبُهُ، وَهُوَ الْحَدُّ وَكَذَا لَوْ نَكَحَهَا لَا يُنْقَضُ عَهْدُهُ، وَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ وَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهُ وَيُعَزَّرَانِ وَكَذَا السَّاعِي بَيْنَهُمَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَإِفْتَانِ مُسْلِمٍ) مَصْدَرُ أَفْتَنَ الرُّبَاعِيِّ اهـ ح. قُلْت: لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي النُّسَخِ افْتِتَانٍ بِتَاءَيْنِ وَفِي الْمِصْبَاحِ: فَتَنَ الْمَالُ النَّاسَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ اسْتَمَالَهُمْ، وَفُتِنَ فِي دِينِهِ وَافْتَتَنَ أَيْضًا بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مَالَ عَنْهُ اهـ وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّ الِافْتِتَانَ مُتَعَدٍّ لَا لَازِمٌ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ سَبِّ الذِّمِّيِّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

(قَوْلُهُ وَسَبِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) أَيْ إذَا لَمْ يُعْلِنْ، فَلَوْ أَعْلَنَ بِشَتْمِهِ أَوْ اعْتَادَهُ قُتِلَ، وَلَوْ امْرَأَةً وَبِهِ يُفْتَى الْيَوْمُ دُرٌّ مُنْتَقًى وَهَذَا حَاصِلُ مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ هُنَا وَقَيَّدَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَيْدٍ آخَرَ حَيْثُ قَالَ أَقُولُ: هَذَا إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ انْتِقَاضُهُ بِهِ أَمَّا إذَا شُرِطَ انْتَقَضَ بِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ فِي صُلْحِ أَبِي عُبَيْدَةَ، مَعَ أَهْلِ الشَّامِ أَنَّهُ صَالَحَهُمْ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ حِينَ دَخَلَهَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ كَنَائِسَهُمْ، وَبِيَعَهُمْ عَلَى أَنْ لَا يُحْدِثُوا بِنَاءَ بِيعَةٍ، وَلَا كَنِيسَةٍ، وَأَنْ لَا يَشْتُمُوا مُسْلِمًا، وَلَا يَضْرِبُوهُ إلَخْ، وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ مِنْ رِوَايَةِ الْخَلَّالِ وَالْبَيْهَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا كِتَابَ الْعَهْدِ وَفِي آخِرِهِ فَلَمَّا أَتَيْت عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِالْكِتَابِ زَادَ فِيهِ: وَأَنْ لَا نَضْرِبَ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ شَرَطْنَا لَهُمْ ذَلِكَ عَلَيْنَا، وَعَلَى أَهْلِ مِلَّتِنَا وَقَبِلْنَا.

ص: 213