الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَقَالَ: أَعْطِ كُلَّ شَهْرٍ مِائَةً فَلَيْسَ بِتَأْجِيلٍ بَزَّازِيَّةٌ.
عَلَيْهِ أَلْفٌ ثَمَنُ جَعْلِهِ رَبَّهُ نُجُومًا إنْ أَخَلَّ بِنَجْمٍ حَلَّ الْبَاقِي فَالْأَمْرُ كَمَا شَرَطَ مُلْتَقِطٌ، وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ.
قُلْت: وَمِمَّا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى بِقِطَعٍ رَائِجَةٍ فَكَسَدَتْ بِضَرْبِ جَدِيدَةٍ يَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ مِنْ الذَّهَبِ لَا غَيْرَ إذْ لَا يُمْكِنُ الْحُكَّامَ الْحُكْمُ بِمِثْلِهَا لِمَنْعِ السُّلْطَانِ مِنْهَا، وَلَا يَدْفَعُ قِيمَتَهَا مِنْ الْفِضَّةِ الْجَدِيدَةِ لِأَنَّهَا مَا لَمْ يَغْلِبْ غِشُّهَا فَجَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ إجْمَاعًا
ــ
[رد المحتار]
نَعَمْ وَقِيلَ: لَا هُوَ الصَّحِيحُ اهـ.
ثُمَّ قَالَ: بَعْدَهُ: اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَشَرَطَ تَعْجِيلَ الْأُجْرَةِ إلَى الْحَصَادِ أَوْ الدِّيَاسِ يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الْعَقْدِ بَلْ بَعْدَهُ لَا يَفْسُدُ كَمَا فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّ الرِّوَايَةَ مَحْفُوظَةٌ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى حَصَادٍ وَدِيَاسٍ لَا يَفْسُدُ وَيَصِحُّ الْأَجَلُ اهـ.
[تَنْبِيهٌ] عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْآجَالَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مَعْلُومَةٌ، وَمَجْهُولَةٌ، وَالْمَجْهُولَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُتَقَارِبَةٌ كَالْحَصَادِ وَمُتَفَاوِتَةٌ: كَهُبُوبِ الرِّيحِ، فَالثَّمَنُ الْعَيْنُ يَفْسُدُ بِالتَّأْجِيلِ، وَلَوْ مَعْلُومًا، وَالدَّيْنُ لَا يَجُوزُ لِمَجْهُولٍ، لَكِنْ لَوْ جَهَالَتُهُ مُتَقَارِبَةً وَأَبْطَلَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ مَحَلِّهِ وَقَبْلَ فَسْخِهِ لِلْفَسَادِ انْقَلَبَ جَائِزًا لَا لَوْ بَعْدَ مُضِيِّهِ أَمَّا لَوْ مُتَفَاوِتَةً وَأَبْطَلَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّفَرُّقِ انْقَلَبَ جَائِزًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ، هَذَا وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ عَنْ الْعَيْنِيِّ مَا يُوهِمُ أَنَّ الْأَخِيرَ لَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَافْهَمْ. وَنَقَلَ الشَّارِحُ هُنَاكَ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ وَابْنِ مَلَكٍ أَنَّ إبْطَالَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ شَرْطٌ فِي الْمَجْهُولِ جَهَالَةً مُتَقَارِبَةً كَالْحَصَادِ وَهُوَ خَطَأٌ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِتَأْجِيلٍ) ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ بِذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّأْجِيلَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إنْ أَخَلَّ بِنَجْمٍ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ جَعَلَهُ بِتَقْدِيرِ الْقَوْلِ أَيْ جَعَلَهُ رَبُّهُ نُجُومًا قَائِلًا إنْ أَخَلَّ إلَخْ اهـ. ح.
[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي أَحْكَامِ النُّقُودِ إذَا كَسَدَتْ أَوْ انْقَطَعَتْ أَوْ غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ]
ْ (قَوْلُهُ: قُلْتُ وَمِمَّا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ إلَخْ) أَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي غَلَبَ غِشُّهَا أَوْ بِالْفُلُوسِ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا لِلْبَائِعِ ثُمَّ كَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالِانْقِطَاعُ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ كَالْكَسَادِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ الْمَبِيعِ لَوْ قَائِمًا وَمِثْلُهُ أَوْ قِيمَتُهُ لَوْ هَالِكًا، إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا فَلَا حُكْمَ لِهَذَا الْبَيْعِ أَصْلًا وَهَذَا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا لَا يُبْطِلُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَذِّرَ التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْكَسَادِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ لِاحْتِمَالِ الزَّوَالِ بِالرَّوَاجِ لَكِنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَوْمَ الْكَسَادِ وَهُوَ آخِرُ مَا تَعَامَلَ النَّاسُ بِهَا وَفِي الذَّخِيرَةِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَفِي الْمُحِيطِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْحَقَائِقِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ يُفْتَى رِفْقًا بِالنَّاسِ اهـ. وَالْكَسَادُ: أَنْ تُتْرَكَ الْمُعَامَلَةُ بِهَا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ، فَلَوْ فِي بَعْضِهَا لَا يَبْطُلُ لَكِنَّهُ تَتَعَيَّبُ إذَا لَمْ تَرُجْ فِي بَلَدِهِمْ، فَيَتَخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهُ. وَحَدُّ الِانْقِطَاعِ أَنْ لَا يُوجَدَ فِي السُّوقِ وَإِنْ وُجِدَ فِي يَدِ الصَّيَارِفَةِ وَالْبُيُوتِ هَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالِانْقِطَاعُ كَالْكَسَادِ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ لَكِنْ قَالَ: فِي الْمُضْمَرَاتِ فَإِنْ انْقَطَعَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قِيمَتُهُ فِي آخِرِ يَوْمٍ انْقَطَعَ هُوَ الْمُخْتَارُ اهـ.
هَذَا إذَا كَسَدَتْ وَانْقَطَعَتْ أَمَّا إذَا غَلَتْ قِيمَتُهَا أَوْ انْتَقَضَتْ فَالْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، وَيُطَالَبُ بِالنَّقْدِ بِذَلِكَ الْعِيَارِ الَّذِي كَانَ وَقْتَ الْبَيْعِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُنْتَقَى غَلَتْ الْفُلُوسُ أَوْ رَخُصَتْ فَعِنْدَ الْإِمَامِ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي، أَوَّلًا لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا، وَقَالَ: الثَّانِي ثَانِيًا عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَهَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
وَالْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى، وَنَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ، فَحَيْثُ صَرَّحَ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ، فَيَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ إفْتَاءً وَقَضَاءً، وَلَمْ أَرَ مَنْ جَعَلَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ هَذَا خُلَاصَةُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِسَالَتِهِ: بَذْلِ الْمَجْهُودِ فِي مَسْأَلَةِ تَغَيُّرِ النُّقُودِ وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ الْمُنْتَقَى إذَا غَلَتْ الْفُلُوسُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ رَخُصَتْ. قَالَ: أَبُو يُوسُفَ، قَوْلِي وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا، ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ وَقَالَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ، يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ وَيَوْمَ وَقَعَ الْقَبْضُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ أَيْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ: وَيَوْمَ وَقَعَ الْقَبْضُ أَيْ فِي صُورَةِ الْقَرْضِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ فِي بَابِ الصَّرْفِ.
وَحَاصِلُ مَا مَرَّ: أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَسَادِ وَالِانْقِطَاعِ وَالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ فِي أَنَّهُ تَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الْقَرْضُ لَا مِثْلُهَا، وَفِي دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ، مِنْ النَّوْعِ الْخَامِسَ عَشَرَ، عَنْ فَوَائِدِ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ دَانِقَ فُلُوسٍ حَالَ كَوْنِهَا عَشَرَةً بِدَانِقٍ، فَصَارَتْ سِتَّةٌ بِدَانِقٍ أَوْ رَخُصَ وَصَارَ عِشْرُونَ بِدَانِقٍ يَأْخُذُ مِنْهُ عَدَدَ مَا أَعْطَى وَلَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ. اهـ. قُلْتُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُ: ثَانِيًا بِوُجُوبِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَرْضِ، وَهُوَ دَانِقٌ أَيْ سُدُسُ دِرْهَمٍ سَوَاءٌ صَارَ الْآنَ سِتَّةَ فُلُوسٍ بِدَانِقٍ أَوْ عِشْرِينَ بِدَانِقٍ تَأَمَّلْ وَمِثْلُهُ مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ الْقَرْضِ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَقْرَضَ مِنْ الْفُلُوسِ الرَّائِجَةِ وَالْعَدَالِي فَكَسَدَتْ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا كَاسِدَةً لَا قِيمَتُهَا. اهـ. فَهُوَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ. وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الصَّرْفِ مَتْنًا وَشَرْحًا اشْتَرَى شَيْئًا بِهِ أَيْ بِغَالِبِ الْغِشِّ، وَهُوَ نَافِقٌ أَوْ بِفُلُوسٍ نَافِقَةٍ فَكَسَدَ ذَلِكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لِلْبَائِعِ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَتْ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ، فَإِنَّهُ كَالْكَسَادِ وَكَذَا حُكْمُ الدَّرَاهِمِ، لَوْ كَسَدَتْ أَوْ انْقَطَعَتْ بَطَلَ وَصَحَّحَاهُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ وَبِهِ يُفْتَى رِفْقًا بِالنَّاسِ بَحْرٌ وَحَقَائِقُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ صَوَابُهُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْكَاسِدِ.
وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لَمْ تَخْتَلِفْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَرْضِ الْفُلُوسِ إذَا كَسَدَتْ أَنَّ عَلَيْهِ مِثْلَهَا قَالَ بِشْرٌ: قَالَ أَبُو يُوسُفَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ يَوْمَ وَقَعَ الْقَرْضُ فِي الدَّرَاهِمِ الَّتِي ذَكَرْتُ لَكَ أَصْنَافَهَا، يَعْنِي الْبُخَارِيَّةَ وَالطَّبَرِيَّةَ وَالْيَزِيدِيَّةَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قِيمَتُهَا فِي آخِرِ نَفَاقِهَا قَالَ الْقُدُورِيُّ: وَإِذَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَرْضِ الْفُلُوسِ مَا ذَكَرْنَا فَالدَّرَاهِمُ الْبُخَارِيَّةُ فُلُوسٌ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَالطَّبَرِيَّةُ وَالْيَزِيدِيَّةُ، هِيَ الَّتِي غَلَبَ الْغِشُّ عَلَيْهَا فَتُجْرَى مَجْرَى الْفُلُوسِ فَلِذَلِكَ قَاسَهَا أَبُو يُوسُفَ عَلَى الْفُلُوسِ. اهـ. مَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقَرْضِ جَازَ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا، كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الذَّخِيرِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ إلَخْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ، إنَّمَا هُوَ فِي الْفُلُوسِ وَالدَّرَاهِمِ الْغَالِبَةِ الْغِشِّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْفُلُوسِ. وَفِي بَعْضِهَا ذَكَرَ الْعَدَالِيَّ مَعَهَا وَهِيَ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبِنَايَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالدَّالِ وَكَسْرِ اللَّامِ دَرَاهِمُ فِيهَا غِشٌّ. وَفِي بَعْضِهَا تَقْيِيدُ الدَّرَاهِمِ بِغَالِبَةِ الْغِشِّ، وَكَذَا تَعْلِيلُهُمْ قَوْلَ الْإِمَامِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، بِأَنَّ الثَّمَنِيَّةَ بَطَلَتْ بِالْكَسَادِ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ الَّتِي غَلَبَ غِشُّهَا إنَّمَا جُعِلَتْ ثَمَنًا بِالِاصْطِلَاحِ، فَإِذَا تَرَكَ النَّاسُ الْمُعَامَلَةَ بِهَا بَطَلَ الِاصْطِلَاحُ فَلَمْ تَبْقَ ثَمَنًا فَبَقِيَ الْبَيْعُ بِلَا ثَمَنٍ فَبَطَلَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِحُكْمِ الدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ أَوْ الْمَغْلُوبَةِ الْغِشِّ سِوَى مَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ هُنَا.
وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِكَسَادِهَا، وَيَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِثْلُهَا فِي الْكَسَادِ، وَالِانْقِطَاعِ وَالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ، أَمَّا عَدَمُ بُطْلَانِ الْبَيْعِ، فَلِأَنَّهَا ثَمَنٌ خِلْقَةً فَتَرْكُ الْمُعَامَلَةِ بِهَا لَا يُبْطِلُ ثَمَنِيَّتَهَا فَلَا يَتَأَتَّى تَعْلِيلُ الْبُطْلَانِ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ بَقَاءُ الْبَيْعِ بِلَا ثَمَنٍ. وَأَمَّا وُجُوبُ مِثْلِهَا وَهُوَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَمِائَةِ ذَهَبٍ
أَمَّا مَا غَلَبَ غِشُّهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ، كَمَا سَيَجِيءُ فِي فَصْلِ الْقَرْضِ فَتَنَبَّهْ وَبِهِ أَجَابَ سَعْدِيٌّ أَفَنَدَى وَهَذَا إذَا بِيعَ بِثَمَنِ دَيْنٍ فَلَوْ بِعَيْنٍ فَسَدَ فَتْحٌ وَ (بِخِلَافِ جِنْسِهِ وَلَمْ يَجْمَعْهُمَا قَدْرٌ) لِمَا فِيهِ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ كَمَا سَيَجِيءُ فِي بَابِهِ
(وَ) الْأَجَلُ (ابْتِدَاؤُهُ مِنْ وَقْتِ التَّسْلِيمِ) وَلَوْ فِيهِ خِيَارٌ
ــ
[رد المحتار]
مُشَخَّصٍ، أَوْ مِائَةِ رِيَالٍ فِرِنْجِيٍّ فَلِبَقَاءِ ثَمَنِيَّتِهَا أَيْضًا وَعَدَمِ بُطْلَانِ تَقَوُّمِهَا، وَتَمَامُ بَيَانِ ذَلِكَ فِي رِسَالَتِنَا تَنْبِيهِ الرُّقُودِ فِي أَحْكَامِ النُّقُودِ. وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ تَجِبُ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ فَغَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ مِثْلِيَّتَهَا، لَمْ تَبْطُلْ فَكَيْفَ يُعْدَلُ إلَى الْقِيمَةِ، وَقَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَنْعَ السُّلْطَانِ التَّعَامُلَ بِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَسْتَلْزِمُ مَنْعَ الْحَاكِمِ مِنْ الْحُكْمِ عَلَى شَخْصٍ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْهَا فِي الْمَاضِي. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَا يَدْفَعُ قِيمَتَهَا مِنْ الْجَدِيدَةِ، فَظَاهِرٌ وَبَيَانُهُ أَنَّ كَسَادَهَا عَيْبٌ فِيهَا عَادَةً؛ لِأَنَّ الْفِضَّةَ الْخَالِصَةَ إذَا كَانَتْ مَضْرُوبَةً رَائِجَةً تُقَوَّمُ بِأَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا، فَإِذَا كَانَتْ الْعَشَرَةُ مِنْ الْكَاسِدَةِ تُسَاوِي تِسْعَةً مِنْ الرَّائِجَةِ مَثَلًا فَإِنْ أَلْزَمْنَا الْمُشْتَرِيَ بِقِيمَتِهَا وَهُوَ تِسْعَةٌ مِنْ الْجَدِيدَةِ يَلْزَمُ الرِّبَا، وَإِنْ أَلْزَمْنَاهُ بِعَشَرَةٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْجَوْدَةَ وَالرَّدَاءَةَ فِي بَابِ الرِّبَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ يَلْزَمُ ضَرَرُ الْمُشْتَرِي، حَيْثُ أَلْزَمْنَاهُ بِأَحْسَنَ مِمَّا الْتَزَمَ فَلَمْ يُمْكِنْ إلْزَامُهُ بِقِيمَتِهَا مِنْ الْجَدِيدَةِ، وَلَا بِمِثْلِهَا مِنْهَا فَتَعَيَّنَ إلْزَامُهُ بِقِيمَتِهَا مِنْ الذَّهَبِ لِعَدَمِ إمْكَانِ إلْزَامِهِ بِمِثْلِهَا مِنْ الْكَاسِدَةِ أَيْضًا لِمَا عَلِمْت مِنْ مَنْعِ الْحُكَّامِ مِنْهُ، لَكِنْ عَلِمْت مَا فِيهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
وَبَقِيَ مَا لَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِالْقُرُوشِ كَمَا هُوَ عُرْفُ زَمَانِنَا وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: أَمَّا مَا غَلَبَ غِشُّهُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ الْكَلَامَ السَّابِقَ فِيمَا كَانَ خَالِيًا عَنْ الْغِشِّ أَوْ كَانَ غِشُّهُ مَغْلُوبًا، وَأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَجِيءُ فِي فَصْلِ الْقَرْضِ) صَوَابُهُ فِي بَابِ الصَّرْفِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى مَعْلُومٍ. (قَوْلُهُ: بِثَمَنِ دَيْنٍ إلَخْ) أَرَادَ بِالدَّيْنِ مَا يَصِحُّ أَنْ يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ كَانَ نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ، وَبِالْعَيْنِ مَا قَابَلَهُ فَيَدْخُلُ فِي الدَّيْنِ الثَّوْبُ الْمَوْصُوفُ بِمَا يَعْرِفُهُ لِقَوْلِهِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ: إنَّ الثِّيَابَ كَمَا تَثْبُتُ مَبِيعًا فِي الذِّمَّةِ بِطَرِيقِ السَّلَمِ تَثْبُتُ دَيْنًا مُؤَجَّلًا فِي الذِّمَّةِ عَلَى أَنَّهَا ثَمَنٌ، وَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ الْأَجَلُ لَا لِأَنَّهَا ثَمَنٌ بَلْ لِتَصِيرَ مُلْحَقَةً بِالسَّلَمِ فِي كَوْنِهَا دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فَلِذَا قُلْنَا: إذَا بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ جَازَ، وَيَكُونُ بَيْعًا فِي حَقِّ الْعَبْدِ حَتَّى لَا يُشْتَرَطَ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ الدَّرَاهِمَ فِي الثَّوْبِ، وَإِنَّمَا ظَهَرَتْ أَحْكَامُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الثَّوْبِ حَتَّى شُرِطَ فِيهِ الْأَجَلُ وَامْتَنَعَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِإِلْحَاقِهِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ. اهـ. فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ جِنْسِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِثَمَنِ دَيْنٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ " أَوْ " بَدَلَ الْوَاوِ، وَالْأُولَى أَوْلَى؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا أَحَدُهُمَا كَمَا أَفَادَهُ ط وَقَوْلُهُ " وَلَمْ يَجْمَعْهُمَا قَدْرٌ " جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَالْقَدْرُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ، وَذَلِكَ كَبَيْعِ ثَوْبٍ بِدَرَاهِمَ وَاحْتَرَزَ عَمَّا لَوْ كَانَ بِجِنْسِهِ وَجَمَعَهُمَا قَدْرٌ كَكُرِّ بُرٍّ بِمِثْلِهِ أَوْ كَانَ بِجِنْسِهِ، وَلَمْ يَجْمَعْهُمَا قَدْرٌ كَثَوْبٍ هَرَوِيٌّ بِمِثْلِهِ، أَوْ كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ وَجَمَعَهُمَا قَدْرٌ كَكُرِّ بُرٍّ بِكُرِّ شَعِيرٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ لِمَا فِيهَا مِنْ رِبَا النَّسَاءِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: لِمَا فِيهِ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ بِالْفَتْحِ أَيْ التَّأْخِيرِ تَعْلِيلٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ، وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ التَّأْجِيلِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ أَفَادَهُ ح. قُلْتُ: بَقِيَ شَرْطٌ آخَرُ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ الْمَبِيعُ الْكَيْلِيُّ أَوْ الْوَزْنِيُّ هَالِكًا، فَقَدْ ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَوَّلَ الْبُيُوعِ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: لَهُ عَلَى آخَرَ حِنْطَةٌ غَيْرُ السَّلَمِ فَبَاعَهَا مِنْهُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَى شَهْرٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَقَدْ نُهِينَا عَنْهُ، وَإِنْ بَاعَهَا مِمَّنْ عَلَيْهِ وَنَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ فَيَكُونُ دَيْنًا بِعَيْنٍ. اهـ.
وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمِنَحِ قُبَيْلَ بَابِ الرِّبَا، وَمِثْلُهُ كُلُّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ. وَكَالْبَيْعِ الصُّلْحُ فَفِي الثَّلَاثِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ غَصَبَ كُرَّ بُرٍّ فَصَالَحَهُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى دَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةٍ جَازَ، وَكَذَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَسَائِرُ الْمَوْزُونَاتِ، وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى كَيْلٍ مُؤَجَّلٍ لَمْ يَجُزْ
فَمُذْ سُقُوطِ الْخِيَارِ عِنْدَهُ خَانِيَّةٌ (وَلِلْمُشْتَرِي) بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ إلَى سَنَةٍ مُنَكَّرَةٍ (أَجَلُ سَنَةٍ ثَانِيَةٍ) مُذْ تَسَلَّمَ (لِمَنْعِ الْبَائِعِ السِّلْعَةَ) عَنْ الْمُشْتَرِي (سَنَةَ الْأَجَلِ) الْمُنَكَّرَةَ تَحْصِيلًا لِفَائِدَةِ التَّأْجِيلِ فَلَوْ مُعَيَّنَةٌ أَوْ لَمْ يُمْنَعْ الْبَائِعُ مِنْ التَّسْلِيمِ لَا اتِّفَاقًا لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْهُ
(وَ) الثَّمَنُ الْمُسَمَّى قَدْرُهُ لَا وَصْفُهُ (يَنْصَرِفُ مُطْلَقُهُ إلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ) بَلَدِ الْعَقْدِ مَجْمَعُ الْفَتَاوَى لِأَنَّهُ الْمُتَعَارَفُ
(وَإِنْ اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ مَالِيَّةً) كَذَهَبٍ شَرِيفِي وَبُنْدُقِيٍّ (فَسَدَ الْعَقْدُ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي رَوَاجِهَا
ــ
[رد المحتار]
إذْ الْجِنْسُ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ، وَلَوْ كَانَ الْبُرُّ هَالِكًا لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا نَسِيئَةً؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ إلَّا إذَا صَالَحَ عَلَى بُرٍّ مِثْلِهِ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ مُؤَجَّلًا جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ حَقِّهِ وَالْحَطُّ جَائِزٌ لَا لَوْ عَلَى أَكْثَرَ لِلرِّبَا، وَالصُّلْحُ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ حَالَ قِيَامِهِ لَمْ يَجُزْ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْحِيلَةُ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ بِالنَّسِيئَةِ، أَنْ يَبِيعَهَا بِثَوْبٍ وَيَقْبِضَ الثَّوْبَ ثُمَّ يَبِيعَهُ بِدَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ. اهـ. أَقُولُ: وَتَجْرِي هَذِهِ الْحِيلَةُ فِي الصُّلْحِ أَيْضًا وَهِيَ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى وَيَكْثُرُ وُقُوعُهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَمُذْ سُقُوطِ الْخِيَارِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ اسْتِقْرَارِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: مُذْ تَسَلَّمَ) مُتَعَلِّقٌ بِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: لِمَنْعِ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ، أَوْ لِلتَّوْقِيتِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ وَلِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: تَحْصِيلًا لِفَائِدَةِ التَّأْجِيلِ) وَهِيَ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ وَإِيفَاءُ الثَّمَنِ مِنْ رِبْحِهِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَلَوْ مُعَيَّنَةً) كَسَنَةِ كَذَا وَمِثْلُهُ إلَى رَمَضَانَ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّقْصِيرَ مِنْهُ) تَعْلِيلٌ لِلثَّانِيَةِ، أَمَّا الْأُولَى فَلِكَوْنِهِ لَمَّا عَيَّنَ تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِيمَا عَيَّنَهُ فَلَا يَثْبُتُ فِي غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالثَّمَنُ الْمُسَمَّى قَدْرُهُ لَا وَصْفُهُ) لَمَّا كَانَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَنْصَرِفُ مُطْلَقًا مُوهِمًا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُطْلَقِ مَا لَمْ يُذْكَرْ قَدْرُهُ وَلَا وَصْفُهُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَشُرِطَ لِصِحَّتِهِ مَعْرِفَةُ قَدْرِ وَوَصْفِ ثَمَنٍ، دَفَعَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُطْلَقُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْوَصْفِ فَقَطْ. مَطْلَبٌ يُعْتَبَرُ الثَّمَنُ فِي مَكَانِ الْعَقْدِ وَزَمَنِهِ (قَوْلُهُ: مَجْمَعُ الْفَتَاوَى) فَإِنَّهُ قَالَ مَعْزِيًّا إلَى بُيُوعِ الْخِزَانَةِ: بَاعَ عَيْنًا مِنْ رَجُلٍ بِأَصْفَهَانَ بِكَذَا مِنْ الدَّنَانِيرِ فَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى وَجَدَ الْمُشْتَرِيَ بِبُخَارَى يَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِعِيَارِ أَصْفَهَانَ، فَيُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ. اهـ. مِنَحٌ. قُلْتُ: وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مَالِيَّةُ الدِّينَارِ مُخْتَلِفَةً فِي الْبَلَدَيْنِ، وَتَوَافَقَ الْعَاقِدَانِ عَلَى أَخْذِ قِيمَةِ الدِّينَارِ لِفَقْدِهِ أَوْ كَسَادِهِ فِي الْبَلْدَةِ الْأُخْرَى، فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُلْزِمَهُ بِأَخْذِ قِيمَتِهِ الَّتِي فِي بُخَارَى إذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الَّتِي فِي أَصْبَهَانَ وَكَمَا يُعْتَبَرُ مَكَانُ الْعَقْدِ يُعْتَبَرُ زَمَنُهُ أَيْضًا كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَسَادِ وَالرُّخْصِ فَلَا يُعْتَبَرُ زَمَنُ الْإِيفَاءِ: لِأَنَّ الْقِيمَةَ فِيهِ مَجْهُولَةٌ وَقْتَ الْعَقْدِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لَوْ بَاعَهُ إلَى أَجَلٍ مُعَيَّنٍ وَشَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي أَيَّ نَقْدٍ يَرُوجُ يَوْمَئِذٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا.
(قَوْلُهُ: كَذَهَبٍ شَرِيفِيٍّ وَبُنْدُقِيٍّ) فَإِنَّهُمَا اتَّفَقَا فِي الرَّوَاجِ لَكِنَّ مَالِيَّةَ أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ فَإِذَا بَاعَ بِمِائَةِ ذَهَبٍ مَثَلًا، وَلَمْ يُبَيِّنْ صِفَتَهُ فَسَدَ لِلتَّنَازُعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَطْلُبُ الْأَكْثَرَ مَالِيَّةً، وَالْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ الْأَقَلَّ. (قَوْلُهُ: مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي رَوَاجِهَا) أَمَّا إذَا اخْتَلَفَتْ رَوَاجًا مَعَ اخْتِلَافِ مَالِيَّتِهَا أَوْ بِدُونِهِ فَيَصِحُّ، وَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَرْوَجِ وَكَذَا يَصِحُّ لَوْ اسْتَوَتْ مَالِيَّةً وَرَوَاجًا، لَكِنْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يُؤَدِّيَ أَيَّهُمَا شَاءَ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رُبَاعِيَّةٌ وَأَنَّ الْفَسَادَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ: وَهِيَ الِاخْتِلَافُ فِي الْمَالِيَّةِ فَقَطْ، وَالصِّحَّةُ فِي الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ، وَمَثَّلَ فِي الْهِدَايَةِ مَسْأَلَةَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ بِالثُّنَائِيِّ وَالثُّلَاثِيِّ، وَاعْتَرَضَهُ الشُّرَّاحُ بِأَنَّ مَالِيَّةَ الثَّلَاثَةِ أَكْثَرُ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالثُّنَائِيِّ مَا قِطْعَتَانِ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ وَبِالثُّلَاثِيِّ مَا ثَلَاثَةٌ مِنْهُ بِدِرْهَمٍ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي حُكْمِ الشِّرَاءِ بِالْقُرُوشِ فِي زَمَانِنَا قُلْتُ: وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ فَلَهُ دَفْعُ دِرْهَمٍ كَامِلٍ أَوْ دَفْعُ دِرْهَمٍ مُكَسَّرٍ قِطْعَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ حَيْثُ تَسَاوَى الْكُلُّ فِي الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ، وَمِثْلُهُ فِي زَمَانِنَا الذَّهَبُ يَكُونُ كَامِلًا وَنِصْفَيْنِ وَأَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ، وَكُلُّهَا سَوَاءٌ فِي الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ، بَلْ ذَكَرَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ التُّجَّارِ كَالْمَشْرُوطِ بِرَمْزِ عت: بَاعَ شَيْئًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَاسْتَقَرَّتْ الْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ أَنَّهُمْ يُعْطُونَ كُلَّ خَمْسَةِ أَسْدَاسٍ مَكَانَ الدِّينَارِ، وَاشْتَهَرَتْ بَيْنَهُمْ فَالْعَقْدُ يَنْصَرِفُ إلَى مَا تَعَارَفَهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي تِلْكَ التِّجَارَةِ، ثُمَّ رَمْزُ فك: جَرَتْ الْعَادَةُ فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ خُوَارِزْمَ أَنَّهُمْ يَشْتَرُونَ سِلْعَةً بِدِينَارٍ ثُمَّ يَنْقُدُونَ ثُلُثَيْ دِينَارٍ مَحْمُودِيَّةٍ أَوْ ثُلُثَيْ دِينَارٍ وَطُسُوجٍ نَيْسَابُورِيَّةٍ قَالَ: يَجْرِي عَلَى الْمُوَاضَعَةِ وَلَا تَبْقَى الزِّيَادَةُ دَيْنًا عَلَيْهِمْ. اهـ.
وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة، وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ مَا تُعُورِفَ فِي زَمَانِنَا مِنْ الشِّرَاءِ بِالْقُرُوشِ، فَإِنَّ الْقِرْشَ فِي الْأَصْلِ قِطْعَةٌ مَضْرُوبَةٌ مِنْ الْفِضَّةِ تُقَوَّمُ بِأَرْبَعِينَ قِطْعَةً مِنْ الْقِطَعِ الْمِصْرِيَّةِ الْمُسَمَّاةِ فِي مِصْرَ نِصْفًا ثُمَّ إنَّ أَنْوَاعَ الْعُمْلَةِ الْمَضْرُوبَةِ تُقَوَّمُ بِالْقِرْشِ، فَمِنْهَا مَا يُسَاوِي عَشَرَةَ قُرُوشٍ، وَمِنْهَا أَقَلُّ وَمِنْهَا أَكْثَرُ، فَإِذَا اشْتَرَى بِمِائَةِ قِرْشٍ فَالْعَادَةُ أَنَّهُ يَدْفَعُ مَا أَرَادَ إمَّا مِنْ الْقُرُوشِ أَوْ مِمَّا يُسَاوِيهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَنْوَاعِ الْعُمْلَةِ مِنْ رِيَالٍ أَوْ ذَهَبٍ، وَلَا يَفْهَمُ أَحَدٌ أَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ بِنَفْسِ الْقِطْعَةِ الْمُسَمَّاةِ قِرْشًا، بَلْ هِيَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْعُمْلَةِ الْمُتَسَاوِيَةِ فِي الرَّوَاجِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي الْمَالِيَّةِ، وَلَا يَرِدُ أَنَّ صُورَةَ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَالِيَّةِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الرَّوَاجِ: هِيَ صُورَةُ الْفَسَادِ مِنْ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَحْصُلْ اخْتِلَافُ مَالِيَّةِ الثَّمَنِ حَيْثُ قُدِّرَ بِالْقُرُوشِ، وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الِاخْتِلَافُ إذَا لَمْ يُقَدَّرْ بِهَا كَمَا لَوْ اشْتَرَى بِمِائَةِ ذَهَبٍ وَكَانَ الذَّهَبُ أَنْوَاعًا كُلُّهَا رَائِجَةٌ، مَعَ اخْتِلَافِ مَالِيَّتِهَا، فَقَدْ صَارَ التَّقْدِيرُ بِالْقُرُوشِ فِي حُكْمِ مَا إذَا اسْتَوَتْ فِي الْمَالِيَّةِ وَالرَّوَاجِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ فِي دَفْعِ أَيِّهِمَا شَاءَ قَالَ فِي الْبَحْرِ: فَلَوْ طَلَبَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمَا لِلْمُشْتَرِي دَفْعُ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبَائِعِ مِنْ قَبُولِ مَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا فَضْلَ تَعَنُّتٌ. اهـ.
بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكَسَادِ وَالِانْقِطَاعِ وَالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ فِي أَنَّهُ تَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ وَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الْقَرْضُ إذَا كَانَتْ فُلُوسًا أَوْ غَالِبَةَ الْغِشِّ، وَإِنْ كَانَ فِضَّةً خَالِصَةً أَوْ مَغْلُوبَةَ الْغِشِّ تَجِبُ قِيمَتُهَا مِنْ الذَّهَبِ، يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، أَوْ مِثْلُهَا عَلَى مَا بَحَثْنَاهُ وَهَذَا إذَا اشْتَرَى بِالرِّيَالِ أَوْ الذَّهَبِ، مِمَّا يُرَادُ نَفْسُهُ، أَمَّا إذَا اشْتَرَى بِالْقُرُوشِ الْمُرَادِ بِهَا مَا يَعُمُّ الْكُلَّ كَمَا قَرَّرْنَاهُ، ثُمَّ رَخُصَ بَعْضُ أَنْوَاعِ الْعُمْلَةِ أَوْ كُلُّهَا وَاخْتَلَفَتْ فِي الرُّخْصِ، كَمَا وَقَعَ مِرَارًا فِي زَمَانِنَا فَفِيهِ اشْتِبَاهٌ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ غَالِبَةَ الْغِشِّ، وَقُلْنَا: تَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ، فَهُنَا لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقُرُوشِ نَوْعًا مُعَيَّنًا مِنْ الْعُمْلَةِ حَتَّى نُوجِبَ قِيمَتَهُ.
وَإِذَا قُلْنَا: إنَّ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي تَعْيِينِ نَوْعٍ مِنْهَا كَمَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ قَبْلَ أَنْ تَرْخُصَ، فَإِنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي دَفْعِ أَيِّ نَوْعٍ أَرَادَ، فَإِبْقَاءُ الْخِيَارِ لَهُ بَعْدَ الرُّخْصِ يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَالضَّرَرِ فَإِنَّ خِيَارَهُ قَبْلَ الرُّخْصِ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ أَمَّا بَعْدَهُ فَفِيهِ ضَرَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْظُرُ إلَى الْأَنْفَعِ لَهُ وَالْأَضَرِّ عَلَى الْبَائِعِ فَيَخْتَارُهُ، فَإِنَّ مَا كَانَ يُسَاوِي عَشَرَةً إذَا صَارَ نَوْعٌ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ وَنَوْعٌ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ وَنِصْفٍ، يَخْتَارُ مَا صَارَ بِثَمَانِيَةٍ فَيَدْفَعُهُ لِلْبَائِعِ، وَيَحْسِبُهُ عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ كَمَا كَانَ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ دَفْعُ مِثْلِ مَا كَانَ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ كُلِّ نَوْعٍ تُعْتَبَرُ بِغَيْرِهِ، فَحَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ دَفْعُ الْقِيمَةِ لِمَا قُلْنَا وَلَزِمَ مِنْ إبْقَاءِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، لُزُومُ الضَّرَرِ لِلْبَائِعِ حَصَلَ الِاشْتِبَاهُ
إلَّا إذَا بَيَّنَ) فِي الْمَجْلِسِ لِزَوَالِ الْجَهَالَةِ
(وَصَحَّ بَيْعُ الطَّعَامِ) هُوَ فِي عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ اسْمٌ لِلْحِنْطَةِ وَدَقِيقِهَا (كَيْلًا وَجُزَافًا) مُثَلَّثُ الْجِيمِ مُعَرَّبٌ كُزَافٍ الْمُجَازَفَةُ (إذَا كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ) لِشَرْطِيَّةِ مَعْرِفَتِهِ كَمَا سَيَجِيءُ (أَوْ كَانَ بِجِنْسِهِ وَهُوَ دُونَ نِصْفِ صَاعٍ) إذْ لَا رِبَا فِيهِ كَمَا سَيَجِيءُ
(وَ) مِنْ الْمُجَازَفَةِ الْبَيْعُ (بِإِنَاءٍ وَحَجَرٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ) قَيْدٌ فِيهِمَا وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِيهِمَا نَهْرٌ وَهَذَا (إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ) الْإِنَاءُ (النُّقْصَانَ وَ) الْحَجْرُ (التَّفَتُّتَ) فَإِنْ احْتَمَلَهُمَا لَمْ يَجُزْ
ــ
[رد المحتار]
فِي حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قُلْنَا، وَاَلَّذِي حَرَّرْتُهُ فِي رِسَالَتِي: تَنْبِيهِ الرُّقُودِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُؤْمَرَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الْمُتَوَسِّطِ رُخْصًا لَا بِالْأَكْثَرِ رُخْصًا وَلَا بِالْأَقَلِّ، حَتَّى لَا يَلْزَمَ اخْتِصَاصُ الضَّرَرِ بِهِ، وَلَا بِالْبَائِعِ لَكِنْ هَذَا إذَا حَصَلَ الرُّخْصُ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعُمْلَةِ، أَمَّا لَوْ بَقِيَ مِنْهَا نَوْعٌ عَلَى حَالِهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: بِإِلْزَامِ الْمُشْتَرِي الدَّفْعَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ دَفْعَ غَيْرِهِ يَكُونُ تَعَنُّتًا بِقَصْدِهِ إضْرَارَ الْبَائِعِ مَعَ إمْكَانِ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ حَصَلَ الرُّخْصُ لِلْجَمِيعِ، فَهَذَا غَايَةُ مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَللَّهُ - سُبْحَانَهُ - أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا بَيَّنَ فِي الْمَجْلِسِ) قَالَ: فِي الْبَحْرِ: فَإِذَا ارْتَفَعَتْ الْجَهَالَةُ بِبَيَانِ أَحَدِهِمَا فِي الْمَجْلِسِ، وَرَضِيَ الْآخَرُ صَحَّ لِارْتِفَاعِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ فَصَارَ كَالْبَيَانِ الْمُقَارَنِ.
(قَوْلُهُ: هُوَ فِي عُرْفِ الْمُتَقَدِّمِينَ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ فِي الْفَتْحِ: وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِحَدِيثِ الْفِطْرَةِ «كُنَّا نُخْرِجُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ» ، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْمِصْبَاحِ الطَّعَامُ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ الْبُرُّ خَاصَّةً، وَفِي الْعُرْفِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ، مِثْلُ الشَّرَابِ اسْمٌ لِمَا يُشْرَبُ، وَجَمْعُهُ أَطْعِمَةٌ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْحُبُوبُ كُلُّهَا لَا الْبُرُّ وَحْدَهُ وَلَا كُلُّ مَا يُؤْكَلُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ كَيْلًا وَجُزَافًا. اهـ. (قَوْلُهُ: كَيْلًا وَجُزَافًا) مَنْصُوبَانِ عَلَى الْحَالِ؛ لِأَنَّهُمَا بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ، أَوْ الْمَفْعُولِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: مُثَلَّثُ الْجِيمِ إلَخْ) أَيْ يَجُوزُ فِي جِيمِهِ الْحَرَكَاتُ الثَّلَاثُ فِي الْقَامُوسِ الْجُزَافُ، وَالْجِزَافَةُ مُثَلَّثَتَيْنِ، وَالْمُجَازَفَةُ الْحَدْسُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مُعَرَّبُ " كزاف ". اهـ. وَالْحَدْسُ الظَّنُّ وَالتَّخْمِينُ وَحَاصِلُهُ مَا فِي الْمُغْرِبِ: مِنْ أَنَّهُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَنَقَلَ ط أَنَّ شَرْطَ جَوَازِهِ أَنْ يَكُونَ مُمَيَّزًا مُشَارًا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ) أَمَّا بِجِنْسِهِ فَلَا يَجُوزُ مُجَازَفَةً لِاحْتِمَالِ التَّفَاضُلِ إلَّا إذَا ظَهَرَ تَسَاوِيهِمَا فِي الْمَجْلِسِ بَحْرٌ حَتَّى لَوْ لَمْ يَحْتَمِلْ التَّفَاضُلَ، كَأَنْ بَاعَ كِفَّةَ مِيزَانٍ مِنْ فِضَّةِ بِكِفَّةٍ مِنْهَا جَازَ، وَإِنْ كَانَ مُجَازَفَةً كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَالْمُجَازَفَةُ فِيهِ بِسَبَبِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهَا. (قَوْلُهُ: لِشَرْطِيَّةِ مَعْرِفَتِهِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَفَاسَخَا السَّلَمَ فَيُرِيدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ دَفْعَ مَا أَخَذَ، وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ إلَّا بِمَعْرِفَةِ الْقَدْرِ ط.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ الْمُجَازَفَةِ الْبَيْعُ إلَخْ) صَرَّحَ بِأَنَّهُ مِنْ الْمُجَازَفَةِ، مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا بِقَرِينَةِ الْعَطْفِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ الْمُغَايَرَةُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى صُورَةِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَلَيْسَ بِهِ حَقِيقَةً أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِيهَا) أَفَادَ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَهَذَا الْخِيَارُ خِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ بَحْرٌ. وَفِي رِوَايَةٍ: لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَأَظْهَرُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَوَّلَ فِي الْفَتْحِ قَوْلَهُ: لَا يَجُوزُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَوْفِيقًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ أَيْ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْحِيحِ، لِارْتِفَاعِ الْخِلَافِ، فَاعْتِرَاضُ الْبَحْرِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْهِدَايَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ وَيُشْتَرَطُ لِبَقَاءِ عَقْدِ الْبَيْعِ عَلَى الصِّحَّةِ بَقَاءُ الْإِنَاءِ وَالْحَجَرِ عَلَى حَالِهِمَا فَلَوْ تَلِفَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَبْلَغُ مَا بَاعَهُ مِنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْتَمِلْ الْإِنَاءُ النُّقْصَانَ) بِأَنْ لَا يَنْكَبِسَ وَلَا يَنْقَبِضَ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ أَمَّا إذَا كَانَ كَالزِّنْبِيلِ وَالْجُوَالِقِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي قِرَبِ الْمَاءِ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْحَجَرُ التَّفَتُّتَ) هَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ حَتَّى لَا يَجُوزَ بِوَزْنِ هَذِهِ الْبِطِّيخَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهَا تَنْقُصُ بِالْجَفَافِ وَعَوَّلَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ فَإِنَّ الْبَيْعَ بِوَزْنِ حَجَرٍ بِعَيْنِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ تَعْجِيلِ التَّسْلِيمِ، وَلَا جَفَافَ يُوجِبُ نُقْصَانًا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ،
كَبَيْعِهِ قَدْرَ مَا يَمْلَأُ هَذَا الْبَيْتَ وَلَوْ قَدْرَ مَا يَمْلَأُ هَذَا الطَّشْتَ جَازَ سِرَاجٌ
(وَ) صَحَّ (فِي) مَا سَمَّى (صَاعٌ فِي بَيْعِ صُبْرَةٍ كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا) مَعَ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، وَيُسَمَّى خِيَارَ التَّكَشُّفِ (وَ) صَحَّ (فِي الْكُلِّ إنْ) كِيلَتْ فِي الْمَجْلِسِ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ أَوْ (سَمَّى جُمْلَةَ قُفْزَانِهَا)
ــ
[رد المحتار]
وَمَا قَدْ يَعْرِضُ مِنْ تَأَخُّرِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ مَمْنُوعٌ بَلْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَجُوزُ فِي السَّلَمِ، وَكُلُّ الْعِبَارَاتِ تُفِيدُ تَقْيِيدَ صِحَّةِ الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ بِالتَّعْجِيلِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ قَالَ: فِي الْبَحْرِ وَهُوَ حَسَنٌ جِدًّا وَقَوَّاهُ فِي النَّهْرِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: كَبَيْعِهِ إلَخْ) عَبَّرَ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بَاعَهُ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ قَدْرَ مَا يَمْلَأُ الطَّشْتَ جَازَ وَلَوْ بَاعَهُ قَدْرَ مَا يَمْلَأُ هَذَا الْبَيْتَ لَا يَجُوزُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ فِيمَا سَمَّى) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الصَّاعَ لَيْسَ بِقَيْدٍ حَتَّى لَوْ قَالَ: كُلُّ صَاعَيْنِ أَوْ كُلُّ عَشَرَةٍ بِدِرْهَمٍ صَحَّ فِي اثْنَيْنِ أَوْ عَشَرَةٍ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمَتْنِ " صَاعٍ " بَدَلٌ مِنْ " مَا " بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَفِيهِ مِنْ الْحَزَازَةِ مَا لَا يَخْفَى اهـ. ح. (قَوْلُهُ: فِي بَيْعِ صُبْرَةٍ) هِيَ الطَّعَامُ الْمَجْمُوعُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِفْرَاغِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ وَمِنْهُ قِيلَ: لِلسَّحَابِ فَوْقَ السَّحَابِ صَبِيرٌ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَأَرَادَ صُبْرَةً مُشَارًا إلَيْهَا كَمَا سَيَأْتِي، وَلَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ كُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَتُهُ كَذَلِكَ نَهْرٌ وَقَيَّدَ بِصُبْرَةٍ احْتِرَازًا عَنْ صُبْرَتَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ، كَمَا فِي الْغُرَرِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ الدُّرَرَ: أَيْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ عِنْدَهُ فِي الْقَدْرِ الْمُسَمَّى إذَا بِيعَ صُبْرَتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ كَصُبْرَتَيْ بُرٍّ وَشَعِيرٍ كُلِّ قَفِيزٍ أَوْ قَفِيزَيْنِ بِكَذَا حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ عِنْدَهُ فِي قَفِيزٍ وَاحِدٍ لِتَفَاوُتِ الصُّبْرَتَيْنِ وَعِنْدَهُمَا يَصِحُّ فِيهِمَا أَيْضًا وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ وَالْإِيضَاحِ أَنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ عَلَى قَفِيزٍ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: يَصِحُّ أَيْ عِنْدَهُ كَمَا فِي الْكَافِي وَقَوْلُهُ: مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الصُّبْرَتَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ أَيْ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ قَفِيزٍ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شُرَّاحُ الْهِدَايَةِ عَزْمِيَّةٌ.
(قَوْلُهُ: كُلِّ صَاعٍ بِكَذَا) قِيلَ: بِجَرِّ " كُلِّ " بَدَلٌ مِنْ صُبْرَةٍ، وَقِيلَ: مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ صُبْرَةٍ. اهـ. أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ أَيْ مَقُولٌ فِيهَا كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا وَيَحْتَمِلُ كَوْنَ الْجُمْلَةِ صِفَةً لِبَيْعٍ وَكَوْنَهَا فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى الْحَالِ بِإِضْمَارِ الْقَوْلِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مَعَ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ دُونَ الْبَائِعِ نَهْرٌ. وَفِي الْبَحْرِ: وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْخِيَارَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ، قَالُوا: وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْوَاحِدِ كَمَا إذَا رَآهُ وَلَمْ يَكُنْ رَآهُ وَقْتَ الْبَيْعِ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارَ قَبْلَ الْكَيْلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ قَائِمَةٌ، أَوْ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ ثُمَّ قَالَ: وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِي الْوَاحِدِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَعِنْدَهُمَا الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ لَازِمٌ وَلَا خِيَارَ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ) اُسْتُشْكِلَ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ قَائِلٌ بِانْصِرَافِهِ إلَى الْوَاحِدِ، فَلَا تَفْرِيقَ وَأَجَابَ فِي الْمِعْرَاجِ بِأَنَّ انْصِرَافَهُ إلَى الْوَاحِدِ مُجْتَهَدٌ فِيهِ، وَالْعَوَامُّ لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْمَسْأَلَةِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، فَلَا يُنَزَّلُ عَالِمًا فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَفِيهِ نَوْعُ تَأَمُّلٍ. اهـ. بَحْرٌ. وَلَعَلَّ وَجْهَ التَّأَمُّلِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ الْعَقْدَ مُنْصَرِفٌ إلَى الْوَاحِدِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الْخِيَارُ لِعَدَمِ تَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّ كَلَامَهُمْ شَامِلٌ لِلْعَالِمِ وَغَيْرِهِ، وَعَنْ هَذَا كَانَ الظَّاهِرُ مَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ مِنْ لُزُومِ الْبَيْعِ فِي الْوَاحِدِ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى خِيَارَ التَّكَشُّفِ) أَيْ تَكَشُّفِ الْحَالِ بِالصِّحَّةِ فِي وَاحِدٍ، وَهُوَ مِنْ الْإِضَافَةِ إلَى السَّبَبِ ط. (قَوْلُهُ: إنْ كِيلَتْ فِي الْمَجْلِسِ) وَلَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ وَالنَّهْرِ. (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ) وَهُوَ جَهَالَةُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَقَرُّرِهِ) أَيْ قَبْلَ ثُبُوتِهِ بِانْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ ط. (قَوْلُهُ: أَوْ سَمَّى جُمْلَةَ قُفْزَانِهَا) وَكَذَا لَوْ سَمَّى ثَمَنَ الْجَمِيعِ وَلَمْ يُبَيِّنْ جُمْلَةَ الصُّبْرَةِ، كَمَا لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِي الْجَمِيعِ اتِّفَاقًا بَحْرٌ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إنْ لَمْ يُسَمِّ جُمْلَةَ الْمَبِيعِ وَجُمْلَةَ الثَّمَنِ صَحَّ فِي وَاحِدٍ، وَإِنْ سَمَّى أَحَدَهُمَا صَحَّ فِي الْكُلِّ كَمَا لَوْ سَمَّى الْكُلَّ، وَيَأْتِي بَيَانُ مَا لَوْ ظَهَرَ الْمَبِيعُ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ، وَبَقِيَ مَا إذَا بَاعَ قَفِيزًا مَثَلًا مِنْ الصُّبْرَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَصِحُّ بِلَا خِلَافٍ لِلْعِلْمِ بِالْمَبِيعِ فَهُوَ كَبَيْعِ الصُّبْرَةِ كُلِّ قَفِيزٍ بِكَذَا إذَا سَمَّى جُمْلَةَ قُفْزَانِهَا وَلِذَا أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِصِحَّةِ الْمَبِيعِ بِلَا ذِكْرِ خِلَافٍ
بِلَا خِيَارٍ لَوْ عِنْدَ الْعَقْدِ وَبِهِ لَوْ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ عِنْدَهُمَا بِهِ يُفْتَى فَإِنْ رَضِيَ هَلْ يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِلَا رِضَا الْبَائِعِ؟
الظَّاهِرُ نَعَمْ نَهْرٌ
(وَفَسَدَ فِي الْكُلِّ فِي بَيْعِ ثَلَّةٍ) بِفَتْحٍ فَتَشْدِيدٍ قَطِيعُ الْغَنَمِ (وَثَوْبٍ كُلُّ شَاةٍ أَوْ ذِرَاعٍ) لَفٌّ وَنَشْرٌ (بِكَذَا) وَإِنْ عَلِمَ عَدَدَ الْغَنَمِ فِي الْمَجْلِسِ، لَمْ يَنْقَلِبْ صَحِيحًا عِنْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ رَضِيَا انْعَقَدَ بِالتَّعَاطِي
ــ
[رد المحتار]
حَيْثُ سُئِلَ فِيمَنْ اشْتَرَى غَرَائِرَ مَعْلُومَةً مِنْ صُبْرَةٍ كَثِيرَةٍ، فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ يَصِحُّ، وَيَلْزَمُ وَلَا جَهَالَةَ مَعَ تَسْمِيَةِ الْغَرَائِرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِلَا خِيَارٍ لَوْ عِنْدَ الْعَقْدِ) صَرَّحَ بِهِ ابْنُ كَمَالٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ قَبْلَ الْعَقْدِ فِي مَجْلِسِهِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ لَوْ بَعْدَهُ إلَخْ) الضَّمِيرُ الْأَوَّلُ لِلْخِيَارِ وَالثَّانِي لِلْعَقْدِ، قَالَ: ح: أَيْ وَصَحَّ فِي الْكُلِّ بِالْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لَوْ سَمَّى جُمْلَةَ قُفْزَانِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَهُمَا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمَا تَقْتَضِيهِ عِبَارَتُهُ أَفَادَهُ ح. قُلْتُ: فَكَانَ الْأَصْوَبُ أَنْ يَقُولَ لَا بَعْدَهُ وَصَحَّ عِنْدَهُمَا وَعِبَارَةُ الْمُلْتَقَى مَعَ شَرْحِهِ لَا يَصِحُّ لَوْ زَالَتْ الْجَهَالَةُ بِأَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ الْمَجْلِسِ لِتَقَرُّرِ الْمُفْسِدِ، وَقَالَا: يَصِحُّ مُطْلَقًا اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ عِنْدَهُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا زَادَ عَلَى صَاعٍ، أَمَّا فِيهِ فَالصِّحَّةُ ثَابِتَةٌ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ تَسْمِيَةٌ أَصْلًا كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفْتَى) عَزَاهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ إلَى الْبُرْهَانِ وَفِي النَّهْرِ عَنْ عُيُونِ الْمَذَاهِبِ وَبِهِ يُفْتَى، لَا لِضَعْفِ دَلِيلِ الْإِمَامِ بَلْ تَيْسِيرًا. اهـ.
وَفِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا لِتَأْخِيرِهِ دَلِيلَهُمَا كَمَا هُوَ عَادَتُهُ. اهـ. قُلْتُ: لَكِنْ رَجَّحَ فِي الْفَتْحِ قَوْلَهُ وَقَوَّى دَلِيلَهُ عَلَى دَلِيلِهِمَا، وَنَقَلَ تَرْجِيحَهُ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ عَنْ الْكَافِي وَالْمَحْبُوبِيِّ وَالنَّسَفِيِّ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ وَلَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ قُوَّةُ الدَّلِيلِ فَلَا يُنَافِي تَرْجِيحَ قَوْلِهِمَا مِنْ حَيْثُ التَّيْسِيرُ ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى أَفَادَ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ التَّيْسِيرِ عَلَى قُوَّةِ الدَّلِيلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِهِ لَوْ بَعْدَهُ فِي الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: الظَّاهِرُ نَعَمْ) هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ اسْتَظْهَرَهَا فِي النَّهْرِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا.
(قَوْلُهُ: وَفَسَدَ فِي الْكُلِّ) أَيْ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ إذَا كَانَتْ مُتَفَاوِتَةً لَمْ يَصِحَّ فِي شَيْءٍ بَحْرٌ أَيْ لَا فِي وَاحِدٍ وَلَا فِي أَكْثَرَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ وَسَيَأْتِي تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا وَهَذَا شُرُوعٌ فِي حُكْمِ الْقِيَمِيَّاتِ بَعْدَ بَيَانِ حُكْمِ الْمِثْلِيَّاتِ كَالصُّبْرَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحٍ) أَيْ بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَمَّا بِضَمِّهَا، فَالْكَثِيرُ مِنْ النَّاسِ أَوْ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَبِكَسْرِهَا الْهَلَكَةُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. (قَوْلُهُ: وَثَوْبٍ) أَيْ يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ أَمَّا فِي الْكِرْبَاسِ، فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ فِي ذِرَاعٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الطَّعَامِ الْوَاحِدِ بَحْرٌ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ. قُلْتُ: وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْكِرْبَاسَ فِي الْعَادَةِ لَا يَخْتَلِفُ ذِرَاعٌ مِنْهُ عَنْ ذِرَاعٍ، وَلِذَا فَرَضَ الْقُهُسْتَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا يَخْتَلِفُ فِي الْقِيمَةِ وَقَالَ: فَإِنَّ الذِّرَاعَ مِنْ مُقَدَّمِ الْبَيْتِ أَوْ الثَّوْبِ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ مُؤَخَّرِهِ. اهـ. فَأَفَادَ أَنَّ مَا لَا يَخْتَلِفُ مُقَدَّمُهُ وَمُؤَخَّرُهُ فَهُوَ كَالصُّبْرَةِ. (قَوْلُهُ كُلُّ شَاةٍ) أَمَّا لَوْ قَالَ: شَاتَيْنِ بِعِشْرِينَ، وَسَمَّى الْجُمْلَةَ مِائَةً مَثَلًا كَانَ بَاطِلًا إجْمَاعًا وَإِنْ وَجَدَهُ كَمَا سَمَّى؛ لِأَنَّ كُلَّ شَاةٍ لَا يُعْرَفُ ثَمَنُهَا إلَّا بِانْضِمَامِ غَيْرِهَا إلَيْهَا قَالَهُ الْحَدَّادِيُّ، وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ عَدَدِيٍّ مُتَقَارِبٍ جَازَ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَا إلَخْ) فِي السِّرَاجِ قَالَ: الْحَلْوَانِيُّ: الْأَصَحُّ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا أَحَاطَ عِلْمُهُ بِعَدَدِ الْأَغْنَامِ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا لَكِنْ لَوْ كَانَ الْبَائِعُ عَلَى رِضَاهُ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِالتَّرَاضِي، كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَنَظِيرُهُ الْبَيْعُ بِالرَّقْمِ. اهـ. بَحْرٌ. وَفِي الْمُجْتَبَى وَلَوْ اشْتَرَى عَشْرَ شِيَاهٍ مِنْ مِائَةِ شَاةٍ أَوْ عَشْرَ بِطِّيخَاتٍ مِنْ وِقْرٍ، فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ، وَكَذَا الرُّمَّانُ، وَلَوْ عَزَلَهَا الْبَائِعُ وَقَبِلَهَا الْمُشْتَرِي جَازَ اسْتِحْسَانًا وَالْعَزْلُ وَالْقَبُولُ بِمَنْزِلَةِ إيجَابٍ وَقَبُولٍ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا قَالَ: الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَفِيهِ نَوْعُ إشْكَالٍ وَهُوَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّعَاطِيَ بَعْدَ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ. اهـ. وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْجَوَابِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ التَّعَاطِي.
وَنَظِيرُهُ الْبَيْعُ بِالرَّقْمِ سِرَاجٌ (وَكَذَا) الْحُكْمُ (فِي كُلِّ مَعْدُودٍ مُتَفَاوِتٍ) كَإِبِلٍ وَعَبِيدٍ وَبِطِّيخٍ وَكَذَا كُلُّ مَا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ كَمَصُوغِ أَوَانٍ بَدَائِعَ وَلَوْ سَمَّى عَدَدَ الْغَنَمِ أَوْ الذَّرْعَ أَوْ جُمْلَةَ الثَّمَنِ صَحَّ اتِّفَاقًا، وَالضَّابِطُ لِكَلِمَةِ كُلٍّ أَنَّ الْأَفْرَادَ إنْ لَمْ تُعْلَمْ نِهَايَتُهَا فَإِنْ لَمْ تُؤَدِّ لِلْجَهَالَةِ فَلِلِاسْتِغْرَاقِ كَيَمِينٍ وَتَعْلِيقٍ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ فِي الْمَجْلِسِ فَعَلَى الْوَاحِدِ اتِّفَاقًا كَإِجَارَةٍ وَكَفَالَةٍ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ: الْبَيْعُ بِالرَّقْمِ (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ الْبَيْعُ بِالرَّقْمِ) بِسُكُونِ الْقَافِ عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا مِقْدَارُ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي يُنْظَرُ إنْ عَلِمَ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ نَفَذَ، وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْعِلْمِ بَطَلَ دُرَرٌ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَتَعَقَّبَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ النَّافِذَ لَازِمٌ وَهَذَا فِيهِ الْخِيَارُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ فِي الْمَجْلِسِ، وَبِأَنَّ قَوْلَهُ: بَطَلَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ، يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِخِلَافِ الْبَاطِلِ. وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ نَافِذٍ لَازِمًا فَقَدْ شَاعَ أَخْذُهَا النَّافِذَ مُقَابِلًا لِلْمَوْقُوفِ اهـ وَفِي الْفَتْحِ: أَنَّ الْبَيْعَ بِالرَّقْمِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ تَمَكَّنَتْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَهُوَ جَهَالَةُ الثَّمَنِ. بِسَبَبِ الرَّقْمِ وَصَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الْقِمَارِ لِلْخَطَرِ الَّذِي فِيهِ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ كَذَا وَكَذَا وَجَوَازُهُ فِيمَا إذَا عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ بِعَقْدٍ آخَرَ هُوَ التَّعَاطِي كَمَا قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ. اهـ. وَانْظُرْ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَحْثِ الْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَمَّى إلَخْ) أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ: وَإِنْ عَلِمَ عَدَدَ الْغَنَمِ فِي الْمَجْلِسِ إلَخْ قَالَ: فِي الْبَحْرِ: قَيَّدَ بِعَدَمِ تَسْمِيَةِ ثَمَنِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَمَّى كَمَا إذَا قَالَ: بِعْتُكَ هَذَا الثَّوْبَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَكُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي الْكُلِّ اتِّفَاقًا كَمَا لَوْ سَمَّى جُمْلَةَ الذُّرْعَانِ أَوْ الْقَطِيعِ. اهـ.
مَطْلَبٌ: الضَّابِطُ فِي كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَالضَّابِطُ لِكَلِمَةِ كُلٍّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا فُرُوعًا فِي كُلٍّ ظَاهِرُهَا التَّنَافِي، فَإِنَّهُمْ تَارَةً جَعَلُوهَا مُفِيدَةً لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَتَارَةً لِلْوَاحِدِ وَتَارَةً لَا تُفِيدُ شَيْئًا مِنْهُمَا فَاقْتَحَمَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي ذِكْرِ ضَابِطٍ يَحْصُرُ الْفُرُوعَ الْمَذْكُورَةَ بَعْدَ تَصْرِيحِهِمْ، بِأَنَّ لَفْظَ كُلٍّ لِاسْتِغْرَاقِ أَفْرَادِ مَا دَخَلَتْهُ مِنْ الْمُنَكَّرِ وَأَجْزَائِهِ فِي الْمُعَرَّفِ. قُلْتُ: وَلِذَا صَحَّ قَوْلُكَ: كُلُّ رُمَّانٍ مَأْكُولٌ بِخِلَافِ قَوْلِكَ: كُلُّ الرُّمَّانِ مَأْكُولٌ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَجْزَائِهِ كَقِشْرِهِ غَيْرُ مَأْكُولٍ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تُعْلَمْ نِهَايَتُهَا) أَمَّا إنْ عُلِمَتْ فَالْأَمْرُ فِيهَا وَاضِحٌ كَمَا إذَا قَالَ: كُلُّ زَوْجَةٍ لِي طَالِقٌ، وَلَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ مَثَلًا فَإِنَّ كُلًّا تَسْتَغْرِقُهَا اهـ. ح أَيْ بِلَا تَفْصِيلٍ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُؤَدِّ لِلْجَهَالَةِ) أَيْ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْأَوْلَى قَوْلُ الْبَحْرِ: فَإِنْ لَمْ تُفْضِ الْجَهَالَةُ إلَى مُنَازَعَةٍ. (قَوْلُهُ: كَيَمِينٍ وَتَعْلِيقٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ كَمَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ وَالْأَمْرِ بِالدَّفْعِ عَنْهُ وَذَكَرَ قَبْلَهُ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ وَقَالَ: إنَّهَا لِلْكُلِّ اتِّفَاقًا كَمَا إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا، أَوْ كُلَّمَا اشْتَرَيْتُ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ ثَوْبًا فَهُوَ صَدَقَةٌ أَوْ كُلَّمَا رَكِبْتُ هَذِهِ الدَّابَّةَ أَوْ دَابَّةً، وَفَرَّقَ أَبُو يُوسُفَ بَيْنَ الْمُنَكَّرِ وَالْمُعَيَّنِ فِي الْكُلِّ وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ مِنْ التَّعْلِيقِ وَفِي الْخَانِيَّةِ كُلَّمَا أَكَلْتُ اللَّحْمَ، فَعَلَيَّ دِرْهَمٌ، فَعَلَيْهِ بِكُلِّ لُقْمَةٍ دِرْهَمٌ، وَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْأَمْرِ بِالدَّفْعِ فِيمَا إذَا أَمَرَ رَجُلًا بِأَنْ يَدْفَعَ لِزَوْجَتِهِ نَفَقَةً فَقَالَ: ادْفَعْ عَنِّي كُلَّ شَهْرٍ كَذَا فَدَفَعَ الْمَأْمُورُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ لَزِمَ الْآمِرَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ أَدَّتْ لِلْجَهَالَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْمُنَازَعَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ) أَيْ لَمْ يُمْكِنْ عِلْمُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ، فَفِي عِبَارَتِهِ تَسَامُحٌ. (قَوْلُهُ: كَإِجَارَةٍ) صُورَتُهُ: آجَرْتُك دَارِي كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا صَحَّ فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ، وَكُلُّ شَهْرٍ سَكَنَ أَوَّلَهُ لَزِمَهُ. (قَوْلُهُ: وَكَفَالَةٍ) صُورَتُهُ: إذَا ضَمِنَ لَهَا نَفَقَتَهَا كُلَّ شَهْرٍ أَوْ كُلَّ يَوْمٍ، لَزِمَهُ نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ،
وَإِقْرَارٍ وَإِلَّا فَإِنْ تَفَاوَتَتْ الْأَفْرَادُ كَالْغَنَمِ لَمْ يَصِحَّ فِي شَيْءٍ عِنْدَهُ وَالْأَصَحُّ فِي وَاحِدٍ عِنْدَهُ كَالصُّبْرَةِ وَصَحَّحَاهُ فِيهِمَا فِي الْكُلِّ بَحْرٌ. وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْعُيُونِ والشُّرُنبُلالِيَّة عَنْ الْبُرْهَانِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ وَبِقَوْلِهِمَا يُفْتَى تَيْسِيرًا
(وَإِنْ بَاعَ صُبْرَةً عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهِيَ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ أَخَذَ) الْمُشْتَرِي (الْأَقَلَّ بِحِصَّتِهِ) إنْ شَاءَ (أَوْ فَسَخَ) لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ وَكَذَا كُلُّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ
ــ
[رد المحتار]
خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ وَإِقْرَارٍ) صُورَتُهُ: إذَا قَالَ: لَكَ عَلَيَّ كُلُّ دِرْهَمٍ، وَلَوْ زَادَ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَقِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ عَشَرَةٌ وَقَالَا ثَلَاثَةٌ بَحْرٌ.
[تَنْبِيهٌ] زَادَ فِي الْبَحْرِ هُنَا قِسْمًا آخَرَ، وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي آخِرِ غَصْبِ الْخَانِيَّةِ مِنْ مَسَائِلِ الْإِبْرَاءِ لَوْ قَالَ: كُلُّ غَرِيمٍ لِي فَهُوَ فِي حِلٍّ قَالَ: ابْنُ مُقَاتِلٍ لَا يَبْرَأُ غُرَمَاؤُهُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إيجَابُ الْحَقِّ لِلْغُرَمَاءِ وَإِيجَابُ الْحُقُوقِ لَا يَجُوزُ إلَّا لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَمَّا كَلِمَةُ كُلٍّ فِي بَابِ الْإِبَاحَةِ فَقَالَ: فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ لَوْ قَالَ: كُلُّ إنْسَانٍ تَنَاوَلَ مِنْ مَالِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ قَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ: لَا يَجُوزُ وَمَنْ تَنَاوَلَهُ ضَمِنَ، وَقَالَ: أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ: هُوَ جَائِزٌ نَظَرًا إلَى الْإِبَاحَةِ، وَالْإِبَاحَةُ لِلْمَجْهُولِ جَائِزَةٌ وَمُحَمَّدٌ جَعَلَهُ إبْرَاءً عَمَّا تَنَاوَلَهُ وَالْإِبْرَاءُ لِلْمَجْهُولِ بَاطِلٌ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي نَصْرٍ. اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: فِي الضَّابِطِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَهُوَ عَلَى الْوَاحِدِ اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إيجَابُ حَقٍّ لِأَحَدٍ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَصِحَّ وَلَا فِي وَاحِدٍ كَمَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ عُلِمَتْ فِي الْمَجْلِسِ وَالْمُرَادُ أَمْكَنَ عِلْمُهَا فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْغَنَمَ إنْ عُلِمَتْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ صَحَّ فِي الْكُلِّ وَأَنَّ الصُّبْرَةَ إنْ عُلِمَتْ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ فِي الْكُلِّ أَيْضًا فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: كَالْغَنَمِ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ كُلَّ مَعْدُومٍ مُتَفَاوِتٍ ط.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تَتَفَاوَتْ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَاهُ فِيهِمَا فِي الْكُلِّ) أَيْ وَصَحَّحَ الصَّاحِبَانِ الْعَقْدَ فِي الثَّلَّةِ وَالصُّبْرَةِ فِي كُلِّ الْغَنَمِ وَكُلِّ الْأَقْفِزَةِ. اهـ. ح: أَيْ سَوَاءٌ عُلِمَ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ لَا، وَالْأَوْلَى إرْجَاعُ ضَمِيرِ فِيهِمَا إلَى الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ، لِيَشْمَلَ الْمَذْرُوعَ وَكُلَّ مَعْدُودٍ مُتَفَاوِتٍ، وَعِبَارَةُ مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ هَكَذَا وَبَيْعُ صُبْرَةٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرِ كُلِّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَثَلَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ كُلِّ شَاةٍ أَوْ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ صَحِيحٌ فِي وَاحِدَةٍ فِي الْأُولَى، فَاسِدٌ فِي كُلِّ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَأَجَازَهُ فِي الْكُلِّ كَمَا لَوْ عَمَّ فِي الْمَجْلِسِ بِكَيْلٍ. أَقُولُ: وَبِهِ يُفْتَى. اهـ. وَعِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَهُ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَنَفَذَ فِي الْكُلِّ فِي الصُّورَتَيْنِ: أَيْ صُورَتَيْ الْمِثْلِيِّ وَالْقِيَمِيِّ بِلَا خِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي إنْ رَآهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ صُبْرَةً إلَخْ) قِيلَ: هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ وَفِي صَاعٍ فِي بَيْعِ صُبْرَةٍ. قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُقَابِلُهُ قَوْلُهُ وَصَحَّ فِي الْكُلِّ إنْ سَمَّى جُمْلَةَ قُفْزَانِهَا وَمَا هُنَا بَيَانٌ لِذَلِكَ الْمُقَابِلِ وَتَفْصِيلٌ لَهُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ) قَيْدٌ بِكَوْنِهِ بَيْعَ مُكَايَلَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً مُجَازَفَةً فِي الْبَيْتِ، فَوَجَدَ تَحْتَهَا دُكَّانًا خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِهَا بِكُلِّ الثَّمَنِ وَتَرْكِهَا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِئْرًا مِنْ حِنْطَةٍ، عَلَى أَنَّهَا كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا، فَإِذَا هِيَ أَقَلُّ، وَإِذَا كَانَ طَعَامًا فِي حَبٍّ فَإِذَا نِصْفُهُ تِبْنٌ يَأْخُذُهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْحَبَّ وِعَاءٌ يُكَالُ فِيهِ فَصَارَ الْمَبِيعُ حِنْطَةً مُقَدَّرَةً وَالْبَيْتُ وَالْبِئْرُ لَا يُكَالُ بِهِمَا وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مَشْرُوطًا بِلَفْظٍ أَوْ بِالْعَادَةِ، لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ اتَّفَقَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى سِعْرِ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ، وَشَاعَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَفَاوَتُ فَأَعْطَى رَجُلٌ ثَمَنًا وَاشْتَرَى وَأَعْطَاهُ أَقَلَّ مِنْ الْمُتَعَارَفِ إنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فِيهِمَا مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا رَجَعَ فِي الْخُبْزِ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ مُتَعَارَفٌ، فَيَلْزَمُ الْكُلُّ لَا فِي اللَّحْمِ فَلَا يَعُمُّ. اهـ. بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: أَخَذَ الْأَقَلَّ بِحِصَّتِهِ أَوْ فَسَخَ) أَطْلَقَ فِي تَخْيِيرِهِ عِنْدَ النُّقْصَانِ فِي الْمِثْلِيِّ، وَذَكَرَ لَهُ الْبَحْرُ قَيْدَيْنِ: الْأَوَّلُ عَدَمُ قَبْضِهِ كُلَّ الْمَبِيعِ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنْ قَبَضَ الْكُلَّ لَا يُخَيَّرُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، يَعْنِي بَلْ يَرْجِعُ فِي النُّقْصَانِ، وَالثَّانِي عَدَمُ كَوْنِهِ مُشَاهِدًا لَهُ
لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ. (وَمَا زَادَ لِلْبَائِعِ) لِوُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ
(وَإِنْ بَاعَ الْمَذْرُوعَ مِثْلَهُ) عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ مَثَلًا (أَخَذَ) الْمُشْتَرِي (الْأَقَلَّ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَ)
ــ
[رد المحتار]
لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ اشْتَرَى سَوِيقًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ لَتَّهُ بِمَنٍّ مِنْ السَّمْنِ وَتَقَابَضَا وَالْمُشْتَرِي يَنْظُرُ إلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَتَّهُ بِنِصْفِ مَنٍّ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِالْعِيَانِ، فَإِذَا عَايَنَهُ انْتَفَى الْغَرَرُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى صَابُونًا عَلَى أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ كَذَا جَرَّةً مِنْ الدُّهْنِ فَظَهَرَ أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ أَقَلَّ، وَالْمُشْتَرِي يَنْظُرُ إلَى الصَّابُونِ وَقْتَ الشِّرَاءِ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى قَمِيصًا عَلَى أَنَّهُ مُتَّخَذٌ مِنْ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ، وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ فَإِذَا هُوَ مِنْ تِسْعَةٍ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي. اهـ. وَاعْتَرَضَ فِي النَّهْرِ الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلتَّخْيِيرِ إنَّمَا هُوَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ، وَهَذَا الْقَدْرُ ثَابِتٌ فِيمَا لَوْ وَجَدَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ نَاقِصًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ بِالْقَبْضِ صَارَ رَاضِيًا بِذَلِكَ فَتَدَبَّرْهُ اهـ. قُلْتُ: هَذَا ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ بِنَقْضِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ رَاضِيًا فَيَنْبَغِي التَّفْصِيلُ تَأَمَّلْ.
وَاعْتَرَضَ فِي النَّهْرِ أَيْضًا الثَّانِيَ، بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَبِيعٍ يَنْقَسِمُ أَجْزَاءُ الثَّمَنِ فِيهِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ وَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَيْسَ مِنْهُ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ السَّوِيقَ قِيَمِيٌّ لِمَا بَيْنَ السَّوِيقَيْنِ مِنْ التَّفَاوُتِ الْفَاحِشِ بِسَبَبِ الْقَلْيِ، وَكَذَا الصَّابُونُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَأَمَّا الثَّوْبُ فَظَاهِرٌ وَعَلَى هَذَا، فَمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ فِي نَقْصِ الْقِيَمِيِّ بَيْنَ أَخْذِهِ بِكُلِّ الثَّمَنِ، أَوْ تَرْكِهِ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُشَاهَدًا فَتَدَبَّرْهُ. اهـ. قُلْتُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا فِيمَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ النُّقْصَانِ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْمُشَاهَدَةِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا يَفْحُشُ نُقْصَانُهُ فَإِذَا شَاهَدَهُ يَكُونُ رَاضِيًا بِهِ، ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ مِنْ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ عِنْدَ الْمُعَايَنَةِ يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ، بِلَا خِيَارٍ، وَكَلَامُنَا فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الْأَقَلِّ بِحِصَّتِهِ لَا بِكُلِّ الثَّمَنِ، فَلِذَا جَعَلَ فِي النَّهْرِ عَدَمَ الْمُشَاهَدَةِ قَيْدًا فِي الْقِيَمِيِّ، لَا فِي الْمِثْلِيِّ أَيْ أَنَّهُ فِي الْقِيَمِيِّ يَأْخُذُ الْأَقَلَّ بِكُلِّ الثَّمَنِ بِلَا خِيَارٍ إذَا كَانَ مُشَاهَدًا وَعَنْ هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّارِحُ هُنَا بَلْ فِي الْقِيَمِيِّ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ) خَرَجَ مَا فِي تَبْعِيضِهِ ضَرَرٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ بَاعَ لُؤْلُؤَةً عَلَى أَنَّهَا تَزِنُ مِثْقَالًا فَوَجَدَهَا أَكْثَرَ سَلِمَتْ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِيمَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ وَصْفٌ بِمَنْزِلَةِ الذُّرْعَانِ فِي الثَّوْبِ. اهـ. وَفِيهَا الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي النُّقْصَانِ، وَإِنْ وَزَنَهُ لَهُ الْبَائِعُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ الْمِقْدَارَ اهـ. نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ لِلْبَائِعِ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ، قَالَ: فِي النَّهْرِ وَقَيَّدَهُ الزَّاهِدِيُّ بِمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْكَيْلَيْنِ، أَوْ الْوَزْنَيْنِ أَمَّا مَا يَدْخُلُ، فَلَا يَجِبُ رَدُّهُ وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِهِ فَقِيلَ: نِصْفُ دِرْهَمٍ فِي مِائَةٍ وَقِيلَ: دَانِقٌ فِي مِائَةٍ لَا حُكْمَ لَهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ دَانِقٌ فِي عَشَرَةٍ كَثِيرٌ وَقِيلَ: مَا دُونَ حَبَّةٍ عَفْوٌ فِي الدِّينَارِ، وَفِي الْقَفِيزِ الْمُعْتَادِ فِي زَمَانِنَا نِصْفُ مَنٍّ. اهـ.
مَطْلَبٌ: الْمُعْتَبَرُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَإِنْ ظَنَّ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ) فَمَا زَادَ عَلَيْهِ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَقْدِ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ بَحْرٌ وَمُفَادُهُ: أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مِنْ الْعَدَدِ، وَإِنْ كَانَ ظَنُّ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَلِذَا قَالَ: فِي الْقُنْيَةِ: عَدَّ الْكَوَاغِدَ فَظَنَّهَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ وَأَخْبَرَ الْبَائِعُ بِهِ ثُمَّ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى عَيْنِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْعَدَدَ ثُمَّ زَادَتْ عَلَى مَا ظَنَّهُ فَهِيَ حَلَالٌ لِلْمُشْتَرِي. سَاوَمَهُ الْحِنْطَةَ كُلَّ قَفِيزٍ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَحَاسَبُوا فَبَلَغَ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ فَغَلِطُوا، وَحَاسَبُوا الْمُشْتَرِيَ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَبَاعُوهَا مِنْهُ بِالْخَمْسِمِائَةِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ فِيهَا غَلَطًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا خَمْسُمِائَةٍ. أَفْرَزَ الْقَصَّابُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ فَقَالَ: بَائِعُهَا هِيَ بِخَمْسَةٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِدِينَارٍ وَرُبُعٍ، فَجَاءَ الْقَصَّابُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ فَقَالَ: هَلْ بِعْتَ هَذِهِ بِهَذَا الْقَدْرِ وَالْبَائِعُ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا خَمْسَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ قَالَ: وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَا سَبَقَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِدِينَارٍ وَرُبُعٍ. اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ الْمَذْرُوعَ) كَثَوْبٍ وَأَرْضِ دُرٌّ مُنْتَقًى. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ مِائَةُ ذِرَاعٍ)
إلَّا إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ أَوْ شَاهَدَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ نَهْرٌ. (وَ) أَخَذَ (الْأَكْثَرَ بِلَا خِيَارٍ لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ لِتَعَيُّبِهِ بِالتَّبْعِيضِ ضِدُّ الْقَدْرِ وَالْوَصْفُ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالتَّنَاوُلِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ
: (وَإِنْ قَالَ) فِي بَيْعِ الْمَذْرُوعِ (كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَخَذَ الْأَقَلَّ بِحِصَّتِهِ) لِصَيْرُورَتِهِ أَصْلًا بِإِفْرَادِهِ بِذِكْرِ الثَّمَنِ (أَوْ تَرَكَ) لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.
(وَكَذَا) أَخَذَ (الْأَكْثَرَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ فَسَخَ) لِدَفْعِ ضَرَرِ الْتِزَامٍ لِلزَّائِدِ
(وَقَدْ بِيعَ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ
ــ
[رد المحتار]
بَيَانٌ لِلْمِثْلِيَّةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِتَتِمَّ الْمُمَاثَلَةُ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ أَوْ شَاهَدَهُ إلَخْ) قَدَّمْنَا قَرِيبًا أَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الْمِثْلِيِّ كَالصُّبْرَةِ إذَا ظَهَرَ الْمَبِيعُ نَاقِصًا وَأَنَّهُ فِي النَّهْرِ بَحَثَ فِي الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ قَبْضٍ أَوْ بَعْدَهُ، وَفِي الثَّانِي بِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ فِي نَقْصِ الْقِيَمِيِّ دُونَ الْمِثْلِيِّ فَلِذَا ذَكَرَ الشَّارِحُ ذَلِكَ فِي الْمَذْرُوعِ؛ لِأَنَّهُ قِيَمِيٌّ، وَتَرَكَ ذِكْرَهُ فِي الْمِثْلِيِّ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ فِي الْأَوَّلِ، وَهُوَ اعْتِبَارُ الْقَبْضِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ يَنْبَغِي التَّفْصِيلُ، وَأَنَّ سُقُوطَ الْخِيَارِ بِالْمُشَاهَدَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُدْرَكُ نُقْصَانُهُ بِالْمُشَاهَدَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْأَكْثَرَ) أَيْ قَضَاءً وَهَلْ تَحِلُّ لَهُ الزِّيَادَةُ دِيَانَةً فِيهِ خِلَافٌ نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمِعْرَاجِ. قُلْتُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُتُونِ اخْتِيَارُ الْحِلِّ وَفِي الْبَحْرِ، عَنْ الْعُمْدَةِ لَوْ اشْتَرَى حَطَبًا عَلَى أَنَّهُ عِشْرُونَ وِقْرًا فَوَجَدَهُ ثَلَاثِينَ طَابَتْ لَهُ الزِّيَادَةُ كَمَا فِي الذُّرْعَانِ قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ مُشْكِلٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ قَبِيلِ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الْحَطَبَ لَا يَتَعَيَّبُ بِالتَّبْعِيضِ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ خُصُوصًا إنْ كَانَ مِنْ الطَّرْفَاءِ الَّتِي تُعُورِفَ وَزْنُهَا بِالْقَاهِرَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْقَدْرِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ، وَبَيْنَ الذَّرْعِ فِي الْقِيَمِيَّاتِ حَيْثُ جَعَلَ الْقَدْرَ أَصْلًا وَالذَّرْعَ وَصْفًا وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ أَحْكَامًا مِنْهَا مَا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ مَسْأَلَةِ بَيْعِ الصُّبْرَةِ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ بِمِائَةٍ، وَبَيْعُ الْمَذْرُوعِ كَذَلِكَ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي وَجْهِ الْفَرْقِ، عَلَى أَقْوَالٍ: مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا وَكَذَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى حَيْثُ قَالَ: قُلْتُ: وَإِنَّمَا كَانَ الذَّرْعُ وَصْفًا دُونَ الْمِقْدَارِ؛ لِأَنَّ التَّشْقِيصَ يَضُرُّ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي، وَقَالُوا مَا تَعَيَّبَ بِالتَّشْقِيصِ وَالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَصْفٌ وَمَا لَيْسَ كَذَلِكَ أَصْلٌ، وَكُلُّ مَا هُوَ وَصْفٌ فِي الْمَبِيعِ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالتَّنَاوُلِ) أَيْ تَنَاوُلِ الْمَبِيعِ لَهُ كَأَنَّهُ جَعَلَ كُلَّ ذِرَاعٍ مَبِيعًا ط.
(قَوْلُهُ: لِصَيْرُورَتِهِ) أَيْ الذَّرْعِ أَصْلًا أَيْ مَقْصُودًا كَالْقَدْرِ فِي الْمِثْلِيَّاتِ. (قَوْلُهُ: بِإِفْرَادِهِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ) بِنَصْبِ " كُلَّ " حَالٌ مِنْ الْأَكْثَرِ لِتَأَوُّلِهِ بِالْمُشْتَقِّ أَيْ مَذْرُوعًا كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَسَخَ) حَاصِلُهُ: أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فِي الْوَجْهَيْنِ أَمَّا فِي النُّقْصَانِ فَلِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ، وَأَمَّا فِي الزِّيَادَةِ فَلِدَفْعِ ضَرَرِ الْتِزَامِ الزَّائِدِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ: الْخِيَارُ فِيمَا تَتَفَاوَتُ جَوَانِبُهُ كَالْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ، وَأَمَّا فِيمَا لَا تَتَفَاوَتُ كَالْكِرْبَاسِ فَلَا يَأْخُذُ الزَّائِدَ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَكِيلِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى ط. وَقَدَّمْنَا وَجْهَ كَوْنِهِ فِي مَعْنَى الْمَكِيلِ، وَأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ وَيَأْتِي أَيْضًا وَكَذَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ أَوْ النُّقْصَانُ بِنِصْفِ ذِرَاعٍ، فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، وَفِيهِ خِلَافٌ. [تَنْبِيهٌ] قَالَ: فِي الدُّرَرِ إنَّمَا قَالَ: فِي الْأُولَى: أَوْ تَرَكَ وَقَالَ: هَهُنَا: أَوْ فَسَخَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَ نَاقِصًا فِي الْأُولَى، لَمْ يُوجَدْ الْمَبِيعُ فَلَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ حَقِيقَةً وَكَانَ أَخْذُ الْأَقَلِّ كَالْبَيْعِ بِالتَّعَاطِي، وَفِي الثَّانِيَةِ وُجِدَ الْمَبِيعُ مَعَ زِيَادَةٍ هِيَ تَابِعَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَتَدَبَّرْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ) قَيَّدَ بِهِ - وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا عِنْدَهُ - بَيْنَ جُمْلَةِ ذُرْعَانِهَا، أَوْ لَا لِدَفْعِ قَوْلِ الْخَصَّافِ: إنَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ عِنْدَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ جُمْلَتَهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَلِيَصِحَّ قَوْلُهُ: لَا أَسْهُمَ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يُبَيِّنْ جُمْلَةَ السِّهَامِ كَانَ فَاسِدًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْفَسَادُ، فِيمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ جُمْلَةَ الذُّرْعَانِ مَفْهُومًا أَوْلَوِيًّا أَفَادَهُ
مِنْ دَارٍ) أَوْ حَمَّامٍ وَصَحَّحَاهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ جُمْلَتَهَا عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ إزَالَتَهَا بِيَدِهِمَا (لَا) يُفْسِدُ بَيْعَ عَشَرَةِ (أَسْهُمٍ) مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ اتِّفَاقًا لِشُيُوعِ السَّهْمِ لَا الذِّرَاعِ، بَقِيَ لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى تَعْيِينِ الْأَذْرُعِ فِي مَكَان لَمْ أَرَهُ، وَيَنْبَغِي انْقِلَابُهُ صَحِيحًا لَوْ فِي الْمَجْلِسِ وَلَوْ بَعْدَهُ فَبِيعَ بِالتَّعَاطِي نَهْرٌ
(اشْتَرَى عَدَدًا مِنْ قِيَمِيٍّ) ثِيَابًا أَوْ غَنَمًا جَوْهَرَةٌ (عَلَى أَنَّهُ كَذَا فَنَقَصَ أَوْ زَادَ فَسَدَ) لِلْجَهَالَةِ
وَلَوْ اشْتَرَى أَرْضًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا نَخْلًا مُثْمِرًا فَإِذَا وَاحِدَةٌ فِيهَا لَا تُثْمِرُ فَسَدَ بَحْرٌ.
(كَمَا لَوْ بَاعَ عِدْلًا) مِنْ الثِّيَابِ (أَوْ غَنَمًا وَاسْتَثْنَى وَاحِدًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ) فَسَدَ (وَلَوْ بِعَيْنِهِ جَازَ) الْبَيْعُ خَانِيَّةٌ
(وَلَوْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلٍّ مِنْ الْقِيَمِيِّ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ ثَوْبٍ مِنْهُ بِكَذَا
ــ
[رد المحتار]
فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: مِنْ دَارٍ أَوْ حَمَّامٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَمَا لَا يَحْتَمِلُهَا ح. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَاهُ إلَخْ) ذَكَرَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ نَقْلًا عَنْ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ، وَالْإِمَامِ الْعَتَّابِيِّ أَنَّ قَوْلَهُمَا، بِجَوَازِ الْبَيْعِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مِائَةَ ذِرَاعٍ، وَيُفْهَمُ هَذَا مِنْ تَعْلِيلِهَا أَيْضًا حَيْثُ قَالَا: لِأَنَّ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ عُشْرُ الدَّارِ فَأَشْبَهَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ، وَلَهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّارِ لَا عَلَى شَائِعٍ؛ لِأَنَّ الذِّرَاعَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِخَشَبَةٍ يُذْرَعُ بِهَا، وَاسْتُعِيرَ هَهُنَا لِمَا يُحِلُّهُ وَهُوَ مُعَيَّنٌ لَا مُشَاعٌ؛ لِأَنَّ الْمُشَاعَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُذْرَعَ، فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ مَا يُحِلُّهُ، وَهُوَ مُعَيَّنٌ لَكِنَّهُ مَجْهُولُ الْمَوْضِعِ بَطَلَ الْعَقْدُ دُرَرٌ. قُلْتُ: وَوَجْهُ كَوْنِ الْمَوْضِعِ مَجْهُولًا أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ مِنْ مُقَدَّمِ الدَّارِ، أَوْ مِنْ مُؤَخَّرِهَا، وَجَوَانِبُهَا تَتَفَاوَتُ قِيمَةً فَكَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَجْهُولًا جَهَالَةً مُفْضِيَةً إلَى النِّزَاعِ، فَيَفْسُدُ كَبَيْعِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ كَذَا فِي الْكَافِي عَزْمِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى الصَّحِيحِ إلَخْ) حَاصِلُهُ: أَنَّهُ إذَا سَمَّى جُمْلَةَ الذُّرْعَانِ صَحَّ، وَإِلَّا فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا لِلْجَهَالَةِ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهَا جَهَالَةٌ بِيَدِهِمَا أَيْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إزَالَتُهَا بِأَنْ تُقَاسَ كُلُّهَا فَيُعْلَمَ نِسْبَةُ الْعَشَرَةِ مِنْهَا فَيُعْلَمَ الْمَبِيعُ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: لِشُيُوعِ السَّهْمِ) ؛ لِأَنَّ السَّهْمَ اسْمٌ لِلْجُزْءِ الشَّائِعِ، فَكَانَ الْمَبِيعُ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ شَائِعَةٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَيْ فَهُوَ كَبَيْعِ عَشَرَةِ قَرَارِيطَ مَثَلًا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، فَإِنَّهُ شَائِعٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّارِ بِخِلَافِ الذِّرَاعِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ فَبَيْعٌ بِالتَّعَاطِي) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي صِحَّتِهِ مُتَارَكَةُ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: اشْتَرَى عَدَدًا) أَيْ مَعْدُودًا وَقَوْلُهُ: مِنْ قِيَمِيٍّ بَيَانٌ لَهُ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمِثْلِيِّ كَالصُّبْرَةِ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا وَبِالْعَدَدِيِّ عَنْ الْمَذْرُوعِ وَمَرَّ حُكْمُهُ أَيْضًا فَمَا قِيلَ: إنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ اشْتَرَى قِيَمِيًّا عَلَى أَنَّهُ كَذَا؛ لِأَنَّ كَذَا عِبَارَةٌ عَنْ الْعَدَدِ مَدْفُوعٌ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ كَذَا) بِأَنْ قَالَ: بِعْتُكَ مَا فِي هَذَا الْعِدْلِ، عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَثْوَابٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَهْرٌ، وَفُسِّرَ الشِّرَاءُ فِي كَلَامِ الْكَنْزِ بِالْبَيْعِ فَلِذَا صَوَّرَهُ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ. (قَوْلُهُ: لِلْجَهَالَةِ) أَيْ جَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا تُقْسَمُ أَجْزَاؤُهُ، عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ الْقِيَمِيِّ، فَلَمْ يُعْلَمُ لِلثَّوْبِ النَّاقِصِ حِصَّةٌ مَعْلُومَةٌ مِنْ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، لِيَنْقُصَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْهُ فَكَانَ النَّاقِصُ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرًا مَجْهُولًا، فَيَصِيرُ الثَّمَنُ مَجْهُولًا وَجَهَالَةُ الْمَبِيعِ فِي فَصْلِ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى رَدِّ الزَّائِدِ فَيَتَنَازَعَانِ فِي الْمَرْدُودِ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ: مُثْمِرًا) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ أَرْضًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا نَخْلَةً، فَوَجَدَهَا الْمُشْتَرِي نَاقِصَةً جَازَ الْبَيْعُ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ تَبَعًا، وَلَا يَكُونُ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ دَارًا عَلَى أَنَّ فِيهَا كَذَا كَذَا بَيْتًا فَوَجَدَهَا نَاقِصَةً جَازَ الْبَيْعُ، وَيُخَيَّرُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَسَدَ) ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِذَا كَانَتْ الْوَاحِدَةُ غَيْرَ مُثْمِرَةٍ لَمْ يَدْخُلْ الْمَعْدُومُ فِي الْبَيْعِ فَصَارَتْ حِصَّةُ الْبَاقِي مَجْهُولَةً فَيَكُونُ هَذَا ابْتِدَاءَ عَقْدٍ فِي الْبَاقِي بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ، فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَاعَ) تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ، وَقَوْلُهُ: عِدْلًا بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْمُغْرِبِ: عِدْلُ الشَّيْءِ مِثْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ وَفِي الْمِقْدَارِ أَيْضًا وَمِنْهُ عِدْلَا الْحِمْلِ. اهـ. فَعِدْلُ الْحِمْلِ مَا يُسَاوِي الْعِدْلَ الْآخَرَ فِي مِقْدَارِهِ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْوِعَاءِ وَمَا فِيهِ مِنْ الثِّيَابِ وَنَحْوِهَا وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الثِّيَابُ. (قَوْلُهُ: فَسَدَ) ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّنَازُعِ فِي الْمُسْتَثْنَى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَيَّنَ إلَخْ)
وَنَقَصَ) ثَوْبٌ (صَحَّ) الْبَيْعُ (بِقَدْرِهِ) لِعَدَمِ الْجَهَالَةِ (وَخُيِّرَ) لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ. (وَإِنْ زَادَ) ثَوْبٌ (فَسَدَ) لِجَهَالَةِ الْمَزِيدِ وَلَوْ رَدَّ الزَّائِدُ أَوْ عَزَلَهُ هَلْ يَحِلُّ لَهُ الْبَاقِي خِلَافٌ.
(اشْتَرَى ثَوْبًا) تَتَفَاوَتُ جَوَانِبُهُ فَلَوْ لَمْ تَتَفَاوَتْ كَكِرْبَاسٍ لَمْ تَحِلَّ لَهُ الزِّيَادَةُ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ الْقَطْعُ وَجَازَ بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْهُ نَهْرٌ (عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَخَذَهُ بِعَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ وَ) زِيَادَةِ (نِصْفٍ بِلَا خِيَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ (وَ) أَخْذُهُ (بِتِسْعَةٍ فِي تِسْعَةٍ وَنِصْفٍ بِخِيَارٍ) لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُهُ فِي الْأَوَّلِ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ بِالْخِيَارِ وَفِي الثَّانِي بِتِسْعَةٍ وَنِصْفٍ بِهِ
ــ
[رد المحتار]
رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ اشْتَرَى عَدَدًا مِنْ قِيَمِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَنَقَصَ ثَوْبٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: ثَوْبًا كَمَا قَالَ: فِي طَرَفِ الزِّيَادَةِ، فَيَكُونُ فِي " نَقَصَ " ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْقِيَمِيِّ، وَثَوْبًا تَمْيِيزٌ وَعَلَى جَعْلِهِ فَاعِلُ نَقَصَ يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ ضَمِيرٍ مَجْرُورٍ بِمِنْ يَعُودُ عَلَى الْقِيَمِيِّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: بِقَدْرِهِ) أَيْ بِمَا سِوَى قَدْرِ النَّاقِصِ فَتْحٌ وَنَهْرٌ. وَالْأَوْلَى بِقَدْرِ مَا سِوَى النَّاقِصِ أَوْ بِقَدْرِ الْمَوْجُودِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ بِقَدْرِ الْقِيَمِيِّ الْمَذْكُورِ الَّذِي نَقَصَ ثَوْبًا، وَهَذَا أَقْرَبُ بِنَاءً عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى نَصْبُ " ثَوْبًا " فَيَتَّحِدُ مَرْجِعُ الضَّمِيرِ فِي نَقَصَ وَفِي بِقَدْرِهِ. (قَوْلُهُ: لِجَهَالَةِ الْمَزِيدِ) فَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي تَعْيِينِ الْعَشَرَةِ الْمَبِيعَةِ مِنْ الْأَحَدَ عَشَرَ كَمَا فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّ الزَّائِدَ) أَيْ إلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ حَاضِرًا، وَقَوْلُهُ: أَوْ عَزَلَهُ أَيْ أَفْرَزَهُ وَأَبْقَاهُ عِنْدَهُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا. (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) مَذْكُورٌ فِي الشَّرْحِ وَالنَّهْرِ، لَمْ يَذْكُرْ فِي النَّهْرِ خِلَافًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ وَعِبَارَتُهُ: قُلْتُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ اشْتَرَى عِدْلًا عَلَى أَنَّهُ كَذَا فَوَجَدَهُ أَزْيَدَ وَالْبَائِعُ غَائِبٌ يَعْزِلُ الزَّائِدَ، وَيَسْتَعْمِلُ الْبَاقِيَ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ. اهـ. وَكَأَنَّهُ اسْتِحْسَانٌ، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِجَهَالَةِ يَعْزِلَ ثَوْبًا مِنْ ذَلِكَ، وَيَسْتَعْمِلَ الْبَقِيَّةَ، وَفِيهَا قَبْلَهُ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَجَدَهُ أَزْيَدَ يَدْفَعُ الزِّيَادَةَ إلَى الْبَائِعِ، وَالْبَاقِي حَلَالٌ لَهُ فِي الْمِثْلِيَّاتِ، وَفِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ لَا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْبَاقِيَ إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مِمَّا لَا تُجْرَى فِيهَا الضِّنَّةُ فَحِينَئِذٍ يُعْذَرُ. اهـ. وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحِلِّ عِنْدَ غَيْبَةِ الْبَائِعِ بِالْأَوْلَى فَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْبَحْرِ، وَيُمْكِنُ دَفْعُ الْمُعَارَضَةِ بِحَمْلِ الثَّانِي عَلَى الْقِيَاسِ، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ أَنَّهُ اسْتِحْسَانٌ وَيَظْهَرُ مِنْهُ تَرْجِيحُ مَا مَرَّ، لَكِنْ ذَكَرُوا الِاسْتِحْسَانَ فِي صُورَةِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ قَالَ: فِي الْخَانِيَّةِ: فَإِنْ غَابَ الْبَائِعُ قَالُوا يَعْزِلُ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ ثَوْبًا، وَيَسْتَعْمِلُ الْبَاقِيَ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ أَخَذَ بِهِ مُحَمَّدٌ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي. اهـ. أَيْ لِأَنَّهُ عِنْدَ غَيْبَةِ الْبَائِعِ يَلْزَمُ الضَّرَرُ عَلَى الْمُشْتَرِي، بِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ إلَى حُضُورِ الْبَائِعِ، وَرُبَّمَا لَا يَحْضُرُ أَوْ تَطُولُ غَيْبَتُهُ فَلِذَا اسْتَحْسَنَ مُحَمَّدٌ عَزْلَ ثَوْبٍ، وَاسْتِعْمَالَ الْبَاقِي نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي، وَهَذَا لَا يَجْرِي فِي صُورَةِ حَضْرَةِ الْبَائِعِ لِإِمْكَانِ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ، مَعَهُ فَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ عَلَى الْقِيَاسِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ، وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ إجْرَاءِ الْخِلَافِ فِي الصُّورَتَيْنِ غَيْرُ مُحَرَّرٍ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْهُ نَهْرٌ) عِبَارَةُ النَّهْرِ قَيَّدْنَا بِتَفَاوُتِ جَوَانِبِهِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ لَمْ تَتَفَاوَتْ كَالْكِرْبَاسِ لَا تَسْلَمُ لَهُ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَوْزُونِ، حَيْثُ لَا يَضُرُّهُ النُّقْصَانُ، وَعَلَى هَذَا قَالُوا يَجُوزُ بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْهُ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي عَشَرَةٍ وَزِيَادَةِ نِصْفٍ) أَيْ فِيمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ عَشَرَةٌ وَنِصْفٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَنْفَعُ) كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعِيبًا فَوَجَدَهُ سَالِمًا نَهْرٌ أَيْ حَيْثُ لَا خِيَارَ لَهُ. (قَوْلُهُ: فِي تِسْعَةٍ وَنِصْفٍ) أَيْ فِي نُقْصَانِهِ نِصْفًا عَنْ الْعَشَرَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ: مُحَمَّدٌ إلَخْ) يُوجَدُ قَبْلَ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ: يَأْخُذُهُ فِي الْأُولَى بِأَحَدَ عَشَرَ بِالْخِيَارِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِعَشَرَةٍ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي بِتِسْعَةٍ وَنِصْفٍ بِهِ) لِأَنَّ مِنْ ضَرُورَةِ مُقَابَلَةِ الذِّرَاعِ