الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كَمَا لَوْ جَعَلَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَأَذِنَ لِلصَّلَاةِ فِيهِ) حَيْثُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا إلَّا إذَا شُرِطَ الطَّرِيقُ زَيْلَعِيٌّ. .
[فَرْعٌ] لَوْ بَنَى فَوْقَهُ بَيْتًا لِلْإِمَامِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ، أَمَّا لَوْ تَمَّتْ الْمَسْجِدِيَّةُ ثُمَّ أَرَادَ الْبِنَاءَ مُنِعَ وَلَوْ قَالَ عَنَيْت ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ تَتَارْخَانِيَّةٌ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْوَاقِفِ فَكَيْفَ بِغَيْرِهِ فَيَجِبُ هَدْمُهُ وَلَوْ عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ، وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ مِنْهُ وَلَا أَنْ يَجْعَلَ شَيْئًا مِنْهُ مُسْتَغَلًّا وَلَا سُكْنَى بَزَّازِيَّةٌ.
(وَلَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ وَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ يَبْقَى مَسْجِدًا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالثَّانِي) أَبَدًا إلَى قِيَامِ السَّاعَةِ (وَبِهِ يُفْتِي) حَاوِي الْقُدْسِيِّ (وَعَادَ إلَى الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ الْبَانِي أَوْ وَرَثَتِهِ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ)
ــ
[رد المحتار]
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ كَوْنِهِ مَسْجِدًا أَنْ يَكُونَ سِفْلُهُ وَعُلُوُّهُ مَسْجِدًا لِيَنْقَطِعَ حَقُّ الْعَبْدِ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ} [الجن: 18]- بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ السِّرْدَابُ وَالْعُلُوُّ مَوْقُوفًا لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، فَهُوَ كَسِرْدَابِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُنَاكَ رِوَايَاتٌ ضَعِيفَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي الْهِدَايَةِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ جُعِلَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ مَعَ أَنَّ فِيهِ خِلَافَهُمَا أَيْضًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُنْيَةِ وَنَحْوِهِ فِي الْهِدَايَةِ، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرُ قَوْلِهِ خِلَافًا لَهُمَا بَعْدَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِيَكُونَ رَاجِعًا لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ لِلصَّلَاةِ) اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ لَا صِلَةَ أَذِنَ، وَالْأَوْضَحُ وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَالْمُرَادُ الْإِذْنُ مَعَ الصَّلَاةِ إذَا لَوْ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ أَحَدٌ لَا يَصِحُّ فِي الْمَسْجِدِ الْفَرْزُ فَهُنَا أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى.
[فَرْعٌ بِنَاء بيتا لِلْإِمَامِ فَوْق الْمَسْجِد]
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ تَمَّتْ الْمَسْجِدِيَّةُ) أَيْ بِالْقَوْلِ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ أَوْ بِالصَّلَاةِ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِمَا ط وَعِبَارَةُ التَّتَارْخَانِيَّة، وَإِنْ كَانَ حِينَ بَنَاهُ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ يَبْنِي لَا بِتَرْكٍ اهـ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي النَّهْرِ، وَأَمَّا لَوْ تَمَّتْ الْمَسْجِدِيَّةُ، ثُمَّ أَرَادَ هَدْمَ ذَلِكَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِبَارَةِ التَّتَارْخَانِيَّة ذِكْرُ الْهَدْمِ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْوَاقِفِ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الْبَحْرِ وَالْإِشَارَةِ إلَى الْمَنْعِ مِنْ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ) مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ هَوَاءِ الْمَسْجِدِ شَيْئًا. اهـ. ط وَنَقَلَ فِي الْبَحْرِ قَبْلَهُ وَلَا يُوضَعُ الْجِذْعُ عَلَى جِدَارِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْقَافِهِ. اهـ.
قُلْت: وَبِهِ حُكْمُ مَا يَصْنَعُهُ بَعْضُ جِيرَانِ الْمَسْجِدِ مِنْ وَضْعِ جُذُوعٍ عَلَى جِدَارِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ وَلَوْ دَفَعَ الْأُجْرَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا أَنْ يَجْعَلَ إلَخْ) هَذَا ابْتِدَاءً عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُسْتَغِلِّ أَنْ يُؤَجَّرَ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَجْلِ عِمَارَتِهِ وَبِالسُّكْنَى مَحَلُّهَا وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ، وَلَا مَسْكَنًا وَقَدْ رُدَّ فِي الْفَتْحِ مَا بَحَثَهُ فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ احْتَاجَ الْمَسْجِدُ إلَى نَفَقَةٍ تُؤَجَّرُ قِطْعَةٌ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ، بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ. قُلْت: وَبِهَذَا عُلِمَ أَيْضًا حُرْمَةُ إحْدَاثِ الْخَلَوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ كَاَلَّتِي فِي رِوَاقِ الْمَسْجِدِ الْأُمَوِيِّ، وَلَا سِيَّمَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنْ تَقْذِيرِ الْمَسْجِدِ بِسَبَبِ الطَّبْخِ وَالْغَسْلِ وَنَحْوِهِ وَرَأَيْت تَأْلِيفًا مُسْتَقِلًّا فِي الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ. .
مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ خَرِبَ الْمَسْجِدُ أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَهُ) أَيْ وَلَوْ مَعَ بَقَائِهِ عَامِرًا وَكَذَا لَوْ خَرِبَ وَلَيْسَ لَهُ مَا يُعْمَرُ بِهِ وَقَدْ اسْتَغْنَى النَّاسُ عَنْهُ لِبِنَاءِ مَسْجِدٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْإِمَامِ وَالثَّانِي) فَلَا يَعُودُ مِيرَاثًا وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ وَنَقْلُ مَالِهِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ، سَوَاءٌ كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهِ أَوْ لَا وَهُوَ الْفَتْوَى حَاوِي الْقُدْسِيِّ، وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَيْهِ مُجْتَبَى وَهُوَ الْأَوْجَهُ فَتْحٌ. اهـ. بَحْرٌ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَهُ كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ: وَعَادَ إلَى الْمِلْكِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ)
وَعَنْ الثَّانِي يُنْقَلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ بِإِذْنِ الْقَاضِي (وَمِثْلُهُ) فِي الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ (حَشِيشُ الْمَسْجِدِ وَحُصْرُهُ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُمَا وَ) كَذَا (الرِّبَاطُ وَالْبِئْرُ إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِمَا فَيُصْرَفُ وَقْفُ الْمَسْجِدِ وَالرِّبَاطِ وَالْبِئْرِ) وَالْحَوْضِ (إلَى أَقْرَبِ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ بِئْرٍ) أَوْ حَوْضٍ (إلَيْهِ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا دُرَرٌ وَفِيهَا: وَقْفُ ضَيْعَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَسَلَّمَهَا لِلْمُتَوَلِّي ثُمَّ قَالَ لِوَصِيِّهِ: أَعْطِ مِنْ غَلَّتِهَا فُلَانًا كَذَا وَفُلَانًا كَذَا لَمْ يَصِحَّ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّسْجِيلِ
ــ
[رد المحتار]
ذَكَرَ فِي الْفَتْحِ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا انْهَدَمَ الْوَقْفُ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْغَلَّةُ مَا يُعْمَرُ بِهِ، فَيَرْجِعُ إلَى الْبَانِي أَوْ وَرَثَتِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لَكِنْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إنَّمَا مِلْكُهُ مَا خَرَجَ عَنْ الِانْتِفَاعِ الْمَقْصُودِ لِلْوَاقِفِ بِالْكُلِّيَّةِ، كَحَانُوتٍ احْتَرَقَ، وَلَا يُسْتَأْجَرُ بِشَيْءٍ وَرِبَاطٍ وَحَوْضِ مَحَلَّةٍ خَرِبٍ، وَلَيْسَ لَهُ مَا يُعَمَّرُ بِهِ وَأَمَّا مَا كَانَ مُعَدًّا لِلْغَلَّةِ فَلَا يَعُودُ إلَى الْمِلْكِ إلَّا نَقْضُهُ وَتَبْقَى سَاحَتُهُ وَقْفًا تُؤَجَّرُ وَلَوْ بِشَيْءٍ قَلِيلٍ بِخِلَافِ الرِّبَاطِ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ مَوْقُوفٌ لِلسُّكْنَى وَامْتَنَعَتْ بِانْهِدَامِهِ.
أَمَّا دَارُ الْغَلَّةِ فَإِنَّهَا قَدْ تَخْرَبُ وَتَصِيرُ كَوْمًا وَهِيَ بِحَيْثُ لَوْ نُقِلَ نَقْضُهَا يَسْتَأْجِرُ أَرْضَهَا مَنْ يَبْنِي أَوْ يَغْرِسُ وَلَوْ بِقَلِيلٍ فَيُغْفَلُ عَنْ ذَلِكَ وَتُبَاعُ لِوَاقِفِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْهَا إلَّا النَّقْضُ وَاسْتَنَدَ فِي ذَلِكَ لِلْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الثَّانِي إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْإِسْعَافِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ خَرِبَ الْمَسْجِدُ، وَمَا حَوْلَهُ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَيُبَاعُ نَقْضُهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ إلَى بَعْضِ الْمَسَاجِدِ اهـ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ حَشِيشُ الْمَسْجِدِ إلَخْ) أَيْ الْحَشِيشُ الَّذِي يُفْرَشُ بَدَلَ الْحُصُرِ، كَمَا يُفْعَلُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ كَبِلَادِ الصَّعِيدِ كَمَا أَخْبَرَنِي بِهِ بَعْضُهُمْ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَعَلَى هَذَا حَصِيرُ الْمَسْجِدِ وَحَشِيشُهُ إذَا اسْتَغْنَى عَنْهُمَا يَرْجِعُ إلَى مَالِكِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُنْقَلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الرِّبَاطُ وَالْبِئْرُ إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهَا اهـ وَصَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي آلَاتِ الْمَسْجِدِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي تَأْبِيدِ الْمَسْجِدِ اهـ وَالْمُرَادُ بِآلَاتِ الْمَسْجِدِ نَحْوُ الْقِنْدِيلِ وَالْحَصِيرِ، بِخِلَافِ أَنْقَاضِهِ لِمَا قَدَّمْنَا عَنْهُ قَرِيبًا مِنْ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَعُودُ مِيرَاثًا وَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ وَنَقْلُ مَالِهِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الرِّبَاطُ) هُوَ الَّذِي يُبْنَى لِلْفُقَرَاءِ بَحْرٌ عَنْ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ: إلَى أَقْرَبِ مَسْجِدٍ أَوْ رِبَاطٍ إلَخْ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صَرْفُ وَقْفِ مَسْجِدٍ خَرِبٍ إلَى حَوْضٍ وَعَكْسُهُ وَفِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى يُصْرَفُ وَقْفُهَا لِأَقْرَبِ مُجَانِسٍ لَهَا. اهـ. ط.
(قَوْلُهُ: تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهَا) أَيْ قَوْلُهُ فَيُصْرَفُ إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى الْإِمَامِ وَأَبِي يُوسُفَ: أَنَّ الْمَسْجِدَ إذَا خَرِبَ يَبْقَى مَسْجِدًا أَبَدًا لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَقْلُهُ وَنَقْلُ مَالِهِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ كَمَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي: نَعَمْ هَذَا التَّفْرِيعُ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ جَزَمَ بِهَا فِي الْإِسْعَافِ وَفِي الْخَانِيَّةِ رِبَاطٌ بَعِيدٌ اسْتَغْنَى عَنْهُ الْمَارَّةُ وَبِجَنْبِهِ رِبَاطٌ آخَرُ قَالَ السَّيِّدُ الْإِمَامُ أَبُو الشُّجَاعِ: تُصْرَفُ غَلَّتُهُ إلَى الرِّبَاطِ الثَّانِي كَالْمَسْجِدِ إذَا خَرِبَ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي فَبَاعَ الْخَشَبَ وَصَرَفَ الثَّمَنَ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ جَازَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَصِيرُ مِيرَاثًا وَكَذَا حَوْضُ الْعَامَّةِ إذَا خَرِبَ اهـ وَنُقِلَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ مَسْجِدٍ أَوْ حَوْضٍ خَرِبَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِتَفَرُّقِ النَّاسِ عَنْهُ هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يَصْرِفَ أَوْقَافَهُ إلَى مَسْجِدٍ أَوْ حَوْضٍ آخَرَ: فَقَالَ: نَعَمْ وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ وُلِلشُّرُنْبُلَالِيِّ رِسَالَةٌ فِي الْمَسْأَلَةِ اعْتَرَضَ فِيهَا مَا فِي الْمَتْنِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ بِمَا مَرَّ عَنْ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ وَبِذَلِكَ تُعْلَمُ فَتْوَى بَعْضِ مَشَايِخِ عَصْرِنَا بَلْ وَمَنْ قَبْلَهُمْ كَالشَّيْخِ الْإِمَامِ أَمِينِ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ الْعَالِ وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ الشَّلَبِيِّ وَالشَّيْخِ زَيْنِ بْنِ نُجَيْمٍ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْوَفَائِيِّ فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِنَقْلِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِنَقْلِهِ وَنَقْلِ مَالِهِ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ، وَقَدْ مَشَى الشَّيْخُ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ سِرَاجِ الدِّينِ الْحَانُوتِيُّ عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ عَدَمِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَلَمْ يُوَافِقْ الْمَذْكُورِينَ. اهـ.
ثُمَّ ذَكَرَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ أَنَّ هَذَا فِي
فَلَوْ قَبِلَهُ صَحَّ. قُلْت: لَكِنْ سَيَجِيءُ مَعْزِيًّا لِفَتَاوَى مُؤَيَّدٍ زَادَهْ أَنَّ لِلْوَاقِفِ الرُّجُوعَ فِي الشُّرُوطِ، وَلَوْ مُسَجَّلًا
(اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ وَقَلَّ مَرْسُومُ بَعْضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) بِسَبَبِ خَرَابِ وَقْفِ أَحَدِهِمَا (جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ الْوَقْفِ الْآخَرِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَ أَحَدُهُمَا) بِأَنْ بَنَى رَجُلَانِ مَسْجِدَيْنِ أَوْ رَجُلٌ مَسْجِدًا وَمَدْرَسَةً وَوَقَفَ عَلَيْهِمَا أَوْقَافًا (لَا) يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ
ــ
[رد المحتار]
الْمَسْجِدِ بِخِلَافِ حَوْضٍ وَبِئْرٍ وَرِبَاطٍ وَدَابَّةٍ وَسَيْفٍ بِثَغْرٍ وَقِنْدِيلٍ وَبِسَاطٍ وَحَصِيرِ مَسْجِدٍ، فَقَدْ ذُكِرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا جَوَازُ نَقْلِهَا اهـ.
مَطْلَبٌ فِي نَقْلِ أَنْقَاضِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ قُلْت: لَكِنَّ الْفَرْقَ غَيْرُ ظَاهِرٍ فَلْيُتَأَمَّلْ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي مُتَابَعَةُ الْمَشَايِخِ الْمَذْكُورِينَ فِي جَوَازِ النَّقْلِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ مَسْجِدٍ أَوْ حَوْضٍ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْإِمَامُ أَبُو شُجَاعٍ وَالْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ وَكَفَى بِهِمَا قُدْوَةً، وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا فَإِنَّ الْمَسْجِدَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ رِبَاطٍ أَوْ حَوْضٍ إذَا لَمْ يُنْقَلْ يَأْخُذُ أَنْقَاضَهُ اللُّصُوصُ وَالْمُتَغَلَّبُونَ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ وَكَذَلِكَ أَوْقَافُهُ يَأْكُلُهَا النُّظَّارُ أَوْ غَيْرُهُمْ، وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ خَرَابُ الْمَسْجِدِ الْآخَرِ الْمُحْتَاجِ إلَى النَّقْلِ إلَيْهِ، وَقَدْ وَقَعَتْ حَادِثَةٌ سُئِلْت عَنْهَا فِي أَمِيرٍ أَرَادَ أَنْ يَنْقُلَ بَعْضَ أَحْجَارِ مَسْجِدٍ خَرَابٍ فِي سَفْحِ قَاسِيُونَ بِدِمَشْقَ لِيُبَلِّطَ بِهَا صَحْنَ الْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ فَأَفْتَيْت بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُتَابَعَةً لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ، ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْمُتَغَلِّبِينَ أَخَذَ تِلْكَ الْأَحْجَارَ لِنَفْسِهِ، فَنَدِمْت عَلَى مَا أَفْتَيْت بِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الْآنَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ: سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ رَحَلُوا وَتَدَاعَى مَسْجِدُهَا إلَى الْخَرَابِ، وَبَعْضُ الْمُتَغَلِّبَةِ يَسْتَوْلُونَ عَلَى خَشَبِهِ، وَيَنْقُلُونَهُ إلَى دُورِهِمْ هَلْ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ أَنْ يَبِيعَ الْخَشَبَ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَيُمْسِكَ الثَّمَنَ لِيَصْرِفَهُ إلَى بَعْضِ الْمَسَاجِدِ أَوْ إلَى هَذَا الْمَسْجِدِ؟
قَالَ: نَعَمْ وَحَكَى أَنَّهُ وَقَعَ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ الْأَجَلِّ فِي رِبَاطٍ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ خَرِبَ، وَلَا يَنْتَفِعُ الْمَارَّةُ بِهِ وَلَهُ أَوْقَافٌ عَامِرَةٌ فَسُئِلَ هَلْ يَجُوزُ نَقْلُهَا إلَى رِبَاطٍ آخَرَ يَنْتَفِعُ النَّاسُ بِهِ قَالَ: نَعَمْ لِأَنَّ الْوَاقِفَ غَرَضُهُ انْتِفَاعُ الْمَارِّ، وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِالثَّانِي. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ التَّسْجِيلِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ لَا مُجَرَّدُ التَّسْلِيمِ الَّذِي فِي صَدْرِ الْعِبَارَةِ، لَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بَعْدَ لُزُومِ الْوَقْفِ قَبْلَ الْحُكْمِ، وَلِذَا لَمْ يُذْكَرْ التَّسْجِيلُ فِي الْخَانِيَّةِ، حَيْثُ قَالَ: وَقَفَ ضَيْعَةً فِي صِحَّتِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ إلَى الْمُتَوَلِّي ثُمَّ قَالَ لِوَصِيِّهِ عِنْدَ الْمَوْتِ: أَعْطِ مِنْ غَلَّتِهَا لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا فَجَعْلُهُ لِأُولَئِكَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّهِمْ إلَّا إذَا شَرَطَ فِي الْوَقْفِ أَنْ يَصْرِفَ غَلَّتَهَا إلَى مَنْ شَاءَ اهـ وَالْمُرَادُ بِبُطْلَانِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَقًّا لَازِمًا لِفُلَانٍ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَوْ كَانَ فُلَانٌ فَقِيرًا لَا يَلْزَمُ إعْطَاؤُهُ بَلْ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ سَيَجِيءُ) أَيْ آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي وَفِيهِ كَلَامٌ سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ) بِأَنْ وَقَفَ وَقْفَيْنِ عَلَى الْمَسْجِدِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْعِمَارَةِ وَالْآخَرُ إلَى إمَامِهِ أَوْ مُؤَذِّنِهِ وَالْإِمَامُ وَالْمُؤَذِّنُ لَا يَسْتَقِرُّ لِقِلَّةِ الْمَرْسُومِ لِلْحَاكِمِ الدَّيْنُ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ فَاضِلِ وَقْفِ الْمَصَالِحِ، وَالْعِمَارَةُ إلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ بِاسْتِصْوَابِ أَهْلِ الصَّلَاحِ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ إنْ كَانَ الْوَقْفُ مُتَّحِدًا لِأَنَّ غَرَضَهُ إحْيَاءُ وَقْفِهِ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِمَا قُلْنَا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَظَاهِرُهُ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِالْقَاضِي دُونَ النَّاظِرِ (قَوْلُهُ: بِسَبَبِ خَرَابِ وَقْفِ أَحَدِهِمَا) أَيْ خَرَابِ أَمَاكِنِ أَحَدِ الْوَقْفَيْنِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ بَنَى رَجُلَانِ مَسْجِدَيْنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ اخْتِلَافِهِمَا مَعًا أَمَّا اخْتِلَافُ الْوَاقِفِ فَفِيمَا إذَا وَقَفَ رَجُلَانِ وَقْفَيْنِ عَلَى مَسْجِدٍ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ