الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فُرُوعٌ] بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ بِلَا أَرْضٍ
، إنْ بَاعَهُ الْأَكَّارُ لِرَبِّ الْأَرْضِ جَازَ، وَبِعَكْسِهِ لَا إلَّا إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْأَكَّارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ خَانِيَّةٌ.
بَاعَ شَجَرًا أَوْ كَرْمًا مُثْمِرًا لَا يَدْخُلُ الثَّمَرُ وَحِينَئِذٍ فَيُعَارُ الشَّجَرُ إلَى الْإِدْرَاكِ فَلَوْ أَبَى الْمُشْتَرِي إعَارَتَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ أَوْ قَطَعَ الثَّمَرَ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ قَالَ فِي النَّهْرِ وَلَا فَرْقَ يَظْهَرُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ.
بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ
وَجْهُ تَقْدِيمِهِ مَعَ بَيَانِ تَقْسِيمِهِ مُبَيَّنٌ فِي الدُّرَرِ. ثُمَّ الْخِيَارَاتُ بَلَغَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ: الثَّلَاثَةُ الْمُبَوَّبُ لَهَا، وَخِيَارُ تَعْيِينٍ
ــ
[رد المحتار]
سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. .
[فُرُوعٌ بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ بِلَا أَرْضٍ]
(قَوْلُهُ: بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ إلَخْ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: رَجُلٌ لَهُ أَرْضٌ دَفَعَهَا لِأَكَّارٍ: أَيْ فَلَّاحٍ وَدَفَعَ لَهُ الْبَذْرَ أَيْضًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْأَكَّارُ فِيهَا بِبَقَرِهِ بِنِصْفِ الْخَارِجِ فَعَمِلَ وَخَرَجَ الزَّرْعُ فَبَاعَ الْأَكَّارُ نِصْفَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ جَازَ الْبَيْعُ؛ أَمَّا لَوْ رَبُّ الْأَرْضِ نِصْفَهُ لِلْأَكَّارِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِ مَا بَاعَهُ، وَلَا يُمْكِنُ إلَّا بِقَلْعِ الْكُلِّ فَيَتَضَرَّرُ الْمُشْتَرِي بِقَلْعِ نَصِيبِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ مُسْتَحِقًّا لِلْبَقَاءِ فِي الْأَرْضِ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ، نَعَمْ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْأَكَّارِ وَيَكُونُ مُسْتَأْجِرًا الْأَرْضَ بِنِصْفِ الْخَارِجِ، فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَمْرُهُ بِقَلْعِ مَا بَاعَهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ الْبَيْعُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ الزَّرْعِ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهَا وَعَلَى نَظَائِرِهَا أَوَّلَ كِتَابِ الشَّرِكَةِ. .
(قَوْلُهُ: قَالَ: فِي النَّهْرِ إلَخْ) أَصْلُهُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ. وَحَاصِلُ الْبَحْثِ أَنَّهُ يَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ هَذَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ ثَمَرَةً بِدُونِ الشَّجَرِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِإِعَارَةُ الشَّجَرِ أَنْ يَتَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا، إنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ أَوْ قَطَعَهَا؛ لِأَنَّ فِي الْقَطْعِ إتْلَافَ الْمَالِ وَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ لَكِنْ تَقَدَّمَ تَصْرِيحُ الْمَتْنِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ بِقَوْلِهِ وَيَقْطَعُهَا الْمُشْتَرِي فِي الْحَالِ. وَأَيْضًا فَمَا نَقَلَهُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مُخَالِفٌ أَيْضًا لِتَصْرِيحِ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهِ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ وَحْدَهُ أَوْ الْأَرْضِ وَحْدَهَا بِقَوْلِهِ وَيُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِهِمَا: أَيْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ صَلَاحُهُ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ هُنَاكَ فَافْهَمْ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ]
ِ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ سَبَبٌ لِلْخِيَارِ بَحْرٌ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَقْدِ اللُّزُومُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَلَا يَثْبُتُ لِأَحَدِهِمَا اخْتِيَارُ الْإِمْضَاءِ أَوْ الْفَسْخِ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ عِنْدَنَا إلَّا بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مُبَيَّنٌ فِي الدُّرَرِ) حَيْثُ قَالَ: بَعْدَ مَا تَرْجَمَ بِبَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ، وَقَدَّمَهُمَا عَلَى بَاقِي الْخِيَارَاتِ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ ابْتِدَاءَ الْحُكْمِ، ثُمَّ ذَكَرَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ تَمَامَ الْحُكْمِ، وَأَخَّرَ خِيَارَ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ لُزُومَ الْحُكْمِ. وَخِيَارُ الشَّرْطِ أَنْوَاعٌ: فَاسِدٌ وِفَاقًا، كَمَا إذَا قَالَ: اشْتَرَيْتُ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَوْ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَيَّامًا أَوْ أَبَدًا. وَجَائِزٌ وِفَاقًا، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا. وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ، جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ: فَرْعٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ خِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ، فَلَوْ بَاعَهُ حِمَارًا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ هَذَا النَّهْرَ فَرَدَّهُ يَقْبَلُهُ وَإِلَّا لَا لَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا إذَا قَالَ: مَا لَمْ يُجَاوِزْ بِهِ إلَى الْغَدِ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: الثَّلَاثَةُ الْمُبَوَّبُ لَهَا) أَيْ الَّتِي ذُكِرَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا بَابٌ، وَهِيَ خِيَارُ الشَّرْطِ، وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ، وَخِيَارُ الْعَيْبِ. (قَوْلُهُ: وَخِيَارُ تَعْيِينٍ) هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَةَ عَلَى أَنْ يُعَيِّنَ أَيَّهَا شَاءَ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ
وَغَبْنٍ وَنَقْدٍ وَكَمِّيَّةٍ وَاسْتِحْقَاقٍ، وَتَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ، وَكَشْفِ حَالٍ، وَخِيَانَةِ مُرَابَحَةٍ وَتَوْلِيَةٍ وَفَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ، وَتَفْرِيقِ صَفْقَةٍ بِهَلَاكِ بَعْضِ مَبِيعٍ، وَإِجَازَةِ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ، وَظُهُورِ الْمَبِيعِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَرْهُونًا.
ــ
[رد المحتار]
فِي أَحَدِهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَغَبْنٍ) هُوَ مَا يَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ فِي قَوْلِهِ وَلَا رَدَّ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَيُفْتَى بِالرَّدِّ إنْ غَرَّهُ: أَيْ غَرَّ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ غَرَّهُ الدَّلَّالُ وَإِلَّا فَلَا. (قَوْلُهُ: وَنَقْدٍ) هُوَ مَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ فَإِنْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَكَمِّيَّةٍ) هُوَ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبُيُوعِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى بِمَا فِي هَذِهِ الْخَابِيَةِ إلَخْ وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ. (قَوْلُهُ: وَاسْتِحْقَاقٍ) هُوَ مَا سَيَذْكُرُهُ فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ فِي قَوْلِهِ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِلْكُلِّ خُيِّرَ فِي الْكُلِّ، وَإِنْ بَعْدَهُ خُيِّرَ فِي الْقِيَمِيِّ لَا فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَغْرِيرٍ فِعْلِيٍّ) أَمَّا الْقَوْلِيُّ فَهُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَغَبْنٍ. وَالْفِعْلِيُّ كَالتَّصْرِيَةِ، وَهِيَ أَنْ يَشُدَّ الْبَائِعُ ضَرْعَ الشَّاةِ لِيَجْتَمِعَ لَبَنُهَا فَيَظُنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا غَزِيرَةُ اللَّبَنِ.
وَالْخِيَارُ الْوَارِدُ فِيهَا أَنَّهُ إذَا حَلَبَهَا، إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَبِهِ أَخَذَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ وَأَبُو يُوسُفَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ فَقَطْ إنْ شَاءَ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي خِيَارِ الْعَيْبِ عِنْدَ قَوْلِهِ اشْتَرَى جَارِيَةً لَهَا لَبَنٌ. (قَوْلُهُ: وَكَشْفِ حَالٍ) هُوَ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبُيُوعِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى بِوَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ ذَهَبًا أَوْ بِإِنَاءٍ أَوْ حَجَرٍ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ، فَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ هُنَاكَ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ فِيهِمَا، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَحْرِ هُنَاكَ أَنَّ هَذَا الْخِيَارَ خِيَارُ كَشْفِ الْحَالِ، وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فِي بَيْعِ صُبْرَةٍ كُلِّ صَاعٍ بِكَذَا، وَمَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَخِيَانَةِ مُرَابَحَةٍ وَتَوْلِيَةٍ) هُوَ مَا سَيَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ ظَهَرَ خِيَانَةٌ فِي مُرَابَحَةٍ بِإِقْرَارٍ أَوْ بُرْهَانٍ عَلَى ذَلِكَ أَوْ نُكُولِهِ عَنْ الْيَمِينِ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي بِكُلِّ ثَمَنِهِ أَوْ رَدَّهُ لِفَوَاتِ الرِّضَا، وَلَهُ الْحَطُّ قَدْرَ الْخِيَانَةِ فِي التَّوْلِيَةِ لِتَتَحَقَّقَ التَّوْلِيَةُ. قَالَ: ح. وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْوَضِيعَةُ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَفَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ) هُوَ مَا يَذْكُرُهُ فِي هَذَا الْبَابِ فِي قَوْلِهِ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ خَبْزِهِ أَوْ كَتْبِهِ إلَخْ.
مَطْلَبٌ فِي هَلَاكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: وَتَفْرِيقِ صَفْقَةٍ بِهَلَاكِ بَعْضِ مَبِيعٍ) أَيْ هَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَيَّدَ بِالْبَعْضِ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْكُلِّ قَبْلَ قَبْضِهِ فِيهِ تَفْصِيلٌ قَدَّمْنَاهُ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ. وَحَاصِلُهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْبَائِعِ أَوْ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؛ وَإِنْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ وَضَمَّنَ الْمُسْتَهْلِكَ. اهـ. وَذَكَرَهُ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَيْضًا. ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ هَلَكَ الْبَعْضُ قَبْلَ قَبْضِهِ سَقَطَ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرُ النَّقْصِ سَوَاءٌ كَانَ نُقْصَانَ قَدْرٍ أَوْ وَصْفٍ، وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ، وَإِنْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي جَمِيعِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، إنْ نُقْصَانَ قَدْرٍ طُرِحَ عَنْ الْمُشْتَرِي حِصَّةُ الْفَائِتِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ نُقْصَانَ وَصْفٍ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لَكِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَخْذِ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ التَّرْكِ وَالْوَصْفُ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ كَالْأَشْجَارِ وَالْبِنَاءِ فِي الْأَرْضِ وَالْأَطْرَافِ فِي الْحَيَوَانِ وَالْجَوْدَةِ فِي الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ، وَإِنْ بِفِعْلِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَالْجَوَابُ كَذَلِكَ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهَا فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: وَظُهُورُ الْمَبِيعِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَرْهُونًا) أَيْ وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا مَثَلًا فَظَهَرَ أَنَّهَا مَرْهُونَةٌ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٌ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ لَا يُخَيَّرُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ. وَقَالَا: يَتَخَيَّرُ وَلَوْ عَالِمًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَفِي حَاشِيَتِهِ لِلرَّمْلِيِّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ اهـ. وَكَذَا يُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَأْجِرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، لَكِنْ فِي حَاشِيَتِهِ لِلرَّمْلِيِّ
أَشْبَاهٌ مِنْ أَحْكَامِ الْفُسُوخِ. قَالَ: وَيُفْسَخُ بِإِقَالَةٍ وَتَحَالُفٍ، فَبَلَغَتْ تِسْعَةَ عَشَرَ شَيْئًا، وَأَغْلَبُهَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَعْرِفُهُ مَنْ مَارَسَ الْكِتَابَ.
(صَحَّ شَرْطُهُ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ) مَعًا، (وَلِأَحَدِهِمَا) وَلَوْ وَصِيًّا، (وَلِغَيْرِهِمَا) وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ
ــ
[رد المحتار]
عَنْ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ. فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِهِ وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْفُضُولِيِّ أَنَّ مِنْ الْمَوْقُوفِ بَيْعَ الْمَرْهُونِ وَالْمُسْتَأْجَرِ وَالْأَرْضِ فِي مُزَارَعَةِ الْغَيْرِ عَلَى إجَازَةِ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَمُزَارِعٍ اهـ. فَإِنْ أَجَازَ الْمُسْتَأْجِرُ أَوْ الْمُرْتَهِنُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ لَمْ يُجِزْ فَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الِانْتِظَارِ وَالْفَسْخِ، وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي فَصْلِ الْفُضُولِيِّ.
(قَوْلُهُ: أَشْبَاهٌ) قَالَ فِيهَا: وَكُلُّهَا يُبَاشِرُهَا الْعَاقِدَانِ إلَّا التَّحَالُفَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ بِهِ، وَإِنَّمَا يَفْسَخُهُ الْقَاضِي، وَكُلُّهَا تَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ، وَلَا يَنْفَسِخُ شَيْءٌ مِنْهَا بِنَفْسِهِ. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ بِإِقَالَةٍ وَتَحَالُفٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْخِيَارِ لَا فِي مُجَرَّدِ الْفَسْخِ، لَكِنْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَوْ أَقَالَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَالْآخَرُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَبُولِ وَعَدَمِهِ، وَكَذَا يُخَيَّرُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيْنَ الْحَلِفِ وَعَدَمِهِ، فَلَوْ اخْتَارَ عَدَمَ الْحَلِفِ يَلْزَمُهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ. وَصُورَةُ التَّحَالُفِ أَنْ يَخْتَلِفَا فِي قَدْرِ ثَمَنٍ أَوْ مَبِيعٍ أَوْ فِيهِمَا وَيَعْجِزَا عَنْ الْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَرْضَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِدَعْوَى الْآخَرِ تَحَالَفَا وَفَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بِطَلَبِ أَحَدِهِمَا، وَالْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةٌ فِي بَابِ دَعْوَى الرَّجُلَيْنِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى.
(قَوْلُهُ: صَحَّ شَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ الْخِيَارِ الْمَذْكُورِ، وَصَرَّحَ بِفَاعِلِ صَحَّ إشَارَةً إلَى أَنَّ ضَمِيرَ صَحَّ الْوَاقِعَ فِي عِبَارَةِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ عَائِدٌ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي التَّرْجَمَةِ. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ إلَى الْخِيَارِ وَفِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ: صَحَّ خِيَارُ الشَّرْطِ فَأَبْرَزَهُ، وَالْأَوْلَى مَا فِي الْإِصْلَاحِ: صَحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِالصِّحَّةِ شَرْطُ الْخِيَارِ لَا نَفْسُ الْخِيَارِ. اهـ. فَالضَّمِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ فِي كَلَامِ الْبَحْرِ عَائِدٌ إلَى الْمُضَافِ، وَعَلَى الْأَخِيرِ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي النَّهْرِ فَقَالَ: الضَّمِيرُ فِي صَحَّ يَعُودُ إلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ بِقَرِينَةِ صَحَّ وَلَقَدْ أَفْصَحَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي الْخُلْعِ حَيْثُ قَالَ: وَصَحَّ شَرْطُ الْخِيَارِ لَهَا فِي الْخُلْعِ لَا لَهُ، وَمَنْ غَفَلَ عَنْ هَذَا قَالَ مَا قَالَ. اهـ. قُلْتُ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الشَّرْطَ فِي التَّرْجَمَةِ عَامٌّ بِقَرِينَةِ الْإِضَافَةِ، وَلِقَوْلِهِمْ إنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى سَبَبِهِ: أَيْ الْخِيَارِ الْوَاقِعِ بِسَبَبِ الشَّرْطِ فَلَا يَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الْمَوْصُوفَ بِالصِّحَّةِ شَرْطٌ خَاصٌّ وَهُوَ شَرْطُ الْخِيَارِ الَّذِي أَفْصَحَ عَنْهُ فِي الْخُلْعِ، وَأَيْنَ الْعَامُّ مِنْ الْخَاصِّ؟ وَمَا فِي الْإِصْلَاحِ لَا يَصْلُحُ دَلِيلًا عَلَى عَوْدِهِ إلَى الشَّرْطِ، بَلْ هُوَ تَرْكِيبٌ آخَرُ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ. وَالْأَحْسَنُ مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ عَوْدِهِ إلَى الْخِيَارِ، لَكِنْ بِقَيْدِ وَصْفِهِ بالمشروطية فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ: أَيْ الْخِيَارِ الْمَشْرُوطِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَ الشَّرْطِ سَبَبًا لِلْحُكْمِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَمَوِيُّ.
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ مُرَكَّبٌ إضَافِيٌّ صَارَ عَلَمًا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا يَثْبُتُ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِنْ الِاخْتِيَارِ بَيْنَ الْإِمْضَاءِ وَالْفَسْخِ، وَكَذَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَخِيَارُ التَّعْيِينِ وَخِيَارُ الْعَيْبِ، كَمَا صَارَ الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ بِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ التَّرَاجِمِ عَلَمًا فِي اصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّينَ عَلَى شَيْءٍ خَاصٍّ عِنْدَهُمْ، وَعَلَى هَذَا يَعُودُ الضَّمِيرُ فِي صَحَّ إلَى هَذَا الْمُرَكَّبِ الْإِضَافِيِّ، وَهُوَ مَا أَفْصَحَ عَنْهُ فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ كَمَا مَرَّ، فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ مُتَابَعَتُهُمَا لِخُلُوِّهِ مِنْ التَّكْلِيفِ وَالتَّعَسُّفِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَصِيًّا) وَكَذَا لَوْ وَكِيلًا. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعٍ مُطْلَقٍ فَعَقَدَ بِخِيَارٍ لَهُ أَوْ لِلْآمِرِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ صَحَّحَاهُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعٍ بِخِيَارٍ لِلْآمِرِ فَشَرَطَهُ لِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءٍ بِخِيَارٍ لِلْآمِرِ فَاشْتَرَاهُ بِدُونِ الْخِيَارِ نَفَذَ الشِّرَاءُ عَلَيْهِ دُونَ الْآمِرِ لِلْمُخَالَفَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَمَرَهُ بِبَيْعٍ بِخِيَارٍ فَبَاعَ بَاتًّا حَيْثُ يَبْطُلُ أَصْلًا. اهـ. مُلَخَّصًا ط وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ الْفَرْقَ بَيْنَ الْفَرْعَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِمَا) وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لَهُمَا مَعَ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ صَحَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ) رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ اخْتِصَاصُهُ بِقَوْلِهِ وَلِغَيْرِهِمَا مَعَ أَنَّهُ جَارٍ
لَا قَبْلَهُ تَتَارْخَانِيَّةٌ (فِي مَبِيعٍ) كُلِّهِ (أَوْ بَعْضِهِ) كَثُلُثِهِ أَوْ رُبْعِهِ وَلَوْ فَاسِدًا.
وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِهِ فَالْقَوْلُ لَنَا فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ (ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلُّ) وَفَسَدَ عِنْدَ إطْلَاقٍ أَوْ تَأْبِيدٍ. (لَا أَكْثَرَ) فَيَفْسُدُ، فَلِكُلٍّ فَسْخُهُ خِلَافًا لَهُمَا
ــ
[رد المحتار]
فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، فَلَوْ قَدَّمَهُ وَقَالَ: صَحَّ شَرْطُهُ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ لَكَانَ أَوْلَى. اهـ. ح. فَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ بِأَيَّامٍ جَعَلْتُكَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صَحَّ إجْمَاعًا بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) فَلَوْ قَالَ: جَعَلْتُكَ بِالْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ الَّذِي نَعْقِدُهُ ثُمَّ اشْتَرَى مُطْلَقًا لَمْ يَثْبُتْ بَحْرٌ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضِهِ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَلَا بَيْنَ أَنْ يَفْصِلَ الثَّمَنَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْوَاحِدِ لَا يَتَفَاوَتُ. ط عَنْ النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: كَثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُتَعَدِّدًا وَشَرَطَ الْخِيَارَ فِي مُعَيَّنٍ مِنْهُ مَعَ تَفْصِيلِ الثَّمَنِ كَمَا يَأْتِي قُبَيْلَ خِيَارِ التَّعْيِينِ. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَاسِدًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْعَقْدُ الَّذِي شَرَطَ فِيهِ الْخِيَارَ فَاسِدًا، وَكَانَ الْأَقْعَدُ فِي التَّرْكِيبِ أَنْ يَقُولَ: صَحَّ شَرْطُهُ وَلَوْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ فَاسِدًا كَمَا لَا يَخْفَى ح. وَفَائِدَةُ اشْتِرَاطِهِ فِي الْفَاسِدِ مَعَ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخَ بِدُونِهِ مَا قِيلَ: إنَّهُ يَثْبُتُ لِمَنْ اشْتَرَطَ وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ بِهِ أَوْ الرِّضَا. اهـ. قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ إلَخْ عَائِدًا إلَى الْخِيَارِ فَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ مُطْلَقًا، أَوْ إلَى فَسْخِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَكَذَلِكَ، نَعَمْ تَظْهَرُ الْفَائِدَةُ فِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي مَعَ أَنَّهُ لَوْلَا الْخِيَارُ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لَنَا فِيهِ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَهُوَ مُكَرَّرٌ مَعَ مَا يَأْتِي مَتْنًا. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ لِمُدَّعِيهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْآخَرِ. ح عَنْ الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لَكِنْ إنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، فَفِي الْقِيَاسِ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى شَيْءٍ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُقَالُ لَهُ: إمَّا أَنْ تَفْسَخَ الْبَيْعَ أَوْ تَأْخُذَ الْمَبِيعَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى تُجِيزَ الْبَيْعَ أَوْ يَفْسُدَ الْمَبِيعُ عِنْدَكَ دَفْعًا لِلضَّرَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ. [تَنْبِيهٌ] :
اعْلَمْ أَنَّ الْخِيَارَ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا لَا يَجُوزُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا فِي الْكَفَالَةِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ. زَادَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَلِلْمُحْتَالِ، وَكَذَا فِي الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ جَوَازَهُ عَلَى قَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ عِنْدَهُ بِالثَّلَاثِ دُرٌّ مُنْتَقًى، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ. (وَقَوْلُهُ: وَفَسَدَ عِنْدَ إطْلَاقٍ) أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ. أَمَّا لَوْ بَاعَ بِلَا خِيَارٍ ثُمَّ لَقِيَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ فَقَالَ: لَهُ أَنْتِ بِالْخِيَارِ فَلَهُ الْخِيَارُ مَا دَامَ فِي الْمَجْلِسِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: لَكَ الْإِقَالَةُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَحُمِلَ عَلَيْهِ قَوْلُ الْفَتْحِ: لَوْ قَالَ: لَهُ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فَلَهُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فَقَطْ، فَقَالَ: فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُفْسِدَ فِي الثَّانِي أَنَّ الْإِطْلَاقَ وَقْتَ الْعَقْدِ مُقَارِنٌ فَقَوِيَ عَمَلُهُ، وَفِي الْأَوَّلِ بَعْدَ التَّمَامِ فَضَعُفَ، وَقَدْ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ بِإِمْكَانِ الْخِيَارِ لَهُ فِي الْمَجْلِسِ. اهـ. [تَنْبِيهٌ] قَدَّمْنَا عَنْ الدُّرَرِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ أَيَّامًا فَهُوَ فَاسِدٌ. وَاعْتُرِضَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ أَيَّامًا يَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ تَصْحِيحًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ عَنْ الْإِلْغَاءِ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ. قُلْتُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ أَيَّامًا فِي الْحَلِفِ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ مِنْهُ الثَّلَاثَةُ وَالْعَشَرَةُ مَثَلًا، لَكِنْ اقْتَصَرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي صِحَّةَ إرَادَةِ مَا فَوْقَهَا، حَتَّى لَوْ نَوَى الْأَكْثَرَ حَنِثَ، بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ لَازِمَةٌ بِالنَّصِّ أَلْبَتَّةَ، وَلَفْظُ أَيَّامًا صَالِحٌ لِمَا فَوْقَهَا وَمَا فَوْقَهَا مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ فَلَا يَنْفَعُنَا حَمْلُهُ عَلَى الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الِاحْتِمَالَ.
(قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ فَسْخُهُ) شَمِلَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْهُمَا وَالْآخَرَ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِفَسَادِهِ ظَاهِرٌ، وَكَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْآتِي بِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ. قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ نَصًّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْبَيْعَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمُشْتَرِي وَأَثْبَتَ لِلْبَائِعِ حَقَّ الْفَسْخِ قَبْلَ الْإِجَازَةِ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَقَّ الْفَسْخِ فِي الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ. اهـ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إذَا سَمَّى مُدَّةً مَعْلُومَةً فَتْحٌ.
غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَجَازَ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ (فِي الثَّلَاثَةِ) فَيُقْلَبُ صَحِيحًا عَلَى الظَّاهِرِ.
(وَصَحَّ) شَرْطُهُ أَيْضًا (فِي) لَازِمٍ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَمُزَارَعَةٍ وَمُعَامَلَةٍ وَ (إجَارَةٍ وَقِسْمَةٍ وَصُلْحٍ عَنْ مَالٍ) وَلَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ (وَكِتَابَةٍ وَخُلْعٍ) وَرَهْنٍ (وَعِتْقٍ عَلَى مَالٍ)
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَجَازَ فِي الثَّلَاثَةِ) وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ أَحْدَثَ بِهِ مَا يُوجِبُ لُزُومَ الْبَيْعِ يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ جَائِزًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ) وَلَوْ فِي لَيْلَةِ الرَّابِعِ قُهُسْتَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَيَنْقَلِبُ صَحِيحًا إلَخْ) لِأَنَّهُ قَدْ زَالَ الْمُفْسِدُ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُفْسِدَ لَيْسَ هُوَ شَرْطَ الْخِيَارِ بَلْ وَصْلُهُ بِالرَّابِعِ، فَإِذَا أَسْقَطَهُ تَحَقَّقَ زَوَالُ الْمَعْنَى الْمُفْسِدِ قَبْلَ مَجِيئِهِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ صَحِيحًا.
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ هَذَا الْعَقْدِ فِي الِابْتِدَاءِ، فَعِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ حُكْمُهُ الْفَسَادُ ظَاهِرًا، إذْ الظَّاهِرُ دَوَامُهُمَا عَلَى الشَّرْطِ فَإِذَا أَسْقَطَهُ تَبَيَّنَ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَيَنْقَلِبُ صَحِيحًا. وَقَالَ: مَشَايِخُ خُرَاسَانَ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ مَشَايِخِ مَا وَرَاءَ النَّهْرِ: هُوَ مَوْقُوفٌ، وَبِالْإِسْقَاطِ قَبْلَ الرَّابِعِ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا، وَإِذَا مَضَى جُزْءٌ مِنْ الرَّابِعِ فَسَدَ الْعَقْدُ الْآنَ وَهُوَ الْأَوْجَهُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ فَتْحٌ مُلَخَّصًا، وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ بَحْرٌ وَمِنَحٌ. وَفِي الْحَدَّادِيِّ: فَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي أَنَّ الْفَاسِدَ يُمْلَكُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ وَالْمَوْقُوفَ لَا يُمْلَكُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْمَالِكُ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْفَاسِدَ أَيْضًا لَا يُمْلَكُ إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ. وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا تَظْهَرُ فِي حُرْمَةِ الْمُبَاشَرَةِ وَعَدَمِهَا فَتَحْرُمُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي نَهْرٌ.
قُلْتُ: وَفِي التَّنْظِيرِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْمِلْكَ فِي الْفَاسِدِ يَحْصُلُ بِقَبْضِ الْمَبِيعِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ، فَالْمُتَوَقِّفُ فِيهِ عَلَى إذْنِ الْبَائِعِ هُوَ الْقَبْضُ لَا نَفْسُ الْمِلْكِ. وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّ الْمِلْكَ يَتَوَقَّفُ فِيهِ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ الْبَيْعَ فَتَبْقَى ثَمَرَةُ الْخِلَافِ ظَاهِرَةً، لَكِنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ الْعَبْدَ يَنْقَلِبُ جَائِزًا يَشْمَلُ مَا قَبْلَ الْقَبْضِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ يَنْقَلِبُ جَائِزًا إنَّمَا يُنَاسِبُ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَاسِدٌ لَا مَوْقُوفٌ، فَيُفِيدُ حُصُولَ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ حُكْمَهُ عِنْدَ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ الْفَسَادُ ظَاهِرًا، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا فَسَادَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلِذَا قَالَ: فِي الْفَتْحِ: إنَّ حَقِيقَةَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ لَا فَسَادَ قَبْلَ الرَّابِعِ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ إلَّا بِإِثْبَاتِ الْفَسَادِ عَلَى وَجْهٍ يَرْتَفِعُ شَرْعًا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ قَبْلَ مَجِيءِ الرَّابِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْهِدَايَةِ.
(قَوْلُهُ: فِي لَازِمٍ) أَخْرَجَ بِهِ الْوَصِيَّةَ فَلَا مَحَلَّ لِلْخِيَارِ فِيهَا؛ لِأَنَّ لِلْمُوصِي الرُّجُوعَ فِيهَا - مَا دَامَ حَيًّا - وَلِلْمُوصَى لَهُ الْقَبُولَ وَعَدَمَهُ. أَفَادَهُ ط، وَمِثْلُهَا الْعَارِيَّةُ الْوَدِيعَةُ. (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ) أَخْرَجَ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَخُلْعٍ وَصُلْحٍ عَنْ قَوَدٍ. وَاسْتَشْكَلَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ النِّكَاحَ بِفَسْخِهِ بِالرِّدَّةِ وَمِلْكِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ فَإِنَّهُ فَسْخٌ بَعْدَ التَّمَامِ، أَمَّا فَسْخُهُ بِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَالْعِتْقِ وَالْبُلُوغِ فَهُوَ قَبْلَ التَّمَامِ. قُلْتُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مَا يَحْتَمِلُهُ بِتَرَاضِي الْمُتَعَاقِدَيْنِ قَصْدًا، وَفَسْخُ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ وَالْمِلْكِ ثَبَتَ تَبَعًا. (قَوْلُهُ: كَمُزَارَعَةٍ وَمُعَامَلَةٍ) أَيْ مُسَاقَاةٍ وَهَذَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الْبَحْرِ بَحْثًا فَقَالَ: وَيَنْبَغِي صِحَّتُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ لِأَنَّهُمَا إجَارَةٌ مَعَ أَنَّهُ جَزَمَ بِذَلِكَ فِي الْأَشْبَاهِ. قَالَ: الْحَمَوِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ ظَفِرَ بِالْمَنْقُولِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ تَصْنِيفَ الْبَحْرِ سَابِقٌ. (قَوْلُهُ: وَإِجَارَةٍ) فَلَوْ فَسَخَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ يَوْمَيْنِ أَفْتَى صط أَنَّهُ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ لَوْ انْتَفَعَ يَبْطُلُ خِيَارُهُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقِسْمَةٍ) لِأَنَّهَا بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ. (قَوْلُهُ: وَصُلْحٍ عَنْ مَالٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ صُلْحٍ عَنْ قَوَدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَرَهْنٍ) كَانَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُهُ عَلَى الْخُلْعِ أَوْ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ عَلَى مَالٍ رَاجِعٌ لِلْخُلْعِ أَيْضًا، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلرَّهْنِ كَمَا لَا يَخْفَى
لَوْ شُرِطَ لِزَوْجَةٍ وَرَاهِنٍ وَقِنٍّ (وَنَحْوِهَا) كَكَفَالَةٍ وَحَوَالَةٍ وَإِبْرَاءٍ وَتَسْلِيمِ شُفْعَةٍ بَعْدَ الطَّلَبَيْنِ، وَوَقْفٍ عِنْدَ الثَّانِي أَشْبَاهٌ وَإِقَالَةٍ بَزَّازِيَّةٌ، فَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ، لَا فِي نِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَيَمِينٍ وَنَذْرٍ وَصَرْفٍ وَسَلَمٍ وَإِقْرَارٍ إلَّا الْإِقْرَارَ بِعَقْدٍ يَقْبَلُهُ أَشْبَاهٌ، وَوَكَالَةٍ وَوَصِيَّةٍ نَهْرٌ. فَهِيَ تِسْعَةٌ، وَقَدْ كُنْتُ غَيَّرْتُ مَا نَظَمَهُ فِي النَّهْرِ فَقُلْتُ:
ــ
[رد المحتار]
وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ كَالْخُلْعِ وَكَمَا أَنَّ الْعِتْقَ عَلَى مَالٍ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِ الْعَبْدِ اهـ. ح. (قَوْلُهُ: لِزَوْجَةٍ وَرَاهِنٍ وَقِنٍّ) لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي جَانِبِهِمْ لَازِمٌ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ، بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ فَإِنَّ الْعَقْدَ مِنْ جَانِبِهَا وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لَكِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ، وَبِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ الْعَقْدَ مِنْ جَانِبِهِ غَيْرُ لَازِمٍ أَصْلًا، وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ ذِكْرُهُمْ فِي الْمُقَابِلِ. اهـ. ح أَيْ فِيمَا لَا يَصِحُّ فِيهِ الْخِيَارُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْخُلْعَ وَالْعِتْقَ عَلَى مَالٍ دَاخِلَانِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَيَمِينٍ. تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: " لَازِمٌ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ ": أَيْ قَبْلَ تَمَامِهِ بِالْقَبُولِ، أَمَّا بَعْدَ الْقَبُولِ مِنْ الزَّوْجَةِ وَالرَّاهِنِ وَالْقِنِّ فَلَا يَحْتَمِلُهُ. (قَوْلُهُ: كَكَفَالَةٍ) أَيْ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ، وَشُرِطَ الْخِيَارُ لِلْمَكْفُولِ لَهُ أَوْ لِلْكَفِيلِ بَحْرٌ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْخِيَارَ فِي الْكَفَالَةِ وَالْحَوَالَةِ يَصِحُّ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. (قَوْلُهُ: وَحَوَالَةٍ) إذَا شُرِطَ لِلْمُحْتَالِ أَوْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ رِضَاهُ ط. (قَوْلُهُ: وَإِبْرَاءٍ) بِأَنْ قَالَ: أَبْرَأْتُكَ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ، ذَكَرَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ مِنْ بَحْثِ الْهَزْلِ بَحْرٌ.
قَالَ: ط: لَكِنْ نَقَلَ الشَّرِيفُ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ: لَوْ أَبْرَأهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَالْخِيَارُ بَاطِلٌ، وَلَعَلَّ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا. اهـ. قُلْتُ: وَبِالثَّانِي جَزَمَ الشَّارِحُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْهِبَةِ وَعَزَاهُ إلَى الْخُلَاصَةِ. (قَوْلُهُ: وَوَقْفٍ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ الثَّانِي) لِأَنَّهُ عِنْدَهُ لَازِمٌ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ وَلَوْ مَعْلُومًا، وَقَدَّمْنَا فِي الْوَقْفِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، فَلَوْ فِيهِ صَحَّ الْوَقْفُ وَبَطَلَ الْخِيَارُ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ) أَيْ مَعَ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: لَا فِي نِكَاحٍ إلَخْ) لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْفَسْخَ. (قَوْلُهُ: وَطَلَاقٍ) أَيْ بِلَا مَالٍ لِمَا عَرَفْتَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْخُلْعُ بِلَا مَالٍ مِثْلَهُ. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: وَإِقْرَارٍ إلَخْ) عِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ: أَقَرَّ بِشَيْءٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَزِمَهُ بِلَا خِيَارٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ فَلَا يَقْبَلُ الْخِيَارَ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْخِيَارِ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِعَقْدِ بَيْعٍ وَقَعَ بِالْخِيَارِ لَهُ فَيَصِحُّ بِاعْتِبَارِ الْعَقْدِ إذَا صَدَّقَهُ أَوْ بَرْهَنَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَوَكَالَةٍ وَوَصِيَّةٍ) فَلَا خِيَارَ فِيهِمَا لِعَدَمِ اللُّزُومِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ، وَلُزُومُ الْوَكَالَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ نَادِرٌ، أَفَادَهُ ط، وَهَذَانِ زَادَهُمَا فِي النَّهْرِ بَحْثًا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ فِي لَازِمٍ. (قَوْلُهُ: فَهِيَ تِسْعَةٌ) يُزَادُ عَاشِرٌ وَهُوَ الْهِبَةُ، لِمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا مِنْ أَنَّ مِنْ حُكْمِهَا عَدَمَ صِحَّةِ خِيَارِ الشَّرْطِ فِيهَا إلَخْ.
مَطْلَبٌ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي يَصِحُّ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ وَاَلَّتِي لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ كُنْتُ غَيَّرْتُ مَا نَظَمَهُ فِي النَّهْرِ) فَإِنَّ نَظْمَ النَّهْرِ كَانَ هَكَذَا:
وَالصُّلْحُ وَالْخُلْعُ مَعَ الْحَوَالَهْ
…
وَالْوَقْفُ وَالْقِسْمَةُ وَالْإِقَالَهْ
وَلَيْسَ فِي هَذَا التَّغْيِيرِ كَبِيرُ فَائِدَةٍ مَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَوْفِيَا الْأَقْسَامَ كَمَا قَالَهُ ح أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا أَسْقَطَا مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْمُزَارَعَةَ وَالْمُعَامَلَةَ وَالْكِتَابَةَ، وَمِنْ الثَّانِي الْوَصِيَّةَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ إسْقَاطَ الْكِتَابَةِ ذُهُولٌ؛ وَأَمَّا مَا عَدَاهَا فَلِكَوْنِهِ بَحْثًا كَمَا عَلِمْتَهُ مِمَّا مَرَّ. قُلْتُ: وَقَدْ كُنْتُ نَظَمْتُ، جَمِيعَ مَسَائِلِ الْقِسْمَيْنِ مُشِيرًا إلَى الْبَحْثِ مِنْهَا مَعَ زِيَادَةِ الْهِبَةِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي فَقُلْتُ:
يَصِحُّ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي تَرْكِ شُفْعَةٍ
…
وَبَيْعٍ وَإِبْرَاءٍ وَوَقْفِ كَفَالَهْ
يَأْتِي خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْإِجَارَهْ
…
وَالْبَيْعِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْكَفَالَهْ
وَالرَّهْنِ وَالْعِتْقِ وَتَرْكِ الشُّفْعَهْ
…
وَالصُّلْحِ وَالْخُلْعِ كَذَا وَالْقِسْمَهْ
وَالْوَقْفِ وَالْحَوَالَةِ الْإِقَالَهْ
…
لَا الصَّرْفِ وَالْإِقْرَارِ وَالْوَكَالَهْ
وَلَا النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالسَّلَمْ
…
نَذْرٍ وَأَيْمَانٍ فَهَذَا يُغْتَنَمْ
(فَإِنْ اشْتَرَى) شَخْصٌ شَيْئًا (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (إنْ لَمْ يَنْقُدْ ثَمَنَهُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ صَحَّ) اسْتِحْسَانًا خِلَافًا لِزُفَرَ، فَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ فِي الثَّلَاثِ فَسَدَ فَنَفَذَ عِتْقُهُ بَعْدَهَا لَوْ فِي يَدِهِ فَلْيُحْفَظْ. (وَ) إنْ اشْتَرَى كَذَلِكَ (إلَى أَرْبَعَةِ) أَيَّامٍ (لَا) يَصِحُّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. (فَإِنْ نَقَدَ فِي الثَّلَاثَةِ جَازَ) اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ خِيَارَ النَّقْدِ مُلْحَقٌ بِخِيَارِ الشَّرْطِ، فَلَوْ تَرَكَ التَّفْرِيعَ لَكَانَ أَوْلَى
ــ
[رد المحتار]
وَفِي قِسْمَةٍ خُلْعٍ وَعِتْقٍ إقَالَهْ
…
وَصُلْحٍ عَنْ الْأَمْوَالِ ثُمَّ الْحَوَالَهْ
مُكَاتَبَةٍ رَهْنٍ كَذَاكَ إجَارَةٌ
…
وَزِيدَ مُسَاقَاةٌ مُزَارَعَةٌ لَهْ
وَمَا صَحَّ فِي نَذْرِ نِكَاحٍ أَلْيَةٍ
…
وَفِي سَلَمٍ صَرْفٍ طَلَاقٍ وَكَالَهْ
وَإِقْرَارٍ إيهَابٍ وَزِيدَ وَصِيَّةٌ
…
كَمَا مَرَّ بَحْثًا فَاغْتَنِمْ ذِي الْمَقَالَهْ
(قَوْلُهُ: وَالْخُلْعُ) بِالرَّفْعِ خَبَرُهُ كَذَا، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ كَذَا خَبَرًا عَنْ الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ مَجْرُورٌ بِالْعَطْفِ عَلَى مَا قَبْلَهُ، نَعَمْ يَصِحُّ جَعْلُهُ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ حَالًا مِنْ الْخُلْعِ.
مَطْلَبٌ خِيَارُ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ أَيْ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا صَحَّ أَيْضًا، وَالْخِيَارُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ الْمُتَمَكِّنُ مِنْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لِلْبَائِعِ؛ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ صَحَّ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي لَا يَصِحُّ نَهْرٌ. [تَنْبِيهٌ] ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَا بَيْعَ الْوَفَاءِ تَبَعًا لِلْخَانِيَّةِ قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ مَسْأَلَةِ خِيَارِ النَّقْدِ أَيْضًا، وَذَكَرَ فِيهِ ثَمَانِيَةَ أَقْوَالٍ وَذَكَرَهُ الشَّارِحُ آخِرَ الْبُيُوعِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْكَفَالَةِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى -. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ فِي الثَّلَاثِ فَسَدَ) هَذَا لَوْ بَقِيَ الْمَبِيعُ عَلَى حَالِهِ. قَالَ: فِي النَّهْرِ: ثُمَّ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فِي الثَّلَاثِ جَازَ الْبَيْعُ وَكَانَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ، وَكَذَا لَوْ قَتَلَهَا فِي الثَّلَاثِ أَوْ مَاتَ أَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ خَطَأً وَغَرِمَ الْقِيمَةَ؛ وَلَوْ وَطِئَهَا وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ أَوْ جَنَى عَلَيْهَا أَوْ حَدَثَ بِهَا عَيْبٌ لَا بِفِعْلِ أَحَدٍ ثُمَّ مَضَتْ الْأَيَّامُ وَلَمْ يَنْقُدْ خُيِّرَ الْبَائِعُ، إنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَعَ النُّقْصَانِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَأَخَذَ الثَّمَنَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَنَفَذَ عِتْقُهُ إلَخْ) أَيْ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بَحْرٌ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَسَدَ. قَالَ: فِي النَّهْرِ: وَاعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فَلَا بَيْعَ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْفُذْ فِي الثَّلَاثِ يَنْفَسِخُ. قَالَ: فِي الْخَانِيَّةِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَفْسُدُ وَلَا يَنْفَسِخُ، حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ نَفَذَ عِتْقُهُ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ. اهـ. وَأَمَّا عِتْقُهُ قَبْلَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ فَيَنْفُذُ بِالْأَوْلَى، كَمَا لَوْ بَاعَهُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى خِيَارِ الشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ) وَالْخِلَافُ السَّابِقُ فِي أَنَّهُ فَاسِدٌ أَوْ مَوْقُوفٌ ثَابِتٌ هُنَا نَهْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ جَوَّزَهُ إلَى مَا سَمَّيَاهُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَرَكَ التَّفْرِيعَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ " فَإِنْ اشْتَرَى " فَإِنَّ الْإِلْحَاقَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَالتَّفْرِيعَ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ فُرُوعِهِ، قَالَ: فِي الدُّرَرِ: لَمْ يَذْكُرْهُ بِالْفَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْوِقَايَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ صُوَرِ خِيَارِ الشَّرْطِ حَقِيقَةً لِيَتَفَرَّعَ عَلَيْهِ بَلْ أَوْرَدَهُ عَقِيبَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ مَعْنًى. اهـ.
(وَلَا يَخْرُجُ مَبِيعٌ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ مَعَ خِيَارِهِ) فَقَطْ اتِّفَاقًا (فَيَهْلِكُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ) أَيْ بَدَلِهِ لِيَعُمَّ الْمِثْلِيَّ (إذَا قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ) يَوْمَ قَبْضِهِ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ (فَإِنَّهُ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ
ــ
[رد المحتار]
قَالَ: مُحَشِّيهِ خَادِمِي أَفَنْدِي: أَقُولُ الْوَاقِعُ فِي الزَّيْلَعِيِّ كَوْنُهَا مِنْ صُوَرِهِ، وَقَدْ قَالَ: صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي وَجْهِ إدْخَالِ الْفَاءِ: إنَّهُ فَرَّعَ مَسْأَلَةَ خِيَارِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِيَدْفَعَ بِالْفَسْخِ الضَّرَرَ عَنْ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ الضَّرَرُ تَأْخِيرَ أَدَاءِ الثَّمَنِ أَوْ غَيْرَهُ، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً مُصَحِّحَةً لِدُخُولِ الْفَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْرُجُ مَبِيعٌ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ مَعَ خِيَارِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْحُكْمَ، وَفِي قَوْلِهِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ هُوَ الْمَالِكُ، فَلَوْ كَانَ فُضُولِيًّا كَانَ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ مُبْطِلًا لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَهُ بِدُونِ الشَّرْطِ كَمَا فِي فُرُوقِ الْكَرَابِيسِيِّ. وَلَا يَرِدُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَالِكِ حُكْمًا نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: فَقَطْ) قَيَّدَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَذْكُرُهُ صَرِيحًا وَإِلَّا لَزِمَ التَّكْرَارُ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: فَيَهْلِكُ) بِكَسْرِ اللَّامِ ط. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِالْهَلَاكِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْقُوفًا وَلَا نَفَاذَ بِدُونِ بَقَاءِ الْمَحَلِّ فَبَقِيَ مَقْبُوضًا بِيَدِهِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَفِيهِ الْقِيمَةُ. كَذَا فِي الْهِدَايَةِ. وَلَا فَرْقَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مَعَ بَقَائِهِ أَوْ بَعْدَمَا فَسَخَ الْبَائِعُ الْبَيْعَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَأَمَّا إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِلَا فَسْخٍ فِيهَا فَإِنَّهُ يَهْلِكُ بِالثَّمَنِ لِسُقُوطِ الْخِيَارِ وَلَوْ ادَّعَى هَلَاكَهُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَوُجُوبَ الْقِيمَةِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي إبَاقَهُ مِنْ يَدِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ حَيَاتُهُ وَيَتِمُّ الْبَيْعُ؛ وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ الْإِبَاقَ وَالْمُشْتَرِي الْمَوْتَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: إذَا قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ) وَكَذَا بِلَا إذْنِهِ بِالْأَوْلَى ط.
وَأَمَّا إذَا هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي الْمُطْلَقِ عَنْهُ، وَإِنْ تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ؛ لِأَنَّ مَا انْتَقَصَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَخَيَّرُ، إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ، وَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ يُنْتَقَصُ الْمَبِيعُ فِيهِ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّ مَا يَحْدُثُ بِفِعْلِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ بِهِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ بَحْرٌ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ، وَيَأْتِي حُكْمُ تَعَيُّبِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: يَوْمَ قَبْضِهِ) ظَرْفٌ لِقِيمَتِهِ ح. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ بَيَانَ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُسَاوِمِ، وَخَصَّهُ الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ بِالثَّانِي، وَرَدَّهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ خَطَأٌ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: طَلَبَ مِنْهُ ثَوْبًا لِيَشْتَرِيَهُ فَأَعْطَاهُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ وَقَالَ: هَذَا بِعَشَرَةٍ وَهَذَا بِعِشْرِينَ وَهَذَا بِثَلَاثِينَ فَاحْمِلْهَا، فَأَيُّ ثَوْبٍ تَرْضَى بِعْتُهُ مِنْك فَحَمَلَ فَهَلَكَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي. قَالَ: الْإِمَامُ ابْنُ الْفَضْلِ: إنْ هَلَكَتْ جُمْلَةً أَوْ مُتَعَاقِبًا وَلَا يُدْرَى الْأَوَّلُ وَمَا بَعْدَهُ ضَمِنَ ثُلُثَ الْكُلِّ، وَإِنْ عَرَفَ الْأَوَّلَ لَزِمَهُ ذَلِكَ الثَّوْبُ وَالثَّوْبَانِ أَمَانَةٌ، وَإِنْ هَلَكَ اثْنَانِ وَلَا يُعْلَمُ أَيُّهُمَا الْأَوَّلُ ضَمِنَ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَرَدَّ الثَّالِثَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ، وَإِنْ نَقَصَ الثَّالِثُ ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ لَا يَضْمَنُ النُّقْصَانَ، وَإِنْ هَلَكَ وَاحِدٌ فَقَطْ لَزِمَهُ ثَمَنُهُ وَيَرُدُّ الثَّوْبَيْنِ. اهـ. مُلَخَّصًا. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ بَيَانَ الثَّمَنِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ يَكْفِي لِلضَّمَانِ. اهـ. وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ مُرَادَ الطَّرَسُوسِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَسْمِيَةِ الثَّمَنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَبِأَنْ يُسَمِّيَ أَحَدُهُمَا وَيَصْدُرَ مِنْ الْآخَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَمَنْ نَظَرَ عِبَارَةَ الطَّرَسُوسِيِّ وَجَدَهَا تُنَادِي بِمَا ذَكَرْنَاهُ. اهـ.
مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ نَهْرٌ،
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ قُلْتُ: وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسَاوِمَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ لِلضَّمَانِ إذَا رَضِيَ بِأَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ، فَإِذَا سَمَّى الثَّمَنَ الْبَائِعُ وَتَسَلَّمَ الْمُسَاوِمُ الثَّوْبَ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ يَكُونُ رَاضِيًا بِذَلِكَ، كَمَا أَنَّهُ إذَا سَمَّى هُوَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الْبَائِعَ يَكُونُ رَاضِيًا بِذَلِكَ فَكَأَنَّ التَّسْمِيَةَ صَدَرَتْ مِنْهُمَا مَعًا، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ رِضًا بِالشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: سم: عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ لَهُ: هَذَا الثَّوْبُ لَكَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَقَالَ: هَاتِهِ حَتَّى أَنْظُرَ فِيهِ أَوْ قَالَ: حَتَّى أُرِيَهُ غَيْرِي فَأَخَذَهُ عَلَى هَذَا وَضَاعَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ وَلَوْ قَالَ: هَاتِهِ، فَإِنْ رَضِيتُهُ أَخَذْتُهُ فَضَاعَ فَهُوَ عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ. اهـ. قُلْت: فَفِي هَذَا وُجِدَتْ التَّسْمِيَةُ مِنْ الْبَائِعِ فَقَطْ لَكِنْ لَمَّا قَبَضَهُ الْمُسَاوِمُ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ صَارَ رَاضِيًا بِتَسْمِيَةِ الْبَائِعِ فَكَأَنَّهَا وُجِدَتْ مِنْهُمَا، أَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَلَمْ يُوجَدْ الْقَبْضُ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ، بَلْ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ فَلَمْ يَضْمَنْهُ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ ط: أَخَذَ مِنْهُ ثَوْبًا وَقَالَ: إنْ رَضِيتُهُ اشْتَرَيْتُهُ فَضَاعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ: إنْ رَضِيتُهُ أَخَذْتُهُ بِعَشَرَةٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَلَوْ قَالَ: صَاحِبُ الثَّوْبِ هُوَ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ: الْمُسَاوِمُ هَاتِهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ وَقَبَضَهُ عَلَى ذَلِكَ وَضَاعَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ. اهـ. قُلْتُ: وَوَجْهُهُ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ لَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَلَمْ يَصِحَّ كَوْنُهُ مَقْبُوضًا عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ وَإِنْ صَرَّحَ الْمُسَاوِمُ بِالشِّرَاءِ، وَفِي الثَّانِي لَمَّا صَرَّحَ بِالثَّمَنِ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ صَارَ مَضْمُونًا، وَفِي الثَّالِثِ وَإِنْ صَرَّحَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ لَكِنَّ الْمُسَاوِمَ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ لَا عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ فَلَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا، وَبِهَذَا ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ فَافْهَمْ، وَاغْتَنِمْ تَحْقِيقَ هَذَا الْمَحَلِّ. (قَوْلُهُ: مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ) أَيْ إذَا هَلَكَ، أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَهُ فَمَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ كَمَا حَقَّقَهُ الطَّرَسُوسِيُّ وَإِنْ رَدَّهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: إذَا أَخَذَ ثَوْبًا عَلَى وَجْهِ الْمُسَاوَمَةِ بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَارِثُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ مَوْتِ الْمُشْتَرِي. اهـ. قَالَ: وَالْوَارِثُ كَالْمُوَرِّثِ، فَقَدْ أَجَابَ فِي النَّهْرِ بِقَوْلِهِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ الطَّرَسُوسِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ تَفَقُّهًا بَلْ نَقْلًا عَنْ الْمَشَايِخِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُنْتَقَى، وَعَلَّلَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّهُ صَارَ رَاضِيًا بِالْمَبِيعِ حَمْلًا لِفِعْلِهِ عَلَى الصَّلَاحِ وَالسَّدَادِ، وَعَزَاهُ فِي الْخِزَانَةِ أَيْضًا إلَى الْمُنْتَقَى غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْقِيَاسِ تَجِبُ الْقِيمَةُ اهـ.
كَلَامُ النَّهْرِ. قُلْتُ: وَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ بَلْ فِيهِ مَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَكَذَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ وَارِثُ الْمُشْتَرِي يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي نَفْسُهُ كَانَ الْوَاجِبُ الثَّمَنَ لَا الْقِيمَةَ. وَوَجْهُهُ أَيْضًا ظَاهِرٌ، لِمَا عَلِمْته مِنْ تَعْلِيلِ الْمُحِيطِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْتِهْلَاكِ الْوَارِثِ أَنَّ الْعَاقِدَ هُوَ الْمُشْتَرِي فَإِذَا اسْتَهْلَكَهُ كَانَ رَاضِيًا بِإِمْضَاءِ عَقْدِ الشِّرَاءِ بِالثَّمَنِ الْمَذْكُورِ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَهْلَكَهُ وَارِثُهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ غَيْرُ الْعَاقِدِ بَلْ الْعَقْدُ انْفَسَخَ بِمَوْتِهِ فَبَقِيَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْوَارِثِ فَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ دُونَ الثَّمَنِ، فَقَوْلُهُ: فِي الْبَحْرِ وَالْوَارِثُ كَالْمُوَرِّثِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ. ثُمَّ رَأَيْتُ الطَّرَسُوسِيَّ نَقَلَ عَنْ الْمُنْتَقَى مَا يُفِيدُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ: الْبَائِعُ رَجَعْتُ عَمَّا قُلْتُ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي رَضِيتُ انْتَقَضَ جِهَةُ الْبَيْعِ، فَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَمَا فِي حَقِيقَةِ الْبَيْعِ لَوْ انْتَقَضَ يَبْقَى الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ مَضْمُونًا فَكَذَا هُنَا. اهـ. فَهَذَا صَرِيحٌ بِانْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِمَوْتِهِ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْوَارِثَ الثَّمَنُ بِاسْتِهْلَاكِهِ، فَافْهَمْ وَاغْتَنِمْ. (قَوْلُهُ: بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ) رَدٌّ عَلَى الطَّرَسُوسِيِّ حَيْثُ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهَا تَجِبُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَا يُزَادُ بِهَا عَلَى الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. قَالَ: فِي النَّهْرِ: وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَقَدْ صَرَّحُوا
وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي عَدَمَ ضَمَانِهِ بَزَّازِيَّةٌ، وَلَوْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ ضَمِنَهُ مِنْ مَالِهِ بِلَا رُجُوعٍ إلَّا بِأَمْرِهِ بِالسَّوْمِ خَانِيَّةٌ. أَمَّا عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ فَغَيْرُ مَضْمُونٍ مُطْلَقًا، وَعَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ، وَعَلَى سَوْمِ الْقَرْضِ بِقَرْضٍ سَاوَمَهُ بِهِ، وَعَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ لِأَمَةٍ بِقِيمَتِهَا نَهْرٌ
ــ
[رد المحتار]
بِذَلِكَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَكَذَا هُنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي) أَيْ مُرِيدُ الشِّرَاءِ وَهُوَ الْمُسَاوِمُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي يَدِ الْوَكِيلِ إلَخْ) قَالَ: فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: الْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ إذَا أَخَذَ الثَّوْبَ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَأَرَاهُ الْمُوَكِّلَ فَلَمْ يَرْضَ بِهِ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَهَلَكَ عِنْدَ الْوَكِيلِ، قَالَ: الْإِمَامُ ابْنُ الْفَضْلِ ضَمِنَ الْوَكِيلُ قِيمَتَهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِالْأَخْذِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ فَحِينَئِذٍ إذَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ رَجَعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ. اهـ. مَطْلَبٌ: الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: أَمَّا عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ) بِأَنْ يَقُولَ هَاتِهِ حَتَّى أَنْظُرَ إلَيْهِ أَوْ حَتَّى أُرِيَهُ غَيْرِي وَلَا يَقُولَ: فَإِنْ رَضِيتُهُ أَخَذْتُهُ، وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ ذَكَرَ الثَّمَنَ أَوْ لَا. اهـ. ح عَنْ النَّهْرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ ضَمَانِهِ إذَا هَلَكَ. أَمَّا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْقَابِضُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ، وَقَدَّمْنَا وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ، وَفِي حُكْمِهِ الْمَقْبُوضُ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ أَوْ مَاتَ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ قَبْلَ الرِّضَا أَوْ رَجَعَ عَمَّا قَالَ: كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْمُنْتَقَى، وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَبَضَ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ وَسَمَّى ثَوْبَ كُلِّ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ لِيَشْتَرِيَ أَحَدَهَا فَهَلَكَ وَاحِدٌ مِنْهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ دُونَ الْآخَرَيْنِ، وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ، وَهَلْ هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَتْ ثَلَاثَةً لِتَكُونَ مِمَّا فِيهِ خِيَارُ التَّعْيِينِ الْآتِي بَيَانُهُ أَوْ أَعَمُّ؟ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي لَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ، فَلَا شَكَّ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهَا مَقْبُوضٌ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا، وَالْبَاقِي عَلَى سَوْمِ النَّظَرِ فَهُوَ أَمَانَةٌ، بِخِلَافِ الْأَوَّلِ. فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ) أَيْ إذَا سَمَّى قَدْرَ الدَّيْنِ، فَلَا يُنَافِي مَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ مِنْ قَوْلِهِ الْمَقْبُوضُ عَلَى الرَّهْنِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِقْدَارَ لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ مَقْبُوضٌ عَلَى سَوْمِ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ بِالْمَوْعُودِ، بِأَنْ وَعَدَهُ أَنْ يُقْرِضَهُ أَلْفًا فَأَعْطَاهُ رَهْنًا وَهَلَكَ قَبْلَ الْإِقْرَاضِ يُعْطِيهِ الْأَلْفَ الْمَوْعُودَ جَبْرًا، فَإِنْ هَلَكَ هَذَا فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْعَدْلِ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَالدَّيْنِ. وَعَنْ الثَّانِي أَقْرِضْنِي وَخُذْ هَذَا وَلَمْ يُسَمِّ الْقَرْضَ فَأَخَذَ الرَّهْنَ وَلَمْ يُقْرِضْهُ حَتَّى ضَاعَ يَلْزَمُهُ قِيمَةُ الرَّهْنِ. اهـ. وَمَا عَنْ الثَّانِي مُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى سَوْمِ الْقَرْضِ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَمَا قُبِضَ عَلَى سَوْمِ الْقَرْضِ مَضْمُونٌ بِمَا سَاوَمَ كَمَقْبُوضٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ بِمَنْزِلَةِ مَقْبُوضٍ عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ، إلَّا أَنَّ فِي الْبَيْعِ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَهُنَا يَهْلِكُ الرَّهْنُ بِمَا سَاوَمَهُ مِنْ الْقَرْضِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: يَهْلِكُ الرَّهْنُ بِمَا سَاوَمَهُ مِنْ الْقَرْضِ أَيْ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الرَّهْنِ لَا أَقَلَّ، فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْأَقَلِّ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ " مَا " فِي قَوْلِهِ وَمَا قُبِضَ نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِمَعْنَى الرَّهْنِ فَتَكُونُ هَذِهِ عَيْنَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ إلَخْ) يَعْنِي لَوْ قَبَضَ أَمَةَ غَيْرِهِ لِيَتَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ قِيمَتَهَا جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ
(وَيَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ) أَيْ الْبَائِعِ (مَعَ خِيَارِ الْمُشْتَرِي) فَقَطْ (فَيَهْلَكُ بِيَدِهِ بِالثَّمَنِ كَتَعَيُّبِهِ) فِيهَا بِعَيْبٍ لَا يَرْتَفِعُ كَقَطْعِ يَدٍ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَلِلْبَائِعِ فَسْخُ الْمَبِيعِ وَأَخْذُ نُقْصَانِ الْقِيَمِيِّ لَا الْمِثْلِيِّ لِشُبْهَةِ الرِّبَا حَدَّادِيٌّ،
ــ
[رد المحتار]
قَالَ: مُحَشِّيهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ تَقَدَّمَ أَنَّ مَا بَعَثَ مَهْرًا بَعْدَ الْخِطْبَةِ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ يُسْتَرَدُّ، فَهُوَ صَرِيحٌ أَيْضًا فِي أَنَّ مَا قُبِضَ عَلَى سَوْمِ النِّكَاحِ مِنْ الْمَهْرِ مَضْمُونٌ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ الْمَهْرَ. اهـ. [تَنْبِيهٌ] :
ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ قِيمَةِ الْأَمَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مُسَمًّى، وَيُحْتَاجُ إلَى وَجْهِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ أَوْ سَوْمِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَا يُضْمَنُ إلَّا بَعْدَ بَيَانِ الثَّمَنِ أَوْ بَيَانِ الْقَرْضِ، وَقَدْ أَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ السَّيِّدُ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ النِّكَاحِ وَلَمْ يَأْتِ بِطَائِلٍ.
(قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ أَيْ الْبَائِعِ) فَلَوْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ، وَلَوْ كَانَ حَلَفَ إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: مَعَ خِيَارِ الْمُشْتَرِي فَقَطْ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَأَسْقَطَ الْبَائِعُ خِيَارَهُ بِأَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ كَمَا فِي الْبَحْرِ. قَالَ: ح: وَمِثْلُهُ مَا إذَا جَعَلَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِأَجْنَبِيٍّ. (قَوْلُهُ: فَيَهْلِكُ بِيَدِهِ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّ الْهَلَاكَ لَا يَعْرَى عَنْ مُقَدِّمَةِ عَيْبٍ يَمْنَعُ الرَّدَّ فَيَهْلِكُ وَقَدْ انْبَرَمَ الْبَيْعُ فَيَلْزَمُ الثَّمَنُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّ تَعَيُّبَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ فَيَهْلِكُ وَالْعَقْدُ مَوْقُوفٌ فَيَبْطُلُ نَهْرٌ. وَإِذَا بَطَلَ الْعَقْدُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ.
مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ أَنَّ الثَّمَنَ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ نَقَصَ، وَالْقِيمَةَ مَا قُوِّمَ بِهِ الشَّيْءُ بِمَنْزِلَةِ الْمِعْيَارِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ. (قَوْلُهُ: كَتَعَيُّبِهِ فِيهَا) أَيْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا تَشْبِيهٌ بِالْهَلَاكِ فِي الصُّورَتَيْنِ أَعْنِي فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنَّ التَّعَيُّبَ الْمَذْكُورَ كَالْهَلَاكِ يُوجِبُ الْقِيمَةَ فِي الْأُولَى وَالثَّمَنَ فِي الثَّانِيَةِ مِنَحٌ، وَشَمِلَ مَا إذَا عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجْنَبِيٌّ أَوْ تَعَيَّبَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ، وَكَذَا بِفِعْلِ الْبَائِعِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ خِيَارُ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ ضَمِنَ الْبَائِعُ النُّقْصَانَ. وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ بَحْرٌ: أَيْ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ. [تَنْبِيهٌ] :
ذَكَرَ حُكْمَ الْهَلَاكِ وَالنُّقْصَانِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الزِّيَادَةِ عِنْدَهُ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ وَمُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْأَصْلِ كَالْوَلَدِ وَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ وَالْبُرْءِ مِنْ الْمَرَضِ، أَوْ غَيْرُ مُتَوَلِّدَةٍ كَالصَّبْغِ وَالْعَقْرِ وَالْكَسْبِ وَالْبِنَاءِ فَيَمْتَنِعُ الْفَسْخُ إلَّا فِي الْمُنْفَصِلَةِ الْغَيْرِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَحْرٌ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة. (قَوْلُهُ: لَا يَرْتَفِعُ) يَأْتِي مُحْتَرَزُهُ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ) أَيْ لَوْ هَلَكَ، وَلَوْ قَالَ: فَلِلْبَائِعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَسْخُ الْبَيْعِ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بَيَانُ مَا يَلْزَمُ بِالتَّعَيُّبِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، أَمَّا مَا يَلْزَمُ بِالْهَلَاكِ فِيهِمَا فَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لِشُبْهَةِ الرِّبَا) لِأَنَّ الْجَوْدَةَ فِي الْمَالِ الرِّبَوِيِّ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ، لَكِنْ قَالَ: فِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْغَصْبِ: إذَا غَصَبَ قُلْبَ فِضَّةٍ - وَهُوَ بِالضَّمِّ السِّوَارُ -، إنْ شَاءَ الْمَالِكُ أَخَذَهُ مَكْسُورًا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ مِنْ الذَّهَبِ. قَالَ: فِي الْعِنَايَةِ: إذْ لَوْ أَوْجَبْنَا مِثْلَ الْقِيمَةِ مِنْ جِنْسِهِ أَدَّى إلَى الرِّبَا أَوْ مِثْلَ وَزْنِهِ أَبْطَلْنَا حَقَّ الْمَالِكِ فِي الْجَوْدَةِ وَالصَّنْعَةِ. اهـ. وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ هُنَاكَ فِيمَا لَوْ نَقَصَ الْمَغْصُوبُ الرِّبَوِيُّ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَ الْعَيْنَ وَلَا يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِشَيْءٍ وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَيَضْمَنَ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ النُّقْصَانِ مُتَعَذَّرٌ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا. اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمَالِكِ بَيْنَ إمْسَاكِ الْعَيْنِ بِلَا رُجُوعٍ بِالنُّقْصَانِ وَبَيْنَ دَفْعِهَا وَتَضْمِينِ
وَثَمَنُهُ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ يَرْتَفِعُ كَمَرَضٍ، فَإِنْ زَالَ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْعَقْدُ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ ابْنُ كَمَالٍ. (وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي خِلَافًا لَهُمَا) لِئَلَّا يَصِيرَ سَائِبَةً. قُلْنَا: السَّائِبَةُ هِيَ الَّتِي لَا مِلْكَ فِيهَا لِأَحَدٍ وَلَا تَعَلُّقَ مِلْكٍ، وَالثَّانِي مَوْجُودٌ هُنَا، وَيَلْزَمَكُمْ اجْتِمَاعُ الْبَدَلَيْنِ وَالْعَوْدُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ بِشِرَاءِ قَرِيبِهِ.
(وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهُمَا)
ــ
[رد المحتار]
مِثْلِهَا أَيْ مِثْلِ وَزْنِهَا؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِبْطَالِ حَقِّهِ فِي الْجَوْدَةِ وَبَيْنَ تَضْمِينِ قِيمَتِهَا: أَيْ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ.
وَفِي مَسْأَلَتِنَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ وَعَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي وَاخْتَارَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ نُقْصَانِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْخِيَارَاتُ الْمَذْكُورَةُ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ مَا كَانَ الْخِيَارُ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَرْتَفِعُ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ بِعَيْبٍ لَا يَرْتَفِعُ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ) أَيْ فَلَهُ الْفَسْخُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَرَدُّ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْمَرَضُ فِي الْمُدَّةِ لَزِمَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ فِي الْمُدَّةِ مَعِيبًا لِتَضَرُّرِ الْبَائِعِ، وَلَوْ زَالَ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَزِمَ الْعَقْدُ بِمُضِيِّهَا. (قَوْلُهُ: ابْنُ كَمَالٍ) وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَالْجَوْهَرَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَقَطْ، لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ يَصِحُّ إعْتَاقُهُ وَيَكُونُ إمْضَاءً. وَفِي السِّرَاجِ: تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ جَازَ تَصَرُّفُهُ وَيَكُونُ إجَازَةً مِنْهُ.
وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ رَهَنَ الثَّمَنَ رَهْنًا جَازَ الرَّهْنُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ أَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ إبْرَاؤُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. اهـ. فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الرَّهْنُ أَيْضًا. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَعْتَمِدُ الدَّيْنَ وَلَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ صِحَّتِهِ بِالدَّيْنِ الْمَوْعُودِ بِهِ، لَكِنْ فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ الرَّهْنِ بِالثَّمَنِ قِيَاسٌ وَالِاسْتِحْسَانُ صِحَّتُهُ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ بَعْدَ وُجُودِ السَّبَبِ وَهُوَ الْبَيْعُ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ: وَفِيهِ عَلَى الْخُلَاصَةِ أَنَّ زَوَائِدَ الْمَبِيعِ مَوْقُوفَةٌ، إنْ تَمَّ الْبَيْعُ كَانَتْ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ يُفْسَخْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) حَيْثُ قَالَا: إنَّهُ يَمْلِكُهُ. (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَصِيرَ سَائِبَةً) أَيْ شَيْئًا لَا مَالِكَ لَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الْمِلْكِ، وَهَذَا دَلِيلٌ لِقَوْلِهِمَا إنَّهُ يَمْلِكُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَزِمَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لَا إلَى مَالِكٍ فَيَكُونَ كَالسَّائِبَةِ وَلَا عَهْدَ لَنَا بِهِ فِي الشَّرْعِ يَعْنِي فِي الْمُعَاوَضَاتِ لِئَلَّا يَرِدَ نَحْوُ التَّرِكَةِ الْمُسْتَغْرَقَةِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَلَا تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ وَلَا الْغُرَمَاءِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ وَالْفَتْحِ. (قَوْلُهُ: قُلْنَا) أَيْ مِنْ طَرَفِ الْإِمَامِ، وَهُوَ جَوَابٌ يَمْنَعُ كَوْنَهُ كَالسَّائِبَةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي مَوْجُودٌ هُنَا) وَهُوَ عُلْقَةُ الْمِلْكِ: أَيْ لِلْبَائِعِ، إذْ قَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ فَيَعُودُ إلَيْهِ حَقِيقَةُ مِلْكِهِ وَلِلْمُشْتَرِي أَيْضًا إذْ قَدْ يَسْقُطُ خِيَارُهُ فَيَكُونُ لَهُ ط.
(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُكُمْ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ لِلْإِمَامِ بِطَرِيقِ النَّقْضِ الْإِجْمَالِيِّ لِدَلِيلِ الْخَصْمِ بِاسْتِلْزَامِهِ الْفَسَادَ مِنْ وَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ مَا فِي النَّهْرِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي مَعَ كَوْنِ الثَّمَنِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ لَزِمَ اجْتِمَاعُ الْبَدَلَيْنِ فِي حُكْمِ مِلْكِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حُكْمًا لِلْمُعَاوَضَةِ وَلَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ، يَعْنِي فِي بَابِ الْمُعَاوَضَةِ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ بَيْنَهُمَا فِي تَبَادُلِ مِلْكَيْهِمَا، فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ غَصَبَ الْمُدَبَّرَ وَأَبَقَ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمَالِكِ فَيَجْتَمِعُ الْعِوَضَانِ فِي مِلْكٍ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا مُعَاوَضَةٍ. وَالثَّانِي مَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي شُرِعَ نَظَرًا لَهُ لِيَتَرَوَّى فَيَقِفَ عَلَى الْمَصْلَحَةِ، فَلَوْ أَثْبَتْنَا الْمِلْكَ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ مَعَ خِيَارِهِ أَلْحَقْنَاهُ نَقِيضَ مَقْصُودِهِ، إذْ رُبَّمَا كَانَ الْمَبِيعُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَيَعْتِقُ بِلَا اخْتِيَارِهِ فَيَعُودُ شَرْعُ الْخِيَارِ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ إذْ كَانَ مُفَوِّتًا لِلنَّظَرِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهُمَا إلَخْ) فَإِنْ تَصَرَّفَ الْبَائِعُ جَازَ وَكَانَ فَسْخًا وَكَذَا إنْ تَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ إنْ كَانَ عَيْنًا، وَتَصَرُّفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيمَا اشْتَرَاهُ بَاطِلٌ، وَأَيُّهُمَا هَلَكَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَ
أَيْ مِنْ مَبِيعٍ وَثَمَنٍ مِنْ مِلْكِ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ عَنْ مَالِكِهِ اتِّفَاقًا (إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا) ، وَأَيُّهُمَا فَسَخَ فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَأَيُّهُمَا أَجَازَ بَطَلَ خِيَارُهُ فَقَطْ.
(وَ) هَذَا الْخِلَافُ (تَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِي) عَشَرِ مَسَائِلَ جَمَعَهَا الْعَيْنِيُّ فِي قَوْلِهِ: اسْحَقْ عِزَّكَ فَخُمْ. الْأَلِفُ مِنْ الْأَمَةِ لَوْ اشْتَرَاهَا بِخِيَارٍ وَهِيَ زَوْجَتُهُ بَقِيَ النِّكَاحُ وَالسِّينُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَحَيْضُهَا فِي الْمُدَّةِ لَا يُعْتَبَرُ اسْتِبْرَاءً.
وَالْحَاءُ مِنْ الْمَحْرَمِ، فَلَا يَعْتِقُ مَحْرَمُهُ
وَالْقَافُ مِنْ الْقُرْبَانِ لِمَنْكُوحَتِهِ الْمُشْتَرَاةِ، فَلَهُ رَدُّهَا إلَّا إذَا نَقَصَهَا بِهِ.
ــ
[رد المحتار]
الْبَيْعُ، فَإِنْ هَلَكَ بَعْدَهُ بَطَلَ أَيْضًا وَلَزِمَ قِيمَتُهُ مِنَحٌ. (قَوْلُهُ: عَنْ مَالِكِهِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ط. (قَوْلُهُ: وَأَيُّهُمَا أَجَازَ بَطَلَ خِيَارُهُ فَقَطْ) أَيْ وَصَارَ الْعَقْدُ بَاتًّا مِنْ جَانِبِهِ، وَالْآخَرُ عَلَى خِيَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا إجَازَةٌ وَلَا فَسْخٌ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ لَزِمَ الْبَيْعُ، وَلَوْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا وَفَسَخَ الْآخَرُ بَطَلَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ سَبَقَ الْفَسْخُ أَوْ الْإِجَازَةُ أَوْ كَانَا مَعًا، وَلَا عِبْرَةَ لِلْإِجَازَةِ بِكُلِّ حَالٍ. اهـ. مِنَحٌ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَجَازَ أَحَدُهُمَا فَالْآخَرُ عَلَى خِيَارِهِ، فَإِنْ أَجَازَ أَيْضًا تَمَّ الْعَقْدُ، وَإِنْ فَسَخَ بَطَلَ، وَإِنْ سَكَتَا حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ لَزِمَ الْعَقْدُ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا الْخِلَافُ) أَيْ الْمَذْكُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ أَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي عِنْدَهُ وَيَدْخُلُ عِنْدَهُمَا وَالتَّفْرِيعُ فِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ عَلَى قَوْلِهِ. (قَوْلُهُ: بَقِيَ النِّكَاحُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا عِنْدَهُ، وَإِذَا سَقَطَ الْخِيَارُ بَطَلَ: أَيْ النِّكَاحُ لِلتَّنَافِي أَيْ بَيْنَ ثُبُوتِ الْمُتْعَةِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَبِالْعَقْدِ. وَعِنْدَهُمَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِ الزَّوْجِ فَإِذَا فَسَخَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ رَجَعَتْ إلَى مَوْلَاهَا بِلَا نِكَاحٍ عَلَيْهَا عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَهُ تَسْتَمِرُّ زَوْجَتَهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَاسِدًا وَقَبَضَهَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ، ثُمَّ إذَا فُسِخَ الْبَيْعُ لِلْفَسَادِ لَا يَرْتَفِعُ فَسَادُ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: لَا يُعْتَبَرُ اسْتِبْرَاءً) أَيْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يُعْتَبَرُ؛ وَلَوْ رُدَّتْ بِحُكْمِ الْخِيَارِ إلَى الْبَائِعِ لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عِنْدَهُ. وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ إذَا رُدَّتْ بَعْدَ الْقَبْضِ بَحْرٌ وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ الْآتِيَةُ فِي رَمْزِ الْفَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَعْتِقُ مَحْرَمُهُ) أَيْ إذَا اشْتَرَى قَرِيبَهُ الْمَحْرَمَ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عِنْدَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَفْسَخْ. وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهَا) ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ لَمْ يَمْلِكْهَا عِنْدَهُ كَانَ وَطْؤُهُ لَهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِالنِّكَاحِ لَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ دَلِيلَ الرِّضَا بِالْبَيْعِ، بِخِلَافِ وَطْءِ غَيْرِ مَنْكُوحَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَعِنْدَهُمَا يَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَصَلَ فِي الْمِلْكِ وَقَدْ بَطَلَ النِّكَاحُ فَكَانَ دَلِيلَ الرِّضَا. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَقَصَهَا) أَيْ الْوَطْءُ وَلَوْ ثَيِّبًا فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ نَهْرٌ وَفَتْحٌ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ دَوَاعِيَ الْوَطْءِ لَيْسَتْ كَالْوَطْءِ لِعَدَمِ التَّنْقِيصِ بِهَا فَلَا يَجْرِي فِيهَا الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، بِخِلَافِهَا فِي غَيْرِ الْمَنْكُوحَةِ فَإِنَّ دَوَاعِيَهُ مِثْلُهُ فَتَكُونُ دَلِيلَ الرِّضَا بِالْبَيْعِ فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ اتِّفَاقًا كَمَا سَيَأْتِي. وَعَلَى هَذَا فَيُشْكِلُ مَا فِي شَرْحِ مُنْلَا مِسْكِينٍ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ عِنْدَ الْإِمَامِ لَوْ قَبَّلَهَا أَوْ مَسَّهَا أَوْ مَسَّتْهُ بِشَهْوَةٍ؛ وَكَذَا لَوْ وَطِئَهَا غَيْرُ الزَّوْجِ
وَالْعَيْنُ مِنْ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ بَائِعِهِ، فَتَهْلَكُ عَلَى الْبَائِعِ لِارْتِفَاعِ الْقَبْضِ بِالرَّدِّ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَالزَّايُ مِنْ الزَّوْجَةِ الْمُشْتَرَاةِ، لَوْ وَلَدَتْ فِي الْمُدَّةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ؛ وَلَوْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَزِمَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ عَيْبٌ دُرَرٌ وَابْنُ كَمَالٍ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ إذَا وَلَدَتْ بَطَلَ خِيَارُهُ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مَيِّتًا وَلَمْ تَنْقُصْهَا الْوِلَادَةُ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ.
وَالْكَافُ مِنْ الْكَسْبِ لِلْعَبْدِ فِي الْمُدَّةِ، فَهُوَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ.
وَالْفَاءُ مِنْ الْفَسْخِ لِبَيْعِ الْأَمَةِ، فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ.
وَالْخَاءُ مِنْ الْخَمْرِ، فَلَوْ شَرَاهُ ذِمِّيٌّ مِنْ مِثْلِهِ بِالْخِيَارِ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ لِلْبَائِعِ عَيْنِيٌّ، وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ، لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْكَمَالِ: وَأَسْلَمَ الْمُشْتَرِي.
ــ
[رد المحتار]
فِي يَدِهِ. اهـ. وَوَجْهُ الْأَخِيرِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ وَطْءَ غَيْرِهِ مُوجِبٌ لِلْعُقْرِ وَهُوَ زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ الْمَبِيعِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَتَمْنَعُ الرَّدَّ كَمَا مَرَّ، وَيَأْتِي.
[تَنْبِيهٌ] قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ حِلِّ وَطْءِ الْمَبِيعَةِ بِخِيَارٍ، أَمَّا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَيَنْبَغِي حِلُّهُ لَهُ لَا لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحِلَّ لَهُمَا، نَقَلَهُ فِي الْمِعْرَاجِ عَنْ الشَّافِعِيِّ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَنْكُوحَتِهِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مُكَرَّرَةٍ مَعَ الْأُولَى الْمَرْمُوزِ لَهَا بِالْأَلِفِ وَإِنْ كَانَ مَوْضُوعُهُمَا بِشِرَاءِ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأُولَى أَنَّ شِرَاءَهَا لَا يُبْطِلُ نِكَاحَهَا، وَمِنْ هَذِهِ أَنَّ وَطْءَ زَوْجِهَا لَا يَمْنَعُهُ مِنْ رَدِّهَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ط وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْوَدِيعَةِ عِنْدَ بَائِعِهِ إلَخْ) أَيْ إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ عِنْدَهُ لِارْتِفَاعِ الْقَبْضِ بِالرَّدِّ لِعَدَمِ الْمِلْكِ. وَعِنْدَهُمَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الْمِلْكِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمِلْكِ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ وَلَدَتْ) أَيْ بِالنِّكَاحِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي لِعَدَمِ الْمِلْكِ خِلَافًا لَهُمَا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: لَزِمَ الْعَقْدُ إلَخْ) أَيْ اتِّفَاقًا، وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُشْتَرِي إذَا ادَّعَاهُ بَحْرٌ عَنْ ابْنِ كَمَالٍ؛ لِأَنَّ تَعَيُّبَ الْمَبِيعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ مُبْطِلٌ لِخِيَارِهِ. (قَوْلُهُ: إذَا وَلَدَتْ إلَخْ) أَيْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَيُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ ط. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُنْقِصْهَا الْوِلَادَةُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْوِلَادَةَ قَدْ لَا تَكُونُ نُقْصَانًا وَهُوَ خِلَافُ الْإِطْلَاقِ السَّابِقِ، وَيُؤَيِّدُ السَّابِقَ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا ثُمَّ ظَهَرَ وِلَادَتُهَا عِنْدَ الْبَائِعِ لَا مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ؛ فِي رِوَايَةِ: الْمُضَارَبَةِ عَيْبٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ التَّكَسُّرَ الْحَاصِلَ بِالْوِلَادَةِ لَا يَزُولُ أَبَدًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي رِوَايَةٍ إنْ نَقَصَتْهَا الْوِلَادَةُ عَيْبٌ، وَفِي الْبَهَائِمِ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ تُوجِبَ نُقْصَانًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ خِلَافَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهَا وَهُوَ تَحْرِيفٌ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ هُنَاكَ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ) لِأَنَّهُ عِنْدَهُ لَمْ يَحْدُثْ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَهُمَا لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِ بَحْرٌ. قَالَ: ط: وَأَمَّا إذَا لَمْ يَفْسَخْ فَالزَّوَائِدُ تَبَعٌ لِلْمَبِيعِ كَمَا سَلَفَ.
(قَوْلُهُ: فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَى الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِتَجْدِيدِ الْمِلْكِ وَلَمْ يُوجَدْ حَيْثُ لَمْ تَدْخُلْ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ مِلْكُ الْبَائِعِ ابْنُ كَمَالٍ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْكَمَالِ وَأَسْلَمَ الْمُشْتَرِي) وَكَذَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْمُرَادَ مِنْ لَفْظِ أَحَدِهِمَا. فِي عِبَارَةِ الْعَيْنِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ لَا تَظْهَرُ فِيهِ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ لِبَقَاءِ الْخِيَارِ إجْمَاعًا كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ، حَيْثُ قَالَ: لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا عَلَى أَنَّهُ: - أَيْ الْمُشْتَرِيَ - بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ الْخِيَارُ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَلَا يَمْلِكُ تَمْلِيكَهَا بِالرَّدِّ وَهُوَ مُسَلَّمٌ. وَعِنْدَهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا فَلَا يَمْلِكُ تَمَلُّكَهَا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ وَهُوَ مُسَلَّمٌ.
وَلَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بَقِيَ عَلَى خِيَارِهِ بِالْإِجْمَاعِ؛ وَلَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي عَادَتْ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ بَاتٌّ، فَإِنْ أَجَازَهُ صَارَ لَهُ، وَإِنْ فَسَخَ صَارَ الْخَمْرُ لِلْبَائِعِ
وَالْمِيمُ مِنْ الْمَأْذُونِ، لَوْ أَبْرَأهُ الْبَائِعُ مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ اسْتِحْسَانًا وَبَقِيَ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ يَلِي عَدَمَ التَّمَلُّكِ، كُلُّ ذَلِكَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا.
قُلْتُ: وَزِيدَ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ مِنْهَا: التَّاءُ لِلتَّعْلِيقِ كَإِنْ مَلَكْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ فَشَرَاهُ بِخِيَارٍ لَمْ يَعْتِقْ
وَالتَّاءُ وَاسْتِدَامَةُ السُّكْنَى بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ.
وَالصَّادُ، وَصَيْدٌ شَرَاهُ بِخِيَارٍ فَأَحْرَمَ بَطَلَ الْبَيْعُ وَالدَّالُ وَالزَّوَائِدُ الْحَادِثَةُ فِي الْمُدَّةِ بَعْدَ الْفَسْخِ لِلْبَائِعِ.
ــ
[رد المحتار]
وَالْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْخَمْرَ حُكْمًا كَمَا فِي الْإِرْثِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَأَسْلَمَ هُوَ بَطَلَ الْبَيْعُ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَالْمُسْلِمُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْلِكَ الْخَمْرَ؛ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بَاتٌّ، فَإِنْ أَجَازَ الْعَقْدَ صَارَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَمْلِكَ الْخَمْرَ حُكْمًا، وَإِنْ فَسَخَهُ كَانَ لِلْبَائِعِ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمْ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَالْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا لَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا لِأَنَّ لِلْقَبْضِ شَبَهًا بِالْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ التَّصَرُّفِ فَلَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ اهـ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمَأْذُونِ إلَخْ) أَيْ إذَا اشْتَرَى عَبْدٌ مَأْذُونٌ شَيْئًا بِالْخِيَارِ وَأَبْرَأَهُ بَائِعُهُ عَنْ ثَمَنِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَقِيَ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ كَانَ رَدُّهُ فِي الْمُدَّةِ امْتِنَاعًا عَنْ التَّمَلُّكِ وَلِلْمَأْذُونِ وِلَايَةُ ذَلِكَ، فَإِذَا وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ فَلَهُ وِلَايَةُ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ دُرَرٌ. وَعِنْدَهُمَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ كَانَ الرَّدُّ مِنْهُ تَمْلِيكًا بِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَهَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قِيَاسًا وَيَصِحُّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اسْتِحْسَانًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ: كُلُّ ذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ أَحْكَامِ الْمَسَائِلِ الْعَشْرِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ) لِأَنَّهُ عِنْدَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ. وَعِنْدَهُمَا وُجِدَ فَيَعْتِقُ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت بَدَلَ قَوْلِهِ إنْ مَلَكْت فَإِنَّهُ يَعْتِقُ اتِّفَاقًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الشِّرَاءُ فَيَكُونُ كَالْمُنْشِئِ لِلْعِتْقِ بَعْدَهُ فَيَسْقُطُ الْخِيَارُ فَتْحٌ وَبَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِدَامَةُ السُّكْنَى إلَخْ) صُورَتُهَا: اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَهُوَ سَاكِنُهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَاسْتَدَامَ سُكْنَاهَا، قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ: اسْتِدَامَتُهَا اخْتِيَارٌ عِنْدَهُمَا لِمِلْكِ الْعَيْنِ وَعِنْدَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ فَتْحٌ وَمِثْلُهُ خِيَارُ الْعَيْبِ وَخِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْقِسْمَةِ وَلَوْ ابْتَدَأَ السُّكْنَى بَطَلَ خِيَارُهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: فَأَحْرَمَ) أَيْ وَهُوَ فِي يَدِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ عِنْدَهُ وَيَرُدُّهُ إلَى الْبَائِعِ، وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ يَنْتَقِضُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَأَحْرَمَ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بَحْرٌ وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي: فَأَحْرَمَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ وَهِيَ الصَّوَابُ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْفَسْخِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ قَوْلُهُ لِلْبَائِعِ أَيْ تَثْبُتُ لِلْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ لِأَنَّهَا لَمْ تَحْدُثْ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَهُمَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا حَدَثَتْ عَلَى مِلْكِهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الزَّوَائِدَ تَعُمُّ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ مُتَوَلَّدَةً أَوْ غَيْرَهَا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ هُنَا لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ أَنَّ حُدُوثَهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ الْفَسْخَ بِالْخِيَارِ إلَّا إذَا كَانَتْ مُنْفَصِلَةً غَيْرَ مُتَوَلَّدَةٍ كَالْكَسْبِ فَهَذِهِ يَتَأَتَّى فِيهَا إجْرَاءُ الْخِلَافِ لِإِمْكَانِ الْفَسْخِ فِيهَا أَمَّا فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ فَلَا بَلْ هِيَ لِلْمُشْتَرِي قَطْعًا لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِ حَيْثُ امْتَنَعَ بِهَا الْفَسْخُ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ ذِكْرَ مَسَائِلِ الزِّيَادَةِ كَمَا قَدَّمْنَا مِنْ امْتِنَاعِ الْفَسْخِ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي صُورَةِ الْمُنْفَصِلَةِ الْغَيْرِ الْمُتَوَلَّدَةِ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيهَا فَقَطْ فَإِطْلَاقُ الزَّوَائِدِ هُنَا لَيْسَ مِمَّا يَنْبَغِي بَلْ الْمُرَادُ بِهَا الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكَسْبِ الَّتِي رَمَزَ لَهَا بِالْكَافِ، فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ إسْقَاطُ هَذِهِ لِتَكْرَارِهَا مَعَ إيهَامِهَا خِلَافَ الْمُرَادِ
وَالرَّاءُ وَالْعَصِيرُ فِي بَيْعِ مُسْلِمَيْنِ لَوْ تَخَمَّرَ فِي الْمُدَّةِ فَسَدَ خِلَافًا لَهُمَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْمِزَ لَهَا لَفْظَ تَتَصَدَّرُ وَيَضُمَّ الرَّمْزَ لِلرَّمْزِ، وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ فَلْيُحْفَظْ.
(أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) وَلَوْ أَجْنَبِيًّا (صَحَّ وَلَوْ مَعَ جَهْلِ صَاحِبِهِ) إجْمَاعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لَهُمَا وَفَسَخَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّ الْمَفْسُوخَ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ. (فَإِنْ فَسَخَ) بِالْقَوْلِ (لَا) يَصِحُّ (إلَّا إذَا عَلِمَ) الْآخَرُ فِي الْمُدَّةِ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ لَزِمَ الْعَقْدُ، وَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِكَفِيلٍ مَخَافَةَ الْغَيْبَةِ أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَنْصِبَ مَنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ عَيْنِيٌّ، قَيَّدْنَا بِالْقَوْلِ لِصِحَّتِهِ بِالْفِعْلِ بِلَا عِلْمِهِ اتِّفَاقًا
ــ
[رد المحتار]
كَمَا ظَنَّهُ مَنْ قَالَ: إنَّ الزَّوَائِدَ تَعُمُّ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ الْكَافِ الْمُشَارِ بِهَا إلَى الْكَسْبِ اهـ. فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: فَسَدَ) أَيْ الْبَيْعُ عِنْدَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ تَمَلُّكِهِ بِإِسْقَاطِ خِيَارِهِ، وَيَتِمُّ عِنْدَهُمَا لِعَجْزِهِ عَنْ رَدِّهِ بِفَسْخِهِ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لَهُمَا) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْمَزِيدَةِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَيَضُمُّ الرَّمْزَ لِلرَّمْزِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ: أَيْ يَضُمُّ الرَّمْزَ الْمَزِيدَ بِلَفْظٍ تَتَصَدَّرُ لِلرَّمْزِ السَّابِقِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيَضُمُّ لِرَمْزِ الرَّمْزِ بِجَرِّ الْأَوَّلِ بِاللَّامِ وَالثَّانِي بِالْإِضَافَةِ، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَلْطَفُ وَعَلَيْهَا فَفِي " يَضُمُّ " ضَمِيرٌ يَعُودُ لِلرَّمْزِ الْمَزِيدِ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالرَّمْزِ الْمَجْرُورِ بِاللَّامِ الرَّمْزَ السَّابِقَ عَنْ الْعَيْنِيِّ، وَبِالرَّمْزِ الْمَجْرُورِ بِالْإِضَافَةِ شَرْحَ الْكَنْزِ لِلْعَيْنِيِّ فَإِنَّ اسْمَهُ الرَّمْزُ. وَفِي ط: فَيَصِيرُ الْمَعْنَى اسْحَقْ عِزَّكَ: أَيْ امْحَقْهُ بِتَوَاضُعِكَ وَعَظِّمْ اللَّهَ - تَعَالَى - فِي قَلْبِكَ، فَامْتَثِلْ أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَعَظِّمْ النَّاسَ بِإِنْزَالِهِمْ مَنْزِلَتَهُمْ تَصِيرُ صَدْرًا أَيْ مُقَدَّمًا وَمُقَرَّبًا عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَعِنْدَ النَّاسِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ) أَيْ لَمْ يَرَ الرَّمْزَ بِ تَتَصَدَّرُ وَإِلَّا فَالْمَسَائِلُ فِي الْمِنَحِ الْبَحْرُ ط
(قَوْلُهُ: أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ أَجَازَ بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ كَالْإِعْتَاقِ وَالْوَطْءِ وَنَحْوِهِمَا كَمَا يَأْتِي. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: إذَا قَالَ: أَجَزْتُ شِرَاءَهُ أَوْ شِئْتُ أَخْذَهُ أَوْ رَضِيتُ أَخْذَهُ بَطَلَ خِيَارُهُ؛ وَلَوْ قَالَ: هَوِيتُ أَخْذَهُ أَوْ أَحْبَبْتُ أَوْ أَرَدْتُ أَوْ أَعْجَبَنِي أَوْ وَافَقَنِي لَا يَبْطُلُ لَوْ اخْتَارَ الرَّدَّ أَوْ الْقَبُولَ بِقَلْبِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِتَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِالظَّاهِرِ لَا بِالْبَاطِنِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ جَهْلِ صَاحِبِهِ) أَيْ الْعَاقِدِ مَعَهُ، أَمَّا لَوْ كَانَ لِلْمُشْتَرِيَيْنِ فَفَسَخَ أَحَدُهُمَا بِعَيْبَةِ الْآخَرِ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَهُمَا) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلْآخَرِ الْإِجَازَةُ) أَيْ إلَّا إذَا قَبِلَ الْأَوَّلُ إجَازَتَهُ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: بَاعَهُ بِخِيَارٍ فَفَسَخَهُ فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَ، فَإِنْ قَالَ: بَعْدَهُ أَجَزْتُ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَأَجَازَ ثُمَّ فَسَخَ وَقَبِلَ الْبَائِعُ جَازَ وَيَنْفَسِخُ اهـ.
فَيَكُونُ الْأَوَّلُ بَيْعًا آخَرَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ وَالثَّانِي إقَالَةً. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَفْسُوخَ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ) فِيهِ إشْكَالٌ سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ مَعَ جَوَابِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا عَلِمَ الْآخَرُ) هَذَا عِنْدَهُمَا. وَقَالَ: أَبُو يُوسُفَ: يَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. قَالَ: الْكَرْخِيُّ وَخِيَارُ الرُّؤْيَةِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الْعَيْبِ لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ بِدُونِ عِلْمِهِ إجْمَاعًا. وَلَوْ أَجَازَ الْبَيْعَ بَعْدَ فَسْخِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي جَازَ وَبَطَلَ فَسْخُهُ ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، يَعْنِي عِنْدَهُمَا. وَفِيهِ يَظْهَرُ أَثَرُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ بِشَرْطِ أَنَّهُ إذَا غَابَ فَسَخَ فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَرَجَّحَ قَوْلَهُ فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، سَوَاءٌ عَلِمَ بَعْدَهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَوْثِقَ بِكَفِيلٍ) الَّذِي فِي الْعَيْنِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَكِيلًا، يَعْنِي إذَا بَدَا لَهُ الْفَسْخُ رَدَّهُ عَلَيْهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ ح. (قَوْلُهُ: أَوْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيَنْصِبَ إلَخْ) فِي الْعِمَادِيَّةِ: وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ، وَقِيلَ: لَا يَنْصِبُ لِأَنَّهُ تَرَكَ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ بِعَدَمِ الْوَكِيلِ فَلَا يَنْظُرُ الْقَاضِي إلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: لِصِحَّتِهِ بِالْفِعْلِ بِلَا عِلْمِهِ) مِثَالُ الْفَسْخِ بِالْفِعْلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ، كَمَا إذَا أَعْتَقَ الْمَبِيعَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ كَانَ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا أَوْ قَبَّلَهَا أَوْ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَتَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، صَرَّحَ بِهِ الْأَكْمَلُ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ مِنَحٌ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ الْبَائِعُ إلَخْ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لَهُ وَتَصَرَّفَ كَذَلِكَ فَيَكُونَ فَسْخًا حُكْمِيًّا لِأَنَّهُ دَلِيلُ اسْتِبْقَاءِ الْمَبِيعِ عَلَى مِلْكِهِ. وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي
كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ.
(وَتَمَّ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ) وَلَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ كَخِيَارِ رُؤْيَةٍ وَتَغْرِيرٍ وَنَقْدٍ
ــ
[رد المحتار]
وَفَعَلَ مَا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَتِمُّ الْبَيْعُ كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ إلَخْ) أَيْ أَفَادَ الْفِعْلَ الَّذِي يَصِحُّ بِهِ الْفَسْخُ، يَعْنِي أَنَّ أَمْثِلَةَ الْفَسْخِ بِالْفِعْلِ تُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَذْكُورُ مِنْ أَمْثِلَةِ الْفَسْخِ بَلْ مِنْ أَمْثِلَةِ التَّمَامِ وَالْإِجَازَةِ. قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَجَمِيعُ مَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ إجَازَةٌ إذَا صَدَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْأَفْعَالِ فَهُوَ فَسْخٌ إذَا صَدَرَ مِنْ الْبَائِعِ. اهـ. وَقَدْ أَفَادَ الشَّارِحُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ فَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ كَانَ فَسْخًا. وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِعْتَاقُ وَمَا بَعْدَهُ، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ غَلَطٌ بَلْ هُوَ مِنْ رُمُوزِهِ الَّتِي تَخْفَى عَلَى الْمُعْتَرِضِينَ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَتَمَّ الْعَقْدُ إلَخْ) أَيْ تَحْصُلُ الْإِجَازَةُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ، وَهُوَ كَلَامٌ مَوْهُومٌ، فَإِنَّ فِي بَعْضِهَا يَكُونُ إجَازَةً سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ الْمَوْتُ وَمُضِيُّ الْمُدَّةِ، وَفِي بَعْضِهَا إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ الْإِعْتَاقُ وَتَوَابِعُهُ، فَلَوْ لِلْبَائِعِ كَانَ فَسْخًا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: بِمَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا؛ لِأَنَّ مَوْتَ غَيْرِهِ لَا يَتِمُّ بِهِ الْعَقْدُ بَلْ الْخِيَارُ بَاقٍ لِمَنْ شُرِطَ لَهُ فَإِنْ أَمْضَى الْعَقْدَ مَضَى وَإِنْ فَسَخَهُ انْفَسَخَ كَمَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ. وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ الْخِيَارُ لَهُمَا فَمَاتَ أَحَدُهُمَا لَزِمَ الْبَيْعُ مِنْ جِهَتِهِ وَالْآخَرُ عَلَى خِيَارِهِ. وَفِيهِ أَيْضًا: وَكِيلُ الْبَيْعِ أَوْ الْوَصِيُّ بَاعَ بِخِيَارٍ أَوْ الْمَالِكُ بَاعَ بِخِيَارٍ لِغَيْرِهِ فَمَاتَ الْوَكِيلُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُوَكِّلُ أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ مَنْ بَاعَ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ قَالَ: مُحَمَّدٌ: يَتِمُّ الْبَيْعُ فِي كُلِّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حَقًّا فِي الْخِيَارِ وَالْجُنُونُ كَالْمَوْتِ. اهـ.
وَكَذَا الْإِغْمَاءُ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَّا مَشِيئَةٌ وَإِرَادَةٌ، وَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ وَالْإِرْثُ فِيمَا يَقْبَلُ الِانْتِقَالَ: هِدَايَةٌ. (قَوْلُهُ: كَخِيَارِ رُؤْيَةٍ) نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي الْغُرَرِ وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَمُخْتَصَرِهَا وَالْمُلْتَقَى وَالْإِصْلَاحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا، وَعَلَيْهِ فَمَا فِي فَرَائِضِ شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الضِّيَاءِ مِنْ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ يُورَثُ فَهُوَ غَرِيبٌ وَلَعَلَّ أَصْلَ الْعِبَارَةِ لَا يُورَثُ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَتَغْرِيرٍ وَنَقْدٍ) لَمْ يَذْكُرْهُمَا فِي الدُّرَرِ، بَلْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا فِي الْمِنَحِ بَحْثًا، وَذَكَرَ الثَّانِيَ فِي النَّهْرِ بَحْثًا أَيْضًا. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْحُقُوقَ الْمُجَرَّدَةَ لَا تُورَثُ، وَكَأَنَّ الْوَجْهَ لَمَّا قَوِيَ عِنْدَ الشَّارِحِ جَزَمَ بِهِ. وَقَدْ رَأَيْتُ مَسْأَلَةَ النَّقْدِ فِي شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ خِزَانَةِ الْإِكْمَالِ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِوَارِثِهِ نَقْدُهُ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ التَّغْرِيرِ فَقَدْ وَقَعَ فِيهَا اضْطِرَابٌ، فَنَقَلَ الشَّارِحُ فِي آخِرِ بَابِ الْمُرَابَحَةِ عَلِيٌّ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّهُ أَفْتَى بِمِثْلِ مَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا، ذَكَرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ فِي شَرْحِ مَنْظُومَتِهِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ خِيَارَ التَّغْرِيرِ يُورَثُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَأَنَّ ابْنَ الْمُصَنِّفِ أَيَّدَهُ، وَسَيَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - مَا فِيهِ هُنَاكَ، نَعَمْ بَحَثَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ أَيْضًا فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ أَنَّهُ يُورَثُ قِيَاسًا عَلَى خِيَارِ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ كَشِرَاءِ عَبْدٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ وَقَالَ: إنَّهُ بِهِ أَشْبَهُ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْبَائِعِ فَكَانَ شَارِطًا لَهُ اقْتِضَاءً وَصْفًا مَرْغُوبًا فَبَانَ بِخِلَافِهِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ تَفَقُّهُ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيَّ وَالشَّيْخِ مُحَمَّدٍ الْغَزِّيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَاهَا مَنْقُولَةً، وَمَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ لِمَا قُلْتُهُ فَقَالَ: وَاَلَّذِي أَمِيلُ إلَيْهِ أَنَّهُ مِثْلُ خِيَارِ الْعَيْبِ يَعْنِي فَيُورَثُ. اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الرَّمْلِيُّ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ لَهُ خِيَانَةٌ فِي الْمُرَابَحَةِ لَهُ رَدُّهُ، وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ رَدِّهِ أَوْ حَدَثَ بِهِ مَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ لَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَسَقَطَ خِيَارُهُ، وَعَلَّلُوهُ هُنَاكَ بِأَنَّهُ مُجَرَّدُ خِيَارٍ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ، بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ فِيهِ جُزْءٌ فَائِتٌ فَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ. وَأَخَذَ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ أَنَّ خِيَارَ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ لَا يُورَثُ كَمَا سَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّغْرِيرَ أَشْبَهُ بِظُهُورِ الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ فَكَانَ إلْحَاقُهُ بِهِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمَرْغُوبَ بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ فَيُقَابِلُهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ حَيْثُ كَانَ الْوَصْفُ مَشْرُوطًا، فَإِذَا فَاتَ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ، وَلَيْسَ فِي التَّغْرِيرِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ هُوَ مُجَرَّدُ خِيَارٍ
لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا تُورَثُ، وَأَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ وَفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ فَيَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهَا لَا أَنَّهُ يَرِثُ خِيَارَهُ دُرَرٌ فَلْيُحْفَظْ
(وَمُضِيُّ الْمُدَّةِ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لِمَرَضٍ أَوْ إغْمَاءٍ
(وَالْإِعْتَاقُ) وَلَوْ لِبَعْضِهِ (وَتَوَابِعُهُ) وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ أَوْ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ كَإِجَارَةٍ وَلَوْ بِلَا تَسْلِيمٍ فِي الْأَصَحِّ وَنَظَرٌ إلَى فَرْجٍ دَاخِلٍ
ــ
[رد المحتار]
لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ خِيَارِ الْخِيَانَةِ فِي الْمُرَابَحَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّهُ لَا يُورَثُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا تُورَثُ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يُنَاسِبُ التَّعْبِيرَ بِأَنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ لَا يُورَثُ كَمَا وَقَعَ فِي الدُّرَرِ وَالْوِقَايَةِ وَالشَّارِحُ إنَّمَا عَبَّرَ بِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّهُ أَضْبَطُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُورَثُ قَدْ يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ، فَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْلِيلَ بِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا تَنْتَقِلُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ أَيْ فَإِنَّ خِيَارَ الشَّرْطِ مُجَرَّدُ مَشِيئَةٍ وَإِرَادَةٍ، وَذَلِكَ وَصْفٌ لِصَاحِبِ الْخِيَارِ فَلَا يُمْكِنُ انْتِقَالُهُ إلَى الْوَارِثِ لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ وَلَا بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ، وَمِثْلُهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالتَّغْرِيرِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي خِيَارِ النَّقْدِ؛ لِأَنَّ نَقْدَ الثَّمَنِ فِعْلٌ لَا وَصْفٌ، وَهَذَا يُرَجِّحُ أَنَّهُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ تَأَمَّلْ. [تَتِمَّةٌ] :
فِي شَرْحِ الْبِيرِيِّ عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِابْنِ الضِّيَاءِ: وَأَجْمَعُوا أَنَّ خِيَارَ الْقَبُولِ لَا يُورَثُ، وَكَذَا خِيَارُ الْإِجَازَةِ فِي بَيْعِ الْفُضُولِيِّ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِخِيَارِ الْقَبُولِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ، وَهُوَ أَنْ يَقْبَلَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ بَعْدَ إيجَابِ الْمُوجِبِ. (قَوْلُهُ: وَفَوَاتُ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ) هَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الدُّرَرِ، نَعَمْ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْعَيْبِ. (قَوْلُهُ: فَيَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهَا إلَخْ) لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ سَلِيمًا مِنْ الْعَيْبِ فَكَذَا الْوَارِثُ، وَكَذَا خِيَارُ التَّعْيِينِ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً لِاخْتِلَاطِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ لَا أَنْ يُورَثَ الْخِيَارَ هِدَايَةٌ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مَا فِي الدُّرَرِ مِنْ أَنَّ الْوَارِثَ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَرِّثِ. اهـ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخِيَارَ لِلْوَارِثِ غَيْرُ مَا كَانَ لِلْمُوَرِّثِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدَهُمَا أَوْ يَرُدَّهُمَا، وَلَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يَرُدَّهُمَا، وَخِيَارُ الْمُشْتَرِي كَانَ مُوَقَّتًا وَلِلْوَرَثَةِ يَثْبُتُ غَيْرَ مُوَقَّتٍ. اهـ
(قَوْلُهُ: وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْخِيَارِ قَبْلَ الْفَسْخِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ إلَّا فِيهَا فَلَا بَقَاءَ لَهُ بَعْدَهَا بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِمُضِيِّهَا. (قَوْلُهُ: لِمَرَضٍ أَوْ إغْمَاءٍ) مَشَى عَلَى مَا هُوَ التَّحْقِيقُ مِنْ أَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ لَا يُسْقِطَانِ الْخِيَارَ إنَّمَا الْمُسْقِطُ لَهُ مُضِيُّ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ، وَلِذَا لَوْ أَفَاقَ فِيهَا وَفَسَخَ جَازَ بَحْرٌ
(قَوْلُهُ: وَالْإِعْتَاقِ) وَلَوْ بِشَرْطٍ وُجِدَ فِي الْمُدَّةِ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِبَعْضِهِ) أَيْ لِبَعْضِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ. قَالَ: فِي النَّهْرِ: وَقَدْ أَغْفَلُوهُ هُنَا. (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهِ) كَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمِلْكِ) أَيْ مِلْكِ الْمُبَاشِرِ لِلْفِعْلِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ. (قَوْلُهُ: كَإِجَارَةٍ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ لَا يَنْفُذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَأَشَارَ بِالْإِعْتَاقِ إلَى كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يُفْعَلُ إلَّا فِي الْمِلْكِ، كَمَا إذَا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ وَسَلَّمَهُ، أَوْ رَهَنَ أَوْ أَجَّرَ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَى الْأَصَحِّ، أَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ اشْتَرَى بِهِ شَيْئًا أَوْ سَاوَمَهُ بِهِ، أَوْ حَجَمَ الْعَبْدَ أَوْ سَقَاهُ دَوَاءً أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ أَوْ سَقَى زَرْعَ الْأَرْضِ أَوْ حَصَدَهُ أَوْ عَرَضَ الْمَبِيعَ لِلْبَيْعِ أَوْ أَسْكَنَ فِي الدَّارِ وَلَوْ بِلَا أَجْرٍ أَوْ رَمَّ مِنْهَا شَيْئًا أَوْ بَنَى بِنَاءً أَوْ طَيَّنَهُ أَوْ هَدَمَهُ أَوْ حَلَبَ الْبَقَرَةَ أَوْ شَقَّ أَوْدَاجَ الدَّابَّةِ أَوْ بَزَّغَهَا لَا لَوْ قَصَّ حَوَافِرَهَا أَوْ أَخَذَ مِنْ عَرْفِهَا أَوْ اسْتَخْدَمَ الْخَادِمَ مَرَّةً أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ مَرَّةً أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ مَرَّةً أَوْ أَمَرَ الْأَمَةَ بِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ وَالِاسْتِخْدَامُ ثَانِيًا إجَازَةٌ إلَّا إذَا كَانَ فِي نَوْعٍ آخَرَ. اهـ. مُلَخَّصًا. وَبَقِيَ مَا لَوْ زَادَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَقَدَّمْنَا حُكْمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ كَتَعَيُّبِهِ. (قَوْلُهُ: وَنَظَرٍ إلَى فَرْجٍ إلَخْ) تَمْثِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ. وَأُورِدَ أَنَّ مُقْتَضَى الضَّابِطِ تَعْمِيمُ النَّظَرِ إلَى كُلِّ مَا لَا يَحِلُّ.
بِشَهْوَةٍ، وَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الشَّهْوَةِ فَتْحٌ. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا بِالْخِيَارِ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَطِئَهَا لِيَعْلَمَ أَهِيَ بِكْرٌ أَمْ لَا كَانَ إجَازَةً، وَلَوْ وَجَدَهَا ثَيِّبًا وَلَمْ يَلْبَثْ فَلَهُ الرَّدُّ بِهَذَا الْعَيْبِ نَهْرٌ، وَسَيَجِيءُ فِي بَابِهِ وَلَوْ فَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ كَانَ فَسْخًا. (وَطَلَبُ الشُّفْعَةِ) وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا مِعْرَاجٌ (بِهَا) أَيْ بِدَارٍ فِيهَا خِيَارُ الشَّرْطِ، بِخِلَافِ خِيَارِ رُؤْيَةٍ وَعَيْبٍ مِعْرَاجٌ (مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ) ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْإِجَازَةِ.
ــ
[رد المحتار]
قُلْتُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الضَّابِطَ فِي تَصَرُّفٍ لَا يَحِلُّ إلَخْ لَا فِي فِعْلٍ، وَمُطْلَقُ النَّظَرِ وَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَكِنَّهُ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ إلَّا إذَا كَانَ إلَى الْفَرْجِ الدَّاخِلِ فَإِنَّهُ تَصَرُّفٌ حُكْمًا بِمَنْزِلَةِ الْوَطْءِ بِدَلِيلِ ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ بِهِ فَافْهَمْ. قَالَ: فِي الْبَحْرِ: وَاعْلَمْ أَنَّ دَوَاعِيَ الْوَطْءِ كَالْوَطْءِ، فَإِذَا اشْتَرَى غَيْرَ زَوْجَتِهِ بِالْخِيَارِ فَقَبَّلَهَا بِشَهْوَةٍ أَوْ لَمَسَهَا بِهَا أَوْ نَظَرَ إلَى فَرْجِهَا بِهَا سَقَطَ خِيَارُهُ، وَحَدُّهَا انْتِشَارُ آلَتِهِ أَوْ زِيَادَتُهُ، وَقِيلَ: بِالْقَلْبِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ، فَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ لَمْ يَسْقُطْ فِي الْكُلِّ. اهـ. وَقَيَّدَ بِغَيْرِ زَوْجَتِهِ، إذْ لَوْ شَرَى زَوْجَتَهُ وَوَطِئَهَا لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا إلَّا إذَا نَقَصَهَا كَمَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: بِشَهْوَةٍ) فَلَوْ بِغَيْرِهَا لَمْ يَسْقُطْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فِي الْجُمْلَةِ؛ لِأَنَّ الطَّبِيبَ وَالْقَابِلَةَ يَحِلُّ لَهُمَا النَّظَرُ فَتْحٌ. (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الشَّهْوَةِ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ: وَلَوْ أَنْكَرَ الشَّهْوَةَ فِي هَذِهِ أَيْ فِي الدَّوَاعِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ سُقُوطَ خِيَارِهِ، وَكَذَا إذَا فَعَلَتْ الْجَارِيَةُ ذَلِكَ سَقَطَ خِيَارُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقَالَ: مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ فِعْلُهَا أَلْبَتَّةَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ وَالْمُبَاضَعَةِ وَلَوْ مُكْرَهًا - اخْتِيَارٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ سُقُوطُ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الْمُبَاضَعَةِ إذَا أَقَرَّ بِشَهْوَتِهَا. اهـ.
وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ فِي الْمُبَاضَعَةِ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ لَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الشَّهْوَةِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَوْ ادَّعَى عَدَمَ الشَّهْوَةِ فِي التَّقْبِيلِ فِي الْفَمِ لَمْ يُقْبَلْ أَيْ لِأَنَّ التَّقْبِيلَ عَلَى الْفَمِ لَا يَخْلُو مِنْ الشَّهْوَةِ عَادَةً فَالْمُبَاضَعَةُ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ مَا ذُكِرَ مِنْ الضَّابِطِ قَالَ: فِي النَّهْرِ بَعْدَ قَوْلِهِ كَانَ إجَازَةً لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِلِامْتِحَانِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ بِحَالٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَجَدَهَا ثَيِّبًا إلَخْ) أَيْ لَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَوَطِئَهَا فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا يَرُدُّهَا بِهَذَا الْعَيْبِ أَيْ الثُّيُوبَةِ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ وَهُوَ الْبَكَارَةُ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا فَلَا رَدَّ أَصْلًا كَمَا سَيَأْتِي فِي خِيَارِ الْعَيْبِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ اللُّبْثِ وَعَدَمِهِ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ الضَّابِطُ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ سَوَاءٌ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا، فَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ اللُّبْثِ وَعَدَمِهِ، وَعِبَارَةُ النَّهْرِ لَا غُبَارَ عَلَيْهَا حَيْثُ قَالَ: وَقَدْ قَالُوا بِأَنَّهُ لَوْ وَجَدَهَا ثَيِّبًا إلَخْ، فَإِنَّ قَوْلَهُ وَقَدْ قَالُوا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُفَادِ أَيْ مَا قَالُوهُ مِنْ التَّفْصِيلِ خِلَافُ هَذَا الْمُفَادِ، وَمَا اُسْتُدْرِكَ بِهِ ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ ثُمَّ رَمَزَ بَعْدَهُ وَقَالَ: وَالْوَطْءُ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. اهـ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مُفَادَ الضَّابِطِ هُوَ الْمَذْهَبُ فَلَا وَجْهَ لِلِاسْتِدْرَاكِ عَلَيْهِ، عَلَى أَنَّ هَذَا الضَّابِطَ إنَّمَا هُوَ فِي خِيَارِ الشَّرْطِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ خِيَارِ الْعَيْبِ.
(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ فِي بَابِهِ) أَيْ فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ. وَاَلَّذِي سَيَجِيءُ حِكَايَةُ أَقْوَالٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَقَدْ عَلِمْتُ مَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فَعَلَ الْبَائِعُ ذَلِكَ) أَيْ التَّصَرُّفَ الَّذِي لَا يَنْفُذُ أَوْ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ ط. (قَوْلُهُ: وَطَلَبِ الشُّفْعَةِ بِهَا) صُورَتُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ثُمَّ تُبَاعُ دَارٌ بِجِوَارِهَا فَيَطْلُبَ الشُّفْعَةَ بِسَبَبِ الدَّارِ الَّتِي اشْتَرَاهَا سَقَطَ خِيَارُهُ فِيهَا وَتَمَّ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خِيَارِ رُؤْيَةٍ وَعَيْبٍ) فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَلَمْ يَرَهَا فَبِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ دُرَرٌ، وَكَذَا بِخِيَارِ الْعَيْبِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُشْتَرِي) مُتَعَلِّقٌ بِطَلَبِ أَوْ بِهِ وَبِالْإِعْتَاقِ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ يَبْقَى خِيَارُهُ بَعْدَ طَلَبِ الشُّفْعَةِ
(وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي) أَوْ الْبَائِعُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الدُّرَرِ، وَبِهِ جَزَمَ الْبَهْنَسَيَّ (الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ) عَاقِدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بَهْنَسِيٌّ (صَحَّ) اسْتِحْسَانًا وَثَبَتَ الْخِيَارُ لَهُمَا. (فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا) مِنْ النَّائِبِ وَالْمُسْتَنِيبِ (أَوْ نَقَضَ صَحَّ) إنْ وَافَقَهُ الْآخَرُ. (وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا وَعَكَسَ الْآخَرُ فَالْأَسْبَقُ أَوْلَى) لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ. (وَلَوْ كَانَا مَعًا فَالْفَسْخُ أَحَقُّ) فِي الْأَصَحِّ زَيْلَعِيٌّ؛ لِأَنَّ الْمُجَازَ يَفْسَخُ، وَالْمَفْسُوخَ لَا يُجَازُ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُجَازُ لِمَا فِي الْمَبْسُوطِ
(لَوْ) تَفَاسَخَا ثُمَّ (تَرَاضَيَا عَلَى) فَسْخِ الْفَسْخِ وَعَلَى (إعَادَةِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا جَازَ) إذْ فَسْخُ الْفَسْخِ إجَازَةٌ. وَأُجِيبَ بِمَنْعِ كَوْنِهِ إجَازَةً بَلْ بَيْعٌ ابْتِدَاءً.
(بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا، إنْ فَصَلَ ثَمَنَ كُلِّ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا (وَعَيَّنَ) الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّ مِلْكَهُ بَاقٍ بِخِيَارِهِ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ مَعَ خِيَارِهِ فَطَلَبُهُ الشُّفْعَةَ دَلِيلُ التَّمَلُّكِ؛ لِأَنَّهُمْ عَلَّلُوا الْمَسْأَلَةَ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمِلْكِ فَكَانَ دَلِيلَ الْإِجَازَةِ فَتَضَمَّنَ سُقُوطَ الْخِيَارِ اهـ. فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ: أَوْ الْبَائِعُ إلَخْ) هُوَ مَذْكُورٌ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. وَعِبَارَتُهُ: اعْلَمْ أَنَّ أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ إذَا اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِمَا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا بِهَذَا الشَّرْطِ اهـ. وَصَرَّحَ بِهِ مُنْلَا مِسْكِينٍ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ وَالْكَافِي وَقَالَ: إنَّ التَّقْيِيدَ بِالْمُشْتَرِي اتِّفَاقِيٌّ، وَنَقَلَهُ الْحَمَوِيُّ عَنْ الْمِفْتَاحِ وَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْ الْبَحْرِ. (قَوْلُهُ: الْخِيَارَ) أَيْ خِيَارَ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ لِغَيْرِ الْعَاقِدَيْنِ بَحْرٌ عَنْ الْمِعْرَاجِ. (قَوْلُهُ: عَاقِدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ) تَعْمِيمٌ لِلْغَيْرِ، لَكِنْ قَالَ ح: الْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْغَيْرِ الْأَجْنَبِيُّ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ مَا إذَا جَعَلَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ أَوْ الْعَكْسَ قَدْ ذُكِرَتْ أَوَّلَ الْبَابِ فِي قَوْلِهِ وَلِأَحَدِهِمَا أَيْضًا فِيمَا إذَا جَعَلَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ لَا يَكُونُ الْخِيَارُ لَهُمَا بَلْ لِلْبَائِعِ فَقَطْ، وَفِي الْعَكْسِ يَكُونُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ فَكَيْفَ يَصِحُّ قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا إلَخْ؟ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَلَوْ شَرَطَ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الْخِيَارَ لِأَجْنَبِيٍّ صَحَّ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَ الشَّارِطُ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ وَلِيَخْرُجَ اشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ لِغَيْرِهِ صَادِقٌ بِالْبَائِعِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَلِذَا قَالَ: فِي الْمِعْرَاجِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْغَيْرِ هُنَا غَيْرُ الْعَاقِدَيْنِ لِيَتَأَتَّى فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ. اهـ. قُلْتُ: وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَبِهِ زَالَ تَرَدُّدُ صَاحِبِ النَّهْرِ حَيْثُ قَالَ: وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ هَلْ يَكُونُ نَائِبَهُ عَنْهُ أَيْضًا؟ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ فَتَدَبَّرْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: صَحَّ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ. (قَوْلُهُ: إنْ وَافَقَهُ الْآخَرُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الصِّحَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَهُوَ مُفَادُ التَّفْصِيلِ الَّذِي بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ) لِأَنَّ الْأَسْبَقَ ثَبَتَ حُكْمُهُ قَبْلَ الْمُتَأَخِّرِ فَلَمْ يُعَارِضْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ أَقْوَى فَالْفَسْخُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَا مَعًا) بِأَنْ خَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا كَمَا فِي السِّرَاجِ وَهَذَا قَدْ يَتَعَسَّرُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكْفِي عَدَمُ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ مِنْهُمَا نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) صَحَّحَهُ قَاضِي خَانْ مَعْزِيًّا لِلْمَبْسُوطِ وَفِي رِوَايَةٍ تَرْجِيحُ تَصَرُّفِ الْعَاقِدَيْنِ لِقُوَّتِهِ؛ لِأَنَّ النَّائِبَ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْهُ، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَمَا فِي الْكِتَابِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ بَحْرٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمَفْسُوخَ لَا يُجَازُ) أَيْ فَصَارَ الْفَسْخُ أَقْوَى لِكَوْنِهِ لَا يُنْقَضُ بِالْإِجَازَةِ فَلِذَا كَانَ أَحَقَّ.
(قَوْلُهُ: بَلْ بَيْعٌ ابْتِدَاءً) وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: وَإِعَادَةِ الْعَقْدِ بِمَعْنَى عَقْدِهِ ثَانِيًا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، أَوْ بِالتَّعَاطِي أَفَادَهُ ط.
(قَوْلُهُ: بَاعَ عَبْدَيْنِ إلَخْ) أَرَادَ بِهِمَا الْقِيَمِيَّيْنِ احْتِرَازًا عَنْ قِيَمِيٍّ أَوْ مِثْلِيَّيْنِ، إذْ فِي الْقِيَمِيِّ الْوَاحِدِ إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي نِصْفِهِ يَصِحُّ مُطْلَقًا، وَفِي الْمِثْلِيَّيْنِ كَذَلِكَ لِعَدَمِ التَّفَاوُتِ بَحْرٌ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ. وَفِي النَّهْرِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْقِيَمِيَّيْنِ لَيْسَا بِقَيْدٍ، إذْ لَوْ كَانَا مِثْلِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِثْلِيًّا وَالْآخَرُ قِيَمِيًّا وَفَصَلَ وَعَيَّنَ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا يَنْبَغِي. اهـ. قُلْتُ: هَذَا لَا يَرُدُّ مَا قَبْلَهُ مِنْ كَوْنِهِ قَيْدًا احْتِرَازِيًّا إذْ الْمُرَادُ الِاحْتِرَازُ عَمَّا عَدَا الْقِيَمِيَّيْنِ لِصِحَّتِهِ مَعَ التَّفْصِيلِ وَالتَّعْيِينِ وَبِدُونِهِمَا، وَلِذَا قَالَ: يَصِحُّ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ فِي الْقِيَمِيَّيْنِ لَا يَصِحُّ بِدُونِهِمَا، فَعُلِمَ أَنَّهُ مَعَ التَّفْصِيلِ وَالتَّعْيِينِ يَصِحُّ فِي الْقِيَمِيَّيْنِ وَغَيْرِهِمَا فَتَدَبَّرْ، نَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْمِثْلِيَّيْنِ بِمَا إذَا كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، إذْ لَوْ تَفَاوَتَا كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ صَارَا كَالْقِيَمِيَّيْنِ فِي اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ وَالتَّعْيِينِ لِيَقَعَ الْعِلْمُ بِالْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ فَصَلَ إلَخْ)