الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلُّ مَنْ حَكَى أَمْرًا لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ، إنْ فِيهِ إيجَابُ الضَّمَانِ عَلَى الْغَيْرِ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ فِيهِ نَفْيُ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ صُدِّقَ انْتَهَى فَلْيُحْفَظْ هَذَا الضَّابِطُ. (وَيُضْمَنُ بِالتَّعَدِّي) وَهَذَا حُكْمُ الْأَمَانَاتِ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ: التَّقْيِيدُ بِالْمَكَانِ صَحِيحٌ، فَلَوْ قَالَ لَا تُجَاوِزْ خُوَارِزْمَ فَجَاوَزَ ضَمِنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَفِي الْأَشْبَاهِ: نَهَى أَحَدُهُمَا شَرِيكَهُ عَنْ الْخُرُوجِ وَعَنْ بَيْعِ النَّسِيئَةِ جَازَ
(كَمَا يَضْمَنُ الشَّرِيكُ) عِنَانًا أَوْ مُفَاوَضَةً بَحْرٌ (بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا نَصِيبَ صَاحِبِهِ) عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْقَوْلُ بِخِلَافِهِ غَلَطٌ كَمَا فِي الْوَقْفِ مِنْ الْخَانِيَّةِ وَسَيَجِيءُ فِي الْوَدِيعَةِ خِلَافًا لِلْأَشْبَاهِ.
[فُرُوعٌ] فِي الْمُحِيطِ: قَدْ وَقَعَ حَادِثَتَانِ: الْأُولَى نَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ نَسِيئَةً فَبَاعَ، فَأَجَبْت بِنَفَاذِهِ فِي حِصَّتِهِ، وَتَوَقَّفَ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ أَجَازَ فَالرِّبْحُ لَهُمَا. -
ــ
[رد المحتار]
فِيمَا يَحْكِي يَنْفِي الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ فَصُدِّقَ، وَالْوَكِيلُ بِقَبْضِ الدَّيْنِ فِيمَا يَحْكِي يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ ضَمَانُ مِثْلِ الْمَقْبُوضِ فَلَا يُصَدَّقُ اهـ.
مَطْلَبٌ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ دَفَعْت الْمَالَ بَعْدَ مَوْتِ الشَّرِيكِ أَوْ الْمُوَكِّلِ قُلْت: أَيْ إنَّ الْوَكِيلَ بِقَبْضِ الدَّيْنِ إذَا قَالَ قَبَضْته مِنْ الْمَدْيُونِ وَهَلَكَ عِنْدِي أَوْ قَالَ دَفَعْته لِلْمُوَكِّلِ الْمَيِّتِ لَا يُصَدَّقُ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَرَاءَةِ الْمَدْيُونِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إلْزَامَ الضَّمَانِ عَلَى الْمَيِّتِ، فَإِنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَيَثْبُتُ لِلْمَدْيُونِ بِذِمَّةِ الدَّائِنِ مِثْلُ مَا لِلدَّائِنِ بِذِمَّتِهِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْوَكِيلِ نَفْسِهِ فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَبِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ لَمْ تَرْتَفِعْ أَمَانَتُهُ، وَإِنْ بَطَلَتْ وَكَالَتُهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا قَبَضَهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَدْيُونُ، وَقَدْ أَوْضَحَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْخَيْرِيَّةِ أَوَّلَ كِتَابِ الْوَكَالَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: كُلُّ مَنْ حَكَى أَمْرًا إلَخْ) فَإِنَّ الْوَكِيلَ هُنَا حَكَى أَمْرًا وَهُوَ قَبْضُ الْوَدِيعَةِ أَوْ الدَّيْنِ فِي حَيَاةِ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ: أَيْ لَوْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْ فِي حَيَاتِهِ وَأَرَادَ اسْتِئْنَافَ الْقَبْضِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ؛ لِأَنَّهُ انْعَزَلَ عَنْ الْوَكَالَةِ.
(قَوْلُهُ: التَّقْيِيدُ بِالْمَكَانِ صَحِيحٌ إلَخْ) ظَاهِرُ التَّفْرِيعِ أَنَّ التَّنْصِيصِ عَلَى الْمَكَانِ بِلَا نَهْيٍ لَا يَكُونُ تَقْيِيدًا، وَعِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمَكَانِ صَحِيحٌ، حَتَّى لَوْ قَالَ اُخْرُجْ إلَى خُوَارِزْمَ وَلَا تُجَاوِزْهُ صَحَّ، فَلَوْ جَاوَزَهُ ضَمِنَ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ مِنْ الْمُضَارَبَةِ: وَأَلْفَاظُ التَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ أَنْ يَقُولَ: خُذْ هَذَا مُضَارَبَةً بِالنَّصِّ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ بِهِ فِي الْكُوفَةِ أَوْ فَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ أَمَّا إذَا قَالَ وَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ بِالْوَاوِ لَا يَكُونُ تَقْيِيدًا فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِي غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْوَاوَ حَرْفُ عَطْفٍ وَمَشُورَةٍ وَلَيْسَتْ مِنْ حُرُوفِ الشَّرْطِ. اهـ. فَأَفَادَ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّنْصِيصِ لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَمْرٍ يُفِيدُ التَّقْيِيدَ كَالشَّرْطِ وَكَالنَّهْيِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَشْبَاهِ إلَخْ) أَعَمُّ مِنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْفَتْحِ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا إذَا نَهَاهُ عَنْهُ شَرِيكُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِعْلُهُ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ النَّهْيُ.
(قَوْلُهُ: بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا إلَخْ) فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ: مَاتَ الشَّرِيكُ وَمَالُ الشَّرِكَةِ دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ بَلْ مَاتَ مُجَهِّلًا يَضْمَنُ كَمَا لَوْ مَاتَ مُجَهِّلًا لِلْعَيْنِ اهـ أَيْ عَيْنِ مَالِ الشَّرِكَةِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَمِثْلُهُ بَقِيَّةُ الْأَمَانَاتِ، لَكِنْ إذَا عَلِمَ أَنَّ وَارِثَهُ يَعْلَمُهَا لَا يَضْمَنُ؛ وَلَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ الْعِلْمَ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ فَإِنْ فَسَّرَهَا الْوَارِثُ وَقَالَ: هِيَ كَذَا وَهَلَكَتْ صُدِّقَ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ بِخِلَافِهِ غَلَطٌ) وَهُوَ عَدَمُ تَضْمِينِ الْمُفَاوِضِ (قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ فِي الْوَدِيعَةِ) سَيَجِيءُ هُنَاكَ بِضْعُ عَشَرَةَ مَوْضِعًا يَضْمَنُ فِيهَا الْأَمِينُ بِمَوْتِهِ مُجَهِّلًا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَشْبَاهِ) حَيْثُ جَرَى فِي كِتَابِ الْأَمَانَاتِ عَلَى مَا هُوَ الْغَلَطُ.
[فُرُوعٌ فِي الشَّرِكَة]
(قَوْلُهُ فِي الْمُحِيطِ) صَوَابُهُ فِي الْبَحْرِ: فَإِنَّ الْحَادِثَتَيْنِ وَقَعَتَا لِصَاحِبِ الْبَحْرِ سُئِلَ عَنْهُمَا وَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ أَرَ فِيهِمَا إلَّا مَا قَدَّمْتُهُ: أَيْ مَا مَرَّ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَازَ فَالرِّبْحُ لَهُمَا)
الثَّانِيَةُ نَهَاهُ عَنْ الْإِخْرَاجِ فَخَرَجَ ثُمَّ رَبِحَ، فَأَجَبْت أَنَّهُ غَاصِبٌ حِصَّةَ شَرِيكِهِ بِالْإِخْرَاجِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الشَّرْطِ انْتَهَى، وَمُقْتَضَاهُ فَسَادُ الشَّرِكَةِ نَهْرٌ.
وَفِيهِ: وَتَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهِ أَمَانَةً مَا سُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَمَّنْ طَلَبَ مُحَاسَبَةَ شَرِيكِهِ فَأَجَابَ لَا يَلْزَمُ بِالتَّفْصِيلِ
وَمِثْلُهُ الْمُضَارِبُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي نَهْرٌ، وَقُضَاةُ زَمَانِنَا لَيْسَ لَهُمْ قَصْدٌ بِالْمُحَاسَبَةِ إلَّا الْوُصُولُ إلَى سُحْتِ الْمَحْصُولِ
(وَ) إمَّا (تَقَبُّلٌ) وَتُسَمَّى شَرِكَةَ صَنَائِعَ وَأَعْمَالٍ وَأَبْدَانٍ (إنْ اتَّفَقَ) صَانِعَانِ (خَيَّاطَانِ أَوْ خَيَّاطٌ وَصَبَّاغٌ)
ــ
[رد المحتار]
وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فَالْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: فَأَجَبْت أَنَّهُ غَاصِبٌ) أَيْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ مِنْ قَوْلِهِ ضَمِنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: بِالْإِخْرَاجِ) فِيهِ نَظَرٌ.
فَفِي مُضَارَبَةِ الْجَوْهَرَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ: وَإِنْ خَصَّ لَهُ رَبُّ الْمَالِ التَّصَرُّفَ فِي بَلَدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ فِي سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَجَاوَزَ ذَلِكَ، فَإِنْ خَرَجَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ دَفَعَ الْمَالَ إلَى مَنْ أَخْرَجَهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ حَتَّى يَشْتَرِيَ بِهِ خَارِجَ الْبَلَدِ، فَإِنْ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ التَّصَرُّفِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ أَعَادَهُ إلَى الْبَلَدِ عَادَتْ الْمُضَارَبَةُ كَمَا كَانَتْ عَلَى شَرْطِهَا، وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ قَبْلَ الْعَوْدِ صَارَ مُخَالِفًا ضَامِنًا وَيَكُونُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ فَيَكُونُ لَهُ رِبْحُهُ وَعَلَيْهِ وَضِيعَتُهُ لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَإِنْ اشْتَرَى بِبَعْضِهِ وَأَعَادَ بَقِيَّتَهُ إلَى الْبَلَدِ ضَمِنَ قَدْرَ مَا اشْتَرَى بِهِ، وَلَا يَضْمَنُ قَدْرَ مَا أَعَادَ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرِكَةَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ الرِّبْحُ عَلَى الشَّرْطِ) أَيْ بَلْ يَكُونُ لَهُ كَمَا عَلِمْته مَنْقُولًا (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ فَسَادُ الشَّرِكَةِ) أَيْ مُقْتَضَى الْجَوَابِ بِأَنَّهُ صَارَ غَاصِبًا وَبِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يَكُونُ عَلَى الشَّرْطِ، وَلَكِنَّ هَذَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ لَا بِمُجَرَّدِ الْإِخْرَاجِ، فَلَوْ عَادَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ تَبْقَى الشَّرِكَةُ كَمَا عَلِمْت فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: فَأَجَابَ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ فِي مِقْدَارِ الرِّبْحِ وَالْخُسْرَانِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَذْكُرَ الْأَمْرَ مُفَصَّلًا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الضَّيَاعِ وَالرَّدِّ إلَى الشَّرِيكِ اهـ.
مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ خِيَانَةً مُبْهَمَةً قُلْت: بَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَرِيكِهِ خِيَانَةً مُبْهَمَةً، فَفِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ لَا يَحْلِفُ. وَنَقَلَ الْحَمَوِيُّ عَنْ قَارِئِ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارًا لَكِنْ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مِقْدَارَ مَا نَكَلَ فِيهِ.
ثُمَّ قَالَ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَارِئَ الْهِدَايَةِ لَمْ يَسْتَنِدْ إلَى نَقْلٍ، فَلَا يُعَارِضُ مَا نَقَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْمُضَارِبُ وَالْوَصِيُّ وَالْمُتَوَلِّي) سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي الْوَقْفِ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَا تَلْزَمُهُ الْمُحَاسَبَةُ فِي كُلِّ عَامٍ وَيَكْتَفِي الْقَاضِي مِنْهُ بِالْإِجْمَالِ لَوْ مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ وَلَوْ مُتَّهَمًا يَجْبُرُهُ عَلَى التَّعْيِينِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَلَا يَحْبِسُهُ بَلْ يُهَدِّدُهُ؛ وَلَوْ اتَّهَمَهُ يُحَلِّفُهُ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ وَالْوَصِيِّ فَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ: أَيْ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ بِالْأَمَانَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: نَهْرٌ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَفِيهِ (قَوْلُهُ: إلَى سُحْتِ الْمَحْصُولِ) السُّحْتُ: بِالضَّمِّ وَبِضَمَّتَيْنِ الْحَرَامُ، أَوْ مَا خَبُثَ مِنْ الْمَكَاسِبِ فَلَزِمَ مِنْهُ الْعَارُ ط عَنْ الْقَامُوسِ إذْ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي الْأَخْذُ عَلَى نَفْسِ الْمُحَاسَبَةِ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، نَعَمْ لَوْ كَتَبَ سِجِلًّا أَوْ تَوَلَّى قِسْمَةً وَأَخَذَ أَجْرَ الْمِثْلِ لَهُ ذَلِكَ كَمَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْوَقْفِ.
مَطْلَبٌ فِي شَرِكَةِ التَّقَبُّلِ (قَوْلُهُ: وَإِمَّا تَقَبُّلٌ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إمَّا مُفَاوَضَةٌ (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى شَرِكَةَ صَنَائِعَ) جَمْعُ صِنَاعَةٍ كَرِسَالَةٍ وَرَسَائِلَ وَهِيَ كأصنعة حِرْفَةُ الصَّانِعِ وَعَمَلُهُ (قَوْلُهُ: وَأَعْمَالٌ وَأَبْدَانٌ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ يَكُونُ مِنْهُمَا غَالِبًا بِأَبْدَانِهِمَا (قَوْلُهُ: إنْ اتَّفَقَ صَانِعَانِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَقْدِ أَوَّلًا، بِأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشَّرِكَةِ قَبْلَ التَّقَبُّلِ لِمَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الْفُرُوعِ لَوْ تَقَبَّلَ
فَلَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ صَنْعَةٍ وَمَكَانٍ (عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْأَعْمَالَ) الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهَا
وَمِنْهُ تَعْلِيمُ كِتَابَةٍ وَقُرْآنٍ وَفِقْهٍ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ، بِخِلَافِ شَرِكَةِ دَلَّالِينَ وَمُغَنِّينَ وَشُهُودِ مَحَاكِمَ وَقُرَّاءِ مَجَالِسَ وَتَعَازٍ
ــ
[رد المحتار]
ثَلَاثَةٌ عَمَلًا بِلَا عَقْدِ شَرِكَةٍ فَعَمِلَهُ أَحَدُهُمْ فَلَهُ ثُلُثُ الْأَجْرِ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِينَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَالْمُرَادُ عَقْدُ الشَّرِكَةِ عَلَى التَّقَبُّلِ وَالْعَمَلِ، لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ: اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْحَمَّالِينَ عَلَى أَنْ يَمْلَأَ أَحَدُهُمْ الْجَوَالِقَ وَيَأْخُذَ الثَّانِي فَمَهَا وَيَحْمِلَهَا الثَّالِثُ إلَى بَيْتِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ فَهِيَ فَاسِدَةٌ.
قَالَ: فَسَادُهَا لِهَذِهِ الشُّرُوطِ، فَإِنَّ شَرِكَةَ الْحَمَّالِينَ صَحِيحَةٌ إذَا اشْتَرَكُوا فِي التَّقَبُّلِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا اهـ أَيْ وَهُنَا لَمْ يُذْكَرْ التَّقَبُّلُ أَصْلًا، بَلْ مُجَرَّدُ الْعَمَلِ مُقَيَّدًا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِنَوْعٍ مِنْهُ، وَلَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ التَّقَبُّلِ مِنْهُمَا مَعًا؛ لِمَا فِي الْبَحْرِ أَيْضًا: لَوْ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا الْمَتَاعَ وَيَعْمَلَ الْآخَر أَوْ يَتَقَبَّلَهُ أَحَدُهُمَا وَيَقْطَعَهُ ثُمَّ يَدْفَعَهُ إلَى الْآخَرِ لِلْخِيَاطَةِ بِالنِّصْفِ جَازَ كَذَا فِي الْقُنْيَةِ، لَكِنْ مِنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ فَقَطْ لَوْ تَقَبَّلَ جَازَ، فَلَوْ شُرِطَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنْ لَا يَتَقَبَّلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ السُّكُوتِ جُعِلَ إثْبَاتُهَا اقْتِضَاءً وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَ النَّفْيِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ. اهـ.
قُلْت: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَم نَفْيِ التَّقَبُّلِ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا التَّنْصِيصُ عَلَى تَقَبُّلِ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا عَلَى عَمَلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَ أَحَدُهُمَا وَيَعْمَلَ الْآخَرُ بِلَا نَفْيٍ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّقَبُّلُ وَالْعَمَلُ لِتَضَمُّنِ الشَّرِكَةِ الْوَكَالَةَ.
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحُكْمُهَا أَنْ يَصِيرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ بِتَقَبُّلِ الْأَعْمَالِ، وَالتَّوْكِيلُ بِهِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ يُحْسِنُ مُبَاشَرَةَ ذَلِكَ الْعَمَلِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ اتِّحَادُ صَنْعَةٍ وَمَكَانٍ) تَفْرِيعُ الْأَوَّلِ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْمَكَانِ.
وَوَجْهُ عَدَمِ اللُّزُومِ كَمَا فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْمَعْنَى الْمُجَوِّزَ لِشَرِكَةِ التَّقَبُّلِ مِنْ كَوْنِ الْمَقْصُودِ تَحْصِيلَ الرِّبْحِ لَا يَتَفَاوَتُ بَيْنَ كَوْنِ الْعَمَلِ فِي دَكَاكِينَ أَوْ دُكَّانٍ، وَكَوْنِ الْأَعْمَالِ مِنْ أَجْنَاسٍ أَوْ جِنْسٍ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَتَقَبَّلَا الْأَعْمَالَ) أَيْ مَحَلُّهَا كَالثِّيَابِ مَثَلًا، فَإِنَّ الْعَمَلَ عَرْضٌ لَا يَقْبَلُ الْقَبُولَ أَفَادَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ. وَعَلِمْت أَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى تَقَبُّلِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ عَلَى عَمَلِهِ غَيْرُ شَرْطٍ.
وَفِي النَّهْرِ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الْعَمَلُ، وَلِذَا قَالُوا: مِنْ صُوَرِ هَذِهِ الشَّرِكَةِ أَنْ يَجْلِسَ آخَرُ عَلَى دُكَّانِهِ فَيَطْرَحَ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ؛ لِأَنَّ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلُ وَمِنْ الْآخَرِ الْحَانُوتُ وَاسْتُحْسِنَ جَوَازُهَا؛ لِأَنَّ التَّقَبُّلَ مِنْ صَاحِبِ الْحَانُوتِ عَمَلٌ. اهـ. وَمِنْهَا مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لِأَحَدِهِمَا آلَةُ الْقِصَارَةِ وَلِلْآخَرِ بَيْتٌ اشْتَرَكَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَا فِي بَيْتِ هَذَا وَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا جَازَ، وَكَذَا سَائِرُ الصِّنَاعَاتِ، وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَدَاةُ الْقِصَارَةِ وَالْعَمَلُ مِنْ الْآخَرِ فَسَدَتْ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْأَدَاءِ اهـ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْأَخِيرَةِ مَسَائِلُ سَتَأْتِي فِي الْفَصْلِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ إلَخْ (قَوْلُهُ: الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهَا) أَيْ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا الْمُسْتَأْجِرُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ.
وَزَادَ فِي الْبَحْرِ قَيَّدَ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ حَلَالًا لِمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ اشْتَرَكَا فِي عَمَلٍ حَرَامٍ لَمْ يَصِحَّ اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْحَرَامَ لَا يُسْتَحَقُّ بِالْأَجْرِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) الْأَوْلَى وَمِنْهَا أَيْ الْأَعْمَالِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُفْتَى بِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ جَوَازِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى التَّعْلِيمِ، وَكَذَا عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ شَرِكَةِ دَلَّالِينَ) فَإِنَّ عَمَلَ الدَّلَالَةِ لَا يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهُ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ، حَتَّى لَوْ اسْتَأْجَرَ دَلَّالًا يَبِيعُ لَهُ أَوْ يَشْتَرِي فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ أَجَلًا كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي إجَارَةِ الْمُجْتَبَى ح (قَوْلُهُ: وَمُغَنِّينَ) ؛ لِأَنَّ الْغِنَاءَ حَرَامٌ ح (قَوْلُهُ: وَشُهُودِ مَحَاكِمَ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الشَّهَادَةِ ح (قَوْلُهُ: وَقُرَّاءِ مَجَالِسَ وَتَعَازٍ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَوْ مُغَايِرٍ وَهُوَ بِفَتْحِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَبِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ ثُمَّ زَايٌ جَمْعُ تَعْزِيَةٍ: وَهِيَ الْمَأْتَمُ بِالْهَمْزَةِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ الَّذِي يُصْنَعُ لِلْأَمْوَاتِ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُمْ الْقِرَاءَةُ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ يَشْتَمِلُ عَلَى التَّمْطِيطِ وَعَلَى قَطْعِ بَعْضِ الْكَلِمَاتِ وَالِابْتِدَاءِ مِنْ أَثْنَاءِ الْكَلِمَةِ وَلِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى الْقِرَاءَةِ.
وَوُعَّاظٍ، وَسُؤَّالٍ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالسُّؤَالِ لَا يَصِحُّ قُنْيَةٌ وَأَشْبَاهٌ (وَيَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا) عَلَى مَا شَرَطَا مُطْلَقًا فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرِبْحٍ بَلْ بَدَلُ عَمَلٍ فَصَحَّ تَقْوِيمُهُ (وَكُلُّ مَا تَقَبَّلَهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُهُمَا) وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ (فَيُطَالَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَمَلِ وَيُطَالِبُ) كُلٌّ مِنْهُمَا (بِالْأَجْرِ وَيَبْرَأُ) دَافِعُهَا (بِالدَّفْعِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى أَحَدِهِمَا (وَالْحَاصِلُ مِنْ) أَجْرِ (عَمَلِ أَحَدِهِمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ) وَلَوْ الْآخَرُ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا أَوْ امْتَنَعَ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ لِأَنَّ الشَّرْطَ مُطْلَقُ الْعَمَلِ لَا عَمَلُ الْقَابِلِ: أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَصَّارَ لَوْ اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَهُ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ بَزَّازِيَّةٌ
(وَ) إمَّا (وُجُوهٌ) هَذَا رَابِعُ وُجُوهِ شَرِكَةِ الْعَقْدِ (إنْ عَقَدَاهَا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا) نَوْعًا أَوْ أَنْوَاعًا (بِوُجُوهِهِمَا) أَيْ بِسَبَبِ وَجَاهَتِهِمَا (وَيَبِيعَا) فَمَا حَصَلَ بِالْبَيْعِ يَدْفَعَانِ مِنْهُ ثَمَنَ -
ــ
[رد المحتار]
وَاَلَّذِي أَجَازَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى التَّعْلِيمِ خِلَافًا لِمَنْ تَوَهَّمَ خِلَافَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي الْقُنْيَةِ: وَلَا شَرِكَةِ الْقُرَّاءِ بِالزَّمْزَمَةِ فِي الْمَجَالِسِ وَالتَّعَازِي؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ عَلَيْهِمْ. اهـ.
وَفِي الْقَامُوسِ الزَّمْزَمَةُ الصَّوْتُ الْبَعِيدُ لَهُ دَوِيُّ وَتَتَابُعُ صَوْتِ الرَّعْدِ.
وَذَكَرَ ابْنُ الشِّحْنَةِ أَنَّ ابْنَ وَهْبَانَ بَالَغَ فِي النَّكِيرِ عَلَى إقْرَارِهِمْ عَلَى هَذَا فِي زَمَانِهِ وَعَلَى الْقِرَاءَةِ بِالتَّمْطِيطِ وَمَنَعَ مِنْ جَوَازِ سَمَاعِهَا وَأَطْنَبَ فِي إنْكَارِهَا، وَتَمَامُهُ فِي ح (قَوْلُهُ: وَوُعَّاظٌ) أَيْ شَرِكَةُ وُعَّاظٍ فِيمَا يَتَحَصَّلُ لَهُمْ بِسَبَبِ الْوَعْظِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِمْ ط (قَوْلُهُ: وَسُؤَالٌ) بِتَشْدِيدِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ السَّائِلِ: وَهُوَ الشَّحَّاذُ اهـ ح (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالسُّؤَالِ لَا يَصِحُّ) وَمَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ شَرَطَا الرِّبْحَ عَلَى السَّوَاءِ أَوْ مُتَفَاضِلًا، وَسَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ أَوْ لَا، وَقِيلَ: إنْ شَرَطَا أَكْثَرَ الرِّبْحِ لِأَدْنَاهُمَا عَمَلًا لَا يَصِحُّ.
وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُفَاوَضَةٌ إذْ لَا تَكُونُ الْمُفَاوَضَةُ إلَّا مَعَ التَّسَاوِي كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرِبْحٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ التَّفَاضُلَ فِي الرِّبْحِ عِنْدَ اشْتِرَاطِ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ لَا يَجُوزُ قِيَاسًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِقَدْرِ مَا شُرِطَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ رِبْحٌ مَا لَمْ يَضْمَنْ، فَلَمْ يَجُزْ الْعَقْدُ كَمَا فِي شَرِكَةِ الْوُجُوهِ.
وَيَجُوزُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ لَيْسَ رِبْحًا؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَهُنَا رَأْسُ الْمَالِ عَمَلٌ وَالرِّبْحُ مَالٌ فَلَمْ يَتَّحِدْ الْجِنْسُ، فَكَانَ مَا يَأْخُذُهُ بَدَلَ الْعَمَلِ وَالْعَمَلُ يُتَقَوَّمُ بِالتَّقْوِيمِ إذَا رَضِيَا بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ، فَيُقَدَّرُ بِقَدْرِ مَا قُوِّمَ بِهِ فَلَمْ يُؤَدِّ إلَى رِبْحٍ مَا لَمْ يَضْمَنْ، بِخِلَافِ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاوُتُ فِي الرِّبْحِ عِنْدَ التَّسَاوِي فِي الْمُشْتَرَى؛ لِأَنَّ جِنْسَ الْمَالِ وَهُوَ الثَّمَنُ الْوَاجِبُ فِي ذِمَّتِهِمَا مُتَّحِدٌ وَالرِّبْحُ يَتَحَقَّقُ فِي الْجِنْسِ الْمُتَّحِدِ، فَلَوْ جَازَ زِيَادَةُ الرِّبْحِ كَانَ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ (قَوْلُهُ: فَيُطَالَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْعَمَلِ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُفَاوَضَةً، أَمَّا إذَا أَطْلَقَاهَا أَوْ قَيَّدَاهَا بِالْعِنَانِ فَثُبُوتُ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ اسْتِحْسَانٌ، وَفِيمَا سِوَاهُمَا فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مُقْتَضَى الْعِنَانِ، وَلِذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مُسْتَهْلَكٍ أَوْ أَجْرِ أَجِيرٍ أَوْ دُكَّانٍ لِمُدَّةٍ مَضَتْ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ نَفَاذَ الْإِقْرَارِ عَلَى الْآخَرِ مُوجِبٌ الْمُفَاوَضَةَ وَلَمْ يَنُصَّا عَلَيْهَا فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ لَمْ يُسْتَهْلَكْ أَوْ الْمُدَّةُ لَمْ تَمْضِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُمَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ اهـ ح مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: وَيَبْرَأُ دَافِعُهَا) أَنَّثَ الضَّمِيرَ وَإِنْ عَادَ عَلَى الْأَجْرِ لِتَأْوِيلِهِ بِالْأُجْرَةِ ط فِي (قَوْلِهِ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَيَكُونُ الْكَسْبُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الْكَسْبِ الْحَاصِلِ مِنْ عَمَلِهِمَا، وَمَا هُنَا فِي الْحَاصِلِ مِنْ عَمَلِ أَحَدِهِمَا: أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَا أَوْ يَعْمَلَ أَحَدُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ عَمَلِ الْآخَرِ لِعُذْرٍ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مُعِينُ الْقَابِلِ وَالشَّرْطُ مُطْلَقُ الْعَمَلِ إلَخْ مَا ذَكَرَهُ.
مَطْلَبٌ: شَرِكَةُ الْوُجُوهِ
(قَوْلُهُ: وَإِمَّا وُجُوهٌ) وَيُقَالُ لَهَا شَرِكَةُ الْمَفَالِيسِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ: نَوْعًا أَوْ أَنْوَاعًا) أَفَادَ أَنَّهَا تَكُونُ خَاصَّةً وَعَامَّةً كَمَا فِي النَّهْرِ وَلِذَا حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْمَفْعُولَ (قَوْلُهُ: أَيْ بِسَبَبِ وَجَاهَتِهِمَا) أَفَادَ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا مَالَ لَهُ