الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَازَ فِي الْحُكْمِ وَبَقِيَ نَذْرُهُ وَبِهَذَا عُرِفَ صِفَتُهُ وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ فِي تَعْرِيفِهِ
(وَمَحَلُّهُ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ)
(وَرُكْنُهُ الْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ كَ) أَرْضِي هَذِهِ (صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ مُؤَبَّدَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأَلْفَاظِ كَمَوْقُوفَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ عَلَى وَجْهِ الْخَيْرِ أَوْ الْبِرِّ وَاكْتَفَى أَبُو يُوسُفَ بِلَفْظِ مَوْقُوفَةٍ فَقَطْ قَالَ الشَّهِيدُ وَنَحْنُ نُفْتِي بِهِ لِلْعُرْفِ
[مَطْلَبٌ قَدْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالضَّرُورَةِ]
(وَشَرْطُهُ شَرْطُ سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ) كَحُرِّيَّةٍ وَتَكْلِيفٍ
ــ
[رد المحتار]
وَدِقَّةُ نَظَرِ الشَّارِحِ وَإِيجَازُهُ فِي التَّعْبِيرِ يَفُوقُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ مَارَسَ كِتَابَهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: جَازَ فِي الْحُكْمِ) أَيْ صَحَّ الْوَقْفُ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، وَصَحَّ تَعْيِينُهُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، لَكِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهِ النَّذْرُ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ، وَصَرْفُهَا إلَى مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ فِيهِ نَفْعٌ لَهُ فَلَمْ تَخْلُصْ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ صَرَفَ إلَيْهِ الْكَفَّارَةَ أَوْ الزَّكَاةَ وَقَعَتْ وَبَقِيَتْ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ قُرْبَةً بِالنِّيَّةِ وَمُبَاحًا بِدُونِهَا وَوَاجِبًا بِالنَّذْرِ (قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ) أَيْ الْأَثَرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي تَعْرِيفِهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ تَصَدَّقَ بِالْمَنْفَعَةِ
(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّهُ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا فِيهِ تَعَامُلٌ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ، ثُمَّ رَأَيْت هَذَا مَسْطُورًا فِي الْإِسْعَافِ. .
مَطْلَبٌ قَدْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ الْأَلْفَاظُ الْخَاصَّةُ) وَهِيَ سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ لَفْظًا عَلَى مَا بَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ، وَمِنْهَا مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: فَرْعٌ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالضَّرُورَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يُوصِيَ بِغَلَّةِ هَذِهِ الدَّارِ لِلْمَسَاكِينِ أَبَدًا أَوْ لِفُلَانٍ وَبَعْدَهُ لِلْمَسَاكِينِ أَبَدًا فَإِنَّ الدَّارَ تَصِيرُ وَقْفًا بِالضَّرُورَةِ. وَالْوَجْهُ أَنَّهَا كَقَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَقَدْ وَقَفْت دَارِي عَلَى كَذَا اهـ أَيْ فَهُوَ مِنْ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ كَوَصِيَّةٍ مِنْ الثُّلُثِ وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ مِنْهَا لَوْ قَالَ: اشْتَرُوا مِنْ غَلَّةِ دَارِي هَذِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُبْزًا وَفَرِّقُوهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ صَارَتْ الدَّارُ وَقْفًا اهـ وَعَزَاهُ لِلذَّخِيرَةِ وَبَسَطَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا بَيْنَ الْأَصْحَابِ. قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الدَّارَ كُلَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَيَصْرِفُ مِنْهَا الْخُبْزَ إلَى مَا عَيَّنَهُ الْوَاقِفُ، وَالْبَاقِيَ إلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُمْ مَصْرِفُ الْوَقْفِ فِي الْأَصْلِ، مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى غَيْرِهِمْ. وَنَظِيرُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ فَلَهُ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْفُقَرَاءِ، وَقَدْ سَأَلْت عَنْ نَظِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي رَجُلٍ أَوْصَى بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ غَلَّةِ دَارِهِ كُلَّ سَنَةٍ كَذَا دَرَاهِمَ يُشْتَرَى بِهَا زَيْتٌ لِمَسْجِدِ كَذَا، ثُمَّ بَاعَ الْوَرَثَةُ الدَّارَ وَشَرَطُوا عَلَى الْمُشْتَرِي دَفْعَ ذَلِكَ الْمَبْلَغِ فِي كُلِّ سَنَةٍ لِلْمَسْجِدِ، فَأَفْتَيْت بِعَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَبِأَنَّهَا صَارَتْ وَقْفًا حَيْثُ كَانَتْ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَاكْتَفَى أَبُو يُوسُفَ بِلَفْظِ: مَوْقُوفَةٌ إلَخْ) أَيْ بِدُونِ ذِكْرِ تَأْبِيدٍ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَفْظِ صَدَقَةٍ، أَوْ لَفْظِ الْمَسَاكِينِ وَنَحْوِهِ كَالْمَسْجِدِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ أَوْ أَوْلَادِ فُلَانٍ، فَإِنْ لَا يَصِحُّ بِلَفْظِ مَوْقُوفَةٍ لِمُنَافَاةِ التَّعْيِينِ لِلتَّأْبِيدِ، وَلِذَا فَرَّقَ بَيْنَ مَوْقُوفَةٍ وَبَيْنَ مَوْقُوفَةٍ عَلَى زَيْدٍ حَيْثُ أَجَازَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي. نَعَمْ تَعْيِينُ الْمَسْجِدِ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ مُؤَيَّدٌ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَا يَصِحُّ أَيْ مَوْقُوفَةٌ فَقَطْ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ يَجْعَلُهَا بِمُجَرَّدِ هَذَا اللَّفْظِ مَوْقُوفَةً عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَإِذَا كَانَ مُفِيدًا لِخُصُوصِ الْمَصْرِفِ أَعْنِي الْفُقَرَاءَ لَزِمَ كَوْنُهُ مُؤَبَّدًا لِأَنَّ جِهَةَ الْفُقَرَاءِ لَا تَنْقَطِعُ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ يُفْتُونَ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ نُفْتِي بِهِ أَيْضًا لِمَكَانِ الْعُرْفِ لِأَنَّ الْعُرْفَ إذَا كَانَ يَصْرِفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ كَانَ كَالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِمْ. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذِكْرَ التَّأْبِيدِ أَوْ وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ غَيْرُ شَرْطٍ عِنْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
(قَوْلُهُ: وَشَرْطُهُ شَرْطُ سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ) أَفَادَ أَنَّ الْوَاقِفَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ وَقْتَ الْوَقْفِ مِلْكًا بَاتًّا وَلَوْ بِسَبَبٍ فَاسِدٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ
(وَأَنْ يَكُونَ) قُرْبَةً فِي ذَاتِهِ مَعْلُومًا (مُنَجَّزًا) لَا مُعَلَّقًا إلَّا بِكَائِنٍ، وَلَا مُضَافًا، وَلَا مُوَقَّتًا
ــ
[رد المحتار]
مَحْجُورًا عَنْ التَّصَرُّفِ، حَتَّى لَوْ وَقَفَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ مَلَكَهُ بَعْدُ بِشِرَاءٍ أَوْ صُلْحٍ، وَلَوْ أَجَازَ الْمَالِكُ وَقْفَ فُضُولِيٍّ جَازَ وَصَحَّ وَقْفُ مَا شَرَاهُ فَاسِدًا بَعْدَ الْقَبْضِ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لِلْبَائِعِ وَكَالشِّرَاءِ الْهِبَةُ الْفَاسِدَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِخِيَارِ الْبَائِعِ فَوَقَفَهَا وَإِنْ أَجَازَ الْبَائِعُ بَعْدَهُ وَيُنْقَضُ وَقْفٌ اُسْتُحِقَّ بِمِلْكٍ أَوْ شُفْعَةٍ، وَإِنْ جَعَلَهُ مَسْجِدًا وَوَقْفُ مَرِيضٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِهِ بِخِلَافٍ صَحِيحٍ وسَيَأْتِي تَمَامُهُ حُكْمُ وَقْفِ الْمَرْهُونِ قُبَيْلَ الْفَصْلِ وَكَذَا وَقْفُ مَحْجُورٍ لِسَفَهٍ أَوْ دَيْنٍ كَذَا أَطْلَقَهُ الْخَصَّافُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا وَقَفَهَا الْمَحْجُورُ لِسَفَهٍ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ أَنْ يَصِحَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِ وَعِنْدَ الْكُلِّ إذَا حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ.
وَفِي النَّهْرِ: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ التَّبَرُّعُ عَلَى غَيْرِهِ لَا عَلَى نَفْسِهِ كَمَا هُنَا وَاسْتِحْقَاقُ الْغَيْرِ لَهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ قُرْبَةً فِي ذَاتِهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ إلَى ذَاتِهِ وَصُورَتِهِ قُرْبَةً، وَالْمُرَادُ أَنْ يَحْكُمَ الشَّرْعُ بِأَنَّهُ لَوْ صَدَرَ مِنْ مُسْلِمٍ يَكُونُ قُرْبَةً حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الْقُرْبَةَ، لَكِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ وَقَفَ الذِّمِّيُّ عَلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ أَجْرَى الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَقْفُ الذِّمِّيِّ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ مِنْ الذِّمِّيِّ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ قُرْبَةً فِي اعْتِقَادِ الْوَاقِفِ يَدْخُلُ فِيهِ وَقْفُ الذِّمِّيِّ عَلَى بِيعَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَنُعَيِّنُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي وَقْفِ الْمُسْلِمِ فَقَطْ، بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ لِمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ أَنَّ شَرْطَ وَقْفِ الذِّمِّيِّ أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى مَسْجِدِ الْقُدْسِ، بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى بِيعَةٍ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ عِنْدَهُمْ فَقَطْ أَوْ عَلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ عِنْدَنَا فَقَطْ فَأَفَادَ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ لِوَقْفِ الذِّمِّيِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّ وَقْفَ الْمُسْلِمِ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ قُرْبَةً عِنْدَهُمْ بَلْ عِنْدَنَا كَوَقْفِنَا عَلَى حَجٍّ وَعُمْرَةٍ بِخِلَافِهِ عَلَى بِيعَةٍ فَإِنَّهُ غَيْرُ قُرْبَةٍ عِنْدَنَا بَلْ عِنْدَهُمْ (قَوْلُهُ: مَعْلُومًا) حَتَّى لَوْ وَقَفَ شَيْئًا مِنْ أَرْضِهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ وَقَفْت هَذِهِ الْأَرْضَ أَوْ هَذِهِ، نَعَمْ لَوْ وَقَفَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ وَلَمْ يُسَمِّ السِّهَامَ جَازَ اسْتِحْسَانًا، وَلَوْ قَالَ: وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الدَّارِ فَإِذَا هُوَ الَّتِي كَانَ الْكُلُّ وَقْفًا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ نَهْرٌ أَيْ كُلُّ النِّصْفِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: وَقَفَ أَرْضًا فِيهِ أَشْجَارٌ وَاسْتَثْنَاهَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَثْنِيًا الْأَشْجَارَ بِمَوَاضِعِهَا فَيَصِيرُ الدَّاخِلُ تَحْتَ الْوَقْفِ مَجْهُولًا.
(قَوْلُهُ: مُنَجَّزًا) مُقَابِلُهُ الْمُعَلَّقُ وَالْمُضَافُ (قَوْلُهُ: لَا مُعَلَّقًا) كَقَوْلِهِ: إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إذَا كَلَّمْت فُلَانًا فَأَرْضِي هَذِهِ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَوْ إنْ شِئْت أَوْ أَحْبَبْت يَكُونُ الْوَقْفُ: بَاطِلًا لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ لِكَوْنِهِ مِمَّا لَا يُحْلَفُ بِهِ كَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْهِبَةِ بِخِلَافِ النَّذْرِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ وَيَحْلِفُ بِهِ، فَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا إذَا قَدِمَ أَوْ إنْ بَرِئْت مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِعَيْنِهَا إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ النَّذْرِ وَالْيَمِينِ إسْعَافٌ (قَوْلُهُ: إلَّا بِكَائِنٍ) أَوْ مَوْجُودٍ لِلْحَالِ فَلَا يُنَافِي عَدَمَ صِحَّتِهِ مُعَلَّقًا بِالْمَوْتِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ: وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ فِي مِلْكِي فَهِيَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ التَّكَلُّمِ صَحَّ الْوَقْفُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ الْكَائِنِ تَنْجَبِرُ (قَوْلُهُ: وَلَا مُضَافًا) يَعْنِي إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ. فَقَدْ نُقِلَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ مُحَمَّدًا نَصَّ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ إذَا أُضِيفَ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ يَكُونُ بَاطِلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ. نَعَمْ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّهُ يَكُونُ وَصِيَّةً لَازِمَةً مِنْ الثُّلُثِ بِالْمَوْتِ لَا قَبْلَهُ، أَمَّا لَوْ قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ غَدًا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ قُبَيْلَ بَابِ الصَّرْفِ، فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِالْمُضَافِ الْأَوَّلِ فَلَا غَلَطَ فِي كَلَامِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَا مُوَقَّتًا) كَمَا إذَا وَقَفَ دَارِهِ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا قَالَهُ الْخَصَّافُ، وَفَصَلَ هِلَالٌ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَ رُجُوعَهَا إلَيْهِ بَعْدَ الْوَقْتِ فَيَبْطُلَ وَإِلَّا فَلَا.
وَظَاهِرُ الْخَانِيَّةِ اعْتِمَادُهُ بَحْرٌ وَنَهْرٌ وَيَأْتِي تَمَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ
وَلَا بِخِيَارِ شَرْطٍ، وَلَا ذَكَرَ مَعَهُ اشْتِرَاطَ بَيْعِهِ وَصَرْفَ ثَمَنِهِ، فَإِنْ ذَكَرَهُ بَطَلَ وَقْفُهُ بَزَّازِيَّةٌ.
وَفِي الْفَتْحِ: لَوْ وَقَفَ الْمُرْتَدُّ فَقُتِلَ أَوْ مَاتَ أَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ بَطَلَ وَقْفُهُ، وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ عَلَى بِيعَةٍ أَوْ حَرْبِيٍّ قِيلَ أَوْ مَجُوسِيٍّ، وَجَازَ عَلَى ذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ حَتَّى لَوْ قَالَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ وَلَدِهِ أَوْ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِ النَّصْرَانِيَّةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ
ــ
[رد المحتار]
وَإِذَا وَقَّتَهُ بَطَلَ (قَوْلُهُ: وَلَا بِخِيَارِ شَرْطٍ) مَعْلُومٍ كَانَ أَوْ مَجْهُولًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَصَحَّحَهُ إسْعَافٌ وَفِي ط عَنْ الْهِنْدِيَّةِ: وَصَحَّ اشْتِرَاطُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عِنْدَ الثَّانِي وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ اتَّخَذَ مَسْجِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ جَازَ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا ذَكَرَ مَعَهُ اشْتِرَاطَ بَيْعِهِ إلَخْ) فِي الْخَصَّافِ لَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ لِي إخْرَاجَهَا مِنْ الْوَقْفِ إلَى غَيْرِهِ أَوْ عَلَى أَنْ أَهَبَهَا وَأَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا، أَوْ عَلَى أَنْ أَهَبَهَا لِمَنْ شِئْت أَوْ عَلَى أَنْ أَرْهَنَهَا مَتَى بَدَا لِي وَأَخْرَجَهَا عَنْ الْوَقْفِ بَطَلَ الْوَقْفُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، أَمَّا الْمَسْجِدُ لَوْ اُشْتُرِطَ إبْطَالُهُ أَوْ بَيْعُهُ صَحَّ وَبَطَلَ الشَّرْطُ.
قُلْت: وَلَوْ اُشْتُرِطَ فِي الْوَقْفِ اسْتِبْدَالُهُ صَحَّ وسَيَأْتِي بَيَانُهُ. [تَتِمَّةٌ] : لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ، فَلَوْ لِشَخْصٍ بِعَيْنِهِ وَآخِرُهُ لِلْفُقَرَاءِ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ فِي حَقِّهِ، فَإِنْ قَبِلَهُ فَالْغَلَّةُ لَهُ، وَإِنْ رَدَّهُ فَلِلْفُقَرَاءِ، وَمَنْ قَبِلَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَهُ، وَمَنْ رَدَّهُ أَوَّلَ الْأَمْرِ لَيْسَ لَهُ الْقَبُولُ بَعْدَهُ، وَتَمَامُ الْفُرُوعِ فِي الْإِسْعَافِ وَالْبَحْرِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا وُجُودُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حِينَ الْوَقْفِ، حَتَّى لَوْ وَقَفَ مَسْجِدًا هَيَّأَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَهُ فَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ كَمَا سَيَأْتِي وَلَا تَحْدِيدَ الْعَقَارِ، بَلْ الشَّرْطُ كَوْنُهُ مَعْلُومًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْقُنْيَةِ وَالْفَتْحِ، نَعَمْ هُوَ شَرْطُ الشَّهَادَةِ وَسَنَذْكُرُ تَمَامَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ وَقَفَ الْعَقَارَ بِبَقَرِهِ (قَوْلُهُ: بَطَلَ وَقْفُهُ) هُوَ الْمُخْتَارُ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ. .
مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمُرْتَدِّ وَالْكَافِرِ (قَوْلُهُ: فَقُتِلَ أَوْ مَاتَ) أَمَّا إنْ أَسْلَمَ صَحَّ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ ارْتَدَّ الْمُسْلِمُ بَطَلَ وَقْفُهُ) وَيَصِيرُ مِيرَاثًا سَوَاءً قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ مَاتَ أَوْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ إلَّا إنْ أَعَادَ الْوَقْفَ بَعْدَ عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ، وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ بَحْرٌ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الِاغْتِفَارُ فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الْبَقَاءِ عَكْسُ الْقَاعِدَةِ، فَإِنَّ الرِّدَّةَ الْمُقَارِنَةَ لِلْوَقْفِ لَا تُبْطِلُهُ بَلْ يَتَوَقَّفُ، بِخِلَافِ الطَّارِئَةِ فَإِنَّهَا تُبْطِلُهُ بَتًّا اهـ ط وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ قُبَيْلَ الْفَصْلِ الْآتِي (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ عَلَى بِيعَةٍ) أَمَّا فِي الْمُسْلِمِ فَلِعَدَمِ كَوْنِهِ قُرْبَةً فِي ذَاتِهِ، وَأَمَّا فِي الذِّمِّيِّ فَلِعَدَمِ كَوْنِهِ قُرْبَةً عِنْدَنَا وَعِنْدَهُ كَمَا مَرَّ أَفَادَهُ ح. لَكِنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَجْعَلْ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ لِمَا فِي الْفَتْحِ: لَوْ وَقَفَ أَيْ الذِّمِّيُّ عَلَى بِيعَةٍ مَثَلًا فَإِذَا خَرِبَتْ يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لِلْفُقَرَاءِ ابْتِدَاءً، وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ آخِرَهُ لِلْفُقَرَاءِ كَانَ مِيرَاثًا عَنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ فِي وَقْفِهِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ، وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْبَحْرِ سَقْطًا حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ وَقَفَ عَلَى بِيعَةٍ فَإِذَا خَرِبَتْ كَانَ لِلْفُقَرَاءِ لَمْ يَصِحَّ وَكَانَ مِيرَاثًا لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ عِنْدَنَا. اهـ.
قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ مُطْلَقًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمُفْتَى بِهِ، وَهُوَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّصْرِيحِ بِالتَّأْبِيدِ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْبِيعَةِ يُنَافِي التَّأْبِيدَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ حَرْبِيٍّ) لِأَنَّا قَدْ نُهِينَا عَنْ بِرِّهِمْ ط (قَوْلُهُ: قِيلَ أَوْ مَجُوسِيٍّ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الصَّحِيحَ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً، كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْقُنْيَةِ. وَفِي الْإِسْعَافِ لَوْ وَقَفَ نَصْرَانِيٌّ مَثَلًا عَلَى مَسَاكِينِ أَهْلِ الذِّمَّةِ جَازَ صَرْفُهَا لِمَسَاكِينِ الْيَهُودِ وَالْمَجُوس لِكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَوْ عَيَّنَ مَسَاكِينَ أَهْلِ دِينِهِ تَعَيَّنُوا، وَلَوْ صَرَفَهَا الْقَيِّمُ إلَى غَيْرِهِمْ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِلَّةً وَاحِدَةً لِتَعَيُّنِ الْوَقْفِ بِمَنْ يُعَيِّنُهُ الْوَاقِفُ.