الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي كُلِّ مَا يُعْمَلُ فِيهِ بِقَوْلِ النِّسَاءِ بَحْرٌ (هِيَ عِرْسُكَ وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا) بِذَلِكَ قَضَى عُمَرُ رضي الله عنه وَبِالْعِدَّةِ
(أَوْ) بِوَطْءِ (دُبُرٍ) وَقَالَا: إنْ فَعَلَ فِي الْأَجَانِبِ حُدَّ. وَإِنْ فِي عَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فَلَا حَدَّ إجْمَاعًا بَلْ يُعَزَّرُ. قَالَ فِي الدُّرَرِ بِنَحْوِ الْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ وَهَدْمِ الْجِدَارِ وَالتَّنْكِيسِ مِنْ مَحِلٍّ مُرْتَفِعٍ بِاتِّبَاعِ الْأَحْجَارِ. وَفِي الْحَاوِي وَالْجَلْدُ أَصَحُّ وَفِي الْفَتْحِ يُعَزَّرُ وَيُسْجَنُ حَتَّى يَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ؛ وَلَوْ اعْتَادَ اللِّوَاطَةُ قَتَلَهُ الْإِمَامُ سِيَاسَةً.
قُلْت: وَفِي النَّهْرِ مَعْزِيًّا لِلْبَحْرِ: التَّقْيِيدُ بِالْإِمَامِ يُفْهِمُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ الْحُكْمُ بِالسِّيَاسَةِ.
[فَرْعٌ]
فِي الْجَوْهَرَةِ: الِاسْتِمْنَاءُ حَرَامٌ، وَفِيهِ التَّعْزِيرُ. وَلَوْ مَكَّنَ امْرَأَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ مِنْ الْعَبَثِ بِذَكَرِهِ فَأَنْزَلَ كُرِهَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
ــ
[رد المحتار]
أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مَهْرُهَا) أَيْ وَيَكُونُ لَهَا كَمَا قَضَى بِهِ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ كَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لَا لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا قَضَى بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه، وَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ حَقَّ الشَّرْعِ عِوَضًا عَنْ الْحَدِّ، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ قَضَى عُمَرُ) كَذَا وَقَعَ فِي الدُّرَرِ، وَصَوَابُهُ عَلِيٌّ. وَفِي الْعَزْمِيَّةِ أَنَّهُ سَهْوٌ ظَاهِرٌ
مَطْلَبٌ فِي وَطْءِ الدُّبُرِ (قَوْلُهُ أَوْ بِوَطْءِ دُبُرٍ) أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ دُبُرَ الصَّبِيِّ وَالزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِمَامِ مِنَحٌ وَيُعَزَّرُ هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ حُدَّ) فَهُوَ عِنْدَهُمَا كَالزِّنَا فِي الْحُكْمِ فَيُجْلَدُ جَلْدًا إنْ لَمْ يَكُنْ أُحْصِنَ، وَرَجْمًا إنْ أُحْصِنَ نَهْرٌ.
مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ اللِّوَاطَةُ (قَوْلُهُ بِنَحْوِ الْإِحْرَاقِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُعَزَّرُ. وَعِبَارَةُ الدُّرَرِ: فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُعَزَّرُ بِأَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُهُ تَقْيِيدُ قَتْلِهِ بِمَا إذَا اعْتَادَ ذَلِكَ. قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ: وَالرَّأْيُ إلَى الْإِمَامِ فِيمَا إذَا اعْتَادَ ذَلِكَ، إنْ شَاءَ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَرَبَهُ وَحَبَسَهُ. ثُمَّ نَقَلَ عِبَارَةَ الْفَتْحِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّرْحِ، وَكَذَا اعْتَرَضَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِكَلَامِ الْفَتْحِ. وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ غَيْبُوبَةِ الْحَشَفَةِ: وَلَا يُحَدُّ عِنْدَ الْإِمَامِ إلَّا إذَا تَكَرَّرَ فَيُقْتَلُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ. اهـ. قَالَ الْبِيرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْتَلُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ لِصِدْقِ التَّكْرَارِ عَلَيْهِ. اهـ.
ثُمَّ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يُعَزَّرُ بِالْإِحْرَاقِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ فِي عَبْدِهِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ فَعَلَ هَذَا بِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لَا يُحَدُّ إجْمَاعًا كَذَا فِي الْكَافِي، نَعَمْ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّعْزِيرِ وَالْقَتْلِ لِمَنْ اعْتَادَهُ (قَوْلُهُ وَالتَّنْكِيسِ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَكَانَ مَأْخَذُ هَذَا أَنَّ قَوْمَ لُوطٍ أُهْلِكُوا بِذَلِكَ حَيْثُ حُمِلَتْ قُرَاهُمْ وَنُكِّسَتْ بِهِمْ، وَلَا شَكَّ فِي اتِّبَاعِ الْهَدْمِ بِهِمْ وَهُمْ نَازِلُونَ (قَوْلُهُ وَفِي الْحَاوِي) أَيْ الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ.
وَعِبَارَتُهُ: وَتَكَلَّمُوا فِي هَذَا التَّعْزِيرِ مِنْ الْجَلْدِ وَرَمْيِهِ مِنْ أَعْلَى مَوْضِعٍ وَحَبْسِهِ فِي أَنْتَنِ بُقْعَةٍ وَغَيْرُ ذَلِكَ سِوَى الْإِخْصَاءِ وَالْجَبِّ وَالْجَلْدِ أَصَحُّ اهـ وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ التَّقْيِيدُ بِالْإِمَامِ إلَخْ) فِيهِ كَلَامٌ قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ
[فَرْعٌ الِاسْتِمْنَاءُ]
(قَوْلُهُ الِاسْتِمْنَاءُ حَرَامٌ) أَيْ بِالْكَفِّ إذَا كَانَ لِاسْتِجْلَابِ الشَّهْوَةِ، أَمَّا إذَا غَلَبَتْهُ الشَّهْوَةُ وَلَيْسَ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا أَمَةٌ فَفَعَلَ ذَلِكَ لِتَسْكِينِهَا فَالرَّجَاءُ أَنَّهُ لَا وَبَالَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ أَبُو اللَّيْثِ، وَيَجِبُ لَوْ خَافَ الزِّنَا (قَوْلُهُ كُرِهَ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَنْزَلَ بِتَفْخِيذٍ أَوْ تَبْطِينٍ تَأَمَّلْ وَقَدَّمْنَا عَنْ الْمِعْرَاجِ فِي بَابِ مُفْسِدَاتِ الصَّوْمِ: يَجُوزُ أَنْ يَسْتَمْنِيَ بِيَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ خَادِمَتِهِ، وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ حَدٍّ وَتَعْزِيرٍ، وَكَذَا مِنْ إثْمٍ عَلَى مَا قُلْنَاهُ
(وَلَا تَكُونُ) اللِّوَاطَةُ (فِي الْجَنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ تَعَالَى اسْتَقْبَحَهَا وَسَمَّاهَا خَبِيثَةً، وَالْجَنَّةُ مُنَزَّهَةٌ عَنْهَا فَتْحٌ.
وَفِي الِاشْتِبَاهِ: حُرْمَتُهَا عَقْلِيَّةٌ فَلَا وُجُودَ لَهَا فِي الْجَنَّةِ. وَقِيلَ سَمْعِيَّةٌ فَتُوجَدُ. وَقِيلَ يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى طَائِفَةً نِصْفُهُمْ الْأَعْلَى كَالذُّكُورِ وَالْأَسْفَلِ كَالْإِنَاثِ. وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. وَفِي الْبَحْرِ حُرْمَتُهَا أَشَدُّ مِنْ الزِّنَا لِحُرْمَتِهَا عَقْلًا وَشَرْعًا وَطَبْعًا، وَالزِّنَا لَيْسَ بِحَرَامٍ طَبْعًا، وَتَزُولُ حُرْمَتُهُ بِتَزَوُّجٍ وَشِرَاءٍ بِخِلَافِهَا، وَعَدَمُ الْحَدِّ عِنْدَهُ لَا لِخِفَّتِهَا بَلْ لِلتَّغْلِيظِ لِأَنَّهُ مُطَهِّرٌ عَلَى قَوْلٍ. وَفِي الْمُجْتَبَى: يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ
(أَوْ زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ الْبَغْيِ) إلَّا إذَا زَنَى فِي عَسْكَرٍ لِأَمِيرِهِ وِلَايَةُ الْإِقَامَةِ هِدَايَةٌ.
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ لَا تَكُونُ اللِّوَاطَةُ فِي الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا تَكُونُ اللِّوَاطَةُ فِي الْجَنَّةِ) قَالَ السُّيُوطِيّ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ الْحَنْبَلِيُّ: جَرَتْ مَسْأَلَةٌ بَيْنَ أَبِي عَلِيِّ بْنِ الْوَلِيدِ الْمُعْتَزِلِيِّ وَبَيْنَ أَبِي يُوسُفَ الْقَزْوِينِيِّ فِي ذَلِكَ.
فَقَالَ ابْنُ الْوَلِيدِ: لَا يُمْنَعُ أَنْ يُجْعَلَ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ اللَّذَّاتِ فِي الْجَنَّةِ لِزَوَالِ الْمَفْسَدَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ فِي الدُّنْيَا لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ النَّسْلِ وَكَوْنِهِ مَحِلًّا لِلْأَذَى وَلَيْسَ فِي الْجَنَّةِ ذَلِكَ، وَلِهَذَا أُبِيحَ شُرْبُ الْخَمْرِ لِمَا لَيْسَ فِيهِ مِنْ السُّكْرِ وَغَايَةِ الْعَرْبَدَةِ وَزَوَالِ الْعَقْلِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الِالْتِذَاذِ بِهَا.
فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْمَيْلُ إلَى الذُّكُورِ عَاهَةٌ، وَهُوَ قَبِيحٌ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحِلٌّ لَمْ يُخْلَقْ لِلْوَطْءِ، وَلِهَذَا لَمْ يُبَحْ فِي شَرِيعَةٍ، بِخِلَافِ الْخَمْرِ وَهُوَ مَخْرَجُ الْحَدَثِ وَالْجَنَّةُ نُزِّهَتْ عَنْ الْعَاهَاتِ. فَقَالَ ابْنُ الْوَلِيدِ: الْعَاهَةُ هِيَ التَّلْوِيثُ بِالْأَذَى، فَإِذَنْ لَمْ يَبْقَ إلَّا مُجَرَّدُ الِالْتِذَاذِ اهـ كَلَامُهُ رَمْلِيٌّ عَلَى الْمِنَحِ (قَوْلُهُ حُرْمَتُهَا عَقْلِيَّةٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُرْمَةِ هُنَا الْقُبْحُ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ أَيْ قُبْحُهَا عَقْلِيٌّ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ بِهِ الشَّرْعُ كَالظُّلْمِ وَالْكُفْرِ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِالْعَقْلِ شَيْءٌ أَيْ لَا يَكُونُ الْعَقْلُ حَاكِمًا بِحُرْمَتِهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى بَلْ الْعَقْلُ مُدْرِكٌ لِحُسْنِ بَعْضِ الْمَأْمُورَاتِ وَقُبْحِ بَعْضِ الْمَنْهِيَّاتِ فَيَأْتِي الشَّرْعُ حَاكِمًا بِوَفْقِ ذَلِكَ فَيَأْمُرُ بِالْحُسْنِ وَيَنْهَى عَنْ الْقَبِيحِ وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ يَجِبُ مَا حَسُنَ عَقْلًا وَيَحْرُمُ مَا قَبُحَ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِوُجُوبِهِ بِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ فَالْعَقْلُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْمُثْبِتُ وَعِنْدَنَا الْمُثْبِتُ هُوَ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ آلَةٌ لِإِدْرَاكِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ قَبْلَ الشَّرْعِ: وَعِنْدَ الْأَشَاعِرَةِ لَا حَظَّ لِلْعَقْلِ قَبْلَ الشَّرْعِ بَلْ الْعَقْلُ تَابِعٌ لِلشَّرْعِ، فَمَا أَمَرَ بِهِ الشَّرْعُ يُعْلَمُ بِالْعَقْلِ أَنَّهُ حَسَنٌ، وَمَا نَهَى عَنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ قَبِيحٌ، وَتَمَامُ أَبْحَاثِ الْمَسْأَلَةِ يُعْلَمُ مِنْ كُتُبِ الْأُصُولِ ومِنْ حَوَاشِينَا عَلَى شَرْحِ الْمَنَارِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ سَمْعِيَّةٌ) أَيْ لَا يَسْتَقِلُّ الْعَقْلُ بِإِدْرَاكِ قُبْحِهَا قَبْلَ وُرُودِ الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ (قَوْلُهُ فَتُوجَدُ) أَيْ يُمْكِنُ أَنْ تُوجَدَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَخْلُقُ اللَّهُ تَعَالَى إلَخْ) هَذَا خَارِجٌ عَنْ مَحِلِّ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ (قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ) هُوَ أَنَّهُ لَا وُجُودَ لَهَا فِي الْجَنَّةِ (قَوْلُهُ لِحُرْمَتِهَا) أَيْ قُبْحِهَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَتَزُولُ حُرْمَتُهُ إلَخْ) وَجْهٌ آخَرُ لِبَيَانِ أَشَدِّيَّةِ اللِّوَاطَةُ، وَهُوَ أَنَّ وَطْءَ الذَّكَرِ لَا يُمْكِنُ زَوَالُ حُرْمَتِهِ بِخِلَافِ وَطْءِ الْأُنْثَى فَإِنَّهُ يُمْكِنُ بِتَزَوُّجِهَا أَوْ شِرَائِهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُطَهِّرٌ عَلَى قَوْلٍ) أَيْ قَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَذْهَبِنَا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ يُكَفَّرُ مُسْتَحِلُّهَا) قَدَّمَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْحَيْضِ الْخِلَافَ فِي كُفْرِ مُسْتَحِلِّ وَطْءِ الْحَائِضِ وَوَطْءِ الدُّبُرِ، ثُمَّ وُفِّقَ بِمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ السِّرَاجِيَّةِ: اللِّوَاطَةُ بِمَمْلُوكِهِ أَوْ مَمْلُوكَتِهِ أَوْ امْرَأَتِهِ حَرَامٌ، إلَّا أَنَّهُ لَوْ اسْتَحَلَّهُ لَا يَكْفُرُ قَالَهُ حُسَامُ الدِّينِ اهـ أَيْ فَيُحْمَلُ الْقَوْلُ بِكُفْرِهِ عَلَى مَا إذَا اسْتَحَلَّ اللِّوَاطَةُ بِأَجْنَبِيٍّ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ، لَكِنْ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَنَّ هَذَا يُعْلَمُ وَلَا يُعَلَّمُ أَيْ لِئَلَّا يَتَجَرَّأَ الْفَسَقَةُ عَلَيْهِ بِظَنِّهِمْ حِلَّهُ.
[تَتِمَّةٌ] لِلِّوَاطَةِ أَحْكَامٌ أُخَرُ: لَا يَجِبُ بِهَا الْمَهْرُ وَلَا الْعِدَّةُ يَحْصُلُ بِهَا التَّحْلِيلُ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ،.
وَلَا تَثْبُتُ بِهَا الرَّجْعَةُ وَلَا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَلَا الْكَفَّارَةُ فِي رَمَضَانَ فِي رِوَايَةٍ.
وَلَوْ قَذَفَ بِهَا لَا يُحَدُّ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَا يُلَاعِنُ خِلَافًا لَهُمَا بَحْرٌ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُجْتَبَى. وَيُزَادُ مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ السِّرَاجِ: يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا عَدْلَانِ لَا أَرْبَعَةٌ خِلَافًا لَهُمَا
(قَوْلُهُ إلَّا إذَا زَنَى إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا فِي الْمَتْنِ خَاصٌّ
(وَلَا) حَدَّ (بِزِنَا غَيْرِ مُكَلَّفٍ بِمُكَلَّفَةٍ مُطْلَقًا) لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا (وَفِي عَكْسِهِ حَدٌّ) فَقَطْ.
(وَلَا) حَدَّ (بِالزِّنَا بِالْمُسْتَأْجَرَةِ لَهُ) أَيْ لِلزِّنَا. وَالْحَقُّ وُجُوبُ الْحَدِّ كَالْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ فَتْحٌ (وَلَا بِالزِّنَا بِإِكْرَاهٍ)
(وَ) لَا (بِإِقْرَارٍ إنْ أَنْكَرَ الْآخَرُ) لِلشُّبْهَةِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْتهَا وَلَوْ حُرَّةً مُجْتَبَى.
ــ
[رد المحتار]
بِمَا إذَا خَرَجَ مِنْ عَسْكَرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ إقَامَةِ الْحُدُودِ فَدَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ وَزَنَى ثُمَّ عَادَ، أَوْ كَانَ مَعَ أَمِيرِ سَرِيَّةٍ أَوْ أَمِيرِ عَسْكَرٍ فَزَنَى ثَمَّةَ، أَوْ كَانَ تَاجِرًا أَوْ أَسِيرًا. أَمَّا لَوْ زَنَى مَعَ عَسْكَرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ إقَامَةِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، بِخِلَافِ أَمِيرِ الْعَسْكَرِ أَوْ السَّرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا فُوِّضَ لَهُمَا تَدْبِيرُ الْحَرْبِ لَا إقَامَةَ الْحُدُودِ، وَوِلَايَةُ الْإِمَامِ مُنْقَطِعَةٌ ثَمَّةَ كَمَا فِي الْفَتْحِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ
(قَوْلُهُ لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الرَّجُلِ أَصْلٌ فِي الزِّنَا وَالْمَرْأَةُ تَابِعَةٌ لَهُ، وَامْتِنَاعُ الْحَدِّ فِي حَقِّ الْأَصْلِ يُوجِبُ امْتِنَاعَهُ فِي حَقِّ التَّبَعِ نَهْرٌ، وَكَذَا لَا عُقْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ لَرَجَعَ بِهِ الْوَلِيُّ عَلَيْهَا لِأَمْرِهَا لَهُ بِمُطَاوَعَتِهَا لَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى الصَّبِيُّ بِصَبِيَّةٍ أَوْ بِمُكْرَهَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ كَمَا فِي الْفَتْحِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ
(قَوْلُهُ وَالْحَقُّ وُجُوبُ الْحَدِّ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُهُمَا، وَهَذَا بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْفَتْحِ، وَسَكَتَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ وَالْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ وَلَا بِالزِّنَا بِإِكْرَاهٍ) هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ، وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ إنَّ الرَّجُلَ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِانْتِشَارِ الْآلَةِ، وَهُوَ آيَةُ الطَّوَاعِيَةِ، بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَلَا تُحَدُّ إجْمَاعًا، وَأَطْلَقَ فَشَمِلَ الْإِكْرَاهَ مِنْ غَيْرِ السُّلْطَانِ عَلَى قَوْلِهِمَا الْمُفْتَى بِهِ مِنْ تَحَقُّقِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَهُوَ اخْتِلَافُ عَصْرٍ وَزَمَانٍ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.
قَالَ ط: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّانِي الْمُكْرَهِ، فَلَوْ زَنَى مُكْرَهًا بِمُطَاوَعَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّلَبِيِّ
(قَوْلُهُ وَلَا بِإِقْرَارٍ إنْ أَنْكَرَهُ الْآخَرُ) أَيْ لَوْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالزِّنَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ فِي أَرْبَعِ مَجَالِسَ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُنْكِرُ النِّكَاحَ أَوْ لَمْ يَدَّعِهِ لَا يُحَدُّ الْمُقِرُّ خِلَافًا لَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ لِانْتِفَاءِ الْحَدِّ عَنْ الْمُنْكِرِ بِدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلنَّفْيِ عَنْهُ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي حَقِّ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الزِّنَا فِعْلٌ وَاحِدٌ يَتِمُّ بِهِمَا، فَإِذَا تَمَكَّنَتْ فِيهِ شُبْهَةٌ تَعَدَّتْ إلَى طَرَفَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَا أَطْلَقَ بَلْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِمَنْ دَرَأَ الشَّرْعُ الْحَدَّ عَنْهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ وَقَالَ زَنَيْت فَإِنَّهُ لَا مُوجِبَ شَرْعِيٌّ يَدْفَعُهُ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِغَائِبَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِ فِي حَقِّهَا بِمَا يُوجِبُ النَّفْيَ وَهُوَ الْإِنْكَارُ، وَلِذَا لَوْ حَضَرَتْ وَأَقَرَّتْ تُحَدُّ، فَظَهَرَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْإِنْكَارِ لَا لِلْغَيْبَةِ فَتْحٌ مُلَخَّصًا.
قُلْت: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ السُّكُوتَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الْإِنْكَارِ تَأَمَّلْ، نَعَمْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا بِخَرْسَاءَ لَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَتَكَلَّمُ لَأَبْدَتْ مُسْقِطًا وَقَدَّمْنَا فِي الْبَابِ السَّابِقِ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْغَائِبَةِ،
[تَنْبِيهٌ] حَيْثُ سَقَطَ الْحَدُّ يَجِبُ لَهَا الْمَهْرُ وَإِنْ أَقَرَّتْ هِيَ بِالزِّنَا وَادَّعَى النِّكَاحَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الْحَدُّ صَارَتْ مُكَذَّبَةً شَرْعًا، ثُمَّ لَوْ أَنْكَرَتْ الزِّنَا وَلَمْ تَدَّعِ النِّكَاحَ وَادَّعَتْ عَلَى الرَّجُلِ حَدَّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لَهُ وَلَا يُحَدُّ لِلزِّنَا، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْتهَا وَلَوْ حُرَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ حُرَّةً لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِالزِّنَا حَيْثُ ادَّعَى الْمِلْكَ وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: زَنَى بِأَمَةٍ ثُمَّ قَالَ اشْتَرَيْتهَا شِرَاءً فَاسِدًا، أَوْ عَلَى أَنَّ لِلْبَائِعِ فِيهِ الْخِيَارَ، أَوْ ادَّعَى صَدَقَةً أَوْ هِبَةً وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ دُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ. اهـ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَأَثْبَتُوهُ ثُمَّ ادَّعَى شُبْهَةً فَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ، وَلَوْ قَالَ هِيَ امْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الشُّهُودِ. اهـ. وَفِي الْبَحْرِ لَوْ ادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَا حَدَّ وَإِنْ كَانَتْ زَوْجَةً لِلْغَيْرِ وَلَا يُكَلَّفُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ لِلشُّبْهَةِ كَمَا لَوْ ادَّعَى السَّارِقُ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكَهُ سَقَطَ الْحَدُّ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ اهـ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ مَتْنًا فِي الْبَابِ السَّابِقِ.
قُلْت: وَانْظُرْ وَجْهَ الْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ ظَنَنْت أَنَّهَا امْرَأَتِي وَقَوْلِهِ هِيَ امْرَأَتِي، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ قَوْلَهُ ظَنَنْت يَدُلُّ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ فَكَانَ إقْرَارًا بِالزِّنَا بِأَجْنَبِيَّةٍ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ هِيَ امْرَأَتِي أَوْ اشْتَرَيْتهَا وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِهِ وَبِأَنَّ فِعْلَهُ غَيْرُ زِنًا فَتَأَمَّلْ. بَقِيَ هُنَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّ الشُّبْهَةَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ الَّتِي قَبْلَهَا لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّهَا مِنْ أَيِّ أَقْسَامِ الشُّبَهِ الثَّلَاثَةِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْهَا. وَوَجْهُهُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَدَّعِي حَقِيقَةَ الْمِلْكِ الَّذِي
(وَفِي قَتْلِ أَمَةٍ بِزِنَاهَا الْحَدُّ) بِالزِّنَا وَالْقِيمَةُ بِالْقَتْلِ، وَلَوْ أَذْهَبَ عَيْنَهَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَسَقَطَ الْحَدُّ لِتَمَلُّكِهِ الْجُثَّةَ الْعَمْيَاءَ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً هِدَايَةٌ، وَتَفْصِيلُ مَا لَوْ أَفْضَاهَا فِي الشَّرْحِ.
(وَلَوْ غَصَبَهَا ثُمَّ زَنَى بِهَا ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) اتِّفَاقًا (بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى بِهَا) ثُمَّ غَصَبَهَا ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهَا كَمَا لَوْ زَنَى بِحُرَّةٍ ثُمَّ نَكَحَهَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ اتِّفَاقًا فَتْحٌ.
ــ
[رد المحتار]
لَوْ ثَبَتَ لَمْ يَكُنْ وَطْؤُهُ فِيهِ مُحَرَّمًا بِخِلَافِ تِلْكَ الْأَقْسَامِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّسَبَ هُنَا لَا يَثْبُتُ وَأَنَّ الْفِعْلَ تَمَحَّضَ زِنًا وَإِنَّمَا سَقَطَ الْحَدُّ لِشُبْهَةِ صِدْقِهِ فِي دَعْوَاهُ الْمِلْكَ بِالْعَقْدِ. أَوْ بِالشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ، وَبِهَذَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ لِغَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ دُخُولُهَا فِي شُبْهَةِ الْفِعْلِ وَهِيَ شُبْهَةُ الِاشْتِبَاهِ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَهَا إلَى أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِظَنِّهِ الْحِلَّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ وَفِي قَتْلِ أَمَةٍ بِزِنَاهَا) هَذَا عِنْدَهُمَا. وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ لَا الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ زِنًا حَيْثُ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قُهُسْتَانِيٌّ. قُلْت: وَصَحَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، لَكِنْ الْمُتُونُ وَالشُّرُوحُ عَلَى الْأَوَّلِ بَلْ مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ لَا قَوْلُهُ، وَهِيَ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْهُ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ الْحَدُّ بِالزِّنَا وَالْقِيمَةُ بِالْقَتْلِ) أَشَارَ إلَى تَوْجِيهِ وُجُوبِ الْحَدِّ وَالْقِيمَةِ بِأَنَّهُمَا جِنَايَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ بِمُوجِبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ط، (قَوْلُهُ ولَوْ أَذْهَبَ عَيْنَهَا) كَذَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ وَالْأَظْهَرُ عَيْنَيْهَا بِالتَّثْنِيَةِ لِيَلْزَمَ كُلُّ الْقِيمَةِ لَكِنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْجُثَّةَ الْعَمْيَاءَ (قَوْلُهُ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً) أَيْ فِي مِلْكِ الْمَنَافِعِ تَبَعًا فَيَنْدَرِئُ عَنْهُ الْحَدُّ. بِخِلَافِ مَا مَرَّ. فَإِنَّ الْجُثَّةَ فَائِتَةٌ بِالْقَتْلِ فَلَا تُمْلَكُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَتَفْصِيلُ مَا لَوْ أَفْضَاهَا فِي الشَّرْحِ) أَيْ شَرْحِ الْمُصَنِّفِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ أَفْضَاهَا وَهِيَ كَبِيرَةٌ مُطَاوِعَةٌ بِلَا دَعْوَى شُبْهَةِ حَدٍّ، وَلَا عُقْرَ عَلَيْهِ لِرِضَاهَا بِهِ، وَلَا مَهْرَ لِوُجُوبِ الْحَدِّ، وَإِنْ كَانَ مَعَ دَعْوَى شُبْهَةٍ فَلَا حَدَّ وَيَجِبُ الْعُقْرُ، وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً وَلَمْ يَدَّعِ شُبْهَةً لَزِمَهُ الْحَدُّ لَا الْمَهْرُ، وَضَمِنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ إنْ اسْتَمْسَكَ بَوْلَهَا وإلَّا فَكُلُّهَا لِتَفْوِيتِهِ جِنْسَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الْكَمَالِ، وَإِنْ ادَّعَى شُبْهَةً فَلَا حَدَّ، ثُمَّ إنْ اسْتَمْسَكَ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ فَكُلُّ الدِّيَةِ وَلَا مَهْرَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ، وَإِنْ أَفْضَاهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَكَالْكَبِيرَةِ إلَّا فِي حَقِّ سُقُوطِ الْأَرْشِ بِرِضَاهَا، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ وَلَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَالْمَهْرُ كَامِلًا إنْ اسْتَمْسَكَ بَوْلَهَا وَإِلَّا فَكُلُّ الدِّيَةِ دُونَ الْمَهْرِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ لِدُخُولِ ضَمَانِ الْجُزْءِ لِضَمَانِ الْكُلِّ كَمَا لَوْ قَطَعَ أُصْبُعَ إنْسَانٍ ثُمَّ كَفَّهُ قَبْلَ الْبُرْءِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِالضَّمَانِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً فِي مِلْكِ الْمَنَافِعِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَهَذَا إذَا لَمْ تَمُتْ.
فَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَوْ غَصَبَ أَمَةً فَزَنَى بِهَا فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ غَصَبَ حُرَّةً ثَيِّبًا فَزَنَى بِهَا فَمَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْوَجْهَيْنِ مَعَ دِيَةِ الْحُرَّةِ وَقِيمَةِ الْأَمَةِ أَمَّا الْحُرَّةُ فَلَا إشْكَالَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ بِدَفْعِ الدِّيَةِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَإِنَّهَا تُمْلَكُ بِالْقِيمَةِ إلَّا أَنَّ الضَّمَانَ وَجَبَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْمَيِّتُ لَا يَصْلُحُ تَمَلُّكُهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ زَنَى بِحُرَّةٍ) تَقَدَّمَتْ مَتْنًا فِي الْبَابِ السَّابِقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَنُدِبَ تَلْقِينُهُ (قَوْلُهُ لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ وَقْتَ الْفِعْلِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَاكَ، وَقَوْلُهُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ جَامِعِ قَاضِي خَانْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ الْأَصَحُّ، وَمَفَادُهُ الْخِلَافَ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ تَزَوَّجَ الْمَزْنِيَّ بِهَا أَوْ اشْتَرَاهَا لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ وَقْتَ الْفِعْلِ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ خِلَافًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيهِمَا عِنْدَهُ بَلْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَرَوَى الْخِلَافَ بِالْعَكْسِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي الشِّرَاءِ بَلْ فِي التَّزَوُّجِ؛ لِأَنَّهُ بِالشِّرَاءِ يَمْلِكُ عَيْنَهَا، بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ.