الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَحَالُ ارْتِدَادٍ مِنْهُ لَا وَقْفَ أَجْدَرُ.
[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمُرْتَدِّ]
فَصْلٌ يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي إجَارَتِهِ فَلَمْ يَزِدْ الْقَيِّمُ بَلْ الْقَاضِي لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ النَّظَرِ لِفَقِيرٍ وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ (فَلَوْ أَهْمَلَ الْوَاقِفُ مُدَّتَهَا قِيلَ تُطْلَقُ) الزِّيَادَةُ لِلْقَيِّمِ (وَقِيلَ تُقَيَّدُ بِسَنَةٍ) مُطْلَقًا (وَبِهَا) أَيْ بِالسَّنَةِ (يُفْتَى فِي الدَّارِ وَبِثَلَاثِ سِنِينَ فِي الْأَرْضِ)
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَهَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ مُلَاقٍ لِلسُّؤَالِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِسْعَافِ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا وَقَفَهُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً فَأَجَابَ بِمَا ذُكِرَ. فَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ: أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْفُقَرَاءِ قُرْبَةٌ بَاقِيَةٌ إلَى حَالِ الرِّدَّةِ وَالرِّدَّةُ تُبْطِلُ الْقُرْبَةَ الَّتِي قَارَنَتْهَا كَمَا لَوْ ارْتَدَّ فِي حَالِ صَلَاتِهِ أَوْ صَوْمِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ارْتَدَّ بَعْدَ صَلَاتِهِ أَوْ صِيَامِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُبْطِلُ نَفْسَ الْفِعْلِ، بَلْ ثَوَابُهُ فَقَطْ وَأَمَّا حَقُّ الْفُقَرَاءِ، فَإِنَّمَا هُوَ فِي الصَّدَقَةِ فَقَطْ، فَإِذَا بَطَلَ التَّصَدُّقُ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الْوَقْفِ بَطَلَ حَقُّهُمْ ضِمْنًا وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ قَصْدًا كَمَا يَبْطُلُ فِي خَرَابِ الْوَقْفِ وَخُرُوجِهِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ وَقَفَ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عِنْدَ الْإِمَامِ، فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ صَحَّ وَإِلَّا بِأَنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ أَوْ حُكِمَ بِلِحَاقِهِ بَطَلَ، وَلَا رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ مِنْهُ مَا يَجُوزُ مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ انْتَقَلَ إلَى دِينِهِمْ وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُرْتَدَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: فَحَالَ ارْتِدَادٍ) مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْمِ لَا وَأَجْدَرُ أَيْ أَحَقُّ خَبَرُهَا، وَالْمَعْنَى لَا يَكُونُ الْوَقْفُ حَالَ الرِّدَّةِ أَحَقَّ بِالْبُطْلَانِ مِنْ الْوَقْفِ قَبْلَهَا بَلْ ذَاكَ أَحَقُّ بِالْبُطْلَانِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ إجَارَة الْوَاقِفِ]
فَصْلٌ هَذَا الْفَصْلُ مُشْتَمِلٌ عَلَى بَيَانِ أَحْكَامِ إجَارَةِ الْوَقْفِ وَغَصْبِهِ وَالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَالدَّعْوَى بِهِ، وَالْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ وَزَادَ فِيهِ الشَّارِحُ فُرُوعًا مُهِمَّةً وَفَوَائِدَ جَمَّةً (قَوْلُهُ: يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي إجَارَتِهِ) أَيْ وَغَيْرِهَا لِمَا سَيَأْتِي فِي الْفُرُوعِ مِنْ أَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِحِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ تَقَدَّمَتْ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَزِدْ الْقَيِّمُ إلَخْ) يَعْنِي إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَا يُؤْجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَالنَّاسُ لَا يَرْغَبُونَ فِي اسْتِئْجَارِهَا وَكَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤْجِرَهَا أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْقَاضِي، حَتَّى يُؤْجِرَهَا لِأَنَّ لَهُ النَّظَرَ لِلْفُقَرَاءِ وَالْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ فَلِلْقَيِّمِ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ الْقَاضِي كَمَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى فَقَالَ لَا تُؤَجَّره أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ فَلِلْقَيِّمِ ذَلِكَ إذَا رَآهُ خَيْرًا بِلَا إذْنِ الْقَاضِي إسْعَافٌ (قَوْلُهُ: لِفَقِيرٍ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ عَلَى الْمَسْجِدِ، وَكَذَا الْوَقْفُ عَلَى أَوْلَادِ الْوَاقِفِ لِأَنَّ مِنْهُمْ الْفَقِيرَ وَالْغَائِبَ بَلْ وَمَنْ لَمْ يُخْلَقْ عِنْدَ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ) فَإِنَّهُ يَحْفَظُ اللُّقَطَةَ وَمَالَ الْمَفْقُودِ وَمَالَ الْمَيِّتِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُ وَارِثٌ أَوْ وَصِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ تُقَيَّدُ بِسَنَةٍ) لِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا طَالَتْ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ، فَإِنَّ مَنْ رَآهُ يَتَصَرَّفُ بِهَا تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ يَظُنُّهُ مَالِكًا إسْعَافٌ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ ح (قَوْلُهُ: وَبِثَلَاثِ سِنِينَ فِي الْأَرْضِ) أَيْ إذَا كَانَ لَا يَتَمَكَّنُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ الزِّرَاعَةِ فِيهَا إلَّا فِي الثَّلَاثِ كَمَا قَيَّدَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلدُّرَرِ حَيْثُ قَالَ: يَعْنِي أَنَّ الْأَرْضَ إنْ كَانَتْ مِمَّا تُزْرَعُ فِي كُلِّ سَنَتَيْنِ مَرَّةً، أَوْ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُؤْجِرَهَا مُدَّةً يَتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ الزِّرَاعَةِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ لَكِنْ ذَكَرَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلَهُ وَعَنْ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ إجَارَةَ الضِّيَاعِ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَإِنْ آجَرَ أَكْثَرَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِ بَلْخٍ لَا يَجُوزُ وَقَالَ غَيْرُهُمْ: بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي حَتَّى يُبْطِلَهُ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ اهـ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ الثَّلَاثِ بِلَا تَفْصِيلٍ تَأَمَّلْ وَأَنَّ مُخْتَارَ الْفَقِيهِ جَوَازُ الْأَكْثَرِ، وَلَكِنْ لِلْقَاضِي
إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَهَذَا مِمَّا يَخْتَلِفُ زَمَانًا وَمَوْضِعًا وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَوْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ يَعْقِدُ عُقُودًا فَيَكُونُ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ لَازِمًا لِأَنَّهُ نَاجِزٌ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّهُ مُضَافٌ.
ــ
[رد المحتار]
إبْطَالُهَا أَيْ إذَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْوَقْتِ، ثُمَّ رَأَيْت الشُّرُنْبُلَالِيُّ اعْتَرَضَ عَلَى الدُّرَرِ بِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْمَتْنَ عَنْ ظَاهِرِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى إطْلَاقِ الْمَتْنِ كَمَا أَطْلَقَهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيهَا ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا الْعَلَّامَةُ قَنَالِي زَادَهْ فِي رِسَالَتِهِ أَحَدُهَا: قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ عَدَمُ تَقْدِيرِ الْإِجَارَةِ بِمُدَّةٍ وَرَجَّحَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَالْمُفْتَى بِهِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ خَوْفًا مِنْ ضَيَاعِ الْوَقْفِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ بِخِلَافِ ذَلِكَ) هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّمَانِيَةِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ مِنْ أَنَّ الْمُخْتَارَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الدُّورِ أَكْثَرُ مِنْ سَنَةٍ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْجَوَازِ، وَفِي الضِّيَاعِ يَجُوزُ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ وَهَذَا أَمْرٌ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَوَاضِعِ وَاخْتِلَافِ الزَّمَانِ اهـ وَعَزَاهُ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمَتْنِ لِأَنَّ أَصْلَ عُدُولِ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ بِعَدَمِ التَّوْقِيتِ إلَى التَّوْقِيتِ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ الْخَوْفِ عَلَى الْوَقْفِ فَإِذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ الزِّيَادَةَ أَوْ النَّقْصَ اُتُّبِعَتْ، وَهُوَ تَوْفِيقٌ حَسَنٌ.
وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ مَا فِي الْإِسْعَافِ: دَارٌ لِرَجُلٍ فِيهَا مَوْضِعُ وَقْفٍ بِمِقْدَارِ بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَلَيْسَ فِي يَدِ الْمُتَوَلِّي شَيْءٌ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَأَرَادَ صَاحِبُ الدَّارِ اسْتِئْجَارَهَا مُدَّةً طَوِيلَةً قَالُوا إنْ كَانَ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَسْلَكٌ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجَّرَهُ مُدَّةً طَوِيلَةً لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْلَكٌ جَازَ اهـ وَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ إذَا لَمْ تَحْصُلْ عِمَارَةُ الْوَقْفِ إلَّا بِذَلِكَ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ لِيُؤَجِّرهُ أَكْثَرَ اهـ أَيْ إذَا اُحْتِيجَ إلَى عِمَارَتِهِ مِنْ أُجْرَتِهِ يُؤَجِّرُهُ الْحَاكِمُ مُدَّةً طَوِيلَةً بِقَدْرِ مَا يُعَمَّرُ بِهِ. [تَنْبِيهٌ]
مَحَلُّ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّقْيِيدِ مَا إذَا كَانَ الْمُؤَجِّرُ غَيْرَ الْوَاقِفِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ آجَرَ الْوَاقِفُ عَشْرَ سِنِينَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ خَمْسٍ وَانْتَقَلَ إلَى مَصْرِفٍ آخَرَ اُنْتُقِضَتْ الْإِجَارَةُ وَيَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ اهـ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ أَرْضُ الْيَتِيمِ وَأَرْضُ بَيْتِ الْمَالِ فِي حُكْمِ أَرْضِ الْوَقْفِ
ثُمَّ إنَّ أَرْضَ الْيَتِيمِ فِي حُكْمِ أَرْضِ الْوَقْفِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَأَفْتَى بِهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَالْمُصَنِّفُ كَذَا أَرْضُ بَيْتِ الْمَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَقَالَ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى إنَّ أَرَاضِيَ بَيْتِ الْمَالِ جَرَتْ عَلَى رَقَبَتِهَا أَحْكَامُ الْوُقُوفِ الْمُؤَبَّدَةِ (قَوْلُهُ لَوْ احْتَاجَ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْإِيجَارِ إلَى مُدَّةٍ زَائِدَةٍ عَنْ التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَحْصُلْ عِمَارَةُ الْوَقْفِ إلَّا بِذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا عَنْ قَارِئِ الْهِدَايَةِ. (قَوْلُهُ: يَعْقِدُ عُقُودًا) أَيْ عُقُودًا مُتَرَادِفَةً كُلُّ عَقْدِ سَنَةٍ بِكَذَا خَانِيَّةٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي الدَّارِ أَمَّا فِي الْأَرْضِ فَيَصِحُّ كُلَّ عَقْدِ ثَلَاثِ سِنِينَ. وَصُورَةُ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: آجَرْتُكَ الدَّارَ الْفُلَانِيَّةَ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ بِكَذَا وَآجَرْتُكَ إيَّاهَا سَنَةَ خَمْسِينَ بِكَذَا وَآجَرْتُكَ إيَّاهَا سَنَةَ إحْدَى وَخَمْسِينَ بِكَذَا وَهَذَا إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ. مَطْلَبٌ فِي لُزُومِ الْأُجْرَةِ الْمُضَافَةِ تَصْحِيحَانِ
(قَوْلُهُ: وَالثَّانِي لَا) أَيْ لَا يَكُونُ لَازِمًا وَأَرَادَ بِالثَّانِي مَا عَدَا الْعَقْدَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا عَدَاهُ مُضَافٌ لَكِنْ قَالَ قَاضِي خَانْ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: أَنَّ الْإِجَارَةَ الْمُضَافَةَ تَكُونُ لَازِمَةً فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَأَيْضًا اعْتَرَضَ
قُلْت: لَكِنْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْفَتْوَى عَلَى إبْطَالِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَلَوْ بِعُقُودٍ ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ فِي الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ وَأَقَرَّهُ قَدْرِي أَفَنْدِي وَسَيَجِيءُ فِي الْإِجَارَةِ
(وَيُؤَجَّرُ) بِأَجْرِ (الْمِثْلِ) فَ (لَا) يَجُوزُ (بِالْأَقَلِّ)
ــ
[رد المحتار]
قَاضِي خَانْ قَوْلَهُمْ إنْ احْتَاجَ الْقَيِّمُ إلَى تَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ يَعْقِدُ عُقُودًا مُتَرَادِفَةً بِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُمْلَكُ فِي الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ بِاشْتِرَاطِ التَّعْجِيلِ: أَيْ فَيَكُونُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الرُّجُوعُ بِمَا عَجَّلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فَلَا يَكُونُ هَذَا الْعَقْدُ مُفِيدًا لَكِنْ أَجَابَ الْعَلَّامَةُ قَنَالِي زَادَهْ بِأَنَّ رِوَايَةَ عَدَمِ لُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ مُصَحَّحَةٌ أَيْضًا وَبِأَنَّ قَاضِيَ خَانْ نَفْسَهُ أَجَابَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَاتِ عَنْ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: لَكِنْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مِلْكَ الْأُجْرَةِ عِنْدَ التَّعْجِيلِ فِيهِ رِوَايَتَانِ: فَيُؤْخَذُ بِرِوَايَةِ الْمِلْكِ هُنَا لِلْحَاجَةِ، وَهَذَا يُنَافِي دَعْوَاهُ الْإِجْمَاعَ هُنَا.
قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ أَنَّ رِوَايَةَ عَدَمِ اللُّزُومِ تَأَيَّدَتْ بِأَنَّ عَلَيْهَا الْفَتْوَى، أَيْ فَتَكُونُ أَصَحَّ التَّصْحِيحَيْنِ لِأَنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى فِي التَّصْحِيحِ أَقْوَى، لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ رِوَايَةَ عَدَمِ اللُّزُومِ هُنَا لَا تَنْفَعُ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ فَيَرْجِعُ بِمَا عَجَّلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا تُمْلَكُ بِالتَّعْجِيلِ فَيَنْبَغِي هُنَا تَرْجِيحُ رِوَايَةِ اللُّزُومِ لِلْحَاجَةِ نَظِيرُ مَا قَالَهُ قَاضِي خَانْ فِي رِوَايَةِ الْمِلْكِ. مَطْلَبٌ فِي الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ بِعُقُودٍ
(قَوْلُهُ: الْفَتْوَى عَلَى إبْطَالِ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ وَلَوْ بِعُقُودٍ) أَيْ لِتَحَقُّقِ الْمَحْذُورِ الْمَارِّ فِيهَا، وَهُوَ أَنَّ طُولَ الْمُدَّةِ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.
قُلْت: لَكِنْ الْكَلَامُ هُنَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إذَا اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ لِحَاجَةِ عِمَارَةِ الْوَقْفِ بِتَعْجِيلِ أُجْرَةِ سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةٍ يَزُولُ الْمَحْذُورُ الْمَوْهُومُ عِنْدَ وُجُودِ الضَّرَرِ الْمُتَحَقِّقِ فَالظَّاهِرُ تَخْصِيصُ بُطْلَانِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ بِمَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةِ وَهُوَ جَعْلُهَا حِيلَةً لِتَطْوِيلِ الْمُدَّةِ فَتَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت ط نَقَلَ عَنْ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّ بَعْضَ الصَّكَّاكِينَ أَرَادُوا بِهَذِهِ الْإِجَارَةِ إبْقَاءَ الْوَقْفِ فِي يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ فَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنَّا نُبْطِلُهَا صِيَانَةً لِلْوَقْفِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ اهـ مُلَخَّصًا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ إبْطَالَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا فَافْهَمْ.
مَطْلَبٌ لَا يَصِحُّ إيجَارُ الْوَقْفِ بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ بِالْأَقَلِّ) أَيْ لَا يَصِحُّ إذَا كَانَ بِغَبَنٍ فَاحِشٍ كَمَا يَأْتِي قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ إلَّا عَنْ ضَرُورَةٍ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ شَرْطُ إجَارَةِ الْوَقْفِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا نَابَتْهُ نَائِبَةٌ أَوْ كَانَ دَيْنٌ. اهـ. مَطْلَبٌ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّارِ لِمُرْصَدٍ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ
قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَمِمَّا عَزَاهُ لِلْأَشْبَاهِ جَوَازُ إجَارَةِ الدَّارِ الَّتِي عَلَيْهَا مَرْصَدٌ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ: أَنَّ الْمَرْصَدَ دَيْنٌ عَلَى الْوَقْفِ بِنَفَقَةِ الْمُسْتَأْجِرِ لِعِمَارَةِ الدَّارِ لِعَدَمِ مَالٍ حَاصِلٍ فِي الْوَقْفِ فَإِذَا زَادَتْ أُجْرَةُ مِثْلِهَا بِهَذِهِ الْعِمَارَةِ
وَلَوْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ قَارِئُ الْهِدَايَةِ إلَّا بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ أَوْ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِيهِ إلَّا بِأَقَلَّ أَشْبَاهٌ (فَلَوْ رَخُصَ أَجْرُهُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (لَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ) لِلُزُومِ الضَّرَرِ (وَلَوْ زَادَ) أَجْرُهُ (عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ
ــ
[رد المحتار]
الَّتِي صَارَتْ لِلْوَقْفِ لَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ لِأَنَّهُ إذَا أَرَادَ النَّاظِرُ إيجَارَ هَذِهِ الدَّارِ لِمَنْ يَدْفَعُ ذَلِكَ الْمُرْصَدَ لِصَاحِبِهِ لَا يَرْضَى بِاسْتِئْجَارِهَا بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا الْآنَ لَكِنْ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِلُزُومِ الْأُجْرَةِ الزَّائِدَةِ وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْفِ مَالٌ وَأَرَادَ النَّاظِرُ دَفْعَ الْمُرْصَدِ مِنْهُ فَحِينَئِذٍ لَا شَكَّ فِي لُزُومِ الزِّيَادَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُؤَجِّرِ وَعِبَارَةُ قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ عَنْ مُسْتَحِقٍّ لِوَقْفٍ عَلَيْهِ هُوَ نَاظِرُهُ آجَرَهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ هَلْ يَصِحُّ ذَلِكَ، فَأَجَابَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِمَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالْأُجْرَةِ اهـ أَيْ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ، فَيَضُرُّ بِمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ، وَرُبَّمَا يَتَضَرَّرُ الْوَقْفُ أَيْضًا الْآنَ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لِلتَّعْمِيرِ وَأَمَّا مَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ مِنْ قَوْلِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَتُفْسَخَ هَذِهِ الْإِجَارَةُ اهـ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهَا لَا تُفْسَخُ بِمَوْتِ النَّاظِرِ عَلَى أَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا هُوَ فِي إبْقَائِهَا بِالْإِجَارَةِ الْقَلِيلَةِ لَا فِي فَسْخِهَا لِأَنَّهَا إذَا فُسِخَتْ تُؤَجَّرُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ فَلَا يَتَضَرَّرُ أَحَدٌ تَأَمَّلْ، وَلَا يَجُوزُ إرْجَاعُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ إلَى الْمُسْتَأْجِرِ إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ لِانْفِسَاخِهَا بِمَوْتِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِنُقْصَانٍ يَسِيرٍ) هُوَ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ إسْعَافٌ أَيْ مَا يَقْبَلُونَهُ وَلَا يَعُدُّونَهُ غَبْنًا. مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ إلَّا الْإِقَالَةُ
(قَوْلُهُ: لَا يَفْسَخُ الْعَقْدَ) أَيْ لَوْ طَلَبَ الْمُسْتَأْجِرُ فَسْخَهُ لَا يُجِيبُهُ النَّاظِرُ لِلُزُومِ الضَّرَرِ عَلَى الْوَقْفِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَيْسَ لَهُ الْإِقَالَةُ إلَّا إنْ كَانَتْ أَصْلَحَ لِلْوَقْفِ. مَطْلَبٌ فِيمَا زَادَ أَجْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْعَقْدِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ أَجْرُهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى أَجْرِ مِثْلِهِ أَيْ الَّذِي كَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَقَيَّدَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ الزِّيَادَةَ بِالْفَاحِشَةِ قَالَ فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ نَقْضِهَا بِالْيَسِيرَةِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْفَاحِشَةِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهَا كَمَا مَرَّ فِي طَرَفِ النُّقْصَانِ، وَالْوَاحِدُ فِي الْعَشَرَةِ يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ، وَهَذَا قَيْدٌ حَسَنٌ يَجِبُ حِفْظُهُ فَإِذَا كَانَتْ أُجْرَةُ دَارٍ عَشَرَةً مَثَلًا وَزَادَ أَجْرُ مِثْلِهَا وَاحِدًا فَإِنَّهَا لَا تُنْقَضُ كَمَا لَوْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي بِتِسْعَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُنْقَضُ بِخِلَافِ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الطَّرَفَيْنِ اهـ.
قُلْت: لَكِنْ نَقَلَ الْبِيرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الْحَاوِي الْحَصِيرِيِّ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْفَاحِشَةَ مِقْدَارُهَا نِصْفُ مَا آجَرَ بِهِ أَوْ لَا اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يَرُدُّ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ. نَعَمْ فِي إجَارَاتِ الْخَيْرِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا قَدْرُ الْخُمُسِ، وَهُوَ عَيْنُ مَا بَحَثَهُ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْخُلَاصَةِ إنْ آجَرَهُ الْمُتَوَلِّي بِأَجْرِ مِثْلِهِ أَوْ بِقَدْرِ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَإِنْ جَاءَ آخَرُ وَزَادَ فِي الْأُجْرَةِ دِرْهَمَيْنِ فِي عَشَرَةٍ فَهُوَ يَسِيرٌ حَتَّى لَوْ آجَرَ بِثَمَانِيَةٍ وَأَجْرُ مِثْلِهِ عَشَرَةٌ لَا تَنْفَسِخُ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخُمُسَ قَلِيلٌ فِي طَرَفَيْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ، فَلَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ لَكِنْ فِي وَكَالَةِ الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ أَوْ أَقَلُّ فَلَوْ أَكْثَرَ فَلَا، ثُمَّ نَقَلَ بَعْدَهُ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ فِي الْعُرُوضِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَفِي الْحَيَوَانِ الْعُشْرُ وَفِي الْعَقَارِ الْخُمْسُ، وَمَا خَرَجَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ فِيهِ، وَوَجْهُهُ كَثْرَةُ التَّصَرُّفِ فِي الْعُرُوضِ وَقِلَّتُهُ فِي الْعَقَارِ وَتَوَسُّطَهُ فِي الْحَيَوَانِ وَكَثْرَةُ الْغَبْنِ لِقِلَّةِ التَّصَرُّفِ فَهَذَا يُؤَيِّدُ بَحْثَ الْبَحْرِ هُنَا، وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ الْيَوْمَ. وَانْظُرْ مَا فِي
قِيلَ يَعْقِدُ ثَانِيًا بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ) فِي الْأَشْبَاهِ وَلَوْ زَادَ أَجْرَ مِثْلِهِ فِي نَفْسِهِ بِلَا زِيَادَةِ أَحَدٍ فَلِلْمُتَوَلِّي فَسْخُهَا بِهِ يُفْتَى وَمَا لَمْ يُفْسَخْ فَلَهُ الْمُسَمَّى (وَقِيلَ لَا) يَعْقِدُ بِهِ ثَانِيًا (كَزِيَادَةِ) وَاحِدٍ (تَعَنُّتًا) فَإِنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ وَسَيَجِيءُ فِي الْإِجَارَةِ (وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ إذَا قَبِلَ الزِّيَادَةَ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ) أَوْ السُّكْنَى
ــ
[رد المحتار]
جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ آخِرَ الْفَصْلِ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ، فَإِنَّهُ نَقَلَ التَّفْصِيلَ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ تَقْوِيمِ الْمُقَوِّمِينَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ قِيمَةٌ مَعْلُومَةٌ، فَلَوْ عُلِمَتْ كَفَحْمٍ شَرَاهُ بِيَسِيرِ الْغَبْنِ لَا يَنْفُذُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَبِهِ يُفْتَى، وَنَقَلَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ عَنْ الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْأَخِيرَ هُوَ الصَّحِيحُ.
قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيَانٌ لِهَذَا الْقَوْلِ تَأَمَّلْ: [تَنْبِيهٌ]
حَرَّرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ طَرِيقَ عِلْمِ الْقَاضِي بِالزِّيَادَةِ أَنْ يَجْتَمِعَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْأَمَانَةِ فَيُؤْخَذُ بِقَوْلِهِمَا مَعًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا قَوْلُ الْوَاحِدِ يَكْفِي. اهـ. (قَوْلُهُ: قِيلَ يُعْقَدُ ثَانِيًا) أَيْ مَعَ الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ بِأَجْرِ الْمِثْلِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُجَدِّدُ الْعَقْدَ بِالْأُجْرَةِ الزَّائِدَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَبُولَ الْمُسْتَأْجِرِ الزِّيَادَةَ يَكْفِي عَنْ تَجْدِيدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَشْبَاهِ إلَخْ) هُوَ عَيْنُ مَا فِي الْمَتْنِ لَكِنَّهُ نَقَلَهُ لِأُمُورٍ سَكَتَ عَنْهَا الْمَتْنُ. أَوَّلُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ مَا يَشْمَلُ زِيَادَةَ تَعَنُّتٍ: أَيْ إضْرَارٍ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مَقْبُولَةٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ تَزِيدَ فِي نَفْسِهَا عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَأَفَادَ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ نَفْسِ الْوَقْفِ لَا مِنْ عِمَارَةِ الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا لَهُ لِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ لِأَجْلِ الْعِمَارَةِ كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَصْلِ. ثَانِيهَا: التَّصْحِيحُ بِأَنَّهُ بِهِ يُفْتَى فَإِنَّهُ أَقْوَى. ثَالِثُهَا: أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ بَلْ يَفْسَخُهُ الْمُتَوَلِّي كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ وَقَالَ فَإِنْ امْتَنَعَ يَفْسَخُهُ الْقَاضِي: رَابِعُهَا: أَنَّهُ قَبْلَ الْفَسْخِ لَا يَجِبُ إلَّا الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَعْقِدُ بِهِ ثَانِيًا) أَيْ لَا يَفْسَخُ وَلَا يَعْقِدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَجْرَ الْمِثْلِ يُعْتَبَرُ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَهَذَا رِوَايَةُ فَتَاوَى سَمَرْقَنْدَ، وَعَلَيْهَا مَشَى فِي التَّجْنِيسِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ وَالْإِسْعَافِ وَالْأَوْلَى رِوَايَةُ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْعَقِدُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَالْوَقْفُ يَجِبُ لَهُ النَّظَرُ (قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَوْلَى إلَخْ) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ يَعْقِدُ ثَانِيًا وَالْمُرَادُ إذَا كَانَ مُسْتَأْجِرًا إجَارَةً صَحِيحَةً وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُ وَتُقْبَلُ الزِّيَادَةُ وَيَخْرُجُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَقَوْلُهُ: إذَا قِيلَ الزِّيَادَةُ أَيْ الزِّيَادَةُ الْمُعْتَبَرَةُ عِنْدَ الْكُلِّ كَمَا مَرَّ بَيَانُهَا: فَإِنْ قَبِلَهَا فَهُوَ الْأَحَقُّ وَإِلَّا آجَرَهَا مِنْ الثَّانِي إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ خَالِيَةً مِنْ الزِّرَاعَةِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِهَا إلَى أَنْ يَسْتَحْصِدَ الزَّرْعَ لِأَنَّ شَغْلَهَا بِمِلْكِهِ يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ إيجَارِهَا لِغَيْرِهِ فَإِذَا اسْتَحْصَدَ فَسَخَ وَأَجَّرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ بَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ، لَكِنْ هُنَا يَبْقَى إلَى انْتِهَاءِ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ مَعْلُومَةٌ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِذَا انْتَهَى الْعَقْدُ فَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ قَبْلَ الْفَصْلِ فِي قَوْلِهِ: وَأَمَّا حُكْمُ الزِّيَادَةِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ إلَخْ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمُنَاسِبَ ذِكْرُهَا هُنَا. مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ أَوْلَى [تَنْبِيهٌ]
قَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّ الْمُسْتَأْجِرَ الْأَوَّلَ أَوْلَى إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ قَبْلَ فَرَاغِ أُجْرَتِهِ وَقَدْ قَبِلَ الزِّيَادَةَ، وَأَمَّا إذَا فَرَغَتْ مُدَّتُهُ، فَلَيْسَ بِأَوْلَى إلَّا إذَا كَانَ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْكِرْدَارِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مَبْسُوطًا فِي مَسْأَلَةِ الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ الِاسْتِبْقَاءَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ. مَعَ عَدَمِ الضَّرَرِ عَلَى الْوَقْفِ وَأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ إطْلَاقِ عِبَارَاتِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ الْمُفِيدَةِ لِوُجُوبِ الْقَلْعِ وَالتَّسْلِيمِ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَهَذَا وَجْهُ كَوْنِهِ أَحَقَّ بِالِاسْتِئْجَارِ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا وَجْهُهُ فِي مَسْأَلَةِ زِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي أَثْنَاءِ
(لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ) وَلَا الدَّعْوَى لَوْ غُصِبَ مِنْهُ الْوَقْفُ
ــ
[رد المحتار]
الْمُدَّةِ، فَهُوَ أَنَّ مُدَّةَ إجَارَتِهِ قَائِمَةٌ لَمْ تَنْقَضِ، وَقَدْ عَرَضَ فِي أَثْنَائِهَا مَا يُسَوِّغُ الْفَسْخَ وَهُوَ الزِّيَادَةُ الْعَارِضَةُ، فَإِذَا قَبِلَهَا وَرَضِيَ بِدَفْعِهَا كَانَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ لِزَوَالِ ذَلِكَ الْمُسَوِّغِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّتِهِ، فَلَا يَسُوغُ فَسْخُهَا وَإِيجَارُهَا لِغَيْرِهِ، بَلْ تُؤَجَّرُ مِنْهُ بِالزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَى تَمَامِ مُدَّتِهِ ثُمَّ يُؤْجِرُهَا نَاظِرُ الْوَقْفِ لِمَنْ أَرَادَ وَإِنْ قَبِلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ الزِّيَادَةَ لِزَوَالِ عِلَّةِ الْأَحَقِّيَّةِ وَهِيَ بَقَاءُ مُدَّةِ إجَارَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ، وَلَوْ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ لِهَذِهِ الْعِلَّةِ الْأُخْرَى كَمَا عَلِمْت.
وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لِأَرْضِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهَا مِنْ حَانُوتٍ أَوْ دَارٍ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا حَقُّ الْقَرَارِ الْمُسَمَّى بِالْكِرْدَارِ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالِاسْتِئْجَارِ بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ اسْتِئْجَارِهِ، سَوَاءٌ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ قَبِلَ الزِّيَادَةَ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا يَفْهَمُهُ أَهْلُ زَمَانِنَا مِنْ أَنَّهُ أَحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا، وَيُسَمُّونَهُ ذَا الْيَدِ وَيَقُولُونَ: إنَّهُ مَتَى قَبِلَ الزِّيَادَةَ الْعَارِضَةَ لَا تُؤَجَّرْ لِغَيْرِهِ وَيَحْكُمُونَ بِذَلِكَ وَيُفْتُونَ بِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُخَالِفًا لِمَا أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ كُتُبُ الْمَذْهَبِ مِنْ مُتُونٍ وَشُرُوحٍ وَفَتَاوَى بَلْ مُسْتَنَدُهُمْ إطْلَاقُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ مُصَوَّرٌ فِي زِيَادَةِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ قَبْلَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَاتِهِمْ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِإِطْلَاقِهِ وَلَا يَخْفَى مَعَ ذَلِكَ مَا فِيهِ مِنْ الْفَسَادِ وَضَيَاعِ الْأَوْقَافِ حَيْثُ لَزِمَ مِنْ إبْقَاءِ أَرْضِ الْوَقْفِ بِيَدِ مُسْتَأْجِرٍ وَاحِدٍ مُدَّةً مَدِيدَةً تُؤَدِّيهِ إلَى دَعْوَى تَمَلُّكِهَا، مَعَ أَنَّهُمْ مَنَعُوا مِنْ تَطْوِيلِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ كَمَا عَلِمْته، وَهَذَا خُلَاصَةُ مَا ذَكَرْته فِي رِسَالَتِي الْمُسَمَّاةِ بِتَحْرِيرِ الْعِبَارَةِ فِيمَنْ هُوَ أَوْلَى بِالْإِجَارَةِ، وَبِمُرَاجَعَتِهَا يَظْهَرُ لَك الْعَجَبُ الْعُجَابُ وَتَقِفُ عَلَى حَقِيقَةِ الصَّوَابِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْمُنْعِمِ الْوَهَّابِ
مَطْلَبٌ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ
(قَوْلُهُ: لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ) لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الْمَنَافِعَ بِلَا بَدَلٍ فَلَمْ يَمْلِكْ تَمْلِيكَهَا بِبَدَلٍ وَهُوَ الْإِجَارَةُ وَإِلَّا لَمَلَكَ أَكْثَرَ مِمَّا يَمْلِكُ بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ ط (قَوْلُهُ: وَلَا الدَّعْوَى لَوْ غُصِبَ مِنْهُ الْوَقْفُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ دَعْوَى الْعَيْنِ فَقَطْ، مَعَ أَنَّ دَعْوَى الْغَلَّةِ كَذَلِكَ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَيْهِ لَوْ ادَّعَاهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي يَصِحُّ وِفَاقًا، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْغَلَّةِ لَا غَيْرُ، فَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي شَيْءٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ جَمَاعَةً فَادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ وَقَفَ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَمُسْتَحِقُّ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ دَعْوَى غَلَّةِ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْمُتَوَلِّي اهـ مَطْلَبٌ فِي دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ
فَأَفَادَ أَنَّ دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِي الْغَلَّةِ كَدَعْوَى عَيْنِ الْوَقْفِ، لِسَكِنْ تَعْلِيلُهُ لِلْأَصَحِّ بِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْغَلَّةِ لَا غَيْرُ يُفِيدُ صِحَّةَ دَعْوَاهُ بِهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ سَمَاعِ دَعْوَاهُ فِي الْغَلَّةِ إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةً بِخِلَافِ مَا إذْ كَانَ وَاحِدًا وَادَّعَى بِهَا لِأَنَّهُ يُرِيدُ إثْبَاتَ حَقِّهِ فَقَطْ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ: مَا مَرَّ، وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ قِيلَ
(إلَّا بِتَوْلِيَةٍ) أَوْ إذْنِ قَاضٍ وَلَوْ الْوَقْفُ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى عِمَادِيَّةٌ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْغَلَّةِ لَا الْعَيْنِ
ــ
[رد المحتار]
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّيَ بِغَيْرِ إطْلَاقِ الْقَاضِي إذْ الْحَقُّ لَا يَعْدُوهُ، وَيُفْتَى بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ حَقَّهُ أَخْذُ الْغَلَّةِ لَا التَّصَرُّفُ فِي الْوَقْفِ اهـ فَإِذَا كَانَ حَقُّهُ أَخْذَ الْغَلَّةِ وَغَصَبَهَا غَاصِبٌ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يُتَرَدَّدَ فِي سَمَاعِ دَعْوَاهُ عَلَيْهِ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ وَفِي فَتَاوَى الْحَانُوتِيِّ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ تَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْهُ، وَظَاهِرُ سَمَاعِهَا عَلَى عَيْنِ الْوَقْفِ أَيْضًا وَلِذَا قَالَ فِي نُورُ الْعَيْنِ إنَّ الْغَلَّةَ نَمَاءُ الْوَقْفِ فَبِزَوَالِ الْوَقْفِ تَزُولُ الْغَلَّةُ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ ادَّعَى شَطْرَ حَقِّهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ الصِّحَّةِ هِيَ الْأَصَحَّ. اهـ. وَاسْتَشْهَدَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ بِعِدَّةِ مَسَائِلَ عَنْ الْخَصَّافِ.
قُلْت: وَكَذَا فِي الْإِسْعَافِ ادَّعَى أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَاعَ الْوَقْفَ مِنْ الْغَاصِبِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَبَرْهَنَ، أَوْ نَكَلَ الْآخَرُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَيَشْتَرِي بِهَا ضَيْعَةً تُوقَفُ كَالْأَوَّلِ اهـ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ: أَرْضٌ فِي يَدِ رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهَا مِلْكُهُ فَادَّعَى قَوْمٌ أَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَيْهِمْ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُمْ، وَحَكَمْت عَلَيْهِ بِالْوَقْفِ، وَأَخْرَجْتُهَا مِنْ يَدِهِ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الدَّعْوَى مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ صَحِيحَةٌ. اهـ.
قُلْت: وَبَقِيَ مَا لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ بِأَنَّ حَقَّهُ فِيهَا كَذَا أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ يُعْطِيهِ، وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّرَدُّدِ أَيْضًا فِي سَمَاعِهَا لِأَنَّهُ يَزِيدُ مُجَرَّدَ إثْبَاتِ حَقِّهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْإِسْعَافِ لَوْ مَنَعَ الْوَاقِفُ أَهْلَ الْوَقْفِ مَا سُمِّيَ لَهُمْ فَطَالَبُوهُ بِهِ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي بِدَفْعِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ غَلَّتِهِ اهـ وَكَذَا مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ بَعْدَ صَفْحَةٍ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَالْخَانِيَّةِ وَذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ الْوَقْفِ عِدَّةَ مَسَائِلَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مِنْهَا: دَعْوَاهُ أَنَّهُ مِنْ فُقَرَاءِ الْقَرَابَةِ فَرَاجِعْهُ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ بَعْضَ الْمُسْتَحِقِّينَ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ إذَا كَانَ أَصْلُ الْوَقْفِ ثَابِتًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ دَعْوَى أَحَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي فَيُحْمَلُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْوَقْفِ ثَابِتًا، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ صِحَّةِ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِهِ فَتَأَمَّلْ هَذَا
وَاعْلَمْ: أَنَّ عَدَمَ مِلْكِهِ الدَّعْوَى فِي عَيْنِ الْوَقْفِ لَا يُنَافِي قَبُولَ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهَا تُقْبَلُ حِسْبَةً وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ قَرِيبًا وَيَأْتِي بَيَانُهُ بَلْ سَيَأْتِي مَتْنًا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنِّي كُنْت وَقَفْتُهَا أَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَيَّ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ. مَطْلَبٌ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ قِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُتَوَلِّي
(قَوْلُهُ: إلَّا بِتَوْلِيَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مُتَوَلِّيًا مِنْ قَبْلُ أَوْ يَنْصِبَهُ الْقَاضِي مُتَوَلِّيًا لِيَسْمَعَ دَعْوَاهُ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَفِيهَا أَيْضًا أَنَّهُ تَصِحُّ دَعْوَى الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ إذْنِ قَاضٍ) بِالدَّعْوَى وَالْإِيجَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَفَ عَلَى رَجُلٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ) هَذَا فِي الدَّعْوَى وَقَدْ عَلِمْت بَيَانَهُ وَأَمَّا فِي الْإِيجَارِ، فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، بَلْ قَالَ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَمْلِكُوا إجَارَةَ الْوَقْفِ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: لَوْ كَانَ الْأَجْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، بِأَنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْعِمَارَةِ، وَلَا شَرِيكَ مَعَهُ فِي الْغَلَّةِ، فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ، وَأَمَّا الْأَرَاضِيِ فَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَقْدِيمَ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَسَائِرِ الْمُؤَنِ، وَجَعَلَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْفَاضِلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ كَانَ كُلُّ الْأَجْرِ لَهُ بِحُكْمِ الْعَقْدِ، فَيَفُوتُ شَرْطُ الْوَاقِفِ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ يَجِبُ أَنْ يَجُوزَ وَيَكُونَ الْخَرَاجُ وَالْمُؤَنُ عَلَيْهِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْإِسْعَافِ.
وَهَلْ يَمْلِكُ السُّكْنَى مَنْ يَسْتَحِقُّ الرَّيْعَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ لَا وَفِي شَرْحِهَا لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ وَالتَّحْرِيرِ نَعَمْ
(وَ) الْمَوْقُوفُ (إذَا آجَرَهُ الْمُتَوَلِّي بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ) لَا الْمُتَوَلِّيَ كَمَا غَلِطَ فِيهِ بَعْضُهُمْ (تَمَامُهُ) أَيْ تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ (كَأَبٍ) وَكَذَا وَصِيٌّ خَانِيَّةٌ (أَجَرَ مَنْزِلَ صَغِيرِهِ بِدُونِهِ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ تَمَامُهُ إذْ لَيْسَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وِلَايَةُ الْحَطِّ وَالْإِسْقَاطِ وَفِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْقُنْيَةِ: أَنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالِاسْتِئْجَارِ بِأَجْرِ الْمِثْلِ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ زَوْدِ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ، وَلَوْ كَانَ الْقَيِّمُ سَاكِتًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرَّفْعِ لِلْقَاضِي لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِذَا ظَفِرَ النَّاظِرُ بِمَالِ السَّاكِنِ فَلَهُ أَخْذُ النُّقْصَانِ مِنْهُ فَيَصْرِفُهُ فِي مَصْرِفِهِ قَضَاءً وَدِيَانَةً اهـ فَلْيُحْفَظْ.
قُلْت: وَقَيَّدَ بِإِجَارَةِ الْمُتَوَلِّي لِمَا فِي غَصْبِ الْأَشْبَاهِ لَوْ آجَرَ الْغَاصِبُ مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ مِنْ مَالِ وَقْفٍ أَوْ يَتِيمٍ أَوْ مُعَدٍّ فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لَا أَجْرُ الْمِثْلِ، وَعَلَى الْغَاصِبِ رَدُّ مَا قَبَضَهُ لَا غَيْرُ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي إيجَارِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا
فَقَدْ عُلِمَ صِحَّةُ إيجَارِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا بِهَذِهِ الشُّرُوطِ، وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يُؤَجَّرَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ كَمَا مَرَّ عَنْ قَارِئِ الْهِدَايَةِ
قُلْت: وَيَنْبَغِي عَدَمُ التَّرَدُّدِ فِي مُدَّةِ إيجَارِهِ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ التَّوْلِيَةَ، وَالنَّظَرَ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، أَوْ لِلْأَرْشَدِ مِنْهُمْ وَكَانَ هُوَ الْأَرْشَدَ أَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَنْصُوبَ الْوَاقِفِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَمْلِكُ السُّكْنَى إلَخْ) قَدَّمْنَا بَيَانَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ أَبَى أَوْ عَجَزَ عَمَّرَ الْحَاكِمُ بِأُجْرَتِهَا
(قَوْلُهُ: كَمَا غَلِطَ فِيهِ بَعْضُهُمْ) مَنْشَأُ غَلَطِهِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْخُلَاصَةِ لَزِمَهُ فَأَرْجَعَ ذَلِكَ الْبَعْضُ الضَّمِيرُ لِلْمُتَوَلِّي، مَعَ أَنَّهُ لِلْمُسْتَأْجِرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي فَتْوَاهُ مُسْتَنِدًا إلَى النُّقُولِ الصَّرِيحَةِ. مَطْلَبٌ إذَا آجَرَ الْمُتَوَلِّي بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَانَ خِيَانَةً
لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خِيَانَةً مِنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ عَالِمًا بِذَلِكَ وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْوَاقِفَ أَيْضًا إذَا آجَرَ بِالْأَقَلِّ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَمْ تَجُزْ، وَيُبْطِلُهَا الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ مَأْمُونًا وَفَعَلَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ أَقَرَّهُ الْقَاضِي فِي يَدِهِ، وَأَمَرَهُ بِإِجَارَتِهَا بِالْأَصْلَحِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ وَجَعَلَهَا فِي يَدِ مَنْ يَثِقُ بِدِينِهِ، وَكَذَا إذَا آجَرَهَا الْوَاقِفُ سِنِينَ كَثِيرَةً مِمَّنْ يَخَافُ أَنْ يَتْلَفَ فِي يَدِهِ يُبْطِلُ الْقَاضِي الْإِجَارَةَ وَيُخْرِجُهَا مِنْ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ اهـ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الْوَاقِفِ فَالْمُتَوَلِّي أَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا) الْأَوْلَى مِنْهُمْ لِيَدْخُلَ الْمُتَوَلِّي ط (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ زَوْدِ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَا لَمْ تُفْسَخْ، كَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ فِيمَا إذَا آجَرَ أَوْ لَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، ثُمَّ زَادَ الْأَجْرُ فِي نَفْسِهِ ط أَيْ فَالْإِجَارَةُ وَقَعَتْ مِنْ ابْتِدَائِهَا صَحِيحَةً بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: لَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ) وَعَلَيْهِ الْحُرْمَةُ وَلَا يُعْذَرُ، وَكَذَا أَهْلُ الْمَحَلَّةِ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْقُنْيَةِ، لَا يُعْذَرُ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ فِي الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ الْمُسَبَّلَةِ إذَا أَمْكَنَهُمْ رَفْعُهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى: فَيَأْثَمُ كُلُّهُمْ بِنَفْسِ السُّكُوتِ فَمَا بَالُك بِالْمُتَوَلِّي وَالْجَابِي وَالْكَاتِبِ إذَا تَرَكُوهَا وَلَا سِيَّمَا لِأَجْلِ الرِّشْوَةِ نَعُوذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى. اهـ. ط (قَوْلُهُ بِمَالِ السَّاكِنِ) يَعْنِي وَكَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ: قَضَاءً وَدِيَانَةً) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ أَخَذَ ط (قَوْلُهُ: مَا مَنَافِعُهُ مَضْمُونَةٌ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ ط (قَوْلُهُ أَوْ مُعَدٍّ) أَيْ لِلِاسْتِغْلَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسَمَّى) يَعْنِي لِلْغَاصِبِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا بَعْدَهُ قَالَ
لِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ انْتَهَى فَلْيُحْفَظْ
(يُفْتَى بِالضَّمَانِ فِي غَصْبِ عَقَارِ الْوَقْفِ وَغَصْبِ مَنَافِعِهِ) أَوْ إتْلَافِهَا كَمَا لَوْ سَكَنَ بِلَا إذْنٍ أَوْ أَسْكَنَهُ الْمُتَوَلِّي بِلَا أَجْرٍ كَانَ عَلَى السَّاكِنِ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَلَوْ غَيْرَ مُعَدٍّ لِلِاسْتِغْلَالِ بِهِ يُفْتَى صِيَانَةً لِلْوَقْفِ وَكَذَا مَنَافِعُ مَالِ الْيَتِيمِ دُرَرٌ (وَكَذَا) يُفْتَى (بِكُلِّ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فِيمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ) حَاوِي الْقُدْسِيِّ،
ــ
[رد المحتار]
الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ، أَمَّا عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فَعَلَى الْغَاصِبِ أَجْرُ الْمِثْلِ اهـ أَيْ إنْ كَانَ مَا قَبَضَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَجْرَ الْمِثْلِ أَوْ دُونَهُ، فَلَوْ أَكْثَرَ يَرُدُّ الزَّائِدَ أَيْضًا لِعَدَمِ طِيبِهِ لَهُ كَمَا حَرَّرَهُ الْحَمَوِيُّ وَتَبِعَهُ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ.
قُلْت: وَيَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُفْتَى بِهِ، وَتَضْمِينُ مَنَافِعِ مَالِ الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ وَالْمُعَدِّ أَنَّ لَهُ تَضْمِينَ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْضًا تَمَامُ أَجْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ آجَرَهُ الْمُتَوَلِّي بِدُونِ أَجْرِ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِتَأْوِيلِ الْعَقْدِ) لَيْسَ هَذَا فِي عِبَارَةِ الْأَشْبَاهِ ط
(قَوْلُهُ: فِي غَصْبِ عَقَارِ الْوَقْفِ) بِأَنْ كَانَ أَرْضًا أَجْرَى عَلَيْهَا الْمَاءَ حَتَّى صَارَتْ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَغَصْبِ مَنَافِعِهِ) يَشْمَلُ مَا لَوْ عَطَّلَهُ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ إتْلَافِهَا فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ، فَإِنَّ إتْلَافَهَا بِالِاسْتِعْمَالِ وَلِذَا قَالَ: كَمَا لَوْ سَكَنَ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا سَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ: لَا تُضْمَنُ مَنَافِعُ الْغَصْبِ اسْتَوْفَاهَا أَوْ عَطَّلَهَا إلَّا فِي ثَلَاثٍ، فَمُقْتَضَاهُ ضَمَانُهَا فِيهَا بِالِاسْتِيفَاءِ، أَوْ التَّعْطِيلِ فَقَوْلُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ هُنَاكَ وَيُنْظَرُ لَوْ عَطَّلَ الْمَنْفَعَةَ هَلْ يَضْمَنُ الْأُجْرَةَ كَمَا لَوْ سَكَنَ اهـ لَا مَحَلَّ لَهُ،. نَعَمْ وَقَعَ فِي الْخَصَّافِ لَوْ قَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ، وَلَمْ يَزْرَعْهَا لَا أَجْرَ عَلَيْهَا وَكَذَلِكَ الدَّارُ إذَا قَبَضَهَا وَلَمْ يَسْكُنْهَا اهـ لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْإِسْعَافِ وَمُفَادُهُ لُزُومُ الْأُجْرَةِ بِالتَّمَكُّنِ فِي الْفَاسِدَةِ عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي أَوَائِلِ الْإِجَارَاتِ عَنْ الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَسْكَنَهُ الْمُتَوَلِّي) أَيْ أَسْكَنَ فِيهِ غَيْرَهُ إلَّا إذَا كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى وَانْحَصَرَتْ فِيهِ، فَإِنَّ لَهُ إعَارَتَهُ، وَلَوْ سَكَنَهُ الْمُتَوَلِّي بِنَفْسِهِ؛ وَلَمْ يَكُنْ لِلسُّكْنَى فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَجْرُ الْمِثْلِ بَلْ قَدَّمْنَاهُ عَنْ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ الْوَقْفَ لِنَفْسِهِ يُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ يَدِهِ. مَطْلَبٌ سَكَنُ الْمُشْتَرِي دَارَ الْوَقْفِ
(قَوْلُهُ: كَانَ عَلَى السَّاكِنِ أَجْرُ الْمِثْلِ) حَتَّى لَوْ بَاعَ الْمُتَوَلِّي دَارَ الْوَقْفِ فَسَكَنَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَبْطَلَ الْقَاضِي الْبَيْعَ كَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَتْحٌ وَبِهِ أَفْتَى الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَمَا فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة مِنْ الْإِفْتَاءِ بِخِلَافِهِ تَبَعًا لِلْقُنْيَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ، وَدَخَلَ مَا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ مَسْجِدًا أَوْ مَدْرَسَةً سَكَنَ فِيهِ فَتَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ قَالَ وَأَفْتَى بِهِ الْجَدُّ وَالْعَمُّ وَالرَّمْلِيُّ وَالْمَقْدِسِيُّ وَكَذَا مَا لَوْ كَانَ بَعْضُهُ مِلْكًا وَسَكَنَهُ الشَّرِيكُ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَنَافِعُ مَالِ الْيَتِيمِ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ سَكَنَتْهُ أُمُّهُ مَعَ زَوْجِهَا فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ الْأُجْرَةُ وَكَذَا شَرِيكُ الْيَتِيمِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَذَا مَا لَوْ شَرَاهَا أَحَدٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا لِيَتِيمٍ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ (قَوْلُهُ: فِيمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ) حَتَّى نَقَضُوا الْإِجَارَةَ عِنْدَ الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ نَظَرًا لِلْوَقْفِ، وَصِيَانَةً لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ أَيْضًا: أَيْ مَعَ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ مُصَحَّحَيْنِ، وَكَذَا أَفْتَوْا بِالضَّمَانِ فِي غَصْبِ عَقَارِهِ، وَمَنَافِعِهِ مَعَ أَنَّ الْعَقَارَ لَا يُضْمَنُ بِالْغَضَبِ عِنْدَهُمَا بَلْ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ وَكَذَا فِي مَسَائِلِ كَثِيرَةٍ مِنْهَا عَدَمُ اسْتِبْدَالِ مَا قَلَّ رَيْعُهُ وَكَذَا صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَعَدَمُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ مُدَّةً طَوِيلَةً كَمَا مَرَّ وَالتَّتَبُّعُ يَنْفِي الْحَصْرَ
وَمَتَى قَضَى بِالْقِيمَةِ شَرَى بِهَا عَقَارًا آخَرَ فَيَكُونُ وَقْفًا بَدَلَ الْأَوَّلِ
(وَ) الَّذِي (تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ) حِسْبَةً (بِدُونِ الدَّعْوَى) أَرْبَعَةَ عَشَرَ: مِنْهَا الْوَقْفُ عَلَى مَا فِي الْأَشْبَاهِ لِأَنَّ حُكْمَهُ التَّصَدُّقُ بِالْغَلَّةِ وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى. بَقِيَ لَوْ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ هَلْ تُقْبَلُ بِلَا دَعْوَى فِي الْخَانِيَّةِ يَنْبَغِي، لَا اتِّفَاقًا وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشَّيْخِ حَسَنٍ وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إنْ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى تُقْبَلُ وَإِلَّا لَا إلَّا بِالدَّعْوَى فَلْيُحْفَظْ قُلْت: لَكِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْنُ الشِّحْنَةِ، وَوَافَقَ الْمُصَنِّفَ بِقَبُولِهَا مُطْلَقًا لِثُبُوتِ أَصْلِ الْوَقْفِ لِمَآلِهِ لِلْفُقَرَاءِ وَبِاشْتِرَاطِ الدَّعْوَى لِثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ كَانَ ثَمَّةَ مُسْتَحِقٌّ وَلَمْ يَدَّعِ لَمْ يُدْفَعْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْغَلَّةِ وَتُصْرَفُ كُلُّهَا لِلْفُقَرَاءِ.
ــ
[رد المحتار]
فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَمَتَى قَضَى بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِأَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَأَجْرَى عَلَيْهَا الْمَاءَ، حَتَّى صَارَتْ بَحْرًا لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ إسْعَافٌ، وَقَدَّمْنَا عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ غَصَبَ وَقْفًا فَنَقَصَ فَمَا يُؤْخَذُ بِنَقْصِهِ يُصْرَفُ إلَى مَرَمَّتِهِ لَا إلَى أَهْلِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ، وَحَقُّهُمْ فِي الْغَلَّةِ لَا فِي الرَّقَبَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيَكُونُ وَقْفًا بَدَلَ الْأَوَّلِ) أَيْ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى تَلَفُّظٍ بِوَقْفِهِ كَمَا فِي مُعِينِ الْمُفْتِي وَغَيْرِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى ط
(قَوْلُهُ: حِسْبَةً) الْحِسْبَةُ: بِالْكَسْرِ الْأَجْرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ أَيْ لِقَصْدِ الْأَجْرِ، لَا لِإِجَابَةِ مُدَّعٍ أَفَادَهُ ط. مَطْلَبٌ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تُقْبَلُ فِيهَا الشَّهَادَةِ حِسْبَةً بِلَا دَعْوَى
(قَوْلُهُ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ) وَهِيَ الْوَقْفُ، وَطَلَاقُ الزَّوْجَةِ، وَتَعْلِيقُ طَلَاقِهَا وَحُرِّيَّةُ الْأَمَةِ وَتَدْبِيرُهَا، وَالْخُلْعُ وَهِلَالُ رَمَضَانَ وَالنَّسَبُ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ خِلَافُهُ، وَحَدُّ الزِّنَا، وَحَدُّ الشُّرْبِ، وَالْإِيلَاءُ، وَالظِّهَارُ، وَحُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَدَعْوَى الْمَوْلَى نَسَبُ الْعَبْدِ اهـ
قُلْت: وَيُزَادُ الشَّهَادَةُ بِالرَّضَاعِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ: مِنْهَا الْوَقْفُ) أَيْ الشَّهَادَةُ بِأَصْلِهِ لَا بِرَيْعِهِ أَشْبَاهٌ، وَأَمَّا الدَّعْوَى بِهِ أَوْ بِرَيْعِهِ فَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَيَأْتِي قَرِيبًا وَيَأْتِي بَيَانُ الْمُرَادِ بِأَصْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ) أَيْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ فَلَا تُقْبَلُ وَبَيْنَ مَا إذَا قَامَتْ عَلَى أَنَّهُ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لِلْمَسْجِدِ وَنَحْوِهِ فَتُقْبَلُ (قَوْلُهُ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة) هُوَ عَيْنُ التَّفْصِيلِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ: لَكِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْن الشِّحْنَةِ إلَخْ) أَيْ بَحَثَ فِي الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَتْنِ. اهـ. ح وَالْأَصْوَبُ إبْدَالُهُ بِابْنِ وَهْبَانَ، وَيَعُودُ الضَّمِيرُ إلَى التَّفْصِيلِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ نَقْلًا عَنْ الْخَانِيَّةِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، لَا تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِدُونِ الدَّعْوَى اهـ قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّ الْوَقْفَ وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَآخِرُهُ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ لِجِهَةِ بِرٍّ لَا تَنْقَطِعُ كَالْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَالشَّهَادَةُ تُقْبَلُ إمَّا حَالًا أَوْ مَآلًا اهـ قَالَ: ابْنُ الشِّحْنَةِ: التَّفْصِيلُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا قَامَتْ بِأَنَّ هَذَا وَقْفٌ يَسْتَحِقُّهُ قَوْمٌ بِأَعْيَانِهِمْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى لِثُبُوتِ اسْتِحْقَاقِهِمْ، وَتَنَاوُلِهِمْ وَإِنْ كَانَ آخِرُهُ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَتْ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ اهـ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ أَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ ظَاهِرٌ جِدًّا وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ لَا يَنْتَهِضُ حُجَّةً عَلَيْهِ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ وَهْبَانَ فِي أَنَّ ثُبُوتَ أَصْلِ الْوَقْفِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الدَّعْوَى مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ لَا يُدْفَعُ لَهُ شَيْءٌ، عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ دَعْوَاهُ وَكَلَامُ ابْنِ الشِّحْنَةِ فِي ثُبُوتِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ، وَلَا شَكَّ فِي تَوَقُّفِهِ عَلَى الدَّعْوَى. اهـ. قُلْت: لَكِنْ فِي الْحَادِيَةَ عَشَرَ مِنْ دَعْوَى الْبَزَّازِيَّةِ: بَاعَ أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ وَقَفَهَا أَوْ قَالَ: وَقْفٌ عَلَيَّ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَأَرَادَ تَحْلِيفَ الْبَائِعِ لَا يَحْلِفُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى لِلتَّنَاقُضِ، وَإِنْ بَرْهَنَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ
قُلْت: وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى اسْتَحَقَّ مَعَ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مِنْهُ عَلَى الْمُفْتَى بِهِ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ كَمَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ. وَفِي الْأَشْبَاهِ لَنَا شَاهِدٌ حِسْبَةً فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلَيْسَ لَنَا مُدَّعٍ حِسْبَةً إلَّا فِي دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَصْلَ الْوَقْفِ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْبَعْضِ وَالْمُفْتَى بِهِ لَا إلَّا التَّوْلِيَةَ فَإِذَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ فَالْأَجْنَبِيُّ أَوْلَى انْتَهَى وَقَدْ مَرَّ فَتَنَبَّهْ.
ــ
[رد المحتار]
يُقْبَلُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الدَّعْوَى فِي الْوَقْفِ كَمَا عِتْقِ الْأَمَةِ وَبِهِ أَخَذَ الصَّدْرُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْإِطْلَاقَ غَيْرُ مَرَضِيٍّ فَإِنَّ الْوَقْفَ لَوْ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى فَالْجَوَابُ مَا قَالَهُ وَإِنْ حَقَّ الْعَبْدِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى اهـ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إمَّا حَالًا أَوْ مَآلًا، وَهَذَا التَّصْحِيحُ لِلتَّفْصِيلِ الْمَارِّ عَنْ الْخَانِيَّةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ الْحَالُ لَا الْمَآلُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ.
قَوْلُهُ وَإِنْ حَقَّ الْعَبْدِ إلَخْ، وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبَانَ حَيْثُ جَعَلَ الْوَقْفَ كُلَّهُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ، وَمُؤَيِّدٌ لِمَا قَالَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ حَيْثُ اعْتَبَرَ فِيهِ الْحَالُ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ التَّحْقِيقُ أَنَّ الْوَقْفَ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ تَصَدُّقٌ بِالْمَنْفَعَةِ، فَلَا تُشْتَرَطُ لَهُ الدَّعْوَى، لَكِنْ إذَا كَانَ أَوَّلُهُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَأُرِيدَ إثْبَاتُ اسْتِحْقَاقِهِ اُشْتُرِطَ لَهُ الدَّعْوَى وَإِنْ ثَبَتَ أَصْلُ الْوَقْفِ بِدُونِهَا فَثَبَتَ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ: وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ تَحْقِيقٌ وَتَلْفِيقٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَتَوْفِيقٌ بِنَظَرٍ دَقِيقٍ، لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الْبَائِعُ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ اسْتِحْقَاقِهِ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَتَبْقَى الْبَيِّنَةُ مَسْمُوعَةً لِإِثْبَاتِ أَصْلِ الْوَقْفِ وَيَأْتِي لَهُ زِيَادَةُ بَيَانٍ عِنْدَ قَوْلِهِ بَاعَ دَارًا (قَوْلُهُ: إلَّا بِتَوْلِيَةٍ) أَيْ أَوْ بِإِذْنِ قَاضٍ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ مَا مَرَّ فِي دَعْوَى عَيْنِ الْوَقْفِ لَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ، أَمَّا دَعْوَى الْمُسْتَحِقِّ اسْتِحْقَاقَهُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا شُبْهَةَ فِي صِحَّتِهَا وَلَا تَحْتَاجُ إلَى التَّدَبُّرِ أَفَادَهُ ح. قُلْت: قَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِأَنَّ مُسْتَحِقَّ غَلَّةِ الْوَقْفِ لَا يَمْلِكُ الدَّعْوَى بِهَا، وَهُوَ مُشْكِلٌ يَحْتَاجُ إلَى التَّدْبِيرِ وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ، وَقَوْلُهُ فَلَا شُبْهَةَ إلَخْ مُؤَيِّدٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ: لَنَا شَاهِدٌ حِسْبَةً فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ) هَذَا مُكَرَّرٌ بِمَا تَقَدَّمَ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَنَا مُدَّعٍ حِسْبَةً) بِتَنْوِينِ مُدَّعٍ وَنَصْبِ حِسْبَةٍ عَلَى التَّمْيِيزِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مُدَّعِي بِالْيَاءِ فَهُوَ مُضَافٌ وَحِسْبَةٌ مَجْرُورٌ بِهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُفْتَى بِهِ لَا) أَيْ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَلَا يَحْلِفُ الْخَصْمُ لَوْ أَنْكَرَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَكِنْ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ بِطَرِيقِ الْحِسْبَةِ كَمَا عَلِمْت تَحْرِيرَهُ.
(قَوْلُهُ: فَالْأَجْنَبِيُّ أَوْلَى) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ عَقِبَ هَذَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا اهـ أَيْ لِأَنَّ الْخِلَافَ مَذْكُورٌ فِي دَعْوَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ هَلْ تُسْمَعُ أَمْ لَا وَالْمُفْتَى بِهِ لَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ اتِّفَاقًا اهـ لَكِنْ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ: بَلْ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ أَيْضًا لِأَنَّ مَحَلَّ النِّزَاعِ كَوْنُ الْمَحَلِّ قَابِلًا لِدَعْوَى الْحِسْبَةِ أَمْ لَا فَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُ قَابِلٌ جَوَّزَ ذَلِكَ مِنْ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ. وَحِينَئِذٍ يَتَّجِهُ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ فَإِذَا كَانَتْ الدَّعْوَى لِإِثْبَاتِ عَيْنِ الْوَقْفِ يَكُونُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى حِسْبَةً مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ إلَّا إذَا بَاعَ الْوَقْفَ ثُمَّ ادَّعَى فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَأَمَّا الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا إلَّا إذَا كَانَتْ لِإِثْبَاتِ غَلَّةِ الْوَقْفِ فَلَا تُقْبَلُ بِلَا دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ شَاهِدَ الْحِسْبَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَدَّعِيَ مَا يَشْهَدُ بِهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مُدَّعٍ غَيْرُهُ وَعَلَى هَذَا فَكُلُّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تُقْبَلُ فِيهِ الدَّعْوَى حِسْبَةً، وَهَذَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ الْأَشْبَاهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُدَّعِيًا أَوْ أَنَّ مُدَّعِيَ الْحِسْبَةِ لَا يَحْلِفُ لَهُ الْخَصْمُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الشَّهَادَةِ فَلِذَا نَفَاهُ فَلْيَتَأَمَّلْ وَفِي الْفُصُولَيْنِ وَفِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَالطَّلَاقِ قِيلَ يَحْلِفُ وَقِيلَ لَا. [تَنْبِيهٌ]
شَاهِدُ الْحِسْبَةِ إذَا أَخَّرَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ لَا تُقْبَلُ لِفِسْقِهِ أَشْبَاهٌ عَنْ الْقُنْيَةِ وَقَالَ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي رِسَالَتِهِ الْمُؤَلَّفَةِ فِيمَا تُسْمَعُ فِيهِ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الشَّاهِدَ فِي الْوَقْفِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّ) أَيْ عَدَمُ سَمَاعِ الدَّعْوَى مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَوْ غُصِبَ مِنْهُ الْوَقْفُ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ مَعَ زِيَادَةِ قَوْلِهِ وَلَوْ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الدَّعْوَى عَلَى الْغَاصِبِ دَعْوَى
(وَيُشْتَرَطُ) فِي دَعْوَى الْوَقْفِ (بَيَانُ الْوَقْفِ) وَلَوْ الْوَقْفُ قَدِيمًا (فِي الصَّحِيحِ) بَزَّازِيَّةٌ لِئَلَّا يَكُونَ إثْبَاتًا لِلْمَجْهُولِ وَفِي الْعِمَادِيَّةِ تُقْبَلُ
(وَ) تُقْبَلُ فِيهِ (الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَالشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ) لِإِثْبَاتِ أَصْلِهِ وَإِنْ صَرَّحُوا بِهِ أَيْ بِالسَّمَاعِ، فِي الْمُخْتَارِ وَلَوْ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ حِفْظًا لِلْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ عَنْ الِاسْتِهْلَاكِ
ــ
[رد المحتار]
أَصْلِ الْوَقْفِ أَيْ لَا دَعْوَى الْغَلَّةِ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَكُونَ إثْبَاتًا لِلْمَجْهُولِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ إنَّ الْوَقْفَ حَبْسُ أَصْلِ الْمِلْكِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ ط (قَوْلُهُ: وَفِي الْعِمَادِيَّةِ تُقْبَلُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْوَاقِفِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ مَشَايِخُ بَلْخٍ كَأَبِي جَعْفَرٍ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْخَصَّافُ، وَمُقْتَضَى كَوْنِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ يُفْتَى بِقَوْلِهِ هُنَا أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ ط. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ وَقْفٌ قَدِيمٌ مَشْهُورٌ لَا يُعْرَفُ وَاقِفُهُ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ فَادَّعَى الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى كَذَا مَشْهُورٍ وَشَهِدَا بِذَلِكَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ اهـ وَعَزَاهُ إلَى جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَفِي الْإِسْعَافِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَتَصِحُّ دَعْوَى الْوَقْفِ وَالشَّهَادَةُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ الْوَاقِفِ. مَطْلَبٌ فِي دَعْوَى الْوَقْفِ بِلَا بَيَانِ الْوَاقِفِ وَبِلَا بَيَانِ أَنَّهُ وَقْفٌ وَهُوَ يَمْلِكُهُ [تَنْبِيهٌ]
ذَكَرَ فِي الْإِسْعَافِ لَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذِهِ الْأَرْضَ وَقَفَهَا فُلَانٌ عَلَيَّ وَذُو الْيَدِ يَجْحَدُ وَيَقُولُ هِيَ مِلْكِي لَا يَصِحُّ وَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ يَوْمَ وَقَفَهَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يَقِفُ مَا لَا يَمْلِكُهُ وَهُوَ بِيَدِهِ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ اهـ مُلَخَّصًا. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَعْدَ بَيَانِ الْوَاقِفِ بَيَانُ أَنَّهُ وَقَفَهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي نَحْوِ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَكَذَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّهُ وَقَفَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهُ أَوْ بَعْدَ مَا بَاعَهُ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهُ أَوْ لَا أَوْ كَانَ وَقْفًا قَدِيمًا مَشْهُورًا فَبَاعَهُ أَحَدٌ أَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظَالِمٌ، فَهَذَا شَرْطٌ لِلْحُكْمِ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ لَا لِلْحُكْمِ بِنَفْسِ الْوَقْفِ، فَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِوَقْفٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ ثُبُوتُ مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُؤَجِّرِ وَحِيَازَتُهُ أَمْ لَا، أَجَابَ: إنَّمَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَالِكٌ لِمَا وَقَفَهُ أَوْ أَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْإِيجَارِ أَوْ الْبَيْعِ لِمَا بَاعَهُ بِمِلْكٍ أَوْ نِيَابَةٍ وَكَذَا فِي الْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِالصِّحَّةِ بَلْ بِنَفْسِ الْوَقْفِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ اهـ
(قَوْلُهُ لِإِثْبَاتِ أَصْلِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالشَّهَادَةِ بِالشُّهْرَةِ فَقَطْ ح وَفِي الْمِنَحِ كُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَيَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ أَصْلِهِ وَمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ الشَّرَائِطِ. مَطْلَبٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَقْفِ بِالتَّسَامُعِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ صَرَّحُوا بِهِ) بِأَنْ قَالُوا عِنْدَ الْقَاضِي نَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ دُرَرٌ وَفِي شَهَادَاتِ الْخَيْرِيَّةِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَقْفِ بِالسَّمَاعِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ أَشْهَدُ بِهِ لِأَنِّي سَمِعْته مِنْ النَّاسِ أَوْ بِسَبَبِ أَنِّي سَمِعْته مِنْ النَّاسِ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالسَّمَاعِ) أَشَارَ بِهِ إلَى تَأْوِيلِ الشُّهْرَةِ بِالسَّمَاعِ فَسَاغَ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ فَأَفَادَ أَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ ط وَفِي حَاشِيَةِ نُوحٍ أَفَنْدِي: الشَّهَادَةُ بِالشُّهْرَةِ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُتَوَلِّي أَنَّ هَذِهِ الضَّيْعَةَ وَقْفٌ عَلَى كَذَا مَشْهُورٌ وَيَشْهَدُ الشُّهُودُ بِذَلِكَ وَالشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ: أَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَآلَ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَادَّةُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: فِي الْمُخْتَارِ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُتُونِ مِنْ الشَّهَادَاتِ فَفِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ: وَلَا يَشْهَدُ بِمَا لَمْ يُعَايِنْ إلَّا النَّسَبَ وَالْمَوْتَ وَالنِّكَاحَ وَالدُّخُولَ وَوِلَايَةَ الْقَاضِي وَأَصْلُهُ الْوَقْفُ، فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا إذَا أَخْبَرَهُ بِهَا مَنْ يَثِقُ بِهِ وَمَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ سِوَى الرَّقِيقِ لَك أَنْ تَشْهَدَ أَنَّهُ
بِخِلَافِ غَيْرِهِ (لَا) تُقْبَلُ بِالشُّهْرَةِ (لِ) لِإِثْبَاتِ (شَرَائِطِهِ فِي الْأَصَحِّ) دُرَرٌ وَغَيْرُهَا لَكِنْ فِي الْمُجْتَبَى الْمُخْتَارُ قَبُولُهَا عَلَى شَرَائِطِهِ أَيْضًا وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمِعْرَاجِ وَأَقَرَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَقَوَّاهُ فِي الْفَتْحِ بِقَوْلِهِمْ يُسْلَكُ بِمُنْقَطِعِ الثُّبُوتِ الْمَجْهُولَةِ شَرَائِطُهُ وَمَصَارِفُهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ انْتَهَى وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ
ــ
[رد المحتار]
لَهُ وَإِنْ فَسَّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ أَوْ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ لَا تُقْبَلُ. قَالَ الْعَيْنِيُّ: وَإِنْ فَسَّرَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ فِي مَوْضِعِ يَجُوزُ بِالتَّسَامُعِ، أَوْ فَسَّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ لَهُ بِالْمِلْكِ بِمُعَايَنَةِ الْيَدِ يَعْنِي بِرُؤْيَتِهِ فِي يَدِهِ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَزِيدُ عِلْمًا بِذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ إلَخْ، وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ مَبْسُوطًا. وَفِي شَهَادَاتِ الْخَيْرِيَّةِ: الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَقْفِ بِالسَّمَاعِ فِيهَا خِلَافٌ وَالْمُتُونُ قَاطِبَةً قَدْ أَطْلَقَتْ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إذَا فَسَّرَ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ لَا تُقْبَلُ، وَبِهِ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِنَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ عَلِيٌّ أَفَنْدِي مُفْتِي الرُّومِ اهـ مُلَخَّصًا مِنْ مَجْمُوعَةِ شَيْخِ مَشَايِخِنَا مُنْلَا عَلِيٍّ التُّرْكُمَانِيِّ.
قُلْت: لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُفْتَى بِكُلِّ مَا هُوَ أَنْفَعُ لِلْوَقْفِ فِيمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ كَمَا أَشَارَ إلَى وَجْهِهِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ بِقَوْلِهِ حِفْظًا لِلْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ إلَخْ، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ عَنْ فَتَاوَى رَشِيدِ الدِّينِ أَنَّهُ تُقْبَلُ وَإِنْ صَرَّحَا بِالتَّسَامُعِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ رُبَّمَا يَكُونُ سِنُّهُ عِشْرِينَ سَنَةً وَتَارِيخُ الْوَقْفِ مِائَةُ سَنَةٍ، فَيَتَيَقَّنُ الْقَاضِي أَنَّهُ يَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ لَا بِالْعِيَانِ فَإِذًا لَا فَرْقَ بَيْنَ السُّكُوتِ وَالْإِفْصَاحِ أَشَارَ إلَيْهِ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا تَجُوزُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ فَإِنَّهَا إذَا صَرَّحَا بِهِ لَا نَقْبَلُ اهـ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْوَقْفِ مِنْ الْخَمْسَةِ الْمَارَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَيَقَّنُ فِيهَا بِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ فَيُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ السُّكُوتِ وَالْإِفْصَاحِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَشَايِخَ رَجَّحُوا اسْتِثْنَاءَ الْوَقْفِ مِنْهَا لِلضَّرُورَةِ: وَهِيَ حِفْظُ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ عَنْ الضَّيَاعِ وَلِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالتَّسَامُعِ فِيهِ لَا يَزِيدُ عَلَى الْإِفْصَاحِ بِهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: لِإِثْبَاتِ شَرَائِطِهِ) الْمُرَادُ مِنْ الشَّرَائِطِ أَنْ يَقُولُوا إنَّ قَدْرًا مِنْ الْغَلَّةِ لِكَذَا ثُمَّ يُصْرَفُ الْفَاضِلُ إلَى كَذَا بَعْدَ بَيَانِ الْجِهَةِ بَحْرٌ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ بَيَانِ الْجِهَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَنْ يَقُولُوا لِأَنَّ بَيَانَ الْجِهَةِ هُوَ بَيَانُ الْمَصْرِفِ وَيَأْتِي أَنَّهُ مِنْ الْأَصْلِ لَا مِنْ الشَّرَائِطِ، فَالْمُرَادُ مِنْ الشَّرَائِطِ مَا يَشْتَرِطُهُ الْوَاقِفُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ لَا الشَّرَائِطُ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا صِحَّةُ الْوَقْفِ كَالْمِلْكِ وَالْإِفْرَازِ وَالتَّسْلِيمِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هِنْدِيَّةٌ عَنْ السِّرَاجِيَّةِ ط (قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ) وَعَزَاهُ إلَى الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ. مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ الْوَقْفِ الْقَدِيمِ الْمَجْهُولَةِ شَرَائِطُهُ وَمَصَارِفُهُ
(قَوْلُهُ: وَقَوَّاهُ فِي الْفَتْحِ بِقَوْلِهِمْ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ وَأَنْتَ إذَا عَرَفْت قَوْلَهُمْ ذَلِكَ لَمْ تَتَوَقَّفْ عَنْ تَحْسِينِ مَا فِي الْمُجْتَبَى لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى الثُّبُوتِ بِالتَّسَامُعِ اهـ أَيْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالتَّسَامُعِ هِيَ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا لَمْ يُعَايِنْهُ وَالْعَمَلُ بِمَا فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ عَمَلٌ بِمَا لَمْ يُعَايِنْ، وَأَيْضًا قَوْلُهُمْ الْمَجْهُولَةُ شَرَائِطُهُ وَمَصَارِفُهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَا لَمْ يُجْهَلْ مِنْهَا يُعْمَلُ بِمَا عُلِمَ مِنْهَا، وَذَلِكَ الْعِلْمُ قَدْ لَا يَكُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْوَاقِفِ بَلْ بِالتَّصَرُّفِ الْقَدِيمِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ حَيْثُ قَالَ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ وَقْفٍ مَشْهُورٍ اشْتَبَهَتْ مَصَارِفُهُ وَقَدْرُ مَا يُصْرَفُ إلَى مُسْتَحَقِّيهِ قَالَ: يُنْظَرُ إلَى الْمَعْهُودِ مِنْ حَالِهِ فِيمَ سَبَقَ مِنْ الزَّمَانِ مِنْ أَنَّ قِوَامَهُ كَيْفَ يَعْمَلُونَ فِيهِ وَإِلَى مَنْ يَصْرِفُونَهُ، فَيُبْنَى عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُمْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ عَلَى مُوَافَقَةِ شَرْطِ الْوَاقِفِ وَهُوَ الْمَظْنُونُ بِحَالِ الْمُسْلِمِينَ فَيُعْمَلُ عَلَى ذَلِكَ اهـ فَهَذَا عَيْنُ الثُّبُوتِ بِالتَّسَامُعِ وَفِي الْخَيْرِيَّةِ إنْ كَانَ لِلْوَقْفِ كِتَابٌ فِي دِيوَانِ الْقُضَاةِ الْمُسَمَّى فِي عُرْفِنَا بِالسِّجِلِّ، وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمْ اُتُّبِعَ مَا فِيهِ اسْتِحْسَانًا إذَا تَنَازَعَ أَهْلُهُ فِيهِ وَإِلَّا يُنْظَرُ إلَى الْمَعْهُودِ مِنْ حَالِهِ فِيمَا سَبَقَ مِنْ الزَّمَانِ مِنْ أَنَّ قُوَّامَهُ كَيْفَ كَانُوا يَعْمَلُونَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْحَالُ فِيمَا سَبَقَ رَجَعْنَا إلَى الْقِيَاسِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ أَنَّ مَنْ أَثْبَتَ بِالْبُرْهَانِ حَقًّا حُكِمَ لَهُ بِهِ اهـ لَكِنْ قَوْلُهُمْ الْمَجْهُولَةُ شَرَائِطُهُ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ عُلِمَتْ وَلَوْ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَعْهُودِ مِنْ حَالِهِ فِيمَا سَبَقَ مِنْ تَصَرُّفِ الْقُوَّامِ لَا يُرْجَعُ إلَى مَا فِي سِجِلِّ الْقُضَاةِ وَهَذَا عَكْسُ مَا فِي الْخَيْرِيَّةِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ. مَطْلَبٌ أَحْضَرَ صَكًّا فِيهِ خُطُوطُ الْعُدُولِ وَالْقُضَاةِ لَا يُقْضَى بِهِ [تَنْبِيهٌ]
ذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْإِسْعَافِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ فِي يَدِهِ ضَيْعَةٌ أَنَّهَا وَقْفٌ وَأَحْضَرَ صَكًّا فِيهِ خُطُوطُ الْعُدُولِ وَالْقُضَاةِ الْمَاضِينَ وَطَلَبَ مِنْ الْقَاضِي الْقَضَاءَ بِذَلِكَ الصَّكِّ قَالُوا لَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَقْضِي بِالْحُجَّةِ وَالْحُجَّةُ إنَّمَا هِيَ الْبَيِّنَةُ أَوْ الْإِقْرَارُ، أَمَّا الصَّكُّ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِأَنَّ الْخَطَّ يُشْبِهُ الْخَطَّ وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ الدَّارِ لَوْحٌ مَضْرُوبٌ يَنْطِقُ بِالْوَقْفِ، لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ مَا لَمْ تَشْهَدْ الشُّهُودُ. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا بِظَاهِرِهِ يُنَافِي مَا هُنَا مِنْ الْعَمَلِ بِمَا فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ. وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْعَمَلَ بِمَا فِيهَا اسْتِحْسَانٌ كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّكِّ وُجُودٌ فِي سِجِلِّ الْقُضَاةِ أَمَّا لَوْ وُجِدَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ كَمَا فِي حَوَاشِي الْأَشْبَاهِ وَمِثْلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ قَوْلِ الْخَيْرِيَّةِ إنْ كَانَ لِلْوَاقِفِ كِتَابٌ إلَخْ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ كِتَابٌ مُوَافِقٌ لِمَا فِي سِجِلِّ الْقُضَاةِ يَزْدَادُ بِهِ قُوَّةً وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْكِتَابُ عَلَيْهِ خُطُوطُ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ. مَطْلَبٌ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ إلَّا فِي مَسَائِلَ
فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْأَشْبَاهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْخَطِّ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ إلَّا فِي كِتَابِ أَهْلِ الْحَرْبِ بِطَلَبِ الْأَمَانِ إلَى الْإِمَامِ، وَفِي دَفْتَرِ السِّمْسَارِ وَالصَّرَّافِ وَالْبَيَّاعِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَا أَفَادَهُ الْبِيرِيُّ فَتَصِيرُ الْمَسَائِلُ الْمُسْتَثْنَاةُ ثَلَاثًا وَتَمَامُ بَيَانِهَا فِي كِتَابِنَا تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ. مَطْلَبٌ فِي الْبَرَاءَاتِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالدَّفَاتِرِ الْخَاقَانِيَّةِ
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَلْحَقَ بِكِتَابِ أَهْلِ الْحَرْبِ الْبَرَاءَاتُ السُّلْطَانِيَّةُ بِالْوَظَائِفِ إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ أَنَّهُ لَا يُزَوَّرُ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ: وَالظَّاهِرُ هَذَا وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الزَّكَاةِ إذَا قَالَ أَعْطَيْتهَا وَأَظْهَرَ الْبَرَاءَةَ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الِاحْتِيَالَ فِي الْخَطِّ نَادِرٌ كَمَا فِي الْمُصَفَّى. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي رِسَالَةٍ عَمِلَهَا فِي الدَّفْتَرِ الْخَاقَانِيِّ الْمُعَنْوَنِ بِالطُّرَّةِ السُّلْطَانِيَّةِ الْمَأْمُونَةِ مِنْ التَّزْوِيرِ إلَى أَنْ قَالَ: فَلَوْ وَجَدَ فِي الدَّفَاتِرِ أَنَّ الْمَكَانَ الْفُلَانِيَّ وَقْفٌ عَلَى الْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ مَثَلًا يَعْمَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ
وَالْمُدَّعَى أَعَمُّ بَحْرٌ
(وَبَيَانُ الْمَصْرِفِ) كَقَوْلِهِمْ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا (مِنْ أَصْلِهِ) لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ فَتُقْبَلُ بِالتَّسَامُعِ (وَبَعْضِ مُسْتَحِقِّيهِ) وَكَذَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ.
قُلْت: وَكَذَا لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ فِي وَجْهِ أَحَدِ الْغُرَمَاءِ
ــ
[رد المحتار]
قَالَ وَبِذَلِكَ يُفْتِي مَشَايِخُ الْإِسْلَامِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي بَهْجَةِ عَبْدِ اللَّهِ أَفَنْدِي وَغَيْرِهَا اهـ لَكِنْ أَفْتَى فِي الْخَيْرِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فِي الدَّفْتَرِ السُّلْطَانِيِّ لِعَدَمِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْخَطِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالْمُدَّعَى أَعَمُّ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ لِلضَّرُورَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَلَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي جَهْلِ الشَّرَائِطِ كَمَا عَلِمْت إذْ عِنْدَ عِلْمِهَا لَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِهَا فَالْكَلَامُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ لَا أَعَمُّ فَكَلَامُ الْكَمَالِ أَتَمُّ فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَبَيَانُ الْمَصْرِفِ مِنْ أَصْلِهِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمَصْرِفِ بِالتَّسَامُعِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَصْلِهِ كُلُّ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الشَّرَائِطِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَكَوْنُهُ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا، تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّتُهُ، بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ صَرْفِ غَلَّتِهِ لِزَيْدٍ أَوْ لِلذُّرِّيَّةِ فَهُوَ مِنْ الشَّرَائِطِ لَا مِنْ الْأَصْلِ، وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ بِاشْتِرَاطِ التَّصْرِيحِ فِي الْوَقْفِ بِذِكْرِ جِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ وَتَقَدَّمَ تَرْجِيحُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّصْرِيحِ بِهِ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ لَازِمٍ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَ فِي الشَّهَادَةِ بِالْأَوْلَى، لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الصِّحَّةِ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا فِي الْإِسْعَافِ وَالْخَانِيَّةِ لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّرَائِطِ وَالْجِهَاتِ بِالتَّسَامُعِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجِهَاتِ هِيَ بَيَانُ الْمَصَارِفِ، فَقَدْ سَاوَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّرَائِطِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا الْجِهَاتُ الَّتِي لَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَيْهَا. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَعَنْ أَبِي اللَّيْثِ: تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِي الْوَقْفِ بِالِاسْتِفَاضَةِ مِنْ غَيْرِ الدَّعْوَى وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالْوَقْفِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا وَجْهًا وَيَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ اهـ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ ذَكَرُوا الْوَاقِفَ لَا الْمَصْرِفَ تُقْبَلُ لَوْ قَدِيمًا وَيُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ اهـ وَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا مِنْ عَدَمِ لُزُومِهِ فِي الشَّهَادَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ بَيَانُ الْمَصْرِفِ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ كَمَا سَمِعْت نَقْلَهُ عَنْ الْخَانِيَّةِ وَالْإِسْعَافِ.
وَالظَّاهِرُ: أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَصْرِفُ جِهَةَ مَسْجِدٍ أَوْ مَقْبَرَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، أَمَّا لَوْ كَانَ لِلْفُقَرَاءِ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِهِ بِالتَّسَامُعِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى مُجَرَّدِ الْوَقْفِ، فَإِذَا ثَبَتَ الْوَقْفُ بِالتَّسَامُعِ يُصْرَفُ إلَى الْفُقَرَاءِ بِدُونِ ذِكْرِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِنْ عِبَارَةِ التَّتَارْخَانِيَّة وَالْفُصُولَيْنِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَقَدْ ذَكَرَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمِنَحِ تَوْفِيقًا آخَرَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَبَيْنَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْإِسْعَافِ وَالْخَانِيَّةِ بِحَمْلِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ ثَابِتًا عَلَى جِهَةٍ بِأَنْ اُدُّعِيَ عَلَى ذِي يَدٍ يَتَصَرَّفُ بِالْمِلْكِ بِأَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جِهَةِ كَذَا، فَشَهِدُوا بِالسَّمَاعِ. وَحَمَلَ عَدَمَ الْجَوَازِ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَصْلُهُ ثَابِتًا عَلَى جِهَةٍ فَادُّعِيَ جِهَةٌ غَيْرُهَا، وَشَهِدُوا عَلَيْهَا بِالسَّمَاعِ لِلضَّرُورَةِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِأَنَّ أَصْلَ جَوَازِ الشَّهَادَةِ فِيهِ بِالسَّمَاعِ لِلضَّرُورَةِ وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وَجَازَتْ إذْ قَدَّمَ قَالَ وَقَدْ رَأَيْت شَيْخَنَا الْحَانُوتِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ اهـ مُلَخَّصًا.
مَطْلَبٌ فِيمَنْ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: وَبَعْضُ مُسْتَحَقِّيهِ) مُبْتَدَأٌ أَوْ مُضَافٌ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ خَبَرُ الْمُبْتَدَإِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ، وَكَذَا بَعْضُ نُظَّارِ الْوَقْفِ لِمَا فِي الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ التَّتَارْخَانِيَّة وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى قَرَابَتِهِ، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ مِنْهُمْ وَالْوَاقِفُ حَيٌّ فَهُوَ خَصْمُهُ وَإِلَّا فَالْقَيِّمُ وَلَوْ مُتَعَدِّدًا وَإِنْ ادَّعَى عَلَى وَاحِدٍ جَازَ وَلَا يُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمْ، وَلَا يَكُونُ خَصْمًا وَارِثُ الْمَيِّتِ، وَلَا أَحَدُ أَرْبَابِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ) أَيْ يَقُومُ مَقَامَ جَمِيعِهِمْ فِيمَا لِلْمَيِّتِ أَوْ عَلَيْهِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: قُلْت إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا ثَالِثَ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ ثَبَتَ إعْسَارُهُ فِي وَجْهِ أَحَدِ الْغُرَمَاءِ) فَإِنَّهُ
كَمَا سَيَجِيءُ فَتَأَمَّلْ وَقَالُوا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِفْلَاسِ لِغَيْبَةِ الْمُدَّعِي وَكَذَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُتَسَاوِينَ يَثْبُتُ الِاعْتِرَاضُ لِكُلٍّ كَمَلًا وَكَذَا الْأَمَانُ وَالْقَوَدُ وَوِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ الْعَامِّ عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّتَبُّعُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحَصْرِ
ــ
[رد المحتار]
يَنْصِبُ خَصْمًا عَنْ بَقِيَّتِهِمْ فَلَا يُحْبَسُ لَهُمْ ط (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَجِيءُ) لَمْ أَرَهُ فِي فَصْلِ الْحَبْسِ مِنْ كِتَابِ الْقُضَاةِ وَلَا فِي كِتَابِ الْحَجْرِ فَلَعَلَّهُ ذَكَرَهُ فِي غَيْرِهِمَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَقَالُوا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْإِفْلَاسِ بِغَيْبَةِ الْمُدَّعِي) هَذَا تَأْيِيدٌ لِقَبُولِهَا فِي وَجْهِ أَحَدِ الْغُرَمَاءِ لَا بَيَانٌ لِمَوْضِعٍ آخَرَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا مَحَلَّ لِذِكْرِهِ هُنَا لِعَدَمِ انْتِصَابِ أَحَدٍ عَنْ أَحَدٍ فِيهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُتَسَاوِينَ) كَذَا خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَبَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَجُمْلَةُ يَثْبُتُ إلَخْ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ يَعْنِي أَنَّ رِضَا بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ الْمُتَسَاوِينَ بِنِكَاحِ غَيْرِ الْكُفْءِ قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ كَرِضَا الْكُلِّ لِأَنَّ حَقَّ الِاعْتِرَاضِ ثَبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَمَلًا.
وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَمَّا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَلِيِّ. اهـ. ح أَيْ أَنَّ تَزْوِيجَهَا نَفْسَهَا لِغَيْرِ كُفْءٍ بَاطِلٌ إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ لَمْ يَرْضَ بِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَلَا يُفِيدُ رِضًا بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلِيٌّ فَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ، ثُمَّ حَيْثُ ثَبَتَ الْحَقُّ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَمَلًا فَإِذَا رَضِيَ أَحَدُهُمْ فَكَأَنَّهُ قَامَ مَقَامَ غَيْرِهِ فِي الرِّضَا حَتَّى لَا يَثْبُتَ لِغَيْرِهِ حَقُّ الِاعْتِرَاضِ وَلَوْ قَالَ يَثْبُتُ الِاعْتِرَاضُ وَكَذَا الْإِنْكَاحُ فِي الصَّغِيرِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْأَمَانُ) يَعْنِي أَمَانَ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِحَرْبِيٍّ كَأَمَانِ جَمِيعِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السِّيَرِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَالْقَوَدُ) يَعْنِي إذَا عَفَا وَاحِدٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ سَقَطَ الْقَوَدُ كَمَا إذَا عَفَا جَمِيعُهُمْ. اهـ. ح.
قُلْت: وَكَذَا اسْتِيفَاءُ الْقَوَدِ فَسَيَأْتِي فِي الْجِنَايَاتِ أَنَّ لِلْكِبَارِ الْقَوَدَ قَبْلَ الصِّغَارِ خِلَافًا لَهُمَا وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَتَجَزَّأُ إذَا وُجِدَ سَبَبُهُ كَامِلًا، يَثْبُتُ لِكُلٍّ عَلَى الْكَمَالِ كَوِلَايَةِ إنْكَاحٍ، وَأَمَانٍ إلَّا إذَا كَانَ الْكَبِيرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ فَلَا يَمْلِكُ الْقَوَدَ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ إجْمَاعًا زَيْلَعِيٌّ وَذَلِكَ كَابْنٍ لِلْمُتَوَفَّى صَغِيرٍ وَامْرَأَتِهِ وَهِيَ غَيْرُ أُمِّ الصَّغِيرِ اهـ ط (قَوْلُهُ: وَوِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ إلَخْ) قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ بَابِ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ مِنْ نَحْوِ الْكَنِيفِ وَالْمِيزَابِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْخُصُومَةِ وَلَوْ ذِمِّيًّا مَنْعُهُ ابْتِدَاءً وَمُطَالَبَتُهُ بِنَقْضِهِ وَرَفْعِهِ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْبِنَاءِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ أَوْ لَا إذَا بَنَى لِنَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُطَالِبِ مِثْلُهُ اهـ فَقَوْلُهُ بِإِزَالَةِ الضَّرَرِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَقُومُ أَحَدُ مَنْ لَهُ الْخُصُومَةُ بِالْمُطَالَبَةِ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّ. اهـ. ط (قَوْلُهُ: وَالتَّتَبُّعُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْحَصْرِ) يَعْنِي أَنَّهُ زَادَ مَا ذَكَرَ وَلَمْ يَحْصُرْ الْمَوَاضِعَ بِعَدَدٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ التَّتَبُّعُ لِلزِّيَادَةِ عَلَيْهَا خِلَافًا لِمَا فَعَلَهُ فِي الْأَشْبَاهِ، وَقَدْ زَادَ الْبِيرِيُّ مَسْأَلَةً وَهِيَ قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: لَوْ قَالَ سَالِمٌ وَبُزَيْغٌ وَمَيْمُونٌ أَحْرَارٌ وَأَقَامَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ جَاءَ غَيْرُهُ لَا يُعِيدُ الْبَيِّنَةَ لِأَنَّهُ إعْتَاقٌ وَاحِدٌ. اهـ.
قُلْت: وَيُزَادُ أَيْضًا مَا فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَرْهَنَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَهُ، وَفُلَانًا الْغَائِبَ قِنًّا بِكَذَا يَقْضِي عَلَى الْحَاضِرِ بِنِصْفِ ثَمَنِهِ، لَا عَلَى الْغَائِبِ إلَّا أَنْ يَحْضُرَ وَيُعِيدَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَدْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا عَلَى الْآخَرِ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ وَيَقْضِي عَلَيْهِمَا فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْغَائِبِ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَى غَائِبٍ، وَلَا لَهُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا: أَنْ يَكُونَ مَا يُدَّعَى عَلَى الْغَائِبِ سَبَبًا لِمَا يُدَّعَى عَلَى الْحَاضِرِ كَمَا إذَا بَرْهَنَ
ثُمَّ إنَّمَا يَنْتَصِبُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ لَوْ فِي دَعْوَى دَيْنٍ لَا عَيْنٍ مَا لَمْ تَكُنْ بِيَدِهِ فَلْيُحْفَظْ (يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ) أَيْ إذَا كَانَ وَقْفٌ بَيْنَ جَمَاعَةٍ وَوَاقِفُهُ وَاحِدٌ فَلَوْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَوْ وَكِيلُهُ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ وَكِيلِهِ (وَقِيلَ لَا) يَنْتَصِبُ فَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ إلَّا بِقَدْرِ مَا فِي يَدِ الْحَاضِرِينَ (وَهَذَا) أَيْ انْتِصَابُ بَعْضِهِمْ (إذَا كَانَ الْأَصْلُ ثَابِتًا وَإِلَّا فَلَا) يَنْتَصِبُ أَحَدُ الْمُسْتَحِقِّينَ خَصْمًا وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ
(اشْتَرَى الْمُتَوَلِّي بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا) لِلْوَقْفِ
ــ
[رد المحتار]
عَلَى ذِي الْيَدِ أَنَّهُ اشْتَرَى الدَّارَ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ فَحَكَمَ عَلَى الْحَاضِرِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمًا عَلَى الْغَائِبِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَأَنْكَرَ لَمْ يُعْتَبَرْ قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ وَلَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ ذَكَرَ مِنْهَا فِي الْمُجْتَبَى تِسْعًا وَعِشْرِينَ. مَطْلَبٌ فِي انْتِصَابِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّمَا يَنْتَصِبُ إلَخْ) قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: ادَّعَى بَيْتًا إرْثًا لِنَفْسِهِ وَلِإِخْوَتِهِ الْغُيَّبِ وَسَمَّاهُمْ وَقَالَ الشُّهُودُ: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُمْ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ فِي ثُبُوتِ الْبَيْتِ لِلْمَيِّتِ إذْ أَحَدُ الْوَرَثَةِ خَصْمٌ عَنْ الْمَيِّتِ فِيمَا يُسْتَحَقُّ لَهُ، وَعَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنًا بِحَضْرَةِ أَحَدِهِمْ يَثْبُتُ فِي حَقِّ الْكُلِّ. وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ لِلْمَيِّتِ وَبَرْهَنَ ثَبَتَ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْفَعُ إلَى الْحَاضِرِ إلَّا نَصِيبَهُ يَعْنِي فِي الْبَيْتِ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ ثُمَّ قَالَا يُؤْخَذُ نَصِيبُ الْغَائِبِ وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُؤْخَذُ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ ذَا الْيَدِ لَوْ مُقِرًّا لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ نَصِيبُ الْغَائِبِ هَذَا فِي الْعَقَارِ أَمَّا فِي النَّقْلِيِّ فَعِنْدَهُمَا يُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ، وَعِنْدَهُ قِيلَ كَذَلِكَ وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ كَمَا لَوْ كَانَ مُقِرًّا وَلَوْ مَاتَ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ فَغَابَ اثْنَانِ، وَبَقِيَ ابْنٌ وَالدَّارُ فِي يَدِهِ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ، فَادَّعَى رَجُلٌ كُلَّهَا مِلْكًا مُرْسَلًا أَوْ الشِّرَاءَ مِنْ أَبِيهِمْ يُحْكَمُ لَهُ بِالْكُلِّ وَلَوْ بَرْهَنَ عَلَى أَحَدِهِمْ أَنَّ الْمَيِّتَ غَصَبَ شَيْئًا وَبَعْضُهُ بِيَدِ الْحَاضِرِ وَبَعْضُهُ بِيَدِ وَكِيلِ الْغَائِبِ قَضَى عَلَى الْحَاضِرِ بِدَفْعِ مَا بِيَدِهِ دُونَ وَكِيلِ الْغَائِبِ.
فَالْحَاصِلُ: أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ خَصْمٌ عَنْ الْمَيِّتِ فِي عَيْنٍ هُوَ فِي يَدِ هَذَا الْوَارِثِ لَا فِيمَا لَيْسَ بِيَدِهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا مِنْ التَّرِكَةِ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ لَا يُسْمَعُ، وَفِي دَعْوَى الدَّيْنِ يَنْتَصِبُ أَحَدُهُمْ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ الرَّابِعِ. مَطْلَبٌ بَعْضُ الْمُسْتَحِقِّينَ يَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ
(قَوْلُهُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَكَذَا بَعْضُ النُّظَّارِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمُحِيطِ وَالْقُنْيَةِ وَقْفٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ فِي يَدِ الْحَيِّ، وَأَوْلَادِ الْمَيِّتِ فَبَرْهَنَ الْحَيُّ عَلَى أَحَدِهِمْ أَنَّ الْوَاقِفَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَالْبَاقِي غُيَّبٌ وَالْوَاقِفُ وَاحِدٌ يُقْبَلُ وَيَنْتَصِبُ خَصْمًا عَنْ الْبَاقِينَ، وَلَوْ بَرْهَنَ الْأَوْلَادُ أَنَّ الْوَقْفَ مُطْلَقٌ عَلَيْنَا وَعَلَيْك فَبَيِّنَةُ الْأَوَّلِ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَهَذَا إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا، وَمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ الدَّعْوَى لِأَنَّ ذَاكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَقْفُ ثَابِتًا وَأَرَادَ إثْبَاتَ أَنَّهُ وَقْفٌ وَمَرَّ تَقْرِيرُهُ.
مَطْلَبٌ اشْتَرَى بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا لِلْوَقْفِ يَجُوزُ بَيْعُهَا
(قَوْلُهُ: اشْتَرَى بِمَالِ الْوَقْفِ) أَيْ بِغَلَّةِ الْوَقْفِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْخَانِيَّةِ وَهُوَ أَوْلَى احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ اشْتَرَى بِبَدَلِ الْوَقْفِ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ وَقْفًا كَالْأَوَّلِ عَلَى شُرُوطِهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا كَمَا مَرَّ فِي بَحْثِ الِاسْتِبْدَالِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ بِمَا إذَا لَمْ يَحْتَجْ الْوَقْفُ إلَى الْعِمَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَيْسَ لَهُ الشِّرَاءُ كَمَا لَيْسَ لَهُ الصَّرْفُ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا مَرَّ وَفِي الْبَحْرِ