الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَطْلَبٌ فِي إقَالَةِ الْمُتَوَلِّي عَقْدَ الْإِجَارَةِ]
وَلَوْ آجَرَ لِابْنِهِ لَمْ يَجُزْ خِلَافًا لَهُمَا كَعَبْدِهِ اتِّفَاقًا هَذَا لَوْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ فَلَوْ الْقَاضِيَ صَحَّ وَكَذَا الْوَصِيُّ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ. وَقَفَ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الشَّافِعِيُّ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ وَيَدْخُلُ الْحَنَفِيُّ كَانَ فِي طَلَبِهِ أَوْ لَا بَزَّازِيَّةٌ: أَيْ لِكَوْنِهِ يَعْمَلُ بِالْمُرْسَلِ وَيُقَدِّمُ خَبَرَ الْوَاحِدِ عَلَى الْقِيَاسِ، وَجَازَ عَلَى حَفْرِ الْقُبُورِ وَالْأَكْفَانِ لَا عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَالْعُمْيَانِ فِي الْأَصَحِّ.
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ لَوْ آجَرَ الْمُتَوَلِّي لِابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ آجَرَ لِابْنِهِ) أَيْ الْكَبِيرِ إذْ الصَّغِيرُ تَبَعٌ لَهُ شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ بَاعَ الْقَيِّمُ مَالَ الْوَقْفِ أَوْ آجَرَ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ لَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ وَقِيلَ الْوَصِيُّ كَمُضَارِبٍ، وَفِيهِ الْمُتَوَلِّي إذَا آجَرَ دَارَ الْوَقْفِ مِنْ ابْنِهِ الْبَالِغِ أَوْ أَبِيهِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ كَبَيْعِ الْوَصِيِّ لَوْ بِمِثْلِ قِيمَتِهِ، صَحَّ عِنْدَهُمَا، وَلَوْ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ صَحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا مُتَوَلٍّ آجَرَ مِنْ نَفْسِهِ لَوْ خَيِّرًا صَحَّ، وَإِلَّا لَا وَمَعْنَى الْخَيِّرِ مَرَّ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ مِنْ نَفْسِهِ، وَبِهِ يُفْتَى اهـ وَاَلَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ فِي شِرَاءِ مَالِ الصَّغِيرِ جَازَ لِلْوَصِيِّ ذَلِكَ لَوْ خَيِّرًا وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَأْخُذَ بَخَمْسَةَ عَشَرَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً أَوْ يَبِيعُ مِنْهُ بِعَشَرَةٍ مَا يُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ وَبِهِ يُفْتَى. اهـ. (قَوْلُهُ: كَعَبْدِهِ اتِّفَاقًا) وَكَذَا لَوْ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ: هَذَا لَوْ بَاشَرَ بِنَفْسِهِ) أَمَّا لَوْ ذَهَبَ إلَى الْقَاضِي فَآجَرَهُ صَحَّ شَرْحُ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْخَانِيَّةِ.
قُلْت: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ إلَى الْوَاقِفِ، ثُمَّ لِوَصِيِّهِ ثُمَّ لِلْقَاضِي مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ مَعَ وُجُودِ الْمُتَوَلِّي وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ النِّزَاعِ عِنْدَ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمُتَوَلِّي بِنَفْسِهِ، وَهُنَا لَا يَصِحُّ وَقَدَّمْنَا عِنْدَ الْكَلَامِ، عَلَى قَطْعِ الْجِهَاتِ لِلتَّعْمِيرِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَوْ عَمِلَ كَالْفَاعِلِ وَالْبَنَّاءِ، فَلَهُ قَدْرُ أُجْرَتِهِ لَوْ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا يَصْلُحُ مُؤَجِّرًا وَمُسْتَأْجَرًا وَهَذِهِ الْعِلَّةُ جَارِيَةٌ هُنَا وَقَدَّمْنَا أَيْضًا أَوَّلَ الْفَصْلِ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفَ أَنْ لَا تُؤْجَرَ الْأَرْضُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ، وَكَانَتْ إجَارَتُهَا أَكْثَرَ أَنْفَعُ لِلْفُقَرَاءِ فَلَيْسَ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُؤْجِرَهَا أَكْثَرَ بَلْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ لِلْقَاضِي لِيُؤْجِرَهَا لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ النَّظَرِ لِلْفُقَرَاءِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَصِيُّ) أَيْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ بِخِلَافِ وَصِيِّ الْقَاضِي؛ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَلَا شِرَاؤُهُ مَالَ الْيَتِيمِ وَلَوْ خَيْرًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَالْإِجَارَةُ بَيْعُ الْمَنَافِعِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَكِيلِ) فَإِنَّهُ لَا يَعْقِدُ مَعَ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ لَهُ لِلتُّهْمَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ إذَا أَطْلَقَ لَهُ الْمُوَكِّلُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: أَيْ لِكَوْنِهِ يَعْمَلُ بِالْمُرْسَلِ) هُوَ مَنْ سَقَطَ مِنْهُ الصَّحَابِيُّ ط وَهَذَا التَّعْلِيلُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ بِقَوْلِهِ: وَفِي حِفْظِي تَعْلِيلُهُ بِكَوْنِهِ إلَخْ، وَلَكِنِّي لَمْ أَظْفَرْ بِهِ الْآنَ. اهـ.
قُلْت: وَوَجْهُهُ أَنَّهُ عَمِلَ بِكُلِّ الْأَحَادِيثِ حَيْثُ لَمْ يَتْرُكْ الْعَمَلَ بِهَذَيْنِ، فَصَارَ أَحَقَّ بِإِطْلَاقِ هَذَا اللَّفْظِ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ أَمَّا إذَا تُعُورِفَ إطْلَاقُهُ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ هَذَا الْعِلْمُ حَتَّى اُشْتُهِرَ بِهِ، وَصَارَ يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ تَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى عُرْفِ الْوَاقِفِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ الْمِنْقَارِ (قَوْلُهُ: وَجَازَ عَلَى حَفْرِ الْقُبُورِ وَالْأَكْفَانِ) هُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتَاوَى، وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ أَنَّ الصِّحَّةَ أَظْهَرُ. مَطْلَبٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَالْعُمْيَانِ
(قَوْلُهُ: لَا عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَالْعُمْيَانِ فِي الْأَصَحِّ) فَإِنَّهُ وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ قَالَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ عَنْ الْخُلَاصَةِ، بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ، وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ عَلِيٌّ السَّعْدِيُّ الرِّوَايَةُ مِنْ وَقْفِ الْخَصَّافِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الصُّوفِيَّةِ وَالْعُمْيَانِ، فَرَجَعُوا إلَى جَوَابِهِ. اهـ.
وَلَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَاسْتَوَيَا اشْتَرَكَا بِهِ أَفْتَى بِهِ الْمُنْلَا أَبُو السُّعُودِ مُعَلِّلًا بِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَنْتَظِمُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ شَرَطَهُ لِأَفْضَلِ أَوْلَادِهِ فَاسْتَوَيَا فَلِأَسَنِّهِمْ وَلَوْ أَحَدُهُمَا أَوْرَعَ وَالْآخَرُ أَعْلَمَ بِأُمُورِ الْوَقْفِ فَهُوَ أَوْلَى إذَا أُمِنَ خِيَانَتُهُ انْتَهَى جَوْهَرَةٌ وَكَذَا لَوْ شَرَطَ لِأَرْشَدِهِمْ كَمَا فِي نَفْعِ الْوَسَائِلِ
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: لَكِنْ فِي الْإِسْعَافِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ إذَا ذُكِرَ مَصْرِفٌ فِيهِمْ تَنْصِيصٌ عَلَى الْحَاجَةِ، فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِنْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَغْنِيَاءُ وَالْفُقَرَاءُ، فَإِنْ يُحْصَوْا صَحَّ وَإِلَّا بَطَلَ إلَّا إنْ كَانَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْحَاجَةِ عُرْفًا كَالْيَتَامَى فَالْوَقْفُ عَلَيْهِمْ صَحِيحٌ، وَيُصْرَفُ لِفُقَرَائِهِمْ فَإِذًا الضَّابِطُ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْوَقْفِ عَلَى الزَّمْنَى وَالْعُمْيَانِ، وَقُرَّاءِ الْقُرْآنِ وَالْفُقَهَاءِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَيُصْرَفُ لِفُقَرَائِهِمْ لِإِشْعَارِ الْأَسْمَاءِ بِالْحَاجَةِ اسْتِعْمَالًا لِأَنَّ الْعَمَى، وَالِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ يَقْطَعُ عَنْ الْكَسْبِ، فَيَغْلِبُ فِيهِمْ الْفَقْرُ وَهُوَ أَصَحُّ مِمَّا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْبَاطِلِ أَنَّهُ بَاطِلٌ عَلَى هَؤُلَاءِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ عَلَى الصُّوفِيَّةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْفَقْرَ فِيهِمْ أَغْلَبُ مِنْ الْعُمْيَانِ بَلْ اصْطِلَاحُهُمْ تَسْمِيَتُهُمْ بِالْفُقَرَاءِ وَهَذَا إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْإِمَامِ أَبِي الْيُسْرِ أَنَّ الصُّوفِيَّةَ أَنْوَاعٌ، فَمِنْهُمْ قَوْمٌ يَضْرِبُونَ بِالْمَزَامِيرِ، وَيَشْرَبُونَ الْخُمُورَ إلَى أَنْ قَالَ فِيهِمْ إذَا كَانُوا بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، كَيْفَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ اهـ فَأَفَادَ: أَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَكُونُ قُرْبَةً، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْهُمْ إذَا عَيَّنَهُمْ الْوَاقِفُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ لَكِنَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَظْهَرُ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّوفِيَّةِ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ فِي الْعَادَةِ مَنْ كَانُوا عَلَى طَرِيقَةٍ مَرْضِيَّةٍ أَمَّا غَيْرُهُمْ، فَلَيْسُوا مِنْهُمْ حَقِيقَةً وَإِنْ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِهَذَا الِاسْمِ فَإِذَا أُطْلِقَ الِاسْمُ لَا يَدْخُلُونَ فِيهِ، فَيَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ ذَلِكَ الِاسْمِ حَقِيقَةً، وَحِينَئِذٍ تَكُونُ عِلَّةُ الصِّحَّةِ مَا مَرَّ مِنْ غَلَبَةِ وَصْفِ الْفَقْرِ عَلَيْهِمْ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ
(قَوْلُهُ وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْإِسْعَافِ إلَخْ) تَخْصِيصٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ أَبُو السُّعُودِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَوْلَى) أَيْ الْأَعْلَمُ بِأُمُورِ الْوَقْفِ أَوْلَى، وَمِثْلُهُ لَوْ اسْتَوَيَا فِي الدِّيَانَةِ وَالسَّدَادِ وَالْفَضْلِ وَالرَّشَادِ فَالْأَعْلَمُ بِأَمْرِ الْوَقْفِ أَوْلَى بَحْرٌ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ. مَطْلَبٌ فِي شَرْطِ التَّوْلِيَةِ لِلْأَرْشَدِ فَالْأَرْشَدِ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ لِأَرْشَدِهِمْ) فَيُقَدَّمُ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِيهِ الْأَسَنُّ، وَلَوْ أُنْثَى كَمَا فِي الْإِسْعَافِ وَالْأَعْلَمُ بِأُمُورِ الْوَقْفِ، وَأَفْتَى فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة بِتَقْدِيمِ الرَّجُلِ عَلَى الْأُنْثَى وَالْعَالِمِ عَلَى الْجَاهِلِ: أَيْ بَعْدَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْفَضِيلَةِ وَالرُّشْدِ، قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرُّشْدَ صَلَاحُ الْمَالِ، وَهُوَ حُسْنُ التَّصَرُّفِ وَفِيهِ عَنْ الْإِسْعَافِ، وَلَوْ قَالَ الْأَفْضَلُ فَالْأَفْضَلُ فَأَبَى الْأَفْضَلُ الْقَبُولَ، أَوْ مَاتَ يَكُونُ لِمَنْ يَلِيهِ عَلَى التَّرْتِيبِ ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ وَقَالَ هِلَالٌ: الْقِيَاسُ أَنْ يُدْخِلَ الْقَاضِي بَدَلَهُ رَجُلًا مَا دَامَ حَيًّا، فَإِنْ مَاتَ صَارَتْ الْوِلَايَةُ لِمَنْ يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ، وَلَوْ كَانَ الْأَفْضَلُ غَيْرَ مَوْضِعٍ أَقَامَ رَجُلًا مَقَامَهُ، وَإِذَا مَاتَ تَنْتَقِلُ لِمَنْ يَلِيهِ فِيهِ، وَإِذَا صَارَ أَهْلًا بَعْدَهُ تُرَدُّ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَهْلٌ أَقَامَ الْقَاضِي أَجْنَبِيًّا إلَى أَنْ يَصِيرَ فِيهِمْ أَهْلٌ، وَلَوْ صَارَ الْمَفْضُولُ مِنْهُمْ أَفْضَلَ مِمَّنْ كَانَ أَفْضَلَهُمْ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَيْهِ فَيُنْظَرُ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَى أَفْضَلِهِمْ كَالْوَقْفِ عَلَى الْأَفْقَرِ فَالْأَفْقَرِ اهـ مُلَخَّصًا. مَطْلَبٌ إذَا صَارَ غَيْرُ الْأَرْشَدِ أَرْشَدَ
قُلْت: وَبِهِ عُلِمَ عَدَمُ صِحَّةِ مَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ أَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ أَحَدُهُمْ أَرْشَدِيَّتَهُ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ آخَرَ أَنَّهُ صَارَ أَرْشَدَ وَاسْتَنَدَ لِمَا فِي حَاوِي السُّيُوطِيّ أَنَّ الْعِبْرَةَ لِمَنْ فِيهِ هَذَا الْوَصْفُ فِي الِابْتِدَاءِ، لَا فِي الْأَثْنَاءِ، وَبَيَّنْت الْجَوَابَ عَنْهُ
وَلَوْ ضَمَّ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ ثِقَةً أَيْ نَاظِرَ حِسْبَةٍ هَلْ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالتَّصَرُّفِ لَمْ أَرَهُ وَأَفْتَى الشَّيْخُ الْأَخُ أَنَّهُ إنْ ضَمَّ إلَيْهِ الْخِيَانَةَ لَمْ يَسْتَقِلَّ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ وَهُوَ حَسَنٌ نَهْرٌ وَفِي فَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ مَعْزِيًّا لِلْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَيْسَ لِلْمُشْرِفِ التَّصَرُّفُ بَلْ الْحِفْظُ
ــ
[رد المحتار]
فِي تَنْقِيحِهَا وَذَكَرْتُ فِيهِ تَفْصِيلًا أَخْذًا مِنْ الْقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِيَّةِ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى آخَرُ الْأَرْشَدِيَّةَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا لِلْأَوَّلِ، وَتَعَارَضَتْ الْبَيِّنَتَانِ اشْتَرَكَا فِي التَّوْلِيَةِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ يَنْتَظِمُ الْوَاحِدَ وَالْأَكْثَرَ وَلِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى تَرْجِيحِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى قَبْلَ الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ وَقَصُرَ الزَّمَنُ لَا تُسْمَعُ الثَّانِيَةُ لِتَرَجُّحِ الْأُولَى بِالْحُكْمِ بِهَا فَتَلْغُو الثَّانِيَةُ، وَأَمَّا إذَا طَالَ بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرَ الثَّانِي أَرْشَدَ فَكَذَلِكَ إلَّا إذَا شَهِدَتْ الثَّانِيَةُ بِأَنَّ صَاحِبَهَا صَارَ الْآنَ أَرْشَدَ مِنْ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ اهـ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي فَتَاوَى الشَّيْخِ قَاسِمٍ حَيْثُ قَالَ: إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِالْأَرْشَدِيَّةِ لِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْرِيحِهَا بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ تَجَدَّدَ، وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْأَرْشَدِيَّةِ تَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ الْأَوْلَادُ وَأَوْلَادُ الْأَوْلَادِ مَعْلُومِينَ مَحْصُورِينَ، لِيَكُونَ الْمَشْهُودُ لَهُ أَرْشَدَ مِنْ غَيْرِهِمْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ضَمَّ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ ثِقَةً) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ: لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُ النَّاظِرِ بِمُجَرَّدِ شِكَايَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ، أَنَّهُ يَضُمُّهُ إلَيْهِ إذَا طَعَنَ فِي أَمَانَتِهِ بِدُونِ إثْبَاتِ خِيَانَةٍ وَإِلَّا عَزَلَهُ وَتَقَدَّمَ تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ) قَدْ يُقَالُ إنَّهُ إذَا ضَمَّهُ إلَيْهِ لِلطَّعْنِ فِي أَمَانَتِهِ وَكَانَ لِلْأَصِيلِ الِاسْتِقْلَالُ بِالتَّصَرُّفِ لَمْ يَبْقَ فَائِدَةٌ لِضَمِّهِ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ فِيمَا إذَا ضَمَّهُ إلَيْهِ إعَانَةً لَهُ لَا لِطَعْنٍ وَلَا لِخِيَانَةٍ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْمُشْرِفِ التَّصَرُّفُ
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْمُشْرِفِ التَّصَرُّفُ) بَلْ لَهُ الْحِفْظُ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الْوَقْفِ مُفَوَّضٌ إلَى الْمُتَوَلِّي خَانِيَّةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِفْظِ حِفْظُ مَالِ الْوَقْفِ عِنْدَهُ لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْعُرْفِ فِي مَعْنَى الْمُشْرِفِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تُعُورِفَ تَصَرُّفُهُ مَعَ الْمُتَوَلِّي اُعْتُبِرَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْحِفْظِ مُشَارَفَتُهُ لِلْمُتَوَلِّي عِنْدَ التَّصَرُّفِ لِئَلَّا يَفْعَلَ مَا يَضُرُّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرُوهُ فِي مُشْرِفِ الْوَصِيِّ، فَفِي الْخَانِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ الْفَضْلِيُّ يَكُونُ الْوَصِيُّ أَوْلَى بِإِمْسَاكِ الْمَالِ، وَلَا يَكُونُ الْمُشْرِفُ وَصِيًّا وَأَثَرُ كَوْنِهِ مُشْرِفًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَصَرُّفُ الْوَصِيِّ إلَّا بِعِلْمِهِ وَفِي أَدَبِ الْأَوْصِيَاءِ عَنْ فَتَاوَى الْخَاصِّيِّ، وَبِقَوْلِ الْفَضْلِيِّ يُفْتَى، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَقِي مِنْ الْوَصِيَّةِ وَمَسَائِلُهُ تُنْزَعُ مِنْهَا، وَعَنْ هَذَا أَفْتَى فِي الْحَامِدِيَّةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي التَّصَرُّفُ فِي أُمُورِ الْوَقْفِ، بِدُونِ إذْنِ الْمُشْرِفِ وَاطِّلَاعِهِ. مَطْلَبٌ الْقَيِّمُ وَالْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ
وَفِي الْخَيْرِيَّةِ إنْ كَانَ النَّاظِرُ بِمَعْنَى الْمُشْرِفِ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِعِلْمِ الْمُشْرِفِ وَفِيهَا سُئِلَ فِي وَقْفٍ لَهُ نَاظِرٌ وَمُتَوَلٍّ هَلْ لِأَحَدِهِمَا التَّصَرُّفُ بِلَا عِلْمِ الْآخَرِ أَجَابَ لَا يَجُوزُ وَالْقَيِّمُ وَالْمُتَوَلِّي وَالنَّاظِرُ فِي كَلَامِهِمْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. اهـ.
قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ الْإِفْرَادِ أَمَّا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ مُتَوَلِّيًا وَنَاظِرًا عَلَيْهِ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا، فَيُرَادُ بِالنَّاظِرِ الْمُشْرِفُ وَعَنْ هَذَا أَجَبْتُ فِي حَادِثَةٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي الْإِيجَارُ، بِلَا عِلْمِ النَّاظِرِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْفَتَاوَى الرَّحِيمِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ آجَرَ الْمُتَوَلِّي إجَارَةً شَرْعِيَّةً بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا يَمْلِكُ النَّاظِرُ مُعَارَضَتَهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُشْرِفِ تَأَمَّلْ. وَأَفْتَى فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّة بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلنَّاظِرِ مُعَارَضَةُ الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ نِظَارَتَهُ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ. اهـ.
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَوْ نَصَبَهُ الْقَاضِي نَاظِرًا عَلَى الْمُتَوَلِّي لِثُبُوتِ خِيَانَتِهِ لَمْ يَسْتَقِلَّ الْمُتَوَلِّي بِالصَّرْفِ كَمَا مَرَّ
لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى الْوَقْفِ لِلْعِمَارَةِ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي
مَاتَ الْمُتَوَلِّي وَالْجُبَاةُ يَدَّعُونَ تَسْلِيمَ الْغَلَّةِ إلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمْ صُدِّقُوا بِيَمِينِهِمْ؛ لِإِنْكَارِهِمْ الضَّمَانَ. لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَقْفِ إذَا كَانَ مُسَجَّلًا، وَلَكِنْ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الْمَشْرُوطِ كَالْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ وَالْمُعَلِّمِ وَإِنْ كَانُوا أَصْلَحَ اهـ جَوْهَرَةٌ.
ــ
[رد المحتار]
عَنْ النَّهْرِ، بَلْ مِثْلُهُ مَا لَوْ نَصَبَهُ عَلَيْهِ لِلطَّعْنِ فِي أَمَانَتِهِ كَمَا بَحَثْنَاهُ آنِفًا تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَسْتَدِينَ إلَخْ) مُكَرَّرٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُسَجَّلًا) مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ إنَّ الْوَقْفَ لَا يَلْزَمُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَالتَّسْجِيلِ، وَمَرَّ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ قَوْلُهُمَا. مَطْلَبٌ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الشُّرُوطِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانُوا أَصْلَحَ) الَّذِي رَأَيْته فِي فَتَاوَى مُؤَيَّدِ زَادَهْ إذَا لَمْ يَكُونُوا أَصْلَحَ أَوْ فِي أَمْرِهِمْ تَهَاوُنٌ فَيَجُوزُ لِلْوَاقِفِ؟ الرُّجُوعُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ اهـ وَهَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى. ثُمَّ قَالَ بِحَذْفِ فِي ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْخُلَاصَةِ: لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَقْفِ إذَا كَانَ مُسَجَّلًا، وَلَكِنْ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَتَغْيِيرُهُ وَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا كَالْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ وَالْمُعَلِّمِ إنْ لَمْ يَكُونُوا أَصْلَحَ أَوْ تَهَاوَنُوا فِي أَمْرِهِمْ، فَيَجُوزُ لِلْوَاقِفِ مُخَالَفَةُ الشَّرْطِ اهـ.
قَالَ ط: أَقُولُ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ إنْ لَمْ يَكُونُوا أَصْلَحَ لَيْسَ مِنْ الرُّجُوعِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُخَالَفَةٌ لِلشَّرْطِ لِكَوْنِهَا أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ بِنَصْبِ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَصْلُحُ، فَهُوَ كَمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُنْزَعَ مِنْ الْوِلَايَةِ فَخَانَ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ وَلَا يُعْتَبَرُ هَذَا الشَّرْطُ وَيُوَلَّى غَيْرُهُ، وَكَمَا إذَا شَرَطَ أَنْ لَا يُؤْجِرَ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَلَا رَغْبَةَ فِيمَا عَيَّنَهُ فَإِنَّهُ يُخَالَفُ، وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُفْرِدَ هَذَا بِفَرْعٍ مُسْتَقِلٍّ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي جَمِيعِ الشُّرُوطِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ.
قُلْت: وَقَدْ أَجَادَ فِيمَا أَفَادَ، أَعْطَاهُ مَوْلَاهُ غَايَةَ الْمُرَادِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ أَوْ الْمُؤَذِّنُ أَوْ الْمُعَلِّمُ شَخْصًا مُعَيَّنًا يَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ لَوْ كَانَ مُتَهَاوِنًا فِي مُبَاشَرَةِ وَظِيفَتِهِ أَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَصْلَحَ، فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَغْيِيرٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ: أَيْ تَغْيِيرُ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ بِغَيْرِهِ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِعَةِ إلَى الْمُسْلِمِينَ، فَهُوَ نَظِيرُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ الْبَانِي أَوْلَى بِنَصْبِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ فِي الْمُخْتَارِ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْقَوْمُ أَصْلَحَ مِمَّنْ عَيَّنَهُ، وَبِهِ ظَهَرَ الْجَوَابُ عَمَّا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَشْبَاهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ أَرَ حُكْمَ عَزْلِهِ لِمُدَرِّسٍ وَإِمَامٍ وَلَا هُمَا، وَهُوَ أَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمَصْلَحَةِ إذَا كَانَا مَشْرُوطَيْنِ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ فَبِدُونِهِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْوَاقِفِ الرُّجُوعُ عَنْ شُرُوطِ الْوَقْفِ كَمَا فَهِمَهُ الشَّارِحُ، حَتَّى تَكَلَّفَ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى لِلْجَوَابِ عَمَّا قَدَّمَهُ عَنْ الدُّرَرِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ اتَّحَدَ الْوَاقِفُ وَالْجِهَةُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إعْطَاءُ الْغَلَّةِ لِغَيْرِ مَنْ عَيَّنَهُ لِخُرُوجِ الْوَقْفِ عَنْ مِلْكِهِ بِالتَّسْجِيلِ. اهـ.
فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الرُّجُوعِ عَنْ الشُّرُوطِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا فِي الْمُؤَيِّدِيَّةِ عَلَى مَا عَلِمْتَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ إنَّ التَّوْلِيَةَ خَارِجَةٌ عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الشُّرُوطِ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا التَّغْيِيرَ كُلَّمَا بَدَا لَهُ، وَأَمَّا بَاقِي الشَّرَائِطِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ اهـ وَفِي الْإِسْعَافِ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ إلَّا مَا شُرِطَ وَقْتَ الْعَقْدِ. اهـ. وَفِيهِ: لَوْ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنْ يَزِيدَ وَظِيفَةَ مَنْ يَرَى زِيَادَتَهُ أَوْ يَنْقُصَ مِنْ وَظِيفَةِ مَنْ يَرَى نُقْصَانَهُ أَوْ يُدْخِلَ مَعَهُمْ مَنْ يَرَى إدْخَالَهُ أَوْ يُخْرِجَ مَنْ يَرَى إخْرَاجَهُ جَازَ، ثُمَّ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُغَيِّرَهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ وَقَعَ عَلَى فِعْلٍ يَرَاهُ، فَإِذَا رَآهُ وَأَمْضَاهُ فَقَدْ انْتَهَى مَا رَآهُ اهـ وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ قَاسِمٍ: وَمَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ مُعْتَبَرٍ فِي الْوَقْفِ فَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ تَغْيِيرُهُ وَلَا تَخْصِيصُهُ بَعْدَ
وَفِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى: شَرَطَ لِنَفْسِهِ مَا دَامَ حَيًّا، ثُمَّ لِوَلَدِهِ فُلَانٍ مَا عَاشَ، ثُمَّ بَعْدَهُ لِلْأَعَفِّ الْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَالْهَاءُ تَنْصَرِفُ لِلِابْنِ لَا لِلْوَاقِفِ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ تَنْصَرِفُ لِأَقْرَبِ الْمُكْنِيَّاتِ بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ وَكَذَلِكَ مَسَائِلُ ثَلَاثٌ: وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِ فَالْهَاءُ لِعَمْرٍو فَقَطْ، وَقَفْتُ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ، فَالذُّكُورِ رَاجِعٌ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فَحَسْبُ،
ــ
[رد المحتار]
تَقَرُّرِهِ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ الْحُكْمِ. اهـ. فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الشُّرُوطِ لَا يَصِحُّ إلَّا التَّوْلِيَةَ مَا لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَلَهُ تَغْيِيرُ الْمَشْرُوطِ مَرَّةً وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّمَا بَدَا لَهُ وَإِلَّا إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ اقْتَضَتْهُ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ الْكِنَايَةَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ بِهَا الضَّمِيرُ وَتَسْمِيَةُ الضَّمِيرِ كِنَايَةً اصْطِلَاحُ الْكُوفِيِّينَ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ: لِأَقْرَبِ الْمُكَنَّيَاتِ) أَيْ لِأَقْرَبِ الْمَذْكُورَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ كِنَايَةً عَنْهَا. مَطْلَبٌ فِي أَنَّ الْأَصْلَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ
(قَوْلُهُ: بِمُقْتَضَى الْوَضْعِ) أَيْ الْأَصْلِ وَهُوَ عَوْدُ الضَّمِيرِ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ إلَيْهِ. قُلْت: وَهَذَا الْأَصْلُ عِنْدَ الْخُلُوِّ عَنْ الْقَرَائِنِ. مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي الذُّكُورِ
وَلِذَا قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ: سُئِلَ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ حَسَنٍ وَعَلَى مَنْ يَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ الْإِنَاثِ وَأَوْلَادِهِنَّ. ثُمَّ حَدَثَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ ثُمَّ مَاتَ حَسَنٌ الْمَذْكُورُ فَهَلْ الضَّمِيرُ فِي يَحْدُثُ لَهُ رَاجِعٌ إلَى حَسَنٍ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ أَمْ إلَى الْوَاقِفِ فَيَدْخُلُ مُحَمَّدٌ فَأَجَابَ مُفْتِي الْحَنَفِيَّةِ بِمِصْرَ مَوْلَانَا الشَّيْخُ حَسَنٌ الشُّرُنْبُلَالِيُّ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْوَاقِفِ ثُمَّ قَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ إنَّ هَذَا مِمَّا لَا يَشُكُّ ذُو فَهْمٍ فِيهِ إذْ هُوَ الْأَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْوَاقِفِ مَعَ صَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُ. مَطْلَبٌ إذَا كَانَ لِلَّفْظِ مُحْتَمَلَانِ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا بِغَرَضِ الْوَاقِفِ
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلَّفْظِ مُحْتَمَلَانِ تَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا بِالْغَرَضِ، وَإِذَا أَرْجَعْنَا الضَّمِيرَ إلَى حَسَنٍ لَزِمَ حِرْمَانُ وَلَدِ الْوَاقِفِ لِصُلْبِهِ وَاسْتِحْقَاقُ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَفِيهِ غَايَةُ الْبُعْدِ، وَلَا تَمَسُّكَ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَحْظُورِ، وَهَذَا لِغَايَةِ ظُهُورِهِ غَنِيٌّ عَنْ الِاسْتِدْلَالِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ مَسَائِلُ ثَلَاثٌ) أَيْ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَقْرَبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ضَمِيرٌ، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ لَا ضَمِيرَ فِيهِمَا ط (قَوْلُهُ: فَالْهَاءُ لِعَمْرٍو فَقَطْ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُ نَسْلُ زَيْدٍ زَادَ الْإِمَامُ الْخَصَّافُ: فَإِنْ قَالَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِهِمَا، فَالْغَلَّةُ لِعَبْدِ اللَّهِ وَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَنَسْلِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو دُونَ نَسْلِ عَبْدِ اللَّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالذُّكُورُ رَاجِعٌ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فَحَسْبُ) أَيْ فَقَطْ: أَيْ لِلْمُضَافِ الْمَعْطُوفِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَدُونَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ، فَقَوْلُهُ عَلَى وَلَدِي بَقِيَ شَامِلًا لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ صُلْبِهِ، وَقَوْلُهُ وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ يَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ: أَيْ بِالْمُضَافِ فَقَطْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ. وَلَا يُقَالُ الْمُضَافُ إلَيْهِ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَصْلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمُضَافِ؛ كَمَا إذَا قُلْت جَاءَ غُلَامُ زَيْدٍ وَأَكْرَمْته: أَيْ الْغُلَامَ لِأَنَّهُ الْمُحَدَّثُ عَنْهُ وَالْمُضَافُ إلَيْهِ ذُكِرَ مُعَرِّفًا لِلْمُضَافِ غَيْرَ مَقْصُودٍ بِالْحُكْمِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ فَحَسْبُ احْتِرَازًا عَنْ رُجُوعِهِ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ، فَلَا يُنَافِي رُجُوعَهُ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَهَذَا
وَعَكْسُهُ وَقَفْتُ عَلَى بَنِي زَيْدٍ وَعَمْرٍو لَمْ يَدْخُلْ بَنُو عَمْرٍو لِأَنَّهُ أَقْرَبُ، إلَى زَيْدٍ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. قُلْت: وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْوَصْفَ بَعْدَ مُتَعَاطِفَيْنِ لِلْأَخِيرِ عِنْدَنَا.
ــ
[رد المحتار]
وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ فَحَوَى الْعِبَارَةِ لَكِنَّهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ هِلَالٌ بِقَوْلِهِ قُلْت أَرَأَيْت إنْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الذُّكُورِ، قَالَ: فَهِيَ لِمَنْ كَانَ ذَكَرًا مِنْ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ، قَالَ الذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ قَالَ نَعَمْ اهـ فَقَدْ جَعَلَهُ قَيْدًا لِلْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ. وَنَصُّهُ: وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي الْإِنَاثِ يَكُونُ لِلْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِهِ دُونَ ذُكُورِهِمْ وَالْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَهُنَّ فِيهِمَا سَوَاءٌ اهـ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْخَصَّافِ أَيْضًا، لَكِنْ يَأْتِي أَنَّ الْوَصْفَ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَلِيهِ عِنْدَنَا، وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِلِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فِي عِبَارَةِ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، وَمُقْتَضِي كَلَامِ الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ فَقَطْ، وَتَمَامُ تَحْرِيرِ الْمَقَامِ فِي كِتَابِنَا تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ فَرَاجِعْهُ. مَطْلَبٌ إذَا تَقَدَّمَ الْقَيْدُ يَكُونُ لِمَا قَبْلَ الْعَاطِفِ
(قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ وَقَفْتُ إلَخْ) عَكْسُ مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ أُرِيدَ بِهَا لَفْظُهَا خَبَرٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ عَكْسُ مَا قَبْلَهُ فِي كَوْنِ الْقَيْدِ فِيهِ مُتَقَدِّمًا فَيَكُونُ لِمَا قَبْلَ الْعَاطِفِ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّ الْقَيْدَ فِيهِ مُتَأَخِّرٌ فَيَكُونُ لِمَا بَعْدَ الْعَاطِفِ، فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ وَفِي قَوْلِهِ فَيُصْرَفُ عَائِدٌ لِلْقَيْدِ وَهُوَ لَفْظُ بَنِي لَا لِعَمْرٍو كَمَا وَهَمَ، وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ الْوَصْفَ يَعُودُ إلَى مَا يَلِيهِ سَوَاءٌ تَأَخَّرَ أَوْ تَقَدَّمَ، فَإِذَا قَالَ عَلَى فُقَرَاءِ أَوْلَادِي وَجِيرَانِي يَنْصَرِفُ إلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى ذُكُورِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِنَاثُ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ، يُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْأَصْلَ الْعَطْفُ عَلَى الْمُضَافِ، وَلَمْ أَرَ مَا لَوْ تَوَسَّطَ الْوَصْفُ مِثْلُ عَلَى أَوْلَادِي الذُّكُورِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، وَالظَّاهِرُ انْصِرَافُهُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ، فَيَخُصُّ الذُّكُورَ لِصُلْبِهِ وَيَعُمُّ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ مِنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ وَأَوْلَادِهِمْ يَخُصُّ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ إلَيْهِمْ. وَفِي الْإِسْعَافِ: لَوْ قَالَ عَلَى الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِي وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ فَهِيَ لِلذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ وَلِوَلَدِ الذُّكُورِ: إنَاثًا كَانُوا أَوْ ذُكُورًا دُونَ بَنَاتِ الصُّلْبِ، فَلَا تُعْطَى الْبِنْتُ الصُّلْبِيَّةُ وَتُعْطَى بِنْتُ أُخْتِهَا. وَلَوْ قَالَ عَلَى ذُكُورِ وَلَدِي وَذُكُورِ وَلَدِ وَلَدَى يَكُونُ لِلذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ وَلِلذُّكُورِ مِنْ وَلَدِ وَلَدِهِ، وَيَكُونُ الذُّكُورُ مِنْ وَلَدِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فِيهِ سَوَاءً وَلَا يَدْخُلُ أُنْثَى مِنْ وَلَدِهِ وَلَا وَلَدِ وَلَدِهِ وَلَوْ قَالَ عَلَى وَلَدِي وَعَلَى أَوْلَادِ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِي يَكُونُ عَلَى وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَعَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ مِنْ وَلَدِ الذُّكُورِ مِنْ وَلَدِهِ وَلَا يَدْخُلُ بَنَاتُ الصُّلْبِ. اهـ. (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ) رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْكِنَايَةَ تَنْصَرِفُ لِلْوَاقِفِ لَا لِابْنِهِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمِنَحِ قُبَيْلَ هَذَا الْفَصْلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي بَاقِي الْمَسَائِلِ كَذَلِكَ. مَطْلَبٌ الْوَصْفُ بَعْدَ جُمَلٍ يَرْجِعُ إلَى الْأَخِيرِ عِنْدَنَا
(قَوْلُهُ: قُلْت وَقَدَّمْنَا) أَيْ فِي هَذَا الْفَصْلِ حَيْثُ قَالَ: الْوَصْفُ بَعْدَ الْجُمَلِ يَرْجِعُ إلَى الْأَخِيرِ عِنْدَنَا إلَخْ وَيَأْتِي قَرِيبًا، وَهَذَا تَأْيِيدٌ لِقَوْلِهِ فَالذُّكُورُ رَاجِعٌ لِوَلَدِ الْوَلَدِ فَحَسْبُ، لَكِنْ عَلِمْت مُخَالَفَتَهُ لِكَلَامِ هِلَالٍ وَالْإِسْعَافِ (قَوْلُهُ: عِنْدَنَا)
وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: مِنْ بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ: وَقَوْلُهُمْ يَنْصَرِفُ الشَّرْطُ إلَيْهِمَا وَهُوَ الْأَصْلُ قُلْنَا ذَلِكَ فِي الشَّرْطِ الْمُصَرَّحِ بِهِ وَالِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَأَمَّا فِي الصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ فَتُصْرَفُ إلَى مَا يَلِيهِ، نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو الْعَالِمُ إلَى آخِرِهِ فَلْيُحْفَظْ وَفِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ قَالَ:
وَالْوَصْفُ بَعْدَ جُمَلٍ إذَا أَتَى
…
يَرْجِعُ لِلْجَمِيعِ فِيمَا ثَبَتَا
عِنْدَ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا
…
إنْ كَانَ ذَا الْعَطْفُ بِوَاوٍ أَمَّا
-
ــ
[رد المحتار]
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِلْجَمِيعِ إنْ لَمْ يُعْطَفْ بِثُمَّ كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: مِنْ بَابِ الْمُحَرَّمَاتِ) أَيْ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصْلُ) أَيْ انْصِرَافُ الشَّرْطِ إلَى الْمُتَعَاطِفَيْنِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ (قَوْلُهُ: فِي الشَّرْطِ الْمُصَرَّحِ بِهِ) مِثْلُ فُلَانَةُ طَالِقٌ وَفُلَانَةُ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ فَيَكُونُ دُخُولُ الدَّارِ شَرْطًا لِطَلَاقِهِمَا لَا لِلْمَعْطُوفِ فَقَطْ. اهـ. ط (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّهُ شَرْطٌ حَقِيقَةً وَإِنْ سُمِّيَ اسْتِثْنَاءً عُرْفًا. وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ بِإِلَّا فَفِي التَّلْوِيحِ: إذَا وَرَدَ الِاسْتِثْنَاءُ عَقِيبَ جُمَلٍ مَعْطُوفٍ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ بِالْوَاوِ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ رَدِّهِ إلَى الْجَمِيعِ وَالْأَخِيرِ خَاصَّةً، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الظُّهُورِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ. فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْعَوْدِ إلَى الْجَمِيعِ. وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى التَّوَقُّفِ وَبَعْضُهُمْ إلَى التَّفْصِيلِ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي الْعَوْدِ إلَى الْأَخِيرَةِ اهـ وَالْمُرَادُ بِالتَّفْصِيلِ هُوَ أَنَّهُ إنْ اسْتَقَلَّتْ الثَّانِيَةُ عَنْ الْأُولَى بِالْإِضْرَابِ عَنْهَا فَلِلْأَخِيرَةِ وَإِلَّا فَلِلْجَمِيعِ.
وَاحْتَرَزَ بِالْجُمَلِ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ عَقِيبَ مُفْرَدَاتٍ فَإِنَّهُ لِلْكُلِّ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ مِثَالُ الْأَوَّلِ: وَقَفْتُ دَارِي عَلَى أَوْلَادِي وَوَقَفْتُ بُسْتَانِي عَلَى إخْوَتِي إلَّا إذَا خَرَجُوا، وَمِثَالُ الثَّانِي: وَقَفَتْ دَارِي عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ إلَّا إذَا خَرَجُوا (قَوْلُهُ: فَتُصْرَفُ إلَى مَا يَلِيهِ) أَيْ إلَى مَا يَلِي الْعَاطِفَ وَهُوَ الْمَعْطُوفُ الْمُتَأَخِّرُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ مِنْ صَرْفِهَا لِلْجَمِيعِ كَمَا فِي تَحْرِيرِ ابْنِ الْهُمَامِ (قَوْلُهُ: نَحْوُ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو الْعَالِمُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَصْفَ هُنَا لَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِلْجَمِيعِ وَإِنْ أَمْكَنَ لِلْأَوَّلِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ مَحَلِّ الْخِلَافِ، فَالْمُنَاسِبُ تَمْثِيلُ ابْنِ الْهُمَامِ بِقَوْلِهِ كَتَمِيمٍ وَقُرَيْشٍ الطِّوَالِ فَعَلُوا، فَإِنَّ الطِّوَالَ جَمْعُ طَوِيلٍ يُمْكِنُ صَرْفُهُ لِلْمُتَعَاطِفَيْنِ وَلِلْأَخِيرِ فَقَطْ، وَالثَّانِي مَذْهَبُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا عَلِمْت، وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَرْحِهِ: الصِّفَةُ كَالِاسْتِثْنَاءِ فِي الْعَوْدِ إلَى كُلِّ الْمُتَعَدِّدِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ تَقَدَّمَتْ، نَحْوُ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ الْمُحْتَاجِينَ وَوَقَفْت عَلَى مُحْتَاجِي أَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ، فَيَعُودُ الْوَصْفُ فِي الْأَوَّلِ إلَى الْأَوْلَادِ مَعَ أَوْلَادِهِمْ. وَفِي الثَّانِي إلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مَعَ الْأَوْلَادِ، وَقِيلَ لَا. أَمَّا الْمُتَوَسِّطَةُ نَحْوُ: وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي الْمُحْتَاجِينَ وَأَوْلَادِهِمْ فَالْمُخْتَارُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ تَعُودُ إلَى مَا وَلِيَهَا أَيْضًا اهـ. مَطْلَبٌ الشَّرْطُ وَالِاسْتِثْنَاءُ يَرْجِعُ إلَى الْكُلِّ اتِّفَاقًا لَا الْوَصْفُ فَإِنَّهُ لِلْأَخِيرِ عِنْدَنَا [تَنْبِيهٌ]
حَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَالْوَصْفِ يَعُودُ إلَى الْمُتَعَاطِفَيْنِ جَمِيعًا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَكَذَا عِنْدَنَا إلَّا الْوَصْفَ فَإِلَى الْأَخِيرِ فَقَطْ، لَكِنْ عَلِمْت مُخَالِفَتَهُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ هِلَالٍ وَغَيْرِهِ. مَطْلَبٌ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ
وَقَدْ سُئِلَ الْمُصَنِّفُ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَعَدَدَهُمْ عَلَى الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَلَيْسَ لِلْإِنَاثِ حَقٌّ إلَّا إذَا كُنَّ عَازِبَاتٍ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَنَسْلِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَهَلْ هَذَا الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ أَوْ لِلْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ الْمَعْطُوفَةِ بِثُمَّ وَمَا بَعْدَهَا لِطُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَيْسَ لِلْإِنَاثِ حَقٌّ إلَخْ
إنْ كَانَ ذَا عَطْفًا بِثُمَّ وَقَعَا
…
إلَى الْأَخِيرِ بِاتِّفَاقٍ رَجَعَا
وَلَوْ عَلَى الْبَنِينَ وَقْفًا يَجْعَلُ
…
فَإِنَّ فِي ذَاكَ الْبَنَاتُ تَدْخُلُ
وَوَلَدُ الِابْنِ كَذَاكَ الْبِنْتُ
…
يَدْخُلُ فِي ذُرِّيَّةٍ بِثَبْتِ
لَوْ وَقَفَ الْوَقْفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ
…
مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ فَبِالسَّوِيَّةِ
يُقْسَمُ بَيْنَ مَنْ عَلَا وَالْأَسْفَلِ
…
مِنْ غَيْرِ تَفْضِيلٍ لِبَعْضٍ فَانْقُلْ
وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ فِي كُلِّ سَنَهْ
…
وَيُقْسَمُ الْبَاقِي عَلَى مَنْ عَيَّنَهْ
وَلَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى
…
أَوْلَادِ أَوْلَادٍ لَهُ قَدْ جَعَلَا
وَقْفًا فَقَالُوا لَيْسَ فِي ذَا يَدْخُلُ
…
أَوْلَادُ بِنْتِهِ عَلَى مَا يُنْقَلُ
بَنِيَّ أَوْلَادِي كَذَا أَقَارِبِي
…
وَإِخْوَتِي وَلَفْظَ آبَائِي احْسِبْ
ــ
[رد المحتار]
أَجَابَ: صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنَّ كَذَا مِنْ قَبِيلِ الشَّرْطِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى اللُّزُومِ، وَوُجُودُ الْجَزَاءِ يُلَازِمُهُ وُجُودُ الشَّرْطِ كَمَا قَالَ تَعَالَى - {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ} [الممتحنة: 12]- أَيْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ وَبِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا تَعَقَّبَ جُمَلًا يَرْجِعُ إلَى الْكُلِّ، بِخِلَافِ الصِّفَةِ وَالِاسْتِثْنَاءِ فَإِلَى الْأَخِيرِ عِنْدَنَا، وَلَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَالْعَطْفِ بِثُمَّ، وَعَلَى هَذَا فَيَعُودُ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ لِوَلَدِهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِغَرَضِ الْوَاقِفِينَ اهـ مُلَخَّصًا. وَظَاهِرُهُ أَنَّ طُولَ الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ لَا يَضُرُّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ ذَا الْعَطْفِ بِوَاوٍ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي فَتَاوَاهُ: وَقَدْ أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ الْعَطْفَ وَلَمْ يُقَيِّدُوهُ بِأَدَاةٍ، وَمِمَّنْ حَكَى الْإِطْلَاقَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالشَّيْخَانِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَجَعَلَ ثُمَّ كَالْوَاوِ كَالْمُتَوَلِّي حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ، وَمَثَّلَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْمَسْأَلَةَ بِثُمَّ ثُمَّ قَيَّدَهَا بِطَرِيقِ الْبَحْثِ بِمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ بِالْوَاوِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ: إلَى الْأَخِيرِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجَعَا الَّذِي هُوَ جَوَابُ أَمَّا. مَطْلَبٌ فِي تَحْرِيرِ الْكَلَامِ عَلَى دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْبَنِينَ وَقْفًا يَجْعَلُ إلَخْ) يَعْنِي لَوْ قَالَ عَلَى بَنِيَّ وَلَهُ بَنُونَ وَبَنَاتٌ يَدْخُلُ فِيهِ الْبَنَاتُ لِأَنَّ الْبَنَاتِ إذَا جُمِعْنَ مَعَ الْبَنِينَ ذُكِرْنَ بِلَفْظِ التَّذْكِيرِ وَلَوْ لَهُ بَنَاتٌ فَقَطْ، أَوْ قَالَ عَلَى بَنَاتِي وَلَهُ بَنُونَ لَا غَيْرُ فَالْغَلَّةُ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ، وَتَمَامُهُ فِي الْإِسْعَافِ، وَهَذَا الْبَيْتُ يُغْنِي عَنْهُ الْبَيْتَانِ الْأَخِيرَانِ (قَوْلُهُ: وَوَلَدُ الِابْنِ كَذَاكَ الْبِنْتُ) أَيْ كَذَاكَ وَلَدُ الْبِنْتِ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَبْقَى الْمُضَافَ إلَيْهِ عَلَى جَرِّهِ. اهـ. ح أَيْ لَوْ وَقَفَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ يَدْخُلُ فِيهِ أَوْلَادُ الْبَنِينَ وَأَوْلَادُ الْبَنَاتِ (قَوْلُهُ: لَوْ وَقَفَ الْوَقْفَ عَلَى الذُّرِّيَّةِ) أَيْ لَوْ قَالَ عَلَى ذُرِّيَّةِ زَيْدٍ أَوْ قَالَ عَلَى نَسْلِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُهُ وَوَلَدُ وَلَدِهِ، وَوَلَدُ الْبَنِينَ وَوَلَدُ الْبَنَاتِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ خَصَّافٌ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يُرَتِّبْ بَيْنَ الْبُطُونِ تُقْسَمُ الْغَلَّةُ يَوْمَ تَجِيءُ عَلَى عَدَدِهِمْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ مِنْ وَلَدِهِ لِصُلْبِهِ وَالْأَسْفَلِ دَرَجَةً بِالسَّوِيَّةِ بِلَا تَفْضِيلٍ، ثُمَّ كُلَّمَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَقَطَ سَهْمُهُ، وَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَتُقْسَمُ بَيْنَ مَنْ يَكُونُ مَوْجُودًا يَوْمَ تَأْتِي الْغَلَّةُ، أَمَّا لَوْ رَتَّبَ، بِأَنْ قَالَ يُقَدَّمُ الْبَطْنُ الْأَعْلَى عَلَى الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَصَّافِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ دُخُولِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي الْأَوْلَادِ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي بِلَفْظِ الْجَمْعِ أَوْ بِلَفْظِ اسْمِ الْجِنْسِ كَوَلَدِي، وَسَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ كَمَا مَثَّلْنَا أَوْ ذَكَرَ الْبَطْنَ الثَّانِي مُضَافًا إلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ الْمُضَافِ إلَى ضَمِيرِ الْوَاقِفِ كَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي، أَوْ الْعَائِدِ عَلَى الْأَوْلَادِ كَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِهِمْ عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ. وَقَالَ الْخَصَّافُ: يَدْخُلُونَ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ. وَقَالَ عَلِيٌّ الرَّازِيّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
إنْ ذَكَرَ الْبَطْنَ الثَّانِيَ بِلَفْظِ اسْمِ الْجِنْسِ الْمُضَافِ إلَى ضَمِيرِ الْوَاقِفِ كَوَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي لَا يَدْخُلُونَ، وَإِنْ بِلَفْظِ الْجَمْعِ الْمُضَافِ إلَى ضَمِيرِ الْأَوْلَادِ كَأَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ دَخَلُوا. وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: لَا يَدْخُلُونَ فِي الْبَطْنِ الْأَوَّلِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْبَطْنِ الثَّانِي. وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الدُّخُولُ لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ اسْمٌ لِمَنْ وَلَدُهُ وَلَدُهُ وَابْنَتُهُ وَلَدُهُ، فَمَنْ وَلَدَتْهُ بِنْتُهُ يَكُونُ وَلَدَ وَلَدِهِ حَقِيقَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَلَى وَلَدِي فَإِنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ لَا يَدْخُلُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ اسْمَ الْوَلَدِ يَتَنَاوَلُ وَلَدَهُ لِصُلْبِهِ، وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ وَلَدَ الِابْنِ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ عُرْفًا، وَهُوَ اخْتِيَارٌ لِقَوْلِ هِلَالٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ مُسْتَنِدًا لِكَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ. وَفِي الْإِسْعَافِ أَنَّهُ الصَّحِيحُ وَجَزَمَ بِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ نُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ وَتِلْمِيذُهُ الشَّلَبِيُّ وَابْنُ الشِّحْنَةِ وَابْنُ نُجَيْمٍ وَالْحَانُوتِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَكَذَا الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي مَوْضِعٍ مِنْ فَتَاوَاهُ، وَخَالَفَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَتَمَامُ تَحْرِيرِ ذَلِكَ وَتَرْجِيحُ مَا جَنَحَ إلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي كِتَابِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ، وَقَدَّمْنَا فِي الْجِهَادِ بَعْضَ ذَلِكَ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي فَتَاوَى الْكَازَرُونِيِّ جَوَابًا مُطَوَّلًا لِلْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الْمَقْدِسِيَّ، مُلَخَّصُهُ أَنَّ الْمُحَقِّقَ ابْنَ الْهُمَامِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَوْ ضَمَّ إلَى الْوَلَدِ وَلَدَ الْوَلَدِ فَقَالَ عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي اشْتَرَكَ الصُّلْبِيُّونَ وَأَوْلَادُ بَنِيهِ وَأَوْلَادُ بَنَاتِهِ، كَذَا اخْتَارَهُ هِلَالٌ وَالْخَصَّافُ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَأَنْكَرَ الْخَصَّافُ رِوَايَةَ حِرْمَانِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ وَقَالَ لَمْ أَجِدْ مَنْ يَقُولُ بِرِوَايَةِ ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَإِنَّمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِوَلَدِ زَيْدٍ فَإِنْ وُجِدَ لَهُ وَلَدٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ لِصُلْبِهِ يَوْمَ مَوْتِ الْمُوصِي كَانَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لِصُلْبِهِ بَلْ وَلَدُ وَلَدٍ مِنْ أَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ كَانَ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ دُونَ أَوْلَادِ الْإِنَاثِ، فَكَأَنَّهُمْ قَاسُوهُ عَلَى ذَلِكَ. وَفَرَّقَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بَيْنَهُمَا بِالْفَرْقِ الْمَشْهُورِ الْمَذْكُورِ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَيْ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ، فَهَذَا ابْنُ الْهُمَامِ الْمَعْرُوفُ بِالتَّحْقِيقِ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ قَدْ اعْتَمَدَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْعِظَامِ أَمَّا هِلَالٌ فَإِنَّهُ تِلْمِيذُ أَبِي يُوسُفَ. وَأَمَّا الْخَصَّافُ فَقَدْ شَهِدَ لَهُ بِالْفَضْلِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ فَقَالَ: إنَّ الْخَصَّافَ إمَامٌ كَبِيرٌ فِي الْعُلُومِ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَقَدْ اقْتَدَى بِهِ أَئِمَّةُ الشَّافِعِيَّةِ. وَأَمَّا قَاضِي خَانْ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ فَمَا فِي الطَّبَقَاتِ يُغْنِي عَنْ التَّطْوِيلِ، وَإِذَا كَانَ مِثْلُ الْإِمَامِ الْخَصَّافِ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَقُولُ بِرِوَايَةِ حِرْمَانِ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِي صُورَةِ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي يَعْلَمُ أَنَّ الصُّورَةَ الَّتِي بِلَفْظِ الْجَمْعِ لَيْسَ فِيهَا اخْتِلَافُ رِوَايَةٍ قَطْعًا بَلْ دُخُولُ أَوْلَادِ الْبَنَاتِ فِيهَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. فَعَنْ هَذَا قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا السُّرِّيُّ ابْنُ الشِّحْنَةِ: يَنْبَغِي أَنْ تُصَحَّحَ رِوَايَةُ الدُّخُولِ قَطْعًا لِأَنَّ فِيهَا نَصُّ مُحَمَّدٍ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَالْمُرَادُ بِهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ، وَقَدْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ فِي هَذَا الزَّمَانِ لَا يَفْهَمُونَ سِوَى ذَلِكَ وَلَا يَقْصِدُونَ غَيْرَهُ، وَعَلَيْهِ عَمَلُهُمْ وَعُرْفُهُمْ مَعَ كَوْنِهِ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ. وَقَدْ وَقَعَ لِشَيْخِ مَشَايِخِنَا الصَّدْرِ الْأَجَلِّ الْمَوْلَى ابْنِ كَمَالٍ بَاشَا مِثْلُ مَا وَقَعَ مِنْ ابْنِ الْهُمَامِ مِنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ الْعِظَامِ.
قَالَ: وَيَقْطَعُ عِرْقَ شُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ فِي صُورَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادِي مَا نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ أَنَّ أَوْلَادَ الْبَنَاتِ يَدْخُلُونَ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا الرِّوَايَتَانِ فِيمَا إذَا قَالَ آمِنُونِي عَلَى أَوْلَادِي. اهـ. وَبِهَذَا الْبَيَانِ اتَّضَحَ أَنَّ مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ كَالتَّجْنِيسِ وَالْوَاقِعَاتِ وَالْمُحِيطِ الرَّضَوِيِّ مِنْ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَبِيلِ نَقْلِ الْخِلَافِ فِي إحْدَى الصُّورَتَيْنِ قِيَاسًا عَلَى الْأُخْرَى مَعَ قِيَامِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَمَا ذَكَرُوهُ فِي التَّعْلِيلِ مِنْ أَنَّ وَلَدَ الْبِنْتِ يُنْسَبُ لِأَبِيهِ لَا يُسَاعِدُهُمْ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُنْسَبُ إلَى الْأُمِّ لُغَةً وَشَرْعًا فَلَا وَجْهَ لَهُ، إذْ لَا شُبْهَةَ فِي صِحَّةِ قَوْلِ الْوَاقِفِ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِ بَنَاتِي، وَإِنْ أُرِيدَ لَا يُنْسَبُ إلَيْهَا عُرْفًا فَلَا يُجْدِي نَفْعًا فِي عَدَمِ دُخُولِ وَلَدِ الْبِنْتِ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ لِمَا عُرِفَ أَنَّ دُخُولَهُ فِيهَا بِحُكْمِ الْعِبَارَةِ لَا بِحُكْمِ الْعُرْفِ، وَالدُّخُولُ بِحُكْمِ الْعُرْفِ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَتَيْ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُمَا وَلَدِي
يَشْتَرِكُ الْإِنَاثُ وَالذُّكُورُ
…
فِيهِ وَذَاكَ وَاضِحٌ مَسْطُورُ
وَمِمَّا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى ذُرِّيَّتِهِ مُرَتَّبًا وَجَعَلَ مِنْ شَرْطِهِ أَنَّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَلَهُ وَلَدٌ قَامَ مَقَامَهُ لَوْ بَقِيَ حَيًّا فَهَلْ لَهُ حَظُّ أَبِيهِ لَوْ كَانَ حَيًّا وَيُشَارِكُ الطَّبَقَةَ الْأُولَى أَوْ لَا؟
ــ
[رد المحتار]
وَأَوْلَادِي، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِمَا. وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ الشِّحْنَةِ أَنَّ الْعُرْفَ مُوَافِقٌ لِلْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ وَالتَّعْوِيلُ عَلَيْهِ. اهـ. وَقَدْ أَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ بِمِثْلِ مَا قَالَهُ الْمَقْدِسِيَّ (قَوْلُهُ: يَشْتَرِكُ الْإِنَاثُ وَالذُّكُورُ) أَيْ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ تَغْلِيبًا لِلْمُذَكَّرِ عَلَى الْمُؤَنَّثِ
مَطْلَبٌ فِي مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ الْوَاقِعَةِ فِي الْأَشْبَاهِ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَالدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا يَكْثُرُ وُقُوعُهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَقَعَ فِيهَا اخْتِلَافٌ وَاشْتِبَاهٌ وَلَا سِيَّمَا عَلَى صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ. وَلَمَّا رَأَيْت الْأَمْرَ كَذَلِكَ جَمَعْت فِيهَا حِينَ وُصُولِي إلَى هَذَا الْمَحَلِّ رِسَالَةً سَمَّيْتهَا الْأَقْوَالُ الْوَاضِحَةُ الْجَلِيَّةُ فِي مَسْأَلَةِ نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَمَسْأَلَةِ الدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ وَكُنْت ذَكَرْت شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ وَأَوْضَحْت فِيهِ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِمَا تَقَرُّ بِهِ الْعَيْنُ، فَمَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ فَلْيَرْجِعْ إلَى هَذَيْنِ التَّأْلِيفَيْنِ: فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَدْعِي كَلَامًا طَوِيلًا، وَلْنَذْكُرْ لَك خُلَاصَةَ ذَلِكَ بِاخْتِصَارٍ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا مُرَتِّبًا بَيْنَ الْبُطُونِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ أَوْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ لِشَيْءٍ وَلَهُ وَلَدٌ قَامَ وَلَدُهُ مَقَامَهُ وَاسْتَحَقَّ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّ لَوْ بَقِيَ حَيًّا فَمَاتَ الْوَاقِفُ أَوْ غَيْرُهُ عَنْ عَشَرَةِ أَوْلَادٍ مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ وَلَدٍ يُعْطَى سَهْمُهُ لِوَلَدِهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ، فَلَوْ مَاتَ بَعْدَهُ آخَرُ عَنْ وَلَدٍ وَعَنْ وَلَدِ وَلَدٍ مَاتَ وَالِدُهُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فَهَلْ يُعْطَى هَذَا الْوَلَدُ مَعَ عَمِّهِ حِصَّةَ جَدِّهِ لِأَنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَ دَرَجَتَهُ دَرَجَةَ أَبِيهِ وَهِيَ دَرَجَتُهُ الْجَعْلِيَّةُ فَيُشَارِكُ أَهْلَ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَهِيَ دَرَجَةُ عَمِّهِ أَوْ لَا يُعْطَى لَهُ شَيْئًا أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِعَدَمِ الْمُشَارَكَةِ، وَخَصَّ الْعَمَّ بِحِصَّةِ أَبِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ لَا يُسَمَّى مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَلَا مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ كُلُّ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدِهِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، فَكُلَّمَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْعَشَرَةِ يُعْطَى سَهْمُهُ لِوَلَدِهِ دُونَ وَلَدِ وَلَدِهِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ إلَى أَنْ يَمُوتَ الْعَاشِرُ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فَإِذَا مَاتَ هَذَا الْعَاشِرُ عَنْ وَلَدِهِ لَا يُعْطَى نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ بَلْ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ وَيُقْسَمُ عَلَى الْبَطْنِ الثَّانِي قِسْمَةً مُسْتَأْنَفَةً، وَيَبْطُلُ قَوْلُ الْوَاقِفِ مَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدِهِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، وَيُرْجَعُ إلَى الْعَمَلِ بِقَوْلِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ حَيْثُ رَتَّبَ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ وَبَعْدَ ذَلِكَ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْبَطْنِ الثَّانِي عَنْ وَلَدِهِ فَنَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَمُوتَ آخِرُ هَذِهِ الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ فَتَبْطُلُ الْقِسْمَةُ وَتُسْتَأْنَفُ قِسْمَةٌ أُخْرَى عَلَى الطَّبَقَةِ الثَّالِثَةِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ الطَّبَقَاتِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْخَصَّافُ وَغَيْرُهُ، لَكِنَّ السُّبْكِيَّ قَسَمَ عَلَى الْمَوْتَى مِنْ كُلِّ طَبَقَةٍ عِنْدَ اسْتِئْنَافِ الْقِسْمَةِ وَأَعْطَى حِصَّةَ كُلِّ مَيِّتٍ لِأَوْلَادِهِ وَأَمَّا الْخَصَّافُ فَقَسَمَ عَلَى عَدَدِ أَهْلِ الطَّبَقَةِ الَّتِي تُسْتَأْنَفُ الْقِسْمَةُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى أُصُولِهِمْ، فَهَذَا خُلَاصَةُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَخَالَفَهُ الْجَلَالُ السُّيُوطِيّ فَاخْتَارَ أَنَّ وَلَدَ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ يَقُومُ مَقَامَ وَالِدِهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ وَيَسْتَحِقُّ مَنْ جَدِّهِ مَعَ أَعْمَامِهِ وَأَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ أَعْمَامِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ اسْتَحَقَّ مَعَهُمْ أَيْضًا لِأَنَّ عَدَمَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ مَمْنُوعٌ، بَلْ صَرِيحٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
قَوْلِ الْوَاقِفِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ أَنَّهُ مِنْهُمْ؛ فَأَهْلُ الْوَقْفِ يَشْمَلُ الْمُسْتَحِقَّ وَمَنْ كَانَ بِصَدَدِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَأَنَّهُ إذَا مَاتَ آخِرُ مَنْ فِي الطَّبَقَةِ عَنْ وَلَدٍ يُعْطَى سَهْمُهُ لِوَلَدِهِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ خَالَفَهُ فِي شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ أَوْلَادَ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ لَا يُحْرَمُونَ مَعَ بَقَاءِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى، بَلْ يَسْتَحِقُّونَ مَعَهُمْ عَمَلًا بِاشْتِرَاطِ الدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ. ثَانِيهمَا أَنَّهُ إذَا انْقَرَضَتْ الطَّبَقَةُ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ إعْطَائِهِ سَهْمَ آخِرِ مَنْ مَاتَ مِنْ الطَّبَقَةِ لِوَلَدِهِ، فَقَوْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ أَنَّهُ وَافَقَ السُّبْكِيَّ عَلَى نَقْضِ الْقِسْمَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ. ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ قَالَ: إنَّ مُخَالَفَتَهُ لِلسُّبْكِيِّ فِي أَوْلَادِ الْمُتَوَفَّى فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَاجِبَةٌ. وَأَمَّا نَقْضُ الْقِسْمَةِ بَعْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ فَقَدْ أَفْتَى بِهِ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْعَصْرِ وَعَزَوْهُ لِلْخَصَّافِ وَلَمْ يَتَنَبَّهُوا لِلْفَرْقِ بَيْنَ صُورَتَيْ الْخَصَّافِ وَالسُّبْكِيِّ، فَإِنَّ صُورَةَ السُّبْكِيّ ذَكَرَ فِيهَا الْعَطْفَ بِكَلِمَةٍ ثُمَّ بَيَّنَ الطَّبَقَاتِ، وَصُورَةُ الْخَصَّافِ قَالَ فِيهَا وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَنَسْلِهِمْ مُرَتِّبًا: أَيْ قَائِلًا عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى ثُمَّ بِاَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ بِاَلَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ، فَصَدْرُ مَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ اقْتَضَى اشْتِرَاكَ الْبَطْنِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ، وَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ يُبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى إخْرَاجٌ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَصَدْرُ مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ اقْتَضَى عَدَمَ الِاشْتِرَاكِ لِلْعَطْفِ بِثُمَّ لَا بِالْوَاوِ فَنَقْضُ الْقِسْمَةِ خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ الْخَصَّافِ دُونَ مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِكَلَامِ الْخَصَّافِ عَلَى مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ عَبَّرَ بِالْوَاوِ بَيْنَ الطَّبَقَاتِ مُرَتِّبًا بَعْدَهُ، بِأَنْ يُبْدَأَ بِالْبَطْنِ الْأَعْلَى تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ عِنْدَ انْقِرَاضِ كُلِّ بَطْنٍ كَمَا قَالَهُ الْخَصَّافُ وَإِنْ عَبَّرَ بِثُمَّ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ، بَلْ كُلَّمَا مَاتَ أَحَدٌ عَنْ وَلَدٍ يُعْطَى سَهْمُهُ لِوَلَدِهِ فِي جَمِيعِ الْبُطُونِ. هَذَا خُلَاصَةُ مَا قَالَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ جَمِيعُ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ، حَتَّى إنَّ الْعَلَّامَةَ الْمَقْدِسِيَّ أَلَّفَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ رِسَالَةً مُسْتَقِلَّةً ذَكَرَهَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي مَجْمُوعِ رَسَائِلِهِ، وَحَقَّقَ فِيهَا عَدَمَ الْفَرْقِ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْعَطْفِ بِثُمَّ وَالْعَطْفِ بِالْوَاوِ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ. وَقَالَ: قَدْ أَفْتَى بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَفَاضِلِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: مِنْهُمْ السَّرِيُّ عَبْدُ الْبَرِّ بْنُ الشِّحْنَةِ الْحَنَفِيُّ وَنُورُ الدِّينِ الْمَحَلِّيُّ الشَّافِعِيُّ وَبُرْهَانُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ وَنُورُ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيُّ الْحَنَفِيُّ وَشِهَابُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ وَالْبُرْهَانُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ الشَّافِعِيُّ وَعَلَاءُ الدِّينِ الْإِخْمِيمِيُّ وَغَيْرُهُمْ.
قُلْت: وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ فِي سُؤَالٍ مُرَتَّبٍ بِثُمَّ، وَقَالَ الصَّوَابُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ صَرِيحُ كَلَامِ الْخَصَّافِ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ مَشَايِخِنَا خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ، بَلْ وَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ اهـ. وَقَدْ أَيَّدَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتَاوَاهُ الْقَوْلَ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ عَنْ الْخَصَّافِ، وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ الْإِمَامِ الْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ فِي صُورَةِ التَّرْتِيبِ بِثُمَّ، فَقَدْ تَحَرَّرَ بِهَذَا أَنَّ الصَّوَابَ الْقَوْلُ بِنَقْضِ الْقِسْمَةِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ الْعَطْفِ بِثُمَّ أَوْ بِالْوَاوِ الْمُقْتَرِنَةِ بِمَا يُفِيدُ التَّرْتِيبَ، وَأَنَّ اشْتِرَاطَ الدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ مُعْتَبَرٌ، لَكِنْ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ قِيَامُ مَنْ مَاتَ فِي حَيَاةِ وَالِدِهِ مَقَامَ وَالِدِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ سَهْمِ جَدِّهِ. وَأَمَّا دُخُولُهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ عَمِّهِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ هُوَ فِي دَرَجَةِ أَبِيهِ الْمُتَوَفَّى قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ، فَقَدْ وَقَعَ فِيهِ مُعْتَرَكٌ عَظِيمٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِدُخُولِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ السُّيُوطِيّ كَمَا مَرَّ، وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ كَثِيرُونَ وَاعْتَمَدَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ، وَأَلَّفَ فِيهِ رِسَالَةً تَبِعَ فِيهَا الْعَلَّامَةَ الْمَقْدِسِيَّ،