الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِهِمَا) الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ (وَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ) الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ عِنْد وُجُوبِ تَسْلِيمِهِمَا، فَلَوْ لَمْ يُنْقِدْ الثَّمَنَ لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ خَانِيَّةٌ.
(وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ) صَلَاحُهُ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ فَارِغًا (كَمَا لَوْ أَوْصَى بِنَخْلٍ لِرَجُلٍ وَعَلَيْهِ بُسْرٌ حَيْثُ يُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى قَطْعِ الْبُسْرِ هُوَ الْمُخْتَارُ) مِنْ الرِّوَايَةِ وَلْوَالَجِيَّةٌ وَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ بَاعَ أَرْضًا بِدُونِ الزَّرْعِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ بِأَجْرِ مِثْلِهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي نَهْرٌ
(وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً بَارِزَةً)
ــ
[رد المحتار]
أَقُولُ: أَجَبْتُ عَنْهُ فِيمَا عَلَّقْتُهُ عَلَى الْبَحْرِ بِأَنَّ الْمُقَيَّدَ هُنَا لَا يَنْفِي هُنَا الْحُكْمَ عَمَّا عَدَاهُ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَقَبٌ، وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ إلَّا عِنْدَ فِرْقَةٍ شَاذَّةٍ مِمَّنْ اعْتَبَرَ الْمَفَاهِيمَ، فَلَيْسَ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ الْحَمْلُ فَلَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يُحْمَلُ فِي حَادِثَةٍ عِنْدَنَا كَيْفَ وَحَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ وَالْحَادِثَةِ مَشْهُورٌ عِنْدَنَا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي مَتْنِ الْمَنَارِ وَالتَّوْضِيحِ وَالتَّلْوِيحِ وَغَيْرِهَا فَمَا اُسْتُنِدَ إلَيْهِ مِنْ كَلَامِ النِّهَايَةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَيُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِهِمَا) أَيْ فِيمَا إذَا بَاعَ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لَمْ يُسَمِّهِ أَوْ شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ لَمْ يَشْتَرِطْهُ حَتَّى بَقِيَ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ) بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَقَوْلُهُ: " الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ " بَدَلٌ مِنْ " الْمَبِيعِ ". (قَوْلُهُ: عِنْدَ وُجُوبِ تَسْلِيمِهِمَا) أَيْ تَسْلِيمِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ وَذَلِكَ عِنْدَ نَقْدِ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ) أَيْ بِالْقَطْعِ لِعَدَمِ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ صَلَاحُهُ) الْأَوْلَى صَلَاحُهُمَا أَيْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بِقَطْعِهِمَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مَشْغُولٌ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَيُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِهِمَا إلَخْ وَفِي النَّهْرِ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَاعَ شَجَرًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ أَوْ كَرْمًا عَلَيْهِ عِنَبٌ لَا يَدْخُلُ الثَّمَرُ فَلَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِيَتْرُكَ عَلَيْهِ الثَّمَرَ لَمْ يَجُزْ وَلَكِنْ يُعَارُ إلَى الْإِدْرَاكِ فَلَوْ أَبَى الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ أَوْ قَطَعَ الثَّمَرَ. اهـ. وَسَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ آخِرَ الْبَابِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُتُونِ، وَيُؤْمَرُ الْبَائِعُ بِالْقَطْعِ فَإِنَّهُ يُنَافِي التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ وَلَعَلَّهُ قَوْلٌ آخَرُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ) أَيْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِابْنِ قَاضِي سَمَاوَةَ جَمَعَ فِيهِ بَيْنَ فُصُولَيْ الْعِمَادِيِّ والإستروشني ط. (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي) أَيْ رَضِيَ بِإِبْقَاءِ الزَّرْعِ بِأَجْرِ مِثْلِ الْأَرْضِ وَإِلَّا أُمِرَ الْبَائِعُ بِالْقَلْعِ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامِهِمْ، وَأَمَّا إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْإِجَارَةِ فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُبْقِيَ الزَّرْعَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إلَى انْتِهَائِهِ لِلِانْتِفَاعِ وَذَلِكَ بِالتَّرْكِ دُونَ الْقَلْعِ، بِخِلَافِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ بَحْرٌ.
[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالشَّجَرِ مَقْصُودًا]
. (قَوْلُهُ: وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً بَارِزَةً) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيْعِ الثَّمَرِ تَبَعًا لِلشَّجَرِ شَرَعَ فِي بَيْعِهِ مَقْصُودًا وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ بَيْعِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ مَقْصُودًا قَالَ: فِي الدُّرَرِ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ صَيْرُورَتِهِ بَقْلًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُنْتَفَعٍ بِهِ، وَتَابِعٌ لِلْأَرْضِ، فَيَكُونُ كَالْوَصْفِ، فَلَا يَجُوزُ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ، وَإِنْ بَاعَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يُدْرِكَ لَمْ يَجُزْ وَكَذَا الرَّطْبَةُ وَالْبُقُولُ وَيَجُوزُ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ شَرِيكِهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ بَلَغَ أَوَانَ الْحَصَادِ أَوْ لَا وَمِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إنْ لَمْ يَفْسَخْ إلَى الْحَصَادِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَنْقَلِبُ إلَى الْجَوَازِ كَمَا إذَا بَاعَ الْجِذْعَ فِي السَّقْفِ وَلَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ حَتَّى أَخْرَجَهُ وَسَلَّمَهُ. اهـ.
وَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ بَيْعُ الْبُرِّ فِي سُنْبُلِهِ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: اشْتَرَى شَجَرَةً لِلْقَلْعِ يُؤْمَرُ بِقَلْعِهَا بِعُرُوقِهَا، وَلَيْسَ لَهُ حَفْرُ الْأَرْضِ إلَى انْتِهَاءِ الْعُرُوقِ بَلْ يَقْلَعُهَا عَلَى الْعَادَةِ إلَّا إنْ شَرَطَ الْبَائِعُ الْقَطْعَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، أَوْ يَكُونُ فِي الْقَلْعِ مِنْ الْأَصْلِ مَضَرَّةٌ لِلْبَائِعِ كَكَوْنِهَا بِقُرْبِ حَائِطٍ أَوْ بِئْرٍ فَيَقْطَعُهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، فَإِنْ قَطَعَهَا أَوْ قَلَعَهَا فَنَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى، فَالنَّابِتُ لِلْبَائِعِ إلَّا إذَا قَطَعَ مِنْ أَعْلَاهَا فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي سِرَاجٌ وَلَوْ اشْتَرَى نَخْلَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا لِلْقَلْعِ أَوْ لِلْقَرَارِ قَالَ: أَبُو يُوسُفَ
أَمَّا قَبْلَ الظُّهُورِ فَلَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا. (ظَهَرَ صَلَاحُهَا أَوْ لَا صَحَّ) فِي الْأَصَحِّ. (وَلَوْ بَرَزَ بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ لَا) يَصِحُّ. (فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) وَصَحَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ وَأَفْتَى الْحَلْوَانِيُّ بِالْجَوَازِ
ــ
[رد المحتار]
لَا يَمْلِكُ أَرْضَهَا وَأَدْخَلَ مُحَمَّدٌ مَا تَحْتَهَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ اشْتَرَاهَا لِلْقَطْعِ لَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لِلْقَرَارِ تَدْخُلُ اتِّفَاقًا وَإِنْ بَاعَ نَصِيبًا لَهُ مِنْ شَجَرَةٍ بِلَا إذْنِ الشَّرِيكِ جَازَ إنْ بَلَغَتْ أَوَانَ قَطْعِهَا وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَقَدَّمْنَا فِي الشَّرِكَةِ حُكْمَ بَيْعِ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ مُفَصَّلًا مُوَضَّحًا فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا قَبْلَ الظُّهُورِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبُرُوزَ بِمَعْنَى الظُّهُورِ، وَالْمُرَادُ بِهِ انْفِرَادُ الزَّهْرِ عَنْهَا وَانْعِقَادُهَا ثَمَرَةً وَإِنْ صَغُرَتْ. (قَوْلُهُ: ظَهَرَ صَلَاحُهَا أَوْ لَا) قَالَ: فِي الْفَتْحِ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ وَلَا فِي عَدَمِ جَوَازِهِ بَعْدَ الظُّهُورِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، بِشَرْطِ التَّرْكِ وَلَا فِي جَوَازِهِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فِيمَا يُنْتَفَعُ بِهِ، وَلَا فِي الْجَوَازِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، لَكِنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ عِنْدَنَا أَنْ تُؤْمَنَ الْعَاهَةُ وَالْفَسَادُ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ ظُهُورُ النُّضْجِ وَبُدُوُّ الْحَلَاوَةِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَعْنَاهُ، لَا بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ لَا يَجُوزُ، وَعِنْدَنَا إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْأَكْلِ، وَلَا فِي عَلْفِ الدَّوَابِّ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْمَشَايِخِ قِيلَ: لَا يَجُوزُ وَنَسَبَهُ قَاضِي خَانْ لِعَامَّةِ مَشَايِخِنَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي ثَانِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَفَعًا بِهِ فِي الْحَالِ، وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ أَنْ يَبِيعَ الْكُمَّثْرَى أَوَّلَ مَا تَخْرُجُ مَعَ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ فَيَجُوزَ فِيهَا تَبَعًا لِلْأَوْرَاقِ كَأَنَّهُ وَرَقٌ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُنْتَفَعُ بِهِ وَلَوْ عَلْفًا لِلدَّوَابِّ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ إذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ مُطْلَقًا. اهـ. (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا أَيْ بِلَا شَرْطِ قَطْعٍ أَوْ تَرْكٍ فَأَثْمَرَتْ ثَمَرًا آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ لِتَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ فَأَشْبَهَ هَلَاكَهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، وَلَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِلِاخْتِلَاطِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِهِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ وَكَذَا فِي بَيْعِ الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ خُرُوجُ بَعْضِهَا اشْتَرَكَا كَمَا ذَكَرْنَا. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ أَثْمَرَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْبَيْعِ، فَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَاعَ الْمَوْجُودَ وَالْمَعْدُومَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْحَلْوَانِيِّ، مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ مِنْ التَّفْصِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَاعَ الْمَوْجُودَ فَقَطْ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْفَتْحِ عَقِبَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ، وَكَانَ الْحَلْوَانِيُّ يُفْتِي بِجَوَازِهِ فِي الْكُلِّ إلَخْ، لَا يُنَاسِبُ التَّفْصِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي الْكُلِّ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْمَوْجُودِ فَقَطْ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ. (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى الْحَلْوَانِيُّ بِالْجَوَازِ) وَزَعَمَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْ أَصْحَابِنَا وَكَذَا حَكَى عَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ، وَقَالَ: اُسْتُحْسِنَ فِيهِ لِتَعَامُلِ النَّاسِ، وَفِي نَزْعِ النَّاسِ عَنْ عَادَتِهِمْ حَرَجٌ قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَقَدْ رَأَيْتُ رِوَايَةً فِي نَحْوِ هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ فِي بَيْعِ الْوَرْدِ عَلَى الْأَشْجَارِ فَإِنَّ الْوَرْدَ مُتَلَاحِقٌ، وَجُوِّزَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. اهـ. قَالَ: الزَّيْلَعِيُّ وَقَالَ: شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى مِثْلِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ الْأُصُولَ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ، وَيُؤَخِّرَ الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ: وَيُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ، فَيَحْصُلَ مَقْصُودُهُمَا بِهَذَا الطَّرِيقِ، فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَجْوِيزِ الْعَقْدِ فِي الْمَعْدُومِ مُصَادِمًا لِلنَّصِّ، وَهُوَ مَا رُوِيَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ» اهـ.
قُلْتُ: لَكِنْ لَا يَخْفَى تَحَقُّقُ الضَّرُورَةِ فِي زَمَانِنَا وَلَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ دِمَشْقَ الشَّامِ كَثِيرَةِ الْأَشْجَارِ وَالثِّمَارِ فَإِنَّهُ لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ عَلَى النَّاسِ لَا يُمْكِنُ إلْزَامُهُمْ بِالتَّخَلُّصِ بِأَحَدِ الطُّرُقِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى بَعْضِ أَفْرَادِ النَّاسِ لَا يُمْكِنُ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَامَّتِهِمْ وَفِي نَزْعِهِمْ عَنْ عَادَتِهِمْ حَرَجٌ كَمَا عَلِمْت، وَيَلْزَمُ تَحْرِيمُ أَكْلِ الثِّمَارِ فِي هَذِهِ الْبُلْدَانِ
لَوْ الْخَارِجُ أَكْثَرَ زَيْلَعِيٌّ. (وَيَقْطَعُهَا الْمُشْتَرِي فِي الْحَالِ) جَبْرًا عَلَيْهِ
(وَإِنْ شَرَطَ تَرْكَهَا عَلَى الْأَشْجَارِ فَسَدَ) الْبَيْعُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ عَلَى الْبَائِعِ حَاوِي. (وَقِيلَ:) قَائِلُهُ مُحَمَّدٌ. (لَا) يَفْسُدُ (إذَا تَنَاهَتْ) الثَّمَرَةُ لِلتَّعَارُفِ فَكَانَ شَرْطًا يَقْتَضِيه الْعَقْدُ (وَبِهِ يُفْتَى) بَحْرٌ عَنْ الْأَسْرَارِ، لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِمَا الْفَتْوَى فَتَنَبَّهْ. قَيَّدَ بِاشْتِرَاطِ التَّرْكِ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَاهَا مُطْلَقًا وَتَرَكَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ طَابَ لَهُ الزِّيَادَةُ وَإِنْ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهَا وَإِنْ بَعْدَمَا تَنَاهَتْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ
وَإِنْ اسْتَأْجَرَ الشَّجَرَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ وَطَابَتْ الزِّيَادَةُ لِبَقَاءِ الْإِذْنِ.
ــ
[رد المحتار]
إذْ لَا تُبَاعُ إلَّا كَذَلِكَ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا رَخَّصَ فِي السَّلَمِ لِلضَّرُورَةِ مَعَ أَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ، فَحَيْثُ تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ هُنَا أَيْضًا أَمْكَنَ إلْحَاقُهُ بِالسَّلَمِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ، فَلَمْ يَكُنْ مُصَادِمًا لِلنَّصِّ، فَلِذَا جَعَلُوهُ مِنْ الِاسْتِحْسَانِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْفَتْحِ الْمَيْلُ إلَى الْجَوَازِ وَلِذَا أَوْرَدَ لَهُ الرِّوَايَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ بَلْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَلْوَانِيَّ رَوَاهُ عَنْ أَصْحَابِنَا وَمَا ضَاقَ الْأَمْرُ إلَّا اتَّسَعَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُسَوِّغٌ لِلْعُدُولِ عَنْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ رِسَالَتِنَا الْمُسَمَّاةِ نَشْرَ الْعُرْفِ فِي بِنَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْعُرْفِ فَرَاجِعْهَا. (قَوْلُهُ: لَوْ الْخَارِجُ أَكْثَرَ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّ مَا نَقَلَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ عَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ لَمْ يُقَيِّدْهُ عَنْهُ بِكَوْنِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ أَكْثَرَ بَلْ قَالَ: عَنْهُ أَجْعَلُ الْمَوْجُودَ أَصْلًا، وَمَا يَحْدُثُ بَعْدَ ذَلِكَ تَبَعًا.
(قَوْلُهُ: وَيَقْطَعُهَا الْمُشْتَرِي) أَيْ إذَا طَلَبَ الْبَائِعُ تَفْرِيغَ مِلْكِهِ وَهَذَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ. (قَوْلُهُ: جَبْرًا عَلَيْهِ) مُفَادُهُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي إبْطَالِ الْبَيْعِ إذَا امْتَنَعَ الْبَائِعُ عَنْ إبْقَاءِ الثِّمَارِ عَلَى الْأَشْجَارِ، وَفِيهِ بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ آخِرَ الْبَابِ.
(قَوْلُهُ: فَسَدَ) أَيْ مُطْلَقًا كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّفْصِيلُ فِي الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ لَهُ فَافْهَمْ. وَعَلَّلَ فِي الْبَحْرِ الْفَسَادَ بِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ شَغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ الْقَطْعِ عَلَى الْبَائِعِ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ: بَاعَ عِنَبًا جُزَافًا وَكَذَا الثُّومُ فِي الْأَرْضِ وَالْجَزَرُ وَالْبَصَلُ، فَعَلَى الْمُشْتَرِي قَطْعُهُ إذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرَى؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ وَلَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ مُكَايَلَةً وَلَا مُوَازَنَةً. (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُفْتَى) قَالَ: فِي الْفَتْحِ: وَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ لِعُمُومِ الْبَلْوَى. (قَوْلُهُ: بَحْرٌ عَنْ الْأَسْرَارِ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ وَفِي الْأَسْرَارِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ، وَبِهِ أَخَذَ الطَّحَاوِيُّ وَفِي الْمُنْتَقَى ضَمَّ إلَيْهِ أَبَا يُوسُفَ وَفِي التُّحْفَةِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا. (قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ) حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ عَنْ النِّهَايَةِ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْقُهُسْتَانِيِّ مَعَ الْمَتْنِ: وَشَرْطُ تَرْكِهَا عَلَى الشَّجَرِ وَالرِّضَا بِهِ يُفْسِدُ الْبَيْعَ عِنْدَهُمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي النِّهَايَةِ، وَلَا يُفْسِدُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ بَدَا صَلَاحُ بَعْضٍ وَقَرُبَ صَلَاحُ الْبَاقِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ اهـ.
وَمَا نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهَا مِنْ حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الَّذِي تَنَاهَى صَلَاحُهُ، فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي تَنَاهِي الصَّلَاحِ لَا فِي بُدُوِّهِ، وَأَيْضًا الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ صَلَاحُ الْكُلِّ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَتَنَبَّهْ) أَشَارَ بِهِ إلَى اخْتِلَافِ التَّصْحِيحِ وَتَخْيِيرِ الْمُفْتِي فِي الْإِفْتَاءِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ لَكِنْ حَيْثُ كَانَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ هُوَ الِاسْتِحْسَانَ يَتَرَجَّحُ عَلَى قَوْلِهِمَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِاشْتِرَاطِ التَّرْكِ) أَيْ قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الْفَسَادَ بِهِ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ بِلَا شَرْطِ تَرْكٍ أَوْ قَطْعٍ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ مُتَعَارَفًا مَعَ أَنَّهُمْ قَالُوا: الْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ نَصًّا، وَمُقْتَضَاهُ فَسَادُ الْبَيْعِ وَعَدَمُ حِلِّ الزِّيَادَةِ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: طَابَ لَهُ الزِّيَادَةُ) هِيَ مَا زَادَ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَثْمَرَتْ ثَمَرًا آخَرَ، فَإِنْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ الْبَيْعُ أَوْ بَعْدَهُ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْمَبِيعِ مِمَّا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الْبَيْعُ، وَهَذَا فِي زِيَادَةِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ كَمَا أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ لَا الْمُنْفَصِلَةُ. (قَوْلُهُ: تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهَا) لِحُصُولِهِ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ بَحْرٌ وَتُعْرَفُ الزِّيَادَةُ بِالتَّقْوِيمِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالتَّقْوِيمِ يَوْمَ الْإِدْرَاكِ فَالزِّيَادَةُ تَفَاوُتُ مَا بَيْنَهُمَا. ط عَنْ الْعَيْنِيِّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ) نَعَمْ عَلَيْهِ إثْمُ غَصْبِ الْمَنْفَعَةِ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ بَطَلَتْ الْإِجَارَةُ) وَإِنْ عَيَّنَ الْمُدَّةَ دُرٌّ مُنْتَقًى، فَإِنَّ أَصْلَ
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ لِتَرْكِ الزَّرْعِ فَسَدَتْ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ، وَلَمْ تَطِبْ الزِّيَادَةُ مُلْتَقَى الْأَبْحُرِ لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ بِخِلَافِ الْبَاطِلِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي شَرْحِهِ. وَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَ الشَّجَرَةَ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لَهُ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ أَنْ يَشْتَرِيَ أُصُولَ الرَّطْبَةِ كَالْبَاذِنْجَانِ وَأَشْجَارِ الْبِطِّيخِ وَالْخِيَارِ لِيَكُونَ الْحَادِثُ لِلْمُشْتَرِي
ــ
[رد المحتار]
الْإِجَارَةِ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ فِيهَا الْبُطْلَانُ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ أَجَازَهَا لِلْحَاجَةِ فِيمَا فِيهِ تَعَامُلٌ، وَلَا تَعَامُلَ فِي إجَارَةِ الْأَشْجَارِ الْمُجَرَّدَةِ فَلَا يَجُوزُ وَكَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَشْجَارًا لِيُجَفِّفَ عَلَيْهَا ثِيَابَهُ لَمْ يَجُزْ. ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ: لِتَرْكِ الزَّرْعِ) الْأَوْلَى تَعْبِيرُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا بِقَوْلِهِ إلَى أَنْ يُدْرِكَ الزَّرْعُ أَيْ وَقْتِ إدْرَاكِهِ بِلَا ذِكْرِ مُدَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطِبْ الزِّيَادَةُ) أَيْ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَرَةِ وَعَلَى مَا غَرِمَ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ. ط عَنْ الْعَيْنِيِّ. مَطْلَبٌ: فَسَادُ الْمُتَضَمِّنِ يُوجِبُ فَسَادَ الْمُتَضَمَّنِ (قَوْلُهُ: كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي شَرْحِهِ) وَنَصُّهُ لِفَسَادِ الْإِذْنِ بِفَسَادِ الْإِجَارَةِ وَفَسَادُ الْمُتَضَمِّنِ يُوجِبُ فَسَادَ الْمُتَضَمَّنِ بِخِلَافِ الْبَاطِلِ، فَإِنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا أَصْلًا وَوَصْفًا، فَلَا يَتَضَمَّنُ شَيْئًا فَكَانَتْ مُبَاشَرَتُهُ عِبَارَةً عَنْ الْإِذْنِ. اهـ. ح.
وَحَاصِلُ الْفَرْقِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ: أَنَّ الْفَاسِدَ لَهُ وُجُودٌ؛ لِأَنَّهُ فَائِتُ الْوَصْفِ دُونَ الْأَصْلِ فَكَانَ الْإِذْنُ ثَابِتًا فِي ضِمْنِهِ فَيَفْسُدُ، بِخِلَافِ الْبَاطِلِ فَإِنَّهُ لَا وُجُودَ لَهُ أَصْلًا فَلَمْ يُوجَدْ إلَّا الْإِذْنُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْفَرْقَ يُنَافِي مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبُيُوعِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ عَقْدٍ فَاسِدٍ أَوْ بَاطِلٍ لَا يَنْعَقِدُ قَبْلَ مُتَارَكَةِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَيُنَافِي فُرُوعًا أُخَرَ مَذْكُورَةً فِي آخِرِ الْفَنِّ الثَّالِثِ مِنْ الْأَشْبَاهِ عِنْدَ قَوْلِهِ:" فَائِدَةٌ: إذَا بَطَلَ الشَّيْءُ بَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ " فَرَاجِعْهَا مُتَأَمِّلًا. (قَوْلُهُ: وَالْحِيلَةُ) فِي أَنْ يَطِيبَ لِلْمُشْتَرِي مَا زَادَ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ وَمَا لَمْ يَكُنْ بَارِزًا وَقْتَ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَأْخُذَ) أَيْ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: مُعَامَلَةً) أَيْ مُسَاقَاةً لِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ لَهُ إلَخْ) أَيْ لِلْبَائِعِ قَالَ: فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بَعْدَ مَا دَفَعَ الثَّمَنَ أَخَذْتُ مِنْكَ هَذَا الشَّجَرَ مُعَامَلَةً عَلَى أَنَّ لَكَ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ، وَلِي أَلْفَ جُزْءٍ إلَّا جُزْءًا أَيْ مِنْ الثَّمَرِ ذَكَرَهُ الشُّمُنِّيُّ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ أَخَذَ الثَّمَرَ شِرَاءً فَكَيْفَ يَأْخُذُهُ مُعَامَلَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ، وَيَكُونُ الِاعْتِبَارُ عَلَى عَقْدِ الْمُعَامَلَةِ. اهـ.
قُلْتُ: الشِّرَاءُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْبَارِزِ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَالْمُعَامَلَةُ لِأَجْلِ طِيبِ مَا لَمْ يَبْرُزْ بَعْدُ، وَطِيبِ مَا زَادَ فِي ذَاتِ الْبَارِزِ، نَعَمْ هَذِهِ الْحِيلَةُ إنَّمَا تَتَأَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ الشَّجَرُ وَقْفًا أَوْ لِيَتِيمٍ لِعَدَمِ الْحَظِّ
وَالْمَصْلَحَةُ
فِي أَخْذِهِ جُزْءًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ وَالْبَاقِي لِلْمُشْتَرِي، كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ نَظِيرَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَشْتَرِيَ إلَخْ) هَذِهِ حِيلَةٌ ثَانِيَةٌ، وَبَيَانُهَا أَنَّ الْمُشْتَرَى إمَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُوجَدُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَقَدْ وُجِدَ بَعْضُهُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ شَيْءٌ كَالْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ وَالْخِيَارِ أَوْ يُوجَدُ كُلُّهُ لَكِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ كَالزَّرْعِ وَالْحَشِيشِ، أَوْ يَكُونَ وُجِدَ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ كَثَمَرِ الْأَشْجَارِ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَنْوَاعِ: فَفِي الْأَوَّلِ يَشْتَرِي الْأُصُولَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَيَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ مُدَّةً مَعْلُومَةً بِبَاقِي الثَّمَنِ، لِئَلَّا يَأْمُرَهُ الْبَائِعُ بِالْقَلْعِ قَبْلَ خُرُوجِ الْبَاقِي أَوْ قَبْلَ الْإِدْرَاكِ، وَفِي الثَّانِي يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ مِنْ الْحَشِيشِ وَالزَّرْعِ، وَيَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ كَمَا قُلْنَا، وَفِي الثَّالِثِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ مِنْ الثَّمَرِ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَيُحِلُّ لَهُ الْبَائِعُ مَا سَيُوجَدُ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الْأَرْضِ لَا يَتَأَتَّى هُنَا
وَفِي الزَّرْعِ وَالْحَشِيشِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَيَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ مُدَّةً مَعْلُومَةً يَعْلَمُ فِيهَا الْإِدْرَاكَ بِبَاقِي الثَّمَنِ، وَفِي الْأَشْجَارِ الْمَوْجُودَ، وَيُحِلُّ لَهُ الْبَائِعُ مَا يُوجَدُ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يَرْجِعَ يَقُولُ عَلَى أَنِّي مَتَى رَجَعْتُ فِي الْإِذْنِ تَكُونُ مَأْذُونًا فِي التَّرْكِ شُمُنِّيٌّ مُلَخَّصًا.
(مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ) إلَّا الْوَصِيَّةَ بِالْخِدْمَةِ يَصِحُّ إفْرَادُهَا دُونَ اسْتِثْنَائِهَا أَشْبَاهٌ. فَرْعٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِقَوْلِهِ: (فَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ) قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ قَطِيعٍ وَ (أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ بَيْعِ تَمْرٍ نَخْلَةٍ)
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّ الْأَشْجَارَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَقِيَامُهَا فِي الْأَرْضِ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ اسْتِئْجَارِ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهَا أَوَّلًا مُعَامَلَةً كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ فِي تَصَرُّفِهِ أَوْ تَكُونُ الْأَشْجَارُ عَلَى الْمُسَنَّاةِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ إجَارَةِ الْأَرْضِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهِمْ، وَمَسْأَلَةُ الْإِحْلَالِ تَتَأَتَّى فِي الْأَوَّلِ وَالثَّانِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ: بِبَعْضِ الثَّمَنِ) تَنَازَعَ فِيهِ يَشْتَرِي الْأَوَّلَ وَيَشْتَرِي الثَّانِيَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَيَسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْأَشْجَارِ الْمَوْجُودَ) أَيْ وَفِي الْأَشْجَارِ يَشْتَرِي الْمَوْجُودَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافَ إلَخْ) قَالَ: فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَقُولُ: كَتَبْتُ فِي لَطَائِفِ الْإِشَارَاتِ أَنَّهُمْ قَالُوا: قَالَ: وَكَّلْتُكَ بِكَذَا عَلَى أَنِّي كُلَّمَا عَزَلْتُكَ فَأَنْتَ وَكِيلِي صَحَّ، وَقِيلَ: لَا فَإِذَا صَحَّ يَبْطُلُ الْعَزْلُ عَنْ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَجَوَّزَهُ مُحَمَّدٌ فَيَقُولُ: فِي عَزْلِهِ رَجَعْتُ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَعَزَلْتُكَ عَنْ الْوَكَالَةِ الْمُنَجَّزَةِ اهـ. رَمْلِيٌّ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يُمْكِنُ الرُّجُوعُ هُنَا عَنْ الْإِحْلَالِ بِأَنْ يَقُولَ: رَجَعْتُ عَنْ الْإِحْلَالِ الْمُعَلَّقِ وَعَنْ الْمُنَجَّزِ فَيَتَعَيَّنَ حِينَئِذٍ الِاحْتِيَالُ بِالْمُعَامَلَةِ عَلَى الْأَشْجَارِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: فِي التَّرْكِ) الْمُنَاسِبُ: فِي الْأَكْلِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَحَلَّ لَهُ مَا يُوجَدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَالتَّرْكُ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْمَوْجُودَ إلَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّ الْمُرَادَ مَا يُوجَدُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ الْمَوْجُودِ.
[تَتِمَّةٌ] : اشْتَرَى الثِّمَارَ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْجَارِ، فَرَأَى مِنْ كُلِّ شَجَرَةٍ بَعْضَهَا يَثْبُتُ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ بَحْرٌ ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ بَيْعِ الْمُغَيَّبِ فِي الْأَرْضِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي أَوَّلِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
(قَوْلُهُ: مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ إلَخْ) هَذِهِ قَاعِدَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي عَامَّةِ الْمُعْتَبَرَاتِ مُفَرَّعٌ عَلَيْهَا مَسَائِلُ مِنْهَا مَا ذُكِرَ هُنَا مِنَحٌ (قَوْلُهُ: صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَقْدِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْفَتْحِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَعْلِ الضَّمِيرِ فِي مِنْهُ رَاجِعًا لِلْمَبِيعِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ فَافْهَمْ، وَلَا يَصِحُّ إرْجَاعُهُ إلَى " مَا " لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى، فَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ فِي الْفَتْحِ وَبَيْعُ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ جَائِزٌ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ بِخِلَافِ اسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ مِنْ الْجَارِيَةِ أَوْ الشَّاةِ وَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ هَذِهِ الشَّاةَ إلَّا أَلْيَتَهَا أَوْ هَذَا الْعَبْدَ إلَّا يَدَهُ، فَيَصِيرُ مُشْتَرَكًا مُتَمَيِّزًا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا عَلَى الشُّيُوعِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ. اهـ. أَيْ كَبَيْعِ الْعَبْدِ إلَّا نِصْفَهُ مَثَلًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَيِّزٍ فِي جُزْءٍ بِعَيْنِهِ بَلْ شَائِعٌ فِي جَمِيعِ أَجْزَائِهِ فَيَجُوزُ. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ إفْرَادُهَا) بِأَنْ يُوصِيَ بِهَا وَحْدَهَا بِدُونِ الرَّقَبَةِ اهـ ح. (قَوْلُهُ: دُونَ الِاسْتِثْنَاءِ) بِأَنْ يُوصِيَ لَهُ بِعَبْدٍ دُونَ خِدْمَتِهِ. اهـ.
ح وَقَيَّدَ بِالْخِدْمَةِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي الْوَصِيَّةِ، حَتَّى يَكُونَ الْحَمْلُ مِيرَاثًا وَالْجَارِيَةُ وَصِيَّةً، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَالْمِيرَاثُ يَجْرِي فِيمَا فِي الْبَطْنِ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ، وَالْغَلَّةُ كَالْخِدْمَةِ بَحْرٌ مِنْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. (قَوْلُهُ: وَشَاةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ قَطِيعٍ) أَمَّا لَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَجُوزُ كَثَوْبٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ عِدْلٍ أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.
لِصِحَّةِ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا. وَلَوْ الثَّمَرُ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ عَلَى الظَّاهِرِ (كَصِحَّةِ)(بَيْعِ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ) بِغَيْرِ سُنْبُلِ الْبُرِّ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا، (وَبَاقِلَاءَ وَأُرْزٍ وَسِمْسِمٍ فِي قِشْرِهَا وَجَوْزٍ وَلَوْزٍ وَفُسْتُقٍ فِي قِشْرِهَا الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْأَعْلَى وَعَلَى الْبَائِعِ إخْرَاجُهُ إلَّا إذَا بَاعَ بِمَا فِيهِ. وَهَلْ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ؟ الْوَجْهُ نَعَمْ فَتْحٌ، وَإِنَّمَا بَطَلَ بَيْعُ مَا فِي ثَمَرٍ وَقُطْنٍ وَضَرْعٍ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ: وَأَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ) أَفَادَ أَنَّ مَحَلَّ الِاخْتِلَافِ الْآتِي مَا إذَا اسْتَثْنَى مُعَيَّنًا، فَإِنْ اسْتَثْنَى جُزْءًا كَرُبُعٍ وَثُلُثٍ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ. قُلْتُ: وَجْهُهُ أَنَّ مَا يُقَدَّرُ بِالرِّطْلِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ، بِخِلَافِ الرُّبُعِ مَثَلًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، بَلْ هُوَ جُزْءٌ شَائِعٌ كَمَا قُلْنَا آنِفًا، وَنَظِيرُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفَسَدَ بَيْعُ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ دَارٍ لَا أَسْهُمٍ، وَقَيَّدَ بِالْأَرْطَالِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى رِطْلًا وَاحِدًا جَازَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءُ الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ بِخِلَافِ الْأَرْطَالِ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرُ فَيَكُونَ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ بَحْرٌ عَنْ الْبِنَايَةِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَبْقَى أَكْثَرُ مِنْ الْمُسْتَثْنَى يَصِحُّ وَلَوْ الْمُسْتَثْنَى أَرْطَالًا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ الْآتِيَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْفَتْحِ مِنْ تَعْلِيلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُسْتَثْنَى لَيْسَ مُشَارًا إلَيْهِ وَلَا مَعْلُومَ الْكَيْلِ الْمَخْصُوصِ، فَكَانَ مَجْهُولًا وَإِنْ ظَهَرَ آخِرًا أَنَّهُ بَقِيَ مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ هُوَ الْجَهَالَةُ الْقَائِمَةُ. اهـ.
وَمُقْتَضَاهُ الْفَسَادُ بِاسْتِثْنَاءِ الرِّطْلِ الْوَاحِدِ أَيْضًا عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ إيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْقَفِيزِ وَالشَّاةِ الْمُعَيَّنَةِ وَالْأَرْطَالِ الْمَعْلُومَةِ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَصَحَّ، أَفَادَ بِهِ دُخُولَ مَا ذُكِرَ تَحْتَ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ الثَّمَرُ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ) فَيَصِحُّ إذَا كَانَ مَجْذُوذًا بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الظَّاهِرِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَصَحَّ وَمُقَابِلُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالْقُدُورِيُّ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مَجْهُولٌ وَفِي الْفَتْحِ أَنَّهُ أَقْيَسُ بِمَذْهَبِ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الصُّبْرَةِ وَأَجَابَ عَنْهُ فِي النَّهْرِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ سُنْبُلِ الْبُرِّ) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعٍ وَالْبَاءُ فِيهِ لِلْبَدَلِ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي فِي الرِّبَا أَنَّ بَيْعَ الْحِنْطَةِ الْخَالِصَةِ بِحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلِهَا لَا يَجُوزُ، وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْحِنْطَةُ الْخَالِصَةُ أَكْثَرَ مِنْ الَّتِي فِي سُنْبُلِهَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَيُعْلَمُ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الَّتِي فِي سُنْبُلِهَا مَعَهُ بِالْأُخْرَى الَّتِي فِي سُنْبُلِهَا مَعَهُ صَرْفًا لِلْجِنْسِ إلَى خِلَافِهِ. اهـ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَبَيْعِ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ إنْ أَرَادَ بِهِ بَيْعَ الْحَبِّ فَقَطْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَعَلَى الْبَائِعِ إخْرَاجُهُ، فَتَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ سُنْبُلِ الْبُرِّ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا بَاعَهُ بِسُنْبُلِ الْبُرِّ أَيْ بِالْبُرِّ مَعَ سُنْبُلِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَبُّ الْخَالِصُ أَكْثَرَ.
أَمَّا إذَا كَانَ أَكْثَرَ يَكُونُ الزَّائِدُ بِمُقَابَلَةِ التِّبْنِ فَيَجُوزُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ بَيْعَ الْبُرِّ مَعَ السُّنْبُلِ، فَلَا يَصِحُّ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ بِغَيْرِ سُنْبُلِهِ لِمَا عَلِمْتَ مِنْ جَوَازِ بَيْعِهِ بِمِثْلِهِ بِأَنْ يُجْعَلَ الْحَبُّ فِي أَحَدِهِمَا بِمُقَابَلَةِ التِّبْنِ فِي الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ الرِّبَا) تَعْلِيلٌ لِلْمَفْهُومِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ بِيعَ بِسُنْبُلِ الْبُرِّ لَا يَجُوزُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْبُرُّ الَّذِي بِيعَ وَحْدَهُ مُسَاوِيًا لِلْبُرِّ الَّذِي بِيعَ مَعَ سُنْبُلِهِ، أَوْ أَقَلَّ فَيَكُونَ الْفَضْلُ رِبًا إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّ مَا بِيعَ وَحْدَهُ أَكْثَرُ كَمَا قُلْنَا آنِفًا. (قَوْلُهُ: وَبَاقِلَاءَ) هُوَ الْقَوْلُ بَحْرٌ: عَلَى وَزْنِ " فَاعِلَاءَ " يُشَدَّدُ فَيُقْصَرُ، وَيُخَفَّفُ فَيُمَدُّ الْوَاحِدَةُ بَاقِلَّاةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ مِصْبَاحٌ. (قَوْلُهُ: فِي قِشْرِهَا الْأَوَّلِ) وَكَذَا الثَّانِي بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْبَائِعِ إخْرَاجُهُ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ بَاعَ حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا لَزِمَ الْبَائِعَ الدَّوْسُ وَالتَّذْرِيَةُ بَحْرٌ. وَكَذَا الْبَاقِلَّا وَمَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا بَاعَ بِمَا فِيهِ) عِبَارَتُهُ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى إلَّا إذَا بِيعَتْ بِمَا هِيَ فِيهِ اهـ. وَهِيَ أَوْضَحُ يَعْنِي إذَا بَاعَ الْحِنْطَةَ بِالتِّبْنِ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ تَخْلِيصُهُ ط. (قَوْلُهُ: الْوَجْهُ نَعَمْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ فَتْحٌ وَأَقَرَّ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا بَطَلَ إلَخْ) قَالَ: فِي الْفَتْحِ وَأَوْرَدَ الْمُطَالَبَةَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا بَاعَ حَبَّ قُطْنٍ فِي قُطْنٍ بِعَيْنِهِ، أَوْ نَوَى تَمْرٍ فِي تَمْرٍ بِعَيْنِهِ أَيْ بَاعَ مَا فِي هَذَا الْقُطْنِ مِنْ الْحَبِّ، أَوْ مَا فِي هَذَا التَّمْرِ مِنْ النَّوَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ