المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع] من عليه التعزير لو قال لرجل أقم علي التعزير ففعله ثم رفع للحاكم - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٤

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ

- ‌[فَرْعٌ الِاسْتِمْنَاءُ]

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا

- ‌بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ الْمُحَرَّمِ

- ‌[فَرْعٌ]سَكْرَانُ أَوْ صَاحَ جَمَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَصَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ

- ‌بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[فَرْعٌ]عَايَنَ الْقَاضِي رَجُلًا زَنَى أَوْ شَرِبَ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] مَنْ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَقِمْ عَلَيَّ التَّعْزِيرَ فَفَعَلَهُ ثُمَّ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ

- ‌[فَرْعٌ] أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالدِّيَاثَةِ أَوْ عُرِفَ بِهَا

- ‌[فُرُوعٌ] ارْتَدَّتْ لِتُفَارِقَ زَوْجَهَا

- ‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

- ‌[فُرُوعٌ]سَرَقَ فُسْطَاطًا مَنْصُوبًا

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌كِتَابُ الْجِهَادِ

- ‌بَابُ الْمَغْنَمِ وَقِسْمَتُهُ

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا

- ‌بَابُ الْمُسْتَأْمِنِ

- ‌فَصْلٌ فِي اسْتِئْمَانِ الْكَافِرِ

- ‌[بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا تَصِيرُ بِهِ دَارُ الْإِسْلَامِ دَارَ حَرْبٍ وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِزْيَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَمْيِيزِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْمَلْبَسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي سُكْنَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُ الذِّمِّيِّ وَمَا لَا يُنْتَقَضُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ الْإِمَامُ قَبْلَ أَخْذِ وَظِيفَتِهِمَا]

- ‌بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[مَطْلَبٌ تَوْبَةُ الْيَأْسِ مَقْبُولَةٌ دُونَ إيمَانِ الْيَأْسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ]

- ‌بَابُ الْبُغَاةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَرَاهَةِ بَيْعِ مَا تَقُومُ الْمَعْصِيَةُ بِعَيْنِهِ]

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي تَصْرِف اللَّقِيط]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ مَاتَ فِي سَفَرِهِ فَبَاعَ رَفِيقُهُ مَتَاعَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَلْقَى شَيْئًا وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ أَلْقَى شَيْئًا وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ نِثَارِ السُّكْرِ فِي الْعُرْسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَنْ وَجَدَ دَرَاهِمَ فِي الْجِدَارِ أَوْ اسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ صُرَّةٌ]

- ‌كِتَابُ الْآبِقِ

- ‌[فَرْعٌ] أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ أَمَةِ غَائِبٍ وَمَجْنُونٍ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ الشَّرِكَةُ بِمَالِ غَائِبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَوْقِيتِ الشَّرِكَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَحْقِيقِ حُكْمِ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُبْطِلُ الشَّرِكَةَ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الشَّرِكَة]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الشَّرِكَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَائِطِ إذَا خَرِبَ وَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قِسْمَتَهُ أَوْ تَعْمِيرَهُ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَدْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالضَّرُورَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمُرْتَدِّ وَالْكَافِرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ سَكَنَ دَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ]

- ‌[فَرْعٌ] أَرَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ نَقْضَ الْمَسْجِدِ وَبِنَاءَهُ أَحْكَمَ مِنْ الْأَوَّلِ

- ‌[فَرْعٌ بِنَاء بيتا لِلْإِمَامِ فَوْق الْمَسْجِد]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَنْقُولِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ التَّحْدِيدُ فِي وَقْفِ الْعَقَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَشَاعِ الْمَقْضِيِّ بِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَنْقُولِ قَصْدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَطْعِ الْجِهَاتِ لِأَجْلِ الْعِمَارَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَلَمْ يُمْكِنْ عِمَارَتُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ يَأْثَمُ بِتَوْلِيَةِ الْخَائِنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي عَزْلِ النَّاظِرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا يَصِحُّ عَزْلُ صَاحِبِ وَظِيفَةٍ بِلَا جُنْحَةٍ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَالِ الْفَرَاغِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِبْدَالِ الْوَقْفِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[فَرْعٌ] أَقَرَّ بِوَقْفٍ صَحِيحٍ وَبِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَوَارِثُهُ يَعْلَمُ خِلَافَهُ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌[فَصْلٌ إجَارَة الْوَاقِفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اشْتَرَى بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا لِلْوَقْفِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[مَطْلَبٌ طَالِبُ التَّوْلِيَةِ لَا يُوَلَّى]

- ‌[فَرْعٌ طَالِبُ تولية الْوَقْف لَا يُوَلَّى]

- ‌[مَطْلَبٌ التَّوْلِيَةُ خَارِجَةٌ عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الشَّرَائِطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ]

- ‌[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ

- ‌[مَطْلَبٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا فِيهَا أَشْجَارٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ وَظِيفَةً فِي الْوَقْفِ إلَّا النَّظَرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي زِيَادَةِ الْقَاضِي فِي مَعْلُومِ الْإِمَامِ]

- ‌[مَطْلَبٌ تَعْلِيقُ التَّقْرِيرِ فِي الْوَظَائِفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُصَادَقَةِ عَلَى النَّظَرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَتَى ذَكَرَ الْوَاقِفُ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إقَالَةِ الْمُتَوَلِّي عَقْدَ الْإِجَارَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَالدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفِ الْأَوْلَادِ مِنْ الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَسَمَّاهُمْ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي مُجْتَهِدٍ فِيهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ]

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْبَيْع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْجَامِكِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يُبْطِلُ الْإِيجَابَ سَبْعَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي صُرَّةٍ وَلَمْ يَعْرِفْ مَا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَثْمَانِ وَالْمَبِيعَاتِ]

- ‌[فُرُوعٌ] بَاعَ بِحَالٍّ ثُمَّ أَجَّلَهُ أَجَلًا مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي أَحْكَامِ النُّقُودِ إذَا كَسَدَتْ أَوْ انْقَطَعَتْ أَوْ غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَمَا لَا يَدْخُلُ

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ مَا دَخَلَ تَبَعًا لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالشَّجَرِ مَقْصُودًا]

- ‌[فَرْعٌ] ظَهَرَ بَعْدَ نَقْدِ الصَّرَّافِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ زُيُوفٌ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ قَبْضًا لِلْمَبِيعِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَمَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ]

- ‌فُرُوعٌ] بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ بِلَا أَرْضٍ

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌[فَرْعٌ] وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَاعَ بِلَا شَرْطٍ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْخِيَارِ أَوْ فِي مُضِيِّهِ أَوْ فِي الْأَجَلِ أَوْ فِي الْإِجَازَةِ أَوْ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ]

- ‌[فُرُوعٌ بَاعَ دَارِهِ بِمَا فِيهَا مِنْ الْجُذُوعِ وَالْأَبْوَابِ فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا]

- ‌بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ

الفصل: ‌[فرع] من عليه التعزير لو قال لرجل أقم علي التعزير ففعله ثم رفع للحاكم

وَكَسْرِ دِنَانِ الْخَمْرِ وَإِنْ مَلَّحُوهَا، وَلَمْ يُنْقَلْ إحْرَاقُ بَيْتِهِ (وَيُقِيمُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ) قُنْيَةٌ (وَ) أَمَّا (بَعْدَهُ) فَ (لَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ) وَالزَّوْجِ وَالْمَوْلَى كَمَا سَيَجِيءُ

[فَرْعٌ] مَنْ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَقِمْ عَلَيَّ التَّعْزِيرَ فَفَعَلَهُ ثُمَّ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ

فَإِنَّهُ يَحْتَسِبُ بِهِ قُنْيَةٌ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَمِثْلُهُ فِي دَعْوَى الْخَانِيَّةِ، لَكِنْ فِي الْفَتْحِ مَا يَجِبُ حَقًّا لِلْعَبْدِ لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْإِمَامُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الدَّعْوَى إلَّا أَنْ يُحَكِّمَا فِيهِ فَلْيُحْفَظْ.

ــ

[رد المحتار]

مِنْ بَابِ قَعَدَ: الدُّخُولُ عَلَى غَفْلَةٍ بَغْتَةً قَالَ فِي أَحْكَامِ السِّيَاسَةِ وَفِي الْمُنْتَقَى: وَإِذَا سُمِعَ فِي دَارِهِ صَوْتُ الْمَزَامِيرِ فَأَدْخُلْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْمَعَ الصَّوْتَ فَقَدْ أَسْقَطَ حُرْمَةَ دَارِهِ. وَفِي حُدُودِ الْبَزَّازِيَّةِ وَغَصْبِ النِّهَايَةِ وَجِنَايَةِ الدِّرَايَةِ: ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُهْدَمُ الْبَيْتُ عَلَى مَنْ اعْتَادَ الْفِسْقَ وَأَنْوَاعَ الْفَسَادِ فِي دَارِهِ، حَتَّى لَا بَأْسَ بِالْهُجُومِ عَلَى بَيْتِ الْمُفْسِدِينَ. وَهَجَمَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى نَائِحَةٍ فِي مَنْزِلِهَا وَضَرَبَهَا بِالدُّرَّةِ حَتَّى سَقَطَ خِمَارُهَا فَقِيلَ لَهُ فِيهِ، فَقَالَ: لَا حُرْمَةَ لَهَا بَعْدَ اشْتِغَالِهَا بِالْمُحَرَّمِ وَالْتَحَقَتْ بِالْإِمَاءِ.

وَرُوِيَ أَنَّ الْفَقِيهَ أَبَا بَكْرٍ الْبَلْخِيّ خَرَجَ إلَى الرُّسْتَاقِ وَكَانَتْ النِّسَاءُ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ كَاشِفَاتٍ الرُّءُوسَ وَالذِّرَاعَ، فَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ فَعَلْت هَذَا؟ فَقَالَ: لَا حُرْمَةَ لَهُنَّ، إنَّمَا الشَّكُّ فِي إيمَانِهِنَّ كَأَنَّهُنَّ حَرْبِيَّاتٌ، وَهَكَذَا فِي جِنَايَاتِ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى. وَذَكَرَ فِي كَرَاهِيَةِ الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ: وَيُقَدَّمُ إبْدَاءُ الْعُذْرِ عَنْ مُظْهِرِ الْفِسْقِ بِدَارِهِ، فَإِنْ كَفَّ فِيهَا وَإِلَّا حَبَسَهُ الْإِمَامُ أَوْ أَدَّبَهُ أَسْوَاطًا أَوْ أَزْعَجَهُ مِنْ دَارِهِ، إذْ الْكُلُّ يَصْلُحُ تَعْزِيرًا. وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أَحْرَقَ بَيْتَ الْخَمَّارِ. وَعَنْ الصَّفَّارِ الزَّاهِدِيِّ الْأَمْرُ بِتَخْرِيبِ دَارِ الْفَاسِقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَلَّحُوهَا) أَيْ تُكْسَرُ وَإِنْ قَالَ أَصْحَابُهَا نُلْقِي فِيهَا مِلْحًا لِأَجْلِ تَخْلِيلِهَا. وَفِي كَرَاهِيَةِ الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ فِي الْعُيُونِ: وَفَتَاوَى النَّسَفِيِّ إنَّهُ يُكْسَرُ دِنَانُ الْخَمْرِ، وَلَا يَضْمَنُ الْكَاسِرُ، وَلَا يَكْتَفِي بِإِلْقَاءِ الْمِلْحِ، وَكَذَا مَنْ أَرَاقَ خُمُورَ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَكَسَرَ دِنَانَهَا وَشَقَّ زِقَاقَهَا إنْ كَانُوا أَظْهَرُوهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَظْهَرُوهَا بَيْنَنَا فَقَدْ أَسْقَطُوا حُرْمَتَهَا. وَفِي سِيَرِ الْعُيُونِ: يَضْمَنُ إلَّا إذَا كَانَ إمَامًا يَرَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَفِي الْمُسْلِمِ يَضْمَنُ الزِّقَّ مُسْلِمٌ فِي مَنْزِلِهِ دَنٌّ مِنْ خَمْرٍ يُرِيدُ اتِّخَاذَهَا خَلًّا يَضْمَنُ الدَّنَّ عِنْدَ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الِاتِّخَاذَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَ الثَّانِي.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْكَسْرَ لَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ. وَأَصْلُهُ فِيمَنْ كَسَرَ بَرْبَطًا لِمُسْلِمٍ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا فِي عَدَمِ الضَّمَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يُنْقَلْ إحْرَاقَ بَيْتِهِ) تَقَدَّمَ نَقْلُهُ عَنْ عُمَرَ فِي بَيْتِ الْخَمَّارِ، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ عُلَمَائِنَا، لَكِنْ مَا مَرَّ عَنْ الصَّفَّارِ يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ وَيُقِيمُهُ إلَخْ) أَيْ التَّعْزِيرَ الْوَاجِبَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ، وَالشَّارِعُ وَلَّى كُلَّ أَحَدٍ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ صلى الله عليه وسلم «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ» الْحَدِيثَ، بِخِلَافِ الْحُدُودِ لَمْ يَثْبُتْ تَوْلِيَتُهَا إلَّا لِلْوُلَاةِ، وَبِخِلَافِ التَّعْزِيرِ الَّذِي يَجِبُ حَقًّا لِلْعَبْدِ بِالْقَذْفِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الدَّعْوَى لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْحَاكِمُ إلَّا أَنْ يُحَكِّمَا فِيهِ. اهـ. فَتْحٌ (قَوْلُهُ قُنْيَةٌ) هَذَا الْعَزْوُ لِقَوْلِهِ حَالَ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ يُقِيمُهُ كُلُّ مُسْلِمٍ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَخْ) تَصْرِيحٌ بِالْمَفْهُومِ. قَالَ فِي الْقُنْيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَزَّرَهُ حَالَ كَوْنِهِ مَشْغُولًا بِالْفَاحِشَةِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مَأْمُورٌ بِهِ، وَبَعْدَ الْفَرَاغِ لَيْسَ بِنَهْيٍ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَمَّا مَضَى لَا يُتَصَوَّرُ فَيَتَمَحَّصُ تَعْزِيرًا، وَذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ. اهـ. وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُعَزِّرَ الْمُعَزِّرَ إنْ عَزَّرَهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا

[فَرْعٌ مَنْ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَقِمْ عَلَيَّ التَّعْزِيرَ فَفَعَلَهُ ثُمَّ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ]

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَمَا فِي الْقُنْيَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ حَقًّا لِعَبْدٍ وَحَكَّمَا فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يُقِيمُهُ إلَّا الْإِمَامُ) وَقِيلَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ كَالْقِصَاصِ.

ص: 65

(ضَرَبَ غَيْرَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَضَرَبَهُ الْمَضْرُوبُ) أَيْضًا (يُعَزَّرَانِ) كَمَا لَوْ تَشَاتَمَا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَلَمْ يَتَكَافَآ كَمَا مَرَّ (وَيَبْدَأُ بِإِقَامَةِ التَّعْزِيرِ بِالْبَادِئِ) لِأَنَّهُ أَظْلَمُ قُنْيَةٌ. وَفِي مَجْمَعِ الْفَتَاوَى: جَازَ الْمُجَازَاةُ بِمِثْلِهِ فِي غَيْرِ مُوجِبِ حَدٍّ لِلْإِذْنِ بِهِ - {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ} [الشورى: 41] وَالْعَفْوُ أَفْضَلُ {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]- (وَصَحَّ حَبْسُهُ) وَلَوْ فِي بَيْتِهِ بِأَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الْخُرُوجِ مِنْهُ نَهْرٌ (مَعَ ضَرْبِهِ) إذَا اُحْتِيجَ لِزِيَادَةِ تَأْدِيبٍ (وَضَرْبُهُ أَشَدَّ) لِأَنَّهُ خُفِّفَ عَدَدًا فَلَا يُخَفَّفُ وَصْفًا (ثُمَّ حَدُّ الزِّنَا) لِثُبُوتِهِ بِالْكِتَابِ (ثُمَّ حَدُّ الشُّرْبِ) لِثُبُوتِهِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ لَا بِالْقِيَاسِ لِأَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي الْحُدُودِ (ثُمَّ الْقَذْفُ) لِضَعْفِ سَبَبِهِ بِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْقَاذِفِ.

(وَعُزِّرَ كُلُّ مُرْتَكِبِ مُنْكَرٍ أَوْ مُؤْذِي مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ)

ــ

[رد المحتار]

وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ قَدْ يُسْرِفُ فِيهِ غِلَظًا، بِخِلَافِ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَكَافَآ) عَطْفٌ عَلَى يُعَزَّرَانِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا يُتَوَهَّمُ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِ مَجْمَعِ الْفَتَاوَى الْآتِي جَازَ الْمُجَازَاةُ بِمِثْلِهِ إلَخْ. وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا تَمَحَّضَ حَقًّا لَهُمَا وَأَمْكَنَ فِيهِ التَّسَاوِي، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ يَا خَبِيثُ فَقَالَ بَلْ أَنْتِ، بِخِلَافِ الضَّرْبِ فَإِنَّهُ يَتَفَاوَتُ، وَبِخِلَافِ التَّشَاتُمِ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّ فِيهِ هَتْكَ مَجْلِسِ الشَّرْعِ كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ، وَقَدَّمْنَا تَمَامَهُ (قَوْلُهُ جَازَ الْمُجَازَاةُ بِمِثْلِهِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اشْتِرَاطِ إمْكَانِ التَّسَاوِي، وَتَمَحُّضِ كَوْنِهِ حَقًّا لَهُمَا كَمَا قُلْنَا إذْ بِدُونِ ذَلِكَ لَا مُمَاثَلَةَ (قَوْلُهُ إذَا اُحْتِيجَ لِزِيَادَةِ تَأْدِيبٍ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَرَى أَنَّ أَكْثَرَ الضَّرْبِ فِي التَّعْزِيرِ وَهُوَ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ لَا يَنْزَجِرُ بِهَا أَوْ هُوَ فِي شَكٍّ مِنْ انْزِجَارِهِ بِهَا يَضُمُّ إلَيْهِ الْحَبْسَ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ صَلَحَ تَعْزِيرًا بِانْفِرَادِهِ حَتَّى لَوْ رَأَى أَنْ لَا يَضْرِبَهُ وَيَحْبِسَهُ أَيَّامًا عُقُوبَةً فَعَلَ فَتْحٌ.

قَالَ ط: وَصَحَّ الْقَيْدُ فِي السُّفَهَاءِ وَالدُّعَّارِ وَأَهْلِ الْإِفْسَادِ حَمَوِيٌّ عَنْ الْمِفْتَاحِ (قَوْلُهُ وَضَرْبُهُ أَشَدَّ) أَيْ أَشَدَّ مِنْ ضَرْبِ حَدِّ الزِّنَا. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا عُزِّرَ بِمَا دُونَ أَكْثَرِهِ وَإِلَّا فَتِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مِنْ أَشَدِّ الضَّرْبِ فَوْقَ ثَمَانِينَ حُكْمًا فَضْلًا عَنْ أَرْبَعِينَ مَعَ تَنْقِيصِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشَدِّيَّةِ فَيَفُوتُ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ نَقَصَ كَذَا قَالَهُ الشَّيْخُ قَاسِمُ بْنُ قُطْلُوبُغَا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ وَإِطْلَاقُ الْأَشَدِّيَّةِ شَامِلٌ لِقُوَّتِهِ وَجَمْعِهِ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ فَلَا يُفَرِّقُ الضَّرْبَ فِيهِ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ أَوَّلَ الْبَابِ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ يُجَرَّدُ مِنْ ثِيَابِهِ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ: يُضْرَبُ التَّعْزِيرَ قَائِمًا بِثِيَابِهِ، وَيُنْزَعُ الْفَرْوُ وَالْحَشْوُ وَلَا يُمَدُّ فِي التَّعْزِيرِ اهـ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِتَصْرِيحِ الْمَبْسُوطِ بِهِ بَحْرٌ وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْمَدِّ فِي حَدِّ الزِّنَا (قَوْلُهُ فَلَا يُخَفَّفُ وَصْفًا) كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى فَوَاتِ الْمَقْصُودِ بَحْرٌ أَيْ الِانْزِجَارِ (قَوْلُهُ ثُمَّ حَدُّ الزِّنَا) بِالرَّفْعِ لِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَالْأَصْلُ ثُمَّ ضَرْبُ حَدِّ الزِّنَا ط (قَوْلُهُ لَا بِالْقِيَاسِ) رَدٌّ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ كَمَالٍ فِي هَامِشِ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ لِضَعْفِ سَبَبِهِ) أَيْ فَسَبَبُهُ مُحْتَمَلٌ وَسَبَبُ حَدِّ الشُّرْبِ مُتَيَقَّنٌ بِهِ وَهُوَ الشُّرْبُ وَالْمُرَادُ أَنَّ الشُّرْبَ مُتَيَقَّنُ السَّبَبِيَّةِ لِلْحَدِّ لَا مُتَيَقَّنُ الثُّبُوتِ؛ لِأَنَّهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ وَهُمَا لَا يُوجِبَانِ الْيَقِينَ بَحْرٌ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفَتْحِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَعُزِّرَ كُلُّ مُرْتَكِبِ مُنْكَرٍ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

مَطْلَبٌ التَّعْزِيرُ قَدْ يَكُونُ بِدُونِ مَعْصِيَةٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ حَصْرُ أَسْبَابِ التَّعْزِيرِ فِيمَا ذَكَرَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِدُونِ مَعْصِيَةٍ كَتَعْزِيرِ الصَّبِيِّ وَالْمُتَّهَمِ كَمَا يَأْتِي وَكَنَفْيِ مَنْ خِيفَ مِنْهُ فِتْنَةٌ بِجَمَالِهِ مَثَلًا، كَمَا مَرَّ فِي نَفْيِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ.

وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْحَاصِلَ وُجُوبُهُ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ لِكُلِّ مُرْتَكِبِ مَعْصِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا حَدٌّ مُقَدَّرٌ كَنَظَرٍ مُحَرَّمٍ وَمَسٍّ مُحَرَّمٍ وَخَلْوَةٍ مُحَرَّمَةٍ وَأَكْلِ رِبًا ظَاهِرٌ. اهـ. قُلْت: وَهَذِهِ الْكُلِّيَّةُ غَيْرُ مُنْعَكِسَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي مَعْصِيَةٍ فِيهَا حَدٌّ كَزِنَا غَيْرِ الْمُحْصَنِ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ حَدًّا وَلِلْإِمَامِ

ص: 66

إلَّا إذَا كَانَ الْكَذِبُ ظَاهِرًا كَيَا كَلْبُ بَحْرٌ (وَلَوْ بِغَمْزِ الْعَيْنِ) أَوْ إشَارَةِ الْيَدِ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي الْحَظْرِ، فَمُرْتَكِبُهُ مُرْتَكِبُ مُحَرَّمٍ وَكُلُّ مُرْتَكِبِ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا، فِيهَا التَّعْزِيرُ أَشْبَاهٌ (فَيُعَزَّرُ) بِشَتْمِ وَلَدِهِ وَقَذْفِهِ وَ (بِقَذْفِ مَمْلُوكٍ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدِهِ (وَكَذَا بِقَذْفِ كَافِرٍ) وَكُلِّ مَنْ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ (بِزِنًا) وَيَبْلُغُ بِهِ غَايَتَهُ، كَمَا لَوْ أَصَابَ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ مُحَرَّمًا غَيْرَ جِمَاعٍ، أَوْ أَخَذَ السَّارِقُ بَعْدَ جَمْعِهِ لِلْمَتَاعِ قَبْلَ إخْرَاجِهِ، وَفِيمَا عَدَاهَا لَا يَبْلُغُ غَايَتَهُ وَبِقَذْفِ: أَيْ بِشَتْمِ (مُسْلِمٍ) مَا (بِيَا فَاسِقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْفِسْقِ) كَمَكَّاسٍ مَثَلًا أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِفِسْقِهِ لِأَنَّ الشَّيْنَ قَدْ أَلْحَقَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ قَبْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ فَتْحٌ (فَإِنْ أَرَادَ الْقَاذِفُ) إثْبَاتَهُ بِالْبَيِّنَةِ (مُجَرَّدًا) بِلَا بَيَانِ سَبَبِهِ.

ــ

[رد المحتار]

نَفْيُهُ سِيَاسَةً وَتَعْزِيرًا كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ. وَرَوَى أَحْمَدُ أَنَّ النَّجَاشِيَّ الشَّاعِرَ جِيءَ بِهِ إلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي رَمَضَانَ فَضَرَبَهُ ثَمَانِينَ ثُمَّ ضَرَبَهُ مِنْ الْغَدِ عِشْرِينَ، لَكِنْ ذُكِرَ فِي الْفَتْحِ أَنَّهُ ضَرَبَهُ الْعِشْرِينَ فَوْقَ الثَّمَانِينَ لِفِطْرِهِ فِي رَمَضَانَ كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّهُ قَالَ لَهُ: ضَرَبْنَاك الْعِشْرِينَ بِجَرَاءَتِك عَلَى اللَّهِ وَإِفْطَارِك فِي رَمَضَانَ اهـ فَالتَّعْزِيرُ فِيهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى غَيْرِ جِهَةِ الْحَدِّ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْكَذِبُ ظَاهِرًا إلَخْ) سَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ غِيبَةٌ) ظَاهِرُهُ لُزُومُ التَّعْزِيرِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْحَقِّ، لَكِنْ مَرَّ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّ مَا يَجِبُ حَقًّا لِلْعَبْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الدَّعْوَى (قَوْلُهُ وَكُلُّ مُرْتَكِبِ مَعْصِيَةٍ) لَعَلَّهُ ذَكَرَهُ مَعَ إغْنَاءِ مَا قَبْلَهُ عَنْهُ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُنْكَرِ مَا لَا حَدَّ فِيهِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَيُعَزَّرُ مَنْ شَهِدَ شُرْبَ الشَّارِبِينَ وَالْمُجْتَمِعُونَ عَلَى شِبْهِ الشُّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبُوا، وَمَنْ مَعَهُ رِكْوَةُ خَمْرٍ وَالْمُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ، وَكَذَا الْمُسْلِمُ يَبِيعُ الْخَمْرَ وَيَأْكُلُ الرِّبَا. وَالْمُغَنِّي، وَالْمُخَنَّثُ، وَالنَّائِحَةُ يُعَزَّرُونَ وَيُحْبَسُونَ حَتَّى يُحْدِثُوا تَوْبَةً، وَمَنْ يُتَّهَمُ بِالْقَتْلِ وَالسَّرِقَةِ يُحْبَسُ وَيُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ إلَى أَنْ يُظْهِرَ التَّوْبَةَ، وَكَذَا مَنْ قَبَّلَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ عَانَقَهَا أَوْ مَسَّهَا بِشَهْوَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ فَيُعَزَّرُ بِشَتْمِ وَلَدِهِ) فِيهِ كَلَامٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ تَقَدَّمَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ لَيْسَ بِمُحْصَنٍ) أَيْ إحْصَانِ الْقَذْفِ ط. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ لِعَدَمِ إحْصَانِهِ يُعَزَّرُ قَاذِفُهُ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْحَدِّ لِعَدَمِ الْإِحْصَانِ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ (قَوْلُهُ وَيَبْلُغُ بِهِ غَايَتَهُ) أَيْ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ سَوْطًا وَهَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيُعَزَّرُ، وَمُقْتَضَاهُ بُلُوغُ الْغَايَةِ فِي شَتْمِ وَلَدِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ مُحَرَّمًا غَيْرَ جِمَاعٍ) الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا: كُلُّ مُحَرَّمٍ غَيْرِ جِمَاعٍ. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَا يَبْلُغُ الْغَايَةَ بِمُجَرَّدِ لَمْسٍ أَوْ تَقْبِيلٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَفِيمَا عَدَاهَا) أَيْ مَا عَدَا هَذِهِ الْمَوَاضِعَ الثَّلَاثَ لَا يَبْلُغُ غَايَةَ التَّعْزِيرِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا تَبَعًا لِلْبَحْرِ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ غَيْرَهَا: مِنْهَا مَا فِي الدُّرَرِ، قِيلَ تَارِكُ الصَّلَاةِ يُضْرَبُ حَتَّى يَسِيلَ مِنْهُ الدَّمُ. وَفِي الْحُجَّةِ: لَوْ ادَّعَى الْإِمَامُ أَنَّهُ كَانَ مَجُوسِيًّا لَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنَّهُ يُضْرَبُ ضَرْبًا شَدِيدًا اهـ أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْقَوْمَ إعَادَةُ الصَّلَاةِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: مَنْ وَطِئَ غُلَامًا يُعَزَّرُ أَشَدَّ التَّعْزِيرِ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ارْتَدَّتْ تُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتُضْرَبُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ اهـ أَيْ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّ أَكْثَرَهُ ذَلِكَ، أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَأَكْثَرُهُ تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ (قَوْلُهُ أَيْ بِشَتْمِ) إطْلَاقُ الْقَذْفِ عَلَى الشَّتْمِ مَجَازٌ شَرْعِيٌّ حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مُسْلِمٍ مَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ مَسْتُورًا، وَسَيَأْتِي أَنَّ الذِّمِّيَّ كَالْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِفِسْقِهِ) هَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْفَتْحِ، بَلْ ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوحِ مِنْ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِعِلْمِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِلَا بَيَانِ سَبَبِهِ) مِثْلُ أَنَّهُ فَاسِقٌ، وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُجَرَّدًا. وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ بَيَّنَ سَبَبًا شَرْعِيًّا كَتَقْبِيلِ أَجْنَبِيَّةٍ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ.

مَطْلَبٌ فِي الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ قُلْت: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرُوهُ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُقْبَلُ عَلَى جَرْحٍ مُجَرَّدٍ عَنْ إثْبَاتِ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْعَبْدِ، مِثْلُ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى شُهُودِ الْمُدَّعِي بِأَنَّهُمْ فَسَقَةٌ أَوْ زُنَاةٌ أَوْ أَكَلَةُ الرِّبَا أَوْ شَرَبَةُ الْخَمْرِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهِمْ

ص: 67

(لَا تُسْمَعُ: وَلَوْ قَالَ يَا زَانِي وَأَرَادَ إثْبَاتَهُ تُسْمَعُ) لِثُبُوتِ الْحَدِّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ،

ــ

[رد المحتار]

أَنَّهُمْ شَهِدُوا بِزُورٍ، وَتُقْبَلُ لَوْ شَهِدُوا عَلَى الْجَرْحِ الْمُرَكَّبِ مِثْلُ أَنَّهُمْ زَنَوْا وَوَصَفُوا الزِّنَا أَوْ شَرِبُوا الْخَمْرَ أَوْ سَرَقُوا مِنِّي كَذَا وَلَمْ يَتَقَادَمْ الْعَهْدُ، أَوْ أَنِّي صَالَحْتُهُمْ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدُوا عَلَيَّ بِالْبَاطِلِ وَأَطْلُبُ رَدَّ الْمَالِ مِنْهُمْ فَفِي هَذَا إثْبَاتُ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ الْحَدُّ، أَوْ إثْبَاتُ حَقِّ الْعَبْدِ وَهُوَ الْمَالُ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إثْبَاتُ فِعْلٍ خَاصٍّ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ، بَلْ غَايَتُهُ أَنَّ عَادَتَهُمْ فِعْلُ الزِّنَا أَوْ نَحْوُهُ فَهُوَ جَرْحٌ مُجَرَّدٌ. وَقَدْ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ هُنَا: إنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْجَرْحِ الْمُجَرَّدِ لَا تَصِحُّ بَلْ تَصِحُّ إذَا ثَبَتَ فِسْقُهُ فِي ضِمْنِ مَا تَصِحُّ فِيهِ الْخُصُومَةُ كَجَرْحِ الشُّهُودِ اهـ. فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَا بُيِّنَ سَبَبُهُ كَتَقْبِيلِ أَجْنَبِيَّةٍ مَثَلًا جَرْحٌ مُجَرَّدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ضِمْنِ مَا تَصِحُّ فِيهِ الْخُصُومَةُ، وَلِهَذَا أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ هُنَاكَ أَنَّ إقْرَارَهُمْ بِشَهَادَةِ الزُّورِ مُوجِبٌ لِلتَّعْزِيرِ وَهُوَ مِنْ حُقُوقِهِ تَعَالَى.

وَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ بِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِحَقِّهِ تَعَالَى الْحَدُّ لَا التَّعْزِيرُ؛ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، فَلَيْسَ فِي وُسْعِ الْقَاضِي إلْزَامُهُ بِهِ، بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهَا. قُلْت: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُجَرَّدِ هُنَا مَا لَمْ يُبَيَّنْ سَبَبُهُ وَغَيْرِ الْمُجَرَّدِ مَا بُيِّنَ لَهُ سَبَبٌ مُوجِبٌ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ أَوْ لِحَقِّ الْعَبْدِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُجَرَّدِ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يُوجِبْ حَدًّا أَوْ حَقَّ عَبْدٍ، وَغَيْرِ الْمُجَرَّدِ مَا ثَبَتَ فِي ضِمْنِ مَا تَصِحُّ فِيهِ الْخُصُومَةُ مِنْ حَقٍّ لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْعَبْدِ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا إسْقَاطُ التَّعْزِيرِ عَنْ الْقَاذِفِ بِإِثْبَاتِ مَا يُوجِبُ صِدْقَهُ لَا إثْبَاتِ فِسْقِ الْمَقْذُوفِ ابْتِدَاءً فَلِذَا اُكْتُفِيَ بِبَيَانِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِفِسْقِهِ، وَلَمْ يَكْتَفَ بِالْمُجَرَّدِ عَنْهُ لِاحْتِمَالِ ظَنِّ الشَّاهِدَيْنِ مَا لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِلْفِسْقِ مُفَسِّقًا.

وَأَمَّا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ فِسْقِ الشَّاهِدِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَبْحَثُ أَوَّلًا عَنْ عَدَالَتِهِ لِيَقْبَلَ شَهَادَتَهُ، فَإِذَا بَرْهَنَ الْخَصْمُ عَلَى جَرْحِهِ كَانَ الْمَقْصُودُ إثْبَاتَ فِسْقِهِ لِتَسْقُطَ عَدَالَتُهُ؛ لِأَنَّ الْجَرْحَ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ وَإِثْبَاتُ الْفِسْقِ مَقْصُودًا إظْهَارُ الْفَاحِشَةِ. وَقَدْ قَالُوا: إنَّهُ مُفَسِّقٌ لِشُهُودِ الْجَرْحِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ إلَّا إذَا كَانَ فِي ضِمْنِ إثْبَاتِ حَقٍّ تَصِحُّ فِيهِ الْخُصُومَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مَقْصُودًا بِإِظْهَارِ الْفَاحِشَةِ بَلْ يَثْبُتُ ضِمْنًا، وَلَا يَدْخُلُ فِي الْحَقِّ هُنَا التَّعْزِيرُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْمُصَنِّفِ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ جَرْحٌ مُجَرَّدٌ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ لَا هُنَا فَيُقْبَلُ هُنَا بَعْدَ بَيَانِ سَبَبِهِ لَا هُنَاكَ لِمَا عَلِمْت وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا صَرَّحُوا بِهِ هُنَاكَ مِنْ أَنَّ الْجَرْحَ الْمُجَرَّدَ إنَّمَا لَا يُقْبَلُ لَوْ كَانَ جَهْرًا؛ لِأَنَّهُ إظْهَارٌ لِلْفَاحِشَةِ، أَمَّا لَوْ كَانَ سِرًّا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ، وَكَذَا مَا صَرَّحُوا بِهِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إذَا كَانَ بَعْدَ التَّعْدِيلِ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَشَى عَلَيْهِ هُنَاكَ، فَلَوْ كَانَ قَبْلَهُ قُبِلَ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ عِلَّةَ قَبُولِهِ قَبْلَهُ أَنَّهُ يَكُونُ خَبَرًا بِفِسْقِ الشُّهُودِ لِئَلَّا يَقْبَلَ الْقَاضِي شَهَادَتَهُمْ، وَلِذَا يُقْبَلُ الْجَرْحُ سِرًّا مِنْ وَاحِدٍ، وَلَوْ كَانَ شَهَادَةً لَمْ يُقْبَلْ وَلِهَذَا لَوْ عُدِّلُوا بَعْدَ الْجَرْحِ تَثْبُتُ عَدَالَتُهُمْ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، وَلَوْ كَانَ الْجَرْحُ سِرًّا شَهَادَةً مَقْبُولَةً لَسَقَطُوا عَنْ حَيِّزِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُمْ مَجَالُ التَّعْدِيلِ، فَثَبَتَ أَنَّهُ إخْبَارٌ لَا شَهَادَةٌ، وَنَظِيرُهُ سُؤَالُ الْقَاضِي الْمُزَكِّينَ عَنْ الشُّهُودِ فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْجَرْحَ الْمُجَرَّدَ لَا يُقْبَلُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ جَهْرًا بَعْدَ التَّعْدِيلِ وَإِلَّا قُبِلَ. وَأَمَّا فِي بَابِ التَّعْزِيرِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ بَعْدَ بَيَانِ سَبَبِهِ وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مُجَرَّدًا.

[تَنْبِيهٌ] سَيَأْتِي أَنَّ التَّعْزِيرَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْمُدَّعِي مَعَ آخَرَ وَبِشَهَادَةِ عَدْلٍ إذَا كَانَ فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ تَعْزِيرَ الْقَاذِفِ ثَبَتَ حَقًّا لِلْمَقْذُوفِ، فَإِذَا ادَّعَى الْقَاذِفُ فِسْقَ الْمَقْذُوفِ لَا تَكْفِي شَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى صِدْقِ الْقَاذِفِ لِيَسْقُطَ عَنْهُ التَّعْزِيرُ الثَّابِتُ حَقًّا لِلْمَقْذُوفِ بِخِلَافِ مَا كَانَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ وَالسَّلَامُ. (قَوْلُهُ وَأَرَادَ إثْبَاتَهُ) أَيْ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ الْحَدِّ) أَيْ فَكَانَ الْجَرْحُ ثَابِتًا ضِمْنًا لَا قَصْدًا فَلَمْ يَكُنْ مُجَرَّدًا، لَكِنَّ الْمُنَاسِبَ التَّعْلِيلُ بِبَيَانِ السَّبَبِ وَيُؤَيِّدُ مَا مَرَّ قَبْلَ هَذَا الْبَابِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ أَرْبَعَةً فُسَّاقًا يُدْرَأُ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ وَالشُّهُودِ،

ص: 68

حَتَّى لَوْ بَيَّنُوا فِسْقَهُ بِمَا فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْعَبْدِ قُبِلَتْ وَكَذَا فِي جَرْحِ الشَّاهِدِ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَ الْقَاضِي عَنْ سَبَبِ فِسْقِهِ، فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبًا شَرْعِيًّا كَتَقْبِيلِ أَجْنَبِيَّةٍ وَعِنَاقِهَا وَخَلْوَتِهِ بِهَا طَلَبَ بَيِّنَةً لِيُعَزِّرَهُ، وَلَوْ قَالَ هُوَ تَرْكُ وَاجِبٍ سَأَلَ الْقَاضِي الْمَشْتُومَ عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهُ مِنْ الْفَرَائِضِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا ثَبَتَ فِسْقُهُ، لِمَا فِي الْمُجْتَبَى: مَنْ تَرَكَ الِاشْتِغَالَ بِالْفِقْهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَالْمُرَادُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَعَلُّمُهُ مِنْهُ نَهْرٌ.

(وَعُزِّرَ) الشَّاتِمُ (بِيَا كَافِرُ) وَهَلْ يَكْفُرُ إنْ اعْتَقَدَ الْمُسْلِمَ كَافِرًا؟ نَعَمْ وَإِلَّا لَا بِهِ يُفْتَى شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ، وَلَوْ أَجَابَهُ لَبَّيْكَ كَفَرَ خُلَاصَةٌ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة، قِيلَ لَا يُعَزَّرُ مَا لَمْ يَقُلْ يَا كَافِرُ بِاَللَّهِ لِأَنَّهُ كَافِرٌ بِالطَّاغُوتِ فَيَكُونُ مُحْتَمَلًا (يَا خَبِيثُ يَا سَارِقُ يَا فَاجِرُ يَا مُخَنَّثُ يَا خَائِنُ) يَا سَفِيهُ يَا بَلِيدُ يَا أَحْمَقُ يَا مُبَاحِي يَا عَوَانِي (يَا لُوطِيُّ) وَقِيلَ يُسْأَلُ، فَإِنْ عَنَى أَنَّهُ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ عليه الصلاة والسلام لَا يُعَزَّرُ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يَعْمَلُ عَمَلَهُمْ عُزِّرَ عِنْدَهُ وَحُدَّ عِنْدَهُمَا وَالصَّحِيحُ تَعْزِيرُهُ لَوْ فِي غَضَبٍ أَوْ هَزْلٍ فَتْحٌ (يَا زِنْدِيقُ) يَا مُنَافِقُ يَا رَافِضِيٌّ.

ــ

[رد المحتار]

فَعُلِمَ أَنَّ ثُبُوتَ الْحَدِّ غَيْرُ لَازِمٍ، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا حَقَّقْنَاهُ آنِفًا مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُجَرَّدِ هُنَا مَا لَمْ يُبَيَّنْ سَبَبُهُ لَا مَا لَمْ يَثْبُتْ ضِمْنًا (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ بَيَّنُوا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا بَيَانِ سَبَبِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي جَرْحِ الشَّاهِدِ) قَدْ عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِيُعَزِّرَهُ) أَيْ يُعَزِّرَ الْمَقْذُوفَ وَيُسْقِطَ التَّعْزِيرَ عَنْ الْقَاذِفِ (قَوْلُهُ سَأَلَ الْقَاضِي الْمَشْتُومَ) أَيْ وَلَا يَطْلُبُ مِنْ الشَّاتِمِ الْبَيِّنَةَ فِي مِثْلِ هَذَا كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ مِنْ الْفَرَائِضِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْوَاجِبَاتِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ ثَبَتَ فِسْقُهُ) وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ التَّعْزِيرُ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يُعَزَّرُ كُلُّ مُرْتَكِبِ مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا

(قَوْلُهُ بِيَا كَافِرُ) لَمْ يُقَيَّدْ بِكَوْنِ الْمَشْتُومِ بِذَلِكَ مُسْلِمًا لِمَا يَذْكُرُهُ بَعْدُ (قَوْلُهُ إنْ اعْتَقَدَ الْمُسْلِمَ كَافِرًا نَعَمْ) أَيْ يَكْفُرُ إنْ اعْتَقَدَهُ كَافِرًا لَا بِسَبَبٍ مُكَفِّرٍ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَفِي الذَّخِيرَةِ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الشَّتْمَ وَلَا يَعْتَقِدُهُ كُفْرًا لَا يَكْفُرُ وَإِنْ اعْتَقَدَهُ كُفْرًا فَخَاطَبَهُ بِهَذَا بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ كَافِرٌ يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اعْتَقَدَ الْمُسْلِمَ كَافِرًا فَقَدْ اعْتَقَدَ دِينَ الْإِسْلَامِ كُفْرًا. اهـ. (قَوْلُهُ كَفَرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ إجَابَتَهُ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ كَافِرٌ فَيُؤَاخَذُ بِهِ لِرِضَاهُ بِالْكُفْرِ ظَاهِرًا إلَّا إذَا كَانَ مُكْرَهًا. وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا بِأَنَّهُ كَافِرٌ بِالطَّاغُوتِ مَثَلًا فَلَا يَكْفُرُ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ مُحْتَمَلًا) قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَيَرْجِعُ خِلَافُهُ حَالَةَ السَّبِّ، فَلِذَا أَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ يَا فَاجِرُ) يُسْتَعْمَلُ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ بِمَعْنَى الْكَافِرِ وَالزَّانِي، وَفِي عُرْفِنَا الْيَوْمَ بِمَعْنَى كَثِيرِ الْخِصَامِ وَالْمُنَازَعَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَأَفَادَ بِعَطْفِهِ يَا فَاجِرُ عَلَى يَا فَاسِقُ التَّغَايُرَ بَيْنَهُمَا، وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ: لَوْ أَقَامَ مُدَّعِي الشَّتْمِ شَاهِدَيْنِ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَهُ يَا فَاسِقُ وَالْآخَرُ عَلَى أَنَّهُ قَالَ لَهُ يَا فَاجِرُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ. اهـ. (قَوْلُهُ يَا مُخَنَّثُ) بِفَتْحِ النُّونِ، أَمَّا بِكَسْرِهَا فَمُرَادِفٌ لِلُّوطِيِّ نَهْرٌ وَقِيلَ الْمُخَنَّثُ مَنْ يُؤْتَى كَالْمَرْأَةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى. وَنَقَلَ بَعْضُ الْمُحَشِّينَ عَنْ الْإِشَارَاتِ أَنَّ كَسْرَ النُّونِ أَفْصَحُ وَالْفَتْحَ أَشْهَرُ، وَهُوَ مَنْ خُلُقُهُ خُلُقُ النِّسَاءِ فِي حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ وَهَيْئَاتِهِ وَكَلَامِهِ. فَإِنْ كَانَ خِلْقَةً فَلَا ذَمَّ فِيهِ، وَمَنْ يَتَكَلَّفُهُ فَهُوَ الْمَذْمُومُ

(قَوْلُهُ يَا خَائِنُ) هُوَ الَّذِي يَخُونُ فِيمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْأَمَانَاتِ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ يَا سَفِيهُ) هُوَ الْمُبَذِّرُ الْمُسْرِفُ وَفِي عُرْفِنَا الْيَوْمَ بِمَعْنَى بَذِيءِ اللِّسَانِ (قَوْلُهُ يَا بَلِيدُ) إنَّمَا يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْخَبِيثِ الْفَاجِرِ نَهْرٌ عَنْ السِّرَاجِ. قُلْت: وَهُوَ فِي الْعُرْفِ الْيَوْمَ بِمَعْنَى قَلِيلِ الْفَهْمِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَزَّرَ بِهِ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتْحِ قَالَ: وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ يُشْبِهُ يَا أَبْلَهُ وَلَمْ يُعَزِّرُوا بِهِ (قَوْلُهُ يَا أَحْمَقُ) بِمَعْنَى نَاقِصِ الْعَقْلِ سَيِّئِ الْأَخْلَاقِ (قَوْلُهُ يَا مُبَاحِي) هُوَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا مُبَاحَةٌ (قَوْلُهُ يَا عَوَانِي) هُوَ السَّاعِي إلَى الْحَاكِمِ بِالنَّاسِ ظُلْمًا (قَوْلُهُ أَوْ هَزْلٍ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ قُلْت: أَوْ هَزْلِ مَنْ تَعَوَّدَ بِالْهَزْلِ بِالْقَبِيحِ. اهـ. (قَوْلُهُ يَا زِنْدِيقُ يَا مُنَافِقُ) الْأَوَّلُ هُوَ مَنْ لَا يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ، وَالثَّانِي هُوَ مَنْ يُبْطِنُ الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الرِّدَّةِ عَنْ الْفَتْحِ (قَوْلُهُ يَا رَافِضِيٌّ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ يَا رَافِضِيٌّ

ص: 69

يَا مُبْتَدَعِي يَا يَهُودِيُّ يَا نَصْرَانِيُّ يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ نَهْرٌ (يَا لِصُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِصًّا) لِصِدْقِ الْقَائِلِ كَمَا مَرَّ، وَالنِّدَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، إذْ الْإِخْبَارُ كَأَنْتَ أَوْ فُلَانٌ فَاسِقٌ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الدَّعْوَى قُنْيَةٌ (يَا دَيُّوثُ) هُوَ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى امْرَأَتِهِ أَوْ مَحْرَمِهِ (يَا قَرْطَبَانِ) مُرَادِفُ دَيُّوثٍ بِمَعْنَى مُعَرِّصٍ (يَا شَارِبَ الْخَمْرِ، يَا آكِلَ الرِّبَا، يَا ابْنَ الْقَحْبَةِ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ إذَا شَتَمَ أَصْلَهُ عُزِّرَ بِطَلَبِ الْوَلَدِ كَيَا ابْنَ الْفَاسِقِ يَا ابْنَ الْكَافِرِ، وَأَنَّهُ يُعَزَّرُ بِقَوْلِهِ يَا قَحْبَةُ. لَا يُقَالُ: الْقَحْبَةُ عُرْفًا أَفْحَشُ مِنْ الزَّانِيَةِ لِكَوْنِهَا تُجَاهِرُ بِهِ بِالْأُجْرَةِ. لِأَنَّا نَقُولُ: لِذَلِكَ الْمَعْنَى لَمْ يُحَدَّ، فَإِنَّ

ــ

[رد المحتار]

بِمَنْزِلَةِ يَا كَافِرُ أَوْ يَا مُبْتَدِعُ فَيُعَزَّرُ؛ لِأَنَّ الرَّافِضِيَّ كَافِرٌ إنْ كَانَ يَسُبُّ الشَّيْخَيْنِ مُبْتَدِعٌ إنْ فَضَّلَ عَلِيًّا عَلَيْهِمَا مِنْ غَيْرِ سَبٍّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. اهـ.

قُلْت: وَفِي كُفْرِ الرَّافِضِيِّ بِمُجَرَّدِ السَّبِّ كَلَامٌ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الْمُرْتَدِّ، نَعَمْ لَوْ كَانَ يَقْذِفُ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَلَا شَكَّ فِي كُفْرِهِ (قَوْلُهُ يَا مُبْتَدِعِيُّ) أَهْلُ الْبِدْعَةِ: كُلُّ مَنْ قَالَ قَوْلًا خَالَفَ فِيهِ اعْتِقَادَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ يَا لِصُّ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَتُضَمُّ دُرٌّ مُنْتَقَى (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِصًّا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ لِئَلَّا يُوهِمَ اخْتِصَاصَهُ بِاللِّصِّ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُلِّ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ وَقَالَ إنَّهُ لَا تَصْرِيحَ بِهِ. اهـ. قُلْت: وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي الْفَتْحِ: وَقَيَّدَ النَّاطِفِيُّ بِمَا إذَا قَالَهُ لِرَجُلٍ صَالِحٍ، أَمَّا لَوْ قَالَ لِفَاسِقٍ أَوْ لِلِصٍّ يَا لِصُّ أَوْ لِفَاجِرٍ يَا فَاجِرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّعْلِيلُ يُفِيدُ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُنَا إنَّهُ آذَاهُ بِمَا أَلْحَقَ بِهِ مِنْ الشَّيْنِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ لَمْ يَعْلَمْ اتِّصَافَهُ بِهَذِهِ؛ أَمَّا مَنْ عَلِمَ فَإِنَّ الشَّيْنَ قَدْ أَلْحَقَهُ بِنَفْسِهِ قَبْلَ قَوْلِ الْقَائِلِ اهـ كَلَامُ الْفَتْحِ.

قُلْت: وَيَظْهَرُ مِنْ هَذَا وَكَذَا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْفِسْقِ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُجَاهِرُ الْمُشْتَهِرُ بِذَلِكَ فَلَا يُعَزَّرُ شَاتِمُهُ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ اغْتَابَهُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إيذَاءَهُ بِمَا لَمْ يُعْلَمْ اتِّصَافُهُ بِهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعَزَّرُ بِالْغِيبَةِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا بِوَصْفِهِ بِمَا فِيهِ وَإِلَّا كَانَتْ بُهْتَانًا، فَإِذَا عُزِّرَ بِوَصْفِهِ بِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يَتَجَاهَرْ بِهِ فَفِي شَتْمِهِ بِهِ فِي وَجْهِهِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ فِي الْإِيذَاءِ وَالْإِهَانَةِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ يَا فَاسِقُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مَخْرَجَ الدَّعْوَى) قَيْدٌ لِلُزُومِ التَّعْزِيرِ بِالْإِخْبَارِ عَنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ فُلَانًا فَعَلَ كَذَا مِمَّا هُوَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يُعَزَّرُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ السَّبِّ وَالِانْتِقَاصِ، بَلْ يُعَزَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ عَنْ كَفَالَةِ النَّهْرِ أَنَّ كُلَّ تَعْزِيرٍ لِلَّهِ تَعَالَى يَكْفِي فِيهِ خَبَرُ الْعَدْلِ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ سَرِقَةً أَوْ مَا يُوجِبُ كُفْرًا وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ، بِخِلَافِ دَعْوَى الزِّنَا كَمَا يَأْتِي، وَالْفَرْقُ وُجُودُ النَّصِّ عَلَى حَدِّهِ لِلْقَذْفِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعَةٍ مِنْ الشُّهَدَاءِ (قَوْلُهُ يَا دَيُّوثُ) بِتَثْلِيثِ الدَّالِ ط، وَمِثْلُهُ الْقَوَّادُ فِي عُرْفِ مِصْرَ وَالشَّامِ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ يَا قَرْطَبَانُ) مُعَرَّبُ قَلْتَبَانَ دُرَرٌ، وَمِثْلُهُ يَا كَشْخَانُ وَهُوَ الْحَقُّ، خِلَافًا لِمَا فِي الْكَنْزِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَعْزِيرَ فِيهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَهُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ خِلَافًا لِمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ بِالْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ مُرَادِفُ دَيُّوثٍ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: هُوَ الَّذِي يَرَى مَعَ امْرَأَتِهِ أَوْ مَحْرَمِهِ رَجُلًا فَيَدَعُهُ خَالِيًا بِهَا. وَقِيلَ هُوَ الْمُتَسَبِّبُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ اثْنَيْنِ لِمَعْنًى غَيْرِ مَمْدُوحٍ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يَبْعَثُ امْرَأَتَهُ مَعَ غُلَامٍ بَالِغٍ، أَوْ مَعَ مُزَارِعِهِ إلَى الضَّيْعَةِ، أَوْ يَأْذَنُ لَهُمَا بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى مُعَرِّصٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُعَرِّسٌ بِالسِّينِ. قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَمَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ: وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ فَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِالْمُعَرِّسِ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْعَوَامُّ يَلْحَنُونَ فِيهِ فَيَفْتَحُونَ الرَّاءَ وَيَأْتُونَ بِالصَّادِ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ عُزِّرَ بِطَلَبِ الْوَلَدِ) ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالشَّتْمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الطَّلَبَ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ حَيًّا، بِخِلَافِ قَوْلِهِ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَأَنَّهُ يُعَزَّرُ أَيْضًا بِطَلَبِ الْأَصْلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يُعَزَّرُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهُ إذَا شَتَمَ: أَيْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إيمَاءً أَيْضًا إلَى أَنَّ مُوجَبَهُ التَّعْزِيرُ لَا الْحَدُّ (قَوْلُهُ لَا يُقَالُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُوجِبَ الْحَدَّ لَا التَّعْزِيرَ

ص: 70