الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لَا تُلْحَقُ بِالْمَنَازِلِ الْمَوْقُوفَةِ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّ لِلُزُومِهِ كَلَامًا كَثِيرًا وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا
[مَطْلَبٌ اشْتَرَى بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا لِلْوَقْفِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]
(مَاتَ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ وَلَمْ يَسْتَوْفِيَا وَظِيفَتَهُمَا مِنْ الْوَقْفِ سَقَطَ) لِأَنَّهُ كَالصِّلَةِ (كَالْقَاضِي وَقِيلَ لَا) يَسْقُطُ لِأَنَّهُ كَالْأُجْرَةِ كَذَا فِي الدُّرَرِ قَبْلَ بَابِ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ثَمَّةَ: وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ لِحِكَايَةِ الثَّانِي بِقِيلَ.
قُلْت: قَدْ جَزَمَ فِي الْبُغْيَةِ تَلْخِيصِ الْقُنْيَةِ بِأَنَّهُ يُورَثُ بِخِلَافِ رِزْقِ الْقَاضِي كَذَا فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ وَمَغْنَمِ النَّهْرِ وَلَوْ عَلَى الْإِمَامِ دَارُ وَقْفٍ فَلَمْ يَسْتَوْفِ الْأُجْرَةَ حَتَّى مَاتَ إنْ آجَرَهَا الْمُتَوَلِّي سَقَطَ
ــ
[رد المحتار]
عَنْ الْقُنْيَةِ إنَّمَا يَجُوزُ الشِّرَاءُ بِإِذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَا يُسْتَفَادُ الشِّرَاءُ مِنْ مُجَرَّدِ تَفْوِيضِ الْقِوَامَةِ إلَيْهِ فَلَوْ اسْتَدَانَ فِي ثَمَنِهِ وَقَعَ الشِّرَاءُ لَهُ. اهـ.
قُلْت: لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ الْفَقِيهُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْحَاكِمِ احْتِيَاطًا فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ بَيْعُهَا فِي الْأَصَحِّ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ وَذَكَرَ أَبُو اللَّيْثِ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِيرُ وَقْفًا وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ الْمُخْتَارُ. اهـ. رَمْلِيٌّ.
قُلْت: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا إنْ احْتَاجُوا إلَيْهِ.
مَطْلَبٌ فِي الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ
(قَوْلُهُ: كَالْقَاضِي) فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ إلَّا إذَا مَاتَ فِي آخِرِ السَّنَةِ فَيُسْتَحَبُّ الصَّرْفُ لِوَرَثَتِهِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ قُبَيْلَ بَابِ الْمُرْتَدِّ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ) أَيْ بَلْ يُعْطَى بِقَدْرِ مَا بَاشَرَ وَيَصِيرُ مِيرَاثًا عَنْهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: قُلْت قَدْ جَزَمَ فِي الْبُغْيَةِ إلَخْ) أَيْ فَجَزْمُهُ بِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ. قُلْت: وَوَجْهُهُ مَا سَيَذْكُرُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِكِيَّةِ أَنَّ لَهَا شَبَهَ الْأُجْرَةِ وَشَبَهَ الصِّلَةِ، ثُمَّ إنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ مَنَعُوا أَخْذَ الْأُجْرَةِ عَلَى الطَّاعَاتِ، وَأَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ بِجَوَازِهِ عَلَى التَّعْلِيمِ وَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ نَظَرَ إلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ رَجَّحَ شَبَهَ الصِّلَةِ فَقَالَ بِسُقُوطِهَا بِالْمَوْتِ، لِأَنَّ الصِّلَةَ لَا تُمْلَكُ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَمَنْ نَظَرَ إلَى مَذْهَبِ الْمُتَأَخِّرِينَ رَجَّحَ شِبْهَ الْأُجْرَةِ فَقَالَ بِعَدَمِ السُّقُوطِ، وَحَيْثُ كَانَ مَذْهَبُ الْمُتَأَخِّرِينَ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ جَزَمَ فِي الْبُغْيَةِ بِالثَّانِي، بِخِلَافِ رِزْقِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَبَهٌ بِالْأُجْرَةِ أَصْلًا إذْ لَا قَائِلَ بِأَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْقَضَاءِ. مَطْلَبٌ إذَا مَاتَ الْمُدَرِّسُ وَنَحْوُهُ يُعْطَى بِقَدْرِ مَا بَاشَرَ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الذُّرِّيَّةِ
وَعَلَى هَذَا مَشَى الطَّرَسُوسِيُّ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَلَى أَنَّ الْمُدَرِّسَ وَنَحْوَهُ مِنْ أَصْحَابِ الْوَظَائِفِ إذَا مَاتَ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ يُعْطَى بِقَدْرِ مَا بَاشَرَ وَيَسْقُطُ الْبَاقِي وَقَالَ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْأَوْلَادِ وَالذُّرِّيَّةِ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِمْ وَقْتُ ظُهُورِ الْغَلَّةِ، فَمَنْ مَاتَ بَعْدَ ظُهُورِهَا وَلَوْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا صَارَ مَا يَسْتَحِقُّهُ لِوَرَثَتِهِ وَإِلَّا سَقَطَ اهـ وَتَبِعَهُ فِي الْأَشْبَاهِ وَأَفْتَى بِهِ فِي الْخَيْرِيَّةِ وَهُوَ الَّذِي حَرَّرَهُ الْمَرْحُومُ مُفْتِي الرُّومِ أَبُو السُّعُودِ الْعِمَادِيُّ، وَهَذَا خُلَاصَةُ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْقِسْمَةِ، وَقُبَيْلَ بَابِ الْمُرْتَدِّ وَلَوْ كَانَ الْوَقْفُ يُؤَجَّرُ أَقْسَاطًا فَتَمَامُ كُلِّ قِسْطٍ بِمَنْزِلَةِ طُلُوعِ الْغَلَّةِ فَمَنْ وُجِدَ وَقْتَهُ اسْتَحَقَّ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْحَانُوتِيُّ تَبَعًا لِلْفَتْحِ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ ظَهَرَ سُقُوطُ مَا نَقَلَهُ الْبِيرِيُّ عَنْ شَيْخِ الشُّيُوخِ الدِّيرِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِهَذَا الْقَوْلِ، وَهُوَ عَدَمُ السُّقُوطِ بِالْمَوْتِ فِي حَقِّ الْمُدَرِّسِ وَالطَّلَبَةِ لَا فِي حَقِّ الْمُؤَذِّنِ وَالْإِمَامِ لِأَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِمَامَةَ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ، فَلَا تَكُونُ بِمُقَابَلَةِ أُجْرَةٍ اهـ مُلَخَّصًا فَإِنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ أَفْتَوْا بِأَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ.
وَإِنْ آجَرَهَا الْإِمَامُ لَا عِمَادِيَّةٌ أَخَذَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ، وَذَهَبَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ لَا يُسْتَرَدُّ مِنْهُ غَلَّةَ بَاقِي السَّنَةِ فَصَارَ كَالْجِزْيَةِ وَمَوْتِ الْقَاضِي قَبْلَ الْحَوْلِ، وَيَحِلُّ لِلْإِمَامِ غَلَّةُ بَاقِي السَّنَةِ لَوْ فَقِيرًا وَكَذَا الْحُكْمُ فِي طَلَبَةِ الْعِلْمِ فِي الْمَدَارِسِ دُرَرٌ. وَنَظَمَ ابْنُ الشِّحْنَةِ الْغَيْبَةَ الْمُسْقِطَةَ لِلْمَعْلُومِ الْمُقْتَضِيَةَ لِلْعَزْلِ.
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الصِّرِّ وَالْحَبِّ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ [تَنْبِيهٌ]
ذَكَرَ الْبِيرِيُّ أَيْضًا أَنَّهُ سُئِلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ ظَهِيرَةَ الْقُرَشِيُّ الْحَنَفِيُّ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ شَيْءٌ مِنْ الصِّرِّ وَالْحَبِّ وَوَرَّدَ ذَلِكَ عَنْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فِي حَيَاتِهِ وَفِي السَّنَةِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا هَلْ يَسْتَحِقُّهُ بِقِسْطِهِ؟ أَجَابَ: نَعَمْ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَبَرَّةً مِنْ السُّلْطَانِ صَارَ نَصِيبُهُ فِي حُكْمِ الْمَحْلُولِ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو اللَّيْثِ فِي النَّوَازِلِ أَنَّهُ يَكُونُ لِوَارِثِهِ اهـ وَمُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ قَوْمٌ أَمَرُوا أَنْ يَكْتُبُوا مَسَاكِينَ مَسْجِدِهِمْ فَكَتَبُوا وَرَفَعُوا أَسَامِيَهُمْ وَأَخْرَجُوا الدَّرَاهِمَ عَلَى عَدَدِهِمْ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الْمَسَاكِينِ قَالَ: يُعْطَى وَارِثُهُ إنْ مَاتَ بَعْدَ رَفْعِ اسْمِهِ اهـ وَمِنْهُ يُعْلَمُ حُكْمُ الْأَمَانَاتِ الْوَاصِلَةِ لِأَهْلِ مَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى وَجْهِ الصِّلَةِ وَالْمَبَرَّةِ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ، وَقَدْ أَفْتَيْتُ بِدَفْعِ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ بِيرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ آجَرَهَا الْإِمَامُ لَا) أَيْ لَا يَسْقُطُ مَعْلُومُهُ تَنْزِيلًا لِعَقْدِهِ مَنْزِلَةَ الْقَبْضِ تَأَمَّلْ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ الْغَلَّةُ أَوْ السُّكْنَى لَا يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ بِالسُّقُوطِ. مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا قَبَضَ الْمَعْلُومَ وَغَابَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ
(قَوْلُهُ: أَخَذَ الْإِمَامُ الْغَلَّةَ) أَيْ قَبَضَ مَعْلُومَ السَّنَةِ بِتَمَامِهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ قَالَ فِي الْهِنْدِيَّةِ: إمَامُ الْمَسْجِدِ رَفَعَ الْغَلَّةَ وَذَهَبَ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ لَا يَسْتَرِدُّ مِنْهُ الصِّلَةَ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْحَصَادِ فَإِنْ كَانَ يَؤُمُّ فِي الْمَسْجِدِ وَقْتَ الْحَصَادِ يَسْتَحِقُّ كَذَا فِي الْوَجِيزِ وَهَلْ يَحِلُّ لِلْإِمَامِ أَكْلُ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ إنْ كَانَ فَقِيرًا، يَحِلُّ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي طَلَبَةِ الْعِلْمِ يُعْطَوْنَ فِي كُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا مُقَدَّرًا مِنْ الْغَلَّةِ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ فَأَخَذَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ قِسْطَهُ وَقْتَ الْإِدْرَاكِ، فَتَحَوَّلَ عَنْ تِلْكَ الْمَدْرَسَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْحَصَادِ ظَاهِرُهُ الْمُنَافَاةُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الطَّرَسُوسِيِّ لَكِنْ أَجَابَ فِي الْبَحْرِ: بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِهِ فِيمَا إذَا قَبَضَ مَعْلُومَ السَّنَةِ قَبْلَ مُضِيِّهَا لَا لِاسْتِحْقَاقِهِ بِلَا قَبْضٍ قَالَ مَعَ أَنَّهُ نَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ عَنْ بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الْإِمَامِ حِصَّةَ مَا لَمْ يَؤُمَّ فِيهِ قَالَ ط: قُلْت: وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ. اهـ.
قُلْت: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ هَذَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُقَدَّرًا لِكُلِّ يَوْمٍ لِمَا قَدَّمْنَا عَنْ الْقُنْيَةِ إنْ كَانَ الْوَاقِفُ قَدَّرَ لِلْمُدَرِّسِ لِكُلِّ يَوْمٍ مَبْلَغًا فَلَمْ يُدَرِّسْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ الثُّلَاثَاءِ، لَا يَحِلُّ أَجْرُ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ وَتَقَدَّمَ تَمَامُهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَلَوْ دَارًا فَعِمَارَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى (قَوْلُهُ: فَصَارَ كَالْجِزْيَةِ) أَيْ إذَا مَاتَ الَّذِي فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ لِمَا مَضَى مِنْ الْحَوْلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا عَجَّلَهَا أَثْنَاءَ السَّنَةِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ مَاتَ لَا تُسْتَرَدُّ ط (قَوْلُهُ وَنَظَمَ ابْنُ شِحْنَةٍ الْغَيْبَةَ إلَخْ) أَقُولُ: حَاصِلُ مَا فِي شَرْحِهِ تَبَعًا لِلْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ إذَا غَابَ عَنْ الْمَدْرَسَةِ فَإِمَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمِصْرِ أَوْ لَا فَإِنْ خَرَجَ مَسِيرَةَ سَفَرٍ ثُمَّ رَجَعَ لَيْسَ لَهُ طَلَبُ مَا مَضَى مِنْ مَعْلُومِهِ بَلْ يَسْقُطُ، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ لِحَجٍّ وَنَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ لِسَفَرٍ بِأَنْ خَرَجَ إلَى الرُّسْتَاقِ فَإِنْ أَقَامَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ فَإِنْ بِلَا عُذْرٍ كَالْخُرُوجِ لِلتَّنَزُّهِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لِعُذْرٍ كَطَلَبِ الْمَعَاشِ فَهُوَ عَفْوٌ إلَّا أَنْ تَزِيدَ غَيْبَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَلِغَيْرِهِ أَخْذُ حُجْرَتِهِ وَوَظِيفَتِهِ أَيْ مَعْلُومِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمِصْرِ فَإِنْ اشْتَغَلَ
وَمِنْهُ:
وَمَا لَيْسَ بُدٌّ مِنْهُ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى
…
ثَلَاثِ شُهُورٍ فَهْوَ يُعْفَى وَيُغْفَرُ
وَقَدْ أَطْبَقُوا لَا يَأْخُذُ السَّهْمَ مُطْلَقًا
…
لِمَا قَدْ مَضَى وَالْحُكْمُ فِي الشَّرْعِ يُسْفَرُ
قُلْت: وَهَذَا كُلُّهُ فِي سُكَّانِ الْمَدْرَسَةِ، وَفِي غَيْرِ فَرْضِ الْحَجِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ أَمَّا فِيهِمَا فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ وَالْمَعْلُومَ كَمَا فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ لِلشُّرُنْبُلَالِيِّ فِي الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ:
لَا تُجِزْ اسْتِنَابَةَ الْفَقِيهِ لَا
…
وَلَا الْمُدَرِّسِ لِعُذْرٍ حَصَلَا
كَذَاكَ حُكْمُ سَائِرِ الْأَرْبَابِ
…
أَوْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ فَذَا مِنْ بَابِ
ــ
[رد المحتار]
بِكِتَابَةِ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ، فَهُوَ عَفْوٌ وَإِلَّا جَازَ عَزْلُهُ أَيْضًا وَاخْتُلِفَ، فِيمَا إذَا خَرَجَ لِلرُّسْتَاقِ وَأَقَامَ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَقِيلَ: يَسْقُطُ، وَقِيلَ: لَا هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ.
وَمُلَخَّصَةُ: أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مَعْلُومُهُ الْمَاضِي، وَلَا يُعْزَلُ فِي الْآتِي إذَا كَانَ فِي الْمِصْرِ مُشْتَغِلًا بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ خَرَجَ لِغَيْرِ سَفَرٍ، وَأَقَامَ دُونَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَكْثَرَ، لَكِنْ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَطَلَبِ الْمَعَاشِ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَأَنَّهُ يَسْقُطُ الْمَاضِي، وَلَا يُعْزَلُ لَوْ خَرَجَ مُدَّةَ سَفَرٍ وَرَجَعَ أَوْ سَافَرَ لِحَجٍّ وَنَحْوِهِ أَوْ خَرَجَ لِلرُّسْتَاقِ لِغَيْرِ عُذْرٍ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَأَنَّهُ يَسْقُطُ الْمَاضِي وَيُعْزَلُ لَوْ كَانَ فِي الْمِصْرِ غَيْرَ مُشْتَغِلٍ بِعِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ خَرَجَ مِنْهُ وَأَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَلَوْ لِعُذْرٍ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَكُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يُنَصَّبْ نَائِبًا عَنْهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَخْذُ وَظِيفَتِهِ. اهـ. وَيَأْتِي قَرِيبًا حُكْمُ النِّيَابَةِ، هَذَا وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْإِمَامَةِ إمَامٌ يَتْرُكُ الْإِمَامَةَ لِزِيَارَةِ أَقْرِبَائِهِ فِي الرَّسَاتِيقِ أُسْبُوعًا أَوْ نَحْوَهُ أَوْ لِمُصِيبَةٍ أَوْ لِاسْتِرَاحَةٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَمِثْلُهُ عَفْوٌ فِي الْعَادَةِ وَالشَّرْعِ اهـ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ خُرُوجَهُ أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ، لَا يُسْقِطُ مَعْلُومَهُ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي قَاعِدَةِ الْعَادَةِ مُحَكَّمَةٌ عِبَارَةُ الْقُنْيَةِ هَذِهِ وَحَمَلَهَا عَلَى أَنَّهُ يُسَامَحُ أُسْبُوعًا فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ مُحَشِّيهِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ، لَيْسَ فِي عِبَارَةِ الْقُنْيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قُلْت: وَالْأَظْهَرُ مَا فِي آخِرِ شَرْحِ مُنْيَةِ الْمُصَلِّي لِلْحَلَبِيِّ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ فِي كُلِّ سَنَةٍ. [تَنْبِيهٌ]
ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ الْقَيِّمُ خَرَسٌ أَوْ عَمًى أَوْ جُنُونٌ أَوْ فَالِجٌ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ الْآفَاتِ، فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْكَلَامُ وَالْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ فَلَهُ أَخْذُ الْأَجْرِ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الطَّرَسُوسِيُّ: وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُدَرِّسَ وَنَحْوَهُ إذَا أَصَابَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حَجٍّ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ الْمُبَاشَرَةُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ لِأَنَّهُ أَرَادَ الْحُكْمَ فِي الْمَعْلُومِ عَلَى نَفْسِ الْمُبَاشَرَةِ فَإِنْ وُجِدَتْ اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا هُوَ الْفِقْهُ اهـ مُلَخَّصًا.
قُلْت: وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ مِنْ الْمُسَامَحَةِ بِأُسْبُوعٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْقَلِيلَ مُغْتَفَرٌ كَمَا سُومِحَ بِالْبَطَالَةِ الْمُعْتَادَةِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ النَّظْمِ لِأَنَّ ابْنَ الشِّحْنَةِ نَظَمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خَمْسَةَ أَبْيَاتٍ فَاقْتَصَرَ الشَّارِحُ عَلَى بَيْتَيْنِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ مِنْهُ بُدٌّ أَوْ لَا لَكِنْ بَعْدَ كَوْنِهِ مَسِيرَةَ سَفَرٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: وَالْحُكْمُ فِي الشَّرْعِ يَسْفُرُ بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ السَّفَرِ قَالَ نَاظِمُهُ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِنَا فِي الشَّرْعِ يَسْفُرُ أَيْ مِنْ يُعَدُّ مُسَافِرًا شَرَعَا. لَكِنْ اعْتَرَضَهُ ط بِقَوْلِ الْقَامُوسِ السَّافِرُ وَالْمُسَافِرُ لَا فِعْلَ لَهُ. مَطْلَبٌ فِي الْغَيْبَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ بِهَا الْعَزْلَ عَنْ الْوَظِيفَةِ وَمَا لَا يَسْتَحِقُّ
(قَوْلُهُ: قُلْت وَهَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الْغَيْبَةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَالَ: وَقَفْتُ هَذَا عَلَى سَاكِنِي مَدْرَسَتِي، وَأَطْلَقَ أَمَّا لَوْ شَرَطَ شَرْطًا اُتُّبِعَ كَحُضُورِ الدَّرْسِ أَيَّامًا مَعْلُومَةً فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمَعْلُومَ إلَّا مَنْ بَاشَرَ خُصُوصًا إذَا قَالَ مَنْ غَابَ عَنْ الدَّرْسِ قُطِعَ مَعْلُومُهُ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: أَمَّا فِيهِمَا) أَيْ فِي فَرْضِ الْحَجِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ (قَوْلُهُ: وَالْمَعْلُومَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى الْعَزْلِ (قَوْلُهُ: لَا تَجُزْ اسْتِنَابَةُ الْفَقِيهِ) لَا نَاهِيَةٌ وَتَجُزْ مَجْزُومٌ بِهَا وَهُوَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[رد المحتار]
بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ، وَلَا الثَّانِيَةُ تَأْكِيدٌ لِلْأُولَى وَقَوْلُهُ: وَسَائِرُ الْأَرْبَابِ أَيْ أَصْحَابُ الْوَظَائِفِ وَقَوْلُهُ: فَذَا مِنْ بَابِ أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَقَدْ تَابَعَ النَّاظِمَ فِي هَذَا مَا فَهِمَهُ الطَّرَسُوسِيٌّ مِنْ كَلَامِ الْخَصَّافِ الْمَارِّ آنِفًا قَالَ: فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الِاسْتِنَابَةَ مَعَ قِيَامِ الْأَعْذَارِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا لَوْ جَازَتْ لَقَالَ، وَيَجْعَلُ لَهُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ إلَى زَوَالِ عُذْرِهِ، وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْخَصَّافَ صَرَّحَ بِأَنَّ لِلْقَيِّمِ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ مِنْ الْمَعْلُومِ شَيْئًا وَكَذَا فِي الْإِسْعَافِ وَهَذَا كَالتَّصْرِيحِ بِجَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ، لِأَنَّ النَّائِبَ وَكِيلٌ بِالْأُجْرَةِ وَفِي الْقُنْيَةِ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ خَلِيفَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَؤُمَّ فِيهِ زَمَانَ غَيْبَتِهِ لَا يَسْتَحِقُّ الْخَلِيفَةُ مِنْ أَوْقَافِ الْإِمَامَةِ شَيْئًا إنْ كَانَ الْإِمَامُ أَمَّ أَكْثَرَ السَّنَةِ. اهـ. وَفِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ الْإِمَامَ يَجُوزُ اسْتِخْلَافُهُ بِلَا إذْنٍ بِخِلَافِ الْقَاضِي، وَعَلَى هَذَا لَا تَكُونُ وَظِيفَتُهُ شَاغِرَةً، وَتَصِحُّ النِّيَابَةُ. مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي الِاسْتِنَابَةِ فِي الْوَظَائِفِ
قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحَاصِلُ مَا فِي الْقُنْيَةِ: أَنَّ النَّائِبَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّقْرِيرِ، وَلَمْ يُوجَدْ وَيَسْتَحِقُّ الْأَصِيلُ الْكُلَّ إنْ عَمِلَ أَكْثَرَ السَّنَةِ وَسَكَتَ عَمَّا يُعَيِّنُهُ الْأَصِيلُ لِلنَّائِبِ كُلَّ شَهْرٍ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ وَقَدْ وَفَّى الْعَمَلَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْمُفْتَى بِهِ مِنْ جَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْإِمَامَةِ وَالتَّدْرِيسِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ إذَا لَمْ يَعْمَلْ الْأَصِيلُ وَعَمِلَ النَّائِبُ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ شَاغِرَةً، وَلَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ الصَّرْفُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي عَزْلُهُ وَعَمَلُ النَّاسِ بِالْقَاهِرَةِ عَلَى الْجَوَازِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا شَاغِرَةً مَعَ وُجُودِ النِّيَابَةِ ثُمَّ قَالَ: فَاَلَّذِي تَحَرَّرَ جَوَازُ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْوَظَائِفِ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ مِنْ تَرْجِيحِ جَوَازِ اسْتِنَابَةِ الْخَطِيبِ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخُلَاصَةِ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ مِنْ الْكَنْزِ وَالْهِدَايَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى، وَيَجِبُ تَقْيِيدُ جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ بِوَظِيفَةٍ تَقْبَلُ الْإِنَابَةَ كَالتَّدْرِيسِ، بِخِلَافِ التَّعْلِيمِ، وَحَيْثُ تَحَرَّرَ الْجَوَازُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَنَابُ مُسَاوِيًا لَهُ فِي الْفَضِيلَةِ، أَوْ فَوْقَهُ أَوْ دُونَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَرَأَيْت لِمُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ مَنْ قَيَّدَهُ بِالْمُسَاوِي، وَبِمَا فَوْقَهُ وَبَعْضُهُمْ قَالَ: بِجَوَازِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ دُونَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ.
وَقَالَ فِي الْخَيْرِيَّةِ: بَعْدَ نَقْلِ حَاصِلِ مَا فِي الْبَحْرِ وَالْمَسْأَلَةُ وُضِعَ فِيهَا رَسَائِلُ، وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِمَا عَلَيْهِ النَّاسُ وَخُصُوصًا مَعَ الْعُذْرِ وَعَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ الْمَعْلُومِ لِلْمُسْتَنِيبِ وَلَيْسَ لِلنَّائِبِ إلَّا الْأُجْرَةُ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُ بِهَا. اهـ.
قُلْت: وَهَذَا اخْتِيَارٌ لِخِلَافِ مَا أَفْتَى بِهِ عَلَّامَةُ الْوُجُودِ الْمُفْتِي أَبُو السُّعُودِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعُذْرِ الشَّرْعِيِّ وَكَوْنِ الْوَظِيفَةِ مِمَّا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ كَالْإِفْتَاءِ وَالتَّدْرِيسِ وَكَوْنِ النَّائِبِ مِثْلَ الْأَصِيلِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ وَأَنَّ الْمَعْلُومَ بِتَمَامِهِ يَكُونُ لِلنَّائِبِ لَيْسَ لِلْأَصِيلِ مِنْهُ شَيْءٌ اهـ وَنَقَلَهُ الْبِيرِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ الْحَقُّ، لَكِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الشَّيْخِ بَدْرِ الدِّينِ الشَّهَاوِيِّ الْحَنَفِيِّ مِثْلَ مَا فِي الْبَحْرِ، وَعَنْ شَيْخِ مَشَايِخِهِ الْقَاضِي عَلِيِّ بْنِ ظَهِيرَةَ الْحَنَفِيِّ اشْتِرَاطُ الْعُذْرِ. مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْمَعْلُومَ لِمُبَاشِرِ الْإِمَامَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ
قُلْت: أَمَّا اشْتِرَاطُ الْعُذْرِ، فَلَهُ وَجْهٌ وَأَمَّا كَوْنُ النَّائِبِ مِثْلَ الْأَصِيلِ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ فَهُوَ بَعِيدٌ حَيْثُ وُجِدَتْ فِي النَّائِبِ أَهْلِيَّةُ تِلْكَ الْوَظِيفَةِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ مِثْلُهُ فِي الْأَهْلِيَّةِ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ مَا فِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ حَيْثُ سُئِلَ عَنْ النَّاظِرِ
وَالْمُتَوَلِّي لَوْ لِوَقْفٍ أَجَرَا
…
لَكِنَّهُ فِي صَكِّهِ مَا ذَكَرَا
مِنْ أَيِّ جِهَةٍ تَوَلَّى الْوَقْفَا
…
مَا جَوَّزُوا ذَلِكَ حَيْثُ يُلْفَى
وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ إذْ يَخْتَلِفُ
…
حُكْمُهُمَا فِي ذَا عَلَى مَا يُعْرَفُ
بِحَسَبِ التَّقْلِيدِ وَالنَّصْبِ فَقِسْ
…
كُلَّ التَّصَرُّفَاتِ كَيْ لَا تَلْتَبِسْ
قُلْت: لَكِنْ لِلسُّيُوطِيِّ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا الضَّبَابَةَ فِي جَوَازِ الِاسْتِنَابَةِ، وَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُحْفَظْ
(وِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ إلَى الْوَاقِفِ
ــ
[رد المحتار]
إذَا ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ عَنْ التَّحَدُّثِ عَلَى الْوَقْفِ هَلْ لَهُ أَنْ يَأْذَنَ لِغَيْرِهِ فِيهِ بَقِيَّةَ حَيَاتِهِ وَهَلْ لَهُ النُّزُولُ عَنْ النَّظَرِ؟ أَجَابَ: نَعَمْ لَهُ اسْتِنَابَةُ مَنْ فِيهِ الْعَدَالَةُ وَالْكِفَايَةُ وَلَا يَصِحُّ نُزُولُهُ عَنْ النَّظَرِ الْمَشْرُوطِ لَهُ وَلَوْ عَزَلَ نَفْسَهُ لَمْ يَنْعَزِلْ اهـ وَأَمَّا كَوْنُ الْمَعْلُومِ لِلنَّائِبِ فَيُنَافِيهِ مَا مَرَّ عَنْ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالتَّقْرِيرِ، وَلَا سِيَّمَا إذَا بَاشَرَ الْأَصِيلُ أَكْثَرَ السَّنَةِ، فَصَرِيحُ مَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ النَّائِبُ شَيْئًا أَيْ إلَّا إذَا شَرَطَ لَهُ الْأَصِيلُ أُجْرَةً أَمَّا إذَا كَانَ الْمُبَاشِرُ هُوَ النَّائِبَ وَحْدَهُ وَشَرَطَ الْوَاقِفُ الْمَعْلُومَ لِمُبَاشِرِ الْإِمَامَةِ أَوْ التَّدْرِيسِ مَثَلًا فَلَا خَفَاءَ فِي اخْتِصَاصِهِ بِالْمَعْلُومِ بِتَمَامِهِ، وَكَتَبْت فِي تَنْقِيحِ الْحَامِدِيَّةِ عَنْ الْمُحَقِّقِ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ فِيمَا إذَا كَانَ لِمُؤَذِّنِي جَامِعٍ مُرَتَّبَاتٌ فِي أَوْقَاتٍ شَرَطَهَا وَاقِفُوهَا لَهُمْ فِي مُقَابَلَةِ أَدْعِيَةٍ يُبَاشِرُونَهَا لِلْوَاقِفِينَ الْمَذْكُورِينَ وَجَعَلَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُؤَذِّنِينَ لَهُمْ نُوَّابًا عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ، فَهَلْ يَسْتَحِقُّ النُّوَّابُ الْمُبَاشِرُونَ لِلْأَذَانِ وَالْأَدْعِيَةِ وَالْمَزْبُورَةِ الْمَرْتَبَاتِ الْمَرْمُوقَةَ دُونَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ الْجَوَابُ، نَعَمْ مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا أَجَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ جِهَةَ تَوْلِيَتِهِ
(قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَلِّي لَوْ لِوَقْفٍ أَجَرَا إلَخْ) فِي الْإِسْعَافِ النَّاظِرُ إذَا آجَرَ أَوْ تَصَرَّفَ تَصَرُّفًا آخَرَ، وَكَتَبَ فِي الصَّكِّ آجَرَ وَهُوَ مُتَوَلِّي عَلَى هَذَا الْوَقْفِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مُتَوَلٍّ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ قَالُوا تَكُونُ فَاسِدَةً اهـ.
قُلْت: وَهَذَا مُشْكِلٌ إذْ لَوْ كَانَ مُتَوَلِّيًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ جِهَةِ الْوَاقِفِ أَوْ الْقَاضِي يَصِحُّ إيجَارُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ فَسَادُ كِتَابَةِ الصَّكِّ لِأَنَّ الصُّكُوكَ تُبْنَى عَلَى زِيَادَةِ الْإِيضَاحِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّةِ إيجَارِهِ وَبَاقِي تَصَرُّفَاتِهِ مَا لَمْ يَصِحَّ نَصْبُهُ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ يُؤَيِّدُهُ مَا فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ كَانَ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ فَالْأَوْثَقُ أَنْ يَكْتُبَ فِي الصُّكُوكِ، وَالسِّجِلَّاتِ، وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ جِهَةِ حَاكِمٍ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبِ الْوَصِيَّةِ وَالتَّوْلِيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ الْوَصِيُّ مِنْ الْحَاكِمِ رُبَّمَا يَكُونُ مِنْ حَاكِمٍ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ نَصْبُ الْوَصِيِّ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَمْلِكُ نَصْبَ الْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي إلَّا إذَا كَانَ ذِكْرُ التَّصَرُّفِ فِي الْأَوْقَافِ وَالْأَيْتَامِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي مَنْشُورِهِ فَصَارَ كَحُكْمِ نَائِبِ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَذْكُرُوا أَنَّ فُلَانًا الْقَاضِيَ مَأْذُونٌ بِالْإِنَابَةِ تَحَرُّزًا عَنْ هَذَا الْوَهْمِ اهـ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَ السُّلْطَانِ جَعَلْتُك قَاضِيَ الْقُضَاةِ كَالتَّنْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمَنْشُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِخْلَافِ الْقَاضِي. اهـ. (قَوْلُهُ: بِحَسْبِ التَّقْلِيدِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَخْتَلِفُ (قَوْلُهُ: فَقِسْ كُلَّ التَّصَرُّفَاتِ) أَيْ عَلَى الْإِجَارَةِ وَذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ: كَيْ لَا تَلْتَبِسَ أَيْ الْأَحْكَامُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ مَا جَوَّزُوا ط (قَوْلُهُ: سَمَّاهَا الضَّبَابَةَ) اسْمُهَا كَشْفُ الضَّبَابَةِ فِي الْقَامُوسِ الضَّبَابُ بِالْفَتْحِ: نَدًى كَالْغَيْمِ أَوْ سَحَابٌ رَقِيقٌ كَالدُّخَانِ ط.
مَطْلَبٌ وِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ إلَى الْوَاقِفِ ثُمَّ لِوَصِيِّهِ ثُمَّ لِلْقَاضِي
(قَوْلُهُ: وِلَايَةُ نَصْبِ الْقَيِّمِ إلَى الْوَاقِفِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ قَدَّمْنَا أَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْوَاقِفِ ثَابِتَةٌ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا وَأَنَّ لَهُ عَزْلَ الْمُتَوَلِّي، وَأَنَّ مَنْ وَلَّاهُ لَا يَكُونُ لَهُ النَّظَرُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَيْ مَوْتِ الْوَاقِفِ إلَّا بِالشَّرْطِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.
ثُمَّ لِوَصِيِّهِ) لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَلَوْ جَعَلَهُ عَلَى أَمْرِ الْوَقْفِ فَقَطْ كَانَ وَصِيًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ خِلَافًا لِلثَّانِي وَلَوْ جَعَلَ النَّظَرَ لِرَجُلٍ ثُمَّ جَعَلَ آخَرَ وَصِيًّا كَانَا نَاظِرَيْنِ مَا لَمْ يُخَصِّصْ، وَتَمَامُهُ فِي الْإِسْعَافِ فَلَوْ وُجِدَ كِتَابَا وَقْفٍ فِي كُلٍّ اسْمُ مُتَوَلٍّ وَتَارِيخُ الثَّانِي مُتَأَخِّرٌ اشْتَرَكَا بَحْرٌ.
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ الْأَفْضَلُ فِي زَمَانِنَا نَصْبُ الْمُتَوَلِّي بِلَا إعْلَامِ الْقَاضِي وَكَذَا وَصِيُّ الْيَتِيمِ
ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة مَا حَاصِلُهُ أَنَّ أَهْلَ الْمَسْجِدِ لَوْ اتَّفَقُوا عَلَى نَصْبِ رَجُلٍ مُتَوَلِّيًا لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ فَعِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ يَصِحُّ وَلَكِنْ الْأَفْضَلُ كَوْنُهُ بِإِذْنِ الْقَاضِي، ثُمَّ اتَّفَقَ الْمُتَأَخِّرُونَ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ لَا يُعْلِمُوا الْقَاضِيَ فِي زَمَانِنَا لِمَا عُرِفَ مِنْ طَمَعِ الْقُضَاةِ فِي أَمْوَالِ الْأَوْقَافِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى أَرْبَابٍ مَعْلُومِينَ يُحْصَى عَدَدُهُمْ إذَا نَصَّبُوا مُتَوَلِّيًا وَهُمْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ. اهـ.
قُلْت: ذَكَرُوا مِثْلَ هَذَا فِي وَصِيِّ الْيَتِيمِ وَأَنَّهُ لَوْ تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ جَازَ فِي زَمَانِنَا لِلضَّرُورَةِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ: أَنَّهُ اسْتِحْسَانٌ وَبِهِ يُفْتَى. وَأَمَّا وِلَايَةُ نَصْبِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ فَسَيَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ. مَطْلَبٌ الْوَصِيُّ يَصِيرُ مُتَوَلِّيًا بِلَا نَصٍّ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ لِوَصِيِّهِ) فَلَوْ نَصَبَ الْوَاقِفُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَصِيًّا وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ شَيْئًا تَكُونُ وِلَايَةُ الْوَقْفِ إلَى الْوَصِيِّ بَحْرٌ. وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ وَصِيُّ الْقَاضِي كَوَصِيِّ الْمَيِّتِ إلَّا فِي مَسَائِلَ، أَنَّ وَصِيَّ الْقَاضِي هُنَا كَذَلِكَ لِعَدَمِ اسْتِثْنَائِهِ مِنْ الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ أَفَادَهُ الرَّمْلِيُّ.
قُلْت: وَوَصِيُّ الْوَصِيِّ كَالْوَصِيِّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَانَ وَصِيًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلثَّانِي) فَعِنْدَهُ إذَا قَالَ لَهُ أَنْتَ وَصِيٌّ فِي أَمْرِ الْوَقْفِ فَهُوَ وَصِيٌّ فِي الْوَقْفِ فَقَطْ، وَهُوَ قَوْلُ هِلَالٍ أَيْضًا وَجَعَلَ فِي الْخَانِيَّةِ أَبَا يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فَكَانَ عَنْهُ رِوَايَتَانِ إسْعَافٌ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَيْضًا وَجَعَلَ مَا فِي الْخَانِيَّةِ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَأَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُخَصِّصْ) بِأَنْ يَقُولَ: وَقَفْتُ أَرْضِي عَلَى كَذَا وَجَعَلْتُ وِلَايَتَهَا لِفُلَانٍ، وَجَعَلْت فُلَانًا وَصِيِّي فِي تَرِكَاتِي وَجَمِيعِ أُمُورِي، فَحِينَئِذٍ يَنْفَرِدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا فَوَّضَ إلَيْهِ إسْعَافٌ. وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ تَخْصِيصَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الْمُشَارَكَةِ لَكِنْ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ فِي الْوَقْفِ وَأَوْصَى إلَى آخَرَ فِي وَلَدِهِ كَانَا وَصِيَّيْنِ فِيهِمَا جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ اهـ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ نَصَبَ مُتَوَلِّيًا ثُمَّ آخَرَ اشْتَرَكَا
(قَوْلُهُ: فَلَوْ وَجَدَ كِتَابَا وَقْفٍ إلَخْ) أَيْ كِتَابَانِ لِوَقْفٍ وَاحِدٍ وَهَذَا الْجَوَابُ أَخَذَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ عِبَارَةِ الْإِسْعَافِ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُقَالُ إنَّ الثَّانِيَ نَاسِخٌ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْخَصَّافِ فِي الشَّرَائِطِ أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَنْ لَا تُبَاعَ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: عَلَى أَنَّ لَهُ الِاسْتِبْدَالَ كَانَ لَهُ لِأَنَّ الثَّانِيَ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ التَّوْلِيَةَ مِنْ الْوَاقِفِ خَارِجَةٌ عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الشَّرَائِطِ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا التَّغْيِيرَ وَالتَّبْدِيلَ، كُلَّمَا بَدَا لَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي عُقْدَةِ الْوَقْفِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا بَاقِي الشَّرَائِطِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهَا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ تَعْلِيلُهُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ فَتَأَمَّلْ. نَعَمْ ذَكَرَ