المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ لَهَا ثُؤَاجٌ» - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ٤

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌ كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌بَابُ الْوَطْءِ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ وَاَلَّذِي لَا يُوجِبُهُ

- ‌[فَرْعٌ الِاسْتِمْنَاءُ]

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا وَالرُّجُوعِ عَنْهَا

- ‌بَابُ حَدِّ الشُّرْبِ الْمُحَرَّمِ

- ‌[فَرْعٌ]سَكْرَانُ أَوْ صَاحَ جَمَحَ بِهِ فَرَسُهُ فَصَدَمَ إنْسَانًا فَمَاتَ

- ‌بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌[فَرْعٌ]عَايَنَ الْقَاضِي رَجُلًا زَنَى أَوْ شَرِبَ

- ‌بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌[فَرْعٌ] مَنْ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ أَقِمْ عَلَيَّ التَّعْزِيرَ فَفَعَلَهُ ثُمَّ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ

- ‌[فَرْعٌ] أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالدِّيَاثَةِ أَوْ عُرِفَ بِهَا

- ‌[فُرُوعٌ] ارْتَدَّتْ لِتُفَارِقَ زَوْجَهَا

- ‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

- ‌[فُرُوعٌ]سَرَقَ فُسْطَاطًا مَنْصُوبًا

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقَطْعِ وَإِثْبَاتِهِ

- ‌(بَابُ قَطْعِ الطَّرِيقِ)

- ‌كِتَابُ الْجِهَادِ

- ‌بَابُ الْمَغْنَمِ وَقِسْمَتُهُ

- ‌[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْقِسْمَةِ]

- ‌بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا

- ‌بَابُ الْمُسْتَأْمِنِ

- ‌فَصْلٌ فِي اسْتِئْمَانِ الْكَافِرِ

- ‌[بَابُ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا تَصِيرُ بِهِ دَارُ الْإِسْلَامِ دَارَ حَرْبٍ وَبِالْعَكْسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خَرَاجِ الْمُقَاسَمَةِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْجِزْيَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَمْيِيزِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْمَلْبَسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي سُكْنَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُ الذِّمِّيِّ وَمَا لَا يُنْتَقَضُ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَصَارِفِ بَيْتِ الْمَالِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ الْإِمَامُ قَبْلَ أَخْذِ وَظِيفَتِهِمَا]

- ‌بَابُ الْمُرْتَدِّ

- ‌[مَطْلَبٌ تَوْبَةُ الْيَأْسِ مَقْبُولَةٌ دُونَ إيمَانِ الْيَأْسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْمَعْصِيَةُ تَبْقَى بَعْدَ الرِّدَّةِ]

- ‌بَابُ الْبُغَاةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي كَرَاهَةِ بَيْعِ مَا تَقُومُ الْمَعْصِيَةُ بِعَيْنِهِ]

- ‌كِتَابُ اللَّقِيطِ

- ‌كِتَابُ اللُّقَطَةِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي تَصْرِف اللَّقِيط]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ مَاتَ فِي سَفَرِهِ فَبَاعَ رَفِيقُهُ مَتَاعَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ أَلْقَى شَيْئًا وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ أَلْقَى شَيْئًا وَقَالَ مَنْ أَخَذَهُ فَهُوَ لَهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ نِثَارِ السُّكْرِ فِي الْعُرْسِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَنْ وَجَدَ دَرَاهِمَ فِي الْجِدَارِ أَوْ اسْتَيْقَظَ وَفِي يَدِهِ صُرَّةٌ]

- ‌كِتَابُ الْآبِقِ

- ‌[فَرْعٌ] أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ

- ‌[كِتَابُ الْمَفْقُودِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَيْسَ لِلْقَاضِي تَزْوِيجُ أَمَةِ غَائِبٍ وَمَجْنُونٍ

- ‌كِتَابُ الشَّرِكَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ الشَّرِكَةُ بِمَالِ غَائِبٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي شَرِكَةِ الْعِنَانِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَوْقِيتِ الشَّرِكَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي تَحْقِيقِ حُكْمِ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يُبْطِلُ الشَّرِكَةَ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي الشَّرِكَة]

- ‌[مَطْلَبٌ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] الْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الشَّرِكَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْحَائِطِ إذَا خَرِبَ وَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ قِسْمَتَهُ أَوْ تَعْمِيرَهُ]

- ‌كِتَابُ الْوَقْفِ

- ‌[مَطْلَبٌ قَدْ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالضَّرُورَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمُرْتَدِّ وَالْكَافِرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ سَكَنَ دَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ]

- ‌[فَرْعٌ] أَرَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ نَقْضَ الْمَسْجِدِ وَبِنَاءَهُ أَحْكَمَ مِنْ الْأَوَّلِ

- ‌[فَرْعٌ بِنَاء بيتا لِلْإِمَامِ فَوْق الْمَسْجِد]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَنْقُولِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ التَّحْدِيدُ فِي وَقْفِ الْعَقَارِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَشَاعِ الْمَقْضِيِّ بِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمَنْقُولِ قَصْدًا]

- ‌[مَطْلَبٌ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بِعِمَارَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَطْعِ الْجِهَاتِ لِأَجْلِ الْعِمَارَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَلَمْ يُمْكِنْ عِمَارَتُهُ]

- ‌[مَطْلَبٌ يَأْثَمُ بِتَوْلِيَةِ الْخَائِنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي عَزْلِ النَّاظِرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا يَصِحُّ عَزْلُ صَاحِبِ وَظِيفَةٍ بِلَا جُنْحَةٍ أَوْ عَدَمِ أَهْلِيَّةٍ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لِلْمَفْرُوغِ لَهُ الرُّجُوعُ بِمَالِ الْفَرَاغِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي اسْتِبْدَالِ الْوَقْفِ وَشُرُوطِهِ]

- ‌[فَرْعٌ] أَقَرَّ بِوَقْفٍ صَحِيحٍ وَبِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ وَوَارِثُهُ يَعْلَمُ خِلَافَهُ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي وَقْفِ الْمُرْتَدِّ]

- ‌[فَصْلٌ إجَارَة الْوَاقِفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ اشْتَرَى بِمَالِ الْوَقْفِ دَارًا لِلْوَقْفِ يَجُوزُ بَيْعُهَا]

- ‌[مَطْلَبٌ طَالِبُ التَّوْلِيَةِ لَا يُوَلَّى]

- ‌[فَرْعٌ طَالِبُ تولية الْوَقْف لَا يُوَلَّى]

- ‌[مَطْلَبٌ التَّوْلِيَةُ خَارِجَةٌ عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الشَّرَائِطِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَنْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ]

- ‌[فُرُوعٌ مُهِمَّةٌ

- ‌[مَطْلَبٌ اسْتَأْجَرَ دَارًا فِيهَا أَشْجَارٌ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ شَرْطُ الْوَاقِفِ كَنَصِّ الشَّارِعِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُقَرِّرَ وَظِيفَةً فِي الْوَقْفِ إلَّا النَّظَرَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي زِيَادَةِ الْقَاضِي فِي مَعْلُومِ الْإِمَامِ]

- ‌[مَطْلَبٌ تَعْلِيقُ التَّقْرِيرِ فِي الْوَظَائِفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْمُصَادَقَةِ عَلَى النَّظَرِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَتَى ذَكَرَ الْوَاقِفُ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ عَلَى فُقَرَاءِ قَرَابَتِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي إقَالَةِ الْمُتَوَلِّي عَقْدَ الْإِجَارَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي مَسْأَلَةِ السُّبْكِيّ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَالدَّرَجَةِ الْجَعْلِيَّةِ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْفِ الْأَوْلَادِ مِنْ الدُّرَرِ وَغَيْرِهَا

- ‌[مَطْلَبٌ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ وَسَمَّاهُمْ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْقَاضِي إذَا قَضَى فِي مُجْتَهِدٍ فِيهِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ]

- ‌ كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الْبَيْع]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الْجَامِكِيَّةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خُلُوِّ الْحَوَانِيتِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ مَا يُبْطِلُ الْإِيجَابَ سَبْعَةٌ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي صُرَّةٍ وَلَمْ يَعْرِفْ مَا فِيهَا

- ‌[مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَثْمَانِ وَالْمَبِيعَاتِ]

- ‌[فُرُوعٌ] بَاعَ بِحَالٍّ ثُمَّ أَجَّلَهُ أَجَلًا مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا

- ‌[مَطْلَبٌ مُهِمٌّ فِي أَحْكَامِ النُّقُودِ إذَا كَسَدَتْ أَوْ انْقَطَعَتْ أَوْ غَلَتْ أَوْ رَخُصَتْ]

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَمَا لَا يَدْخُلُ

- ‌[مَطْلَبٌ كُلُّ مَا دَخَلَ تَبَعًا لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِي بَيْعِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالشَّجَرِ مَقْصُودًا]

- ‌[فَرْعٌ] ظَهَرَ بَعْدَ نَقْدِ الصَّرَّافِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ زُيُوفٌ

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا يَكُونُ قَبْضًا لِلْمَبِيعِ]

- ‌[مَطْلَبٌ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَمَاتَ مُفْلِسًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ]

- ‌فُرُوعٌ] بَاعَ نِصْفَ الزَّرْعِ بِلَا أَرْضٍ

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌[فَرْعٌ] وَكَّلَهُ بِبَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَاعَ بِلَا شَرْطٍ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ]

- ‌[مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْخِيَارِ أَوْ فِي مُضِيِّهِ أَوْ فِي الْأَجَلِ أَوْ فِي الْإِجَازَةِ أَوْ فِي تَعْيِينِ الْمَبِيعِ]

- ‌[فُرُوعٌ بَاعَ دَارِهِ بِمَا فِيهَا مِنْ الْجُذُوعِ وَالْأَبْوَابِ فَإِذَا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَطْلَبٌ الْبَيْعُ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ فِي اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ مَوْضِعًا]

- ‌بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ

- ‌[فُرُوعٌ] شَرَى شَيْئًا لَمْ يَرَهُ

الفصل: لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ لَهَا ثُؤَاجٌ»

لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ لَهَا ثُؤَاجٌ» قَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَجْرِيسُ السَّارِقِ وَنَحْوُهُ فَلْيُحْفَظْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

‌كِتَابُ السَّرِقَةِ

(هِيَ) لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ مِنْ الْغَيْرِ خُفْيَةً، وَتَسْمِيَةُ الْمَسْرُوقَ سَرِقَةً مَجَازٌ. وَشَرْعًا بِاعْتِبَارِ الْحُرْمَةِ أَخْذُهُ كَذَلِكَ بِغَيْرِ حَقٍّ نِصَابًا كَانَ أَمْ لَا، وَبِاعْتِبَارِ الْقَطْعِ (أَخْذُ مُكَلَّفٍ)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَمُقْتَضَاهُ أَنْ تَأْتِيَ مَنْصُوبٌ بِأَنْ الْمُضْمَرَةِ بَعْدَ اللَّامِ الْمُقَدَّرَةِ مَعَ أَنَّ شَرْطَ إضْمَارِ أَنْ عَدَمُ وُجُودِ لَا بَعْدَهَا مِثْلُ - {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ} [الكهف: 12]- فَلَوْ وُجِدَتْ امْتَنَعَ الْإِضْمَارُ مِثْلُ - {لِئَلا يَعْلَمَ} [الحديد: 29]- إلَّا أَنْ يُقَالَ سَوَّغَ ذَلِكَ عَدَمُ التَّصْرِيحِ بِاللَّامِ التَّعْلِيلِيَّةِ، لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى كَوْنِ الرِّوَايَةِ بِالنَّصْبِ وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ مِثْلُ - {فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ} [البقرة: 197]- أَوْ نَهْيٌ وَالْيَاءُ لِلْإِشْبَاعِ؛ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ نَهْيٌ عَنْ الْمُسَبَّبِ، وَالْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ السَّبَبِ مِثْلُ - {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]- {لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: 27]- أَيْ لَا تَفْعَلُوا سَبَبَ الْقَتْلِ وَالْفِتْنَةِ، وَهُنَا الْمُرَادُ النَّهْيُ عَنْ مَنْعِ زَكَاةِ الْمَوَاشِي أَوْ السَّرِقَةِ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْإِتْيَانِ بِمَا ذُكِرَ. وَعَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ يَظْهَرُ فِي الْحَدِيثِ نِكَاتٌ لَطِيفَةٌ لَا تَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَهُ رُغَاءٌ إلَخْ) الرُّغَاءُ صَوْتُ الْإِبِلِ، كَمَا أَنَّ الْخُوَارَ صَوْتُ الْبَقَرِ. وَالثُّؤَاجُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الْمَضْمُومَةِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ مَمْدُودَةٌ ثُمَّ جِيمٌ: صَوْتُ الْغَنَمِ ط (قَوْلُهُ قَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ) عِبَارَةُ الْمُنَاوِيِّ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: أَظُنُّ أَنَّ الْحُكَّامَ أَخَذُوا بِتَجْرِيسِ السَّارِقِ وَنَحْوِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ. اهـ. ح. وَالتَّجْرِيسُ بِالْقَوْمِ: التَّسْمِيعُ بِهِمْ قَامُوسٌ. قُلْت: وَهُوَ مَعْنَى التَّشْهِيرِ الَّذِي ذَكَرُوهُ عِنْدَنَا فِي شَاهِدِ الزُّورِ. فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَشْهُورِ: يُطَافُ بِهِ وَيُشَهَّرُ، وَلَا يُضْرَبُ. وَفِي السِّرَاجِيَّةِ: وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي جَامِعِ الْعَتَّابِيِّ التَّشْهِيرُ أَنْ يُطَافَ بِهِ فِي الْبَلَدِ وَيُنَادَى عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَحَلَّةٍ إنَّ هَذَا شَاهِدُ الزُّورِ فَلَا تُشْهِدُوهُ.

وَذَكَرَ الْخَصَّافُ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ يُشْهَرُ عَلَى قَوْلِهِمَا بِغَيْرِ الضَّرْبِ. وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ يُسَخَّمُ وَجْهُهُ، فَتَأْوِيلُهُ عِنْدَ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ بِطَرِيقِ السِّيَاسَةِ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ. وَعِنْدَ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَنَّهُ التَّفْضِيحُ وَالتَّشْهِيرُ فَإِنَّهُ يُسَمَّى سَوَادًا اهـ مُلَخَّصًا وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ قُبَيْلَ بَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.

[كِتَابُ السَّرِقَةِ]

ِ عَقَّبَ بِهِ الْحُدُودَ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا مَعَ الضَّمَانِ قُهُسْتَانِيٌّ. قُلْت: وَكَأَنَّهُمْ تَرْجَمُوا لَهَا بِالْكِتَابِ دُونَ الْبَابِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى بَيَانِ حُكْمِ الضَّمَانِ الْخَارِجِ عَنْ الْحُدُودِ فَكَانَتْ غَيْرَهَا مِنْ وَجْهٍ، فَأُفْرِدَتْ عَنْهَا بِكِتَابٍ مُتَضَمِّنٍ لِأَبْوَابٍ تَأَمَّلْ.

قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَهِيَ نَوْعَانِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ ضَرَرُهَا بِذِي الْمَالِ أَوْ بِهِ وَبِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَالْأَوَّلُ يُسَمَّى بِالسَّرِقَةِ الصُّغْرَى وَالثَّانِي بِالْكُبْرَى، بَيَّنَ حُكْمَهَا فِي الْآخِرِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ وُقُوعًا وَقَدْ اشْتَرَكَا فِي التَّعْرِيفِ وَأَكْثَرِ الشُّرُوطِ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَخْذُ الْمَالِ خُفْيَةً، لَكِنَّ الْخُفْيَةَ فِي الصُّغْرَى هِيَ الْخُفْيَةُ عَنْ غَيْنِ الْمَالِكِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْمُودَعِ وَالْمُسْتَعِيرِ. وَفِي الْكُبْرَى عَنْ عَيْنِ الْإِمَامِ الْمُلْتَزِمِ حِفْظَ طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ وَبِلَادِهِمْ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَالشُّرُوطُ تُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ هِيَ لُغَةً أَخْذُ الشَّيْءِ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهَا مَصْدَرٌ وَهِيَ أَحَدُ خَمْسَةٍ. فَفِي الْقَامُوسِ: سَرَقَ مِنْهُ الشَّيْءَ يَسْرِقُ أَيْ مِنْ بَابِ ضَرَبَ سَرَقًا مُحَرَّكَةً وَكَكَتِفٍ وَسَرِقَةً مُحَرَّكَةً أَيْ كَكَلِمَةٍ وَكَفُرْجَةٍ أَيْ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَسَرْقًا بِالْفَتْحِ أَيْ مَعَ السُّكُونِ وَالِاسْمُ السَّرِقَةُ بِالْفَتْحِ وَكَفُرْجَةٍ وَكَتِفٍ اهـ مُوَضَّحًا (قَوْلُهُ خُفْيَةً) بِضَمِّ الْخَاءِ وَكَسْرِهَا ط عَنْ الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ مَجَازٌ) أَيْ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ وَإِرَادَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ كَالْخَلْقِ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا بِاعْتِبَارِ الْحُرْمَةِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ لَهَا فِي الشَّرْعِ تَعْرِيفَيْنِ: تَعْرِيفًا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا مُحَرَّمَةً، وَتَعْرِيفًا بِاعْتِبَارِ تَرَتُّبِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ عَلَيْهَا وَهُوَ الْقَطْعُ، وَمَرَّ نَظِيرُهُ فِي الزِّنَا (قَوْلُهُ أَخْذُهُ كَذَلِكَ) أَيْ أَخْذُ الشَّيْءِ خُفْيَةً (قَوْلُهُ أَخْذُ مُكَلَّفٍ) شَمَلَ الْأَخْذَ حُكْمًا، وَهُوَ أَنْ يَدْخُلَ جَمَاعَةٌ

ص: 82

وَلَوْ أُنْثَى أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا أَوْ مَجْنُونًا حَالَ إفَاقَتِهِ (نَاطِقٍ بَصِيرٍ) فَلَا يُقْطَعُ أَخْرَسُ لِاحْتِمَالِ نُطْقِهِ بِشُبْهَةٍ، وَلَا أَعْمَى لِجَهْلِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ (عَشَرَةَ دَرَاهِمَ) لَمْ يَقُلْ مَضْرُوبَةً لِمَا فِي الْمُغْرِبِ: الدَّرَاهِمُ اسْمٌ لِلْمَضْرُوبَةِ (جِيَادًا أَوْ مِقْدَارَهَا) فَلَا قَطْعَ بِنُقْرَةٍ وَزْنُهَا عَشَرَةٌ لَا تُسَاوِي عَشَرَةً مَضْرُوبَةً،

ــ

[رد المحتار]

مِنْ اللُّصُوصِ مَنْزِلَ رَجُلٍ وَيَأْخُذُوا مَتَاعَهُ وَيَحْمِلُوهُ عَلَى ظَهْرِ وَاحِدٍ وَيُخْرِجُوهُ مِنْ الْمَنْزِلِ، فَإِنَّ الْكُلَّ يُقْطَعُونَ اسْتِحْسَانًا وَسَيَأْتِي بَحْرٌ. وَأَخْرَجَ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ عُقُوبَةٌ وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا، لَكِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ الْمَالَ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَوْ عَبْدًا) فَهُوَ كَالْحُرِّ هُنَا؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ لَا يَتَنَصَّفُ بِخِلَافِ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ أَوْ كَافِرًا) الْأَوْلَى أَوْ ذِمِّيًّا لِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ أَنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمَنَ إذَا سَرَقَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَمْ يُقْطَعْ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَقْطَعُهُ (قَوْلُهُ أَوْ مَجْنُونًا حَالَ إفَاقَتِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ مَجْنُونًا فِي غَيْرِ حَالِ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ أُنْثَى إلَخْ تَعْمِيمٌ لِلْمُكَلَّفِ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى أَخْذُ مُكَلَّفٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُكَلَّفُ مَجْنُونًا فِي حَالِ إفَاقَتِهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَإِنَّهُ فِي حَالِ الْإِفَاقَةِ عَاقِلٌ لَا مَجْنُونٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ حَالَ إفَاقَتِهِ ظَرْفًا لِأَخْذٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَخْذُ مَجْنُونٍ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَخْذُ مُكَلَّفٍ، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ مَجْنُونًا نَظَرًا إلَى حَالِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْأَخْذِ فَيَرْجِعُ إلَى مَا قُلْنَا تَأَمَّلْ.

وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ، فَإِنْ سَرَقَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. بَقِيَ لَوْ جُنَّ بَعْدَ الْأَخْذِ هَلْ يُقْطَعُ أَمْ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ؟ قَالَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ: ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِ الِاعْتِبَارِ يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ إفَاقَتِهِ، إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْجَلْدِ وَالْقَطْعِ بِأَنَّ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْجَلْدُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ قَبْلَهَا لِزَوَالِ الْأَلَمِ قَبْلَ الْإِفَاقَةِ بِخِلَافِ الْقَطْعِ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ فِي حَدِّ الشُّرْبِ مِنْ الْبَحْرِ: إذَا أَقَرَّ السَّكْرَانُ بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يُقْطَعْ لِسُكْرِهِ أُخِذَ مِنْهُ الْمَالُ ثُمَّ قَالَ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِالشُّرْبِ وَهُوَ سَكْرَانُ قَبِلَتْ، وَكَذَا بِالزِّنَا وَهُوَ سَكْرَانُ، كَمَا إذَا زَنَى وَهُوَ سَكْرَانُ وَكَذَا بِالسَّرِقَةِ وَهُوَ سَكْرَانُ، وَيُحَدُّ بَعْدَ الصَّحْوِ وَيُقْطَعُ اهـ فَهَذَا يُفِيدُ اشْتِرَاطَ صَحْوِهِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْجُنُونِ وَالسُّكْرِ بِأَنَّ السُّكْرَ لَهُ غَايَةٌ، بِخِلَافِ الْجُنُونِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ انْتِظَارُ إفَاقَتِهِ لِانْدِرَاءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ، وَهِيَ هُنَا احْتِمَالُ إبْدَاءِ مَا يُسْقِطُهُ إذَا أَفَاقَ كَمَا لَا يُقْطَعُ الْأَخْرَسُ لِذَلِكَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ نَاطِقٍ بَصِيرٍ) زَادَ فِي الْبَحْرِ هُنَا قَيْدًا آخَرَ، وَهُوَ كَوْنُهُ صَاحِبَ يَدٍ يُسْرَى وَرِجْلٍ يُمْنَى صَحِيحَتَيْنِ، وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْقَطْعِ.

(قَوْلُهُ لِجَهْلِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ) يَعْنِي أَنَّ مُقْتَضَى حَالِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ) لِمَا رَوَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ مَرْفُوعًا: «لَا تُقْطَعُ الْيَدُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» وَرَجَّحَ هَذِهِ عَلَى رِوَايَةِ رُبُعِ دِينَارٍ وَرِوَايَةِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالْأَكْثَرِ أَحْوَطُ احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ كَمَا بَسَطَهُ فِي الْفَتْحِ، وَأَطْلَقَ الدَّرَاهِمَ فَانْصَرَفَتْ إلَى الْمَعْهُودَةِ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْعَشَرَةُ مِنْهَا وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ كَمَا فِي الزَّكَاةِ بَحْرٌ، وَمِثْلُهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ: وَبَحَثَ فِيهِ الْكَمَالُ بِأَنَّ الدَّرَاهِمَ كَانَتْ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَلِفَةً: صِنْفٌ عَشَرَةٌ وَزْنُ خَمْسَةٍ، وَصِنْفٌ وَزْنُ سِتَّةٍ، وَصِنْفٌ وَزْنُ عَشَرَةٍ، فَمُقْتَضَى تَرْجِيحِهِمْ الْأَكْثَرَ فِيمَا مَرَّ تَرْجِيحُهُ هُنَا أَيْضًا، وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقُلْ مَضْرُوبَةً) أَيْ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ لِلْقَطْعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ جِيَادًا) فَلَوْ سَرَقَ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً أَوْ سَتُّوقَةً فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَثِيرَةً قِيمَتُهَا نِصَابٌ مِنْ الْجِيَادِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ مِقْدَارَهَا) أَيْ قِيمَةً، فَلَوْ سَرَقَ نِصْفَ دِينَارٍ قِيمَتُهُ النِّصَابُ قُطِعَ عِنْدَنَا بَحْرٌ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى عَشْرٍ. اهـ. ح (قَوْلُهُ فَلَا قَطْعَ بِنُقْرَةٍ) هِيَ الْقِطْعَةُ الْمُذَابَةُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَامُوسٌ وَالْمُرَادُ الثَّانِي ط وَهَذَا مُحْتَرَزُ كَوْنِ الْعَشَرَةِ مَضْرُوبَةً، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَرَقَ أَقَلَّ مِنْ وَزْنِ عَشَرَةٍ فِضَّةً تُسَاوِي عَشَرَةً مَسْكُوكَةً لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ فِي مَحَلِّ النَّصِّ، وَهُوَ أَنْ يَسْرِقَ فِضَّةً وَزْنَ عَشَرَةٍ كَذَا فِي الْفَتْحِ، فَأَفَادَ أَنَّ الْفِضَّةَ غَيْرَ الْمَسْكُوكَةِ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْوَزْنُ وَالْقِيمَةُ: أَيْ كَوْنُ وَزْنِهَا عَشَرَةً تُسَاوِي عَشَرَةً مَسْكُوكَةً، فَلَا قَطْعَ لَوْ نَقَصَ الْوَزْنُ عَنْ عَشَرَةٍ

ص: 83

وَلَا بِدِينَارٍ قِيمَتُهُ دُونَ عَشَرَةٍ. وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ وَقْتَ السَّرِقَةِ وَوَقْتَ الْقَطْعِ وَمَكَانَهُ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ لَهُمَا مَعْرِفَةٌ بِالْقِيمَةِ، وَلَا قَطْعَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ ظَهِيرِيَّةٌ (مَقْصُودَةً) بِالْأَخْذِ، فَلَا قَطْعَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ دُونَ عَشَرَةٍ وَفِيهِ دِينَارٌ أَوْ دَرَاهِمُ مَصْرُورَةٌ إلَّا إذَا كَانَ وِعَاءً لَهَا عَادَةً تَجْنِيسٌ (ظَاهِرَةَ الْإِخْرَاجِ) فَلَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ وَخَرَجَ لَمْ يُقْطَعْ، وَلَا يُنْتَظَرُ تَغَوُّطُهُ بَلْ يَضْمَنُ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَهُ وَهُوَ سَبَبُ الضَّمَانِ لِلْحَالِ (خُفْيَةً) ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً لَوْ الْأَخْذُ نَهَارًا، وَمِنْهُ مَا بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ، وَابْتِدَاءً فَقَطْ لَوْ لَيْلًا، وَهَلْ الْعِبْرَةُ لِزَعْمِ السَّارِقِ أَوْ لِزَعْمِ أَحَدِهِمَا؟ خِلَافٌ (مِنْ صَاحِبِ يَدٍ صَحِيحَةٍ) فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ السَّارِقِ فَتْحٌ (مِمَّا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ) كَلَحْمٍ وَفَوَاكِهَ مُجْتَبَى، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَسْرُوقِ مُتَقَوِّمًا مُطْلَقًا، فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ خَمْرِ مُسْلِمٍ مُسْلِمًا كَانَ السَّارِقُ أَوْ ذِمِّيًّا، وَكَذَا الذِّمِّيُّ إذَا سَرَقَ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً لَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا عِنْدَنَا ذَكَرَهُ الْبَاقَانِيُّ (فِي دَارِ الْعَدْلِ) فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةٍ فِي دَارِ حَرْبٍ أَوْ بَغْيٍ بَدَائِعُ

ــ

[رد المحتار]

وَإِنْ بَلَغَ قِيمَةَ الْمَسْكُوكَةِ كَمَسْأَلَتِنَا هَذِهِ، وَلَا فِي عَكْسِهِ كَمَسْأَلَةِ النُّقْرَةِ (قَوْلُهُ وَلَا بِدِينَارٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ قِيمَتَهَا.

وَأَفَادَ بِهِ أَنَّ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ يُقَوَّمُ بِهَا وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقْتَ السَّرِقَةِ وَوَقْتَ الْقَطْعِ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ السَّرِقَةِ عَشَرَةً فَانْتَقَصَ وَقْتَ الْقَطْعِ لَمْ يُقْطَعْ إلَّا إذَا كَانَ النَّقْصُ لِعَيْبٍ حَدَثَ أَوْ لِفَوَاتِ بَعْضِ الْعَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ وَمَكَانَهُ) فَلَوْ سَرَقَ فِي بَلَدٍ مَا قِيمَتُهُ فِيهَا عَشَرَةٌ فَأُخِذَ فِي أُخْرَى وَقِيمَتُهُ فِيهَا أَقَلُّ لَا يُقْطَعُ فَتْحٌ، (قَوْلُهُ بِتَقْوِيمِ عَدْلَيْنِ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ مِقْدَارَهَا (قَوْلُهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمُقَوِّمِينَ) أَيْ بِأَنْ قَوَّمَهُ عَدْلَانِ بِنِصَابٍ وَعَدْلَانِ آخَرَانِ بِأَقَلَّ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفُوا بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى النِّصَابِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ وِعَاءً لَهَا عَادَةً) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِيهِ يَقَعُ عَلَى سَرِقَةِ الدَّرَاهِمِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ كِيسًا فِيهِ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ الْكِيسُ يُسَاوِي دِرْهَمًا بَحْرٌ: وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِمَا فِي الثَّوْبِ يُقْطَعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ ظُهُورُ قَصْدِ النِّصَابِ، وَكَوْنُ الْمَسْرُوقِ كِيسًا فِيهِ دَلَالَةُ الْقَصْدِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أَقْصِدْ لَمْ أَعْلَمْ كَمَا فِي الْفَتْحِ، فَإِقْرَارُهُ بِالْعِلْمِ بِمَا فِي الثَّوْبِ فِيهِ دَلَالَةُ الْقَصْدِ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ وَلَا يُنْتَظَرُ) أَيْ إذَا طَلَبَ الْمَالِكُ تَضْمِينَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْحَالِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْحَالِ فَصَارَ مُسْتَهْلَكًا (قَوْلُهُ خُفْيَةً) خَرَجَ بِهِ الْأَخْذُ مُغَالَبَةً أَوْ نَهْبًا، فَلَا قَطْعَ بِهِ لَوْ كَانَ فِي الْمِصْرِ نَهَارًا وَإِنْ دَخَلَ خُفْيَةً اسْتِحْسَانًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَابْتِدَاءً فَقَطْ لَوْ لَيْلًا) حَتَّى لَوْ دَخَلَ الْبَيْتَ لَيْلًا خُفْيَةً ثُمَّ أَخَذَ الْمَالَ مُجَاهَرَةً وَلَوْ بَعْدَ مُقَاتَلَةِ مَنْ فِي يَدِهِ قُطِعَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْعِبْرَةُ) أَيْ فِي الْخُفْيَةِ لِزَعْمِ السَّارِقِ أَنَّ رَبَّ الدَّارِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَمْ لِزَعْمِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ رَبَّ الدَّارِ فِيهِ خِلَافٌ: وَيَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ ظَنَّ السَّارِقُ أَنَّ رَبَّ الدَّارِ عَلِمَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ، فَالْخُفْيَةُ هُنَا فِي زَعْمِ رَبِّ الدَّارِ لَا فِي زَعْمِ السَّارِقِ.

فَفِي الزَّيْلَعِيِّ: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ جَهْرٌ فِي زَعْمِهِ. وَفِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ: يُقْطَعُ اكْتِفَاءً بِكَوْنِهَا خُفْيَةً فِي زَعْمِ أَحَدِهِمَا، أَمَّا لَوْ زَعَمَ اللِّصُّ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَعَ أَنَّهُ عَالِمٌ يُقْطَعُ اكْتِفَاءً بِزَعْمِهِ الْخُفْيَةَ، وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمَا اتِّفَاقًا.

وَأَمَّا لَوْ عَلِمَا فَلَا قَطْعَ بِالْمَسْأَلَةِ رُبَاعِيَّةً كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ مِنْ صَاحِبِ يَدٍ صَحِيحَةٍ) حَتَّى لَوْ سَرَقَ عَشَرَةً وَدِيعَةً عِنْدَ رَجُلٍ وَلَوْ لِعَشَرَةِ رِجَالٍ يُقْطَعُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ السَّارِقِ) هَكَذَا أَطْلَقَهُ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ؛ لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ أَمَانَةٍ وَلَا مِلْكٍ فَكَانَ طَائِعًا قُلْنَا نَعَمْ، لَكِنَّ يَدَهُ يَدُ غَصْبٍ وَالسَّارِقُ مِنْهُ يُقْطَعُ. وَالْحَقُّ مَا فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ: إنْ قَطَعْت الْأُولَى لَمْ أَقْطَعْ الثَّانِيَ وَإِنْ دَرَأْت عَنْهُ الْحَدَّ قَطَعْته، وَمِثْلُهُ فِي أَمَالِي أَبِي يُوسُفَ كَذَا فِي الْفَتْحِ نَهْرٌ. وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْآتِي،

[تَنْبِيهٌ] فِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ مَالِ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ) سَيَأْتِي هَذَا فِي الْمَتْنِ مَعَ أَشْيَاءَ أُخَرَ لَا يُقْطَعُ بِهَا، فَإِذَا كَانَ مُرَادُهُ اسْتِيفَاءَ الشُّرُوطِ كَانَ عَلَيْهِ ذِكْرُ الْبَاقِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مُتَقَوِّمًا مُطْلَقًا) أَيْ عِنْدَ أَهْلِ كُلِّ دِينٍ ط (قَوْلُهُ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ خَمْرِ مُسْلِمٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ مَعَ التَّطْوِيلِ لَا تَشْمَلُ سَرِقَةَ الْمُسْلِمِ خَمْرَ الذِّمِّيِّ، وَلَوْ قَالَ فَلَا قَطْعَ بِسَرِقَةِ خَمْرٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ. اهـ. ح (قَوْلُهُ بَدَائِعُ) تَمَامُ عِبَارَتِهَا عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ:

ص: 84

(مِنْ حِرْزٍ) بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ اتَّحَدَ مَالِكُهُ أَمْ تَعَدَّدَ (لَا شُبْهَةَ وَلَا تَأْوِيلَ فِيهِ) وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا سَيَتَّضِحُ (فَيُقْطَعُ إنْ أَقَرَّ بِهَا مَرَّةً) وَإِلَيْهِ رَجَعَ الثَّانِي (طَائِعًا) فَإِقْرَارُهُ بِهَا مُكْرَهًا بَاطِلٌ. وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ

ــ

[رد المحتار]

فَلَوْ سَرَقَ بَعْضُ تُجَّارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْبَعْضِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأُخِذَ السَّارِقُ لَا يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ اهـ قُلْت: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ فِي دَارِ الْبَغْيِ ثُمَّ خَرَجُوا إلَى دَارِ الْعَدْلِ تَأَمَّلْ.

وَلَمْ يَذْكُرْ سَرِقَةَ أَهْلِ الْعَدْلِ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ وَعَكْسَهُ. وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ أَغَارَ عَلَى عَسْكَرِ الْبَغْيِ لَيْلًا فَسَرَقَ مِنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَالًا فَجَاءَ بِهِ إلَى إمَامِ الْعَدْلِ لَا يَقْطَعُهُ؛ لِأَنَّ لِأَهْلِ الْعَدْلِ أَخْذَ أَمْوَالِهِمْ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ وَيُمْسِكُهُ إلَى أَنْ يَتُوبُوا أَوْ يَمُوتُوا، وَفِي الْعَكْسِ لَوْ أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتَى بِهِ إمَامَ أَهْلِ الْعَدْلِ لَمْ يَقْطَعْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُحَارِبٌ يَسْتَحِلُّ هَذَا اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ مِنْ حِرْزٍ) هُوَ عَلَى قِسْمَيْنِ: حِرْزٌ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ كُلُّ بُقْعَةٍ مُعَدَّةٍ لِلْإِحْرَازِ مَمْنُوعٍ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا إلَّا بِإِذْنٍ كَالدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْخِيَمِ وَالْخَزَائِنِ وَالصَّنَادِيقِ. أَوْ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ كُلُّ مَكَان غَيْرِ مُعَدٍّ لِلْإِحْرَازِ وَفِيهِ حَافِظٌ كَالْمَسَاجِدِ وَالطُّرُقِ وَالصَّحْرَاءِ. وَفِي الْقُنْيَةِ: لَوْ سَرَقَ الْمَدْفُونَ فِي مَفَازَةٍ يُقْطَعُ بَحْرٌ. قُلْت: وَجَزَمَ الْمَقْدِسِيَّ بِضَعْفِ مَا فِي الْقُنْيَةِ كَمَا نَذْكُرُهُ فِي النَّبَّاشِ (قَوْلُهُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ) فَلَوْ أَخْرَجَ بَعْضَهُ ثُمَّ دَخَلَ وَأَخْرَجَ بَاقِيَهُ لَمْ يُقْطَعْ زَيْلَعِيٌّ وَغَيْرُهُ. قُلْت: وَهَذَا لَوْ أَخْرَجَهُ إلَى خَارِجِ الدَّارِ لِمَا فِي الْجَوْهَرَةِ: وَلَوْ دَخَلَ دَارًا فَسَرَقَ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا دِرْهَمًا فَأَخْرَجَهُ إلَى صَحْنِهَا ثُمَّ عَادَ فَسَرَقَ دِرْهَمًا آخَرَ وَهَكَذَا حَتَّى سَرَقَ عَشَرَةً فَهَذِهِ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ، فَإِذَا أَخْرَجَ الْعَشَرَةَ مِنْ الدَّارِ قُطِعَ، وَإِنْ خَرَجَ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهَا سَرِقَاتٌ اهـ وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْجَوْهَرَةِ أَيْضًا: لَوْ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ مَرَّتَيْنِ فَصَاعِدًا، إنْ تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا اطِّلَاعُ الْمَالِكِ فَأَصْلَحَ النَّقْبَ أَوْ أَغْلَقَ الْبَابَ، فَالْإِخْرَاجُ الثَّانِي سَرِقَةٌ أُخْرَى فَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ إذَا كَانَ الْمُخْرَجُ فِي كُلِّ دُفْعَةٍ دُونَ النِّصَابِ، وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ ذَلِكَ قَطْعٌ اهـ وَمِثْلُهُ فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ قُبَيْلَ فَصْلِ الْقَطْعِ، فَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ ذَلِكَ قَطْعٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ النِّصَابِ إلَى خَارِجِ الدَّارِ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ اطِّلَاعِ الْمَالِكِ وَإِصْلَاحِهِ النَّقْبَ أَوْ إغْلَاقِهِ الْبَابَ أَنَّهُ يُقْطَعُ، وَهُوَ خِلَافُ مَا أَطْلَقَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ كَمَا عَلِمْت؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَخْرَجَ نِصَابًا مِنْ حِرْزٍ بَلْ بَعْضَ نِصَابٍ، نَعَمْ اطِّلَاعُ الْمَالِكِ لَهُ اعْتِبَارٌ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى ذَكَرَهَا فِي الْجَوْهَرَةِ أَيْضًا، وَهِيَ لَوْ نَقَبَ الْبَيْتَ ثُمَّ خَرَجَ وَلَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا إلَّا فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ، إنْ كَانَ ظَاهِرًا وَعَلِمَ بِهِ رَبُّ الْمَنْزِلِ وَلَمْ يَسُدَّهُ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا قُطِعَ. اهـ.

وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِهِ وَلَمْ يَسُدَّهُ لَمْ يَبْقَ حِرْزًا وَإِلَّا بَقِيَ حِرْزًا، إذْ لَوْ لَمْ يَبْقَ حِرْزًا لَزِمَ أَنْ لَا تَتَحَقَّقَ سَرِقَتُهُ بَعْدَ هَتْكِ الْحِرْزِ (قَوْلُهُ اتَّحَدَ مَالِكُهُ أَمْ تَعَدَّدَ) فَلَوْ سَرَقَ وَاحِدٌ مِنْ جَمَاعَةٍ قُطِعَ، وَلَوْ سَرَقَ اثْنَانِ نِصَابًا مِنْ وَاحِدٍ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِمَا فَالْعِبْرَةُ لِلنِّصَابِ فِي حَقِّ السَّارِقِ لَا الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْحِرْزُ وَاحِدًا، فَلَوْ سَرَقَ نِصَابًا مِنْ مَنْزِلَيْنِ فَلَا قَطْعَ وَالْبُيُوتُ مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ بِمَنْزِلَةِ بَيْتٍ وَاحِدٍ، حَتَّى لَوْ سَرَقَ مِنْ عَشَرَةِ أَنْفُسٍ فِي دَارِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَيْتٍ عَلَى حِدَةٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِرْهَمًا قُطِعَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّارُ عَظِيمَةً فِيهَا حُجَرٌ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ بَحْرٌ، وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْحُجَرِ (قَوْلُهُ لَا شُبْهَةَ وَلَا تَأْوِيلَ فِيهِ) أَخْرَجَ بِالْأَوَّلِ السَّرِقَةَ مِنْ دَارِ أَبِيهِ وَنَحْوِهِ وَبِالثَّانِي سَرِقَةَ مُصْحَفٍ لِتَأْوِيلِ أَخْذِهِ لِلْقِرَاءَةِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ كَوْنُ ذَلِكَ جُزْءًا مِنْ التَّعْرِيفِ بَلْ هُوَ شَرْطٌ لِلْقَطْعِ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ فَيُقْطَعُ إنْ أَقَرَّ مَرَّةً أَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ الثَّانِي) أَيْ أَبُو يُوسُفَ، وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ لَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا أَقَرَّ مَرَّتَيْنِ فِي مَجْلِسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّتِهِ) مُقْتَضَى صَنِيعِهِ أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ فِي حَقِّ الْقَطْعِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَدٌّ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَالْإِنْكَارُ

ص: 85

ظَهِيرِيَّةٌ. زَادَ الْقُهُسْتَانِيُّ مَعْزِيًّا لِخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ: وَيَحِلُّ ضَرْبُهُ لِيُقِرَّ، وَسَنُحَقِّقُهُ (أَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ) وَلَوْ عَبْدًا شُرِطَ حَضْرَةُ مَوْلَاهُ، وَلَا تُقْبَلُ عَلَى إقْرَارِهِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ (وَسَأَلَهُمَا الْإِمَامُ كَيْفَ هِيَ وَأَيْنَ هِيَ وَكَمْ هِيَ؟) زَادَ فِي الدُّرَرِ: وَمَا هِيَ وَمَتَى هِيَ (وَمِمَّنْ سَرَقَ وَبَيَّنَّاهَا) احْتِيَالًا لِلدَّرْءِ، وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ لِعَدَمِ الْكَفَالَةِ فِي الْحُدُودِ، وَيَسْأَلُ الْمُقِرَّ عَنْ الْكُلِّ إلَّا الزَّمَانَ. وَمَا فِي الْفَتْحِ إلَّا الْمَكَانَ تَحْرِيفٌ نَهْرٌ.

(وَصَحَّ رُجُوعُهُ عَنْ إقْرَارِهِ بِهَا) وَإِنْ ضَمِنَ الْمَالَ، وَكَذَا لَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ أَوْ قَالَ هُوَ مَالِي أَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِهَا وَهُوَ يَجْحَدُ أَوْ يَسْكُتُ فَلَا قَطْعَ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ. (فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ هَرَبَ، فَإِنْ فِي فَوْرِهِ لَا يُتَّبَعُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ) كَذَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ وَنَقَلَهُ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ بِلَا قَيْدِ الْفَوْرِيَّةِ.

ــ

[رد المحتار]

أَعْظَمُ شُبْهَةً مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا قَطْعَ بِنُكُولٍ عَنْ الْيَمِينِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ هَرَبَ لَا يُتَّبَعُ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ عَلَى صِحَّتِهِ فِي حَقِّ الضَّمَانِ (قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ) فَلَا يُقْبَلُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِلْقَطْعِ بَلْ لِلْمَالِ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ كَمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَبْدًا) تَعْمِيمٌ لِلضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى سَرِقَةِ الْعَبْدِ فِي الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَسَأَلَهُمَا الْإِمَامُ كَيْفَ هِيَ) لِيَعْلَمَ أَنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ الْحِرْزِ أَوْ نَاوَلَ مَنْ هُوَ خَارِجٌ وَأَيْنَ هِيَ لِيَعْلَمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ؟ وَكَمْ هِيَ لِيَعْلَمَ أَنَّهَا نِصَابٌ أَمْ لَا؟ (قَوْلُهُ زَادَ فِي الدُّرَرِ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ الْهِدَايَةِ وَقَالَ: السُّؤَالُ عَنْ الْمَاهِيَّةِ لِإِطْلَاقِهَا عَلَى اسْتِرَاقِ السَّمْعِ وَالنَّقْصِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَعَنْ الزَّمَانِ لِاحْتِمَالِ التَّقَادُمِ.

زَادَ فِي الْكَافِي أَنَّهُ يَسْأَلُهُمَا عَنْ الْمَسْرُوقِ، إذْ سَرِقَةُ كُلِّ مَالٍ لَا تُوجِبُ الْقَطْعَ (قَوْلُهُ وَمِمَّنْ سَرَقَ) لِيَعْلَمَ أَنَّهُ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَبَيَّنَّاهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَسَأَلَهُمَا (قَوْلُهُ احْتِيَالًا) عِلَّةٌ لِلسُّؤَالِ (قَوْلُهُ وَيَحْبِسُهُ حَتَّى يَسْأَلَ عَنْ الشُّهُودِ) أَيْ عَنْ عَدَالَتِهِمْ.

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ يُشِيرُ إلَى مَا قَالَهُ الْكَمَالُ إنَّ الْقَاضِيَ لَوْ عَرَفَ الشُّهُودَ بِالْعَدَالَةِ لَهُ قَطْعُهُ اهـ وَلَعَلَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُخْتَارِ الْآنَ اهـ وَهَذَا اشْتِبَاهٌ، فَإِنَّ قَضَاءَهُ بِالْقَطْعِ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِعِلْمِهِ، وَعِلْمُهُ بِعَدَالَةِ الشُّهُودِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا الْقَضَاءُ بِالْقَطْعِ لَيْسَ قَضَاءً بِهِ حَمَوِيٌّ. قُلْت: عَلَى أَنَّهُ مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَنَّ فِي حُقُوقِهِ تَعَالَى يَقْضِي الْقَاضِي بِعِلْمِهِ اتِّفَاقًا، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْكَشْفِ بِأَنَّ وُجُوبَ الْقَطْعِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْكَفَالَةِ فِي الْحُدُودِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ أَخْذُ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ لَا يُحْبَسُ (قَوْلُهُ إلَّا الزَّمَانَ) ؛ لِأَنَّ تَقَادُمَ الْعَهْدِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِهَا نُوحٌ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ. وَاعْتَرَضَهُ الْحَمَوِيُّ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ السَّرِقَةُ فِي صِبَاهُ فَلَا يُحَدُّ. قُلْت: لَكِنْ قَالَ فِي حَاوِي الزَّاهِدِيِّ: لَوْ ثَبَتَتْ السَّرِقَةُ بِالْإِقْرَارِ لَا يَلْزَمُ السُّؤَالُ عَنْ زَمَانِهَا حَتَّى قَالَ فِي [أَسْنَعَ] لَوْ قَالَ: سَرَقْت فِي زَمَانِ الصِّبَا يُقْطَعُ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِ اهـ وَلَفْظُ أَسْنَعَ رَمْزٌ لِكِتَابِ الْأَسْرَارِ (قَوْلُهُ إلَّا الْمَكَانَ) الْمُنَاسِبُ وَإِلَّا الْمَكَانَ بِالْعَطْفِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَتْحِ اسْتَثْنَى الزَّمَانَ وَالْمَكَانَ (قَوْلُهُ تَحْرِيفٌ) أَيْ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ ذِكْرَ الْمَكَانِ فِي عِبَارَةِ الْفَتْحِ غَيْرُ صَحِيحٍ

(قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ) أَيْ أَحَدُ السَّارِقِينَ الْمُقِرِّينَ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ) أَيْ أَحَدُ السَّارِقِينَ (قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ إقْرَارِ السَّارِقِ (قَوْلُهُ فَلَا قَطْعَ) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ، أَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَلِأَنَّهُ إذَا سَقَطَ عَنْ الْبَعْضِ لِشُبْهَةٍ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ كَمَا فِي الْكَافِي، وَالرُّجُوعُ وَدَعْوَى الْمِلْكِ شُبْهَةٌ. وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّ جُحُودَ الْإِقْرَارِ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ، وَهُوَ لَوْ أَقَرَّ صَرِيحًا يَصِحُّ رُجُوعُهُ، فَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ، وَالسُّكُوتُ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ جُعِلَ إنْكَارًا حُكْمًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ شَارِحُ الْوَهْبَانِيَّةِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ ثُمَّ هَرَبَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ فِي فَوْرِهِ؛ لِأَنَّ الْهَرَبَ دَلِيلُ الرُّجُوعِ وَلَوْ رَجَعَ

ص: 86

(وَلَا قَطْعَ بِنُكُولٍ وَإِقْرَارِ مَوْلًى عَلَى عَبْدِهِ بِهَا وَإِنْ لَزِمَ الْمَالُ) لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ (وَ) السَّارِقُ (لَا يُفْتَى بِعُقُوبَتِهِ) لِأَنَّهُ جَوْرٌ تَجْنِيسٌ، وَعَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ لِلْوَاقِعَاتِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ خِلَافُ الشَّرْعِ، وَمِثْلُهُ فِي السِّرَاجِيَّةِ. وَنُقِلَ عَنْ التَّجْنِيسِ عَنْ عِصَامٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ سَارِقٍ يُنْكِرُ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَقَالَ الْأَمِيرُ سَارِقٌ وَيَمِينٌ؟ هَاتُوا بِالسَّوْطِ،، فَمَا ضَرَبُوهُ عَشَرَةً حَتَّى أَقَرَّ فَأَتَى بِالسَّرِقَةِ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مَا رَأَيْت جَوْرًا أَشْبَهَ بِالْعَدْلِ مِنْ هَذَا. وَفِي إكْرَاهِ الْبَزَّازِيَّةِ: مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ أَفْتَى بِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهَا مُكْرَهًا. وَعَنْ الْحَسَنِ: يَحِلُّ ضَرْبُهُ حَتَّى يُقِرَّ مَا لَمْ يَظْهَرْ الْعَظْمُ. وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ ابْنِ الْعِزِّ الْحَنَفِيِّ: صَحَّ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ بِتَعْذِيبِ بَعْضِ الْمُعَاهَدِينَ حِينَ كَتَمَ كَنْزَ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ فَفَعَلَ فَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَالِ» قَالَ وَهُوَ الَّذِي يَسَعُ النَّاسَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَإِلَّا فَالشَّهَادَةُ عَلَى السَّرِقَاتِ أَنْدَرُ

ــ

[رد المحتار]

لَا يُقْطَعُ، فَكَذَا إذَا هَرَبَ بَلْ يَضْمَنُ الْمَالَ: وَأَمَّا لَوْ هَرَبَ بَعْدَ الشَّهَادَةِ وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ، فَإِنْ أُخِذَ فِي فَوْرِهِ قُطِعَ وَإِلَّا لَا، فَإِنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ لَا يُقَامُ بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ التَّقَادُمِ، وَالْعَارِضُ فِي الْحُدُودِ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ كَالْعَارِضِ قَبْلَ الْقَضَاءِ اهـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلظَّهِيرِيَّةِ، فَإِنْ فِي فَوْرِهِ لَا يُقْطَعُ صَوَابُهُ وَلَوْ فِي فَوْرِهِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ بَعْدَ التَّقَادُمِ لَا يُقْطَعُ أَيْضًا.

وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ قَيَّدَ بِالْفَوْرِيَّةِ لِيَصِحَّ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّقَادُمِ لَا يُخَالِفُ الْإِقْرَارُ الشَّهَادَةَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ. عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُقْطَعُ بِالْهَرَبِ فِي فَوْرِ الْإِقْرَارِ لَا يُقْطَعُ بَعْدَ التَّقَادُمِ فِيهِ بِالْأَوْلَى كَمَا أَفَادَهُ ح لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِي الْعِبَارَةِ مِنْ الْإِيهَامِ، وَالْعِبَارَةُ الْمُحَرَّرَةُ عِبَارَةُ كَافِي الْحَاكِمِ، وَهِيَ: وَإِذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ ثُمَّ هَرَبَ لَمْ يُطْلَبْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِشُهُودٍ طُلِبَ مَادَامَ فِي فَوْرِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَلَا قَطْعَ بِنُكُولٍ) أَيْ نُكُولِ السَّارِقِ عَنْ الْحَلِفِ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ) عِلَّةٌ لِلُزُومِ الْمَالِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ إقْرَارٌ مَعْنًى، وَإِقْرَارُ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدٍ يُوجِبُ تَوَجُّهَ الْمُطَالَبَةِ عَلَى نَفْسِهِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ وَنَقَلَ) أَيْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَهُوَ تَأْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ حَيْثُ سَمَّاهُ جَوْرًا شَبِيهًا بِالْعَدْلِ.

مَطْلَبٌ تَرْجَمَةُ عِصَامِ بْنِ يُوسُفَ (قَوْلُهُ عَنْ عِصَامٍ) هُوَ عِصَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَمِنْ أَقْرَانِ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ وَابْنِ رُسْتُمَ وَأَبِي حَفْصٍ الْبُخَارِيِّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ سُئِلَ) أَيْ سَأَلَهُ حِبَّانُ بْنُ جَبَلَةَ أَمِيرُ بَلْخٍ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ سَارِقٌ وَيَمِينٌ) تَعَجُّبٌ مِنْ طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَا هُوَ أَشَدُّ جِنَايَةً لَكِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذَا (قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ عِصَامٌ (قَوْلُهُ مَا رَأَيْت جَوْرًا إلَخْ) سَمَّاهُ جَوْرًا بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ وَإِلَّا فَهُوَ عَدْلٌ حَيْثُ تَوَصَّلَ بِهِ إلَى إظْهَارِ الْحَقِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ لِلْقَاضِي تَعْزِيرَ الْمُتَّهَمِ وَقَدَّمْنَا بَيَانَهُ (قَوْلُهُ بِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِهَا مُكْرَهًا) أَيْ فِي حَقِّ الضَّمَانِ لَا فِي حَقِّ الْقَطْعِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَعَنْ الْحَسَنِ) هُوَ ابْنُ زِيَادٍ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ يَحِلُّ ضَرْبُهُ إلَخْ) لَمْ يُصَرِّحْ الْحَسَنُ بِهِ بَلْ هُوَ مَفْهُومُ كَلَامِهِ.

مَطْلَبٌ فِي جَوَازِ ضَرْبِ السَّارِقِ حَتَّى يُقِرَّ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَسُئِلَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ: أَيَحِلُّ ضَرْبُ السَّارِقِ حَتَّى يُقِرَّ؟ قَالَ: مَا لَمْ يَقْطَعْ اللَّحْمَ لَا يَتَبَيَّنُ الْعَظْمُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ، وَهُوَ ضَرْبُ مَثَلٍ: أَيْ مَا لَوْ لَمْ يُعَاقَبْ لَا تَظْهَرُ السَّرِقَةُ، فَفِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ سَقَطٌ مِنْ الْكَاتِبِ أَوْ مِنْ قَلَمِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى ذَكَرَ عِبَارَةَ الْحَسَنِ عَلَى وَجْهِهَا فَلَمْ يَكُنْ مَا هُنَا تَصَرُّفًا مِنْهُ بِسُوءِ فَهْمِهِ إذْ لَمْ نَعْهَدْ هَذَا الشَّارِحَ الْفَاضِلَ وَصَلَ فِي الْبَلَادَةِ إلَى مَا زَعَمَهُ مَنْ هُوَ مُولَعٌ بِالِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَنْ ابْنِ الْعِزِّ) أَيْ فِي كِتَابِهِ التَّنْبِيهِ عَلَى مُشْكِلَاتِ الْهِدَايَةِ، حَيْثُ قَالَ: الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمُتَّهَمِ بِسَرِقَةٍ وَنَحْوِهَا أَنْ يُنْظَرَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْبِرِّ لَمْ تَجُزْ مُطَالَبَتُهُ وَلَا عُقُوبَتُهُ، وَهَلْ يُحَلَّفُ؟ قَوْلَانِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ

ص: 87

الْأُمُورِ. ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ فِي آخِرِ بَابِ قَطْعِ الطَّرِيقِ جَوَازَ ذَلِكَ سِيَاسَةً، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَابْنِ الْكَمَالِ. زَادَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ فِي زَمَانِنَا لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ، وَيُحْمَلُ مَا فِي التَّجْنِيسِ عَلَى زَمَانِهِمْ، ثُمَّ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ قَبْلَهُ عَنْ الْقُنْيَةِ: لَوْ كُسِرَ سِنُّهُ وَيَدُهُ ضَمِنَ الشَّاكِي أَرْشَهُ كَالْمَالِ، لَا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بِتَسَوُّرِهِ الْجِدَارَ أَوْ مَاتَ بِالضَّرْبِ لِنُدُورِهِ. وَعَنْ الذَّخِيرَةِ: لَوْ صَعِدَ السَّطْحَ لِيَفِرَّ خَوْفَ التَّعْذِيبِ فَسَقَطَ فَمَاتَ ثُمَّ ظَهَرَتْ السَّرِقَةُ عَلَى يَدِ آخَرَ كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ الشَّاكِي بِدِيَةِ أَبِيهِمْ وَبِمَا غَرِمَهُ لِلسُّلْطَانِ لِتَعَدِّيهِ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ وَسَيَجِيءُ فِي الْغَصْبِ.

ــ

[رد المحتار]

يُعَزَّرُ مُتَّهِمُهُ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَيُحْبَسُ حَتَّى يُكْشَفَ أَمْرُهُ، قِيلَ شَهْرًا، وَقِيلَ بِاجْتِهَادِ وَلِيِّ الْأَمْرِ. وَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْفُجُورِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَضْرِبُهُ الْوَالِي أَوْ الْقَاضِي. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَضْرِبُهُ الْوَالِي دُونَ الْقَاضِي. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَضْرِبُهُ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ أَنْ يَمَسَّ بَعْضَ الْمُعَاهَدِينَ بِالْعَذَابِ لَمَّا كَتَمَ إخْبَارَهُ بِالْمَالِ الَّذِي كَانَ صلى الله عليه وسلم قَدْ عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ أَيْنَ كَنْزُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ؟ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَنْفَذَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ، فَقَالَ: الْمَالُ كَثِيرٌ وَالْمَسْأَلَةُ أَقْرَبُ، وَقَالَ لِلزُّبَيْرِ: دُونَك هَذَا فَمَسَّهُ الزُّبَيْرُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَذَابِ فَدَلَّهُمْ عَلَى الْمَالِ» وَهُوَ الَّذِي يَسَعُ النَّاسَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ إلَخْ، وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَقَلَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ، وَقَوْلُهُ جَوَازَ ذَلِكَ: أَيْ جَوَازَ ضَرْبِ الْمُتَّهَمِ حَيْثُ قَالَ نَقْلًا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ.

وَمِنْهَا: أَيْ وَمِنْ السِّيَاسَةِ مَا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْأَعْمَشِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَنْكَرَ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ، فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ سَارِقٌ وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ عِنْدَهُ عَاقَبَهُ وَيَجُوزُ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ رَآهُ الْإِمَامُ مَعَ الْفُسَّاقِ فِي مَجْلِسِ الشُّرْبِ، وَكَمَا لَوْ رَآهُ يَمْشِي مَعَ السُّرَّاقِ، وَبِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَجَازُوا قَتْلَ النَّفْسِ، كَمَا إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ شَاهِرًا سَيْفَهُ وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ لِغَلَبَةِ الْفَسَادِ) تَمَامُ عِبَارَةِ النَّهْرِ: وَكَيْفَ يُؤْتَى لِلسَّارِقِ لَيْلًا بِالْبَيِّنَةِ بَلْ وَلَا فِي النَّهَارِ اهـ يَعْنِي لَا يَتَوَقَّفُ جَوَازُ ضَرْبِهِ عَلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِ التُّهْمَةِ وَتَقَدَّمَ فِي التَّعْزِيرِ أَنَّ لِلْقَاضِي تَعْزِيرَ الْمُتَّهَمِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ ابْنِ الْقَيِّمِ حِكَايَةَ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ سَمِعْت آنِفًا تَصْرِيحَ الزَّيْلَعِيِّ بِأَنَّ هَذَا مِنْ السِّيَاسَةِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ لِلْقَاضِي فِعْلَ السِّيَاسَةِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ مَا فِي التَّجْنِيسِ) وَهُوَ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُفْتَى بِعُقُوبَةِ السَّارِقِ (قَوْلُهُ لَوْ كُسِرَ سِنُّهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، وَأَصْلُ الْعِبَارَةِ: لَوْ شَكَا لِلْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ فَأَتَى بِقَائِدٍ فَضَرَبَ الْمَشْكُوَّ عَلَيْهِ فَكَسَرَ سِنَّهُ أَوْ يَدَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْمَالِ) أَيْ كَمَا يَضْمَنُ لَوْ غَرَّمَهُ الْوَالِي مَالًا.

(قَوْلُهُ لَا لَوْ حَصَلَ) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْأَرْشَ لَوْ حَبَسَهُ الْوَالِي فَهَرَبَ وَتَسَوَّرَ جِدَارَ السِّجْنِ فَحَصَلَ مَا ذَكَرَ مِنْ كَسْرِ سِنِّهِ أَوْ يَدِهِ أَوْ مَاتَ بِضَرْبِ الْقَائِدِ (قَوْلُهُ كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ الشَّاكِي بِدِيَةِ أَبِيهِمْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُنَافِي مَا مَرَّ عَنْ الْقُنْيَةِ لِتَعْلِيلِهِ بِظُهُورِ تَعَدِّيهِ هُنَا: أَيْ حَيْثُ ظَهَرَتْ السَّرِقَةُ عَلَى يَدِ آخَرَ، بِخِلَافِ مَا مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِتَعَدِّيهِ فِي هَذَا التَّسَبُّبِ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ بَعْدَ عَزْوِهِ الْمَسْأَلَةَ لِمَجْمُوعِ النَّوَازِلِ: قِيلَ هَذَا الْجَوَابُ مُسْتَقِيمٌ فِي حَقِّ الْغَرَامَةِ أَصْلُهُ السِّعَايَةُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فِي حَقِّ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَعِدَ السَّطْحَ بِاخْتِيَارِهِ، وَقِيلَ هُوَ مُسْتَقِيمٌ فِي الدِّيَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى الصُّعُودِ لِلْفِرَارِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى اهـ وَقَوْلُهُ أَصْلُهُ السِّعَايَةُ، أَيْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَلِكَ تَضْمِينُهُمْ السَّاعِي إذَا كَانَ بِغَيْرِ حَقٍّ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ فِي الْغَصْبِ) حَيْثُ قَالَ مَتْنًا وَشَرْحًا: لَوْ سَعَى إلَى سُلْطَانٍ بِمَنْ يُؤْذِيهِ، وَالْحَالُ أَنْ لَا يَدْفَعَ بِلَا رَفْعٍ إلَى السُّلْطَانِ أَوْ سَعَى بِمَنْ يُبَاشِرُ الْفِسْقَ وَلَا يَمْتَنِعُ بِنَهْيِهِ أَوْ قَالَ لِسُلْطَانٍ قَدْ يُغَرِّمُ وَقَدْ لَا يَغْرَمُ إنَّهُ قَدْ وَجَدَ كَنْزًا فَغَرَّمَهُ السُّلْطَانُ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ، وَلَوْ غَرَّمَ السُّلْطَانُ أَلْبَتَّةَ بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ ضَمِنَ، وَكَذَا يَضْمَنُ لَوْ سَعَى بِغَيْرِ حَقٍّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ زَجْرًا لَهُ: أَيْ لِلسَّاعِي وَبِهِ يُفْتَى وَعُزِّرَ، وَلَوْ السَّاعِي عَبْدًا طُولِبَ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَلَوْ مَاتَ السَّاعِي

ص: 88

(قَضَى بِالْقَطْعِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَقَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ هَذَا مَتَاعُهُ لَمْ يَسْرِقْهُ مِنِّي) وَإِنَّمَا كُنْت أُوِدَعْتُهُ (أَوْ قَالَ شَهِدَ شُهُودِي بِزُورٍ أَوْ أَقَرَّ هُوَ بِبَاطِلٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا قَطْعَ) وَنُدِبَ تَلْقِينُهُ كَيْ لَا يُقِرَّ بِالسَّرِقَةِ (كَمَا) لَا قَطْعَ (لَوْ شَهِدَ كَافِرَانِ عَلَى كَافِرٍ وَمُسْلِمٍ بِهَا فِي حَقِّهِمَا) أَيْ الْكَافِرِ وَالْمُسْلِمِ ظَهِيرِيَّةٌ: (تَشَارَكَ جَمْعٌ وَأَصَابَ كُلًّا قَدْرَ نِصَابٍ قُطِعُوا وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ بَعْضُهُمْ) اسْتِحْسَانًا سَدًّا لِبَابِ الْفَسَادِ، وَلَوْ فِيهِمْ صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مَعْتُوهٌ أَوْ مَحْرَمٌ لَمْ يُقْطَعْ أَحَدٌ. (وَشُرِطَ لِلْقَطْعِ حُضُورُ شَاهِدَيْهَا وَقْتَهُ) وَقْتَ الْقَطْعِ (كَحُضُورِ الْمُدَّعِي) بِنَفْسِهِ (حَتَّى لَوْ غَابَا أَوْ مَاتَا لَا قَطْعَ) وَهَذَا فِي كُلِّ حَدٍّ سِوَى رَجْمٍ وَقَوَدٍ بَحْرٌ.

ــ

[رد المحتار]

فَلِلْمَسْعِيِّ بِهِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْخُسْرَانِ مِنْ تَرِكَتِهِ هُوَ الصَّحِيحُ جَوَاهِرُ الْفَتَاوَى. وَنَقَلَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَشْكُوُّ عَلَيْهِ بِسُقُوطِهِ مِنْ سَطْحٍ لِخَوْفِهِ غَرِمَ الشَّاكِي دِيَتَهُ، لَا لَوْ مَاتَ بِالضَّرْبِ لِنُدُورِهِ وَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ السَّرِقَةِ. اهـ. قُلْت أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ السَّرِقَةِ مُخَالِفٌ لِمَا عَزَاهُ إلَيْهَا.

مَطْلَبٌ فِي ضَمَانِ السَّاعِي ثُمَّ حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ ضَمَانِ السَّاعِي أَنَّهُ لَوْ سَعَى بِحَقٍّ لَا يَضْمَنُ وَلَوْ بِلَا حَقٍّ، فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يُغَرِّمُ بِمِثْلِ هَذِهِ السِّعَايَةِ أَلْبَتَّةَ يَضْمَنُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يُغَرِّمُ وَقَدْ لَا يُغَرِّمُ لَا يَضْمَنُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ مِنْ ضَمَانِ السَّاعِي بِغَيْرِ حَقٍّ مُطْلَقًا وَيُعَزَّرُ، بَلْ قَدَّمْنَا إبَاحَةَ قَتْلِهِ، بَلْ أَفْتَى بَعْضُ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ بِكُفْرِهِ

(قَوْلُهُ لَمْ يَسْرِقْهُ مِنِّي) الْمُنَاسِبُ عَطْفُهُ بِأَوْ؛ لِأَنَّهُ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ. فَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: أَوْ قَالَ لَمْ يَسْرِقْهُ مِنِّي وَإِنَّمَا كُنْت أُوْدِعْتُهُ (قَوْلُهُ فَلَا قَطْعَ) أَمَّا لَوْ قَالَ عَفَوْت عَنْهُ لَمْ يَبْطُلْ الْقَطْعُ كَافِي الْحَاكِمِ: أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ مَحْضُ حَقِّهِ تَعَالَى فَلَا يَمْلِكُ إسْقَاطَهُ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ حَقِّ الْعَبْدِ، وَقَدْ بَطَلَ بِإِقْرَارِهِ فَبَطَلَ مَا فِي ضِمْنِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَنُدِبَ تَلْقِينُهُ) الْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ إنْ أَقَرَّ بِهَا: أَيْ نُدِبَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلَقِّنَهُ كَافِي لِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِلِصٍّ قَدْ اعْتَرَفَ وَلَمْ يُوجَدْ مَعَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: مَا إخَالُكَ سَرَقْت، قَالَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَعَادَهَا عليه الصلاة والسلام مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَأَمَرَ بِهِ فَقُطِعَ» وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فِي حَقِّهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِلَا قَطْعَ ح: أَيْ لَا قَطْعَ فِي حَقِّ الْكَافِرِ وَلَا فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهَا سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَمَّا بَطَلَتْ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ بَطَلَتْ فِي حَقِّ الْكَافِرِ. وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلَا شَكَّ فِي انْتِفَائِهِ عَنْ الْمُسْلِمِ، وَهَلْ يَضْمَنُ الْكَافِرُ حِصَّتَهُ مِنْهَا؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ.

قُلْت: وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلَيْنِ بِسَرِقَةٍ وَأَحَدُ السَّارِقَيْنِ غَائِبٌ قُطِعَ الْحَاضِرُ، فَإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى تُعَادَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ أَوْ غَيْرُهَا فَيُقْطَعَ اهـ فَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ، بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْغَائِبِ فَإِنَّ الْمَانِعَ مِنْ قَبُولِهَا الْغَيْبَةُ لَا عَدَمُ الْأَهْلِيَّةِ (قَوْلُهُ تَشَارَكَ جَمْعٌ) أَيْ فِي دُخُولِ الْحِرْزِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَإِنْ أَخَذَ الْمَالَ بَعْضُهُمْ: قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِنَّمَا وَضَعَهَا فِي دُخُولِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَ بَعْضُهُمْ لَكِنَّهُمْ اشْتَرَكُوا بَعْدَ ذَلِكَ فِي فِعْلِ السَّرِقَةِ لَا يُقْطَعُ إلَّا الدَّاخِلُ إنْ عُرِفَ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ عُزِّرُوا كُلُّهُمْ وَأُبِّدَ حَبْسُهُمْ إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُمْ اهـ وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَأَصَابَ كُلًّا نِصَابٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَصَابَهُ أَقَلُّ لَمْ يُقْطَعْ، بَلْ يَضْمَنُ مَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ أَنْ يُقْطَعَ الْحَامِلُ وَحْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَحْرَمٌ) أَيْ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْطَعْ أَحَدٌ) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا تَوَلَّى الْأَخْذَ الْكِبَارُ الْعُقَلَاءُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ لَا قَطْعَ) هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ، وَقَوْلُهُ الْأَخِيرُ يُقْطَعُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا، وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ سِوَى رَجْمٍ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ

ص: 89

قُلْت: لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الْآتِي تَصْحِيحَ خِلَافِهِ فَتَنَبَّهْ.

(وَيُقْطَعُ بِسَاجٍ وَقَنَا وَأَبَنُوسٍ) بِفَتْحِ الْبَاءِ (وَعُودٍ وَمِسْكٍ وَأَدْهَانٍ وَوَرْسٍ وَزَعْفَرَانٍ وَصَنْدَلٍ وَعَنْبَرٍ وَفُصُوصٍ خُضْرٍ) أَيْ زُمُرُّدٍ (وَيَاقُوتٍ وَزَبَرْجَدٍ وَلُؤْلُؤٍ وَلَعْلٍ وَفَيْرُوزَجَ وَإِنَاءٍ وَبَابٍ) غَيْرِ مُرَكَّبٍ وَلَوْ مُتَّخَذَيْنِ (مِنْ خَشَبٍ،

ــ

[رد المحتار]

سِوَى جَلْدٍ وَهِيَ الصَّوَابُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ نَقْلًا عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ، فَقَدْ رَدَّهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمُوهُ فِي حَدِّ الزِّنَا بِالرَّجْمِ مِنْ أَنَّهُ إذَا غَابَ الشُّهُودُ أَوْ مَاتُوا سَقَطَ الْحَدُّ فَيَتَّجِهُ اسْتِثْنَاءُ الْجَلْدِ فَإِنَّهُ يُقَامُ حَالَ الْغَيْبَةِ وَالْمَوْتِ، بِخِلَافِ الرَّجْمِ لِاشْتِرَاطِ بُدَاءَةِ الشُّهُودِ بِهِ.

وَعِبَارَةُ كَافِي الْحَاكِمِ فِي الْحُدُودِ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عِبَارَتُهُ فِي السَّرِقَةِ، وَنَصُّهَا: وَإِذَا كَانَ: أَيْ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ حَاضِرًا وَالشَّاهِدَانِ غَائِبَانِ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا حَتَّى يَحْضُرُوا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بَعْدَ ذَلِكَ يُقْطَعُ وَهُوَ قَوْلُ صَاحِبَيْهِ، وَكَذَلِكَ الْمَوْتُ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ حَدٍّ وَحَقٍّ سِوَى الرَّجْمِ، وَيُمْضِي الْقِصَاصَ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ اهـ فَهَذَا تَصْرِيحُ الْحَاكِمِ فِي الْحُدُودِ وَالسَّرِقَةِ بِمَا قُلْنَا فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ. اهـ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ نُسْخَةَ الْكَافِي الَّتِي وَقَعَتْ لِصَاحِبِ الْفَتْحِ سَقَطَ مِنْهَا قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى قَوْلِهِ وَكَذَلِكَ الْمَوْتُ فَوَقَعَ الْخَلَلُ فِي اشْتِرَاطِ حُضُورِ الشَّاهِدَيْنِ وَفِي اسْتِثْنَاءِ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وَقَعَ مِنْ الْقَوْلِ الْأَخِيرِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ فَكَانَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَا رَجَعَ عَنْهُ الْمُجْتَهِدُ بِمَنْزِلَةِ الْمَنْسُوخِ، وَلِذَا صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ بِتَصْحِيحِ قَوْلِهِ الْأَخِيرِ، فَجَزَى اللَّهُ تَعَالَى الشُّرُنْبُلَالِيُّ خَيْرًا عَلَى هَذَا التَّنْبِيهِ الْحَسَنِ (قَوْلُهُ تَصْحِيحَ خِلَافِهِ) أَيْ خِلَافِ قَوْلِهِ لَا قَطْعَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا عَلِمْت

(قَوْلُهُ وَيُقْطَعُ بِسَاجٍ) قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: السَّاجُ خَشَبٌ أَسْوَدُ رَزِينٌ يُجْلَبُ مِنْ بِلَادِ الْهِنْدِ وَلَا تَكَادُ الْأَرْضُ تُبْلِيهِ وَالْجَمْعُ سِيجَانٌ مِثْلُ نَارٍ وَنِيرَانٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السَّاجُ يُشْبِهُ الْأَبَنُوسَ، وَهُوَ أَقَلُّ سَوَادًا مِنْهُ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَقَنَا) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ: هُوَ الرُّمْحُ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْبَاءِ) كَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الطِّلْبَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ وَالنَّهْرِ. وَرَأَيْت فِي الْمِصْبَاحِ ضَبَطَهُ بِضَمِّهَا وَقَالَ إنَّهُ خَشَبٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ، وَيُجْلَبُ مِنْ الْهِنْدِ، وَاسْمُهُ بِالْعَرَبِيَّةِ سَأْسَمٌ بِهَمْزَةٍ وِزَانُ جَعْفَرٍ (قَوْلُهُ وَعُودٍ) بِالضَّمِّ الْخَشَبُ جَمْعُهُ عِيدَانٌ وَأَعْوَادٌ وَآلَةٌ مِنْ الْمَعَازِفِ قَامُوسٌ. قُلْت: وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ وَهُوَ الطِّيبُ؛ لِأَنَّ آلَةَ اللَّهْوِ لَا قَطْعَ بِهَا كَمَا يَأْتِي

(قَوْلُهُ وَأَدْهَانٍ) جَمْعُ دُهْنٍ كَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ (قَوْلُهُ وَوَرْسٍ) نَبْتٌ أَصْفَرُ يُزْرَعُ بِالْيَمَنِ وَيُصْبَغُ بِهِ قِيلَ هُوَ صِنْفٌ مِنْ الْكُرْكُمِ، وَقِيلَ يُشْبِهُهُ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَصَنْدَلٍ) خَشَبٌ مَعْرُوفٌ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ (قَوْلُهُ وَفُصُوصٍ خُضْرٍ) قَيْدُ الْخُضْرِ اتِّفَاقِيٌّ دُرٌّ مُنْتَقًى (قَوْلُهُ وَزَبَرْجَدٍ) جَوْهَرٌ مَعْرُوفٌ، وَيُقَالُ هُوَ الزُّمُرُّدُ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَلَعْلٍ) بِالتَّخْفِيفِ: مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْحِبْرُ الْأَحْمَرُ غَيْرُ الزُّنْجُفْرِ وَالدُّودَةِ، وَيُطْلَقُ عَلَى نَوْعٍ مِنْ الزُّمُرُّدِ ط. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: لَعْلَعٍ وَهُوَ شَجَرٌ حِجَازِيٌّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ غَيْرِ مُرَكَّبٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ بَابِ الدَّارِ الْمُرَكَّبِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ إنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلْقَطْعِ هُنَا أَنْ يَكُونَ فِي الْحِرْزِ، وَأَنْ يَكُونَ خَفِيفًا لَا يَثْقُلُ حَمْلُهُ عَلَى الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْغَبُ فِي سَرِقَةِ الثَّقِيلِ مِنْ الْأَبْوَابِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالزَّيْلَعِيِّ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ ثِقَلَهُ لَا يُنَافِي مَالِيَّتَهُ وَلَا يَنْقُصُهَا، وَإِنَّمَا ثَقُلَ فِيهِ رَغْبَةُ الْوَاحِدِ لَا الْجَمَاعَةِ، وَلَوْ صَحَّ هَذَا امْتَنَعَ الْقَطْعُ فِي فُرْدَةِ حِمْلٍ مِنْ قُمَاشٍ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ وَلِذَا أَطْلَقَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي الْقَطْعَ. اهـ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَرِدُ لَوْ لَمْ يَقُلْ الثَّقِيلُ مِنْ الْأَبْوَابِ. قُلْت: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا هُوَ مَنْشَأُ النَّظَرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَّخَذَيْنِ) أَيْ الْإِنَاءُ وَالْبَابُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ خَشَبٍ غَيْرُ قَيْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا دَخَلَتْهُ الصَّنْعَةُ فَالْتَحَقَ بِالْأَمْوَالِ النَّفِيسَةِ، بِخِلَافِ الْأَوَانِي الْمُتَّخَذَةِ مِنْ الْحَشِيشِ

ص: 90

وَكَذَا بِكُلِّ مَا هُوَ مِنْ أَعَزِّ الْأَمْوَالِ وَأَنْفَسِهَا وَلَا يُوجَدُ فِي دَارِ الْعَدْلِ مُبَاحُ الْأَصْلِ غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ) هَذَا هُوَ الْأَصْلُ

(لَا) يُقْطَعُ (بِتَافِهٍ) أَيْ حَقِيرٍ (يُوجَدُ مُبَاحًا فِي دَارِنَا كَخَشَبٍ لَا يُحَرَّزُ) عَادَةً (وَحَشِيشٍ وَقَصَبٍ وَسَمَكٍ وَ) لَوْ مَلِيحًا وَ (طَيْرٍ) وَلَوْ بَطًّا أَوْ دَجَاجًا فِي الْأَصَحِّ غَايَةٌ (وَصَيْدٍ وَزِرْنِيخٍ وَمَغْرَةٍ وَنُورَةٍ) زَادَ فِي الْمُجْتَبَى: وَأُشْنَانٍ وَفَحْمٍ وَمِلْحٍ وَخَزَفٍ وَزُجَاجٍ لِسُرْعَةِ كَسْرِهِ (وَلَا بِمَا يَتَسَارَعُ فَسَادُهُ كَلَبَنٍ وَلَحْمٍ) وَلَوْ قَدِيدًا وَكُلِّ مُهَيَّأٍ لِأَكْلٍ كَخُبْزٍ، وَفِي أَيَّامِ قَحْطٍ لَا قَطْعَ بِطَعَامٍ مُطْلَقًا شُمُنِّيٌّ (وَفَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ

ــ

[رد المحتار]

وَالْقَصَبِ فَلَا قَطْعَ بِهَا؛ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ لَمْ تَغْلِبْ فِيهَا حَتَّى لَا تَتَضَاعَفُ قِيمَتُهَا وَلَا تُحْرَزُ، حَتَّى لَوْ غَلَبَتْ كَأَوَانِي اللَّبَنِ وَالْمَاءِ مِنْ الْحَشِيشِ فِي بِلَادِ السُّودَانِ يُقْطَعُ بِهَا لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا الْحُصُرُ الْبَغْدَادِيَّةُ لِغَلَبَةِ الصَّنْعَةِ عَلَى الْأَصْلِ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ وَمِثْلُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُوجَدُ فِي دَارِ الْعَدْلِ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِدَارِ الْإِسْلَامِ.

قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَأَمَّا كَوْنُهَا تُوجَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَيْسَ شُبْهَةً فِي سُقُوطِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَمْوَالِ حَتَّى الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ مُبَاحَةٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَمَعَ هَذَا يُقْطَعُ فِيهَا فِي دَارِنَا اهـ

(قَوْلُهُ لَا يُقْطَعُ بِتَافِهٍ إلَخْ) أَيْ إذَا سَرَقَ مِنْ حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ أُخِذَ وَأُحْرِزَ وَصَارَ مَمْلُوكًا فَتْحٌ (قَوْلُهُ يُوجَدُ مُبَاحًا فِي دَارِنَا) أَيْ يُوجَدُ جِنْسُهُ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ بِصُورَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ، بِأَنْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ صَنْعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ، فَخَرَجَ بِصُورَتِهِ الْأَبْوَابُ وَالْأَوَانِي مِنْ الْخَشَبِ، وَبِغَيْرِ مَرْغُوبٍ فِيهِ نَحْوُ الْمَعَادِنِ مِنْ الذَّهَبِ وَالصُّفْرِ وَالْيَوَاقِيتِ وَاللُّؤْلُؤِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَحْجَارِ فَيُقْطَعُ لِكَوْنِهَا مَرْغُوبًا فِيهَا.

وَعَلَى هَذَا نَظَرَ بَعْضُهُمْ فِي الزِّرْنِيخِ: بِأَنَّهُ يَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ لِإِحْرَازِهِ فِي دَكَاكِينِ الْعَطَّارِينَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، بِخِلَافِ الْخَشَبِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدْخُلُ الدُّورَ لِلْعِمَارَةِ فَكَانَ إحْرَازُهُ نَاقِصًا، بِخِلَافِ السَّاجِ وَالْأَبَنُوسِ. وَاخْتُلِفَ فِي الْوَسْمَةِ وَالْحِنَّاءِ وَالْوَجْهُ الْقَطْعُ لِإِحْرَازِهِ عَادَةً فِي الدَّكَاكِينِ، كَذَا فِي الْفَتْحِ، وَمُفَادُهُ اعْتِبَارُ الْعَادَةِ فِي الْإِحْرَازِ (قَوْلُهُ لَا يُحْرَزُ عَادَةً) احْتِرَازٌ عَنْ السَّاجِ وَالْأَبَنُوسِ. قُلْت: وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ إحْرَازَ بَعْضِ الْخَشَبِ كَالْمَخْرُوطِ وَالْمَنْشُورِ دُفُوفًا وَعَوَامِيدَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَلِيحًا) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ، وَدَخَلَ فِيهِ الطَّرِيُّ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَطَيْرٍ) ؛ لِأَنَّ الطَّيْرَ يَطِيرُ فَيَقِلُّ إحْرَازُهُ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَصَيْدٍ) هُوَ الْحَيَوَانُ الْمُمْتَنِعُ الْمُتَوَحِّشُ بِأَصْلِ خِلْقَتِهِ إمَّا بِقَوَائِمِهِ أَوْ بِجَنَاحَيْهِ، فَالسَّمَكُ لَيْسَ مِنْهُ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ وَزِرْنِيخٍ) بِالْكَسْرِ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ وَمَغْرَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَتُحَرَّكُ: الطِّينُ الْأَحْمَرُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ أَنَّ التَّسْكِينَ هُوَ الْأَصْلُ وَالتَّحْرِيكَ خِلَافُهُ، وَظَاهِرُ الْمِصْبَاحِ الْعَكْسُ نُوحٌ (قَوْلُهُ وَنُورَةٍ) بِضَمِّ النُّونِ حَجَرُ الْكِلْسِ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى أَخْلَاطٍ تُضَافُ إلَى الْكِلْسِ مِنْ زِرْنِيخٍ وَغَيْرِهِ، وَيُسْتَعْمَلُ لِإِزَالَةِ الشَّعْرِ مِصْبَاحٌ، وَكَذَا ضَبَطَهَا بِالضَّمِّ فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ وَخَزَفٍ وَزُجَاجٍ) الْخَزَفُ: كُلُّ مَا عُمِلَ مِنْ طِينٍ وَشُوِيَ بِالنَّارِ حَتَّى يَكُونَ فَخَّارًا قَامُوسٌ، قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَا يُقْطَعُ فِي الْآجُرِّ وَالْفَخَّارِ؛ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ لَا تَغْلِبُ فِيهَا عَلَى قِيمَتِهَا.

وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فِي الزُّجَاجِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ يُسْرِعُ إلَيْهِ الْكَسْرُ فَكَانَ نَاقِصَ الْمَالِيَّةِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: يُقْطَعُ كَالْخَشَبِ إذَا صُنِعَ مِنْهُ الْأَوَانِي. اهـ. وَفِي الزَّيْلَعِيِّ: وَلَا قَطْعَ فِي الزُّجَاجِ؛ لِأَنَّ الْمَكْسُورَ مِنْهُ تَافِهٌ وَالْمَصْنُوعَ مِنْهُ يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ. اهـ. قُلْت: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي الزُّجَاجِ وَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ الصَّنْعَةُ، وَهَلْ يُقَالُ مِثْلُهُ فِي الصِّينِيِّ وَالْبِلَّوْرِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَبْلُغُ بِالصَّنْعَةِ نُصُبًا كَثِيرَةً، وَمَفْهُومُ عِلَّةِ الْفَخَّارِ أَنَّهُ يُقْطَعُ بِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكُلِّ مُهَيَّأٍ لِأَكْلٍ) أَمَّا غَيْرُ الْمُهَيَّأِ مِمَّا لَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ كَالْحِنْطَةِ وَالسُّكَّرِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِ إجْمَاعًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) وَلَوْ غَيْرَ مُهَيَّأٍ؛ لِأَنَّهُ عَنْ ضَرُورَةٍ ظَاهِرًا وَهِيَ تُبِيحُ التَّنَاوُلَ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَفَاكِهَةٍ رَطْبَةٍ) كَالْعِنَبِ وَالسَّفَرْجَلِ وَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ

ص: 91

وَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ وَبِطِّيخٍ) وَكُلِّ مَا لَا يَبْقَى حَوْلًا (وَزَرْعٍ لَمْ يُحْصَدْ) لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ (وَأَشْرِبَةٍ مُطْرِبَةٍ) وَلَوْ الْإِنَاءُ ذَهَبًا (وَآلَاتِ لَهْوٍ) وَلَوْ طَبْلَ الْغُزَاةِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ صَلَاحِيَتَهُ لِلَّهْوِ صَارَتْ شُبْهَةً غَايَةٌ (وَصَلِيبِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَشِطْرَنْجٍ وَنَرْدٍ) لِتَأْوِيلِ الْكَسْرِ نَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ

(وَبَابِ مَسْجِدٍ) وَدَار لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَا مُحْرَزٌ

ــ

[رد المحتار]

وَلَوْ كَانَتْ مَحْرُوزَةً فِي حَظِيرَةٍ عَلَيْهَا بَابٌ مُقْفَلٌ.

وَأَمَّا الْفَوَاكِهُ الْيَابِسَةُ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِيهَا إذَا كَانَتْ مُحْرَزَةً جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ وَثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا إحْرَازَ فِيمَا عَلَى الشَّجَرِ وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ فِي حِرْزٍ، لِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَإِنْ سَرَقَ التَّمْرَ مِنْ رُءُوسِ النَّخْلِ فِي حَائِطٍ مُحْرَزٍ أَوْ حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا لَمْ تُحْصَدْ لَمْ يُقْطَعْ، فَإِنْ أُحْرِزَ التَّمْرُ فِي حَظِيرَةٍ عَلَيْهَا بَابٌ أَوْ حُصِدَتْ الْحِنْطَةُ وَجُعِلَتْ فِي حَظِيرَةٍ فَسَرَقَ مِنْهَا قُطِعَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ فِي صَحْرَاءَ وَصَاحِبُهَا يَحْفَظُهَا اهـ (قَوْلُهُ وَأَشْرِبَةٍ مُطْرِبَةٍ) أَيْ مُسْكِرَةٍ. وَالطَّرَبُ: اسْتِخْفَافُ الْعَقْلِ مِنْ شِدَّةِ حُزْنٍ وَجَزَعٍ حَتَّى يَصْدُرَ عَنْهُ مَا لَا يَلِيقُ كَمَا تَرَاهُ مِنْ صِيَاحِ الثَّكَالَى وَضَرْبِ خُدُودِهِنَّ وَشَقِّ جُيُوبِهِنَّ، أَوْ شِدَّةُ سُرُورٍ تُوجِبُ مَا هُوَ مَعْهُودٌ مِنْ الثُّمَالَى. ثُمَّ الشَّرَابُ إنْ كَانَ حُلْوًا فَهُوَ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، أَوْ مُرًّا فَإِنْ كَانَ خَمْرًا فَلَا قِيمَةَ لَهَا أَوْ غَيْرَهُ فَفِي تَقْوِيمِهِ خِلَافٌ وَلِتَأَوُّلِ السَّارِقِ فِيهِ الْإِرَاقَةُ، فَتَثْبُتُ شُبْهَةُ الْإِبَاحَةِ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ، وَشَمَلَ مَا إذَا كَانَ السَّارِقُ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ الْإِنَاءُ ذَهَبًا) أَيْ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْإِنَاءَ تَابِعٌ وَلَمْ يُقْطَعْ فِي الْمَتْبُوعِ فَكَذَا فِي التَّبَعِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُقْطَعُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَرَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ فِيمَا تُعَايَنُ ذَهَبِيَّتُهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ كُلًّا مَقْصُودٌ بِالْأَخْذِ بَلْ أَخْذُ الْإِنَاءِ أَظْهَرُ: وَاسْتَشْهَدَ بِمَا فِي التَّجْنِيسِ: سَرَقَ كُوزًا فِيهِ عَسَلٌ وَقِيمَةُ الْكُوزِ تِسْعَةٌ وَقِيمَةُ الْعَسَلِ دِرْهَمٌ يُقْطَعُ، وَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَنْ سَرَقَ ثَوْبًا لَا يُسَاوِي عَشَرَةً مَصْرُورٌ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ يُقْطَعُ إذَا عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ مَالًا، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ اهـ مُلَخَّصًا، وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَآلَاتِ لَهْوٍ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ لِعَدَمِ تَقَوُّمِهَا عِنْدَهُمَا حَتَّى لَا يَضْمَنَ مُتْلِفُهَا. وَعِنْدَهُ وَإِنْ ضَمِنَهَا لِغَيْرِ اللَّهْوِ إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ آخِذُهَا لِلنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ وَصَلِيبٍ) هُوَ بِهَيْئَةِ خَطَّيْنِ مُتَقَاطِعَيْنِ، وَيُقَالُ لِكُلِّ جِسْمٍ صَلِيبٌ فَتْحٌ.

(قَوْلُهُ وَشِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ الشِّينِ فَتْحٌ، قِيلَ هُوَ عَرَبِيٌّ، وَقِيلَ مُعَرَّبٌ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي آلَاتِ اللَّهْوِ، وَكَذَا النَّرْدُ بِفَتْحِ النُّونِ (قَوْلُهُ لِتَأْوِيلِ الْكَسْرِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلثَّلَاثَةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: يُقْطَعُ بِالصَّلِيبِ لَوْ فِي يَدِ رَجُلٍ فِي حِرْزٍ لَا شُبْهَةَ فِيهِ، لَا لَوْ فِي مُصَلَّاهُمْ لِعَدَمِ الْحِرْزِ وَجَوَابُهُ مَا قُلْنَا مِنْ تَأْوِيلِ الْإِبَاحَةِ فَتْحٌ. قُلْت: لَكِنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ لَا يَظْهَرُ فِيمَا لَوْ كَانَ السَّارِقُ ذِمِّيًّا. ثُمَّ رَأَيْت فِي الذَّخِيرَةِ ذِكْرَهَا هَذَا التَّفْصِيلَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الذِّمِّيِّ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مُصَلَّاهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَسْجِدِ: فَلِذَا لَمْ يُقْطَعْ، بِخِلَافِ الْحِرْزِ فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْوِيلَ لَهُ، إلَّا أَنْ يُقَالَ تَأْوِيلُ غَيْرِهِ يَكْفِي فِي وُجُودِ الشُّبْهَةِ فَلَا يُقْطَعُ تَأَمَّلْ. وَفِي النَّهْرِ: وَلَوْ سَرَقَ دَرَاهِمَ عَلَيْهَا تِمْثَالٌ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أُعِدَّ لِلتَّمَوُّلِ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ تَأْوِيلٌ

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَا مُحْرَزٌ) أَفَادَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَابِ الْخَارِجِ فَلَوْ دَاخِلَ الدَّارِ فَهُوَ مُحْرَزٌ فَيُقْطَعُ بِهِ أَفَادَهُ ط. قُلْت: وَهَذَا إذْ لَمْ يَكُنْ ثَقِيلًا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ فِي غَيْرِ الْمُرَكَّبِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ بَابَ الْمَسْجِدِ حِرْزٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْأَوْلَى تَعْلِيلُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُقْطَعُ فِي أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ، فَصَارَ كَبَابِ الدَّارِ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُحْرَزُ بِبَابِ الدَّارِ مَا فِيهَا، وَلَا يُحْرَزُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ مَا فِيهِ حَتَّى لَا يَجِبَ الْقَطْعُ بِسَرِقَةِ مَتَاعِهِ. اهـ. زَادَ فِي الْبَحْرِ: وَكَذَا أَسْتَارُ الْكَعْبَةِ وَإِنْ كَانَتْ مُحْرَزَةً لِعَدَمِ الْمَالِكِ.

ص: 92

(وَمُصْحَفٍ وَصَبِيٍّ حُرٍّ) وَلَوْ (مُحَلَّيَيْنِ) لِأَنَّ الْحِلْيَةَ تَبَعٌ (وَعَبْدٍ كَبِيرٍ) يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ نَائِمًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ أَعْمَى لِأَنَّهُ إمَّا غَصْبٌ أَوْ خِدَاعٌ (وَدَفَاتِرَ) غَيْرِ الْحِسَابِ لِأَنَّهَا لَوْ شَرْعِيَّةً كَكُتُبِ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ فَكَمُصْحَفٍ، وَإِلَّا فَكَطُنْبُورٍ (بِخِلَافِ) الْعَبْدِ (الصَّغِيرِ وَدَفَاتِرِ الْحِسَابِ) الْمَاضِي حِسَابُهَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَرَقُهَا فَيُقْطَعُ إنْ بَلَغَ

ــ

[رد المحتار]

تَنْبِيهٌ] قَالَ فِي فَخْرِ الْإِسْلَامِ: لَوْ اعْتَادَ سَرِقَةَ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ يَجِبُ أَنْ يُعَزَّرَ وَيُبَالَغَ فِيهِ وَيُحْبَسَ حَتَّى يَتُوبَ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ سَارِقُ الْبَزَابِيزِ مِنْ الْمِيَضِ اهـ. قَالَ ط: وَكَذَا سَارِقُ نِعَالِ الْمُصَلِّينً. اهـ. قَالَ: بَلْ كُلُّ سَارِقٍ انْتَفَى عَنْهُ الْقَطْعُ لِشُبْهَةٍ وَنَحْوِهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمُصْحَفٍ) مُثَلَّثُ الْمِيمِ قَامُوسٌ وَالضَّمُّ أَشْهَرُ مِصْبَاحٌ؛ لِأَنَّ الْآخِذَ يَتَأَوَّلُ فِي أَخْذِهِ الْقِرَاءَةَ وَالنَّظَرَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ لَا مَالِيَّةَ لَهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَكْتُوبِ وَإِحْرَازُهُ لِأَجْلِهِ لَا لِلْجِلْدِ وَالْأَوْرَاقِ هِدَايَةٌ، وَالْإِطْلَاقُ يَشْمَلُ الْكَافِرَ وَغَيْرَ الْقَارِئِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مُحَلَّيَيْنِ) قَالَ نُوحٌ أَفَنْدِي فِي حَاشِيَةِ الدُّرَرِ: هَذَا اللَّفْظُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِالْيَاءَيْنِ، وَلَكِنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَكُونَ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ الصَّرْفِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْحِلْيَةَ تَبَعٌ) وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: يُقْطَعُ فِي الْمُصْحَفِ الْمُحَلَّى. وَعَنْهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا بَلَغَتْ الْحِلْيَةُ نِصَابًا كَمَا قَالَ فِي حِلْيَةِ الصَّبِيِّ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالْخِلَافُ فِي صَبِيٍّ لَا يَمْشِي وَلَا يَتَكَلَّمُ، فَلَوْ كَانَ يَمْشِي وَيَتَكَلَّمُ وَيُمَيِّزُ لَا قَطْعَ إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ وَكَانَ أَخْذُهُ خِدَاعًا وَلَا قَطْعَ فِي الْخِدَاعِ (قَوْلُهُ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ) فَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ الْمُمَيِّزُ الْمُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ بَالِغًا كَانَ أَوْ صَبِيًّا بَحْرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا غَصْبٌ) أَيْ إنْ أَخَذَهُ بِالْقَهْرِ أَوْ خِدَاعٌ أَيْ إنْ أَخَذَهُ بِالْحِيلَةِ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ سَرِقَةٍ (قَوْلُهُ وَدَفَاتِرَ) جَمْعُ دَفْتَرٍ بِالْفَتْحِ وَقَدْ يُكْسَرُ: جَمَاعَةُ الصُّحُفِ الْمَضْمُومَةِ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ فَكَمُصْحَفٍ) أَيْ فِي تَأْوِيلِ أَخْذِهَا لِلْقِرَاءَةِ، وَكَوْنِ الْمَقْصُودِ مَا فِيهَا وَلَا مَالِيَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَطُنْبُورٍ) أَيْ فِي تَأْوِيلِ أَخْذِهَا لِإِزَالَةِ مَا فِيهَا نَهْيًا عَنْ الْمُنْكَرِ: وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِكُتُبِ عُلُومٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ، فَيَشْمَلُ: أَيْ الدَّفْتَرُ الْمُصْحَفَ وَكُتُبَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْآدَابِ وَدَوَاوِينَ فِيهَا حِكْمَةٌ دُونَ مَا فِيهَا أَشْعَارٌ مَكْرُوهَةٌ وَكُتُبِ الْعُلُومِ الْحِكَمِيَّةِ فَإِنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي آلَاتِ لَهْوٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الزَّادِ وَغَيْرِهِ. اهـ.

ثُمَّ نَقَلَ قَوْلًا آخَرَ بِالْقَطْعِ بِكُتُبِ الْأَدَبِ وَالشِّعْرِ، لَكِنْ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ: شَمَلَ مِثْلَ كُتُبِ السِّحْرِ وَمِثْلَ كُتُبِ الْعَرَبِيَّةِ وَاخْتَلَفَ فِي غَيْرِهَا: أَيْ غَيْرِ كُتُبِ الشَّرِيعَةِ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ وَالشِّعْرِ، فَقِيلَ مُلْحَقَةٌ بِدَفَاتِرِ الْحِسَابِ فَيُقْطَعُ فِيهَا. وَقِيلَ بِكُتُبِ الشَّرِيعَةِ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهَا قَدْ تَتَوَقَّفُ عَلَى اللُّغَةِ وَالشِّعْرِ، وَالْحَاجَةُ وَإِنْ قَلَّتْ كَفَتْ فِي إيرَاثِ الشُّبْهَةِ اهـ فَتَعْلِيلُ الْقَوْلِ الثَّانِي يُفِيدُ تَرْجِيحَهُ. ثُمَّ قَالَ: وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي الْقَطْعِ بِكُتُبِ السِّحْرِ وَالْفَلْسَفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ مَا فِيهَا لِأَهْلِ الدِّيَانَةِ فَكَانَتْ سَرِقَةً صِرْفًا. اهـ. زَادَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي الْآخِذِ لِكُتُبِ السِّحْرِ وَالْفَلْسَفَةِ، فَإِنْ كَانَ مُولَعًا بِذَلِكَ لَا يُقْطَعُ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَا فِيهَا. اهـ. قُلْت: لَكِنَّ كَلَامَ الْفَتْحِ يُخَالِفُهُ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ كَوْنَ أَهْلِ الدِّيَانَةِ لَا يَقْصِدُونَهَا عِلَّةً لِكَوْنِهَا سَرِقَةً صِرْفًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ السَّارِقَ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الَّذِينَ لَا يَقْصِدُونَهَا بَلْ الْغَالِبُ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الشَّرِّ كَالسَّحَرَةِ وَنَحْوِهِمْ فَعُلِمَ أَنَّ الشُّبْهَةَ الْمُسْقِطَةَ لِلْقَطْعِ لَا يَلْزَمُ وُجُودُهَا فِي السَّارِقِ، وَإِلَّا كَانَتْ عِلَّةً حَقِيقَةً لَا شُبْهَةَ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ مَا يُشْبِهُ الثَّابِتَ وَهُوَ لَيْسَ بِثَابِتٍ وَإِلَّا لَزِمَ ثُبُوتُ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي كُتُبِ الشَّرِيعَةِ أَيْضًا، وَكَذَا فِي آلَاتِ اللَّهْوِ وَالطَّعَامِ فِي سَنَةِ الْقَحْطِ، وَلَمْ نَرَ مَنْ عَرَّجَ عَلَيْهِ، نَعَمْ قَدَّمْنَا عَنْ الذَّخِيرَةِ فِي الصَّلِيبِ مَا يُفِيدُهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ) ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ إنْ كَانَ يَمْشِي وَيَعْقِلُ أَوْ بِعَرْضِيَّةِ أَنْ يَصِيرَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ خِلَافَهُ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ الْمَاضِي حِسَابُهَا) أَيْ الَّذِي لَمْ يَبْقَ لِأَحَدٍ فِيهِ عُلْقَةٌ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا كَاغَدٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا

ص: 93

نِصَابًا؛ أَمَّا الْمَعْمُولُ بِهَا فَالْمَقْصُودُ عِلْمُ مَا فِيهَا وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا قَطْعَ، بَلَا فَرْقٍ بَيْنَ دَفَاتِرِ تُجَّارٍ وَدِيوَانٍ وَأَوْقَافٍ نَهْرٌ

(وَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَلَوْ عَلَيْهِ طَوْقٌ مِنْ ذَهَبٍ عَلِمَ) السَّارِقُ (بِهِ أَوْ لَا) لِأَنَّهُ تَبَعٌ (وَ) لَا (بِخِيَانَةٍ) فِي وَدِيعَةٍ (وَنَهْبٍ) أَيْ أَخْذٍ قَهْرًا (وَاخْتِلَاسٍ) أَيْ اخْتِطَافٍ لِانْتِفَاءِ الرُّكْنِ (وَنَبْشٍ) لِقُبُورٍ (وَلَوْ كَانَ الْقَبْرُ فِي بَيْتٍ مُقْفَلٍ) فِي الْأَصَحِّ (أَوْ) كَانَ (الثَّوْبُ غَيْرَ الْكَفَنِ) وَكَذَا لَوْ سَرَقَهُ مِنْ بَيْتٍ فِيهِ قَبْرٌ أَوْ مَيِّتٌ لِتَأَوُّلِهِ بِزِيَارَةِ الْقَبْرِ أَوْ التَّجْهِيزِ وَلِلْإِذْنِ بِدُخُولِهِ عَادَةً، وَلَوْ اعْتَادَهُ قُطِعَ سِيَاسَةً (وَمَالِ عَامَّةٍ أَوْ مُشْتَرَكٍ) وَحُصُرِ مَسْجِدٍ وَأَسْتَارِ كَعْبَةٍ وَمَالِ وَقْفٍ لِعَدَمِ الْمَالِكِ بَحْرٌ (وَمِثْلِ دَيْنِهِ

ــ

[رد المحتار]

قُطِعَ كَذَا فِي تَصْحِيحِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ

(قَوْلُهُ وَكَلْبٍ وَفَهْدٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا لَا قَطْعَ فِيهِ بِقَرِينَةِ تَنْكِيرِهِ، وَلَوْ قَالَ وَبِكَلْبٍ وَفَهْدٍ كَمَا صَنَعَ فِي الْوَافِي لَكَانَ أَحْسَنَ حَمَوِيٌّ، وَشَمَلَ كَلْبَ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةَ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مِنْ جِنْسِهِ مُبَاحُ الْأَصْلِ، وَلَا اخْتِلَافَ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَالِيَّتِهِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً بَحْرٌ ط (قَوْلُهُ فِي وَدِيعَةٍ) أَيْ تَحْتَ يَدِهِ (قَوْلُهُ أَيْ أَخَذَ قَهْرًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْعَلَانِيَةِ (قَوْلُهُ أَيْ اخْتِطَافٍ) أَيْ عَلَانِيَةً أَيْضًا فَالنَّهْبُ وَالِاخْتِلَاسُ، أَخْذُ الشَّيْءِ عَلَانِيَةً، إلَّا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ جِهَةِ سُرْعَةِ الْأَخْذِ فِي جَانِبِ الِاخْتِلَاسِ، بِخِلَافِ النَّهْبِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الرُّكْنِ) وَهُوَ الْحِرْزُ فِي الْخِيَانَةِ وَالْأَخْذُ خُفْيَةً فِيمَا بَعْدَهَا ط (قَوْلُهُ وَنَبْشٍ) أَيْ لَا قَطْعَ عَلَى النَّبَّاشِ: وَهُوَ الَّذِي يَسْرِقُ أَكْفَانَ الْمَوْتَى بَعْدَ الدَّفْنِ بَحْرٌ؛ لِأَنَّ الْحِرْزَ بِالْقَبْرِ أَوْ الْمَيِّتِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالصَّحْرَاءُ لَيْسَتْ حِرْزًا، حَتَّى لَوْ دُفِنَ بِهَا مَالٌ فَسَرَقَ لَمْ يُقْطَعْ.

فَمَا فِي الْقُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ الْمَدْفُونَ بِالْمَفَازَةِ قُطِعَ ضَعِيفٌ مَقْدِسِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) لِاخْتِلَالِ الْحِرْزِ بِحَفْرِ الْقَبْرِ، وَقِيلَ يُقْطَعُ إذَا كَانَ مُقْفَلًا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ اعْتَادَهُ) أَيْ اعْتَادَ النَّبْشَ. وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ وَالْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مِنْ حَدِيثِ «مَنْ نَبَشَ قَطَعْنَاهُ» بِحَمْلِهِ عَلَى السِّيَاسَةِ وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَمَالِ عَامَّةٍ) وَهُوَ مَالُ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّهُ مَالُ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مِنْهُمْ، وَإِذَا احْتَاجَ ثَبَتَ لَهُ الْحَقُّ فِيهِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَمُشْتَرَكٍ) أَيْ بَيْنَ السَّارِقِ وَبَيْنَ ذِي الْيَدِ (قَوْلُهُ وَحُصُرِ مَسْجِدٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مُحْرَزَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَمَالِ وَقْفٍ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا فَقَالَ: وَأَمَّا مَالُ الْوَقْفِ فَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ، وَقَدْ عَلَّلُوا عَدَمَ الْقَطْعِ فِيمَا لَوْ سَرَقَ حُصُرَ الْمَسْجِدِ وَنَحْوَهَا مِنْ حِرْزٍ بِعَدَمِ الْمَالِكِ، وَتَبِعَهُ فِي النَّهْرِ. وَقَالَ: وَلَوْ قِيلَ إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْعَامَّةِ فَمَالُهُ كَبَيْتِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى قَوْمٍ مَحْصُورِينَ فَلِعَدَمِ الْمَالِكِ حَقِيقَةً لَكَانَ حَسَنًا. اهـ. وَلَا يَخْفَى جَرَيَانُ الْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ فِيهِمَا، لَكِنْ رَدَّهُ الْمَقْدِسِيَّ وَالرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يُقْطَعُ بِطَلَبِ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي، وَصَرَّحَ بِهِ أَيْضًا ابْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ فِي بَحْثِ الْخَاصِّ. قُلْت: وَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عَلَّلَ فِي الْفَتْحِ لِعَدَمِ الْقَطْعِ فِي حُصُرِ الْمَسْجِدِ بِعَدَمِ الْحِرْزِ: أَيْ لِكَوْنِ الْمَسْجِدِ غَيْرَ حِرْزٍ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ يُقْطَعُ لَوْ سَرَقَهَا مِنْ حِرْزٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَجْهَهُ كَوْنُ الْوَقْفِ يَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ حُكْمًا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَهَذَا فِي أَصْلِ الْوَقْفِ. وَأَمَّا الْغَلَّةُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهَا مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّينَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ السَّارِقُ لَهُ حَقٌّ فِي الْغَلَّةِ لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ مِنْهَا سَوَاءٌ كَانَ وَقْفًا عَلَى الْعَامَّةِ أَوْ عَلَى قَوْمٍ مَحْصُورِينَ لِثُبُوتِ الشَّرِكَةِ، وَكَذَا وَقْفُ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ لِلسَّارِقِ وَظِيفَةٌ فِيهِ، بِخِلَافِ سَرِقَتِهِ لِحُصُرِهِ وَقَنَادِيلِهِ إذْ حَقُّهُ فِي الْغَلَّةِ لَا فِي الْحُصُرِ تَأَمَّلْ.:

مَطْلَبٌ فِي أَخْذِ الدَّائِنِ مِنْ مَالِ مَدْيُونِهِ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ وَمِثْلِ دَيْنِهِ) أَيْ مِثْلِهِ جِنْسًا لَا قَدْرًا وَلَا صِفَةً كَمَا أَفَادَهُ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ دَيْنُهُ مُؤَجَّلًا) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ لِحَقِّهِ وَالْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ وَالْحَقُّ ثَابِتٌ فَيَصِيرُ شُبْهَةً دَارِئَةً وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ

ص: 94

وَلَوْ) دَيْنُهُ (مُؤَجَّلًا أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ) أَوْ أَجْوَدَ لِصَيْرُورَتِهِ شَرِيكًا (إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ حُكْمًا) بِأَنْ كَانَ لَهُ دَرَاهِمُ فَسَرَقَ دَنَانِيرَ وَبِعَكْسِهِ هُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ جِنْسٌ وَاحِدٌ حُكْمًا خِلَافَ الْعَرْضِ وَمِنْهُ الْحُلِيُّ، فَيُقْطَعُ بِهِ مَا لَمْ يَقُلْ أَخَذْته رَهْنًا أَوْ قَضَاءً. وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ أَخْذَ خِلَافِ الْجِنْسِ لِلْمُجَانَسَةِ فِي الْمَالِيَّةِ. قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَهُوَ أَوْسَعُ فَيُعْمَلُ بِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ

(بِخِلَافِ سَرِقَتِهِ مِنْ غَرِيمِ أَبِيهِ أَوْ غَرِيمِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ غَرِيمِ مُكَاتَبِهِ أَوْ غَرِيمِ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِأَنَّ حَقَّ الْأَخْذِ لِغَيْرِهِ. (وَلَوْ سَرَقَ مِنْ غَرِيمِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ لَا كَسَرِقَةِ شَيْءٍ قُطِعَ فِيهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ)

ــ

[رد المحتار]

الْإِعْطَاءُ الْآنَ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَدْيُونِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ مُمَاطِلًا أَوْ لَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَوْ زَائِدًا عَلَيْهِ أَوْ أَجْوَدَ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي زَائِدًا وَأَجْوَدَ عَائِدٌ عَلَى الدَّيْنِ، وَفِي عَلَيْهِ عَلَى الْمَسْرُوقِ، فَالْمُنَاسِبُ لِلتَّعْمِيمِ أَنْ يُقَالَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ فَيُعْلَمَ حُكْمُ الزَّائِدِ وَالْأَجْوَدِ بِالْأَوْلَى. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ أَكْثَرَ مِنْ دَيْنِهِ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَرِيكًا فِي ذَلِكَ الْمَالِ بِمِقْدَارِ حَقِّهِ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَعَلَى قِيَاسِهِ يُقَالُ فِيمَا لَوْ سَرَقَ الْأَجْوَدَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّقْدَيْنِ جِنْسٌ وَاحِدٌ حُكْمًا) وَلِهَذَا كَانَ لِلْقَاضِي أَنْ يَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمَطْلُوبِ بَحْرٌ. قُلْت: وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْحَجْرِ. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّائِنِ أَخْذُ الدَّرَاهِمِ بَدَلَ الدَّنَانِيرِ بِلَا إذْنِ الْمَدْيُونِ وَلَا فِعْلِ حَاكِمٍ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الْمُسَاوَمَةِ بِأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ وَكَذَا فِي حَظْرِ الْمُجْتَبَى، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ، فَإِذَا ظَفِرَ بِمَالِ مَدْيُونِهِ لَهُ الْأَخْذُ دِيَانَةً بَلْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَمِنْهُ الْحُلِيُّ) أَيْ بِسَبَبِ مَا فِيهِ مِنْ الصِّيَاغَةِ الْتَحَقَ بِالْعَرْضِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا أَوْ قَضَاءً لِدَيْنِهِ إلَّا بِإِذْنِ مَالِكِهِ فَكَأَنَّهُ ادَّعَى أَخْذَهُ بِإِذْنِهِ فَلَا يُقْطَعُ. وَفِي الْفَتْحِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُقْطَعُ بِالْعُرُوضِ؛ لِأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ. قُلْنَا: هَذَا قَوْلٌ لَا يَسْتَنِدُ إلَى دَلِيلٍ ظَاهِرٍ فَلَا يَصِيرُ شُبْهَةً دَارِئَةً إلَّا إنْ ادَّعَى الرَّهْنَ أَوْ الْقَضَاءَ.

مَطْلَبٌ يُعْذَرُ بِالْعَمَلِ بِمَذْهَبِ الْغَيْرِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ الشَّافِعِيُّ أَخْذَ خِلَافِ الْجِنْسِ) أَيْ مِنْ النُّقُودِ أَوْ الْعُرُوضِ؛ لِأَنَّ النُّقُودَ يَجُوزُ أَخْذُهَا عِنْدَنَا عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَفِيهِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ عِنْدَ الْمُجَانَسَةِ فِي الْمَالِيَّةِ، وَهَذَا أَوْسَعُ فَيَجُوزُ الْأَخْذُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْهَبَنَا، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يُعْذَرُ فِي الْعَمَلِ بِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ. قُلْت: وَهَذَا مَا قَالُوا إنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ، لَكِنْ رَأَيْت فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ لِلْمَقْدِسِيِّ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ. قَالَ: وَنَقَلَ جَدُّ وَالِدِي لِأُمِّهِ الْجَمَالُ الْأَشْقَرُ فِي شَرْحِهِ لِلْقُدُورِيِّ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الْأَخْذِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ كَانَ فِي زَمَانِهِمْ لِمُطَاوَعَتِهِمْ فِي الْحُقُوقِ. وَالْفَتْوَى الْيَوْمَ عَلَى جَوَازِ الْأَخْذِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ مِنْ أَيِّ مَالٍ كَانَ لَا سِيَّمَا فِي دِيَارِنَا لِمُدَاوَمَتِهِمْ لِلْعُقُوقِ:

عَفَاءٌ عَلَى هَذَا الزَّمَانِ فَإِنَّهُ

زَمَانُ عُقُوقٍ لَا زَمَانُ حُقُوقِ

وَكُلُّ رَفِيقٍ فِيهِ غَيْرُ مُرَافِقٍ

وَكُلُّ صَدِيقٍ فِيهِ غَيْرُ صَدُوقِ

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ سَرِقَتِهِ مِنْ غَرِيمِ أَبِيهِ) سَقَطَ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظُ غَرِيمٍ وَهُوَ خَطَأٌ (قَوْلُهُ لَا) أَيْ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ أَخْذِ دَيْنِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ. بَقِيَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةٌ لِسُوءِ اخْتِيَارِهِ أَوْ لِكَوْنِهِ رَقِيقًا. وَاسْتَظْهَرَ ط أَنَّهُ كَذَلِكَ وَيَظْهَرُ لِي خِلَافُهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَسَرِقَةِ شَيْءٍ إلَخْ) أَيْ إذَا سَرَقَ شَيْئًا فَقُطِعَ فِيهِ فَرَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ ثُمَّ سَرَقَهُ ثَانِيًا

ص: 95

أَمَّا لَوْ تَبَدَّلَ الْعَيْنُ أَوْ السَّبَبُ كَالْبَيْعِ قُطِعَ عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى (أَوْ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ لَا بِرَضَاعٍ) فَلَوْ مَحْرَمِيَّتُهُ بِرَضَاعٍ قُطِعَ كَابْنِ عَمٍّ هُوَ أَخٌ رَضَاعًا فَإِنَّهُ رَحِمٌ نَسَبًا مَحْرَمٌ رَضَاعًا عَيْنِيٌّ فَسَقَطَ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ. (وَلَوْ) الْمَسْرُوقُ (مَالَ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ ذِي الرَّحِمِ (بِخِلَافِ مَالِهِ إذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ غَيْرِهِ) فَإِنَّهُ يُقْطَعُ اعْتِبَارًا لِلْحِرْزِ وَعَدَمِهِ

ــ

[رد المحتار]

وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَسْرُوقُ عَنْ الْحَالَةِ الْأُولَى لَا يُقْطَعُ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُقْطَعُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ وَبَيَانُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ تَبَدَّلَ الْعَيْنُ) كَمَا لَوْ كَانَ غَزْلًا فَسَرَقَهُ فَقُطِعَ فِيهِ فَرَدَّهُ ثُمَّ نُسِجَ فَسَرَقَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَعَلَى هَذَا الصُّوفُ وَالْقُطْنُ وَالْكَتَّانُ. وَكُلُّ عَيْنٍ أَحْدَثَ الْمَالِكُ فِيهِ صُنْعًا بَعْدَ الْقَطْعِ لَوْ أَحْدَثَهُ الْغَاصِبُ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) أَيْ لَوْ بَاعَهُ الْمَالِكُ مِنْ السَّارِقِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ فَسَرَقَهُ يُقْطَعُ ثَانِيًا عِنْدَ مَشَايِخِ بُخَارَى وَقَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ: لَا يُقْطَعُ وَظَاهِرُ الْفَتْحِ اعْتِمَادُ الثَّانِي، وَذَكَرَ فِي النَّهْرِ مَا يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ عَلَى مَا فِي الْمُجْتَبَى) أَشَارَ بِهِ إلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِلَافِ، وَهَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ فِي الْمُجْتَبَى جَازِمًا بِهِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ) تَرْجَمَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِهِ: فَصْلٌ فِي الْحِرْزِ، وَهُوَ كَمَا فِي النَّهْرِ لُغَةً: الْمَوْضِعُ الَّذِي يُحْرَزُ فِيهِ شَيْءٌ. وَشَرْعًا مَا يُحْفَظُ فِيهِ الْمَالُ عَادَةً كَالدَّارِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَابٌ أَوْ كَانَ وَهُوَ مَفْتُوحٌ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ لِقَصْدِ الْإِحْرَازِ وَكَالْحَانُوتِ وَالْخَيْمَةِ وَالشَّخْصِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ؛ لَكِنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا بَابٌ إلَخْ فِيهِ كَلَامٌ نَذْكُرُهُ عِنْدَ مَسْأَلَةِ الْفَشَّاشِ (قَوْلُهُ فَسَقَطَ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ) حَيْثُ قَالَ وَقَوْلُهُ لَا بِرَضَاعٍ لَا حَاجَةَ إلَى إخْرَاجِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ. وَرَدَّهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ هَذَا ظَنٌّ مِنْهُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّحِمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَحْرَمِ اهـ ح.

قُلْت: لَا يُظَنُّ بِالزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّحِمَ وَهُوَ الْقَرَابَةُ النَّسَبِيَّةُ لَا تَكُونُ بِالرَّضَاعِ أَصْلًا حَتَّى يُظَنَّ أَنَّ قَوْلَهُ لَا بِرَضَاعٍ تَقْيِيدٌ لَهُ بَلْ مَبْنَى كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَحْرَمِ مَا تَكُونُ مَحْرَمِيَّتُهُ مِنْ النَّسَبِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ، وَكَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، فَقَوْلُهُ مِنْهُ: أَيْ مِنْ الرَّحِمِ تَصْرِيحٌ بِالْمُرَادِ، وَعَلَيْهِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ ابْنُ الْعَمِّ الَّذِي هُوَ أَخٌ رَضَاعًا؛ لِأَنَّهُ مَحْرَمٌ مِنْ الرَّضَاعِ لَا مِنْ الرَّحِمِ. ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْكَنْزِ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الزَّيْلَعِيُّ بِلَفْظٍ مِنْهُ كَعِبَارَةِ الْهِدَايَةِ، فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَا، وَسَقَطَ مَا سِوَاهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَالِهِ إذَا سَرَقَ مِنْ بَيْتِ غَيْرِهِ) أَيْ إذَا سَرَقَ مَالَ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ مِنْ بَيْتِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِوُجُودِ الْحِرْزِ. وَفِي الْفَتْحِ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْطَعَ لِمَا فِي الْقَطْعِ مِنْ الْقَطِيعَةِ. وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الْقَطْعَ حَقُّ الشَّرْعِ لَا حَقُّهُ فَلَا يَكُونُ قَطِيعَةً. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكُ الْإِلْزَامِ، بِأَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِ رَحِمِهِ الْمَحْرَمِ يُقْطَعُ وَلَا يَلْزَمُ الْقَطِيعَةُ لِمَا ذُكِرَ. قُلْت: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَوْلُ بِالْقَطْعِ فِيهِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ وَهُوَ عَدَمُ الْحِرْزِ، بِخِلَافِ بَيْتِ الْأَجْنَبِيِّ وَنَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ قَرَابَةِ الْوِلَادِ، فَلَا يُقْطَعُ فِي الْوِلَادِ لِلشُّبْهَةِ فِي مَالِهِ عَلَى مَا مَرَّ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا لِلْحِرْزِ وَعَدَمِهِ) أَيْ قُطِعَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ اعْتِبَارًا لِلْحِرْزِ وَلَمْ يُقْطَعْ فِيمَا قَبْلَهَا اعْتِبَارًا لِعَدَمِهِ، فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُشَوِّشٌ. وَعَنْ هَذَا قَالَ الْبُرْجَنْدِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لِلْقَرَابَةِ، بَلْ الْمُعْتَبَرُ الْحِرْزُ؛ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ بِلَا مَانِعٍ وَلَا حِشْمَةٍ لَا يُقْطَعُ سَوَاءٌ كَانَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ أَوْ لَا. قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الصَّدِيقَيْنِ يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا بَيْتَ الْآخَرِ بِلَا مَانِعٍ وَلَا حِشْمَةٍ مَعَ أَنَّهُ يُقْطَعُ، فَظَهَرَ أَنَّ لِلْقَرَابَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ مَدْخَلًا.

وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو السُّعُودِ بِأَنَّ هَذَا فِيمَا لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِدُخُولِهِ، حَتَّى لَوْ سَرَقَ مِنْ مَحَلٍّ جَرَتْ عَادَتُهُ بِدُخُولِهِ لَمْ يُقْطَعْ. اهـ.

ص: 96

(وَبِخِلَافِ مُرْضِعَتِهِ) صَوَابُهُ مُرْضِعِهِ بِلَا تَاءٍ ابْنُ كَمَالٍ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا أَوْ بَيْتِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِمَا مَرَّ

(وَ) لَا بِسَرِقَةٍ (مِنْ زَوْجَتِهِ) وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ جَوْهَرَةٌ (وَزَوْجِهَا وَلَوْ كَانَ) الْمَسْرُوقُ (مِنْ حِرْزٍ خَاصٍّ لَهُ، وَ) لَا (عَبْدٍ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ عِرْسِهِ أَوْ زَوْجِ سَيِّدَتِهِ) لِلْإِذْنِ بِالدُّخُولِ عَادَةً (وَ) لَا (مِنْ مُكَاتَبِهِ وَخَتَنِهِ وَصِهْرِهِ وَ) مِنْ (مَغْنَمٍ)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا قَطْعُ الصَّدِيقِ؛ لِأَنَّهُ عَادَاهُ فِي السَّرِقَةِ، وَلَمْ يُفَصِّلُوا بَيْنَ جَرَيَانِ عَادَةٍ فِي الدُّخُولِ أَوْ عَدَمِهِ، وَيَأْتِي لَهُ مَزِيدُ بَيَانٍ عَقِيبَهُ (قَوْلُهُ ابْنُ كَمَالٍ) حَيْثُ قَالَ: الْمُرْضِعُ الَّتِي شَأْنُهَا الْإِرْضَاعُ، وَالْمُرْضِعَةُ هِيَ الَّتِي فِي حَالِ الرَّضَاعِ مُلْقِمَةً ثَدْيَهَا لِلصَّبِيِّ كَذَا فِي الْكَشَّافِ، فَمَنْ قَالَ هُنَا مُرْضِعَةً لَمْ يُصِبْ. اهـ.؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْرِقَ مِنْهَا فِي حَالِ إرْضَاعِهَا لَهُ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ الْحِرْزِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُقْطَعُ لِدُخُولِهِ عَلَيْهَا بِلَا اسْتِئْذَانٍ وَحِشْمَةٍ، بِخِلَافِ الْأُخْتِ رَضَاعًا لِانْعِدَامِ هَذَا الْمَعْنَى فِيهَا عَادَةً. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا وَالْمَحْرَمِيَّةُ بِدُونِ الْقَرَابَةِ لَا تُحْتَرَمُ فَتْحٌ، قُلْت: وَإِذَا كَانَ يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ مِنْ أُمِّهِ رَضَاعًا مَعَ الدُّخُولِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ وَحِشْمَةٍ فَكَذَا فِي الصَّدِيقِ. وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ لِلْقَرَابَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ دَخْلًا؛ وَكَذَا قَوْلُهُمْ؛ لِأَنَّهُ عَادَاهُ فِي السَّرِقَةِ يُفِيدُ الْفَرْقَ وَهُوَ زَوَالُ الصَّدَاقَةِ، بِخِلَافِ الْقَرَابَةِ تَأَمَّلْ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ وَلَا بِسَرِقَةٍ مِنْ زَوْجَتِهِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ كَالْمَبْتُوتَةِ الْمُعْتَدَّةِ فِي مَنْزِلٍ عَلَى حِدَةٍ، وَلَوْ سَرَقَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قُطِعَ كَافِي الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْقَضَاءِ) بِالْقَطْعِ لِوُجُودِ الشُّبْهَةِ قَبْلَ الْإِمْضَاءِ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ زَوْجَهَا وَقْتَ السَّرِقَةِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقَطْعِ أَوْ بَعْدَهُ، وَفِي الْأَخِيرِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُقْطَعْ أَيْضًا كَمَا فِي النَّهْرِ (قَوْلُهُ مِنْ حِرْزٍ خَاصٍّ لَهُ) يَعْنِي بِأَنْ كَانَ خَارِجَ مَسْكَنِهِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَالْبَحْرِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمَسْرُوقِ لَا عَلَى السَّارِقِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ عِرْسِهِ) أَيْ زَوْجَةِ سَيِّدِهِ وَشَرِيكِهِ مَثَلًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْعَبْدُ فِي هَذَا مُلْحَقٌ، بِمَوْلَاهُ حَتَّى لَا يُقْطَعَ فِي سَرِقَةٍ لَا يَقْطَعُ فِيهَا الْمَوْلَى كَالسَّرِقَةِ مِنْ أَقَارِبِ الْمَوْلَى وَغَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ بِالدُّخُولِ عَادَةً فِي بَيْتِ هَؤُلَاءِ لِإِقَامَةِ الْمَصَالِحِ (قَوْلُهُ وَلَا مِنْ مُكَاتَبِهِ) ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي أَكْسَابِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَخَتَنِهِ وَصِهْرِهِ) خَتَنُهُ: زَوْجُ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ وَصِهْرُهُ: كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ امْرَأَتِهِ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ.

وَقَالَا: يُقْطَعُ لِعَدَمِ الشُّبْهَةِ فِي مِلْكِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِالْقَرَابَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ. وَلَهُ أَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ فِي دُخُولِ بَعْضِهِمْ مَنَازِلَ الْبَعْضِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ فَتَمَكَّنَتْ الشُّبْهَةُ فِي الْحِرْزِ، وَتَأْخِيرُ الزَّيْلَعِيِّ لِدَلِيلِهِ مُؤْذِنٌ بِتَرْجِيحِهِ نَهْرٌ. وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ: وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْ امْرَأَةِ أَبِيهِ وَزَوْجِ ابْنَتِهِ وَابْنِ امْرَأَتِهِ وَأَبَوَيْهَا اسْتِحْسَانًا (قَوْلُهُ وَمَغْنَمٍ إلَخْ) عَلَّلَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ نَصِيبًا، وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه حُكْمًا وَتَعْلِيلًا، هُوَ أَنَّهُ أُتِيَ بِرَجُلٍ سَرَقَ مِنْ الْمَغْنَمِ فَقَالَ لَهُ فِيهِ نَصِيبٌ وَهُوَ خَائِنٌ فَلَمْ يَقْطَعْهُ وَكَانَ قَدْ سَرَقَ مِغْفَرًا، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَالدَّارَقُطْنِيّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهُ فِيهِ اسْتِحْقَاقٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَتْحِ، لَكِنْ فِي النَّهْرِ قَالَ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ: وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ نَصِيبٌ يُقْطَعُ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ مُطْلَقَةٌ فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْلِيلٍ آخَرَ. اهـ. وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ السَّارِقِ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِيهِ، أَمَّا مَنْ لَا نَصِيبَ لَهُ فَيُقْطَعُ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُبَاحُ الْأَصْلِ وَهُوَ عَلَى صُورَتِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَصَارَ شُبْهَةً.

وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ مَا يُومِئُ إلَى اعْتِبَارِ الْإِطْلَاقِ حَيْثُ قَدَّمَ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ، وَإِذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ فِيهِ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ فَذِكْرُهُ هُنَا لَيْسَ إلَّا لِإِفَادَةِ التَّعْمِيمِ. اهـ. قُلْت: مَا ذَكَرَ مِنْ إطْلَاقِ الرِّوَايَةِ قَدْ يُدَّعَى أَنَّهُ يُخَصِّصُهُ التَّعْلِيلُ الْمَأْثُورُ الَّذِي جَعَلُوهُ دَلِيلَ الْحُكْمِ وَإِلَّا لَزِمَ إثْبَاتُ

ص: 97

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِيهِ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الْأَصْلِ فَصَارَ شُبْهَةً غَايَةٌ بَحْثًا (وَحَمَّامٍ) فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِدُخُولِهِ، وَكَذَا حَوَانِيتُ التُّجَّارِ وَالْحَانَاتُ مُجْتَبَى (وَبَيْتٍ أُذِنَ فِي دُخُولِهِ) وَلَوْ أُذِنَ لِمَخْصُوصِينَ فَدَخَلَ غَيْرُهُمْ وَسَرَقَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْحِرْزُ بِالْحَافِظِ مَعَ وُجُودِ الْحِرْزِ بِالْمَكَانِ لِأَنَّهُ قَوِيٌّ، فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَافِظُ فِي الْحَمَّامِ لِأَنَّهُ حِرْزٌ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحِرْزٍ بِهِ يُفْتِي شُمُنِّيٌّ.

(وَكُلُّ مَا كَانَ حِرْزًا لِنَوْعٍ فَهُوَ حِرْزٌ لِلْأَنْوَاعِ كُلِّهَا) فَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ لُؤْلُؤَةٍ مِنْ إصْطَبْلٍ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ حِرْزُ كُلِّ شَيْءٍ مُعْتَبَرٌ بِحِرْزِ مِثْلِهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا مُجْتَبَى، لَكِنْ جَزَمَ الْقُهُسْتَانِيُّ بِأَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمَذْهَبُ فَتَنَبَّهْ (وَلَا يُقْطَعُ قَفَّافٌ) هُوَ مَنْ يَسْرِقُ الدَّرَاهِمَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ (وَفَشَّاشٌ)

ــ

[رد المحتار]

حُكْمٍ بِلَا دَلِيلٍ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّهُ مُبَاحُ الْأَصْلِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مُبَاحَ الْأَصْلِ مَا يَكُونُ تَافِهًا، وَيُوجَدُ مُبَاحًا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ كَالصَّيْدِ وَالْحَشِيشِ كَمَا مَرَّ، وَالْمَغْنَمُ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَعَزِّ الْأَمْوَالِ. وَأَيْضًا حُكْمُ مُبَاحِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ بِهِ وَإِنْ مُلِكَ وَسُرِقَ مِنْ حِرْزٍ وَالْمَغْنَمُ لَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا نَعَمْ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ بَعْدَ التَّعْلِيلِ الْمَأْثُورِ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْآخِذَ إنْ كَانَ مِنْ الْعَسْكَرِ فَالْمَغْنَمُ دَاخِلٌ فِي مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْعَامَّةِ اهـ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، فَإِنَّ خُمُسَ الْمَغْنَمِ لِذَوِي الْحَاجَةِ مِنْ الْعَامَّةِ. وَمَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ الْعَامَّةِ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مِنْهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَأَوْرَثَ شُبْهَةً كَمَا عَلَّلُوا بِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِدُخُولِهِ) فَيُقْطَعُ لَوْ سَرَقَ لَيْلًا؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَخْتَصُّ بِالنَّهَارِ بَحْرٌ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ اعْتَادَ النَّاسُ دُخُولَهُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ فَهُوَ كَالنَّهَارِ كَمَا فِي الْمُضْمَرَاتِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَإِلَى أَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا.

فَفِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ: وَلَوْ سَرَقَ مِنْ حَمَّامٍ أَوْ خَانٍ أَوْ رِبَاطٍ أَوْ حَوَانِيتِ التُّجَّارِ وَبَابُهَا مُغْلَقٌ يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ نَهَارًا فِي الْأَصَحِّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَبَيْتٍ أُذِنَ فِي دُخُولِهِ) فَلَا قَطْعَ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَأْذُونِ بِالدُّخُولِ فِيهِ ط (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْطَعَ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ ط (قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْحِرْزُ بِالْحَافِظِ إلَخْ) فَلَوْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ الْحَمَّامِ وَصَاحِبُهُ عِنْدَهُ أَوْ الْمَسْرُوقُ تَحْتَهُ لَا يُقْطَعُ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَمَّامَ بُنِيَ لِلْإِحْرَازِ فَكَانَ حِرْزًا كَالْبَيْتِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَافِظُ، وَالْمَسْجِدُ لَمْ يُبْنَ لِإِحْرَازِ الْأَمْوَالِ فَيُعْتَبَرُ الْحَافِظُ كَالطَّرِيقِ وَالصَّحْرَاءِ، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ. وَأَفَادَ أَنَّ الْحِرْزَ نَوْعَانِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ مِنْ حِرْزٍ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) زَادَ فِي الْفَتْحِ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يُقْطَعُ عِنْدَهُ لَوْ سَرَقَ مِنْ الْحَمَّامِ فِي وَقْتِ الْإِذْنِ إذَا كَانَ ثَمَّةَ حَافِظٌ، وَلَا يُقْطَعُ عِنْدَهُمَا

(قَوْلُهُ فَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ لُؤْلُؤَةٍ مِنْ إصْطَبْلٍ) ؛ لِأَنَّ الْحِرْزَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ كُلُّ بُقْعَةٍ مُعَدَّةٍ لِلْإِحْرَازِ مَمْنُوعٌ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا إلَّا بِإِذْنِهِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِصْطَبْلَ كَذَلِكَ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا حِرْزُ مِثْلِهَا، حَتَّى لَوْ وَضَعَ الْمُودَعُ اللُّؤْلُؤَةَ فِي الْإِصْطَبْلِ يَضْمَنُ كَمَا حَقَّقْنَاهُ فِي تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ مِنْ الْوَدِيعَةِ وَسَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا) إنْ كَانَ أَعَادَهُ لِأَجْلِ نِسْبَتِهِ إلَى الْمُجْتَبَى كَانَ أَخْصَرَ عَزَوْهُ إلَيْهِ عَقِبَ عِبَارَةِ الْمَتْنِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ إفَادَةُ الْحَصْرِ بِالْجُمْلَةِ الْمُعَرَّفَةِ الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَخْ) لَمْ يَنْسُبْهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى أَحَدٍ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ فِيهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَنَا كَمَا نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَدْ قَالَ فِي الْفَتْحِ إنَّهُ هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ.

ثُمَّ قَالَ: وَنَقَلَ الْإِسْبِيجَابِيُّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُعْتَبَرُ بِحِرْزِ مِثْلِهِ. فَعُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ قَوْلُ الْبَعْضِ وَأَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُصَحَّحَ خِلَافُهُ، وَلَعَلَّ قَوْلَهُ إنَّهُ الْمَذْهَبُ سَبْقُ نَظَرٍ، فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافُ تَصْحِيحٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْطَعُ قَفَّافٌ) بِقَافٍ وَفَاءَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ (قَوْلُهُ هُوَ مَنْ يَسْرِقُ الدَّرَاهِمَ) الَّذِي فِي الْمُغْرِبِ وَغَيْرِهِ: هُوَ الَّذِي يُعْطَى الدَّرَاهِمَ لِيَنْقُدَهَا فَيَسْرِقَهَا بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَلَا

ص: 98

بِالْفَاءِ: هُوَ مَنْ يُهَيِّئُ لِغَلَقِ الْبَابِ مَا يَفْتَحُهُ إذَا (فَشَّ) حَانُوتًا أَوْ بَابَ دَارٍ (نَهَارًا وَخَلَا الْبَيْتُ مِنْ أَحَدٍ) فَلَوْ فِيهِ أَحَدٌ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ قُطِعَ شُمُنِّيٌّ.

(وَيُقْطَعُ لَوْ سَرَقَ مِنْ السَّطْحِ) نِصَابًا لِأَنَّهُ حِرْزٌ شَرْحُ وَهْبَانِيَّةٍ (أَوْ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَرَادَ بِهِ كُلَّ مَكَان لَيْسَ بِحِرْزٍ فَعَمَّ الطَّرِيقَ وَالصَّحْرَاءَ (وَرَبُّ الْمَتَاعِ عِنْدَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَرَاهُ (وَلَوْ) الْحَافِظُ (نَائِمًا) فِي الْأَصَحِّ

(لَا) يُقْطَعُ (لَوْ سَرَقَ ضَيْفٌ مِمَّنْ أَضَافَهُ) وَلَوْ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ الدَّارِ أَوْ مِنْ صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ لِاخْتِلَالِ الْحِرْزِ (أَوْ سَرَقَ شَيْئًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الدَّارِ) لِشُبْهَةِ عَدَمِ الْأَخْذِ، بِخِلَافِ الْغَصْبِ (وَإِنْ أَخْرَجَهُ مِنْ حُجْرَةِ الدَّارِ) الْمُتَّسِعَةِ جِدًّا إلَى صَحْنِهَا

ــ

[رد المحتار]

يَشْعُرُ بِهِ صَاحِبُهُ (قَوْلُهُ بِالْفَاءِ) أَيْ وَبِشِينَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ (قَوْلُهُ لِغَلَقِ الْبَابِ) بِالتَّحْرِيكِ جَمْعُهُ أَغْلَاقٌ كَسَبَبٍ وَأَسْبَابٍ مِصْبَاحٌ (قَوْلُهُ نَهَارًا) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنْ يَكُونَ مُجَاهِرًا وَشَرْطُ الْقَطْعِ الْخُفْيَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَيْلًا.

قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَوْ كَانَ بَابُ الدَّارِ مَفْتُوحًا فِي النَّهَارِ فَسَرَقَ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مُكَابَرَةٌ لَا سَرِقَةٌ، وَلَوْ كَانَ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ انْقِطَاعِ انْتِشَارِ النَّاسِ قُطِعَ. اهـ. زَادَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهُ سَوَّى فِي اللَّيْلِ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ الْبَابُ الْمَفْتُوحُ مَرْدُودًا أَوْ غَيْرَ مَرْدُودٍ فِي أَنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِمَا. وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي النَّهَارِ فِي أَنَّهُ لَوْ مَرْدُودًا قُطِعَ وَإِلَّا لَا. اهـ. قُلْت: وَمَسْأَلَةُ الْفَشَّاشِ مَذْكُورَةٌ فِي كَافِي الْحَاكِمِ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي النَّهَارِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِهِ مَرْدُودًا أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْطَعْ بِفَتْحِهِ نَهَارًا وَهُوَ مُقْفَلٌ، فَإِذَا كَانَ مَفْتُوحًا مَرْدُودًا أَوْ لَا فَهُوَ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى، فَلِذَا أَطْلَقَ الزَّيْلَعِيُّ عَدَمَ الْقَطْعِ كَمَا عَلِمْت، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ مَسْأَلَةَ الْفَشَّاشِ الْمَذْكُورَةَ. وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَا قَدَّمْنَا عَنْ النَّهْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ مِنْ ذِي رَحِمٍ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ قُطِعَ) أَيْ لِظَنِّهِ الْخُفْيَةَ، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مُجَاهِرٌ

(قَوْلُهُ مِنْ السَّطْحِ) أَيْ إذَا صَعِدَ إلَيْهِ أَوْ تَنَاوَلَهُ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ سَرَقَ ثَوْبًا بُسِطَ عَلَى حَائِطٍ إلَى السِّكَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ إلَى الدَّارِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ أَيْ بِحَيْثُ يَرَاهُ) أَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعِنْدِيَّةِ الْحُضُورَ بَلْ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ الْحَافِظُ نَائِمًا) عَبَّرَ بِالْحَافِظِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ رَبَّ الْمَتَاعِ أَوْ غَيْرَهُ، وَأَطْلَقَ النَّائِمَ فَشَمَلَ مَا إذَا نَامَ مُضْطَجِعًا أَوْ لَا، وَمَا إذَا كَانَ الْمَتَاعُ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ تَحْتَ جَنْبِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ حَالَةَ النَّوْمِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ تَحْتَ رَأْسِهِ أَوْ جَنْبِهِ فَتْحٌ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ عِنْدَهُ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَابِسًا لَهُ لَمْ يُقْطَعْ. وَقِيلَ يُقْطَعُ حَكَاهُ فِي الْمُجْتَبَى اهـ وَبَسَطَهُ فِي الْبَحْرِ. وَفَصَّلَ الزَّيْلَعِيُّ بَيْنَ النَّائِمِ وَغَيْرِهِ، فَيُقْطَعُ فِي الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَخْذٌ خُفْيَةً لَا فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَاسٌ، وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ: وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ سَرَقَ ثَوْبًا عَلَيْهِ وَهُوَ رِدَاؤُهُ أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ طَرَفَ مِنْطَقَةٍ أَوْ سَيْفَهُ أَوْ سَرَقَ مِنْ امْرَأَةٍ حُلِيًّا عَلَيْهَا لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا خِلْسَةٌ وَلَيْسَتْ بِخُفْيَةِ سَرِقَةٍ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْ رَجُلٍ نَائِمٍ قِلَادَةً عَلَيْهِ وَهُوَ لَابِسُهَا أَوْ مُلَاءَةً لَهُ وَهُوَ لَابِسُهَا أَوْ وَاضِعُهَا قَرِيبًا مِنْهُ بِحَيْثُ يَكُونُ حَافِظًا لَهَا قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِخُفْيَةٍ وَسِرًّا وَلَهَا حَافِظٌ وَهُوَ النَّائِمُ اهـ

(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ الدَّارِ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي أَضَافَهُ فِيهِ أَوْ مِنْ بَيْتٍ آخَرَ فِيهَا (قَوْلُهُ لِاخْتِلَالِ الْحِرْزِ) ؛ لِأَنَّ الدَّارَ مَعَ جَمِيعِ بُيُوتِهَا حِرْزٌ وَاحِدٌ فَبِالْإِذْنِ فِيهَا اخْتَلَّ الْحِرْزُ فِي جَمِيعِ بُيُوتِهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ لِشُبْهَةِ عَدَمِ الْأَخْذِ) ؛ لِأَنَّ الدَّارَ وَمَا فِيهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا فَتْحٌ. وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْمُحْرَزَ بِالْمَكَانِ لَا يَجِبُ الْقَطْعُ فِيهِ إلَّا بِالْإِخْرَاجِ لِقِيَامِ يَدِ الْمَالِكِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ مِنْ دَارِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْأَخْذُ إلَّا بِإِزَالَةِ يَدِهِ وَذَلِكَ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ حِرْزِهِ، بِخِلَافِ الْمُحْرَزِ بِالْحَافِظِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا أَخَذَهُ لِزَوَالِ يَدِ الْمَالِكِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ فَتَتِمُّ السَّرِقَةُ فَيَجِبُ مُوجَبُهَا اهـ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْغَصْبِ) يَعْنِي أَنَّ هَذَا فِي حَقِّ الْقَطْعِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ، بِخِلَافِ ضَمَانِ الْغَصْبِ، يَعْنِي لَوْ هَلَكَ مَا سَرَقَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ الْمَسْرُوقُ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْإِخْرَاجِ مِنْ الدَّارِ وَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِوُجُودِ التَّلَفِ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي، بِخِلَافِ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ هَتْكُ الْحِرْزِ وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ.

(قَوْلُهُ الْمُتَّسِعَةِ جِدًّا) أَيْ الَّتِي فِيهَا مَنَازِلُ، وَفِي كُلِّ مَنْزِلٍ مَكَانٌ يَسْتَغْنِي بِهِ أَهْلُهُ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِ الدَّارِ

ص: 99

(أَوْ أَغَارَ مِنْ أَهْلِ الْحُجَرِ عَلَى حُجْرَةٍ) أُخْرَى لِأَنَّ كُلَّ حُجْرَةٍ حِرْزٌ (أَوْ نَقَبَ فَدَخَلَ أَوْ أَلْقَى) كَذَا رَأَيْته فِي نُسَخِ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ بِأَوْ وَصَوَابُهُ بِالْوَاوِ كَمَا فِي الْكَنْزِ (شَيْئًا فِي الطَّرِيقِ) يَبْلُغُ نِصَابًا (ثُمَّ أَخَذَهُ) قُطِعَ لِأَنَّ الرَّمْيَ حِيلَةٌ يَعْتَادُهُ السُّرَّاقُ فَاعْتُبِرَ الْكُلُّ فِعْلًا وَاحِدًا، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ مُضَيِّعٌ لَا سَارِقٌ (أَوْ حَمَلَهُ عَلَى دَابَّةٍ فَسَاقَهُ وَأَخْرَجَهُ) أَوْ عَلَّقَ رَسَنَهُ فِي عُنُقِ كَلْبٍ وَزَجَرَهُ لِأَنَّ سَيْرَهُ يُضَافُ إلَيْهِ (أَوْ أَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ فَأَخْرَجَهُ بِتَحْرِيكِ السَّارِقِ) لِمَا مَرَّ (أَوْ لَا بِتَحْرِيكِهِ بَلْ) أَخْرَجَهُ (قُوَّةُ جَرْيِهِ عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ بِسَبَبِهِ زَيْلَعِيٌّ (قُطِعَ) فِي الْكُلِّ لِمَا ذَكَرْنَا. وَيُشْكِلُ عَلَى الْأَخِيرِ مَا قَالُوا: لَوْ عَلَّقَهُ عَلَى طَائِرٍ فَطَارَ إلَى مَنْزِلِ السَّارِقِ لَمْ يُقْطَعْ، فَلِذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ جَزَمَ الْحَدَّادِيُّ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِ الْقَطْعِ (وَإِنْ) نَقَبَ ثُمَّ (نَاوَلَهُ آخَرَ مِنْ خَارِجِ) الدَّارِ (أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي بَيْتٍ وَأَخَذَ)

ــ

[رد المحتار]

وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ السِّكَّةِ وَإِلَّا فَهِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ الَّتِي لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ الدَّارِ بَحْرٌ. وَنَحْوُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ وَفِي الْكَافِي: يُقْطَعُ إذَا كَانَتْ دَارٌ وَاحِدَةٌ عَظِيمَةٌ فِيهَا مَقَاصِيرُ كُلُّ مَقْصُورَةٍ مَسْكَنٌ عَلَى حِيَالِهَا. اهـ. وَالْمَقْصُورَةُ: الْحُجْرَةُ بِلِسَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَغَارَ) الْمُرَادُ دَخَلَ مَقْصُورَةً عَلَى غِرَّةٍ فَأَخَذَ بِسُرْعَةٍ، يُقَالُ: أَغَارَ الْفَرَسُ وَالثَّعْلَبُ فِي الْعَدْوِ أَسْرَعَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْحُجَرِ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَغَارَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ حُجْرَةٍ حِرْزٌ) عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، إذْ لِكُلِّ مَقْصُورَةٍ بَابٌ وَغَلَقٌ عَلَى حِدَةٍ وَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مُحْرَزٌ بِمَقْصُورَتِهِ، فَكَانَتْ الْمَنَازِلُ بِمَنْزِلَةِ دُورٍ فِي مَحَلِّهِ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا يَسْتَغْنِي أَهْلُ الْمَنَازِلِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِصَحْنِ الدَّارِ بَلْ يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ الْمَنَازِلِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَكَان وَاحِدٍ، فَلَا يُقْطَعُ السَّاكِنُ فِيهَا وَلَا الْمَأْذُونُ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا إذَا سَرَقَ مِنْ بَعْضِ مَقَاصِيرِهَا زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ) أَيْ بِحَيْثُ يَرَاهُ؛ لِأَنَّهُ بَاقٍ فِي يَدِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَإِنْ خَرَجَ وَأَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ فِي الْحِرْزِ جَوْهَرَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ أَخَذَهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْقَطْعِ الْأَخْذُ عَلَى فَوْرِ الْإِلْقَاءِ اهـ ط.

(قَوْلُهُ يَعْتَادُهُ السُّرَّاقُ) إمَّا لِتَعَذُّرِ الْخُرُوجِ مَعَ الْمَتَاعِ أَوْ لِيُمْكِنَهُ الدَّفْعُ أَوْ الْفِرَارُ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ الْكُلُّ فِعْلًا وَاحِدًا) أَيْ كُلٌّ مِنْ النَّقْبِ وَالدُّخُولِ وَالْإِلْقَاءِ وَالْأَخْذِ حَيْثُ لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ يَدٌ مُعْتَبَرَةٌ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ زُفَرَ إنَّهُ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْإِلْقَاءَ غَيْرُ مُوجِبٍ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ) أَيْ بِأَنْ خَرَجَ وَتَرَكَهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ: أَيْ قَبْلَ خُرُوجِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُضَيِّعٌ) فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سَيْرَهُ يُضَافُ إلَيْهِ) أَمَّا لَوْ خَرَجَ بِلَا سَوْقٍ وَلَا زَجْرٍ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّ لِلدَّابَّةِ اخْتِيَارًا فَمَا لَمْ يُفْسِدْ اخْتِيَارَهَا بِالْحَمْلِ وَالسَّوْقِ لَا يَنْقَطِعُ نِسْبَةُ الْفِعْلِ إلَيْهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْإِخْرَاجَ يُضَافُ إلَيْهِ ط (قَوْلُهُ قُوَّةُ جَرْيِهِ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِقُوَّةِ جَرْيِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ أَخْرَجَهُ بِسَبَبِ إلْقَائِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَيُشْكِلُ عَلَى الْأَخِيرِ) أَيْ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي الْمَاءِ، وَأَخْرَجَهُ بِقُوَّةِ جَرْيِهِ وَالِاسْتِشْكَالُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ.

قُلْت: وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ الطَّائِرَ فِعْلُهُ يُضَافُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ لِلدَّابَّةِ اخْتِيَارًا كَمَا مَرَّ. فَإِذَا لَمْ يَزْجُرْهُ بَلْ طَارَ بِنَفْسِهِ فَقَدْ عَرَضَ عَلَى فِعْلِ السَّارِقِ فِعْلُ مُخْتَارٍ فَلَمْ يُضَفْ إلَيْهِ. نَظِيرُهُ مَا إذَا خَرَجَ الْحِمَارُ بِنَفْسِهِ بِلَا سَوْقٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ وَكَذَا مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ لَوْ حَلَّ قَيْدَ عَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ رِبَاطَ دَابَّتِهِ أَوْ فَتَحَ بَابَ إصْطَبْلِهَا أَوْ قَفَصَ طَائِرِهِ فَذَهَبَتْ لَا يَضْمَنُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِعَدَمِ الْقَطْعِ) هُوَ خِلَافُ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمَبْسُوطِ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ وَالْفَتْحِ وَالنِّهَايَةِ. وَفِي الْفَتْحِ إنَّهُ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فَيُرَجَّحُ عَلَى مَا جَزَمَ بِهِ الْحَدَّادِيُّ صَاحِبُ الْجَوْهَرَةِ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ اتِّضَاحِ الْجَوَابِ بِمَا قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَبَ ثُمَّ نَاوَلَهُ آخَرَ إلَخْ) جَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ الْآتِي لَا يُقْطَعُ. وَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ الْمُنَاوِلُ وَلَا الْمُتَنَاوِلُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْإِخْرَاجُ لِاعْتِرَاضِ يَدٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى الْمَالِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَالثَّانِي لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ هَتْكُ الْحِرْزِ فَلَمْ تَتِمَّ السَّرِقَةُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا إذَا أَخْرَجَ الدَّاخِلُ يَدَهُ وَنَاوَلَ الْخَارِجَ أَوْ أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَتَنَاوَلَ مِنْ يَدِ الدَّاخِلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي بَيْتٍ وَأَخَذَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ فِي الْبَيْتِ، وَقَيَّدَ

ص: 100

وَيُسَمَّى اللِّصَّ الظَّرِيفَ. وَلَوْ وَضَعَهُ فِي النَّقْبِ ثُمَّ خَرَجَ وَأَخَذَهُ لَمْ يُقْطَعْ فِي الصَّحِيحِ شُمُنِّيٌّ (أَوْ طَرَّ) أَيْ شَقَّ (صُرَّةً خَارِجَةً مِنْ) نَفْسِ (الْكُمِّ) فَلَوْ دَاخِلَهُ قُطِعَ، وَفِي الْحَلِّ بِعَكْسِهِ

(أَوْ سَرَقَ) مِنْ مَرْعًى أَوْ (مِنْ قِطَارٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ الْإِبِلُ عَلَى نَسَقٍ وَاحِدٍ (بَعِيرًا أَوْ حِمْلًا) عَلَيْهِ (لَا) يُقْطَعُ لِأَنَّ السَّائِقَ وَالْقَائِدَ وَالرَّاعِيَ لَمْ يَقْصِدُوا لِلْحِفْظِ (وَإِنْ) كَانَ مَعَهَا حَافِظٌ أَوْ (شَقَّ الْحِمْلَ فَسَرَقَ مِنْهُ

ــ

[رد المحتار]

بِالْبَيْتِ احْتِرَازًا عَنْ الصُّنْدُوقِ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَيُسَمَّى اللِّصَّ الظَّرِيفَ) مَأْثُورٌ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مَعَ تَفْسِيرِهِ بِمَنْ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي نَقْبِ الْبَيْتِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يُقْطَعْ فِي الصَّحِيحِ) ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ، وَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ مَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ، ثُمَّ أَخَذَهُ حَيْثُ لَمْ يُعْتَبَرْ الْكُلُّ فِعْلًا وَاحِدًا كَمَا اُعْتُبِرَ هُنَاكَ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَمْ يُوجَدْ اعْتِرَاضُ يَدٍ مُعْتَبَرَةٍ عَلَى الْمَالِ قَبْلَ خُرُوجِ السَّارِقِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّهُ هُنَاكَ تَحَقَّقَ إخْرَاجُ الْمَالِ خُفْيَةً قَبْلَ خُرُوجِهِ، أَمَّا هُنَا فَلَا ثُمَّ لَمَّا خَرَجَ وَأَخَذَهُ مِنْ النَّقْبِ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ حِرْزٍ فَصَارَ كَمَا إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي بَيْتٍ وَأَخَذَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ طَرَّ صُرَّةً خَارِجَةً) الصُّرَّةُ: هِيَ الْخِرْقَةُ الَّتِي يُشَدُّ فِيهَا الدَّرَاهِمُ، يُقَالُ صَرَرْت الدَّرَاهِمَ أَصُرُّهَا صَرًّا: شَدَدْتهَا، وَالْمُرَادُ هُنَا الْكُمُّ الْمَشْدُودَةُ الَّتِي فِيهَا الدَّرَاهِمُ نَهْرٌ، فَقَوْلُهُ مِنْ نَفْسِ الْكُمِّ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ صُرَّةً وَلِذَا زَادَ لَفْظَ نَفْسِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا مِنْ غَيْرِهِ.

وَحَاصِلُ صُوَرِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةٌ، قَالَ فِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ: اعْلَمْ أَنَّ الصُّرَّةَ إنْ جُعِلَتْ نَفْسَ الْكُمِّ، فَإِمَّا إنْ جَعَلَ الدَّرَاهِمَ دَاخِلَ الْكُمِّ وَالرِّبَاطَ مِنْ خَارِجٍ أَوْ بِالْعَكْسِ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ، فَإِمَّا إنْ طَرَّ أَوْ حَلَّ الرِّبَاطَ، فَإِنْ طَرَّ وَالرِّبَاطُ مِنْ خَارِجٍ فَلَا قَطْعَ، وَإِنْ طَرَّ وَالرِّبَاطُ مِنْ دَاخِلٍ بِأَنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْكُمِّ فَقَطَعَ مَوْضِعَ الدَّرَاهِمِ فَأَخَذَهَا مِنْ الْكُمِّ قُطِعَ لِلْأَخْذِ مِنْ الْحِرْزِ، وَإِنْ حَلَّ الرِّبَاطَ وَهُوَ خَارِجٌ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا بُدَّ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي الْكُمِّ فَيَأْخُذَ الدَّرَاهِمَ، وَإِنْ حَلَّ الرِّبَاطَ وَهُوَ دَاخِلٌ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَلَّ الرِّبَاطَ فِي الْكُمِّ بَقِيَ الدَّرَاهِمُ خَارِجَ الْكُمِّ وَأَخَذَهَا مِنْ خَارِجٍ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ يُقْطَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّ الْكُمَّ حِرْزٌ. اهـ. وَتَمَامُ تَحْقِيقِهِ فِي الْفَتْحِ

(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْقَافِ) صَوَابُهُ بِكَسْرِهَا كَمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى وَالْمِنَحِ وَغَيْرِهَا وَالطِّلْبَةِ وَالْقَامُوسِ ط (قَوْلُهُ أَوْ حِمْلًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَعِيرِ، فَلَوْ عَلَى الْأَرْضِ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجُوَالِقِ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ السَّائِقَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ عَلَى النَّشْرِ الْمُشَوِّشِ، فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ السَّائِقَ وَالْقَائِدَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مِنْ قِطَارٍ وَقَوْلُهُ وَالرَّاعِيَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِنْ مَرْعًى ط (قَوْلُهُ لَمْ يَقْصِدُوا لِلْحِفْظِ) بَلْ يَقْصِدُ الرَّاعِي لِمُجَرَّدِ الرَّعْيِ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ، وَكَذَا الرَّاكِبُ يَقْصِدُونَ قَطْعَ الْمَسَافَةِ وَنَقْلَ الْأَمْتِعَةِ. وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ كُلٌّ مِنْ الرَّاكِبِ وَالسَّائِقِ حَافِظُ حِرْزٍ، فَيُقْطَعُ فِي أَخْذِ الْجَمَلِ وَالْحِمْلِ وَالْجُوَالِقِ وَالشَّقِّ ثُمَّ الْأَخْذِ، وَأَمَّا الْقَائِدُ فَحَافِظٌ لِلْجَمَلِ الَّذِي زِمَامُهُ بِيَدِهِ فَقَطْ عِنْدَنَا. وَعِنْدَهُمْ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَرَاهَا إذَا الْتَفَتَ إلَيْهَا حَافِظٌ لِلْكُلِّ مُحْرَزَةً عِنْدَهُمْ بِقَوْدِهِ فَتْحٌ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْقَائِدَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ حَافِظُ مَا زِمَامُهُ بِيَدِهِ، وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا حَافِظٌ) أَيْ مَعَ مَا ذَكَرَ مِنْ بَعِيرِ الْمَرْعَى وَالْقِطَارِ وَالْحِمْلِ، وَإِطْلَاقُ مُحَمَّدٍ عَدَمَ الْقَطْعِ فِي مَوَاشِي الْمَرْعَى مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْحَافِظِ، وَلَوْ كَانَ الْحَافِظُ هُوَ الرَّاعِي اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ. فَفِي الْبَقَّالِيِّ لَا يُقْطَعُ: وَهُوَ الَّذِي فِي الْمُنْتَقَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَطْلَقَ خُوَاهَرْ زَادَهْ ثُبُوتَ الْقَطْعِ مَعَ الْحَافِظِ.

وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنَّ الرَّاعِيَ لَمْ يَقْصِدْ لِحِفْظِهَا مِنْ السُّرَّاقِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَتْحٌ.

وَفِي الْمُجْتَبَى وَكَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ أَفْتَوْا بِمَا قَالَهُ الْبَقَّالِيُّ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَقَّ الْحِمْلَ) أَيْ جُوَالِقًا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى ظَهْرِ جَمَلٍ قُهُسْتَانِيٌّ، وَإِنَّمَا قُطِعَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ اعْتَمَدَ الْجُوَالِقَ فَكَانَ هَاتِكًا لِلْحِرْزِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذَ الْجُوَالِقَ بِمَا فِيهِ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ مِنْ الْفُسْطَاطِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، وَلَوْ سَرَقَ نَفْسَ الْفُسْطَاطِ لَا يُقْطَعُ بَحْرٌ، وَيَأْتِي بَيَانُهُ (قَوْلُهُ فَسَرَقَ مِنْهُ) أَيْ أَخْرَجَ

ص: 101