الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا
(إذَا سَبَى كَافِرٌ كَافِرًا) آخَرَ (بِدَارِ الْحَرْبِ وَأَخَذَ مَالِهِ مَلَكَهُ)
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِيمَنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَظَفَرَ بِشَيْءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَنَقَلَ فِي الْقُنْيَةِ عَنْ الْإِمَامِ الْوَبَرِيِّ أَنَّ مَنْ لَهُ حَظٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ ظَفَرَ بِمَالٍ وُجِّهَ لِبَيْتِ الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ دِيَانَةً اهـ وَنَظَمَهُ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ: إذَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَمَاتَ الْمُودِعُ بِلَا وَارِثٍ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الْوَدِيعَةَ إلَى نَفْسِهِ فِي زَمَانِنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهَا لِبَيْتِ الْمَالِ لَضَاعَتْ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَصْرِفُونَهُ مَصَارِفَهُ، فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهِ صَرَفَهُ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا صَرَفَهُ إلَى الْمَصْرِفِ. اهـ. وَقَدَّمَ الشَّارِحُ هَذَا فِي بَابِ الْعُشْرِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ لَهُ حَظٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِكَوْنِهِ فَقِيرًا أَوْ عَالِمًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَوَجَدَ مَا مَرْجِعُهُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ مِنْ أَيِّ بَيْتٍ مِنْ الْبُيُوتِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ فِي آخِرِ الْجِزْيَةِ لَهُ أَخْذُهُ دِيَانَةً بِطَرِيقِ الظَّفْرِ فِي زَمَانِنَا، وَلَا يَتَقَيَّدُ أَخْذُهُ بِأَنْ يَكُونَ مَرْجِعُ الْمَأْخُوذِ إلَى الْبَيْتِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ مِنْهُ، وَإِلَّا فَمَصْرِفُ تَرْكِهِ بِلَا وَارِثٍ وَلُقَطَةٌ هُوَ لَقِيطُ فَقِيرٍ وَفَقِيرٌ لَا وَلِيَّ لَهُ، وَقَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ مِنْ أَهْلِهِ أَيْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ الْمَالِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ.
كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْوَبَرِيِّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَقَيَّدَ بِذَلِكَ، لَزِمَ أَنْ لَا يَأْخُذَ مُسْتَحِقٌّ شَيْئًا؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ فِي زَمَانِنَا غَيْرُ مُنْتَظِمٍ، وَلَيْسَ فِيهِ بُيُوتٌ مُرَتَّبَةٌ، وَلَوْ رَدَّ مَا وَجَدَهُ إلَى بَيْتِ الْمَالِ لَزِمَ ضَيَاعُهُ لِعَدَمِ صَرْفِهِ الْآنَ فِي مَصَارِفِهِ كَمَا حَرَّرْنَاهُ فِي بَابِ الْعُشْرِ مِنْ الزَّكَاةِ فَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً مِنْ الْغَنِيمَةِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ الْخُمُسِ، جَازَ لَهُ صَرْفُهَا إلَى نَفْسِهِ بِطَرِيقِ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ الْخُمُسِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقًّا مِنْهُ، وَلَهُ اسْتِحْقَاقٌ مِنْ غَيْرِهِ كَالْعَالِمِ الْغَنِيِّ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُمَلِّكَهَا لِفَقِيرٍ مُسْتَحِقٍّ مِنْ الْخُمُسِ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ أَوْ يُمَلِّكَهُ خُمُسَهَا فَقَطْ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَرَفَهَا إلَى نَفْسِهِ يَبْقَى فِيهَا الْخُمُسُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْغَنِيمَةَ بَعْدَ الْإِحْرَازِ صَارَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَأَصْحَابِ الْخُمُسِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ مَنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِحْرَازِ يُورَثُ نَصِيبُهُ، وَلَكِنْ لَمَّا جُهِلَتْ أَصْحَابُ الْحُقُوقِ وَانْقَطَعَ الرَّجَاءُ مِنْ مَعْرِفَتِهِمْ صَارَ مَرْجِعُهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَانْقَطَعَتْ الشَّرِكَةُ الْخَاصَّةُ، وَصَارَتْ مِنْ حُقُوقِ بَيْتِ الْمَالِ كَسَائِرِ أَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ الْمُسْتَحَقَّةِ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ اسْتِحْقَاقًا لَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَاتَ، وَلَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا يُورَثُ حَقُّهُ مِنْهُ، بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ الْمُحْرَزَةِ قَبْلَ جَهَالَةِ مُسْتَحِقِّيهَا، وَتَفَرُّقِهِمْ فَإِنَّهَا شَرِكَةٌ خَاصَّةٌ، وَحَيْثُ صَارَ مَرْجِعُهَا بَيْتَ الْمَالِ لَمْ يَبْقَ فِيهَا حَقُّ الْخُمُسِ أَيْضًا فَلِمَنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا لِنَفْسِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.
وَقَدْ رَأَيْت رِسَالَةً لِمُحَقِّقِ الشَّافِعِيَّةِ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ قَالَ فِيهَا وَقَدْ كَانَ شَيْخُنَا الْوَالِدُ قَدْ شَرَى لِي أَمَةً لِلتَّسَرِّي فَذَاكَرَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ مُحَقِّقُ الْعَصْرِ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي أَمْرِ الْغَنَائِمِ وَالشِّرَاءِ مِنْ وَكِيلِ بَيْتِ الْمَالِ فَقَالَ لَهُ شَيْخُنَا الْوَالِدُ: نَحْنُ نَتَمَلَّكُهَا بِطَرِيقِ الظَّفْرِ لِمَا لَنَا مِنْ الْحَقِّ الَّذِي لَا نَصِلُ إلَيْهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْجَارِيَةَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا مِنْ غَنِيمَةٍ لَمْ تُقْسَمْ قِسْمَةً شَرْعِيَّةً قَدْ آلَ الْأَمْرُ فِيهَا إلَى بَيْتِ الْمَالِ لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ بِمُسْتَحِقِّيهَا، فَقَالَ شَيْخُنَا الْمَحَلِّيُّ: نَعَمْ لَكُمْ فِيهِ حُقُوقٌ مِنْ وُجُوهٍ اهـ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْقُنْيَةِ وَعَنْ الْبَزَّازِيَّةِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا أَوْ عَلَى أَمْوَالِنَا]
بَابُ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ اسْتِيلَائِنَا عَلَيْهِمْ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ اسْتِيلَاءِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ، وَحُكْمِ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَيْنَا فَتْحٌ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ لَا إلَى مَفْعُولِهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ هُوَ مَا فَرَغَ مِنْ بَيَانِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا) تَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ صَاحِبَ النَّهْرِ، وَصَوَابُهُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ كَمَا قَالَ ح أَوْ إسْقَاطُ لَفْظِ بَعْضًا كَمَا قَالَ ط (قَوْلُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ) أَفَادَ إطْلَاقُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِحْرَازُ بِدَارِ الْمَالِكِ، حَتَّى لَوْ اسْتَوْلَى كُفَّارُ التُّرْكِ وَالْهِنْدِ عَلَى الرُّومِ وَأَحْرَزُوهَا
لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مُبَاحٍ (وَلَوْ سَبَى أَهْلُ الْحَرْبِ أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنْ دَارِنَا لَا) يَمْلِكُونَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ (وَمَلَكْنَا مَا نَجِدُهُ مِنْ ذَلِكَ) السَّبْيِ لِلْكَافِرِ (إنْ غَلَبْنَا عَلَيْهِمْ) اعْتِبَارًا لِسَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ
(وَإِنْ غَلَبُوا عَلَى أَمْوَالِنَا) وَلَوْ عَبْدًا مُؤْمِنًا (وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ مَلَكُوهَا) لَا لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى مُبَاحٍ،
ــ
[رد المحتار]
بِالْهِنْدِ، ثَبَتَ الْمِلْكُ لِكُفَّارِ التُّرْكِ كَكُفَّارِ الْهِنْدِ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ قُهُسْتَانِيٌّ وَنَحْوُهُ فِي الْبَحْرِ. وَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ كَمَالٍ أَنَّ الْإِحْرَازَ هُنَا غَيْرُ شَرْطٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مَخْصُوصٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَإِنْ غَلَبُوا عَلَى أَمْوَالِنَا إلَخْ عَلَى مَا أَفْصَحَ عَنْهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ اهـ أَيْ حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَقَيَّدَ بِالْإِحْرَازِ فِي الْآتِيَةِ، وَذَكَرَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَمَالٍ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مُبَاحٍ) أَيْ فَيَمْلِكُهُ هُوَ بِمُبَاشَرَةِ سَبَبِهِ كَالِاحْتِطَابِ وَالِاصْطِيَادِ (قَوْلُهُ وَلَوْ سَبَى إلَخْ) ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ بِتَعْلِيلِهَا فِي الدُّرَرِ عَنْ وَاقِعَاتِ الصَّدْرِ الشَّهِيدِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْوَالَ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَأَمْوَالِنَا فَتُمْلَكُ بِالْإِحْرَازِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ دَارِنَا الظَّاهِرُ أَنَّهُ احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ لَحِقَ الذِّمِّيُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَسُبِيَ مِنْهَا أَمَّا لَوْ دَخَلَ دَارَهُمْ عَلَى نِيَّةِ الْعَوْدِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ بِالسَّبْيِ لِبَقَاءِ عَهْدِ الذِّمَّةِ فَلَهُ حُكْمُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ السَّبْيِ لِلْكَافِرِ) فَسَّرَ اسْمَ الْإِشَارَةِ بِمَا ذُكِرَ لِيُفِيدَ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى دُونَ مَسْأَلَةِ الذِّمِّيِّ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَمْلِكُوا الذِّمِّيَّ إذَا سَبَوْهُ لَمْ نَمْلِكْهُ مِنْهُمْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِسَائِرِ أَمْلَاكِهِمْ) أَيْ كَمَا نَمْلِكُ بَاقِيَ أَمْلَاكِهِمْ، وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَسْبِيِّينَ مُوَادَعَةٌ؛ لِأَنَّا لَمْ نَغْدِرْهُمْ إنَّمَا أَخَذْنَا مَالًا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِمْ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُوَادَعَةٌ كَانَ لَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ مِنْ السَّابِينَ لِمَا ذَكَرْنَا إلَّا إذَا اقْتَتَلُوا بِدَارِنَا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهُ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ فَيَكُونُ شِرَاؤُنَا غَدْرًا بِالْآخَرِينَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِمْ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَتْحِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَمْلِكُوهُ لِعَدَمِ الْإِحْرَازِ يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِحْرَازِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَارَّةِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ بَاعَ الْحَرْبِيُّ وَلَدَهُ [تَنْبِيهٌ] فِي النَّهْرِ عَنْ مُنْيَةِ الْمُفْتِي إذَا بَاعَ الْحَرْبِيُّ هُنَاكَ وَلَدَهُ مِنْ مُسْلِمٍ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ، أَنَّهُ يُجْبَرُ إذَا خَاصَمَ الْحَرْبِيُّ، وَلَوْ دَخَلَ دَارَنَا بِأَمَانٍ مَعَ وَلَدِهِ فَبَاعَ الْوَلَدَ لَا يَجُوزُ فِي الرِّوَايَاتِ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ فِي إجَازَةِ بَيْعِ الْوَلَدِ نَقْضَ أَمَانِهِ كَمَا فِي ط عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَبْدًا مُؤْمِنًا) وَكَذَا الْكَافِرُ بِالْأَوْلَى وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْقِنِّ لِيَخْرُجَ الْمُدَبَّرُ، وَالْمُكَاتَبُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُمْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَمِثْلُ الْعَبْدِ الْأَمَةُ كَمَا فِي الدُّرَرِ.
مَطْلَبٌ يُلْحَقُ بِدَارِ الْحَرْبِ الْمَفَازَةُ وَالْبَحْرُ الْمِلْحُ
1 -
(قَوْلُهُ وَأَحْرَزُوهَا بِدَارِهِمْ) وَيُلْحَقُ بِهَا الْبَحْرُ الْمِلْحُ وَنَحْوُهُ كَمَفَازَةٍ لَيْسَ وَرَاءَهَا بِلَادُ إسْلَامٍ، نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَمَوِيِّ وَفِي حَاشِيَةِ أَبِي السُّعُودِ عَنْ شَرْحِ النَّظْمِ الْهَامِلِيِّ سَطْحُ الْبَحْرِ لَهُ حُكْمُ دَارِ الْحَرْبِ اهـ وَفِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ قُبَيْلَ بَابِ الْعُشْرِ: سُئِلَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَحْرِ الْمِلْحِ أَمِنْ دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ الْإِسْلَامِ أَجَابَ: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَحَدِ الْقَبِيلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَهْرَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ اهـ قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى هُنَاكَ: لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ نِكَاحِ الْكَافِرِ أَنَّ الْبَحْرَ الْمِلْحَ مُلْحَقٌ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ مَلَكُوهَا) هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ أَيْضًا فَيَحِلُّ الْأَكْلُ وَالْوَطْءُ لِمَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ كَمَا فِي الْفَتْحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى - {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: 8]- سَمَّاهُمْ فُقَرَاءَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مَلَكُوا أَمْوَالَهُمْ الَّتِي هَاجَرُوا عَنْهَا، وَمَنْ لَا يَصِلُ إلَى مَالِهِ لَيْسَ فَقِيرًا، بَلْ هُوَ ابْنُ سَبِيلٍ وَلِذَا عُطِفُوا عَلَيْهِمْ فِي آيَةِ الصَّدَقَاتِ وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً تُفِيدُ هَذَا الْحُكْمَ بِلَا شَكٍّ، كَمَا أَوْضَحَهُ وَأَطَالَ فِي تَحْقِيقِهِ ابْنُ الْهُمَامِ (قَوْلُهُ لَا لِلِاسْتِيلَاءِ إلَخْ) رَدَّ عَلَى الْهِدَايَةِ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَمْلِكُونَهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ مَحْظُورٌ فَلَا يُفِيدُ الْمِلْكَ،
لِمَا أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ التَّوَقُّفُ، وَالْإِبَاحَةُ رَأْيُ الْمُعْتَزِلَةِ، بَلْ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ وَهُمْ لَمْ يُخَاطَبُوا بِهَا فَبَقِيَ فِي حَقِّهِمْ مَالًا غَيْرَ مَعْصُومٍ فَيَمْلِكُونَهُ كَمَا حَقَّقَهُ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ فِي شَرْحِهِ وَيُفْتَرَضُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا تَقَرَّرَ مِلْكُهُمْ
(وَإِنْ غَلَبْنَا عَلَيْهِمْ) أَيْ بَعْدَ مَا أَحْرَزُوهَا بِدَرَاهِمَ
ــ
[رد المحتار]
وَلَنَا أَنَّ الِاسْتِيلَاءَ وَرَدَ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ فِي الْمَالِ إنَّمَا ثَبَتَتْ عَلَى مُنَافَاةِ الدَّلِيلِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29]- فَإِنَّهُ يَقْتَضِي إبَاحَةَ الْأَمْوَالِ وَعَدَمَ الْعِصْمَةِ لَكِنَّهَا ثَبَتَتْ لِضَرُورَةِ تَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ الِانْتِفَاعِ، فَإِذَا زَالَتْ الْمُكْنَةُ بِالِاسْتِيلَاءِ وَتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ عَادَ مُبَاحًا كَمَا كَانَ اهـ مُوَضَّحًا مِنْ الْعِنَايَةِ وَالْفَتْحِ.
مَطْلَبٌ فِي أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ (قَوْلُهُ لِمَا أَنَّ الصَّحِيحَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الْمَارَّ عَنْ الْهِدَايَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَشْيَاءِ الْإِبَاحَةُ وَهُوَ رَأْيُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْوَقْفُ حَتَّى يَرِدَ الشَّرْعُ، بَلْ الْوَجْهُ أَنَّ الْعِصْمَةَ ثَابِتَةٌ بِخِطَابِ الشَّرْعِ عِنْدَنَا، فَلَمْ تَظْهَرْ الْعِصْمَةُ فِي حَقِّهِمْ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُمْ مُخَاطَبُونَ بِالشَّرَائِعِ، فَظَهَرَتْ الْعِصْمَةُ فِي حَقِّهِمْ فَلَا يَمْلِكُونَهَا بِالِاسْتِيلَاءِ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْمَنْبَعِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ. الْأَوَّلُ: أَنَّ مَا مَرَّ عَنْ الْهِدَايَةِ لَيْسَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ الْإِبَاحَةُ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ إنَّمَا أَثْبَتَ الْإِبَاحَةَ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ بِمُقْتَضَى الدَّلِيلِ يَعْنِي أَنَّ مُقْتَضَى الدَّلِيلِ إبَاحَتُهَا، لَكِنْ ثَبَتَتْ الْعِصْمَةُ بِعَارِضٍ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي أُصُولِ الْبَزْدَوِيِّ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ الْأَمْوَالُ عَلَى الْإِبَاحَةِ بِالْإِجْمَاعِ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَهَا بِقَوْلِهِ - {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29]-.
الثَّانِي: أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالْإِيمَانِ وَبِالْعُقُوبَاتِ سِوَى حَدِّ الشُّرْبِ وَبِالْمُعَامَلَاتِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْعِبَادَاتِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَائِلَ الْجِهَادِ. الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ فَلَمْ تَظْهَرْ الْعِصْمَةُ فِي حَقِّهِمْ أَيْ هُوَ مُبَاحٌ لَهُمْ فَفِيهِ رُجُوعٌ إلَى الْقَوْلِ بِالْإِبَاحَةِ كَمَا أَفَادَهُ ط. الرَّابِعُ: أَنَّ نِسْبَةَ الْإِبَاحَةِ إلَى الْمُعْتَزِلَةِ مُخَالِفٌ لِمَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، فَفِي تَحْرِيرِ ابْنِ الْهُمَامِ الْمُخْتَارُ الْإِبَاحَةُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ اهـ وَفِي شَرْحِ أُصُولِ الْبَزْدَوِيِّ لِلْعَلَّامَةِ الْأَكْمَلِ قَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ الشَّرْعُ بِإِبَاحَتِهَا وَحُرْمَتِهَا قَبْلَ وُرُودِهِ عَلَى الْإِبَاحَةِ، وَهِيَ الْأَصْلُ فِيهَا حَتَّى أُبِيحَ لِمَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الشَّرْعُ أَنْ يَأْكُلَ مَا شَاءَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ مُحَمَّدٌ فِي الْإِكْرَاهِ حَيْثُ قَالَ: أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَشُرْبُ الْخَمْرِ لَمْ يُحَرَّمَا إلَّا بِالنَّهْيِ، فَجَعَلَ الْإِبَاحَةَ أَصْلًا وَالْحُرْمَةَ بِعَارِضِ النَّهْيِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُبَّائِيُّ وَأَبِي هَاشِمٍ وَأَصْحَابِ الظَّاهِرِ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَمُعْتَزِلَةُ بَغْدَادَ: إنَّهَا عَلَى الْحَظْرِ وَقَالَتْ الْأَشْعَرِيَّةُ وَعَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ: إنَّهَا عَلَى الْوَقْفِ حَتَّى أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الشَّرْعُ يَتَوَقَّفُ وَلَا يَتَنَاوَلُ شَيْئًا فَإِنْ تَنَاوَلَ لَمْ يُوصَفْ فِعْلُهُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ وَقَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ الْبَغْدَادِيُّ تَفْسِيرُهُ لَا يَسْتَحِقُّ ثَوَابًا وَلَا عِقَابًا وَإِلَيْهِ مَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ اهـ وَبَسَطَ أَدِلَّةَ الْأَقْوَالِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَيُفْتَرَضُ عَلَيْنَا اتِّبَاعُهُمْ) أَيْ لِاسْتِنْقَاذِ أَمْوَالِنَا مَا دَامُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ؛ فَإِنْ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ لَا يُفْتَرَضُ؛ وَالْأَوْلَى الِاتِّبَاعُ بِخِلَافِ الذَّرَارِيِّ يُفْتَرَضُ اتِّبَاعُهُمْ مُطْلَقًا بَحْرٌ عَنْ الْمُحِيطِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ، وَإِنْ دَخَلُوا دَارَ الْحَرْبِ لَكِنْ مَا لَمْ يَبْلُغُوا حُصُونَهُمْ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْجِهَادِ عَنْ الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَسْلَمُوا تَقَرَّرَ مِلْكُهُمْ) أَيْ لَا سَبِيلَ لِأَرْبَابِهَا عَلَيْهَا بَحْرٌ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ؛ وَعَبَّرَ الشَّارِحُ بِالتَّقَرُّرِ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُمْ بَعْدَ الْإِحْرَازِ
أَمَّا قَبْلَهُ فَهِيَ لِمَالِكِهَا مَجَّانًا مُطْلَقًا (فَمَنْ وَجَدَ مِلْكَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لَا بَيْنَ الْكُفَّارِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الدُّرَرِ (فَهُوَ لَهُ مَجَّانًا) بِلَا شَيْءٍ (وَإِنْ وَجَدَهُ بَعْدَهَا فَهُوَ لَهُ بِالْقِيمَةِ) جَبْرًا لِلضَّرَرَيْنِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ (وَلَوْ) كَانَ مِلْكُهُ (مِثْلِيًّا فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهِ بَعْدَهَا) إذْ لَوْ أَخَذَهُ أَخَذَهُ بِمِثْلِهِ فَلَا يُفِيدُ وَلَوْ قَبْلَهَا أَخَذَهُ مَجَّانًا كَمَا مَرَّ (وَبِالثَّمَنِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ (لَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ تَاجِرٌ) أَيْ مِنْ الْعَدُوِّ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا، وَبِقِيمَةِ الْعَرَضِ لَوْ اشْتَرَاهُ بِهِ، وَبِالْقِيمَةِ لَوْ اتَّهَبَهُ مِنْهُمْ زَادَ فِي الدُّرَرِ أَوْ مَلَكَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ: شَرَاهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ لَيْسَ لِمَالِكِهِ أَخْذُهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ، وَكَذَا لَوْ شَرَاهُ بِمِثْلِهِ نَسِيئَةً أَوْ بِمِثْلِهِ قَدْرًا وَوَصْفًا بِعَقْدٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ -
ــ
[رد المحتار]
قَبْلَ الْإِسْلَامِ، عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ إذَا غَلَبْنَا عَلَيْهِمْ وَبِهَذَا التَّعْبِيرِ صَحَّ ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ، وَإِنْ غَلَبُوا عَلَى أَمْوَالِنَا إلَخْ، لِيُفِيدَ أَنَّ قَوْلَهُ مَلَكُوهَا أَيْ مِلْكًا عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ، وَإِلَّا كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَمَلَكْنَا مَا نَجِدُهُ مِنْ ذَلِكَ إلَخْ بِأَنْ يَقُولَ إلَّا إنْ كَانُوا أَسْلَمُوا لِتَقَرُّرِ مِلْكِهِمْ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ أَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْإِحْرَازِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ فَمَنْ وَجَدَ مِلْكَهُ) الْإِضَافَةُ لِلْعَهْدِ أَيْ الَّذِي يَمْلِكُهُ الْكُفَّارُ، فَلَوْ دَخَلَ فِي دَارِنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَسَرَقَ مِنْ مُسْلِمٍ طَعَامًا أَوْ مَتَاعًا، وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِهِمْ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا أَخَذَهُ مَالِكُهُ بِلَا شَيْءٍ، وَكَذَا لَوْ أَبَقَ عَبْدٌ إلَيْهِمْ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الدُّرَرِ) أَيْ رَادًّا عَلَى مَا وَقَعَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِمُصَنَّفِهِ مِنْ حَمْلِ الْقِسْمَةِ عَلَى الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْكُفَّارِ، حَيْثُ قَالَ إنَّهُ مُخَالِفٌ لِجَمِيعِ الْكُتُبِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى أُولِي الْأَبْصَارِ (قَوْلُهُ بِلَا شَيْءٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مَجَّانًا (قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَتِهِ يَوْمَ أَخْذِ الْغَانِمِ قُهُسْتَانِيٌّ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْمَالِكُ لَا سَبِيلَ لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَمْ يُورَثْ اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالْقِيمَةِ وَتَرْكِهِ، لَكِنْ نَقَلَ السَّائِحَانِيُّ عَنْ الْخَانِيَّةِ لَوْ مَاتَ الْمَأْسُورُ مِنْهُ بَعْدَ إخْرَاجِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ لِوَرَثَتِهِ أَخَذُهُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُهُ.
[تَنْبِيهٌ] فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ: لَوْ كَانَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَبَطَلَ حَقُّ الْمَالِكِ، وَإِنْ بَاعَهُ أَخَذَهُ مَالِكُهُ بِالثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ جَبْرًا لِلضَّرَرَيْنِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ الْقَدِيمَ يَتَضَرَّرُ بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِلَا رِضَاهُ، وَمَنْ وَقَعَ الْعَيْنُ فِي نَصِيبِهِ يَتَضَرَّرُ بِالْأَخْذِ مِنْهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ عِوَضًا عَنْ سَهْمِهِ فِي الْغَنِيمَةِ، فَقُلْنَا بِحَقِّ الْأَخْذِ بِالْقِيمَةِ جَبْرًا لِلضَّرَرَيْنِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْعَامَّةِ، فَلَا يُصِيبُ كُلُّ فَرْدٍ مِنْهُمْ مَا يُبَالِي بِفَوْتِهِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الضَّرَرُ اهـ دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَبْلَهَا إلَخْ) مُكَرَّرٌ بِمَا قَبْلَهُ ط (قَوْلُهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ إلَى تَاجِرٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ فِي اللَّفْظِ لَكِنَّهُ مُتَقَدِّمٌ فِي الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ، فَإِنَّ التَّقْدِيرَ وَلَوْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ تَاجِرٌ أَخَذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَبِالْقِيمَةِ لَوْ اتَّهَبَهُ مِنْهُمْ) ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ مِلْكٌ خَاصٌّ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِالْقِيمَةِ بَحْرٌ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ مِثْلِيًّا لَا فَائِدَةَ فِي أَخْذِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَوْ مَلَكَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ لَوْ قِيَمِيًّا (قَوْلُهُ لَيْسَ لِمَالِكِهِ أَخْذُهُ) أَيْ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، بَلْ يَأْخُذُهُ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ، كَمَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَحِينَئِذٍ لَا مَعْنَى لِلِاسْتِدْرَاكِ، بَلْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ: لَوْ مَلَكَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَمَا لَوْ شَرَاهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ. اهـ. ح.
قُلْت: لَكِنَّ صَاحِبَ السِّرَاجِ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ: وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ اهـ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ مِثْلِيًّا وَمَا فِي السِّرَاجِ عَلَى مَا إذَا كَانَ قِيَمِيًّا تَأَمَّلْ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَلْ لَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ وَالظَّاهِرُ نَعَمْ يَجْعَلُ قِيمَةَ الْخِنْزِيرِ قَائِمَةً مَقَامَ الْمَبِيعِ لَا مَقَامَ الْخِنْزِيرِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الشُّفْعَةِ، فِيمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِخِنْزِيرٍ وَشَفِيعُهَا مُسْلِمٌ يَأْخُذُهَا بِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ وَتَكُونُ قَائِمَةً مَقَامَ الدَّارِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ شَرَاهُ إلَخْ)
فَلَوْ بِأَقَلَّ قَدْرًا وَأَرْدَأَ وَصْفًا فَلَهُ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ وَلَيْسَ بِرِبًا؛ لِأَنَّهُ فِدَاءٌ (وَإِنْ) وَصْلِيَّةٌ (فَقَأَ عَيْنَهُ) أَوْ قَطَعَ يَدَهُ (وَأَخَذَ) مُشْتَرِيهِ (أَرْشَهُ) أَوْ فَقَأَهَا الْمُشْتَرِي، فَيَأْخُذُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْهُ (وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِهِ) أَيْ الثَّمَنِ (بِيَمِينِهِ عِنْدَ عَدَمِ الْبُرْهَانِ) ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مُبَيِّنَةٌ، وَلَوْ بَرْهَنَا فَبَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَيْضًا خِلَافًا لِلثَّانِي نَهْرٌ (وَإِنْ تَكَرَّرَ الْأَسْرُ وَالشِّرَاءُ) بِأَنْ أُسِرَ ثَانِيًا وَشَرَاهُ آخَرُ (أَخَذَ) الْمُشْتَرِي (الْأَوَّلُ مِنْ الثَّانِي بِثَمَنِهِ) جَبْرًا لِوُرُودِ الْأَسْرِ عَلَى مِلْكِهِ، فَكَانَ الْأَخْذُ لَهُ (ثُمَّ يَأْخُذُ) الْمَالِكُ (الْقَدِيمُ بِالثَّمَنَيْنِ إنْ شَاءَ) لِقِيَامِهِ عَلَيْهِ بِهِمَا وَقَبْلَ أَخْذِ الْأَوَّلِ لَا يَأْخُذُهُ الْقَدِيمُ كَيْ لَا يُضَيِّعَ الثَّمَنَ
(وَلَا يَمْلِكُونَ حُرَّنَا وَمُدَبَّرَنَا وَأُمَّ وَلَدِنَا وَمُكَاتَبَنَا) لِحُرِّيَّتِهِمْ مِنْ وَجْهٍ فَيَأْخُذُهُ مَالِكُهُ مَجَّانًا لَكِنْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ تُؤَدَّى قِيمَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ لَيْسَ لِمَالِكِهِ أَخْذُهُ وَهَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَبِالثَّمَنِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَوْ بِأَقَلَّ قَدْرًا) كَمَا لَوْ كَانَ التَّاجِرُ اشْتَرَى قَفِيزَ بُرٍّ بِنِصْفِ قَفِيزٍ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَرْدَأَ وَصْفًا) كَأَنْ اشْتَرَى قَفِيزًا جَيِّدًا بِأَرْدَأَ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِرِبًا؛ لِأَنَّهُ فِدَاءٌ) أَيْ لَا عِوَضٌ وَهَذَا رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ فَلَوْ بِأَقَلَّ قَدْرًا، أَمَّا الْأَرْدَأُ وَصْفًا بَعْدَ التَّمَاثُلِ فِي الْقَدْرِ، فَلَا يُتَوَهَّمُ كَوْنُهُ رِبًا؛ لِأَنَّ جَيِّدَهَا وَرَدِيئَهَا سَوَاءٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَصْلِيَّةٌ) أَيْ وَاصِلَةٌ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا لَا شَرْطِيَّةٌ (قَوْلُهُ فُقِئَ عَيْنُهُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَرْسُمَ فُقِئَ بِالْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَجْهُولِ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: إذَا أَخَذَ الْكُفَّارُ عَبْدًا وَدَخَلُوا بِهِ دَارَ الْحَرْبِ، فَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ وَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ وَأَخَذَ أَرْشَهَا، فَإِنَّ الْمَوْلَى يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْعَدُوِّ، وَلَا يَأْخُذُ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ صَحِيحٌ، فَكَانَ الْأَرْشُ حَاصِلًا فِي مِلْكِهِ وَلَوْ أَخَذَهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ وَتَمَامُهُ فِي الْعِنَايَةِ.
(قَوْلُهُ أَوْ فَقَأَهَا الْمُشْتَرِي) أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِ الْبَحْرِ إنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْفَاقِئِ، بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِيَ أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ إلَخْ) أَيْ وَالْعَيْنُ كَالْوَصْفِ؛ لِأَنَّ بِهَا يَحْصُلُ وَصْفُ الْإِبْصَارِ وَقَدْ كَانَتْ فِي مِلْكٍ صَحِيحٍ فَلَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْهُ وَالْعُقْرُ كَالْأَرْشِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَ الْأَخْذِ بِمَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ كَالْمُشْتَرِي مَعَ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ مُبَيِّنَةٌ) أَيْ مُظْهِرَةٌ وَهُوَ عِلَّةٌ لِمُقَدَّرٍ، وَهُوَ إمَّا عِنْدَ وُجُودِ الْبُرْهَانِ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيُقْبَلُ؛ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّ بَيِّنَةَ الْمَالِكِ تُقْبَلُ إذَا بَرْهَنَ وَحْدَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ عِنْدَهُ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لِإِثْبَاتِ خِلَافِ الظَّاهِرِ، وَالظَّاهِرُ مَعَ مَنْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَبَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَقْوَى لِإِثْبَاتِهَا خِلَافَهُ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ الْأَسْرُ وَالشِّرَاءُ) قَيَّدَ بِالتَّكَرُّرِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ لَوْ وَهَبَهُ كَانَ لِمَوْلَاهُ أَخْذُهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِقِيمَتِهِ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِوُرُودِ الْأَسْرِ عَلَى مِلْكِهِ) أَيْ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَكَانَ الْأَخْذُ لَهُ، حَتَّى لَوْ أَبَى أَنْ يَأْخُذَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ إعْطَاؤُهُ لِلْأَوَّلِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إذَا أَرَادَ الْمَالِكُ الْأَوَّلُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنَيْنِ (قَوْلُهُ وَقَبْلَ أَخْذِ الْأَوَّلِ) الظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا يَأْخُذُهُ الْقَدِيمُ قَالَ فِي النَّهْرِ: أَيْ لَا يَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ مِنْ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا أَبَى عَنْ أَخْذِهِ؛ لِأَنَّ الْأَسْرَ مَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ (قَوْلُهُ كَيْ لَا يَضِيعَ الثَّمَنُ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ وَمُدَبَّرَنَا) ظَاهِرٌ فِي الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ، أَمَّا الْمُقَيَّدُ فَهَلْ يَمْلِكُونَهُ أَوْ لَا، وَفِي تَعْلِيلِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الِاسْتِيلَاءَ إنَّمَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمِلْكِ إذَا لَاقَى مَحَلًّا قَابِلًا لِلْمِلْكِ إشَارَةٌ إلَى مِلْكِهِمْ الْمُقَيَّدِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَيَأْخُذُهُ مَالِكُهُ) وَلَوْ فِي يَدِ تَاجِرٍ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ أَوْ وَاحِدٍ مِنْ الْعَسْكَرِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ تُؤَدَّى قِيمَتُهُ) أَيْ لِمَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ.
(وَنَمْلِكُ عَلَيْهِمْ جَمِيعَ ذَلِكَ بِالْغَلَبَةِ) لِعَدَمِ الْعِصْمَةِ (وَلَوْ نَدَّ إلَيْهِمْ دَابَّةٌ مَلَكُوهَا) لِتَحَقُّقِ الِاسْتِيلَاءِ إذْ لَا يَدَ لِلْعَجْمَاءِ (وَإِنْ أَبَقَ إلَيْهِمْ قِنٌّ مُسْلِمٌ فَأَخَذُوهُ) قَهْرًا (لَا) خِلَافًا لَهُمَا لِظُهُورِ يَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْخُرُوجِ مِنْ دَارِنَا فَلَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ (بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَقَ إلَيْهِمْ بَعْدَ ارْتِدَادِهِ فَأَخَذُوهُ) مَلَكُوهُ اتِّفَاقًا، وَلَوْ أَبَقَ وَمَعَهُ فَرَسٌ أَوْ مَتَاعٌ فَاشْتَرَى رَجُلٌ ذَلِكَ (كُلَّهُ مِنْهُمْ أَخَذَ) الْمَالِكُ (الْعَبْدَ مَجَّانًا) لِمَا مَرَّ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَهُ وَأَخَذَ (غَيْرَهُ بِالثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُ
(وَعَتَقَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ) أَوْ ذِمِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ أَيْضًا زَيْلَعِيٌّ (شَرَاهُ مُسْتَأْمَنٌ هَهُنَا وَأَدْخَلَهُ دَارَهُمْ) إقَامَةً لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ مَقَامَ -
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ أَرِقَّاءُ (قَوْلُهُ وَنَمْلِكُ عَلَيْهِمْ جَمِيعَ ذَلِكَ) فَلَوْ أَهْدَى مَلِكُهُمْ لِمُسْلِمٍ هَدِيَّةً مِنْ أَحْرَارِهِمْ مَلَكَهُ إلَّا إذَا كَانَ قَرَابَةً لَهُ، وَلَوْ دَخَلَ دَارَهُمْ مُسْلِمٌ بِأَمَانٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ أَحَدِهِمْ ابْنَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهُ إلَى دَارِنَا قَهْرًا مَلَكَهُ، وَهَلْ يَمْلِكُهُ فِي دَارِهِمْ؟ خِلَافٌ وَالصَّحِيحُ لَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْكُفَّارَ فِي دَارِهِمْ أَحْرَارٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُمْ أَرِقَّاءُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكٌ لِأَحَدٍ عَلَيْهِمْ عَلَى مَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَغَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ مُلَخَّصًا دُرٌّ مُنْتَقَى. قُلْت: لَكِنْ قَدَّمْنَا فِي الْعِتْقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِمْ أَرِقَّاءَ أَيْ بَعْدَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ، أَمَّا قَبْلَهُ فَهُمْ أَحْرَارٌ لِمَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ نَسَبُك حُرٌّ أَوْ أَصْلُك حُرٌّ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ سَبْيٌ لَا يَعْتِقُ وَإِلَّا عَتَقَ قَالَ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ أَحْرَارٌ اهـ وَمَا فِي الْمُحِيطِ دَلِيلٌ عَلَيْهِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ نَدَّ) أَيْ نَفَرَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ مَصْدَرُهُ النُّدُودُ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُغْرِبِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَدَ لِلْعَجْمَاءِ) أَيْ لِلدَّابَّةِ لِكَوْنِهَا لَا تَعْقِلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَبَقَ إلَيْهِمْ قِنٌّ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ إلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَخَذُوهُ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ مَلَكُوهُ اتِّفَاقًا، وَبِقَوْلِهِ مُسْلِمٌ احْتِرَازًا عَنْ الْمُرْتَدِّ كَمَا يَأْتِي، وَفِي الْعَبْدِ الذِّمِّيِّ إذَا أَبَقَ قَوْلَانِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَبِقَوْلِهِ: قَهْرًا لِمَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا أَخَذُوهُ قَهْرًا وَقَيَّدُوهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ قَهْرًا فَلَا يَمْلِكُونَهُ اتِّفَاقًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ لَا) أَيْ لَا يَمْلِكُونَهُ، فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ الْقَدِيمُ بِلَا شَيْءٍ سَوَاءٌ كَانَ مَوْهُوبًا مِنْهُمْ لِلَّذِي أَخْرَجَهُ أَوْ مُشْتَرًى أَوْ مَغْنُومًا لَكِنْ لَوْ أَخَذَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ يُعَوِّضْ الْإِمَامُ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لِظُهُورِ يَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ مُكَلَّفٌ لَهُ يَدٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ اعْتِبَارُ يَدِهِ لِتَمْكِينِ الْمَوْلَى مِنْ الِانْتِفَاعِ، وَقَدْ زَالَتْ يَدُ الْمَوْلَى بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ فَظَهَرَتْ يَدُ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ وَصَارَ مَعْصُومًا بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلتَّمَلُّكِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَذُوهُ مِنْ دَارِنَا؛ لِأَنَّ يَدَ الْمَوْلَى قَائِمَةٌ حُكْمًا لِقِيَامِ يَدِ أَهْلِ الدَّارِ وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ مَلَكُوهُ اتِّفَاقًا) لِعَدَمِ الْيَدِ وَالْعِصْمَةِ ط (قَوْلُهُ وَأَخَذَ غَيْرَهُ بِالثَّمَنِ مَجَّانًا) أَيْ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا بِالثَّمَنِ أَيْضًا اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ بِالِانْفِرَادِ، وَلَا تَكُونُ يَدُهُ عَلَى نَفْسِهِ مَانِعَةً مِنْ اسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَى مَانِعِهِ لِقِيَامِ الرِّقِّ الْمَانِعِ لِلْمِلْكِ بِالِاسْتِيلَاءِ لِغَيْرِهِ بَحْرٌ، وَنَظَرَ فِيهِ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ مِلْكَهُمْ مَا مَعَهُ لِإِبَاحَتِهِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُبَاحًا إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ يَدٌ لِأَحَدٍ وَهَذَا عَلَيْهِ يَدُ الْعَبْدِ
(قَوْلُهُ وَعَتَقَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي يَدِهِ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ مَطْلَبٌ إذَا شَرَى الْمُسْتَأْمَنُ عَبْدًا ذِمِّيًّا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَأْمَنُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ أَيْ بَيْعِ الْعَبْدِ الذِّمِّيِّ الَّذِي شَرَاهُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ إدْخَالِهِ دَارَ الْحَرْبِ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ عَنْ النِّهَايَةِ عَنْ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ إقَامَةً لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ إلَخْ) هَذَا وَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ، وَقَالَا: لَا يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْإِزَالَةَ كَانَتْ مُسْتَحَقَّةً بِطَرِيقٍ مُعَيَّنٍ وَهُوَ الْبَيْعُ، وَقَدْ انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ الْجَبْرِ عَلَيْهِ، فَبَقِيَ فِي يَدِهِ عَبْدًا، وَلَهُ أَنَّ تَخَلُّصَ الْمُسْلِمِ عَنْ ذُلِّ الْكَافِرِ وَاجِبٌ، فَيُقَامُ الشَّرْطُ، وَهُوَ تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ مَقَامَ الْعِلَّةِ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ تَخْلِيصًا لَهُ
الْإِعْتَاقِ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ وَأَدْخَلُوهُ دَارَهُمْ فَأَبَقَ مِنْهُمْ إلَيْنَا قَيَّدَ بِالْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَاهُ حَرْبِيٌّ لَا يُعْتِقُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِمَانِعِ حَقِّ اسْتِرْدَادِهِ نَهْرٌ (كَعَبْدٍ لَهُمْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ فَجَاءَنَا) إلَى دَارِنَا أَوْ إلَى عَسْكَرِنَا ثَمَّةَ، أَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ حَرْبِيٌّ ثَمَّةَ، أَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمُشْتَرِي بَحْرٌ (أَوْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ) فَفِي هَذِهِ التِّسْعِ صُوَرٍ يَعْتِقُ الْعَبْدُ بِلَا إعْتَاقٍ وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا عِتْقٌ حُكْمِيٌّ دُرَرٌ، وَفِي الزَّيْلَعِيِّ لَوْ قَالَ الْحَرْبِيُّ لِعَبْدِهِ آخِذًا بِيَدِهِ: أَنْتَ حُرٌّ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ مُعْتِقٌ بِبَيَانِهِ مُسْتَرِقٌّ بِبَنَانِهِ.
ــ
[رد المحتار]
كَمَا يُقَامُ مُضِيُّ الثَّلَاثِ حِيَضٍ مَقَامَ التَّفْرِيقِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ إلَخْ) ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ فِي الدُّرَرِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة مِنْ الْمُلْتَقِطِ عَبْدٌ أَسَرَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ وَأَلْحَقُوهُ بِدَارِهِمْ ثُمَّ أَبَقَ مِنْهُمْ يُرَدُّ إلَى سَيِّدِهِ وَفِي رِوَايَةٍ يَعْتِقْ. اهـ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَجَّحَ عَدَمُ الْعِتْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ الْمُسْلِمَ لَهُ حَقُّ اسْتِرْدَادِهِ كَمَا يُوَضِّحُهُ مَا يَأْتِي عَقِبَهُ (قَوْلُهُ قَيَّدَ بِالْمُسْتَأْمَنِ إلَخْ) عِبَارَةُ النَّهْرِ هَكَذَا قَيَّدَ بِشِرَاءِ الْمُسْتَأْمَنِ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ أَسَرَ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ وَأَدْخَلَهُ دَارِهِ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِلْمَانِعِ عِنْدَهُ مِنْ عَمَلِ الْمُقْتَضِي عَمَلَهُ، وَهُوَ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْمُسْلِمِ اهـ وَبِهِ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مِنْ الْخَلَلِ (قَوْلُهُ لِمَانِعِ حَقِّ اسْتِرْدَادِهِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ: أَيْ لِمَانِعٍ هُوَ حَقُّ اسْتِرْدَادِ الْمَوْلَى الْمُسْلِمِ عَبْدَهُ. وَحَاصِلُهُ: الْفَرْقُ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا قَبْلَهَا، وَهُوَ أَنَّ كَلَامَنَا فِيمَنْ مَلَكَهُ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِنَا، وَوَجَبَ إزَالَتُهُ عَنْ مِلْكِهِ، وَهُنَا لَمْ يَمْلِكْهُ قَبْلَ إدْخَالِهِ دَارِهِمْ، فَكَانَ لِلْمَوْلَى حَقُّ اسْتِرْدَادِهِ فَلَوْ أَعْتَقْنَاهُ عَلَى الْحَرْبِيِّ حِينَ أَحْرَزَهُ أَبْطَلْنَا حَقَّ اسْتِرْدَادِ الْمُسْلِمِ إيَّاهُ جَبْرًا فَكَانَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ عَمَلِ الْمُقْتَضِي عَمَلَهُ أَيْ مِنْ تَأْثِيرِ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ فِي الْإِعْتَاقِ (قَوْلُهُ كَعَبْدٍ لَهُمْ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَعْتِقُ عَبْدٌ إلَخْ وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِ خِلَافًا لَهُمَا (قَوْلُهُ أَسْلَمَ ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهُوَ قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ خَرَجَ مُرَاغِمًا لِمَوْلَاهُ فَأَسْلَمَ فِي دَارِنَا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ بِأَمْرِهِ لِحَاجَةٍ فَأَسْلَمَ فِي دَارِنَا، فَإِنَّ حُكْمَهُ أَنْ يَبِيعَهُ الْإِمَامُ، وَيَحْفَظَ ثَمَنَهُ لِمَوْلَاهُ الْحَرْبِيِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ إلَى عَسْكَرِنَا ثَمَّةَ) لَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَتْحٌ.
(قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمٌ إلَخْ) أَيْ يَعْتِقُ خِلَافًا لَهُمَا؛ لِأَنَّ قَهْرَ مَوْلَاهُ زَالَ حَقِيقَةً بِالْبَيْعِ، وَكَانَ إسْلَامُهُ يُوجِبُ إزَالَةَ قَهْرِهِ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ تَعَذَّرَ الْخِطَابُ بِالْإِزَالَةِ فَأُقِيمَ مَا لَهُ أَثَرٌ فِي زَوَالِ الْمِلْكِ مَقَامَ الْإِزَالَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ عَرَضَهُ عَلَى الْبَيْعِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَرَضَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِزَوَالِ مِلْكِهِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ فَفِي هَذِهِ التِّسْعِ صُوَرٍ) أَقُولُ: بَلْ هِيَ إحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْمُسْتَأْمَنُ وَأَدْخَلَهُ دَارَهُمْ إمَّا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ، وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ. اهـ. ح.
قُلْت: مَسْأَلَةُ الِاسْتِيلَاءِ قَدْ عَلِمْت مَا فِيهَا نَعَمْ يُزَادُ مَسْأَلَةُ مَا لَوْ خَرَجَ مُرَاغِمًا لِمَوْلَاهُ (قَوْلُهُ وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ إلَخْ) عَزَاهُ فِي الدُّرَرِ إلَى غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ، وَلَا يَثْبُتُ وَلَاءُ الْعَبْدِ الْخَارِجِ إلَيْنَا مُسْلِمًا لِأَحَدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا عِتْقٌ حُكْمِيٌّ اهـ فَقَدْ خَصَّهُ بِالْخَارِجِ إلَيْنَا. قُلْت: لَكِنَّ الْعُذْرَ لِصَاحِبِ الدُّرَرِ أَنَّ الْعِتْقَ حُكْمِيٌّ فِي الْكُلِّ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ لَوْ قَالَ الْحَرْبِيُّ إلَخْ) الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ صَحَّ فِيهِ الْعِتْقُ بِلَا إعْتَاقٍ وَهَذِهِ بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَصِحَّ فِيهَا مَعَ صَرِيحِ الْإِعْتَاقِ، وَالْمُرَادُ بِالْحَرْبِيِّ مَنْ كَانَ مَنْشَؤُهُ دَارَ الْحَرْبِ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ هُنَاكَ أَوْ بَقِيَ عَلَى حُرِّيَّتِهِ احْتِرَازًا عَنْ مُسْلِمٍ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، فَاشْتَرَى عَبْدًا حَرْبِيًّا فَأَعْتَقَهُ فَالِاسْتِحْسَانُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِلَا تَخْلِيَةٍ وَلَهُ الْوَلَاءُ كَمَا حَرَّرْنَاهُ أَوَّلَ بَابِ الْعِتْقِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ آخِذًا بِيَدِهِ) أَيْ لَمْ يُخْلِ سَبِيلَهُ (قَوْلُهُ لَا يَعْتِقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ وَالْعَبْدُ عِنْدَهُ فَهُوَ مِلْكُهُ، وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ لِصُدُورِ رُكْنِ الْعِتْقِ مِنْ أَهْلِهِ، بِدَلِيلِ صِحَّةِ إعْتَاقِهِ عَبْدًا مُسْلِمًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مَحَلِّهِ لِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ بِبَيَانِهِ) أَيْ بِتَصْرِيحِهِ بِلِسَانِهِ مُسْتَرَقٌّ بِبَنَانِهِ: أَيْ بِيَدِهِ وَهَذَا وَجْهُ قَوْلِ الْإِمَامِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ