الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْ قَصْدِهِ نِسْبَةُ الْوَقْفِ إلَيْهِمْ
[مَطْلَبٌ التَّوْلِيَةُ خَارِجَةٌ عَنْ حُكْمِ سَائِرِ الشَّرَائِطِ]
(أَرَادَ الْمُتَوَلِّي إقَامَةَ غَيْرِهِ مَقَامَهُ فِي حَيَاتِهِ) وَصِحَّتِهِ (إنْ كَانَ التَّفْوِيضُ لَهُ) بِالشَّرْطِ (عَامًّا صَحَّ) وَلَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْوَاقِفُ جَعَلَ لَهُ التَّفْوِيضَ وَالْعَزْلَ (وَإِلَّا) فَإِنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ (لَا) يَصِحُّ وَإِنْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ صَحَّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعَزْلُ وَالتَّفْوِيضُ إلَى غَيْرِهِ كَالْإِيصَاءِ أَشْبَاهٌ.
ــ
[رد المحتار]
يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَصَبَ أَجْنَبِيًّا مَعَ وُجُودِ مَنْ يَصْلُحُ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ يَصِحُّ فَافْهَمْ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ كَوْنَ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ لَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُمْ بِلَا خِيَانَةٍ، وَلَوْ فَعَلَ لَا يَصِيرُ مُتَوَلِّيًا. اهـ. لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ وَكَلَامُنَا عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَوَقَعَ قَرِيبًا مِنْ أَوَاخِرِ كِتَابِ الْوَقْفِ مِنْ الْخَيْرِيَّةِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ فَهِمَ عَدَمَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ لَفْظِ لَا يَجْعَلُ فَتَأَمَّلْ. وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْتَحِقًّا بِالْفِعْلِ بَلْ يَكْفِي كَوْنُهُ مُسْتَحِقًّا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَقْدِيمَ مَنْ ذُكِرَ مَشْرُوطٌ بِقِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ فِيهِ حَتَّى لَوْ كَانَ خَائِنًا يُوَلَّى أَجْنَبِيٌّ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ أَهْلٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوَاقِفُ نَفْسُهُ يُعْزَلُ بِالْخِيَانَةِ فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى. مَطْلَبٌ إذَا قَبِلَ الْأَجْنَبِيُّ النَّظَرَ مَجَّانًا فَلِلْقَاضِي نَصِيبُهُ [تَنْبِيهٌ]
قَدَّمْنَا عَنْ الْبِيرِيِّ عَنْ حَاوِي الْحَصِيرِيِّ عَنْ وَقْفِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ يَتَوَلَّى الْوَقْفَ مِنْ جِيرَانِ الْوَاقِفِ وَقَرَابَتِهِ إلَّا بِرِزْقٍ وَيَقْبَلُ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ بِلَا رِزْقٍ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ الْأَصْلَحَ لِأَهْلِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ قَصْدِهِ) أَيْ قَصْدِ الْوَاقِفِ. وَعِبَارَةُ الْإِسْعَافِ أَوْ لِأَنَّ مِنْ قَصْدِ الْوَاقِفِ نِسْبَةَ الْوَقْفِ إلَيْهِ وَذَلِكَ فِيمَا ذَكَرْنَا.
مَطْلَبٌ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ
(قَوْلُهُ: أَرَادَ الْمُتَوَلِّي إقَامَةَ غَيْرِهِ مَقَامَهُ) أَيْ بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ، أَمَّا بِطَرِيقِ التَّوْكِيلِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِمَرَضِ الْمَوْتِ وَفِي الْفَتْحِ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقُومُ بِمَا كَانَ إلَيْهِ مِنْ أَمْرِ الْوَقْفِ وَيَجْعَلَ لَهُ مِنْ جُعْلِهِ شَيْئًا وَلَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ وَيَسْتَبْدِلَ بِهِ أَوْ لَا يَسْتَبْدِلَ، وَلَوْ جُنَّ انْعَزَلَ وَكِيلُهُ وَيَرْجِعُ إلَى الْقَاضِي فِي النَّصْبِ اهـ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَوَلِّيَ مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي أَوْ الْوَاقِفِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ التَّتِمَّةِ، وَقَالَ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْقُنْيَةِ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يُفَوِّضَ فِيمَا فُوِّضَ إلَيْهِ إنْ عَمَّمَ الْقَاضِي التَّفْوِيضَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي الْمُتَوَلِّي مِنْ جِهَةِ الْقَاضِي فَقَطْ (قَوْلُهُ وَصِحَّتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَرَادَ بِهِ بَيَانَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَيَاةِ مَا قَابَلَ الْمَرَضَ، وَهُوَ الصِّحَّةُ لَا مَا يَشْمَلُهُمَا فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ إنْ كَانَ التَّفْوِيضُ لَهُ بِالشَّرْطِ عَامًّا صَحَّ) لَمْ يَظْهَرْ لِي مَعْنَى قَوْلُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ اشْتِرَاطُ الْوَاقِفِ أَوْ الْقَاضِي ذَلِكَ لَهُ وَقْتَ النَّصْبِ، وَمَعْنَى الْعُمُومِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَنَّهُ وَلَّاهُ وَأَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُسْنِدَهُ وَيُوصِيَ بِهِ إلَى مَنْ شَاءَ فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَجُوزُ التَّفْوِيضُ مِنْهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَفِي حَالَةِ الْمَرَضِ الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ الطَّرَسُوسِيُّ بَحْثًا وَقَالَ بِخِلَافِ الْوَاقِفِ، فَإِنَّ لَهُ عَزْلَ الْقَيِّمِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَالْقَيِّمُ لَا يَمْلِكُهُ كَالْوَكِيلِ إذَا أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِي أَنْ يُوَكِّلَ فَوَكَّلَ حَيْثُ لَمْ يَمْلِكْ الْعَزْلَ وَكَالْقَاضِي إذَا أَذِنَ لَهُ السُّلْطَانُ فِي الِاسْتِخْلَافِ فَاسْتَخْلَفَ شَخْصًا لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ، إلَّا إنْ شَرَطَ لَهُ السُّلْطَانُ الْعَزْلَ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّفْوِيضُ لَهُ عَامًّا لَا يَصِحُّ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّحَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَإِنْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فِي حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا صَحَّ إذَا فَوَّضَ فِي مَرَضِ
قَالَ: وَسُئِلْت عَنْ نَاظِرٍ مُعَيَّنٍ بِالشَّرْطِ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِلْحَاكِمِ فَهَلْ إذَا فَوَّضَ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ يَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ؟ فَأَجَبْت: إنْ فَوَّضَ فِي صِحَّتِهِ فَنَعَمْ، وَإِنْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا مَا دَامَ الْمُفَوَّضُ لَهُ بَاقِيًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ،
ــ
[رد المحتار]
مَوْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّفْوِيضُ لَهُ عَامًّا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ إلَى غَيْرِهِ اهـ وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ عَنْ الْأَشْبَاهِ الْفِعْلُ فِي الْمَرَضِ أَحَطُّ رُتْبَةً مِنْ الْفِعْلِ فِي الصِّحَّةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ إسْنَادِ النَّاظِرِ النَّظَرَ لِغَيْرِهِ بِلَا شَرْطٍ فَإِنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ صَحِيحٌ لَا فِي الصِّحَّةِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَغَيْرِهَا. اهـ. وَوَجْهُهُ مَا عَلِمْته مِنْ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ. وَلَمَّا كَانَ الْوَصِيُّ لَهُ عَزْلُ مَنْ أَوْصَى إلَيْهِ وَنَصْبُ غَيْرِهِ اتَّجَهَ قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْعَزْلُ وَالتَّفْوِيضُ كَالْإِيصَاءِ بِخِلَافِ الْإِسْنَادِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ كَالْوَكِيلِ وَلَا يَمْلِكُ الْوَكِيلُ الْعَزْلَ كَمَا مَرَّ. مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ تَفْوِيضِ النَّاظِرِ النَّظَرَ فِي صِحَّتِهِ وَبَيْنَ فَرَاغِهِ عَنْهُ [تَنْبِيهٌ]
صَرَّحُوا بِصِحَّةِ الْفَرَاغِ عَنْ النَّظَرِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْوَظَائِفِ، وَأَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِسُقُوطِ حَقِّ الْفَارِغِ بِمُجَرَّدِ فَرَاغِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يُتَابَعْ عَلَى ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْرِيرِ الْقَاضِي كَمَا قَدَّمْنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَيُنْزَعُ لَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا شَامِلٌ لِلْفَرَاغِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، فَيُنَافِي مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ التَّفْوِيضِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ بِلَا تَعْمِيمٍ، وَتَوَقَّفْت فِي ذَلِكَ مُدَّةً وَظَهَرَ لِي الْآنَ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْفَرَاغَ مَعَ التَّقْرِيرِ مِنْ الْقَاضِي عَزْلٌ لَا تَفْوِيضٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ: إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَنْصِبُ غَيْرَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ نَفْسِهِ مَا لَمْ يُبْلِغْ الْقَاضِيَ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ عَزْلِ نَفْسِهِ الْفَرَاغُ عَنْ وَظِيفَةِ النَّظَرِ لِرَجُلٍ عِنْدَ الْقَاضِي إلَخْ، فَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُمْ هُنَا لَا يَصِحُّ إقَامَةُ الْمُتَوَلِّي غَيْرَهُ مُقَامَهُ فِي حَيَاتِهِ وَصِحَّتِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْقَاضِي. وَأَمَّا لَوْ كَانَ عِنْدَ الْقَاضِي كَانَ عَزْلًا لِنَفْسِهِ وَتَقْرِيرُ الْقَاضِي لِلْغَيْرِ نَصْبٌ جَدِيدٌ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْفَرَاغِ بِعَيْنِهَا وَبِهَذَا يَتَّجِهُ عَدَمُ سُقُوطِ حَقِّ الْفَارِغِ قَبْلَ تَقْرِيرِ الْقَاضِي، خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ إذْ لَوْ سَقَطَ قَبْلَهُ انْتَقَضَ قَوْلُهُمْ لَا تَصِحُّ إقَامَتُهُ فِي صِحَّتِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ تَقْرِيرِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ بَعْدَهُ يَصِيرُ عَزْلًا لِنَفْسِهِ عَنْ الْوَظِيفَةِ. وَلَا يَرِدُ أَنَّ الْعَزْلَ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ عِلْمِ الْقَاضِي كَمَا مَرَّ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْرِيرِ لِأَنَّ الْفَرَاغَ عَزْلٌ خَاصٌّ مَشْرُوطٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِعَزْلِ نَفْسِهِ إلَّا لِتَصِيرَ الْوَظِيفَةُ لِمَنْ نَزَلَ لَهُ عَنْهَا فَإِذَا قَرَّرَ الْقَاضِي الْمَنْزُولَ لَهُ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ فَتَحَقَّقَ الْعَزْلُ وَبِهَذَا تُجْمَعُ كَلِمَاتُهُمْ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ فَرِيدٌ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ صَاحِبُ الْأَشْبَاهِ (قَوْلُهُ: فَأَجَبْتُ إنْ فَوَّضَ إلَخْ) أَيْ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ آنِفًا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ حَالِ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، لَكِنْ فِيهِ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْوَاقِفِ عَدَمُ الْإِذْنِ بِإِقَامَةِ غَيْرِهِ مُقَامَهُ لَا فِي الصِّحَّةِ وَلَا فِي الْمَرَضِ حَيْثُ شُرِطَ انْتِقَالُهُ مِنْ بَعْدِهِ لِلْحَاكِمِ وَكَذَا نَقَلَ الْحَمَوِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ انْتِقَالُهُ لِلْحَاكِمِ وَلَوْ فَوَّضَ فِي مَرَضِهِ
وَعَنْ وَاقِفٍ شَرَطَ مُرَتَّبًا لِرَجُلٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَفَرَغَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ هَلْ يَنْتَقِلُ لِلْفُقَرَاءِ؟ فَأَجَبْت: بِالِانْتِقَالِ وَفِيهَا لِلْوَاقِفِ عَزْلُ النَّاظِرِ مُطْلَقًا، بِهِ يُفْتَى، وَلَمْ أَرَ حُكْمَ عَزْلِهِ لِمُدَرِّسٍ وَإِمَامٍ وَلَّاهُمَا،
ــ
[رد المحتار]
لِأَنَّ فِي التَّفْوِيضِ تَفْوِيتَ الْعَمَلِ بِالشَّرْطِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ مِنْ الْوَاقِفِ اهـ وَنَقَلَ السَّيِّدُ أَبُو السُّعُودِ: أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِمَّا لَمْ يُطَّلَعْ عَلَى نَصٍّ فِيهَا. اهـ. مَطْلَبٌ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ لِزَيْدٍ لَيْسَ لِعَبْدِ اللَّهِ أَنْ يُفَوِّضَ لِرَجُلٍ آخَرَ
قُلْت: بَلْ هِيَ مَنْصُوصَةٌ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ عَنْ أَوْقَافِ هِلَالٍ، وَنَصُّهُ: إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ وِلَايَةَ هَذِهِ الصَّدَقَةِ إلَى عَبْدِ اللَّهِ وَمِنْ بَعْدِ عَبْدِ اللَّهِ إلَى زَيْدٍ فَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ أَيَكُونُ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةٌ مَعَ زَيْدٍ قَالَ لَا يَجُوزُ لَهُ وِلَايَةٌ مَعَ زَيْدٍ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: فَمَاتَ عَبْدُ اللَّهِ وَأَوْصَى إلَى رَجُلٍ يَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ فِي الْمَرَضِ فَمَا قِيلَ إنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الصِّحَّةِ فَلَا يُنَافِي مَا فِي الْأَشْبَاهِ مَرْدُودٌ، بَلْ الْعَمَلُ بِالْمُتَبَادِرِ مِنْ الْمَنْقُولِ مَا لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ، وَلَمْ يَسْتَنِدْ فِي الْأَشْبَاهِ إلَى نَقْلٍ حَتَّى يُعْدَلَ عَنْ هَذَا الْمَنْقُولِ الْوَاجِبِ الْعَمَلُ بِهِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى نَصِّ الْوَاقِفِ، وَهَذَا مَا حَرَّرَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ النَّابْلُسِيُّ رَادًّا عَلَى الْأَشْبَاهِ، وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ الْحَانُوتِيُّ أَيْضًا فِيمَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ فَفَوَّضَ الْأَرْشَدُ لِزَوْجِ بِنْتِهِ وَمَاتَ فَقَالَ يَنْتَقِلُ لِمَنْ بَعْدَهُ عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ، وَتَمَامُهُ فِي فَتَاوَاهُ. وَفِي فَتَاوَى الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ: التَّفْوِيضُ الْمُخَالِفُ لِشَرْطِ الْوَاقِفِ لَا يَصِحُّ فَإِذَا شَرَطَ لِلْأَرْشَدِ فَفَوَّضَ الْأَرْشَدُ فِي الْمَرَضِ لِغَيْرِ الْأَرْشَدِ وَظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ يُوَلِّي الْقَاضِي الْأَرْشَدَ اهـ وَقَوْلُهُ: وَظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ أَيْ خِيَانَةُ الْمُفَوِّضِ حَيْثُ خَالَفَ فِي تَفْوِيضِ ذَلِكَ شَرْطَ الْوَاقِفِ، وَمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ أَنَّ مُخْتَارَ الْأَرْشَدِ أَرْشَدُ قَدَّمْنَا رَدَّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُنْزَعُ لَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ إلَخْ وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي كِتَابِنَا تَنْقِيحِ الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ (قَوْلُهُ: شَرَطَ مُرَتَّبًا) أَيْ رَتَّبَ لَهُ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ دَرَاهِمَ أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ فِي الْأَشْبَاهِ. مَطْلَبٌ لِلْوَاقِفِ عَزْلُ النَّاظِرِ
(قَوْلُهُ: لِلْوَاقِفِ عَزْلُ النَّاظِرِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ بِجُنْحَةٍ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ شَرَطَ لَهُ الْعَزْلَ أَوْ لَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ وَخَالَفَهُ مُحَمَّدٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ: أَيْ لِأَنَّهُ وَكِيلُ الْفُقَرَاءِ عِنْدَهُ، وَأَمَّا عَزْلُ الْقَاضِي لِلنَّاظِرِ فَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُنْزَعُ لَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى) وَاَلَّذِي فِي التَّجْنِيسِ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَيْ بِعَدَمِ الْعَزْلِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَجَزَمَ بِهِ فِي تَصْحِيحِ الْقُدُورِيِّ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ وَكَذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ أَيْ ابْنُ نُجَيْمٍ فِي رَسَائِلِهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ الِاخْتِلَافِ فِي الِاخْتِيَارِ. اهـ. بِيرِيٌّ أَيْ فِيهِ اخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ.
قُلْت: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهُ شَرْطٌ عَنْ مُحَمَّدٍ فَلَا تَبْقَى لِلْوَاقِفِ وِلَايَةٌ إلَّا بِالشَّرْطِ، وَغَيْرُ شَرْطٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَتَبْقَى وِلَايَتُهُ فَاخْتِلَافُ التَّصْحِيحِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِ هُنَاكَ. مَطْلَبٌ فِي عَزْلِ الْوَاقِفِ الْمُدَرِّسَ وَالْإِمَامَ وَعَزْلِ النَّاظِرِ نَفْسَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ عَزْلِهِ لِمُدَرِّسٍ وَإِمَامٍ وَلَا هُمَا) أَقُولُ: وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُدَرِّسَ كَذَلِكَ بِلَا فَرْقٍ. فَفِي لِسَانِ الْحُكَّامِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: إذَا عَرَضَ لِلْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ عُذْرٌ مَنَعَهُ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لِلْمُتَوَلِّي أَنْ يَعْزِلَهُ وَيُوَلِّيَ غَيْرَهُ، وَتَقَدَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ عَزْلِهِ إذَا مَضَى شَهْرٌ بِيرِيٌّ. أَقُولُ: إنَّ هَذَا الْعَزْلَ لِسَبَبٍ مُقْتَضٍ وَالْكَلَامُ عِنْدَ عَدَمِهِ ط.
وَلَوْ لَمْ يَجْعَلْ نَاظِرًا فَنَصَبَ الْقَاضِي لَمْ يَمْلِكْ الْوَاقِفُ إخْرَاجَهُ، وَلَوْ عَزَلَ النَّاظِرُ نَفْسَهُ إنْ عَلِمَ الْوَاقِفُ أَوْ الْقَاضِي صَحَّ وَإِلَّا لَا.
(بَاعَ دَارًا) ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ (ثُمَّ ادَّعَى أَنِّي كُنْتُ وَقَفْتُهَا أَوْ قَالَ وُقِفَ عَلَيَّ لَمْ تَصِحَّ) فَلَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي (وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً) أَوْ أَبْرَزَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً (قُبِلَتْ) فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِيهِ لَا فِي الْمِلْكِ لَوْ اُسْتُحِقَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ بَزَّازِيَّةٌ وَغَيْرُهَا، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهُ بِالثَّمَنِ مُنْيَةٌ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ السَّبْعِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ قَوْلِهِمْ: مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ. -
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُؤَيَّدَةِ التَّصْرِيحَ بِالْجَوَازِ لَوْ غَيْرُهُ أَصْلَحُ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الْبَحْرِ حُكْمَ عَزْلِ الْقَاضِي الْمُدَرِّسَ وَنَحْوَهُ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِجُنْحَةٍ وَعَدَمِ أَهْلِيَّةٍ (قَوْلُهُ: فَنَصَبَ الْقَاضِي) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ فَنَصَبَ الْقَاضِي لَهُ قَيِّمًا وَقَضَى بِقِوَامَتِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَضَاءَ شَرْطٌ لِعَدَمِ إخْرَاجِ الْوَاقِفِ لَهُ. وَذَكَرَ الْبِيرِيُّ أَنَّ مَنْصُوبَ الْوَاقِفِ كَذَلِكَ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِقِوَامَتِهِ لَا يَمْلِكُ الْوَاقِفُ إخْرَاجَهُ وَعَزَاهُ لِلْأَجْنَاسِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ الْوَاقِفُ أَوْ الْقَاضِي صَحَّ) فَهُوَ كَالْوَكِيلِ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَى عَزْلِ نَفْسِهِ وَفَرَاغِهِ لِآخَرَ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِلَا عَزْلٍ لَكِنْ فِي الْأَشْبَاهِ فِي بَحْثِ مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ قَالَ وَفِي الْقُنْيَةِ النَّاظِرُ الْمَشْرُوطُ لَهُ النَّظَرُ إذَا عَزَلَ نَفْسَهُ لَا يَنْعَزِلُ إلَّا أَنْ يُخْرِجَهُ الْوَاقِفُ أَوْ الْقَاضِي اهـ تَأَمَّلْ.
مَطْلَبٌ فِيمَنْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ) لَيْسَ هَذَا قَيْدٌ بَلْ ذَكَرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي قَبُولِ الْبَيِّنَةِ بَيْنَ بَقَائِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَوْ خُرُوجِهِ عَنْهَا إلَى آخَرَ أَوْ لِأَنَّهُ صُورَةُ وَاقِعَةٍ سُئِلَ عَنْهَا ابْنُ نُجَيْمٍ فِيمَنْ يَمْلِكُ عَقَارًا فَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ مُدَّةُ سِنِينَ ثُمَّ أَظْهَرَ الْبَائِعُ مَكْتُوبًا شَرْعِيًّا بِإِيقَافِ الْعَقَارِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَأَجَابَ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَإِذَا ثَبَتَ بَطَلَ الْبَيْعُ اهـ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ وَقِفَ عَلَيَّ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْوَاقِفَ أَوْ غَيْرُهُ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ تَصِحَّ) أَيْ الدَّعْوَى لِلتَّنَاقُضِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ التَّحْلِيفَ يَتَرَتَّبُ عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ أَفَادَهُ فِي الْهِنْدِيَّةِ ط (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْرَزَ حُجَّةً شَرْعِيَّةً) أَيْ كِتَابَ وَقْفٍ لَهُ أَصْلٌ فِي دِيوَانِ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ، كَمَا قَدَّمْنَا عِنْدَ قَوْلِهِ: وَتُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً لَا الدَّعْوَى إلَخْ
وَفِي الْقُنْيَةِ: أَمَّا الْكِتَابُ الشَّرْعِيُّ الَّذِي وُجِدَ فِي يَدِ الْخَصْمِ هَلْ يَدْفَعُ الدَّعْوَى وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَدْفَعُ وَيَعْمَلُ الْقُضَاةُ بِكِتَابِ الْقُضَاةِ الْمَاضِينَ اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْوَقْفِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: قُبِلَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ الدَّعْوَى وَإِنْ بَطَلَتْ لِلتَّنَاقُضِ بَقِيَتْ الشَّهَادَةُ، وَهِيَ مَقْبُولَةٌ فِي الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى هِنْدِيَّةٌ ط (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ أَجْرُ الْمِثْلِ فِيهِ) أَيْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ مَنَافِعَ الْوَقْفِ مَضْمُونَةٌ وَإِنْ كَانَتْ بِشُبْهَةِ مِلْكٍ كَمَا مَرَّ وَقَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ (قَوْلُهُ: لَا فِي الْمِلْكِ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ كَالْوَقْفِ، وَأَمَّا الْمُعَدُّ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ أَيْضًا لَكِنَّهُ إذَا سَكَنَهُ بِتَأْوِيلِ مِلْكٍ كَسُكْنَى شَرِيكٍ أَوْ مُشْتَرٍ أَوْ بِتَأْوِيلِ عَقْدِ رَهْنٍ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِخِلَافِ عَقَارِ الْوَقْفِ أَوْ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ مُطْلَقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهُ بِالثَّمَنِ) لِأَنَّ الْحَبْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ وَالْوَقْفُ لَا يُرْهَنُ ط. مَطْلَبٌ مَنْ سَعَى فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ فَسَعْيُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي تِسْعِ مَسَائِلَ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ إحْدَى الْمَسَائِلِ السَّبْعِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَضَاءِ الْأَشْبَاهِ أَنَّهَا تِسْعٌ: الْأُولَى: اشْتَرَى عَبْدًا قَبَضَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ قَبْلَهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِكَذَا وَبَرْهَنَ يُقْبَلُ لِأَنَّهُ بَرْهَنَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِلْكُ
وَاعْتَمَدَهُ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى وَقْفًا مَحْكُومًا بِلُزُومِهِ قُبِلَ وَإِلَّا لَا وَهُوَ تَفْصِيلٌ حَسَنٌ اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ، لَكِنْ اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ آخِرَ الْكِتَابِ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَغَيْرِهِ: وَفِي الْعِمَادِيَّةِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَصَوَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ قَالَ: وَهُوَ أَحْوَطُ. وَفِي دَعْوَى الْمَنْظُومَةِ الْمُحِبِّيَّةِ وَهَذَا فِي وَقْفٍ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى الْعِبَادِ لَمْ يَجُزْ.
قُلْت: قَدْ قَدَّمْنَا قَبُولَهَا مُطْلَقًا لِثُبُوتِ أَصْلِهِ لِمَآلِهِ لِلْفُقَرَاءِ فَتَدَبَّرْ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ: نَعَمْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ
ــ
[رد المحتار]
الْغَائِبِ. الثَّانِيَةُ: وَهَبَ جَارِيَةً وَاسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ ادَّعَى الْوَاهِبُ أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا أَوْ اسْتَوْلَدَهَا وَبَرْهَنَ يُقْبَلُ وَيَسْتَرِدُّهَا وَالْعُقْرَ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِيمَا هُوَ مِنْ حُقُوقُ الْحُرِّيَّةِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ وَنَدِمَ. الثَّالِثَةُ: بَاعَهُ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ. وَفِي الْفَتْحِ التَّنَاقُضُ لَا يَضُرُّ فِي الْحُرِّيَّةِ وَفُرُوعِهَا اهـ وَظَاهِرُهُ قَبُولُ دَعْوَى الْبَائِعِ التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ فَالْهِبَةُ مِثَالُ الرَّابِعَةِ: اشْتَرَى أَرْضًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ بَائِعَهَا كَانَ جَعَلَهَا مَقْبَرَةً أَوْ مَسْجِدًا الْخَامِسَةُ: اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ أَعْتَقَهُ وَبَرْهَنَ يُقْبَلُ عِنْدَ الثَّانِي لَا عِنْدَهُمَا السَّادِسَةُ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ السَّابِعَةُ: بَاعَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ ثُمَّ ادَّعَى الْغَبْنَ الْفَاحِشَ إلَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، الثَّامِنَةُ: إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ ثُمَّ ادَّعَى كَذَلِكَ. التَّاسِعَةُ: الْمُتَوَلِّي عَلَى الْوَقْفِ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ: وَكَذَا كُلُّ مَنْ بَاعَ ثُمَّ ادَّعَى الْفَسَادَ وَشَرَطَ الْعِمَادِيُّ التَّوْفِيقَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ وَذَكَرَ فِيهَا اخْتِلَافًا اهـ مَا فِي الْأَشْبَاهِ مُلَخَّصًا مَعَ زِيَادَةٍ. مَطْلَبٌ بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَقْفٌ
(قَوَّاهُ وَاعْتَمَدَ فِي الْفَتْحِ وَالْبَحْرِ إلَخْ) أَيْ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ كِتَابِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ فِي الْفَتْحِ جَزَمَ بِهِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ بَاعَ عَقَارًا ثُمَّ بَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْوَقْفِ لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ، وَلَوْ بَرْهَنَ أَنَّهُ وَقْفٌ مَحْكُومٌ بِلُزُومِهِ يُقْبَلُ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ فِي مَتْنِهِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ هُنَا: يَنْبَغِي أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ فِي الْإِفْتَاءِ وَالْقَضَاءِ اهـ. قَالَ ط: وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لَا عَلَى الْمُفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ يَتِمُّ بِلَفْظِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ اهـ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ يَلْزَمُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَيْضًا إذَا كَانَ مُضَافًا إلَى الْمَوْتِ أَوْ كَانَ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْعِمَادِيَّةِ لَا تُقْبَلُ إلَخْ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ عَلَى الْمُخْتَارِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ. وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ تُقْبَلُ الْبَيِّنَةُ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَهُ الزَّيْلَعِيُّ) حَيْثُ قَالَ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ تُقْبَلُ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَحْوَطُ (قَوْلُهُ: قُلْت قَدْ قَدَّمْنَا) أَيْ عَنْ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ ابْتِدَاءً أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ هُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدَّمْنَا تَمَامَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ) يَعْنِي الدَّعْوَى الْمَقْرُونَةَ بِالْبَيِّنَةِ أَمَّا الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَلَا تُسْمَعُ حَتَّى لَا يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ بِعَدَمِ سَمَاعِهَا فِي الصَّحِيحِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمُعْتَمَدَ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ دُونَ الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَتْنِ هُنَا وَقَدَّمْنَا عَنْ شَرْحِهِ تَرْجِيحَهُ. وَفِي الْخَيْرِيَّةِ أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَكِنْ إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْوَقْفَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَتُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ الدَّعْوَى وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمُسَجَّلِ فَتُقْبَلُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَلَا تُقْبَلُ وَالْأَصَحُّ مَا قَدَّمْنَا أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ وَقْفٌ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ اهـ وَقَالَ