الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَثُلُثٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَالْكَسْرُ أَجْوَدُ، وَالرِّطْلُ اثْنَا عَشَرَ أُوقِيَّةً، وَالْأُوقِيَّةُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثَانِ، وَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ الشَّعِيرِ الْوَسَطِ (وَتَطَهَّرَ) أَيْ «اغْتَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِصَاعٍ» وَهُوَ) أَيْ وَزْنُهُ (أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّهِ عليه الصلاة والسلام) فَهُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ بِالرِّطْلِ الْمَذْكُورِ، وَأَصْلُ الْحَدِيثِ فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالُوا: وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْإِخْبَارُ عَنْ فَضِيلَةِ الِاقْتِصَادِ وَتَرْكِ الْإِسْرَافِ وَعَنْ الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يَكْفِيهِ عليه الصلاة والسلام؛ لِأَنَّهُ حَدٌّ لَا يُجْزِئُ مَا دُونَهُ
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمِيَاهِ وَمَا تَبَرَّعَ بِهِ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ وَبَدَأَ بِالْبُقْعَةِ عَكْسَ مَا فِي التَّرْجَمَةِ فَقَالَ: (وَطَهَارَةُ الْبُقْعَةِ) الَّتِي تَمَاسُّهَا أَعْضَاءُ الْمُصَلِّي (لِ) أَجْلِ (الصَّلَاةِ وَاجِبَةٌ) وَيُرْوَى وَاجِبٌ بِإِسْقَاطِ التَّاءِ عَلَى تَقْدِيرِ أَمْرٍ (وَكَذَلِكَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ) وَاجِبَةٌ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، وَانْظُرْ لِمَ يَذْكُرْ طَهَارَةَ الْبَدَنِ، وَهِيَ أَيْضًا وَاجِبَةٌ لِلصَّلَاةِ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى الْوُجُوبِ الْمَذْكُورِ (فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِيهِمَا) أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
بَعْدَ الِاسْتِنْجَاءِ قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ اُنْظُرْ قَوْلَهُ يَتَوَضَّأُ عَلَى هَذَا حِينَ تَوَضَّأَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا الْجُزُولِيُّ لَمْ أَرَ نَصًّا فِيهِ.
[قَوْلُهُ: وَتَطَهَّرَ] أَيْ اغْتَسَلَ بَعْدَ زَوَالِ الْأَذَى كَمَا فِي تت [قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ] أَيْ بِالْحَدِيثِ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الْمُرَاعَى الْقَدْرُ الْكَافِي لِكُلِّ أَحَدٍ، وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ.
[قَوْلُهُ: مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ عِبَارَتِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَعِبَارَةِ غَيْرِهِ إلَّا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِحَدٍّ مُعَيَّنٍ، وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ مُدٍّ وَالْمُقَابِلُ لَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ شَعْبَانَ الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ فِي الْوُضُوءِ وَلَا أَقَلُّ مِنْ صَاعٍ فِي الْغُسْلِ.
[قَوْلُهُ: عَنْ فَضِيلَةِ الِاقْتِصَادِ] أَيْ أَنَّهُ الْأَمْرُ الْمَطْلُوبُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ، وَقَوْلُهُ وَتَرْكِ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاقْتِصَادِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَاعَى كَمَا فِي عج الْقَدْرُ الْكَافِي لِكُلِّ أَحَدٍ.
وَقَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: إذَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا تَحْدِيدَ فِي قَدْرِ مَا يُتَطَهَّرُ بِهِ فَالْمُسْتَحَبُّ لِمَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِسْبَاغِ أَنْ يُقَلِّلَ الْمَاءَ وَلَا يَسْتَعْمِلَ زِيَادَةً عَلَى الْإِسْبَاغِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ السَّرَفِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ اهـ.
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ مُدٍّ قَالَهُ عج [قَوْلُهُ: وَعَنْ الْقَدْرِ الَّذِي إلَخْ] مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَنْ فَضِيلَةِ إلَخْ، وَفَائِدَةُ الْإِخْبَارِ عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يَكْفِيهِ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِي التَّقْلِيلِ، وَإِنْ تَعَسَّرَ عَلَيْهِ كَوْنُهُ مِثْلَ الْمُصْطَفَى فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى أَوْ مُجَرَّدَ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: لَا أَنَّهُ حَدٌّ لَا يُجْزِئُ مَا دُونَهُ] أَيْ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ فَإِنَّهُ يَقُولُ الْمُرَادُ بِهِ أَيْ بِالْحَدِيثِ أَنَّ الْمُدَّ وَالصَّاعَ قَدْرٌ لَا يُجْزِئُ مَا دُونَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
[بَاب طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ]
[قَوْلُهُ: وَبَدَأَ بِالْبُقْعَةِ عَكْسَ مَا فِي التَّرْجَمَةِ] فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الْمُرَتَّبِ لِوُجُودِ فَصْلٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْمُرَتَّبِ فَفِيهِ فَصْلَانِ.
[قَوْلُهُ: وَطَهَارَةُ الْبُقْعَةِ] أَيْ تَطْهِيرُهَا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَّصِفُ بِالْوُجُوبِ أَوْ السُّنِّيَّةِ.
[قَوْلُهُ: الَّتِي تَمَاسُّهَا أَعْضَاءُ الْمُصَلِّي] اُحْتُرِزَ عَنْ الْمُومِئِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَهَارَةُ مَوْضِعِ قَدَمَيْهِ لَا طَهَارَةُ مَا يُومِئُ إلَيْهِ، وَإِنْ أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ عَسْرَ عِمَامَتِهِ حَالَ الْإِيمَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَائِلَ مَانِعٌ مِنْ فَرْضٍ مُجْمَعٍ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْمَوْضِعِ فَإِنَّ أَمْرَهَا خَفِيفٌ لِلْخِلَافِ فِي زَوَالِ النَّجَاسَةِ [قَوْلُهُ: لِأَجْلِ الصَّلَاةِ إلَخْ] أَيْ الطَّهَارَةُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ، وَأَمَّا طَهَارَةُ الْبُقْعَةِ لَا لِلصَّلَاةِ كَذِكْرٍ وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، فَمَنْدُوبٌ كَذَا ظَهَرَ لِي، وَأَمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُبَاحٌ وَحَرَّرَهُ.
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ] أَيْ مَحْمُولُ الْمُصَلِّي وَلَوْ طَرَفَ عِمَامَتِهِ الْمُلْقَى بِالْأَرْضِ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا.
[قَوْلُهُ: وَاجِبَةٌ] تَوْضِيحٌ لِلْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ كَذَلِكَ، وَقَوْلُهُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ أَيْ، وَأَمَّا لِغَيْرِهَا فَيُقَالُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا يَظْهَرُ.
[قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ طَهَارَةَ الْبَدَنِ إلَخْ] أَجَابَ ابْنُ عُمَرَ بِقَوْلِهِ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهَا اكْتِفَاءً بِمَا يَذْكُرُهُ فِي الِاسْتِجْمَارِ.
وَقَالَ ابْنُ نَاجِي: لِأَنَّ كَلَامَهُ دَلَّ عَلَيْهَا مِنْ بَابِ أَحْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَى الْخِلَافَ فِي الْمَذْكُورَيْنِ وَهُمَا خَارِجَانِ عَنْ الْبَدَنِ فَالدَّاخِلُ فِيهِ أَحْرَى، وَانْظُرْ لِمَ جَعَلَ طَهَارَةَ الْبُقْعَةِ أَصْلًا وَحَمَلَ طَهَارَةَ الثَّوْبِ عَلَيْهَا؟ فَهَلْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا؟ بَلْ رُبَّمَا كَانَتْ الطَّهَارَةُ فِي الثَّوْبِ آكِدًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ بِطَرَفِهِ الْآخَرِ نَجَاسَةٌ لَا تَمَاسُّ وَلَا
الْبُقْعَةِ وَالثَّوْبِ وَكَذَلِكَ الْبَدَنُ (وَاجِبٌ وُجُوبَ الْفَرَائِضِ) يَعْنِي مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ دُونَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ (وَقِيلَ) : إنَّ ذَلِكَ فِيهِمَا وَفِي الْبَدَنِ وَاجِبٌ (وُجُوبَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ) وَقَدْ شُهِرَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ صَلَّى بِالنَّجَاسَةِ مُتَعَمِّدًا قَادِرًا عَلَى إزَالَتِهَا أَعَادَ أَبَدًا، وَإِنْ صَلَّى بِهَا نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ، وَعَلَى الثَّانِي يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا، وَالْوَقْتُ فِي الظُّهْرَيْنِ إلَى الِاصْفِرَارِ، وَفِي الْعِشَاءَيْنِ اللَّيْلُ كُلُّهُ، وَفِي الصُّبْحِ إلَى الْإِسْفَارِ الْبَيِّنِ.
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ طَهَارَةَ الْبُقْعَةِ وَاجِبَةٌ لِلصَّلَاةِ نَبَّهَ عَلَى مَوَاضِعِ نَهْيِ الشَّارِعِ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فَقَالَ: (وَيُنْهَى عَنْ الصَّلَاةِ) لَوْ قَالَ: وَنُهِيَ لَكَانَ أَوْلَى لِتَقَدُّمِ النَّهْيِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلِيُوَافِقَ لَفْظَ الْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ: عَنْ الْمَجْزَرَةِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَقْبُرَةِ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ
ــ
[حاشية العدوي]
يُصَلِّي بِثَوْبٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ تَمَسَّ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ التَّشْبِيهَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ حَتَّى يُدْخِلَ الْآكَدِيَّةِ، بَلْ الْمُرَادُ التَّشْبِيهُ فِي الْوُجُوبِ فَقَطْ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَهِيَ أَيْضًا وَاجِبَةٌ لِلصَّلَاةِ] وَأَمَّا لِغَيْرِ الصَّلَاةِ فَمَنْدُوبٌ فَإِزَالَتُهَا عَنْ بَدَنِهِ حَيْثُ تَمْنَعُ الطَّهَارَةَ فَرْضٌ، وَحَيْثُ لَا تَمْنَعُهَا مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ يُكْرَهُ لُبْسُ الثَّوْبِ النَّجِسِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَعْرَقُ فِيهِ اهـ، وَقِيلَ تَجِبُ إزَالَتُهَا وَيُحَرَّمُ بَقَاؤُهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ.
تَنْبِيهٌ:
إذَا لَبِسَ ثَوْبًا مُتَنَجِّسًا وَعَرِقَ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ، فَإِنْ كَانَ يَتَحَلَّلُ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ وَيَلْتَصِقُ بِالْجَسَدِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ الْعَرَقُ، فَيَجِبُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ الْمُتَحَلِّلَةِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَحَلَّلْ شَيْءٌ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ فِي الْجَسَدِ فَلَا يَجِبُ غَسْلٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ بَوْلًا أَوْ مَنِيًّا وَفَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَحَلُّلُ شَيْءٍ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ذَكَرَهُ بَعْضٌ.
[قَوْلُهُ: وَاجِبٌ وُجُوبَ الْفَرَائِضِ] أَرَادَ بِالْوُجُوبِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ فَيَشْمَلُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ عَنْ ثِيَابِ الصَّبِيِّ لَا مَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّقَانِيُّ [قَوْلُهُ: الْمُؤَكَّدَةِ إلَخْ] الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِأَيْ فَيَقُولَ أَيْ الْمُؤَكَّدَةِ تَفْسِيرًا لِكَوْنِ السُّنَّةِ وَاجِبَةً، أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ السُّنَنِ وَاجِبَةً أَنَّهَا مُتَأَكِّدَةٌ [قَوْلُهُ: وَقَدْ شُهِرَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ] أَمَّا الْقَوْلُ بِالسُّنِّيَّةِ فَهُوَ لِمَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا أَبَا الْفَرَجِ وَرِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فَإِنَّهُمَا يَقُولَانِ إنَّهَا وَاجِبَةٌ مُطْلَقًا، وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَلَا الشَّارِحُ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ مَعَ الذِّكْرِ دُونَ النِّسْيَانِ فَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ [قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ سَوَاءٌ صَلَّى بِهَا مُتَعَمِّدًا أَوْ قَادِرًا عَلَى إزَالَتِهَا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا، هَكَذَا فُسِّرَ الْإِطْلَاقُ، وَهُوَ مُفَادُ مَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ قَالَ عج عَلَى خَلِيلٍ، وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْ أَحَدٍ الْقَوْلُ بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّسْيَةِ اهـ، وَعَلَى ذَلِكَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُوَافِقًا لِمَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ، يُؤْذِنُ بِأَنَّ قَيْدَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ فَقَطْ وَذَكَرَ الزَّرْقَانِيُّ عَلَى خَلِيلٍ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْقَوْلَيْنِ مُدَّعِيًا أَنَّ الْمَوَّاقَ يُفِيدُهُ.
[قَوْلُهُ: وَالْوَقْتُ فِي الظُّهْرَيْنِ لِلِاصْفِرَارِ] فِيهِ أَنَّ الْقِيَاسَ إعَادَتُهُمَا لِلْغُرُوبِ كَمَا أَنَّ الْعِشَاءَيْنِ يُعَادَانِ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ إنَّمَا هِيَ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِحْبَابِ فَأَشْبَهَتْ التَّنَفُّلَ، فَكَمَا لَا يَتَنَفَّلُ إذَا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ فَكَذَلِكَ لَا يُعِيدُ فِيهِ مَا يُعَادُ فِي الْوَقْتِ، وَكُلَّمَا جَازَ التَّنَفُّلُ فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ جَازَتْ الْإِعَادَةُ فِيهِ، وَقَدْ يُرَدُّ أَنْ يُقَالَ حَيْثُ جَوَّزْتُمْ الْإِعَادَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَتُجَوِّزُونَهَا فِي الِاصْفِرَارِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُنْهَى فِيهِ عَنْ التَّنَفُّلِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ بَعْدَ الْعَصْرِ يُتَنَفَّلُ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ.
[قَوْلُهُ: وَفِي الصُّبْحِ إلَى الْإِسْفَارِ الْبَيِّنِ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصُّبْحُ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ تُعَادَ الظُّهْرُ أَنْ لِلْغُرُوبِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِأَنَّ مُخْتَارَهَا لِلطُّلُوعِ.
[قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ النَّهْيِ] أَجَابَ الْفَاكِهَانِيُّ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُضَارِعِ يُشْعِرُ بِدَوَامِ اسْتِمْرَارِ النَّهْيِ وَتَجَدُّدِهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَطَرَّقْ إلَيْهِ النَّسْخُ، بِخِلَافِ صِيغَةِ الْمَاضِي فَإِنَّهَا مُشْعِرَةٌ بِالِانْقِرَاضِ دُونَ التَّجَدُّدِ [قَوْلُهُ: وَلِيُوَافِقَ لَفْظَ الْحَدِيثِ] أَيْ مِنْ حَيْثُ التَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي، وَإِنْ
وَالْحَمَّامِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ» ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ السَّبْعَةَ وَزَادَ وَاحِدًا يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَأَتَى بِهَا غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ، وَالْحُكْمُ فِيهَا مُخْتَلِفٌ وَنَحْنُ نُبَيِّنُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى تَرْتِيبِ مَا ذَكَرَ فَنَقُولُ: أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ (فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ) جَمْعُ مَعْطِنٍ أَوْ عَطَنٍ، وَهُوَ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهِمَا عِنْدَ صُدُورِهَا مِنْ الْمَاءِ فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ الْمَشْهُورُ وَلَوْ أَمِنَ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ بَسَطَ شَيْئًا طَاهِرًا وَصَلَّى عَلَيْهِ فَلَا كَرَاهَةَ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَخَالَفَ وَصَلَّى فَهَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا أَعْنِي عَامِدًا كَانَ أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ يُعِيدُ النَّاسِي خَاصَّةً فِي الْوَقْتِ وَالْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ أَبَدًا؟ قَوْلَانِ.
(وَ) أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي (مَحَجَّةِ الطَّرِيقِ) وَهِيَ قَارِعَتُهَا وَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ (وَ) أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى (ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ) أَيْ الْكَعْبَةِ فَنَهْيُ تَحْرِيمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَمَنْ صَلَّى عَلَى ظَهْرِهَا فَرْضًا أَعَادَ أَبَدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبِنَائِهَا.
ج: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ جَائِزَةٌ
ــ
[حاشية العدوي]
كَانَ يُقْرَأُ فِي الْمُصَنِّفِ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَفِي الْحَدِيثِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ.
[قَوْلُهُ: وَفَوْقَ ظَهْرِ إلَخْ] أَتَى بِذِكْرِ ظَهْرِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ كَرَاهَتِهَا عَلَى مَوْضِعٍ هُوَ أَعْلَى مِنْ الْبَيْتِ كَأَبِي قُبَيْسٍ تت، وَعَلَيْهِ فَلَوْ وَضَعَ سَرِيرًا بِإِزَاءِ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فَوْقَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ.
[قَوْلُهُ: عَلَى تَرْتِيبِ مَا ذَكَرَ] أَيْ الْمُصَنِّفُ.
[قَوْلُهُ: جَمْعُ مَعْطِنٍ] عَلَى وَزْنِ مَجْلِسٍ وَقَوْلُهُ أَوْ عَطَنٍ عَلَى وَزْنِ سَبَبٍ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ قَالَ تت، وَيُجْمَعُ مَعْطِنٌ عَلَى أَعْطَانٍ أَيْضًا.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِهَا عِنْدَ صُدُورِهَا مِنْ الْمَاءِ] أَيْ صُدُورِهَا بَعْدَ شُرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ عج، وَهُوَ مَبْرَكُهَا قُرْبَ الْمَاءِ لِلشُّرْبِ عَلَلًا، وَهُوَ الشُّرْبُ الثَّانِي بَعْدَ نَهَلٍ وَهُوَ الشُّرْبُ الْأَوَّلُ اهـ.
وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّكَرُّرِ حَتَّى تَأْتِيَ الْكَرَاهَةُ قَالَ ح فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ مَوْضِعَ مَبِيتِهَا لَيْسَ بِمَعْطِنٍ وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ اهـ، وَهُوَ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ حَكَاهُ تت.
[قَوْلُهُ: وَلَوْ أَمِنَ مِنْ النَّجَاسَةِ] أَيْ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لِلتَّعَبُّدِ وَقِيلَ: إنَّهَا مُعَلَّلَةٌ بِشِدَّةِ نُفُورِهَا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَلَوْ بَسَطَ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْكَرَاهَةُ مَوْجُودَةٌ، وَلَوْ بَسَطَ عَلَيْهِ شَيْئًا طَاهِرًا، وَالسَّبَبُ فِي ذَلِكَ التَّعَبُّدُ عَلَى أَنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ أَوْ لَا وَلَوْ أَمِنَ مِنْ النَّجَاسَةِ، [قَوْلُهُ: فَهَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا] وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ.
فَلِذَا قَدَّمَهُ، [قَوْلُهُ: وَالْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ أَبَدًا] أَيْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا قَالَ عج، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْإِعَادَةَ الْأَبَدِيَّةَ تَكُونُ فِيمَا يُعَادُ اسْتِحْبَابًا، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّقْلَ يُتْبَعُ وَإِلَّا فَمُقْتَضَى كَوْنِ الصَّلَاةِ فِي الْمَعْطِنِ مَكْرُوهَةً كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ أَنْ لَا إعَادَةَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَقْتَضِي إعَادَةً أَصْلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ.
تَنْبِيهٌ:
تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِي مَرَابِضِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ [قَوْلُهُ: وَهِيَ قَارِعَتُهَا] أَيْ أَعْلَاهَا أَيْ جَانِبُهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ قَصْرُ الْكَرَاهَةِ عَلَى الْجَانِبِ، لَكِنْ يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلُهُ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ، الْمُفِيدُ تَعْمِيمُ الْكَرَاهَةِ فِي الْجَانِبِ وَالْوَسَطِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ بَعْدَ قَوْلِهِ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحَجَّةَ هِيَ الطَّرِيقُ، وَالطَّرِيقَ هِيَ الْمَحَجَّةُ [قَوْلُهُ: فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ] مَحَلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ شَكَّ فِي إصَابَتِهَا بِأَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا وَتُنْدَبُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُصَلِّ فِيهَا لِضِيقِ الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا فَالصَّلَاةُ فِيهَا حِينَئِذٍ جَائِزَةٌ وَلَا إعَادَةَ كَمَا أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ، وَمِثْلُ الصَّلَاةِ لِضِيقٍ مَا إذَا فَرَشَ عَلَيْهَا طَاهِرًا وَصَلَّى فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا إعَادَةَ، وَقُلْنَا حَيْثُ شَكَّ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ فَلَا كَرَاهَةَ وَلَا إعَادَةَ، وَمِمَّا إذَا تَيَقَّنَ النَّجَاسَةَ فَإِنَّهُ يَأْتِي عَلَى بَابِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ طَرِيقًا كَالصَّحْرَاءِ فَلَا كَرَاهَةَ عِنْدَ الشَّكِّ كَتَيَقُّنِ الطَّهَارَةِ.
[قَوْلُهُ: فَنَهْيُ تَحْرِيمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ وَأَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا هَذَا تَتِمَّةُ الْمَشْهُورِ فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَعَادَ أَبَدًا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ إيقَاعِ الْفَرْضِ عَلَيْهَا وَإِنْ فَعَلَهُ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ [قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ بِبِنَائِهَا] أَيْ أَنَّ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ اسْتِقْبَالُ بِنَائِهَا، وَاَلَّذِي فَوْقَ ظَهْرِهَا لَمْ يَسْتَقْبِلْ
وَهُوَ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَتْ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ النَّفْلِ دُونَ الْفَرْضِ (وَ) أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي (الْحَمَّامِ) وَهُوَ مَعْرُوفٌ وَهُوَ مُذَكَّرٌ فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ (حَيْثُ لَا يُوقَنُ مِنْهُ بِطَهَارَةٍ) ج: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إنْ أَيْقَنَ بِطَهَارَتِهِ فَالصَّلَاةُ فِيهِ جَائِزَةٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ.
(وَ) أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي (الْمَزْبَلَةِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مَكَانُ طَرْحِ الزِّبْلِ (وَ) عَنْ الصَّلَاةِ فِي (الْمَجْزَرَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ الْمَكَانُ الْمُعَدُّ لِلنَّحْرِ أَوْ لِلذَّبْحِ فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَإِلَّا جَازَتْ وَحَيْثُ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ، وَصَلَّى فِيهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ عَامِدًا أَوْ غَيْرَهُ.
(وَ) أَمَّا النَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي (مَقْبُرَةِ الْمُشْرِكِينَ) فَنَهْيُ كَرَاهَةٍ لَكِنْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْمُشْرِكِينَ كَمَا وَقَفْت عَلَيْهِ.
ك: الْمَقْبُرَةُ مُثَلَّثُ الْبَاءِ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَنْبُوشَةٍ وَلَيْسَ فِي مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ شَيْءٌ مِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
بِنَاءَهَا، وَمَنْ قَالَ بِصِحَّةِ الْفَرْضِ بِظَهْرِهَا بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ اسْتِقْبَالُ هَوَائِهَا، وَالْمُرَادُ جُمْلَةُ الْبِنَاءِ لَا بَعْضُهُ خِلَافًا لِبَعْضٍ، فَعَلَى الْمَشْهُورِ مَنْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ يُلَاحَظُ اسْتِقْبَالُ ذَاتِ الْبِنَاءِ لَا الْهَوَاءِ، وَمِثْلُ الْفَرْضِ فِي عَدَمِ صِحَّتِهِ فَوْقَهَا السُّنَنُ وَالنَّوَافِلُ الْمُؤَكَّدَةُ كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ، الْوَاجِبِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْقَاضِي تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ قَائِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا النَّفَلُ غَيْرُ الْمُؤَكَّدِ فَيَصِحُّ بِلَا نِزَاعٍ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَلَوْ نَفْلًا تَحْتَهَا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ جَمِيعُ جُدُرِهَا.
[قَوْلُهُ: قَالَهُ اللَّخْمِيُّ إلَخْ] وَهُوَ ضَعِيفٌ، [قَوْلُهُ: جَوَازُ النَّفْلِ] أَيْ غَيْرِ الْمُؤَكَّدِ، بَلْ يُنْدَبُ، وَأَمَّا النَّفَلُ الْمُؤَكَّدُ مِثْلُ الرَّغِيبَةِ وَالسُّنَّةِ فَيُكْرَهُ وَلَا إعَادَةَ.
[قَوْلُهُ: دُونَ الْفَرْضِ] أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِجَائِزٍ، وَهَلْ يُحَرَّمُ أَوْ يُكْرَهُ الْمَذْهَبُ الْكَرَاهَةُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ، وَعَلَيْهِ فَتُعَادُ الصَّلَاةُ فِي الْوَقْتِ، وَعَلَى التَّحْرِيمِ فَتُعَادُ أَبَدًا، وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ الْمُتَقَدِّمُ، وَهُوَ الِاصْفِرَارُ فِي الظُّهْرَيْنِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، فَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا الْقَرِيرِ أَنَّ الْمُرَادَ الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ، احْتِرَازًا عَنْ الْكِفَائِيِّ كَالْجِنَازَةِ فَعَلَى الْفَرْضِيَّةِ تُعَادُ بِالْفِعْلِ فِيهَا وَعَلَى السُّنِّيَّةِ لَا وَعَلَى كُلٍّ فَالْكَرَاهَةُ، [قَوْلُهُ: فِي الْحَمَّامِ] أَيْ فِي جَوْفِهِ احْتِرَازًا مِنْ خَارِجِهِ وَهُوَ مَوْضِعُ نَزْعِ الثِّيَابِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ، حَيْثُ لَمْ يُتَيَقَّنْ نَجَاسَةٌ.
[قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يُوقَنُ مِنْهُ بِطَهَارَةٍ] أَيْ وَلَا بِنَجَاسَةٍ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ فِي الْأُولَى، وَيُمْنَعُ فِي الثَّانِيَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي خَارِجِهِ جَائِزَةٌ تُيُقِّنَتْ الطَّهَارَةُ أَوْ شُكَّ فِيهَا، وَفِي دَاخِلِهِ تَجُوزُ حَيْثُ تُيُقِّنَتْ الطَّهَارَةُ فَقَطْ، فَإِنْ شُكَّ فِيهَا كُرِهَ كَمَا فِي عج.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مَشْهُورِ الْمَذْهَبِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا مَكْرُوهَةٌ ذَكَرَ ابْنُ نَاجِي.
[قَوْلُهُ: مَكَانُ طَرْحِ الزِّبْلِ] أَيْ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِطَرْحِ الزِّبْلِ [قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ النَّجَاسَةِ] أَيْ إذَا شُكَّ فِي نَجَاسَتِهِ، وَأَمَّا عِنْدَ تَيَقُّنِهَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ.
[قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَتْ] أَيْ وَإِنْ أَمِنَ جَازَتْ، وَهَذَا الْكَلَامُ رَاجِعٌ لِلْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ فَإِنْ قُلْت مَحَلُّ الْجَزْرِ مُتَحَقِّقُ النَّجَاسَةِ، وَكَذَا مَحَلُّ طَرْحِ الزِّبْلِ قُلْنَا الْمُرَادُ أَنَّ الْمَحَلَّ الْمُعَدَّ لِذَلِكَ لَوْ صَلَّى فِيهِ مُتَنَحِّيًا عَنْ عَيْنِ النَّجَاسَةِ، فِيهِ ذَلِكَ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا اسْتَحْسَنَهُ بَعْضُهُمْ، مِنْ عَدَمِ الْإِعَادَةِ سَوَاءٌ طَالَ عَلَيْهَا الزَّمَنُ وَأَصَابَهَا الْمَطَرُ أَمْ لَا قَالَ عج. وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ حُكْمُ مَحَلِّ تَقْطِيعِ اللَّحْمِ وَمَحَلِّ الْقُمَامَةِ، حَيْثُ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَهُوَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ اهـ.
وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا مَحَلَّ تَعْلِيقِ اللَّحْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَجَاسَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا فِيهِ دَمٌ غَيْرُ مَسْفُوحٍ اهـ.
[قَوْلُهُ: فِي مَقْبُرَةِ الْمُشْرِكِينَ إلَخْ] مُرُورٌ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ حَبِيبٍ فَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى فِي مَقَابِرِ الْمُشْرِكِينَ يُعِيدُ أَبَدًا إلَّا أَنْ تَكُونَ مُنْدَرِسَةً فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَا يُعِيدُ، وَأَمَّا مَقْبُرَةُ الْمُسْلِمِينَ فَلَا عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً، كَذَا نُقِلَ عَنْهُ وَمُفَادُهُ أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ.
[قَوْلُهُ: لَكِنْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إلَخْ] أَيْ فَالنَّهْيُ فِيهِ مُطْلَقٌ فِي مَقْبُرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ، وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي مُصْعَبٍ فَإِنَّهُ رَوَى الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ مُسْتَدِلًّا بِمَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْمَقَابِرِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ مُطْلَقٌ وَقَيَّدَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ بِمَقْبُرَةِ الْمُشْرِكِينَ، فَيَكُونُ مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاسِخِينَ وَبَيَانِ الْمُتَفَقِّهِينَ، وَأَبْقَاهُ عَلَى إطْلَاقِهِ اللَّخْمِيُّ وَرِوَايَةُ أَبِي مُصْعَبٍ [قَوْلُهُ: وَلَيْسَ
أَجْزَاءِ الْمَقْبُورِينَ فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ، وَإِنْ كَانَ فِي مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَقْبُورِينَ، فَيَجْرِي حُكْمُ الصَّلَاةِ فِيهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْآدَمِيِّ هَلْ يُنَجَّسُ بِالْمَوْتِ أَوْ لَا؟ وَهَذَا فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا مَقَابِرُ الْكُفَّارِ فَكَرِهَ ابْنُ حَبِيبٍ الصَّلَاةَ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ، لَكِنْ مَنْ صَلَّى فِيهَا وَأَمِنَ مِنْ النَّجَاسَةِ فَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْمَنْ كَانَ مُصَلِّيًا عَلَى نَجَاسَةٍ وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى السَّبْعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ، وَأَمَّا الثَّامِنُ الَّذِي زَادَهُ الشَّيْخُ فَهُوَ قَوْلُهُ:(وَكَنَائِسِهِمْ) جَمْعُ كَنِيسَةٍ بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِ النُّونِ مَوْضِعُ تَعَبُّدِهِمْ، وَالنَّهْيُ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا نَهْيُ كَرَاهَةٍ.
ك: كَرِهَ مَالِكٌ الصَّلَاةَ فِي الْكَنَائِسِ لِنَجَاسَتِهَا مِنْ أَقْدَامِهِمْ، فَإِنْ صَلَّى فِيهَا عَلَى مَذْهَبِهِ دُونَ حَائِلٍ طَاهِرٍ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اضْطَرَّ إلَى النُّزُولِ فِيهَا فَلَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ نَجَاسَتُهَا، وَهَذَا الْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْعَامِرَةِ، وَأَمَّا
ــ
[حاشية العدوي]
إلَخْ] عَطْفُ لَازِمٍ عَلَى مَلْزُومٍ وَهَذِهِ عِبَارَةُ ك.
[قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ] وَمُقَابِلُهُ الْكَرَاهَةُ، وَهُوَ شَاذٌّ كَمَا ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ، وَوَجْهُهُ الِالْتِفَاتُ إلَى عُمُومِ النَّهْيِ؛ وَلِأَنَّ أَصْلَ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، اتِّخَاذُ قُبُورِ الصَّالِحِينَ مَسَاجِدَ، وَوَجْهُ الْمُعْتَمَدِ الَّذِي هُوَ الْقَوْلُ بِالْجَوَازِ الْأَمْنُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ، فَإِنْ قُلْت كَيْفَ تُجْعَلُ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَقْبُرَةِ جَائِزَةً مَعَ أَنَّ الْقَبْرَ حَبْسٌ يُكْرَهُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةُ تَسْتَلْزِمُ الْمَشْيَ عَلَيْهِ، قُلْت أُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الصَّلَاةِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَشْيِ اهـ.
[قَوْلُهُ: هَلْ يُنَجَّسُ بِالْمَوْتِ] وَعَلَيْهِ فَالْمُصَلِّي فِيهَا مُصَلٍّ عَلَى نَجَاسَةٍ، وَيَكُونُ النَّهْيُ نَهْيَ تَحْرِيمٍ، حَيْثُ تَحَقَّقَ وُجُودُ الْأَجْزَاءِ بِهَا كَمَا أَفَادَهُ عج وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِالتَّنْجِيسِ ضَعِيفٌ.
[قَوْلُهُ: أَوْ لَا] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ، فَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ حَيْثُ شَكَّ أَوْ تَحَقَّقَ وُجُودُ الْأَجْزَاءِ بِهَا كَمَا أَفَادَهُ عج، وَلَعَلَّ الْكَرَاهَةَ مِنْ حَيْثُ الْإِهَانَةُ أَوْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَشْيًا عَلَى الْقَبْرِ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ ذَاتُ الصَّلَاةِ فَلَا كَرَاهَةَ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: فَكَرِهَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَخْ] قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تُحْمَلُ عَلَى التَّحْرِيمِ فِي الْعَامِرَةِ؛ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ فِيهَا بِالْإِعَادَةِ أَبَدًا وَمُحْتَمِلَةٌ لِلْحُرْمَةِ وَالتَّنْزِيهِ فِي الدِّرَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فَقَدْ أَخْطَأَ وَلَا يُعِيدُ أَوْ تُحْمَلُ الْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا مُطْلَقًا عَامِرَةً وَدَارِسَةً، أَيْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا حُفْرَةً كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ التَّعْلِيلُ، وَإِنْ حُرِّمَتْ فِي الْعَامِرَةِ مِنْ حَيْثِيَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ الْإِعَادَةُ أَبَدًا.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ] هَذِهِ الْعِلَّةُ جَارِيَةٌ فِي الْعَامِرَةِ وَالدَّارِسَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ أَوَّلًا، وَإِنْ كَانَتْ الْإِعَادَةُ فِي خُصُوصِ الْعَامِرَةِ.
[قَوْلُهُ: وَأَمِنَ مِنْ النَّجَاسَةِ] أَيْ حَيْثُ تَحَقَّقَ أَنْ لَا نَجَاسَةَ بِهَا أَيْ بِأَنْ كَانَتْ دَارِسَةً كَمَا يُفِيدُهُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْهُ سَابِقًا.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُؤْمَنْ كَانَ مُصَلِّيًا عَلَى نَجَاسَةٍ] أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَامِرَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ عَدَمَ الْأَمْنِ صَادِقٌ بِالشَّكِّ، وَيُفِيدُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ إنَّ ابْنَ حَبِيبٍ يَحْكُمُ بِإِعَادَةِ الْعَامِدِ وَالْجَاهِلِ أَبَدًا رَعْيًا لِلْغَالِبِ اهـ.
وَبَعْدَ أَنْ بَيَّنَّا لَك مُرَادَ الشَّارِحِ نُوَضِّحُ لَك الْمَسْأَلَةَ، فَنَقُولُ: وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا، أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا مَشْيًا عَلَى الْقَبْرِ أَوْ إهَانَةً تَجُوزُ فِي الْمَقْبُرَةِ عَامِرَةً أَوْ دَارِسَةً تَيَقَّنَ نَبْشَهَا أَوْ شَكَّ فِيهِ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلًا أَوْ لَا كَانَتْ لِمُشْرِكٍ أَوْ لِمُسْلِمٍ، وَلَوْ كَانَ الْقَبْرُ بَيْنَ يَدَيْهِ حَيْثُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَإِنْ شَكَّ فِيهَا فَالْكَرَاهَةُ مَعَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ، وَأَمَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ النَّجَاسَةِ فَيُعِيدُ الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ أَبَدًا، وَالنَّاسِي فِي الْوَقْتِ، وَأَمَّا إذَا تَحَقَّقَ عَدَمُ النَّبْشِ فَالْجَوَازُ أَظْهَرُ، وَاتَّضَحَ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ ضَعِيفٌ، وَمَا أَفَادَهُ صَدْرُ الشَّارِحِ مِنْ إطْلَاقِ النَّهْيِ، أَيْ سَوَاءٌ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ أَمْ لَا ضَعِيفٌ.
[قَوْلُهُ: مَوْضِعُ تَعَبُّدِهِمْ] أَيْ لِيَشْمَلَ الْكَنِيسَةَ الَّتِي لِلنَّصَارَى وَالْبِيَعَ الَّتِي هِيَ لِلْيَهُودِ وَبَيْتَ النَّارِ الَّتِي هِيَ لِلْمَجُوسِ [قَوْلُهُ: لِنَجَاسَتِهَا مِنْ أَقْدَامِهِمْ] أَيْ أَنَّ الشَّأْنَ ذَلِكَ لَا أَنَّهَا مُحَقَّقَةٌ، وَإِلَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا حَرَامًا مَعَ بُطْلَانِهَا.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ صَلَّى فِيهَا عَلَى مَذْهَبِهِ] أَيْ مَذْهَبِ مَالِكٍ [قَوْلُهُ: فَلَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ] أَيْ مَعَ انْتِفَاءِ الْكَرَاهَةِ [قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ] أَيْ بِأَنْ شَكَّ [قَوْلُهُ: انْتَهَى] حَاصِلُهُ أَنَّ مَعَ الشَّكِّ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ مَا لَمْ يُضْطَرَّ فَيَنْتَفِيَا وَيُعِيدُ أَبَدًا عِنْدَ تَيَقُّنِ النَّجَاسَةِ، حَيْثُ كَانَ