الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْدِ السَّلَامِ لِتَحْقِيقِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ رَجَعَ جَاهِلًا فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ سَحْنُونَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يَتَمَادَى عَلَى صَلَاتِهِ وَيَسْجُدُ وَإِنْ رَجَعَ نَاسِيًا فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا
نَسِيَ صَلَاةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا
، وَقَسَّمَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَتَذَكَّرَهَا بَعْدَ أَنْ صَلَّى صَلَاةً حَاضِرَةً لَمْ يَخْرُجْ وَقْتُهَا أَوْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا أَوْ فِيهَا، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ:(وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً) نَسِيَهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى صَلَاةً وَقْتِيَّةً (صَلَّاهَا) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَهَا وَكَذَلِكَ مَنْ نَامَ عَنْهَا أَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا لَمَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا» وَاقْتِصَارُهُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى ذِكْرِ الْمَنْسِيَّةِ وَاَلَّتِي نَامَ عَنْهَا مِنْ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى الَّذِي هُوَ التَّعَمُّدُ. ق:
وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ قَضَاءِ الْمَنْسِيَّاتِ فَقَالَ الْمَازِرِيُّ: يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَقِيلَ: لَا يُقْتَلُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ قَضَاءِ الْمَنْسِيَّاتِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا (مَتَى مَا ذَكَرَهَا) فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ عَلَى الْفَوْرِ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَّا لِعُذْرٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ، وَإِذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْمَنْسِيَّةِ فَإِنَّهُ يَفْعَلُهَا. (عَلَى نَحْوِ مَا فَاتَتْهُ) مِنْ إعْدَادِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهَيْئَاتِهَا مِنْ إسْرَارٍ وَجَهْرٍ، وَإِنْ نَسِيَهَا
ــ
[حاشية العدوي]
بَعْضِ شُرُوحِ خَلِيلٍ.
[قَوْلُهُ: وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ أَيْضًا بِرُجُوعِهِ وَلَوْ قَرَأَ إلَّا أَنْ يُتِمَّ الْقِرَاءَةَ وَنَظَرَ عج فِي الْقِرَاءَةِ فَقَالَ.
وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِتَمَامِهَا هَلْ الْفَاتِحَةُ فَقَطْ أَوْ هِيَ وَالسُّورَةُ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ، فَقَدْ تَكُونُ قِرَاءَةُ الرَّكْعَةِ الَّتِي تَلِي التَّشَهُّدَ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ.
قَالَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُقْرَأُ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ اهـ.
وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ عج فَرَضَهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ سُورَةٌ بَعْدَ التَّشَهُّدِ، فَإِنْ قُلْت: لَمْ لَمْ يَرْجِعْ لِلسُّورَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الرُّكُوعِ قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّ الرُّكُوعَ مُتَّفَقٌ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ بِخِلَافِ قِيَامِهِ قَبْلَ التَّشَهُّدِ لِلْفَاتِحَةِ فَإِنَّهَا غَيْرُ مُتَّفَقٍ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا بِكُلِّ رَكْعَةٍ بَلْ فِيهِ خِلَافٌ كَمَا تَقَدَّمَ.
[نَسِيَ صَلَاةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا]
[قَوْلُهُ: مِنْ التَّنْبِيهِ بِالْأَدْنَى إلَخْ] قَالَ ابْنُ نَاجِي: اعْلَمْ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَتْرُكَهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا، فَإِنْ تَرَكَهَا سَهْوًا فَالْقَضَاءُ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ تَرَكَهَا عَمْدًا فَكَذَلِكَ عَلَى مَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ اهـ.
فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ شَارِحِنَا مِنْ التَّنْبِيهِ إلَخْ، بَلْ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ الْمُتَعَمَّدَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ.
[قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُقْتَلُ] مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ وَلَا يُقْتَلُ صَرَّحَ بِهِ تت، فَمُفَادُهُ أَنَّ الِاسْتِتَابَةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَتْلِ وَعَدَمِهِ، وَقَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّاسِيَ اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُتَعَمِّدِ، وَمَا كَانَ يَصِحُّ كَلَامُهُ إلَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَقُولُ: بِأَنَّ النَّاسِيَ لَا يُطْلَبُ بِالْقَضَاءِ.
[قَوْلُهُ: فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ] أَيْ حَيْثُ تَحَقَّقَ تَرْكُهَا أَوْ ظَنَّهُ، وَأَمَّا الْمَشْكُوكُ فِي تَرْكِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى السَّوَاءِ فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا، وَلَكِنْ يَتَوَقَّى الْفَاعِلُ أَوْقَاتَ النَّهْيِ وُجُوبًا فِي نَهْيِ الْحُرْمَةِ وَنَدْبًا فِي نَهْيِ الْكَرَاهَةِ، وَأَمَّا الْوَهْمُ وَالتَّجْوِيزُ الْعَقْلِيُّ فَلَا يَجِبُ بِهِمَا قَضَاءٌ وَلَا يَنْدُبُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ، وَلَا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ نَقْصَ الْفَرَائِضِ الْمَوْهُومِ، كَالْمُحَقَّقِ فَأَوْلَى الْفَرْضُ الْكَامِلُ الْمَوْهُومُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْفَرْضِ الْمُحَقَّقُ الْخِطَابُ بِهِ، وَمَا هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ خِطَابٌ.
[قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَّا لِعُذْرٍ] أَيْ لِحَوَائِجِهِ قَالَهُ عج وَالْمُرَادُ بِحَوَائِجِهِ الْحَوَائِجُ الضَّرُورِيَّةُ، وَهِيَ مَا يَحْصُلُ فِيهَا مَعَاشُهُ، وَمَعَاشُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ اهـ.
[قَوْلُهُ: فِي نَقْلِ الْأَكْثَرِ] أَيْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ تت.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَاجِبَ قَدْرُ الطَّاقَةِ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِعَدَدٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ وَقْتُ الْمَنْسِيَّةِ بِمُضَيَّقٍ بِحَيْثُ لَا يُؤَخِّرُهَا وَلَا سَاعَةً لِقَوْلِهِمْ، إنْ ذَكَرَهَا إمَامٌ تَمَادَى وَإِنَّمَا أَمَرَ بِتَعْجِيلِهَا خَوْفًا مِنْ مُعَاجَلَةِ الْمَوْتِ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا.
[قَوْلُهُ: مِنْ إعْدَادِ الرُّكُوعِ إلَخْ] قَالَ عج ظَاهِرُ الشَّاذِلِيِّ أَنَّ التَّطْوِيلَ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ،
سَفَرِيَّةً قَضَاهَا سَفَرِيَّةً، وَإِنْ نَسِيَهَا حَضَرِيَّةً قَضَاهَا حَضَرِيَّةً.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَقْنُتُ إنْ كَانَ صُبْحًا وَيُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَذَكَّرَهَا سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا (أَعَادَ مَا) أَيْ الصَّلَاةَ الَّتِي (كَانَ) فَعَلَهَا (فِي وَقْتِهِ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا الْوَاقِعَةِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَذَكَرَهُ مُرَاعَاةً لِلَّفْظِ وَهَذِهِ الْإِعَادَةِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ، وَالْمُرَادُ بِالْوَقْتِ هُنَا الضَّرُورِيُّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَوْلُهُ:(مِمَّا صَلَّى) بَيَانٌ لِمَا وَالضَّمِيرُ فِي (بَعْدِهَا) عَائِدٌ عَلَى الْمَنْسِيَّةِ، أَيْ أَعَادَ الْحَاضِرَةَ بَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ الْمَنْسِيَّةَ مِثَالُهُ أَنْ يَنْسَى الْمَغْرِبَ مِنْ أَمْسِهِ مَثَلًا فَيَذْكُرَهُ بَعْدَ أَنْ صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ غَدِهِ وَقَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَيُعِيدُ الصُّبْحَ وَلَا يُعِيدُ الْعِشَاءَ لِفَوَاتِ وَقْتِهَا إنْ ذَكَرَ الْمَغْرِبَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَلَا يُعِيدُ شَيْئًا أَصْلًا.
وَقَوْلُهُ: (وَمَنْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ كَثِيرَةٌ) وَسَيَأْتِي حَدُّهَا سَوَاءٌ نَسِيَهَا أَوْ نَامَ عَنْهَا أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهَا (صَلَّاهَا) أَيْ قَضَاهَا (فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ: وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ تَكَلَّمَ أَوَّلًا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْيَسِيرَةِ، وَتَكَلَّمَ هَاهُنَا عَلَى الْكَثِيرَةِ وَكَرَّرَ قَوْلَهُ: وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَخْ إشَارَةً لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يُصَلِّي عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَّا صُبْحَ يَوْمِهِ وَعِنْدَ الْغُرُوبِ إلَّا عَصْرَ يَوْمِهِ، وَدَلِيلُنَا الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَقَوْلُهُ:(وَكَيْفَمَا تَيَسَّرَ لَهُ) إشَارَةٌ إلَى دَفْعِ الْمَشَقَّةِ فِي قَضَائِهَا وَذَلِكَ غَيْرُ مَحْدُودٍ، وَإِنَّمَا يَقْضِي بِقَدْرِ مَا يَسْتَطِيعُ مَعَ شُغْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِلْقَضَاءِ وَلَا تَارِكٍ شُغْلَهُ لِذَلِكَ.
ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَتْ) أَيْ الصَّلَوَاتُ الَّتِي عَلَيْهِ (يَسِيرَةً أَقَلَّ مِنْ صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) وَهِيَ أَرْبَعُ صَلَوَاتٍ (بَدَأَ بِهِنَّ) أَيْ قَدَّمَهُنَّ عَلَى الصَّلَاةِ الْحَاضِرَةِ (وَإِنْ فَاتَ وَقْتُ مَا هُوَ فِي وَقْتِهِ) يَعْنِي وَإِنْ خَافَ الَّذِي عَلَيْهِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُدْخِلُ التَّسْبِيحَ وَالتَّكْبِيرَ وَالتَّحْمِيدَ عَقِبَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُطْلَبُ التَّطْوِيلُ الَّذِي هُوَ مِنْ مَاهِيَّتِهَا فَأَحْرَى مَا كَانَ خَارِجًا عَنْهَا، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَغِلَ عَنْ الْقَضَاءِ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا إنَّمَا يَجْرِي فِيمَا إذَا بَقِيَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى كَلَامُهُ بِنَوْعِ تَغْيِيرٍ قَلِيلٍ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ نَسِيَهَا سَفَرِيَّةً إلَخْ] وَإِذَا اخْتَلَفَ وَقْتُ الْفَوَاتِ وَوَقْتُ الْقَضَاءِ بِالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ فَإِنَّهُ يَعْتَبِرُ وَقْتَ الْقَضَاءِ وَانْظُرْ إذَا فَاتَتْ فِي الصِّحَّةِ وَكَانَ وَقْتُ الْقَضَاءِ مَرِيضًا لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى النِّيَّةِ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْإِيمَاءِ بِالطَّرْفِ، فَهَلْ يَقْضِيهَا بِالنِّيَّةِ وَالطَّرْفِ أَوْ لَا يَقْضِي، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ، وَإِذَا كَفَى هَذَا فِي الْأَدَاءِ فَيَكْفِي فِي الْقَضَاءِ بِالْأَوْلَى.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ قَضَاءِ الصَّلَاةِ الَّتِي تَذَكَّرَهَا] أَيْ وَهِيَ الْيَسِيرُ مِنْ الْفَوَائِتِ خَمْسٌ أَوْ أَرْبَعٌ، وَأَمَّا لَوْ صَلَّى حَاضِرَةً ثُمَّ ذَكَرَ فَائِتَةً كَثِيرَةً وَهِيَ سِتٌّ أَوْ خَمْسٌ، فَإِنَّ الْحَاضِرَةَ تُقَدَّمُ عَلَيْهَا عِنْدَ ذِكْرِهَا فَلَا يَتَأَتَّى إعَادَةُ الْحَاضِرَةِ بَعْدَ قَضَائِهَا.
[قَوْلُهُ: الَّتِي كَانَ فَعَلَهَا إلَخْ] فَمُفَادُهُ أَنَّ كَانَ نَاقِصَةٌ خَبَرُهَا مَحْذُوفٌ وَهُوَ فَعَلَهَا وَأَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِجَوَازِ كَوْنِهَا تَامَّةً وَالْمَعْنَى أَعَادَ مَا ثَبَتَ وَحَصَلَ، وَقَوْلُهُ فِي وَقْتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِأَعَادَ، أَيْ أَعَادَ مَا دَامَ الْوَقْتُ.
وَقَوْلُهُ، أَيْ أَعَادَ الْحَاضِرَةَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ أَعَادَ إلَخْ لَا أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ أَنْ يَقْضِيَ الْمَنْسِيَّةَ لِإِفَادَةِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا ثُمَّ أَعَادَ إلَخْ، كَمَا قُرِّرَ بَلْ بِمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا كَائِنَةٌ بَعْدَهَا، أَيْ بَعْدَ فَوَاتِ وَقْتِهَا أَيْ الْمَنْسِيَّةِ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ الِاخْتِيَارِيُّ [قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الصُّبْحَ] وَإِذَا كَانَ هَذَا الْمُعِيدُ إمَامًا فَفِي إعَادَةِ مَأْمُومِهِ صَلَاتَهُ خِلَافٌ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا إعَادَةَ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا [قَوْلُهُ: وَذَلِكَ] أَيْ الْقَضَاءُ الْخَالِي عَنْ الْمَشَقَّةِ.
[قَوْلُهُ: مَعَ شُغْلِهِ] أَيْ الضَّرُورِيِّ أَيْ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَيْ مِنْ حَوَائِجِ دُنْيَاهُ مِنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ وَصِغَارِ أَوْلَادِهِ الْفُقَرَاءِ وَأَبَوَيْهِ الْفُقَرَاءِ، وَيَلْحَقُ بِذَلِكَ دَرْسُ الْعِلْمِ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَالتَّمْرِيضُ وَإِشْرَافُ الْقَرِيبِ.
[قَوْلُهُ: بَدَأَ بِهِنَّ إلَخْ] أَيْ وُجُوبًا وَيَدْخُلُ فِي الْفَائِتَةِ الْيَسِيرَةِ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مَا يَسَعُ الْأَخِيرَةَ فَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْأُولَى، فَإِنْ خَالَفَ وَقَدَّمَ الْحَاضِرَةَ صَحَّتْ مَعَ الْإِثْمِ فِي الْعَمْدِ دُونَ النِّسْيَانِ
الْفَوَائِتُ فَوَاتَ وَقْتِ مَا هُوَ فِي وَقْتِهِ فَالضَّمِيرُ فِي وَقْتِهِ عَائِدٌ عَلَى مَا، وَهِيَ وَاقِعَةٌ عَلَى الصَّلَاةِ وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمُصَلِّي، وَمَا ذَكَرَهُ فِي حَدِّ الْيَسِيرِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَشُهِرَ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْيَسِيرَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْحَاضِرَةِ اُخْتُلِفَ فِيهِ هَلْ هُوَ وَاجِبُ غَيْرِ شَرْطِ أَوْ وَاجِبُ شَرْطٍ؟ .
الْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالثَّانِي رَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ سَنَدٍ، وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا خَالَفَ مَا أُمِرَ بِهِ بِأَنْ قَدَّمَ الْحَاضِرَ عَلَى الْفَائِتَةِ الْيَسِيرَةِ فَعَلَى الشَّرْطِيَّةِ يُعِيدُ الْحَاضِرَةَ أَبَدًا، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُعِيدُهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ الضَّرُورِيُّ بَاقِيًا، فَفِي الظُّهْرَيْنِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَفِي الْعِشَاءَيْنِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَقْدِيمِ الْيَسِيرَةِ عَلَى الْحَاضِرَةِ إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ إدْرَاكِ الْحَاضِرَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ دَلِيلُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:«فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» فَذَلِكَ وَقْتُهَا، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ الْيَسِيرَةِ مَعَ الْحَاضِرَةِ شَرَعَ يُبَيِّنُ حُكْمَ تَرْتِيبِ الْفَوَائِتِ الْكَثِيرَةِ مَعَ الْحَاضِرَةِ فَقَالَ:(وَإِنْ كَثُرَتْ) أَيْ الصَّلَوَاتُ الَّتِي عَلَيْهِ وَهِيَ عَلَى مَا قَالَ الشَّيْخُ خَمْسٌ فَمَا فَوْقُهَا، وَعَلَى مَا شَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ سِتٌّ فَمَا فَوْقُ (بَدَأَ بِمَا يَخَافُ فَوَاتَ وَقْتِهِ) ق مَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمَنْسِيَّاتِ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَمَذْهَبُ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ ضَاقَ الْوَقْتُ أَوْ اتَّسَعَ فَتَكُونُ الرِّسَالَةُ بِخِلَافِ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ فَقَالَ: (وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً) يَعْنِي أَوْ صَلَوَاتٍ يَجِبُ تَرْتِيبُهَا مَعَ الْحَاضِرَةِ (فِي) حَالِ تَلَبُّسِهِ بِ (صَلَاةٍ) مَفْرُوضَةٍ (فَسَدَتْ هَذِهِ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا (عَلَيْهِ) ج: ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ التَّرْتِيبَ إمَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا فَيَلْزَمُ الْقَطْعُ أَوْ مُسْتَحَبًّا فَيَلْزَمُ التَّمَادِي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْطَعُ كَغَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمَشْهُورُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَمَادَى وَيُعِيدُ، وَفِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ خِلَافٌ انْتَهَى. وَشَهَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ.
(وَمَنْ ضَحِكَ)
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يَأْتِي هُنَا إعَادَةٌ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ.
[قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ سَنَدٍ] أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: أَيْ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
[قَوْلُهُ: فَفِي الظُّهْرَيْنِ إلَخْ] وَسَكَتَ عَنْ الصُّبْحِ وَحُكْمُهُ أَنْ يُعِيدَهُ لِلطُّلُوعِ، وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُعِيدُ وَلَوْ فِي وَقْتِ الضَّرُورَةِ أَيْ الْمُدْرِكِ فِيهِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا فَأَكْثَرَ.
[قَوْلُهُ: هُوَ الْمَشْهُورُ] وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ وَهْبٍ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ.
[قَوْلُهُ: فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا إلَخْ] الْحَدِيثَ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَذَلِكَ وَقْتُهَا لَيْسَ مِنْ الْحَدِيثِ خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الشَّارِحِ، أَقُولُ: لَا يَخْفَى ضَعْفُ الِاسْتِدْلَالِ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ عَامٌّ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ اسْتَدَلَّ بِهِ أَئِمَّةُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّ الْفَائِتَةَ تُقْضَى فِي كُلِّ وَقْتٍ حَتَّى عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ لَا تُقْضَى الْفَوَائِتُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالصُّبْحِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَوْ تَطْلُعَ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: بَدَأَ بِمَا يَخَافُ فَوَاتَ وَقْتِهِ] قَالَ تت وَالتَّقْدِيمُ هُنَا وَاجِبٌ غَيْرَ شَرْطٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ.
[قَوْلُهُ: وَقَالَ] أَيْ الْأَقْفَهْسِيُّ أَيْ قَبْلَ قَلِيلٍ نَحْوَ صَفْحَةٍ بِلَفْظِ الْمَذْكُورِ هُنَا.
[قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَبْدَأُ بِالْحَاضِرَةِ ضَاقَ إلَخْ] لَكِنْ وُجُوبًا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَنَدْبًا عِنْدَ اتِّسَاعِهِ وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
[قَوْلُهُ: وَمَنْ ذَكَرَ إلَخْ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ ذَكَرَ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ.
[قَوْلُهُ: فَسَدَتْ] بِمَعْنَى يَقْطَعُهَا لَا أَنَّهَا فَسَدَتْ بِالْفِعْلِ.
[قَوْلُهُ: أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ] وَهَذَا الْقَوْلُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
[قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَهُ] أَيْ الْقَوْلَ بِالِاسْتِحْبَابِ [قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْطَعُ كَغَيْرِهِ] أَيْ الْمَأْمُومَ الَّذِي يَذْكُرُ يَسِيرَ الْفَوَائِتِ [قَوْلُهُ: يَتَمَادَى] أَيْ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْإِمَامِ.
[قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ خِلَافٌ] أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْيَسِيرَةِ وَالْحَاضِرَةِ وَاجِبُ شَرْطٍ.
أَيْ قَهْقَهَةً وَهُوَ الضَّحِكُ بِصَوْتٍ وَهُوَ (فِي الصَّلَاةِ أَعَادَهَا) وُجُوبًا أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا بَطَلَتْ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ عَمْدًا سَوَاءٌ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا، وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً. ج: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَإِنْ كَانَ ضَحِكُهُ سُرُورًا بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ كَمَا إذَا قَرَأَ آيَةً فِيهَا صِفَةُ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَضْحَكُ سُرُورًا وَبِهِ أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيته مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَالتُّونِسِيِّينَ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي السَّهْوِ وَالْغَلَبَةِ يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ فِيهِمَا وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا ثُمَّ يُعِيدُ بَعْدَ ذَلِكَ وُجُوبًا فِي الْوَقْتِ وَبَعْدِهِ، وَهَلْ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ أَمْ لَا قَوْلَانِ.
وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَمْ يُعِدْ الْوُضُوءَ) خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْقَهْقَهَةَ تَنْقُضُ الْوُضُوءَ أَيْضًا كَمَا أَبْطَلَتْ الصَّلَاةَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ فَقَطْ.
وَلَمَّا كَانَ الْمَأْمُومُ يُخَالِفُ الْفَذَّ وَالْإِمَامَ فِي حَالَةٍ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ كَانَ) الَّذِي ضَحِكَ فِي صَلَاتِهِ (مَعَ إمَامٍ تَمَادَى) مَعَهُ اسْتِحْبَابًا مُرَاعَاةً لِحَقِّهِ (وَأَعَادَ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا أَبَدًا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَتَمَادَى مُطْلَقًا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَشَهَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ] أَيْ فَلَا تَكُونُ الْإِعَادَةُ وَاجِبَةً بَلْ مُسْتَحَبَّةً، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ الْفَذُّ أَوْ الْإِمَامُ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَوَائِتِ قَبْلَ عَقْدِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْقَطْعُ وَقِيلَ يَنْدُبُ، فَلَوْ تَمَادَى عَلَى الْأَوَّلِ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ، فَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا شَفَعَ اسْتِحْبَابًا وَقِيلَ وُجُوبًا وَيَتْبَعُ الْمَأْمُومُ إمَامَهُ فِي ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَ بَيْنَ الرُّبَاعِيَّةِ وَالثُّنَائِيَّةِ كَالْجُمُعَةِ وَالصُّبْحِ وَالْمَقْصُورَةِ.
وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمَغْرِبَ كَغَيْرِهَا، أَيْ يَشْفَعُهَا إنْ عَقَدَ رَكْعَةً وَهُوَ غَيْرُ مُعَوِّلٍ عَلَيْهِ بَلْ يُتِمُّهَا مَغْرِبًا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ يَقْطَعُ، أَيْ لَا يَشْفَعُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِاعْتِمَادِ أَبِي الْحَسَنِ لَهُ، فَلَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ كَمَّلَ مِنْ الْمَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ بِسَجْدَتَيْهِمَا فَإِنَّهُ يُكْمِلُهَا بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا كَمَّلَ ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ الْمَغْرِبِ وَتَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ يَسِيرًا مِنْ الْفَوَائِتِ فَإِنَّهُ يُكْمِلُ أَيْضًا بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ وَبَعْدَ تَكْمِيلِ الْمَغْرِبِ أَوْ غَيْرِهَا بِنِيَّةِ الْفَرِيضَةِ يُعِيدُ نَدْبًا فِي الْوَقْتِ، أَيْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِيَسِيرِ الْفَوَائِتِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الذَّاكِرُ لِلْيَسِيرِ مِنْ الْفَوَائِتِ الْمَأْمُومَ فَإِنَّهُ يَتَمَادَى مَعَ إمَامِهِ ثُمَّ يُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَلَا فَرْقَ فِي تَمَادِي الْمَأْمُومِ وَإِعَادَةِ مَا هُوَ لَهَا فِي الْوَقْتِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا، وَيُعِيدُ جُمُعَةً إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا ظُهْرًا.
[قَوْلُهُ: قَهْقَهَةً] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَمَنْ ضَحِكَ تَفْسِيرُ مُرَادٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الضَّحِكَ يَصْدُقُ بِغَيْرِ الصَّوْتِ وَهُوَ التَّبَسُّمُ وَبِالصَّوْتِ وَهُوَ الْقَهْقَهَةُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ، وَإِلَى كَوْنِهِ يُطْلَقُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الضَّحِكُ بِصَوْتٍ، أَيْ إنَّ الْقَهْقَهَةَ الضَّحِكُ بِصَوْتٍ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً] وَمُقَابِلُهُ لَا يَضُرُّ قِيَاسًا عَلَى الْكَلَامِ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ضَحِكُهُ سُرُورًا إلَخْ] وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِي صِحَّةَ صَلَاتِهِ مُعَلِّلًا ذَلِكَ بِعَدَمِ قَصْدِ اللَّعِبِ وَأَقُولُ يَرُدُّ تَعْلِيلَهُ بُطْلَانُ صَلَاةِ النَّاسِي وَالْمَغْلُوبِ، فَالصَّوَابُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وَخَلِيلٍ وَالْمُدَوَّنَةِ.
[قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] أَيْ وَعَلَى الْمَشْهُورِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ الْبُطْلَانِ فِي السَّهْوِ وَالْغَلَبَةِ يَسْتَخْلِفُ الْإِمَامُ فِيهِمَا، وَالْمُرَادُ بِالسَّهْوِ نِسْيَانُ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَمَّا نِسْيَانُ الْحُكْمِ أَوْ نِسْيَانُ كَوْنِ مَا يَفْعَلُ ضَحِكًا فَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّهُ كَالْعَمْدِ.
[قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ مَأْمُومًا] أَيْ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا قَالَ الشَّيْخُ، وَلَعَلَّ وَجْهَ رُجُوعِهِ مَأْمُومًا مَعَ الْإِعَادَةِ أَبَدًا مُرَاعَاةَ مَنْ يَقُولُ بِالصِّحَّةِ مَعَ الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا، فَإِنْ قِيلَ: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَهْقَهَةِ نِسْيَانًا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ دُونَ الْكَلَامِ النِّسْيَانِ، فَالْجَوَابُ شِدَّةٌ مِنَّا فَإِنَّهَا لِلْخُشُوعِ بِخِلَافِ الْكَلَامِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَهِدَ عَمْدَهُ فِي الصَّلَاةِ لِإِصْلَاحِهَا.
[قَوْلُهُ: وَهَلْ يُعِيدُ الْمَأْمُومُ إلَخْ] الرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِعَادَةِ كَمَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ تَكُونُ هَذِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ مِنْ قَاعِدَةِ كُلُّ صَلَاةٍ بَطَلَتْ عَلَى الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْمَأْمُومِ.
[قَوْلُهُ: تَمَادَى مَعَهُ اسْتِحْبَابًا] وَقِيلَ: وُجُوبًا، وَتَمَادِي الْمَأْمُومِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ:
الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَقْدِر عَلَى التَّرْكِ فِي أَثْنَاءِ الضَّحِكِ بَلْ غَلَبَهُ، وَكَذَا نِسْيَانًا فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْكِ لَمْ يَتَمَادَ.
الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ ضَحْكَةً ابْتِدَاءً عَمْدًا وَإِلَّا لَمْ يَتَمَادَ فِي الْغَلَبَةِ وَالنِّسْيَانِ بَعْدُ.
الثَّالِثِ أَنْ لَا