الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الَّذِي يَأْخُذُ بِنَفْسِي فِي ذَلِكَ الَّذِي جَمَعَ عَلَيْهِ عُمَرُ النَّاسَ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا الْوَتْرُ وَهِيَ صَلَاةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (وَكُلُّ ذَلِكَ) أَيْ الْقِيَامِ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً أَوْ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً (وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ (وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ) وَلَمَّا بَيَّنَ قِيَامَ السَّلَفِ اسْتَشْعَرَ سُؤَالَ سَائِلٍ قَالَ لَهُ: هَذَا قِيَامُ السَّلَفِ فَمَا قِيَامُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: (وَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها «مَا زَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَعْدَهَا الْوَتْرُ» مَا ذَكَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْهَا، «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» .
وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى الصِّيَامِ وَعَقَّبَهُ بِمَا هُوَ مُلَازِمٌ لَهُ فَقَالَ:
ــ
[حاشية العدوي]
إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً] بَدَلٌ مِنْ الَّذِي جَمَعَ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ.
[قَوْلُهُ: وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ] أَيْ جَائِزٌ لَا تَتَعَيَّنُ طَرِيقَتُهُ [قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ] أَيْ يُنْدَبُ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُ السَّلَامِ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْأَفْضَلُ لَهُ السَّلَامُ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ.
[قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ مُخَالِفٌ إلَخْ] أَيْ وَمُخَالِفٌ أَيْضًا لِمَا رُوِيَ عَنْهَا مِنْ أَنَّ قِيَامَهُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ وَسَبْعَ عَشْرَةَ، وَرَوَى غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَجَعَ إلَى تِسْعٍ ثُمَّ إلَى سَبْعٍ، وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَوَّلُ مَا يَبْدَأُ إذَا دَخَلَ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ، وَإِذَا قَامَ يَتَهَجَّدُ افْتَتَحَ وِرْدَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ لِيَنْشَطَ، وَإِذَا خَرَجَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ رَكَعَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَتَارَةً عُدَّتْ مَا يَفْعَلُهُ فِي لَيْلَةٍ بِتَمَامِهِ وَهُوَ سَبْعَ عَشْرَةَ بِتَسَمُّحٍ فِي عَدِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَتَارَةً أَسْقَطْت رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ اللَّيْلِ.
فَعُدَّتْ خَمْسَ عَشْرَةَ وَتَارَةً أَسْقَطْت تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ فَعُدَّتْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَتَارَةً أَسْقَطْت الرَّكْعَتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ فَعُدَّتْ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً هَكَذَا جَمَعَ بَعْضُهُمْ.
وَقَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: أَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَرَاتِبُ بِحَسْبِ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَضِيقِهِ أَوْ عُذْرٍ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ كِبَرِ سِنِّهِ لِمَا رَوَى النَّسَائِيُّ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ تِسْعًا فَلَمَّا أَسَنَّ صَلَّى سَبْعًا» .
[بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ]
بَابُ الِاعْتِكَافِ [قَوْلُهُ: بِمَا هُوَ مُلَازِمٌ لَهُ] يَقْتَضِي أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَازِمٌ لِلصَّوْمِ مَتَى وُجِدَ الصَّوْمُ وُجِدَ الِاعْتِكَافُ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْوَاقِعُ إنَّمَا هُوَ الْعَكْسُ.
بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ] وَإِنَّمَا عَقَّبَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ عَقِبَهُ لِالْتِمَاسِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ إذْ هِيَ مُخْتَصَّةٌ بِهِ عَلَى أَحَدِ التَّشْهِيرَيْنِ وَبَدَأَ بِحُكْمِهِ فَقَالَ: (وَالِاعْتِكَافُ مِنْ نَوَافِلِ الْخَيْرِ) الْمُرَغَّبِ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَفْضَلُهُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لِمُوَاظَبَتِهِ عليه الصلاة والسلام عَلَيْهِ ثُمَّ بَيَّنَ مَعْنَاهُ لُغَةً بِقَوْلِهِ:(وَالْعُكُوفُ الْمُلَازَمَةُ) عَلَى الشَّيْءِ وَحَبْسُ النَّفْسِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَعْنَاهُ شَرْعًا فَهُوَ لُزُومُ الْمُسْلِمِ الْمُمَيِّزِ الْمَسْجِدَ لِلذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ صَائِمًا كَافًّا عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ يَوْمًا فَمَا
ــ
[حاشية العدوي]
[قَوْلُهُ: إذْ هِيَ مُخْتَصَّةٌ بِهِ] أَيْ بِرَمَضَانَ عَلَى أَحَدِ التَّشْهِيرَيْنِ، وَقِيلَ: وَلَيْسَتْ مُخْتَصَّةً بِهِ.
[قَوْلُهُ: الْمُرَغَّبِ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ سُنَّةٌ، وَقِيلَ مَكْرُوهٌ.
وَهُمَا ضَعِيفَانِ، إلَّا أَنَّ الْمُوَاظَبَةَ الَّتِي أَفَادَهَا الشَّارِحُ تَقْتَضِي السُّنِّيَّةَ فَهُوَ مُشْكِلٌ، وَلِذَلِكَ ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ خِلَافَهُ حَيْثُ قَالَ: لِأَنَّهُ وَإِنْ فَعَلَهُ صلى الله عليه وسلم لَكِنَّهُ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَارَةً يَعْتَكِفُ وَتَارَةً يَتْرُكُ فَلَا يَصْدُقُ ضَابِطُ السُّنَّةِ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: وَأَفْضَلُهُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ] أَيْ وَأَفْضَلُ الِاعْتِكَافِ الْكَائِنُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَحَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِكَافُ فِي رَمَضَانَ لِكَوْنِهِ سَيِّدَ الشُّهُورِ وَتُضَاعَفُ فِيهِ الْحَسَنَاتُ، وَيَتَأَكَّدُ الِاسْتِحْبَابُ بِالْعَشْرِ الْأَخِيرَةِ لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ الْغَالِبَةِ الْوُجُودِ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: لِمُوَاظَبَتِهِ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَنَّ مُقَابِلَ الْمَشْهُورِ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ خِلَافُ مَا حَلَّيْنَا بِهِ كَلَامَهُ أَوَّلًا، إلَّا أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ لَيْسَ فِي الْمُصَنَّفِ تَعْيِينُ الْحُكْمِ هَلْ هُوَ النَّدْبُ أَوْ السُّنِّيَّةُ بَلْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ تَقْتَضِي السُّنِّيَّةَ كَمَا قَرَّرْنَاهُ سَابِقًا.
[قَوْلُهُ: عَلَيْهِ] أَيْ عَلَى الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ [قَوْلُهُ: وَالْعُكُوفُ الْمُلَازَمَةُ عَلَى الشَّيْءِ] أَيْ طَاعَةً كَانَ أَوْ مَعْصِيَةً.
قَالَ تَعَالَى: {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] هَذَا مَعْنَاهُ لُغَةً، وَلَمَّا كَانَ فِي حَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ جُنُوحٌ إلَى التَّعْرِيفِ بِالْأَعَمِّ وَالْأَكْثَرِ عَلَى مَنْعِهِ حَوَّلَهُ الشَّارِحُ إلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ لَكِنْ فِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَيْسَ دَأْبُ الْمُصَنِّفِ التَّكَلُّمَ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الثَّانِي: أَنَّ ذِكْرَهُ التَّعْرِيفَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَالِاعْتِكَافُ مِنْ نَوَافِلِ الْخَيْرِ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمُلَازَمَةُ عَلَى الْقُرْبَةِ أَيْ الْقَاصِرَةِ الَّذِي هُوَ التَّعْرِيفُ الشَّرْعِيُّ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّ فِيهِ تَقْدِيمَ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصَوُّرِ، فَالتَّصْدِيقُ هُوَ قَوْلُهُ: وَالِاعْتِكَافُ مِنْ نَوَافِلِ الْخَيْرِ وَالتَّصَوُّرُ هُوَ قَوْلُهُ وَالْعُكُوفُ الْمُلَازَمَةُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ فِيهِ تَقْدِيمَ التَّصْدِيقِ عَلَى التَّصَوُّرِ لِلْغَيْرِ لَا التَّصَوُّرِ فَلَا إيرَادَ [قَوْلُهُ: وَحَبْسُ إلَخْ] مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفَ مُرَادِفٍ [قَوْلُهُ: لُزُومُ] يُشْعِرُ بِطُولِ الْمُكْثِ فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ الْمَارِّ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْمُرَادُ اللُّزُومُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الضَّرُورِيِّ [قَوْلُهُ: الْمُسْلِمِ] قَيَّدَ بِالْمُسْلِمِ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ.
وَإِلَّا فَالْكَافِرُ مُخَاطَبٌ بِهَا إلَّا أَنَّهَا لَا تَصِحُّ [قَوْلُهُ: الْمُمَيِّزِ] أَيْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا أَوْ عَبْدًا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَلَا يَصِحُّ اعْتِكَافُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ.
وَالْمُمَيِّزُ هُوَ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ وَلَا يَنْضَبِطُ بِسِنٍّ بَلْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَفْهَامِ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِفَهْمِ الْخِطَابِ وَبِرَدِّ الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا تَكَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنَ الْجَوَابَ عَنْهُ لَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ أَجَابَ.
[قَوْلُهُ:
فَوْقَهُ بِنِيَّةٍ، وَقَدْ اشْتَمَلَ هَذَا عَلَى أَرْكَانِهِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ إلَى أَحَدِهَا بِقَوْلِهِ:(وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصِيَامٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُفْطِرٍ وَلَوْ لِعُذْرٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ لِلِاعْتِكَافِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونَ وَسَحْنُونٌ: لَا بُدَّ مِنْ صَوْمٍ يَخُصُّهُ فَلَا يُجْزِئُ فِي رَمَضَانَ وَيَرُدُّهُ فِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَهُ فِي رَمَضَانَ.
(وَ) مِنْ شَرْطِ الِاعْتِكَافِ (أَنْ لَا يَكُونَ إلَّا مُتَتَابِعًا) مَا لَمْ يَنْذِرْهُ مُتَفَرِّقًا فَإِنْ نَذَرَهُ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّتَابُعُ.
ثُمَّ أَشَارَ إلَى رُكْنٍ آخَرَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يَكُونُ) الِاعْتِكَافُ (إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ) فَلَا يَصِحُّ فِي الْبُيُوتِ وَالْحَوَانِيتِ وَنَحْوِهَا (كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] فَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فِي أَيِّ بَلَدٍ كَانَ (فَإِنْ كَانَ بَلَدٌ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ، وَبِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهَا نَاقِصَةٌ اسْمُهَا ضَمِيرٌ فِيهَا تَقْدِيرُهُ كَانَ هُوَ أَيْ اعْتِكَافُهُ فِي بَلَدٍ (فِيهِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمَسْجِدَ] أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مَسْجِدَ جُمُعَةٍ إلَّا أَنْ يُنْذِرَ أَيَّامًا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَسْجِدِ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي مَسَاجِدِ الْبُيُوتِ وَلَا فِي الْكَعْبَةِ وَإِنْ جَازَ لَهُ دُخُولُهَا.
[قَوْلُهُ: لِلذِّكْرِ وَالصَّلَاةِ] أَيْ مِنْ كُلِّ قُرْبَةٍ قَاصِرَةٍ خَرَجَتْ الْقُرْبَةُ الْمُتَعَدِّيَةُ كَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ الْغَيْرِ الْعَيْنِيِّ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كِتَابَةُ الْمُعْتَكِفِ وَإِنْ مُصْحَفًا إنْ كَثُرَ لَا إنْ قَلَّ، فَخِلَافُ الْأَوْلَى فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا فَيُبَاحَ لَهُ لِتَعَيُّشِهِ.
[قَوْلُهُ: يَوْمًا فَمَا فَوْقَهُ] الْفَاءُ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ إلَّا أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ يَوْمًا فَقَطْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَيُمْكِنُ جَرَيَانُهُ عَلَى قَوْلٍ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ غَيْرُهُ.
وَأَقُولُ: بَلْ يُمْكِنُ جَرَيَانُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةِ وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِحُّ إنْ دَخَلَ مَعَ الْفَجْرِ.
[قَوْلُهُ: وَقَدْ اشْتَمَلَ هَذَا عَلَى أَرْكَانِهِ إلَخْ] أَيْ الَّتِي هِيَ الْإِسْلَامُ وَالتَّمْيِيزُ وَكَوْنُهُ فِي مَسْجِدٍ وَكَوْنُ الْمَذْكُورِ ذِكْرًا وَصَلَاةً وَغَيْرَ ذَلِكَ وَالْكَفُّ عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ، وَأَرَادَ بِالْأَرْكَانِ مَا تَتَوَقَّفُ حَقِيقَةُ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ اللُّزُومُ الْمُقَيَّدُ بِتِلْكَ الْقُيُودِ [قَوْلُهُ: وَلَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصِيَامٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الصَّوْمُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي: [قَوْلُهُ: وَلَوْ لِعُذْرٍ] أَيْ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ: يَصِحُّ اعْتِكَافُ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ وَضَعِيفِ الْبِنْيَةِ وَنَحْوِهِمَا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ لِلِاعْتِكَافِ عَلَى الْمَذْهَبِ] أَيْ فَيَصِحُّ وَلَوْ فِي رَمَضَانَ.
[قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُنْذِرْهُ مُتَفَرِّقًا] أَفَادَ أَنَّ الْمَتْنَ مَحْمُولٌ عَلَى صُورَتَيْنِ أَنْ يُنْذِرَ التَّتَابُعَ أَوْ يُطْلِقَ بِأَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ شَهْرٍ مَثَلًا [قَوْلُهُ: فَإِنْ نَذَرَهُ كَذَلِكَ] أَيْ مُتَفَرِّقًا فَلَا يَلْزَمُهُ تَتَابُعُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَهُ مُتَفَرِّقًا وَأَطْلَقَ وَكَانَ عَشْرَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ عَشْرَ مَرَّاتٍ كُلُّ مَرَّةٍ بِلَيْلَةٍ وَيَوْمٍ، وَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُهُ التَّفْرِيقُ؟ وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مِنْ غَيْرِ اعْتِكَافٍ وَأَطْلَقَ لَا يَلْزَمُهُ تَتَابُعُهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَالصَّوْمِ أَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا يُفْعَلُ بِالنَّهَارِ، فَكَيْفَمَا أُتِيَ بِهِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ، فَرَّقَهُ أَوْ تَابَعَهُ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ يَسْتَغْرِقُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ فَكَانَ حُكْمُهُ يَقْتَضِي التَّتَابُعَ.
[قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمَسَاجِدِ] أَيْ الْمُبَاحَةِ فَلَا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهِ وَلَا فِي مَسْجِدٍ مُحَجَّرٍ وَلَا فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَلَا فِي بَيْتِ قَنَادِيلِهِ وَلَوْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ امْرَأَةً.
[قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ] وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْجَامِعِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
[قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ] خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَعَطَاءٍ فَقَدْ قَالَ الْأَوَّلُ: لَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ مَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ.
[قَوْلُهُ: فِي أَيِّ بَلَدٍ كَانَ إلَخْ] الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ رَدَّ قَوْلٍ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: أَيْ اعْتِكَافُهُ فِي بَلَدٍ] فِي هَذَا التَّقْدِيرِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ النَّصْبَ مَعَ حَذْفِ فِي وَهُوَ لَا يَنْقَاسُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ، وَلَوْ جُعِلَ الِاسْمُ عَائِدًا عَلَى الْبَلَدِ وَلَفْظُ بَلَدٍ خَبَرًا مَوْصُوفًا بِقَوْلِهِ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَيَكُونُ خَبَرًا مَوْطِئًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي نَحْوِ: أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ مَا بَعُدَ فَإِنْ قُلْت: جُعِلَ الِاسْمُ عَائِدًا عَلَى الْبَلَدِ فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَّا ذِكْرُ الِاعْتِكَافِ لَا الْبَلَدِ قُلْت: يُفْهَمُ مِنْ الْمَعْنَى أَيْ فَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ الَّذِي فِيهِ الِاعْتِكَافُ بَلَدًا فِيهِ
الْجُمُعَةُ) وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَنَذَرَ أَيَّامًا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ (فَلَا يَكُونُ) بِمَعْنًى لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ (إلَّا فِي) الْمَسْجِدِ (الْجَامِعِ) فِي الْمَكَانِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ، فَلَا يَصِحُّ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ وَلَا فِي بَيْتِ الْخَطَابَةِ وَلَا السِّقَايَةِ، وَلَا بَيْتِ قَنَادِيلِهِ لِكَوْنِهَا مَحْجُورًا عَلَيْهَا، فَأَشْبَهَتْ بِذَلِكَ الْحَوَانِيتَ وَالْبُيُوتَ الَّتِي لَا تُدْخَلُ إلَّا بِإِذْنٍ، وَالْمُسْتَحَبُّ عَجْزُ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ أَخْفَى لِلْعِبَادَةِ وَلِلْبُعْدِ مِمَّنْ قَدْ يَتَشَاغَلُ بِالْحَدِيثِ مَعَهُ. (إلَّا أَنْ يَنْذِرَ أَيَّامًا لَا تَأْخُذُهُ فِيهَا الْجُمُعَةُ) مِثْلَ سِتَّةِ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي أَيِّ مَسْجِدٍ كَانَ عَلَى الْمَذْهَبِ.
(وَأَقَلُّ مَا هُوَ أَحَبُّ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ (إلَيْنَا) أَيْ إلَى الْمَالِكِيَّةِ عَلَى رَأْيٍ (مِنْ الِاعْتِكَافِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ) وَأَكْمَلُهُ شَهْرٌ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى رَأْيٍ أَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْمَلُهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَكْرُوهٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى.
(وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَأَكْثَرَ لَزِمَهُ) مَا نَوَاهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا نَذَرَ يَوْمًا لَا يَلْزَمُهُ لَيْلَتُهُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ (وَإِنْ نَذَرَ لَيْلَةً لَزِمَهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ) عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
الْجُمُعَةُ، وَعَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَعْنَى جَائِزٌ مُصَرَّحٌ بِهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ بِحَذْفِ شَيْءٍ مِنْهُ.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إلَخْ] هَذَانِ الْقَيْدَانِ تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِمَا [قَوْلُهُ: وَنَذَرَ أَيَّامًا] أَيْ أَوْ نَوَى أَيَّامًا [قَوْلُهُ: فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي الْجَامِعِ] أَيْ لِأَجْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فَلَوْ اعْتَكَفَ فِي مَسْجِدٍ لَا خُطْبَةَ فِيهِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ، فَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ لِأَنَّ تَرْكَ الْجُمُعَةِ صَغِيرَةٌ وَالِاعْتِكَافُ إنَّمَا يَبْطُلُ بِالْكَبِيرَةِ إلَّا أَنْ يَتْرُكَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ، وَإِلَّا جَرَى الْخِلَافُ فِي بُطْلَانِهِ بِالْكَبِيرَةِ.
[قَوْلُهُ: الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ] أَيْ اخْتِيَارًا فَلَا تَصِحُّ بِرَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ، وَأَمَّا رَحْبَتُهُ الدَّاخِلَةُ فِيهِ وَهِيَ الصَّحْنُ فَتَصِحُّ وَكَذَا لَا يَصِحُّ فِي الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ.
[قَوْلُهُ: لِكَوْنِهَا مَحْجُورًا عَلَيْهَا] أَيْ فَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي الْكَعْبَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّحْجِيرِ، وَلَا يَصِحُّ فِي زَمْزَمَ وَلَا فِي سِقَايَةِ الْعَبَّاسِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْمَسَاجِدِ قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَحَبُّ عَجُزُ الْمَسْجِدِ] بِسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ آخِرُهُ قَالَهُ تت فِي شَرْحِ خَلِيلٍ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخْفَى إلَخْ] فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] قَدْ عَرَفْت مُقَابِلَهُ وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُتَقَدِّمُ.
[قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ مَا هُوَ إلَخْ] هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يُفِيدُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ، وَعَلَى أَنَّ أَقَلَّهُ عَشْرَةٌ لَوْ اقْتَصَرَ فِي الِاعْتِكَافِ عَلَى مَا دُونَ الْعَشَرَةِ هَلْ يَكُونُ فَاعِلًا مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى.
وَفِي ظَنِّي أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ ذَكَرَ فِيهِ الْكَرَاهَةَ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عِيسَى ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ.
[قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَكْرُوهٌ] أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى هُمَا قَوْلَانِ حَكَاهُمَا اللَّخْمِيُّ وَذَكَرَ ذَلِكَ تت، وَلَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ هَلْ هُمَا قَوْلَانِ أَوْ مَحَلُّ نَظَرٍ.
تَنْبِيهٌ: تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْأَقَلِّ فِيمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَدَخَلَ فِيهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَدَدًا، فَعَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْمُسْتَحَبِّ، وَعَلَى الثَّانِي يَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِأَنَّهُمَا أَقَلُّ الْمُسْتَحَبِّ.
[قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ] أَيْ إذَا نَذَرَ يَوْمًا تَلْزَمُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ فَإِنْ قُلْت: كَلَامُهُ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ بِكَرَاهَةِ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَقَلَّ مُسْتَحَبِّهِ عَشْرَةٌ، وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَا قِيلَ فِي نَاذِرِ رَابِعِ النَّحْرِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَعَ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ذَكَرَهُ عج.
وَذَلِكَ أَنَّ فِي ذَلِكَ الْأَقَلِّ شَائِبَتَيْنِ شَائِبَةُ كَوْنِهِ عِبَادَةً وَشَائِبَةُ التَّحْدِيدِ لِهَذَا الْقَدْرِ الْمَخْصُوصِ، فَلَزِمَ النَّاذِرَ الْوَفَاءُ بِهِ لِلشَّائِبَةِ الْأُولَى وَمِثْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي لُزُومِ الْوَفَاءِ لَوْ نَذَرَ أَكْثَرَ مِنْ أَكْبَرِ مُدَّةِ الِاعْتِكَافِ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ نَذَرَ إلَخْ] إنَّمَا لَزِمَهُ الْأَمْرَانِ بِنَذْرِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ يَوْمِهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: 142] فَالْمُرَادُ الْأَيَّامُ بِلَيَالِيِهَا، وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ بَعْضَ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ