الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سَوَاءٌ كَانَتْ رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً تَحَرَّكَتْ بِحَرَكَتِهِ أَوْ لَا (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لَا بُطْلَانَ صَلَاةٍ وَلَا إعَادَتَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا خُوطِبَ بِطَهَارَةِ بُقْعَتِهِ.
ع: ظَاهِرُ كَلَامِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ مَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْعِمَامَةِ يَكُونُ بِطَرْفِهَا الْمَسْدُولِ نَجَاسَةٌ فَإِنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ بِاتِّفَاقٍ، وَهَذَا إنْ تَحَرَّكَتْ النَّجَاسَةُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ لَمْ تَتَحَرَّكْ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِلنَّجَاسَةِ بِخِلَافِ الْحَصِيرِ.
(وَالْمَرِيضُ إذَا كَانَ) مُقِيمًا (عَلَى فِرَاشٍ نَجِسٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبْسُطَ عَلَيْهِ ثَوْبًا طَاهِرًا كَثِيفًا وَيُصَلِّي عَلَيْهِ) وَلَوْ تَحَرَّكَ النَّجِسُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَشُرِطَ فِي الْحَائِلِ أَنْ يَكُونَ طَاهِرًا احْتِرَازًا مِنْ النَّجِسِ، وَأَنْ يَكُونَ كَثِيفًا أَيْ صَفِيقًا احْتِرَازًا مِنْ الْخَفِيفِ الَّذِي يَشِفُّ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ لَا يُغْتَفَرُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.
وَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ عَامٌّ لِلْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَصَرَّحَ ق بِمَشْهُورِيَّتِهِ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّجَاسَةِ حَائِلًا طَاهِرًا.
وَقَالَ ع: وَإِنَّمَا خَصَّ الْمَرِيضَ بِالذِّكْرِ لِلْغَالِبِ أَوْ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ.
(وَ
صَلَاةُ الْمَرِيضِ)
الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ) فِيهَا لِقِرَاءَةِ جَمِيعِ الْفَاتِحَةِ لَا مُسْتَقِلًّا وَلَا مُسْتَنِدًا لِغَيْرِ جُنُبٍ أَوْ حَائِضٍ (صَلَّى جَالِسًا) فَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْلِسَ مُتَرَبِّعًا فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ (إنْ
ــ
[حاشية العدوي]
بَعُدَ الْأَمْرُ وَالْبُعْدُ مُقَدَّرٌ بِجَفَافِ الْأَعْضَاءِ الْمُعْتَدِلَةِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ الْمُعْتَدِلَيْنِ، فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْمُنَكَّسَ وَحْدَهُ مَرَّةً اسْتِنَانًا إنْ نَكَسَ سَهْوًا، وَإِلَّا أَعَادَ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ أَبَدًا أَيْ نَدْبًا فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ كَمَا نَقَلَ الْمَوَّاقُ، وَأَمَّا مَعَ الْقُرْبِ بِأَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمَاءِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا فَإِنَّهُ يُعِيدُ الْمُنَكَّسَ ثَلَاثًا اسْتِنَانًا مَعَ تَابِعِهِ شَرْعًا لَا فِعْلًا مَرَّةً مَرَّةً نَدْبًا.
[طَهَارَة مَحِلّ الصَّلَاة]
[قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ] وَلَوْ لَمَسَتْهَا ثِيَابُهُ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْفَرْوَةِ الَّتِي بِبَاطِنِهَا نَجَاسَةٌ وَلَوْ جِلْدَ كَلْبٍ حَيْثُ كَانَ الشَّعْرُ سَاتِرًا لِلْجِلْدِ وَلَا نَجَاسَةَ بِهِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ] كَأَنَّهُ يَقُولُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَذَا وَهَذَا الظَّاهِرُ لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ إذْ لَا فَرْقَ إلَى آخِرِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جَائِزًا ابْتِدَاءً لَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ مَثَلًا.
[قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ] أَيْ يَجُوزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ قَالَهُ تت.
[قَوْلُهُ: ثَوْبًا طَاهِرًا] غَيْرَ حَرِيرٍ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ غَيْرَهُ، وَيُشْتَرَطُ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُفْرَشُ أَنْ يَكُونَ مُنْفَصِلًا عَنْ الْمُصَلِّي وَإِلَّا بَطَلَتْ.
[قَوْلُهُ: مِنْ الْخَفِيفِ الَّذِي يَشِفُّ] الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ يَشِفُّ بِحَيْثُ تَبْدُو النَّجَاسَةُ بِدُونِ تَأَمُّلٍ عَلَى قِيَاسِ مَا قِيلَ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ بَلْ هَذَا أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ عَامٌّ لِلْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ وَلَا كَرَاهَةَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا كَمَا فِي عج خِلَافًا لتت.
[صَلَاة الْمَرِيض]
[قَوْلُهُ: الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ] أَيْ الْمُقَابِلَةُ لِلسُّنَّةِ فَيَدْخُلُ فِيهَا النَّفَلُ الْمَنْذُورُ فِيهِ الْقِيَامُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِفَرْضِيَّتِهِمَا.
[قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ] بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ جُمْلَةً أَوْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ شَدِيدَةٌ إذَا كَانَ مَرِيضًا، وَمُلَخَّصُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ جُمْلَةً أَوْ يَخَافُ بِهِ مَرَضًا أَوْ زِيَادَتَهُ أَوْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَرِيضًا لَا إنْ كَانَ صَحِيحًا، فَلَا تَكُونُ الْمَشَقَّةُ الْمَذْكُورَةُ مُبِيحَةً لَهُ تَرْكَ الْقِيَامِ تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ جَالِسًا، وَاعْلَمْ أَنَّ وُجُوبَ الْقِيَامِ اسْتِقْلَالًا إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ فِعْلِ الْفَرْضِ كَالرُّكُوعِ وَالْإِحْرَامِ وَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ عَلَى غَيْرِ الْمَأْمُومِ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا، فَإِذَا اسْتَنَدَ الْمَأْمُومُ فِي حَالِ قِرَاءَتِهَا لِعِمَادٍ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْعِمَادُ لَسَقَطَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ كَحَالِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ مُطْلَقًا، أَيْ فَذًّا أَوْ إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا كَمَا قَرَّرَهُ مَنْ يُدْرِكُ وَلَا تَلْتَفِتُ لِمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ وَاغْتَرَّ بِظَاهِرِ عِبَارَةِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ، وَالِاسْتِنَادُ فِي نَحْوِ الرُّكُوعِ مُبْطِلٌ حَيْثُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ لَا عَلَى وَجْهِ السَّهْوِ فَتَبْطُلُ الرَّكْعَةُ فَقَطْ.
[قَوْلُهُ: لِغَيْرِ جُنُبٍ أَوْ حَائِضٍ] فَإِنْ اسْتَنَدَ لِأَحَدِهِمَا مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِمَا صَحَّتْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَالْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الضَّرُورِيُّ فِي الصُّبْحِ وَالْعِشَاءَيْنِ، وَالِاخْتِيَارِيُّ فِي الْعَصْرِ وَالِاخْتِيَارِيُّ وَبَعْضُ الضَّرُورِيِّ فِي الظُّهْرِ، وَحَاصِلُهُ أَنْ تَقُولَ وَلِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَهَذَا الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الضَّرُورِيُّ وَأَطْلَقَ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِ جُنُبٍ أَوْ حَائِضٍ، أَيْ جُنُبٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مَحْرَمٍ أَوْ حَائِضٍ مَحْرَمٍ، وَأَمَّا غَيْرُ مَحْرَمٍ فَلَا يَصِحُّ
قَدَرَ عَلَى التَّرَبُّعِ) لِيُنْبِئَ جُلُوسُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَنْ الْبَدَلِيَّةِ عَنْ الْقِيَامِ، وَقِيلَ: يَجْلِسُ كَمَا يَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ وَاخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُغَيِّرُ جِلْسَتِهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنْ يَثْنِيَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيَجْعَلَ بُطُونَ أَصَابِعِهَا إلَى الْأَرْضِ كَمَا فِي التَّشَهُّدِ، وَكَذَا الْأَفْضَلِ فِي حَقِّ الْمُتَنَفِّلِ جَالِسًا التَّرَبُّعُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الْمَرِيضُ الَّذِي فَرْضُهُ الْجُلُوسُ عَلَى التَّرَبُّعِ (فَ) أَنَّهُ يَجْلِسُ (بِقَدْرِ طَاقَتِهِ) مِنْ الْجُلُوسِ (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْمَرِيضُ الَّذِي فَرْضُهُ الْجُلُوسُ (عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) أَيْضًا (فَلْيُومِئْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ) بِرَأْسِهِ وَظَهْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ بِظَهْرِهِ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ بِرَأْسِهِ أَوْمَأَ بِمَا يَسْتَطِيعُ وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ إذَا أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ مِنْهُ رَفَعَهُمَا عَنْهُمَا، وَإِذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ، وَإِذَا رَفَعَ مِنْهُ
ــ
[حاشية العدوي]
وَلَوْ غَيْرَ جُنُبٍ وَحَائِضٍ حَيْثُ تَحَقَّقَ حُصُولُ لَذَّةٍ، أَوْ اشْتِغَالُ مَقْصِدٍ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ سِوَاهَا فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ اسْتَنَدَ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهَا حَيْثُ لَا حَيْضَ وَلَا جَنَابَةَ وَإِلَّا كُرِهَ.
[قَوْلُهُ: فَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَا لِأَصِحَّاءٍ وَلَا لِمَرْضَى وَلَوْ لِمِثْلِهِ، هَكَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ضَعِيفٌ، إذْ الْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ إمَامَتِهِ لِمِثْلِهِ.
[قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَجْلِسَ مُتَرَبِّعًا] أَيْ يُنْدَبُ. [قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ يُغَيِّرُ جِلْسَتَهُ] أَيْ نَدْبًا وَكَذَا يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يُغَيِّرَهَا فِي حَالِ السُّجُودِ، وَفِي حَالِ التَّشَهُّدِ لِكَوْنِ الْأُولَى سُنَّةً وَالثَّانِي مَنْدُوبٌ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الْمَرِيضُ الَّذِي فَرْضُهُ الْجُلُوسُ عَلَى التَّرَبُّعِ] بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ جُمْلَةً أَوْ يَلْحَقُهُ بِالتَّرَبُّعِ الْمَشَقَّةُ الْفَادِحَةُ.
[قَوْلُهُ: يَجْلِسُ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ] وَيَسْتَنِدُ لِغَيْرِ جُنُبٍ وَحَائِضٍ وَلَهُمَا أَعَادَ بِوَقْتٍ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ التَّرَبُّعِ وَالْجُلُوسِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الْمَرِيضُ الَّذِي فَرْضُهُ الْجُلُوسُ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَيْضًا] بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ جُمْلَةً أَوْ تَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ الشَّدِيدَةُ.
[قَوْلُهُ: فَلْيُومِئْ بِالرُّكُوعِ] أَيْ فَلْيُشِرْ لِلرُّكُوعِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ.
[قَوْلُهُ: بِرَأْسِهِ وَظَهْرِهِ] أَيْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِيمَاءِ بِهِمَا، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِيمَاءِ بِهِمَا وَلَا يُطْلَبُ بِأَزْيَدَ، وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُسْعُ.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ بِظَهْرِهِ] أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِيمَاءِ بِهِمَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ بَقِيَتْ صُورَةٌ وَهِيَ إذَا عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ وَقَدَرَ عَلَى الْإِيمَاءِ بِظَهْرِهِ، وَتَرَكَهَا الشَّارِحُ لِعَدَمِ إمْكَانِهَا عَادَةً وَإِنْ اقْتَضَتْهَا الْقِسْمَةُ الْعَقْلِيَّةُ.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ بِرَأْسِهِ] أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ الْقُدْرَةِ بِظَهْرِهِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا.
[قَوْلُهُ: وَأَوْمَأَ بِمَا يَسْتَطِيعُ] قَضِيَّتُهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْحَاجِبِ وَالْعَيْنِ وَالْأُصْبُعِ وَغَيْرِهِمَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَعْدَ الرَّأْسِ الْحَاجِبَ وَالْعَيْنَ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَبِإِصْبَعِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرُوا فِي الْمُصَلِّي مِنْ اضْطِجَاعٍ، وَاسْتَظْهَرَهُ عج أَنَّ التَّرْتِيبَ فِيمَا ذَكَرَ وَاجِبٌ، فَإِنْ قُلْت: لِمَ قَدَّمَ مَرْتَبَةَ الْعَيْنِ أَوْ الْحَاجِبِ عَلَى الْأُصْبُعِ أَقْوَى قُلْت: لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ حَرَكَةَ الْحَاجِبِ وَالْعَيْنِ لَمَّا كَانَا مِنْ الرَّأْسِ أَوْ قَرِيبَيْنِ مِنْ الرَّأْسِ الَّتِي لَهَا دَخْلٌ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قُدِّمَا عَلَى الْأُصْبُعِ الَّذِي لَا دَخْلَ لِلْيَدِ الَّتِي هُوَ مِنْهَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
[قَوْلُهُ: وَيَضَعُ يَدَيْهِ] اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَوْمَأَ لِلرُّكُوعِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قِيَامٍ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ مِنْ قِيَامٍ فَلْيَمُدَّ يَدَيْهِ مُشِيرًا بِهِمَا إلَى رُكْبَتَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جُلُوسٍ أَيْ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ فَيَضَعُهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَاسْتَظْهَرَ عج الْوُجُوبَ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْمُومِئُ لِلسُّجُودِ فَلَا يَخْلُو أَيْضًا إمَّا أَنْ يُومِئَ إلَيْهِ مِنْ قِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ، أَيْ الَّذِي كَلَامُنَا فِيهِ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ.
أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إنْ أَوْمَأَ مِنْ قِيَامٍ يُومِئُ بِيَدِهِ إلَى الْأَرْضِ وَإِنْ أَوْمَأَ لَهُ مِنْ جُلُوسٍ يَضَعُهُمَا عَلَى الْأَرْضِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الْإِيمَاءِ بِالْيَدَيْنِ إذَا أَوْمَأَ مِنْ قِيَامٍ وَالْوَضْعُ عَلَى الْأَرْضِ إذَا أَوْمَأَ مِنْ الْجُلُوسِ، الْوُجُوبُ عَلَى قِيَاسِ مَا قَالَ عج فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي لَا يَفْعَلُ بِهِمَا شَيْئًا إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِذَا أَوْمَأَ إلَخْ مُرُورٌ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَرْجَحِيَّتِهِ عِنْدَهُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ:
وَضَعَهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ (وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ) اسْتِحْبَابًا ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُكْرَهُ لَهُ رَفْعُ شَيْءٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ جَهْلًا لَمْ يُعِدْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْمَرِيضُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا اسْتِقْلَالًا وَلَا مُسْتَنِدًا وَلَا مُتَرَبِّعًا وَلَا غَيْرَ مُتَرَبِّعٍ (صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ إيمَاءً) وَيَجْعَلُ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ كَمَا يُوضَعُ فِي لَحْدِهِ (وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) أَنْ يُصَلِّيَ (إلَّا مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ فَعَلَ ذَلِكَ) أَيْ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا عَلَى ظَهْرِهِ إيمَاءً وَرِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ.
(وَلَا يُؤَخِّرُ) الْمُكَلَّفُ بِمَعْنَى لَا يَتْرُكُ (الصَّلَاةَ إذَا كَانَ فِي عَقْلِهِ وَلْيُصَلِّهَا بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ) مِنْ قِيَامٍ وَجُلُوسٍ وَإِيمَاءٍ وَاضْطِجَاعٍ وَنَحْوِ مَا قَالَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَيُصَلِّي الْمَرِيضُ عَلَى قَدْرِ مَا يَسْتَطِيعُ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ، وَفِيهَا أَيْضًا يُومِئُ بِرَأْسِهِ وَلَا يَدْعُ الْإِيمَاءَ وَإِنْ كَانَ مُضْطَجِعًا وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ عَقْلِهِ.
ــ
[حاشية العدوي]
وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ] أَيْ يَكُونُ إيمَاؤُهُ لِلسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ إيمَائِهِ لِلرُّكُوعِ اسْتِحْبَابًا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ وُجُوبًا وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنَّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَمَفْهُومٌ أَيْضًا مِنْ عِبَارَةِ بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ بِالِاسْتِحْبَابِ يَكُونُ ضَعِيفًا، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِ السُّجُودِ أَخْفَضَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْوُسْعُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ جَهْلًا لَمْ يُعِدْ] قَالَ الْبِسَاطِيُّ مَفْهُومُهُ لَوْ فَعَلَهُ عَمْدًا لَأَعَادَ انْتَهَى بِالْمَعْنَى، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضٍ وَلَوْ عَمْدًا وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا نَوَى بِإِيمَائِهِ الْأَرْضَ فَإِنْ نَوَى بِهِ مَا رُفِعَ دُونَ الْأَرْضِ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.
[قَوْلُهُ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ] أَيْ نَدْبًا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ فَعَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ أَيْضًا [قَوْلُهُ: فَعَلَ ذَلِكَ] بِأَنْ يَجْعَلَ وَجْهَهُ إلَى السَّمَاءِ وَرِجْلَيْهِ إلَى الْقِبْلَةِ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الظَّهْرِ صَلَّى مُضْطَجِعًا عَلَى بَطْنِهِ وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَرِجْلَاهُ فِي دُبُرِهَا، وَحُكْمُ الِاسْتِقْبَالِ فِي تِلْكَ الْحَالَاتِ الْوُجُوبُ مَعَ الْقُدْرَةِ، فَلَوْ صَلَّى لِغَيْرِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ بَطَلَتْ وَالْقُدْرَةُ تَكُونُ بِوُجُودِ مَنْ يُحَوِّلُهُ، فَلَوْ وَجَدَ مَنْ يُحَوِّلُهُ بَعْدَ الصَّلَاةِ يُنْدَبُ لَهُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الْقِيَامِ اسْتِقْلَالًا وَاسْتِنَادًا وَاجِبٌ وَبَيْنَ الْقِيَامِ اسْتِنَادًا مَعَ الْجُلُوسِ اسْتِقْلَالًا مَنْدُوبٌ، وَبَيْنَ الْجُلُوسَيْنِ وَاجِبٌ كَالتَّرْتِيبِ بَيْنَ الْجُلُوسِ مُسْتَنِدًا وَبَيْنَ الِاضْطِجَاعِ بِحَالَتَيْهِ، وَالظَّهْرُ وَالتَّرْتِيبُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ النَّدْبُ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الِاضْطِجَاعِ عَلَى الْبَطْنِ الْوُجُوبُ، وَالْمُصَلِّي مِنْ اضْطِجَاعٍ يُومِئُ بِرَأْسِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ أَوْمَأَ بِعَيْنِهِ وَحَاجِبَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِأُصْبُعِهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ عج: أَنَّ تَرْتِيبَ الْإِيمَاءِ بِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ وَاجِبٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ قَالَ عج، وَانْظُرْ أَيَّ أُصْبُعٍ هَلْ هُوَ السَّبَّابَةُ أَوْ غَيْرُهَا أَوْ يَكْفِي، أَيُّ أُصْبُعٍ مِنْ الْيَدِ وَهَلْ الْيُمْنَى أَوْ الْيُسْرَى.
قَوْلُهُ: وَإِيمَاءٌ] ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِيمَاءَ مُقَابِلٌ لِلْجُلُوسِ وَالِاضْطِجَاعِ مَعَ أَنَّهُ مُصَاحِبٌ لَهُمَا.
[قَوْلُهُ: وَيُصَلِّي الْمَرِيضُ عَلَى مَا يَسْتَطِيعُ] أَيْ وَلَوْ بِنِيَّةِ أَفْعَالِهَا إنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِيمَاءِ بِطَرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ وَصِفَةُ الْإِتْيَانِ بِهَا أَنْ يَقْصِدَ أَرْكَانَهَا بِقَلْبِهِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِحْرَامَ وَالْقِرَاءَةَ وَالرُّكُوعَ وَالرَّفْعَ وَالسُّجُودَ وَهَكَذَا.
تَنْبِيهٌ: لَوْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ أَوْ أَفْعَالِهَا إلَّا بِالتَّلْقِينِ لَوَجَبَ عَلَيْهِ اتِّخَاذُ مَنْ يُلَقِّنُهُ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُهُ فِي ثَمَنِ الْمَاءِ، فَيَقُولُ لَهُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ لِلصَّلَاةِ قُلْ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَهَكَذَا وَيَقُولُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ افْعَلْ هَكَذَا إشَارَةً إلَى الرُّكُوعِ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مُضْطَجِعًا] مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَدَعُ الْإِيمَاءَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِ الْمُضْطَجِعِ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِيمَاءُ، وَلَعَلَّ الْقَصْدَ وَلَا يَتْرُكُ الصَّلَاةَ بِالْإِيمَاءِ وَلَوْ كَانَ مُضْطَجِعًا، وَالْحَالُ أَنَّ مَعَهُ شَيْئًا مِنْ عَقْلِهِ وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ قَوْلِهِ وَيُصَلِّي الْمَرِيضُ إلَخْ.
وَقَوْلُهُ مَعَهُ شَيْءٌ إلَخْ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْعِبَارَةِ، وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَيُصَلِّي مَنْ لَا