الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[16 -
بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]
(بَابٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ (صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ)
الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، وَفِي بَيَانِ وَقْتِ الْخُرُوجِ إلَيْهَا وَكَيْفِيَّتِهَا، وَبَيَانِ الطَّرِيقِ الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا، وَبَيَانِ مَا يَفْعَلُهُ وَمَا يَقُولُهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَيْهَا.
(وَ) وَفِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ (التَّكْبِيرِ) فِي (أَيَّامِ مِنًى) وَفِي بَيَانِ الْوَقْتِ الَّذِي يُوقَعُ فِيهِ التَّكْبِيرُ مِنْ أَيَّام مِنًى، وَبَيَانِ مَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ. وَسُمِّيَ عِيدًا تَفَاؤُلًا لَأَنْ يَعُودَ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْ النَّاسِ كَمَا سُمِّيَتْ الْقَافِلَةُ فِي ابْتِدَاءِ خُرُوجِهَا تَفَاؤُلًا لِقُفُولِهَا سَالِمَةً وَرُجُوعِهَا، وَابْتَدَأَ بِحُكْمِهَا فَقَالَ:(وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ) أَيْ حُكْمُهَا أَنَّهَا (سَنَةٌ وَاجِبَةٌ) وَكَذَا قَالَ فِي بَابِ جُمَلِ أَيْ مُؤَكَّدَةٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ وَوَاظَبَ عَلَيْهَا فِي حَقِّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مِنْ حُرٍّ مُكَلَّفٍ مُسْتَوْطِنٍ فَلَا تُسَنُّ فِي حَقِّ عَبْدٍ وَلَا
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]
بَابُ الْعِيدَيْنِ
[قَوْلُهُ: هُمَا الْيَوْمَانِ الْمَعْرُوفَانِ أَوَّلُ شَوَّالٍ وَعَاشِرُ الْحَجَّةِ] .
فَائِدَةٌ:
أَوَّلُ عِيدٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِيدُ الْفِطْرِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَشَارَكَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ وَأَثَرُ الْأَحْكَامِ.
[قَوْلُهُ: عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَخْ] مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يَقُولُهُ وَيَفْعَلُهُ لَا يَقُولُهُ فَقَطْ وَإِلَّا لَكَانَ قَوْلُهُ بَعْدُ وَبَيَانُ مَا يُسْتَحَبُّ فِعْلُهُ فِي يَوْمِ الْعِيدِ تَكْرَارًا مَعَهُ تَأَمَّلْ.
[قَوْلُهُ: أَيَّامِ مِنَى] إنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ التَّكْبِيرَ يَقَعُ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَيْضًا لِأَنَّ التَّكْبِيرَ فِيهَا أَكْثَرُ لِأَنَّهُ أَرَادَ التَّكْبِيرَ عَقِبَ الْفَرَائِضِ فَإِنَّهُ فِيهَا يَقَعُ عَقِبَ جَمِيعِهَا، وَأَمَّا فِي يَوْمِ النَّحْرِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَقِبَ صَلَاةِ الصُّبْحِ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ فِيهِ مِنْ الظُّهْرِ، بَقِيَ أَنَّ التَّكْبِيرَ عَقِبَ الصَّلَاةِ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَ الرَّابِعِ. وَأَمَّا الرَّابِعُ فَإِنَّمَا يُكَبِّرُ فِي الصُّبْحِ فَقَطْ، وَيُجَابُ بِالتَّغْلِيبِ [قَوْلُهُ: وَسُمِّيَ عِيدًا إلَخْ] رُدَّ بِمُشَارَكَةِ غَيْرِهِ لَهُ كَعَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنْ سُمِّيَ بِهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فَمِنْ بَابِ التَّشْبِيهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ عَلَى التَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ [قَوْلُهُ: لَأَنْ يَعُودَ] أَيْ بِأَنْ يَعُودَ [قَوْلُهُ: كَمَا سُمِّيَتْ الْقَافِلَةُ] أَيْ بِقَافِلَةٍ، وَرُجُوعُهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ لِقُفُولِهَا، وَفِيهِ أَنَّ التَّفَاؤُلَ بِالْقُفُولِ أَيْ الرُّجُوعِ، وَأَمَّا السَّلَامَةُ فَلَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الْقُفُولُ الْكَامِلُ.
[قَوْلُهُ: أَنَّهَا سُنَّةٌ] أَيْ ثُبُوتُ السُّنِّيَّةِ لَهَا، وَأَقُولُ: وَلَا حَاجَةَ لِتَقْدِيرِ حُكْمٍ وَلَا تَقْدِيرِ أَنَّهَا سُنَّةٌ؛ إذْ الْمَعْنَى صَحِيحٌ وَظَاهِرٌ بِدُونِ ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ] الْمُرَادُ أَنَّ صَلَاةَ كُلِّ عِيدٍ مِنْهُمَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا أَنَّ مَجْمُوعَهُمَا سُنَّةٌ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ كَمَا ذَكَرَهُ تت، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ عَجَّ أَيْ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةُ عَيْنٍ.
[قَوْلُهُ: أَيْ مُؤَكَّدَةٌ] تَفْسِيرٌ لِ (وَاجِبَةٌ)[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَقِيلَ: سُنَّةُ كِفَايَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَا يَبْعُدُ كَوْنُهَا فَرْضَ كِفَايَةٍ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا السُّنِّيَّةُ لَا الْوَصْفُ بِكَوْنِهَا مُؤَكَّدَةً [قَوْلُهُ: مُكَلَّفٌ] أَيْ ذَكَرٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا امْرَأَةٍ. [قَوْلُهُ: مُسْتَوْطِنٍ] قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَا تُسَنُّ فِي حَقِّ مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ كَالْمُسَافِرِ الْمُقِيمِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ مَثَلًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُؤْمَرُ بِهَا مَنْ تَلْزَمُهُ وَلَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ فَيَشْمَلُ الْخَارِجَ عَنْ الْبَلَدِ دَاخِلٌ كَفَرْسَخٍ، فَلَا تُسَنُّ فِي الْخَارِجِ عَنْ تِلْكَ الْأَمْيَالِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمُسَافِرِ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ مُسَافِرًا
صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا سَكْرَانَ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا مُسَافِرٍ، لَكِنْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا، وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَإِذَا خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ إلَيْهَا لَا تَلْبَسُ الْمَشْهُورَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا تَتَطَيَّبُ خَوْفَ الْفِتْنَةِ وَالْعَجُوزُ وَغَيْرُهَا فِي هَذَا سَوَاءٌ ثُمَّ بَيَّنَ وَقْتَ الْخُرُوجِ فَقَالَ:(يَخْرُجُ لَهَا) أَيْ لِصَلَاةِ الْعِيدِ (الْإِمَامُ وَالنَّاسُ ضَحْوَةً) ع: قِيلَ هِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ وَهَذَا وَقْتُ الْخُرُوجِ لَا وَقْتُ الصَّلَاةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (قَدْرَ مَا إذَا وَصَلَ) وَفِي رِوَايَةٍ بِقَدْرِ مَا إذَا وَصَلَ (حَانَتْ) أَيْ حَلَّتْ (الصَّلَاةُ) النَّافِلَةُ، وَحِلُّهَا إذَا ارْتَفَعَتْ الشَّمْسُ قَدْرَ رُمْحٍ أَوْ رُمْحَيْنِ مِنْ رِمَاحِ الْعَرَبِ وَوَصَلَتْ إلَى أَوْطِئَةِ الْأَرْضِ وَلَا تُصَلَّى وَهِيَ عَلَى قُرُونِ الْجِبَالِ خَاصَّةً، وَإِيقَاعُهَا بِالْمُصَلَّى أَفْضَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وآله وسلم دَامَ عَلَيْهَا فِي الْمُصَلَّى وَهُوَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ.
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُسْتَحَبُّ الْخُرُوجُ فِيهَا إلَى الْمُصَلَّى إلَّا مِنْ عُذْرٍ، إنَّ مَكَّةَ وَغَيْرَهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُصَلُّونَهَا بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ وَيُسْتَحَبُّ الْمَشْيُ فِي الذَّهَابِ إلَى صَلَاةِ
ــ
[حاشية العدوي]
مَسَافَةَ الْقَصْرِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا سَكْرَانَ] أَيْ بِحَلَالٍ. [قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا] أَيْ يُصَلِّيَ عَبْدٌ وَصَبِيٌّ وَامْرَأَةٌ وَمُسَافِرٌ وَخَارِجٌ عَنْ كَفَرْسَخٍ، فَهَؤُلَاءِ يُنْدَبُ لَهُمْ صَلَاتُهَا، نَعَمْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْحَاجُّ بِمِنَى فَإِنَّهُمْ لَا يُؤْمَرُونَ بِإِقَامَتِهَا لَا نَدَبًا وَلَا سُنَّةً، لِأَنَّ وُقُوفَ الْحَاجِّ بِالْمَشْعَرِ يَقُومُ مَقَامَ صَلَاتِهِمْ لَهَا قَالَ عَجَّ: وَأَمَّا أَهْلُهَا فَصَلَاتُهُمْ لَهَا جَمَاعَةً بِدْعَةٌ مَذْمُومَةٌ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَهَا الرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ إلَخْ] أَيْ فَصَلَاةُ الْعِيدِ كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي اشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ حَتَّى تَقَعَ سُنَّةً، وَأَمَّا مَنْ فَاتَتْهُ فَيُنْدَبُ فَقَطْ.
فَائِدَةٌ:
صَلَاةُ الْعِيدِ كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ فِي أَنَّهَا لَا تَتَعَدَّدُ جَمَاعَتُهَا فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، وَلَا يُقَاتَلُ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْآذَانُ تَكَرُّرُهُ وَإِعْلَامُهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الْفَرْضِ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا خَرَجَتْ إلَخْ] أَيْ تَخْرُجُ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ، وَإِذَا لَمْ تَخْرُجْ فَيُنْدَبُ لَهُنَّ أَنْ يُصَلِّينَ أَفْذَاذًا.
وَقَوْلُهُ: خَوْفَ الْفِتْنَةِ رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَيْ عَدَمِ اللِّبْسِ وَعَدَمِ التَّطَيُّبِ، وَالْمُرَادُ بِالْمَشْهُورِ مَا شَأْنُهُ أَنْ تَرْقُبَ النَّاسُ لَهُ وَالنَّهْيُ فِيهِمَا نَهْيُ حُرْمَةٍ إنْ كَانَ الْخَوْفُ ظَنًّا، وَنَهْيُ كَرَاهَةٍ إنْ كَانَ شَكًّا هَكَذَا ظَهَرَ لِي. [قَوْلُهُ: قِيلَ: هِيَ طُلُوعُ الشَّمْسِ] أَيْ: قَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ إلَخْ.
وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَخْرُجُ فِي حَالَةِ الطُّلُوعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَخْرُجُ لَهَا الْإِمَامُ وَالنَّاسُ بَعْدَ الطُّلُوعِ هَذَا لِمَنْ قَرُبَ مَكَانُهُ، وَأَمَّا مَنْ بَعُدَ مَكَانُهُ عَنْ مُصَلَّى الْعِيدِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ قَبْلَ ذَلِكَ بِحَيْثُ يُدْرِكُ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ.
[قَوْلُهُ: قَدْرَ مَا إذَا وَصَلَ] أَيْ يَخْرُجُ لَهَا الْإِمَامُ بِمِقْدَارٍ إذَا وَصَلَ حَلَّتْ الصَّلَاةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ وَالنَّاسَ مُشْتَرِكُونَ فِي الْمَجِيءِ بَعْدَ الشَّمْسِ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ يُنْدَبُ أَنْ يَتَأَخَّرَ فِي الْخُرُوجِ عَنْ خُرُوجِ الْمَأْمُومِينَ بِقَدْرِ مَا إذَا وَصَلَ حَلَّتْ الصَّلَاةُ. [قَوْلُهُ: قَدْرَ رُمْحٍ مِنْ رِمَاحِ الْعَرَبِ] وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ شِبْرًا بِالْأَشْبَارِ الْمُتَوَسِّطَةِ.
قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَهَذَا التَّقْدِيرُ إنَّمَا هُوَ لِلنَّاظِرِ، وَأَمَّا فِي الْمَعْنَى فَقَدْ قَطَعَتْ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ [قَوْلُهُ: وَوَصَلَتْ إلَى أَوْطِئَةِ الْأَرْضِ] أَيْ وَوَصَلَ شُعَاعُهَا إلَى الْمُنْخَفَضِ مِنْ الْأَرْضِ. [قَوْلُهُ: وَلَا تُصَلَّى] أَيْ يُكْرَهُ أَنْ تُصَلَّى إلَخْ.
وَأَرَادَ بِالْقُرُونِ أَطْرَافَ الْجِبَالِ. وَأَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهَا لَا تُصَلَّى قَبْلَ أَنْ تُرْفَعَ قَدْرَ رُمْحٍ، فَإِنْ صُلِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ فِيمَا يُسْتَفَادُ مِنْ نَقْلِ بَعْضِهِمْ، فَمَا يَقَعُ مِنْ أَنَّ وَقْتَهَا حِلُّ النَّافِلَةِ الْمُرَادُ الْوَقْتُ الْكَامِلُ الَّذِي لَا كَرَاهَةَ فِيهِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ.
وَقَوْلُهُ: وَعَنْ مَالِكٍ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يُصَلُّونَهَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ] أَيْ لِمُعَايَنَةِ الْكَعْبَةِ وَهِيَ عِبَادَةٌ مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهَا، وَلِخَبَرِ «يَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ فِي كُلَّ يَوْمٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرَيْنِ إلَيْهِ» .
[قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ الْمَشْيُ إلَخْ] وَإِلَّا خَالَفَ الْأَوْلَى فَقَطْ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ لِعِلَّةٍ وَنَحْوِهَا.
وَقَوْلُهُ: دُونَ
الْعِيدَيْنِ دُونَ الرُّجُوعِ، وَيُسْتَحَبُّ الْأَكْلُ قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى فِي عِيدِ الْفِطْرِ دُونَ الْأَضْحَى عَلَى رُطَبَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ يَأْكُلهُنَّ وِتْرًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَرَاتٌ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ فَقَالَ: (وَلَيْسَ فِيهَا آذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ) وَلَيْسَ فِيهَا أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ نِدَاءُ: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَطَاءٍ.
قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرٌ أَنَّهُ لَا أَذَانَ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الْإِمَامُ وَلَا بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ، وَلَا إقَامَةَ وَلَا نِدَاءَ وَلَا شَيْءَ، فَإِذَا حَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَلَا يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ وَلَا يُقِيمُ وَلَا يُنَادِي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَإِنَّمَا يَبْتَدِئُ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ (فَيُصَلِّي بِهِمْ) أَيْ بِالنَّاسِ (رَكْعَتَيْنِ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ» (يَقْرَأُ فِيهِمَا جَهْرًا) بِلَا خِلَافٍ (بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَبِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] وَبِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَنَحْوِهِمَا) لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام
ــ
[حاشية العدوي]
الرُّجُوعِ أَيْ لِلْفَرَاغِ مِنْ الْقُرْبَةِ. [قَوْلُهُ: دُونَ الْأَضْحَى] أَيْ فَيُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِلْفِطْرِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُضَحِّ لِتَأْخِيرِهِ عليه الصلاة والسلام فِيهِ، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيلُ تَأْخِيرِهِ بِالْفِطْرِ عَلَى كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ يُفِيدُ عَدَمَ نَدْبِ تَأْخِيرِ مَنْ لَمْ يُضَحِّ، وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْفِطْرَ لَمَّا تَقَدَّمْهُ الصَّوْمُ شُرِعَ الْأَكْلُ فِيهِ لِإِظْهَارِ التَّمْيِيزِ، وَلِأَنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَصَدَقَةَ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ. [قَوْلُهُ: رُطَبَاتٍ وِتْرًا] إشْعَارًا بِالْفَرْدِيَّةِ لِلْمَوْلَى عز وجل وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَتَرِيَّةَ مَطْلُوبَةٌ فِي الرُّطَبَاتِ أَيْضًا بَلْ وَفِي الْحُسْوَاتِ. [قَوْلُهُ: حَسَى حَسَوَاتٍ] الْحُسْوَةُ بِالضَّمِّ مِلْءُ الْفَمِ مِمَّا يُحْسَى، وَالْجَمْعُ حُسًى وَحُسْوَاتٌ مِثْلُ مُدْيَةٍ وَمُدًى وَمُدْيَاتٍ، وَالْحَسْوَةُ بِالْفَتْحِ قِيلَ: لُغَةٌ وَقِيلَ: مَصْدَرٌ مِصْبَاحٌ.
[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهَا أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ] أَيْ يُكْرَهُ [قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِيهَا أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ نِدَاءٌ إلَخْ] أَيْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ، وَالْجُزُولِيِّ أَنَّهُ يُنَادِي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ.
[قَوْلُهُ: قَالَ أَخْبَرَنِي جَابِرٌ إلَخْ] قَالَ ابْنُ عَبْد الْبَرِّ: وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُؤَذَّنْ لَهَا وَلَمْ يُقَمْ فَمَا الْمُحْوِجُ لِلْمُصَنِّفِ إلَى النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ذَكَرِهِمَا الرَّدُّ عَلَى مَنْ أَحْدَثَهُمَا بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ، وَالْمُحَدِّثُ لَهُمَا أَوَّلًا مِنْهُمْ مُعَاوِيَةُ عَلَى الصَّحِيحِ.
فَقَوْلُهُ: لِمَا فِي مُسْلِمٍ دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَلَا أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ وَلِمَا زَادَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ فِيهَا نِدَاءٌ إلَخْ. [قَوْلُهُ: يَوْمَ الْفِطْرِ] أَيْ وَلَا يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يَتِمَّ الدَّلِيلُ [قَوْلُهُ: وَلَا بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ] أَيْ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِذَا حَانَ إلَخْ [قَوْلُهُ: وَلَا نِدَاءَ] أَيْ بِالصَّلَاةُ جَامِعَةٌ.
وَقَوْلُهُ: وَلَا شَيْءٌ أَيْ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يُفْعَلُ يُعْلَمُ بِهِ صَلَاةُ الْعِيدِ كَأَنْ يَضْرِبَ دُفًّا مَثَلًا [قَوْلُهُ: وَلَا يُنَادِي الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ] أَيْ وَلَا غَيْرُهَا لِيُوَافِقَ مَا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: فَيُصَلِّي بِهِمْ أَيْ بِالنَّاسِ] أَيْ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ الْمُصَلَّى أَوْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ حِلِّ النَّافِلَةِ وَاجْتِمَاعِ النَّاسِ [قَوْلُهُ: بِ {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1]] أَيْ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ: وَبِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] أَيْ فِي الْأُولَى كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَا ذَكَرَهُ التَّتَّائِيُّ مَتْنًا وَشَرْحًا بِتَقْدِيمِ الشَّمْسِ وَتَأْخِيرِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [الأعلى: 1] إلَخْ.
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَقْدِيمُ سَبِّحْ عَلَى {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1] وَهِيَ ظَاهِرَةٌ [قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا] أَيْ فَلَيْسَ الْقَصْدُ خُصُوصَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ. وَفِي بَعْضِ شُرُوحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ حَيْثُ قَالَ: وَقِرَاءَتُهَا بِكَسَبِّحْ وَالشَّمْسِ قَالَ مَا نَصُّهُ: أَيْ وَنُدِبَ قِرَاءَةُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِ " سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى " وَ " الشَّمْسِ " وَنَحْوِهَا مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ مَا يَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَ بِدَلِيلِ أَنَّ سَبِّحْ وَالشَّمْسِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ.
وَقَوْلُ الشَّارِحِ: لِفِعْلِهِ إلَخْ فِيهِ إجْمَالٌ وَعَدَمِ تَعْيِينِ مَا كَانَ يَقْرَؤُهُ صلى الله عليه وسلم وَفِي مُسْلِمٍ كَمَا فِي تت «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ بِ سَبِّحْ وَ {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [الغاشية: 1] » ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَضِيَّتَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا نَعَمْ فِي الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأَضْحَى وَالْفَجْرِ بِ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1] و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] » ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ مِنْ الطِّوَالِ، وَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -
(وَيُكَبِّرُ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ يَعُدُّ فِيهَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَ) يُكَبِّرُ (فِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ) بَعْدَ الْقِيَامِ (خَمْسَ تَكْبِيرَاتٍ لَا يَعُدُّ فِيهَا تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ) وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ التَّكْبِيرِ لَا فِي الْأُولَى وَلَا فِي الثَّانِيَةِ إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهَا تَكْبِيرَاتٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ كَسَائِرِ تَكْبِيرَاتِ الصَّلَاةِ، وَيَكُونُ التَّكْبِيرُ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ أَوْ فِي الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسٍ فَلَا يَتْبَعُهُ، وَإِذَا سَهَا الْإِمَامُ عَنْ تَكْبِيرِ صَلَاةِ الْعِيدِ رَجَعَ مَا لَمْ يَضَعْ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَيُكَبِّرُ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْأَصَحِّ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ وَضَعَهُمَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ تَمَادَى وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَمَنْ جَاءَ بَعْدَ أَنْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ التَّكْبِيرِ وَوَجَدَهُ يَقْرَأُ كَبَّرَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي بَعْضِ التَّكْبِيرِ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ وَيَدْخُلُ مَعَهُ، وَإِنَّ وَجَدَهُ فِي الرُّكُوعِ كَبَّرَ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِذَا أَدْرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الثَّانِيَةِ كَبَّرَ خَمْسًا إذْ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ سَاقِطَةٌ عَنْهُ، وَإِذَا قَضَى الْأُولَى كَبَّرَ سَبْعًا يَعُدُّ فِيهَا تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ لِفَوَاتِ الْإِحْرَامِ وَفِي هَذَا إشْكَالٌ مَذْكُورٌ وَجَوَابُهُ فِي الْكَبِيرِ (وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَيْنِ)
ــ
[حاشية العدوي]
بِهِمَا فَلَعَلَّهُ لَمْ يَصْحَبْ لِقِرَاءَتِهِمَا عَمَلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ. [قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ فِي الْأُولَى سَبْعًا إلَخْ] وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَيَسْجُدُ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ لِلْوَاحِدَةِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ السُّنَنِ وَلَوْ عَمْدًا حَيْثُ أَتَى بِهَا الْإِمَامُ أَوْ سَجَدَ لِتَرْكِهَا سَهْوًا وَتَبِعَهُ الْمَأْمُومُ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ السُّجُودَ لِكَوْنِ مَذْهَبِهِ لَا يَرَى السُّجُودَ لِتَرْكِهَا كَالشَّافِعِيِّ وَتَكُونُ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الْقَبْلِيَّ يَسْجُدُهُ الْمَأْمُومُ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ، لِأَنَّ طَلَبَ الْمَأْمُومِ بِالسُّجُودِ فَرْعُ طَلَبِ الْإِمَامِ وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْكُتَ حَتَّى يُكَبِّرَ الْمَأْمُومُ. [قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقِرَاءَةِ] أَيْ يُسَنُّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَعَنْ مَالِكٍ اسْتِحْبَابُهُ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ [قَوْلُهُ: وَيَكُونُ التَّكْبِيرُ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ] أَيْ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ إلَّا بِقَدْرِ تَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ فَيُنْدَبُ لَهُ الْفَصْلُ بِقَدْرِهِ.
وَقَوْلُهُ: وَإِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ فِي الْأُولَى إلَخْ لَمْ يَتْبَعْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي الزَّائِدِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَذْهَبَ الْإِمَامِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ إطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ عَجَّ.
وَيُكَبِّرُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ كَانَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ التَّأْخِيرَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ أَيْضًا ظَوَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. [قَوْلُهُ: وَإِذَا سَهَا الْإِمَامُ إلَخْ] وَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا.
[قَوْلُهُ: رَجَعَ مَا لَمْ يَضَعْ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ] أَيْ مَا لَمْ يَنْحَنِ أَيْ فَإِذَا وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فَلَوْ رَجَعَ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ عَدَمُ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ رَجَعَ بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ لِلْجُلُوسِ. قُلْت: وَبَعْدُ فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ لِأَنَّهُ رُوجِعَ مَنْ تَلَبَّسَ فِي فَرْضٍ إلَى سُنَّةٍ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرُّجُوعِ بَعْدَ الِاسْتِقْلَالِ فَإِنَّمَا لَمْ يَحْكُمْ بِالْبُطْلَانِ فِيهَا لِكَوْنِ الرُّكْنِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ لَيْسَ فَرْضًا بِالِاتِّفَاقِ؛ إذْ الْفَاتِحَةُ فِيهَا الْخِلَافُ الْمَشْهُورُ. [قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ] فَلَوْ لَمْ يُعِدْهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ كَذَا اُسْتُظْهِرَ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ] وَمُقَابِلُهُ يَرْكَعُ عَقِبَ التَّكْبِيرِ حَكَاهُ الدَّفَرِيُّ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ. [قَوْلُهُ: وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ قَوْلٌ بِعَدَمِ السُّجُودِ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ كَمَا فِي الدَّفَرِيِّ. [قَوْلُهُ: وَوَجَدَهُ يَقْرَأُ كَبَّرَ عَلَى الْمَشْهُورِ] خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ.
قَالَ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَاضِيًا فِي حُكْمِ الْإِمَامِ، وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِقَضَاءٍ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ كَأَجْزَاءِ الصَّلَاةِ.
[قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي بَعْضِ التَّكْبِيرِ إلَخْ] أَيْ فَيُكَبِّرُ مَعَهُ مَا أَدْرَكَهُ فِيهِ ثُمَّ يُكْمِلُ مَا بَقِيَ بَعْدَ شُرُوعِ الْإِمَامِ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَا يُكَبِّرُ مَا فَاتَهُ فِي خِلَالِ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ [قَوْلُهُ: كَبَّرَ خَمْسًا] أَيْ غَيْرَ الْإِحْرَامِ. [قَوْلُهُ: وَفِي هَذَا إشْكَالٌ] لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْكَبِيرِ مَا عَدَا هَذَا الْكِتَابَ، وَإِلَّا فَهُوَ فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي أَيْضًا أَوْ أَنَّ ذِكْرَهُ فِي الْكَبِيرِ لَا يُنَافِي ذِكْرَهُ فِي غَيْرِهِ، وَنَصُّ التَّحْقِيقِ وَهُنَا إشْكَالٌ وَهُوَ: أَنَّ مَنْ قَامَ لِلْقَضَاءِ وَأَدْرَكَ وَاحِدَةً أَوْ ثَلَاثًا لَا يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَقَدْ قَالَ هُنَا: إنَّهُ يُكَبِّرُ سَبْعًا يَعُدُّ فِيهَا تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ، وَأَجَابَ
هَكَذَا رَوَاهُ بَعْضُهُمْ صَوَابُهُ سَجْدَتَانِ لِيَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ تَقْدِيرُهُ وَيَسْجُدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَيْنِ، وَمَا ذَكَرَهُ لَا خِلَافَ فِيهِ إذْ لَا قَائِلَ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فِي رَكْعَةٍ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ (يَتَشَهَّدُ وَ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ (يُسَلِّمُ) .
(ثُمَّ) بَعْدَ سَلَامِهِ (يَرْقَى) بِفَتْحِ الْقَافِ أَيْ يَصْعَدُ (الْمِنْبَرَ وَيَخْطُبُ وَيَجْلِسُ فِي أَوَّلِ خُطْبَتِهِ وَوَسَطِهَا) أُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ تَكُونُ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ حُكْمُ ذَلِكَ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ لِمَا فِي الصَّحِيحِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ عَمَلُ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ» ، وَلَوْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ أَعَادَهَا اسْتِحْبَابًا وَأُخِذَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ صِفَتَهَا كَصِفَةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ أُولَى وَثَانِيَةٍ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى تَعْلِيمِ أَحْكَامِ الْعِيدِ وَمَا يُشْرَعُ فِيهِ وَاجِبًا وَمُسْتَحَبًّا (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ (يَنْصَرِفُ) مِنْ غَيْرِ جُلُوسٍ إنْ شَاءَ وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ مَكَانَهُ وَيُكْرَهُ لَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ التَّنَفُّلَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا إنْ أَوْقَعَهَا فِي الصَّحْرَاءِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
ــ
[حاشية العدوي]
بَعْضُهُمْ بِأَنَّ لَهُ فِي هَذَا الْأَصْلِ قَوْلَيْنِ إلَى أَنْ قَالَ: وَالْحَقُّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِابْنِ الْقَاسِم قَوْلَانِ فَمَذْهَبُهُ يُشْكِلُ، وَإِنْ كَانَ فَيَحْتَاجُ الِاقْتِصَارُ هُنَا إلَى تَرْجِيحٍ اهـ. شَيْخُنَا: وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الشِّقِّ الثَّانِي مِنْ تَرْدِيدِهِ بِأَنَّ الرَّاجِحَ لِلتَّكْبِيرِ هُنَا أَنَّ الْمَقَامَ لَهُ وَالْمَقَامَاتُ تُرَاعَى اهـ كَلَامُ التَّحْقِيقِ.
وَبَقِيَ مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى: مَا إذَا أَدْرَكَ التَّشَهُّدَ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ، فَوَرَدَ أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ دُونَ رَكْعَةٍ يُكَبِّرُ إذَا قَامَ لِلْقَضَاءِ، وَهُنَا اُخْتُلِفَ كَمَا تُقَرِّرَ فَمَا الْفَرْقُ فَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْ عَمِلَ بِعَدَمِ التَّكْبِيرِ يَسْتَغْنِي عَنْ تَكْبِيرِهِ الْمَطْلُوبِ بِتَكْبِيرِ الْعِيدِ.
الثَّانِيَةُ: مَا إذَا لَمْ يَدْرِ هَلْ الْإِمَامُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ: قَالَ الْحَطَّابُ: لَا نَصَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ سَبْعًا؛ لِأَنَّ نَقْصَ التَّكْبِيرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ يَقْتَضِي السُّجُودَ بِخِلَافِ زِيَادَتِهِ انْتَهَى.
[قَوْلُهُ: يَتَشَهَّدُ] أَيْ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَيَدْعُو أَوْ أَرَادَ بِالتَّشَهُّدِ مَا يَشْمَلُ الْكُلَّ.
[قَوْلُهُ: وَيَخْطُبُ] أَيْ خُطْبَتَيْنِ كَخُطْبَتِي الْجُمُعَةِ فِي كَوْنِهِمَا بِاللَّفْظِ الْعَرَبِيِّ وَجَهْرًا لَكِنْ خُطْبَةُ الْعِيدِ يَفْتَتِحُهَا بِالتَّكْبِيرِ نَدْبًا، وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ بِالْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَا يُنْدَبُ تَخَلُّلُ الْخُطْبَتَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ بِلَا حَدٍّ فِي الِافْتِتَاحِ بِسَبْعٍ وَالتَّخْلِيلِ بِثَلَاثٍ خِلَافًا لِزَاعِمِي ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ سَلَامِهِ يَرْقَى الْمِنْبَرَ وَيَخْطُبُ] اُنْظُرْ هَلْ يُنْدَبُ كَوْنُ الْمُصَلِّي هُوَ الْخَاطِبُ إلَّا لِعُذْرٍ أَمْ لَا؟ عَجَّ عَلَى الرِّسَالَةِ. [قَوْلُهُ: وَيَجْلِسُ فِي أَوَّلِ خُطْبَتِهِ وَوَسَطِهَا] وَحَدَّ بَعْضُهُمْ الْجُلُوسَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِقَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَهَلْ يُتَّخَذُ لَهَا مِنْبَرٌ؟ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْجُلُوسِ أَوَّلًا وَوَسَطًا مَنْدُوبٌ. [قَوْلُهُ: وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ] أَيْ اسْتِحْبَابِ الْبَعْدِيَّةِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى حُكْمِ الْخُطْبَةِ فِي نَفْسِهِ وَهُوَ الِاسْتِحْبَابُ كَمَا ذَكَرَ فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: أَعَادَهَا اسْتِحْبَابًا] قَرَّبَ الْأَمْرَ قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ هُنَا كَالْقُرْبِ الَّذِي يَبْنِي مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ [قَوْلُهُ: مُشْتَمِلَةٌ] أَيْ الْخُطْبَةُ الشَّامِلَةُ لِلْأُولَى وَالثَّانِيَةُ.
وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ التَّقْيِيدُ بِالثَّانِيَةِ وَنَصُّهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ فِي عِيدِ الْفِطْرِ مِنْ بَيَانِ مَنْ يُطْلَبُ بِإِخْرَاجِهَا.
وَالْقَدْرُ الْمُخْرَجُ وَالْمُخْرَجُ مِنْهُ وَزَمَنُ إخْرَاجِهَا، وَفِي عِيدِ النَّحْرِ عَلَى بَيَانِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالضَّحِيَّةِ وَمَنْ يُؤْمَرُ بِهَا، وَمَا تَكُونُ مِنْهُ. وَالسِّنُّ الْمُجْزِئُ مِنْهَا وَزَمَنُ تَزْكِيَتِهَا انْتَهَى. وَانْظُرْ مَا وَجْهُ التَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الثَّانِيَةَ هِيَ الْمُشْتَمِلَةَ، وَنَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ وَيَذْكُرُ فِي خُطْبَةِ الْفِطْرِ إلَخْ فَلَمْ يُقَيِّدْ بِالثَّانِيَةِ وَيَتَمَادَى إذَا أَحْدَثَ فِيهِمَا أَوْ قَبْلَهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ.
[قَوْلُهُ: عَلَى تَعْلِيمِ] الْأُولَى حَذَفَ تَعْلِيمَ لِأَنَّ التَّعْلِيمَ وَصَفُّ الْمُعَلَّمِ قَائِمٌ بِهِ. [قَوْلُهُ: أَحْكَامِ الْعِيدِ] أَيْ أَحْكَامِ مَا يَشْرَعُ فِيهِ أَيْ يُفْعَلُ فِيهِ.
وَقَوْلُهُ: وَمَا يُشْرَعُ فِيهِ مَعْطُوفٌ عَلَى أَحْكَامِ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ يُعَلِّمُهُمْ الْمَشْرُوعَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ الْمَفْعُولُ وَأَحْكَامُهُ، وَقَوْلُهُ: وَاجِبًا حَالٌ مِنْ مَا وَالْوَاجِبُ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَعَدَمِ الْبَيْعِ مِنْ الضَّحِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِيدِ الْأَكْبَرِ، وَالْمُسْتَحَبُّ ظَاهِرٌ [قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ لَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا إلَخْ] وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْخُرُوجَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ بِمَنْزِلَةِ
- صلى الله عليه وآله وسلم خَرَجَ يَوْمَ الْأَضْحَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا» ، وَأَمَّا إنْ أَوْقَعَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ وَلَا لِلْمَأْمُومِينَ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ.
(وَيُسْتَحَبُّ) لِلْإِمَامِ (أَنْ يَرْجِعَ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ) الطَّرِيقِ (الَّتِي أَتَى مِنْهَا) لِمَا صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَالنَّاسُ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلُ الْإِمَامِ فِي اسْتِحْبَابِ الرُّجُوعِ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَتَوْا مِنْهَا خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ إنَّمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً (وَإِنْ كَانَ) خُرُوجُ الْإِمَامِ لِلْمُصَلَّى لِصَلَاةِ الْعِيدِ (فِي) يَوْمِ (الْأَضْحَى خَرَجَ) مَعَهُ (بِأُضْحِيَّتِهِ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ (إلَى الْمُصَلَّى فَذَبَحَهَا) إنْ كَانَ مِمَّا تُذَبَّحُ (أَوْ نَحَرَهَا) إنْ كَانَتْ مِمَّا تُنْحَرُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ (لِ) أَجْلِ أَنْ (يَعْلَمَ النَّاسُ ذَلِكَ فَيَذْبَحُونَ) أَوْ يَنْحَرُونَ (بَعْدَهُ) لِأَنَّهُمْ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الذَّبْحُ قَبْلَهُ، فَإِنْ ذَبَحَ أَحَدٌ قَبْلَهُ أَعَادَ اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يَتَحَرَّوْا، وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ تَحَرَّوْا، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى فَلِيَتَحَرَّ النَّاسُ ذَبَحَهُ بَعْدَ مَا يَرْجِعُ إلَى مَنْزِلِهِ وَيَذْبَحُونَ، وَتُجْزِئُهُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فِي تَحَرِّيهِمْ بِأَنْ ذَبَحُوا قَبْلَهُ. وَاخْتُلِفَ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ إمَامُ الصَّلَاةِ أَوْ إمَامُ الطَّاعَةِ؟ قَوْلَانِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْأَوَّلُ.
(وَلْيَذْكُرْ) أَيْ يُكَبِّرُ الْإِمَامُ (اللَّهَ) تَعَالَى عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ
ــ
[حاشية العدوي]
طُلُوعِ الْفَجْرِ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ، فَكَمَا لَا يُصَلِّي بَعْدَ الْفَجْرِ نَافِلَةَ غَيْرِ صَلَاةِ الْفَجْرِ فَكَذَا لَا يُصَلِّي قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ نَافِلَةً غَيْرَهَا، هَذَا وَجْهُ كَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بِالْمُصَلَّى قَبْلَهَا.
وَأَمَّا وَجْهُ كَرَاهَتِهِ فِيهَا بَعْدَهَا فَخَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً لِإِعَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ لَهَا الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا كَغَيْرِهَا خَلْفِ الْإِمَامِ غَيْرِ الْمَعْصُومِ، وَلَا يُقَالُ: كُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ يَجْرِي فِي التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ ذَلِكَ؛ إذْ الْمَسْجِدُ يَطْلُبُ تَحِيَّتَهُ وَلَوْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ عِنْدَ جَمْعٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا جَوَازُهُ بَعْدَهَا فِي الْمَسْجِدِ فَلِأَنَّهُ يَنْدُرُ حُضُورُ أَهْلِ الْبِدَعِ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَتَأَمَّلْهُ.
[قَوْلُهُ: لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ] هَذَا الدَّلِيلُ لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الْكَرَاهَةِ [قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ] أَيْ بَلْ يُنْدَبُ [قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُكْرَهُ كَالْمُصَلَّى، وَرَوَى أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ يَتَنَفَّلُ بَعْدَهَا لَا قَبْلَهَا، وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ التَّنَفُّلَ يَوْمَ الْعِيدِ جُمْلَةً إلَى الزَّوَالِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
[قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ] اُخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ ذَلِكَ، فَقِيلَ: لِأَجْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقَيْنِ، وَقِيلَ: لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ [قَوْلُهُ: خَرَجَ مَعَهُ] أَيْ مَعَ نَفْسِهِ هَذَا إذَا كَانَ بَلَدُهُ كَبِيرَةً، وَكَانَ لَهُ أُضْحِيَّةٌ احْتِرَازًا عَلَى الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ إخْرَاجُ ضَحِيَّةٍ لِعِلْمِهِمْ غَالِبًا بِذَبْحِهِ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ أُضْحِيَّتَهُ.
[قَوْلُهُ: فَيَذْبَحُونَ بَعْدَهُ] أَيْ إذَا عَلِمُوا فَيَذْبَحُونَ فَهُوَ جَوَابُ شَرْطٍ غَيْرِ جَازِمٍ فَلَمْ يَحْذِفْ النُّونَ [قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَبَحَ أَحَدٌ قَبْلَهُ] لَا مَفْهُومَ لَهُ وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ مَعَهُ.
قَالَ بَعْضٌ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي هُنَا الصُّوَرُ التِّسْعُ الَّتِي فِي الْإِحْرَامِ، فَمَتَى ابْتَدَأَ بِالذَّبْحِ قَبْلَهُ لَمْ تَجْزِهِ ضَحِيَّةُ خَتَمَ الْأَوْدَاجَ وَالْحَلْقَ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ، كَذَا إذَا ابْتَدَأَ مَعَهُ مُطْلَقًا وَكَذَا إنْ ابْتَدَأَ بَعْدَهُ وَخَتَمَ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ احْتِيَاطًا لَا إنْ خَتَمَ بَعْدَهُ فَتُجْزِئُ ضَحِيَّةً.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَخْ] أَيْ بَلْ يَرْجِعُ لِيَذْبَحَهَا بِبَيْتِهِ مُرْتَكِبًا الْمَكْرُوهَ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ. [قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُهُمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا فِي تَحْرِيمِهِمْ] وَمَثَلُهُمْ فِي ذَلِكَ مَنْ لَا إمَامَ لَهُ، وَيَتَحَرَّى مِنْ الْأَئِمَّةِ أَقْرَبَ إمَامٍ إلَيْهِ أَيْ لِكَوْنِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَحَرِّي أَقْرَبَ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِ فَذَبَحَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَجْزِيه، وَحَدَّ بَعْضُهُمْ الْقُرْبَ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَأْتِي لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْهُ، أَيْ وَإِنْ بَعُدَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الْبَلَدِ الَّذِي بِهَا خَطِيبٌ فَقَطْ.
وَأَمَّا فِي مِثْلِ مِصْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى أَقْرَبَ إمَامٍ مِنْ أَقْرَبَ الْحَارَاتِ إلَى حَارَتِهِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا إمَامٌ يُضَحِّي؛ لِأَنَّ كُلَّ حَارَةٍ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ بَلَدٍ [قَوْلُهُ: إمَامُ الصَّلَاةِ] لِلْعِيدِ الْمُسْتَخْلَفِ عَلَيْهَا أَيْ الَّذِي يُصَلَّى خَلْفَهُ الْعِيدُ، وَيَنْبَغِي اعْتِبَارُ إمَامِ حَارَتِهِ السَّاكِنِ بِهَا وَإِنْ صَلَّى خَلْفَ غَيْرِهِ فِي غَيْرِهَا أَوْ فِيهَا كَمَجِيءِ نَائِبٍ عَنْهُ بِهَا؛ لِأَنَّ إمَامَ الْحَارَةِ مُسْتَخْلَفٌ بِالْفَتْحِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ [قَوْلُهُ: أَوْ إمَامُ الطَّاعَةِ] وَهُوَ الْعَبَّاسِيُّ فَيَلْزَمُ
(فِي خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ) أَوْ غَيْرِهِ (فِي) عِيدِ (الْفِطْرِ وَ) فِي عِيدِ (الْأَضْحَى) وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُكَبِّرُ فِي الْفِطْرِ دَلِيلُنَا مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ يُكَبِّرُ يَوْمَ الْفِطْرِ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى» وَهُوَ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ خَلَفًا عَنْ سَلَفٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ سَوَاءٌ خَرَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَصُحِّحَ.
وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ: لَا يُكَبِّرُ إذَا خَرَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَفَهِمَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ الْمُدَوَّنَةَ وَشَهَرَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ شُرِعَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ فَلَا يُؤْتَى بِهِ قَبْلُ وَقْتِهَا قِيَاسًا عَلَى الْأَذَانِ، وَهَذَا الذِّكْرُ غَيْرُ مَحْدُودٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ تَكْبِيرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَسَيَأْتِي وَالتَّكْبِيرُ الْمَذْكُورِ يَكُونُ (جَهَرًا) عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَمِنْ يَلِيهِ وَفَوْقَ ذَلِكَ قَلِيلًا قَالَ الْقَرَافِيُّ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى رَافِعًا صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ» وَهُوَ عَمَلُ السَّلَفِ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ: (حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى الْإِمَامُ) غَايَةٌ لِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ دَلِيلُهُ حَدِيثُ الدَّارَقُطْنِيِّ الْمُتَقَدِّمُ آنِفًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: (وَالنَّاسُ كَذَلِكَ) فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ مِثْلُ الْإِمَامِ فِي ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ وَصِفَتِهِ، وَأَمَّا فِي الِانْتِهَاءِ فَيُخَالِفُونَهُ فِيهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:(فَإِذَا دَخَلَ الْإِمَامُ لِلصَّلَاةِ) أَيْ لِمَحَلِّهَا وَيُرْوَى فِي الصَّلَاةِ (قَطَعُوا ذَلِكَ) التَّكْبِيرَ.
(وَ) السَّامِعُونَ لِلْخُطْبَةِ (يُكَبِّرُونَ) سِرًّا (بِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ فِي الْخُطْبَةِ) عَلَى الْمَذْهَبِ لِفِعْلِ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ
ــ
[حاشية العدوي]
تَحَرِّي أَهْلَ بِلَادِهِ كُلِّهَا لِذَبْحِهِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَيْسَ حَقِيقِيًّا؛ لِأَنَّ صَاحِبَ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ اللَّخْمِيُّ قَالَ الْخَلِيفَةُ: أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ لِلصَّلَاةِ وَصَاحِبُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يَقُولُ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَهُوَ إمَامُ الصَّلَاةِ عَلَى تَقْدِيرِ اخْتِلَافِهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ الزَّرْقَانِيِّ.
[قَوْلُهُ: وَلْيَذْكُرْ اللَّهَ تَعَالَى فِي خُرُوجِهِ] يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ قَبْلَ الْخُرُوجِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: يَدْخُلُ زَمَنُ التَّكْبِيرِ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَعَلَيْهِ فَعَلَ أَهْلُ الْأَرْيَافِ [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ خَرَجَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ] بَلْ نَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الَّذِي لِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مِنْ انْصِرَافِ صَلَاةِ الصُّبْحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَوَّلُ لَا سِيَّمَا فِي الْأَضْحَى تَحْقِيقًا لِلشَّبَهِ بِأَهْلِ الْمَشْعَرِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ ذَكَرَ إلَخْ] قَالَ عَجَّ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ قَبْلَ حِلِّ النَّافِلَةِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ فِي مُخْتَصَرِهِ وَمَا تَقَدَّمَ.
[قَوْلُهُ: وَهَذَا الذِّكْرُ] أَيْ التَّكْبِيرُ [قَوْلُهُ: غَيْرُ مَحْدُودٍ عِنْدَ مَالِكٍ] أَيْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ عِنْدَ مَالِكٍ، فَقَدْ سَأَلَ سَحْنُونٌ ابْنَ قَاسِمٍ هَلْ عَيَّنَ مَالِكٌ التَّكْبِيرَ، فَقَالَ: لَا اهـ.
أَيْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ [قَوْلُهُ: وَاسْتُحِبَّ إلَخْ] مُقَابِلُ قَوْلِهِ: غَيْرُ مَحْدُودٍ عِنْدَ مَالِكٍ [قَوْلُهُ: تَكْبِيرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ] أَيْ يَذْكُرُ فِي خُرُوجِهِ التَّكْبِيرَ الَّذِي يُفْعَلُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ دُبْرَ الصَّلَوَاتِ عِنْدَهُ، وَقَدْ بَيَّنَهُ مَيَّارَةُ بِقَوْلِهِ: وَاخْتَارَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يَقُولَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى مَا هُدَانَا اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لَك مِنْ الشَّاكِرِينَ اهـ.
[قَوْلُهُ: يَكُونُ جَهْرًا] أَيْ نَدْبًا كَمَا أَنَّ حُكْمَ الْخُرُوجِ النَّدْبُ وَحِكْمَةُ الْجَهْرِيَّةِ إيقَاظُ الْغَافِلِ وَتَعْلِيمُ الْجَاهِلِ.
[قَوْلُهُ: فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ مِثْلُ الْإِمَامِ إلَخْ] وَيُكَبِّرُ كُلُّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ فِي الطَّرِيقِ وَفِي الْمُصَلَّى وَلَا يُكَبِّرُونَ جَمَاعَةً؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ قَالَ ابْنُ نَاجِي: افْتَرَقَ النَّاسُ بِالْقَيْرَوَانِ فِرْقَتَيْنِ بِمَحْضَرِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَإِذَا فَرَغَتْ إحْدَاهُمَا مِنْ التَّكْبِيرِ وَسَكَتَتْ أَجَابَتْ الْأُخْرَى فَسُئِلَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَا: إنَّهُ لَحَسَنٌ. ثُمَّ قَالَ: قُلْت وَاسْتَمَرَّ عَمَلُ النَّاسِ عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ بِأَفْرِيقِيَّةِ بِمَحْضَرِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَكَابِرِ الشُّيُوخِ.
[قَوْلُهُ: أَيْ لِمَحَلِّهَا] وَيُرْوَى فِي الصَّلَاةِ إلَخْ. أَيْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي انْتِهَاءِ تَكْبِيرِهِمْ فَقِيلَ: دُخُولُ الْإِمَامِ فِي الْمُصَلَّى وَقِيلَ فِي الصَّلَاةِ كَذَا ذَكَرَ عَجَّ. [قَوْلُهُ: يُكَبِّرُونَ بِتَكْبِيرِ الْإِمَامِ] الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْخَطِيبِ أَنْ يُخَلِّلَ الْخُطْبَتَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ كَمَا أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ لَا فِي الِاسْتِفْتَاحِ، وَلَا فِي التَّخْلِيلِ وَيُنْدَبُ لِلْمُسْتَمِعِينَ التَّكْبِيرُ بِتَكْبِيرِهِ.
وَقَوْلُهُ: سِرٌّ مَنْدُوبٌ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ] وَقِيلَ: لَا يُكَبِّرُونَ حَكَاهُ تت وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ الْغَمِيرَةِ، وَوَجْهُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَتَّصِلَ ذَلِكَ فَيَمْنَعُ النَّاسُ الْإِنْصَاتَ
(وَيُنْصِتُونَ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (فِيمَا سِوَى ذَلِكَ) التَّكْبِيرِ عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَسْتَمِعُوا لَهُ فَأَشْبَهَتْ الْجُمُعَةَ (فَإِنْ كَانَتْ) الْأَيَّامُ (أَيَّامَ النَّحْرِ) وَيَجُوزُ رَفْعُ أَيَّامٍ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ أَيْ فَإِنْ حَضَرَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ (فَلْيُكَبِّرْ النَّاسُ) اسْتِحْبَابًا (دُبُرَ الصَّلَوَاتِ) الْمَفْرُوضَاتِ الْحَاضِرَةِ قَبْلَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمَأْمُومَ وَالْفَذَّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَاحْتَرَزْنَا بِالْمَفْرُوضَاتِ مِنْ النَّوَافِلِ وَبِالْحَاضِرَةِ مِنْ الْفَائِتَةِ وَابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ إثْرَ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ (مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ) وَانْتِهَاؤُهُ (إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ (وَهُوَ) أَيْ الْيَوْمُ الرَّابِعُ (آخِرُ أَيَّام مِنًى) وَرَفَعَ بِقَوْلِهِ: كَ (يُكَبِّرُ إذَا صَلَّى الصُّبْحَ) الْإِبْهَامَ فِي قَوْلِهِ: إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ إلَى فِيهِ لِلْغَايَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى مَعَ. (ثُمَّ) إذَا فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ (يَقْطَعُ وَالتَّكْبِيرُ) الَّذِي يُكَبِّرُهُ النَّاسُ (دُبُرَ الصَّلَوَاتِ) لَهُ صِفَتَانِ إحْدَاهُمَا (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) وَالثَّانِيَةُ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ:(وَإِنْ جَمَعَ مَعَ التَّكْبِيرِ تَهْلِيلًا وَتَحْمِيدًا فَحَسَنٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ ثُمَّ بَيَّنَ صِفَةَ الْجَمْعِ بِقَوْلِهِ: (يَقُولُ إنْ شَاءَ ذَلِكَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ هَذَا) مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاسْتَحَبَّهَا ابْنُ الْجَلَّابِ.
(وَ) رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا (الْأَوَّلُ) مِنْ رِوَايَةِ عَلِيٍّ وَصَرَّحَ عِيَاضٌ بِمَشْهُورِيَّتِهِ (وَالْكُلُّ وَاسِعٌ) أَيْ جَائِزٌ ع: وَانْظُرْ هَلْ يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ تَفْضِيلُ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى أَمْ لَا؟ وَلِمَ تَقَدَّمَ لَهُ الْأَمْرُ بِالذِّكْرِ فِي خُرُوجِهِ إلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَكَانَ مُرَادُهُ بِهِ الذِّكْرَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28] وَقَوْلُهُ: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203]
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَيُنْصِتُونَ] أَيْ أَنَّهُ يُطْلَبُ الْإِصْغَاءُ لِلْخُطْبَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْمَعُهَا [قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ] وَرَوَى أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ الْكَلَامَ فِيهَا لَيْسَ كَالْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ، إذَا عَلِمْت هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فَلَا تَفْهَم أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ حِكَايَتِهِمَا بَلْ هُمَا مُتَّفِقَتَانِ عَلَى أَنَّ الْإِنْصَاتَ مَنْدُوبٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ الْأَيَّامُ إلَخْ] قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: رُوِّينَاهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى أَنَّ فِي كَانَ ضَمِيرًا أَيْ فَإِنْ كَانَتْ هِيَ أَيْ الْأَيَّامُ أَيَّامَ النَّحْرِ، وَيَجُوزُ الرَّفْعُ عَلَى تَمَامِ كَانَ وَهُوَ الظَّاهِرُ عِنْدِي أَيْ فَإِنْ حَضَرَتْ اهـ.
[قَوْلُهُ: دُبْرَ الصَّلَوَاتِ] أَيْ أَثْرَ السُّجُودِ الْبَعْدِي، وَإِذَا سَلَّمَ الْمُصَلِّي مِنْ الْفَرِيضَةِ وَنَسِيَ التَّكْبِيرَ أَوْ تَعَمَّدَ تَرْكَهُ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ مَعَ الْقُرْبِ، وَالْقُرْبُ هُنَا كَالْقُرْبِ فِي الْبِنَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ، وَإِذَا تَرَكَهُ الْإِمَامُ فَالْمَأْمُومُ يُنَبِّهُهُ وَلَوْ بِالْكَلَامِ، فَإِنْ لَمْ يُنَبِّهْهُ أَوْ لَمْ يَنْتَبِهْ كَبَّرَ وَلَا يَتْرُكْهُ.
قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: فَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ فِي غَيْرِ دُبْرِ الصَّلَوَاتِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ.
[قَوْلُهُ: قَبْلَ التَّسْبِيحِ] أَيْ وَقَبْلَ آيَةِ الْكُرْسِيِّ. [قَوْلُهُ: لِلْغَايَةِ] أَيْ وَالْغَايَةُ خَارِجَةٌ [قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ] ثَلَاثًا بِالْإِعْرَابِ إلَّا أَنْ يَقِفَ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ وَالْمَدِّ الطَّبِيعِيِّ.
[قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ عِيَاضٌ بِمَشْهُورِيَّتِهِ] أَيْ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
[قَوْلُهُ: وَالْكُلُّ وَاسِعٌ] قَالَ بَعْضٌ: وَلَمَّا لَمْ يَثْبُتْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَعْيِينُ شَيْءٍ مِنْ هَاتَيْنِ الصِّيغَتَيْنِ قَالَ: وَكُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ.
[قَوْلُهُ: أَيْ جَائِزٌ] أَيْ مَأْذُونٌ فِيهِ. [قَوْلُهُ: وَانْظُرْ هَلْ يُؤْخَذُ إلَخْ] قُلْت: قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ تَفْضِيلُ الْأُولَى الَّتِي قُلْنَا: إنَّهَا الْمُعْتَمَدَةُ.
[قَوْلُهُ: وَكَانَ مُرَادُهُ بِهِ الذِّكْرَ] وَمَعْنَى كَلَامِ شَارِحِنَا أَنَّ الذِّكْرَ الَّذِي يُقَالُ فِي الْخُرُوجِ لِلْعِيدِ هُوَ الذِّكْرُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ.
قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فِي آيَةِ الْحَجِّ. وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عِنْدَ الذَّبْحِ وَقَالَ فِي آيَةِ الْبَقَرَةِ {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، وَذِكْرُهُ فِيهَا التَّكْبِيرُ إدْبَارَ الصَّلَوَاتِ وَعِنْدَ الْجِمَارِ، وَسُمِّيَتْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِأَنَّ النَّاسَ يُشَرِّقُونَ اللَّحْمَ فِيهَا أَيْ
نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ الْأَيَّامَ الْمَذْكُورَةَ، وَبَيَّنَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ فَقَالَ:(وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ) الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى فَهِيَ (أَيَّامُ النَّحْرِ الثَّلَاثَةُ) الْأُوَلُ وَتَالِيَاهُ.
(وَ) أَمَّا (الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ) الْمَذْكُورَةُ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى فَهِيَ (أَيَّامُ مِنًى وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ) ثَانِي يَوْمِ النَّحْرِ وَتَالِيَاهُ، فَأَوَّلُ يَوْمِ النَّحْرِ مَعْلُومٌ غَيْرُ مَعْدُودٍ، وَرَابِعُهُ مَعْدُودٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَالْيَوْمَانِ الْوَسَطَانِ مَعْلُومَانِ مَعْدُودَانِ.
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مُسْتَحَبَّاتِ الْعِيدِ فَقَالَ: (وَالْغُسْلُ لِلْعِيدَيْنِ حَسَنٌ) وَلَفْظُهُ فِي بَابٍ جُمِلَ وَغُسْلُ الْعِيدَيْنِ مُسْتَحَبٌّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَأَكَّدَ مَا قَالَ هُنَا بِقَوْلِهِ: (وَلَيْسَ بِلَازِمٍ) أَيْ لُزُومَ السُّنَنِ، وَقِيلَ: هُوَ سُنَّةٌ وَصَرَّحَ ك بِمَشْهُورِيَّتِهِ، وَأَفْضَلُ أَوْقَاتِ هَذَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَيُجْزِئُهُ إذَا اغْتَسَلَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ (وَيُسْتَحَبُّ فِيهِمَا) أَيْ الْعِيدَيْنِ (الطِّيبُ) لِلرِّجَالِ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ لِلصَّلَاةِ وَمَنْ لَمْ يَخْرُجْ لَهَا، وَأَمَّا النِّسَاءُ إذَا خَرَجْنَ لَهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ الطِّيبُ (وَ) يُسْتَحَبُّ فِيهِمَا أَيْضًا لِلرِّجَالِ (الْحَسَنُ) أَيْ لُبْسُ الْحَسَنِ (مِنْ الثِّيَابِ) لِلْقَاعِدِ وَالْخَارِجِ وَأَدِلَّةُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ السُّنَّةِ.
ــ
[حاشية العدوي]
يُشَرِّحُونَهُ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الصَّلَاةَ تُصَلَّى فِي أَوَّلِهَا عِنْدَ شُرُوقِ الشَّمْسِ [قَوْلُهُ: وَالْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ] أَيْ لِلنَّحْرِ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ أَيْ لِلرَّمْيِ.
[قَوْلُهُ: وَالْغُسْلُ لِلْعِيدَيْنِ إلَخْ] وَصِفَتُهُ كَصِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَيُطْلَبُ مِنْ كُلِّ مُمَيَّزٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا وَلَا مَرِيدًا لِلصَّلَاةِ [قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ سُنَّةٌ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: وَيُجْزِئُهُ إذَا اغْتَسَلَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ] إذْ مَبْدَأُ وَقْتِهِ السُّدُسُ الْأَخِيرُ مِنْ اللَّيْلِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ مَنْدُوبٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّصَالُهُ بِالذَّهَابِ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا النِّسَاءُ إذَا خَرَجْنَ لَهَا] أَيْ لِلصَّلَاةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَجَائِزِ وَغَيْرِهِنَّ، وَمَفْهُومُ خَرَجْنَ أَنَّهُنَّ إذَا لَمْ يَخْرُجْنَ فَلَا حَرَجَ وَهُوَ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ فِيهِمَا أَيْضًا لِلرِّجَالِ] أَيْ لَا لِلنِّسَاءِ، وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَخْرُجْنَ إلَّا فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْتِ فَلَا حَرَجَ أَيْضًا [قَوْلُهُ: لُبْسُ الْحَسَنِ] وَالْمُرَادُ بِالْحَسَنِ مِنْهَا فِي الْعِيدِ الْجَدِيدِ وَلَوْ أَسْوَدَ.
تَنْبِيهٌ:
يَنْبَغِي فِي زَمَانِنَا أَوْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُلْحَقَ بِالنِّسَاءِ مَنْ تَتَشَوَّقُ النُّفُوسُ إلَى رُؤْيَتِهِ مِنْ الذُّكُورِ، فَيَجِبُ عَلَى وَلِي الصَّغِيرِ الْجَمِيلِ وَسَيِّدِ الْمَمْلُوكِ أَنْ يُجَنِّبَهُ اللِّبَاسَ الْحَسَنَ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْعِيدِ.
[قَوْلُهُ: وَأَدِلَّةُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ السُّنَّةِ] فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانَ عليه الصلاة والسلام يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم يَتَطَيَّبُ وَرَغَّبَ فِيهِ» ، «وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا إذَا غَدَوْنَا إلَى الْمُصَلَّى أَنْ نَلْبَسَ أَجْوَدَ مَا نَقْدِرُ مِنْ الثِّيَابِ» .