الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ مَا ذَكَرَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ أَنَّ فِي بَابِ جَامِعِ الصَّلَاةِ شَيْئًا مِنْ مَسَائِلِ التَّيَمُّمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: (وَإِنْ
لَمْ يَقْدِرْ) الْمُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ (عَلَى مَسِّ الْمَاءِ لِضَرَرٍ بِهِ
أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ) الْمَرِيضُ (مَنْ يُنَاوِلُهُ إيَّاهُ) أَيْ الْمَاءَ (تَيَمَّمَ) أَيْ فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمَرِيضُ (مَنْ يُنَاوِلُهُ تُرَابًا تَيَمَّمَ بِالْحَائِطِ إلَى جَانِبِهِ إنْ كَانَ طِينًا) أَيْ بُنِيَ بِالطِّينِ (أَوْ) بُنِيَ بِغَيْرِ طِينٍ وَلَكِنْ رُكِّبَ (عَلَيْهِ طِينٌ) وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَشْيَاءُ: أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِالتُّرَابِ الْمَنْقُولِ، وَأَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ بِالْحَائِطِ إلَّا مَعَ عَدَمِ التُّرَابِ، وَأَنَّ الْحَائِطَ إذَا لَمْ يَكُنْ طِينًا وَلَا عَلَيْهِ طِينٌ لَا يَتَيَمَّمُ بِهِ، وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ تَيَمُّمِ الْمَرِيضِ فَقَطْ عَلَى الْحَائِطِ وَالْحَجَرِ، ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ زِيَادَةً لِلْإِيضَاحِ فَقَالَ:(فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَائِطِ الَّتِي بِجَنْبِهِ (جِصٌّ) أَيْ جِبْسٌ (أَوْ جِيرٌ فَلَا يَتَيَمَّمُ بِهِ) أَيْ عَلَيْهِ لِدُخُولِ الصَّنْعَةِ فِي ذَلِكَ، وَفِي شَرْحِ الْغَرِيبِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ قَوْلُهُ: جِبْسٌ صَوَابُهُ جِصٌّ، وَقَوْلُهُ: جِيرٌ صَوَابُهُ جِيَارٌ ذَكَرَهُ الزَّبِيدِيُّ فِي لَحْنِ الْعَامَّةِ انْتَهَى.
(وَالْمُسَافِرُ) الرَّاكِبُ (يَأْخُذُهُ) أَيْ يَضِيقُ عَلَيْهِ (الْوَقْتُ) الْمُخْتَارُ حَالَةَ كَوْنِهِ سَائِرًا (فِي طِينٍ خَضْخَاضٍ) وَهُوَ مَا يَخْتَلِطُ بِتُرَابٍ حَتَّى يَصِيرَ جَالِسًا، وَيَئِسَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ يَسْتَطِيعُ النُّزُولَ بِهِ لَكِنَّهُ (لَا يَجِدُ أَيْنَ يُصَلَّى) لِأَجْلِ تَلَطُّخِ ثِيَابِهِ (فَلْيَنْزِلْ عَنْ دَابَّتِهِ وَيُصَلِّي فِيهِ قَائِمًا يُومِئُ) بِالرُّكُوعِ وَبِالسُّجُودِ وَيَكُونُ إيمَاؤُهُ (بِالسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ إيمَائِهِ بِالرُّكُوعِ) وَإِذَا أَوْمَأَ
ــ
[حاشية العدوي]
يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ مُتَرَبِّعًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ مِنْ جُلُوسٍ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَعَلَى جَنْبِهِ أَوْ ظَهْرِهِ وَيَجْعَلُ رِجْلَيْهِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ وَلَا يَدَعُ الْإِيمَاءَ وَإِنْ كَانَ مُضْطَجِعًا انْتَهَى، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي أَلْجَأَ إلَى التَّأْوِيلِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَدَعُ الْإِيمَاءَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنْ عَقْلِهِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ الْعَقْلِ مُوجِبٌ لِلصَّلَاةِ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ لَا الْإِيمَاءِ وَحْدَهُ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ تَبْقَى الْعِبَارَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا بِالنَّظَرِ لِعِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْخَالِيَةِ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ.
[لَمْ يَقْدِرْ الْمُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى مَسِّ الْمَاءِ لِضَرَرٍ بِهِ]
[قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِالتُّرَابِ الْمَنْقُولِ] أَيْ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ نَاوَلَهُ تُرَابًا فَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَنْ يُنَاوِلُهُ تُرَابًا تَيَمَّمَ لِذَلِكَ التُّرَابِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ النَّقْلَ عَلَى كَلَامِهِ نَقْلُهُ مِنْ مَحَلٍّ إلَى آخَرَ لَا جَعْلُ حَائِلٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ، مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ الْمُقَرَّرَ عِنْدَهُمْ فِي التُّرَابِ الْمَنْقُولِ، إنَّمَا هُوَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شُرَّاحِ خَلِيلٍ.
[قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ بِالْحَائِطِ إلَّا مَعَ عَدَمِ التُّرَابِ] أَيْ وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ التَّيَمُّمِ بِالْحَائِطِ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ لَكِنْ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ لَا يَتَيَمَّمَ بِهِ إلَّا مَعَ عَدَمِ التُّرَابِ.
قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ كَتُرَابٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ.
[قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ طِينًا] أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ طِينًا أَوْ عَلَيْهِ طِينٌ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ بِهِ، هَذَا مَا لَمْ يَخْتَلِطْ بِنَجَسٍ كَثِيرٍ، وَأَمَّا إنْ خُلِطَ بِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَلَى نَجَاسَةٍ وَإِنْ خُلِطَ بِطَاهِرٍ كَتِبْنٍ، فَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ بِالطَّاهِرِ أَغْلَبَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ عَلَيْهِ كَمَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ خَلِيلٍ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ التِّبْنُ مُسَاوِيًا أَوْ أَقَلَّ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى ضَابِطِ الْكَثِيرِ مِنْ النَّجِسِ وَهَلْ يُقَالُ بِالْعُرْفِ فَلْيُحَرَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ تَيَمُّمِ إلَخْ] وَكَذَا الصَّحِيحُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عَلَى الْحَائِطِ اللَّبِنِ وَالْحَائِطِ الْحَجَرِ لِلْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِهِ حَائِلٌ يَمْنَعُ مِنْ مُبَاشَرَتِهِ.
[قَوْلُهُ: جِبْسٌ صَوَابُهُ جِصٌّ] النُّسْخَةُ الَّتِي وَقَعَتْ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ جِبْسٌ لَا جِصٌّ وَاَلَّذِي فِي التَّتَّائِيِّ وَالْفَاكِهَانِيِّ جِصٌّ فَهِيَ الصَّوَابُ.
[قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ الزَّبِيدِيُّ] بِفَتْحِ الزَّايِ
[كَيْفِيَّة صَلَاة الْمُسَافِر عَلَيَّ الدَّابَّة]
[قَوْلُهُ: وَالْمُسَافِرُ إلَخْ] لَا مَفْهُومَ لِلْمُسَافِرِ وَلَا لِلرَّاكِبِ.
[قَوْلُهُ: الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ] كَذَا رَأَيْته فِي شَرْحِ تت وَبَعْضِ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ، وَالْأَحْسَنُ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَخْتَلِطُ بِتُرَابٍ إلَخْ] فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ وَمِثْلُ الْخَضْخَاضِ الْمَاءُ وَحْدَهُ فِي النُّزُولِ وَعَدَمِهِ اهـ.
[قَوْلُهُ: حَتَّى يَصِيرَ جَالِسًا] الْأَوْلَى مَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الطِّينُ الرَّقِيقُ، [قَوْلُهُ: لِأَجْلِ تَلَطُّخِ ثِيَابِهِ] أَيْ أَوْ لِأَجْلِ الْغَرَقِ بِالطَّرِيقِ الْأُولَى.
[قَوْلُهُ: يُومِئُ بِالرُّكُوعِ] أَيْ لِلرُّكُوعِ إلَخْ، لَكِنَّ مَحَلَّ إيمَائِهِ لِلرُّكُوعِ إذَا كَانَ الْخَضْخَاضُ آخِذًا لَهُ لِصَدْرِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ آخِذًا لِرُكْبَتَيْهِ
لِلرُّكُوعِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَفَعَهُمَا عَنْهُمَا إذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ أَوْمَأَ بِيَدَيْهِ إلَى الْأَرْضِ وَيَنْوِي الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَائِمًا وَكَذَلِكَ جُلُوسُ التَّشَهُّدِ إنَّمَا يَكُونُ قَائِمًا، وَاحْتُرِزَ بِالْخَضْخَاضِ مِنْ الْيَابِسِ فَإِنَّهُ يَنْزِلُ وَيُصَلِّي فِيهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْجُلُوسِ وَقَوْلُنَا: يَئِسَ إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ، وَقَيَّدْنَا بِقَوْلِنَا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ النُّزُولَ فِيهِ لِقَوْلِهِ:(فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ) أَيْ الْخَضْخَاضِ لِخَوْفِ الْغَرَقِ (صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ إلَى الْقِبْلَةِ) بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ طِينٌ وَخَافَ أَنْ يَنْزِلَ مِنْ اللُّصُوصِ أَوْ السِّبَاعِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَى الْأَرْضِ وَيَرْفَعُ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ إذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ، وَلَا يَسْجُدُ عَلَى سَرْجِ الدَّابَّةِ وَلَا غَيْرِهِ، وَيَكُونُ جُلُوسُهُ مُتَرَبِّعًا إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، وَحُكْمُ الْحَاضِرِ يَأْخُذُهُ الْوَقْتُ فِي طِينٍ
ــ
[حاشية العدوي]
مَثَلًا بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ بِالْفِعْلِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ إيمَاؤُهُ بِالسُّجُودِ، أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْوُجُوبِ كَمَا قَرَرْنَا أَوْ النَّدْبِ كَمَا قَرَّرَ هُوَ.
[قَوْلُهُ: وَإِذَا أَوْمَأَ لِلسُّجُودِ أَوْمَأَ بِيَدَيْهِ] أَيْ عَلَى إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ سُنَّةٌ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ.
[قَوْلُهُ: وَيَنْوِي الْجُلُوسَ إلَخْ] أَيْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْجُلُوسِ بِالنِّيَّةِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بَلْ مِثْلُهُ الْجُلُوسُ فِي حَالِ الْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ وَفِي حَالِ التَّشَهُّدِ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إلَخْ إخْبَارٌ بِمَعْلُومٍ، فَلَوْ قَالَ وَكَذَا يَنْوِي الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدِ لَكَانَ أَفْضَلَ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْفِعْلِ يُفِيدُ أَنَّ تِلْكَ النِّيَّةَ وَاجِبَةٌ، وَمَا قَالَهُ مِنْ كَوْنِهِ يَنْوِي نَقْلَهُ فِي التَّحْقِيقِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَنَقَلَ عَنْ الْأَقْفَهْسِيِّ أَنَّهُ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّ جُلُوسَهُ وَقِيَامَهُ سَوَاءٌ اهـ.
أَيْ لَا يُطَالَبُ بِالتَّفْرِيقِ وَهُوَ الظَّاهِرُ [قَوْلُهُ: وَقَوْلُنَا يَئِسَ إلَخْ] أَرَادَ بِالْيَأْسِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا يُقَيِّدُهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ مَا لَوْ شَكَّ وَحُكْمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ إيمَاءً وَسَطَ الْوَقْتِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ.
[قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِمَّا إذَا تَيَقَّنَ] أَرَادَ بِهِ غَلَبَةَ الظَّنِّ أَيْضًا وَهَلْ الظَّنُّ كَغَلَبَتِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ] ظَاهِرُهُ وُجُوبًا وَفِي عج أَنَّهُ مَنْدُوبٌ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَإِنْ كَانَ عج بَعْدَ ذَلِكَ يَرْتَضِي أَنَّ التَّأْخِيرَ وَاجِبٌ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ عِبَارَتِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا مَا يَأْتِي فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ، وَكَذَا مَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لِخَوْفِ الْغَرَقِ إلَخْ] احْتِرَازًا مِنْ خَوْفِ تَلَطُّخِ الثِّيَابِ فَقَطْ فَلَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ، فَقَدْ قَالَ عج خَشْيَةُ تَلَطُّخِ الثِّيَابِ لَا تُوجِبُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ.
وَإِنَّمَا تُبِيحُ الصَّلَاةَ إيمَاءً بِالْأَرْضِ اهـ.
[قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ لَهُ] قَالَ الزَّرْقَانِيُّ عَلَى خَلِيلٍ وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهَا سَائِرَةً، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ وُقُوفُهَا صَلَّى عَلَيْهَا سَائِرَةً كَصَلَاةِ الْمُسَايَفِ قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: اللُّصُوصِ أَوْ السِّبَاعِ إلَخْ] قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ مَا مُحَصَّلُهُ إنْ رَجَا زَوَالَ خَوْفٍ كَالسَّبُعِ قَبْلَ خُرُوجِ آخِرِ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ اسْتِحْبَابًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَرْجُو ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ الْوَقْتِ صَلَّى أَوَّلَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى شَكٍّ فِي ذَلِكَ صَلَّى وَسَطَ الْوَقْتِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ] أَيْ إلَى الْقِبْلَةِ بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ، وَكَذَلِكَ إلَخْ، فَلَوْ تَعَذَّرَ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا فَيُصَلِّي لِغَيْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ عَلَى خَلِيلٍ، وَقَوْلُهُ بِالرُّكُوعِ أَيْ إلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَمَحَلُّ الْإِيمَاءِ لِلرُّكُوعِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا رَكَعَ كَمَا ذَكَرَهُ عج رحمه الله.
[قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ] أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْفَعَ عِمَامَتَهُ عَنْ جَبْهَتِهِ اتِّفَاقًا كَمَا يَفْعَلُ السَّاجِدُ غَيْرُ الْمُومِئِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا كَالطَّاقَةِ وَالطَّاقَتَيْنِ فَيُكْرَهُ فَقَطْ كَمَا ذَكَرُوا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَسْجُدُ عَلَى سَرْجِ الدَّابَّةِ إلَخْ] فَلَوْ سَجَدَ وَاكْتَفَى بِهِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ تَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ بِجَبْهَتِهِ قُرُوحٌ قَالَهُ عج.
[قَوْلُهُ: وَيَكُونُ جُلُوسُهُ مُتَرَبِّعًا] أَيْ يُنْدَبُ لَهُ ذَلِكَ وَفِي شَرْحِ عج عَلَى خَلِيلٍ فِي قَوْلِهِ إلَّا إلَخْ مَا نَصُّهُ: اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا إلَخْ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ لَا يُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا إيمَاءً أَوْ يَقْدِرُ أَنْ يُصَلِّيَ رَاكِعًا سَاجِدًا غَيْرَ قَائِمٍ، أَمَّا مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهَا قَائِمًا رَاكِعًا وَسَاجِدًا فَإِنَّ صَلَاةَ الْفَرْضِ عَلَيْهَا صَحِيحَةٌ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِ فِي النُّزُولِ كَمَا يُفِيدُهُ
خَضْخَاضٍ حُكْمُ الْمُسَافِرِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّ الْخَضْخَاضَ غَالِبًا إنَّمَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ.
(وَ) يَجُوزُ (لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَفَرِهِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ) دَابَّتُهُ، ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أَحْرَمَ إلَى الْقِبْلَةِ أَمْ لَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا جَوَازُهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَيَكُونُ فِي جُلُوسِهِ مُتَرَبِّعًا إنْ أَمْكَنَهُ وَيَرْفَعُ الْعِمَامَةَ عَنْ وَجْهِهِ فِي السُّجُودِ، وَلَهُ ضَرْبُ الدَّابَّةِ فِي الصَّلَاةِ وَرَكْضُهَا وَضَرْبُ غَيْرِهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَلْتَفِتُ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُسَافِرِ مِنْ الْحَاضِرِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ عَلَى الدَّابَّةِ، وَاحْتُرِزَ بِدَابَّتِهِ عَنْ الْمَاشِي فَإِنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ فِي سَفَرِهِ مَاشِيًا وَبِحَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ مِنْ رَاكِبِ السَّفِينَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ فِيهَا إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ فَيَدُورُ مَعَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَ مَا صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ قِبَلَ أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَتْ وَيُوتِرُ عَلَيْهَا وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ» ، وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ تَنَفُّلِ الْمُسَافِرِ عَلَى الدَّابَّةِ شَرْطٌ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(إنْ كَانَ) السَّفَرُ (سَفَرًا تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ) احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ السَّفَرُ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَمِنْ سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ.
(وَلْيُوتِرْ) الْمُسَافِرُ (عَلَى دَابَّتِهِ إنْ شَاءَ) بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنْ شَاءَ أَوْتَرَ عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ
ــ
[حاشية العدوي]
كَلَامُ سَنَدٍ وَيُفِيدُهُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ، وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ سَنَدٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ غَيْرُ مُخْتَلِفَيْنِ، إذْ كَلَامُ سَنَدٍ فِي مَوْضُوعٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ وَسَيَأْتِي تَتِمَّتُهُ.
[قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إلَخْ] الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى.
[قَوْلُهُ: عَلَى دَابَّتِهِ] الْمُرَادُ بِهَا مَا عَدَا السَّفِينَةِ فَيَشْمَلُ الْفَرَسَ وَالْحِمَارَ وَالْآدَمِيَّ لِمُقَابِلَتِهَا بِالسَّفِينَةِ، وَظَاهِرُهُ كَانَ رَاكِبًا عَلَى ظَهْرِهَا أَوْ فِي شُقْدُفٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَانْظُرْ هَلْ يَدْخُلُ رَاكِبُ السَّبُعِ كَذَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الرُّكُوب لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُعْتَادًا فَيَخْرُجُ الرَّاكِبُ مَقْلُوبًا أَوْ بِجَنْبِهِ.
[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَحْرَمَ إلَى الْقِبْلَةِ أَمْ لَا إلَخْ] مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ حَبِيبٍ يُوَجِّهُ الدَّابَّةَ أَوَّلًا لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ يُحْرِمُ ثُمَّ يُصَلِّي حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ اهـ، تَحْقِيقٌ نَعَمْ يُنْدَبُ التَّوَجُّهُ لِلْقِبْلَةِ ابْتِدَاءً.
[قَوْلُهُ: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ] أَيْ خِلَافًا لِابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما لَا يَتَنَفَّلُ الْمُسَافِرُ نَهَارًا [قَوْلُهُ: وَيَكُونُ إلَخْ] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: وَيَرْفَعُ الْعِمَامَةَ عَنْ وَجْهِهِ] الْأَوَّلُ عَنْ جَبْهَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَرْجِ الدَّابَّةِ أَوْ غَيْرِهِ وَيُومِئُ لِلْأَرْضِ كَمَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ اللَّخْمِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي عَبْدِ الْبَاقِي عَلَى خَلِيلٍ [قَوْلُهُ: وَرَكْضَهَا] بِتَحْرِيكِ رِجْلَيْهِ وَلَهُ تَنْحِيَةُ وَجْهِهِ عَنْ الشَّمْسِ لِضَرَرِهَا لَهُ.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَلْتَفِتُ] وَلَوْ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَكَذَا لَا يَنْحَرِفُ وَلَوْ انْحَرَفَ إلَى غَيْرِ جِهَةِ سَفَرِهِ عَامِدًا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَى الْقِبْلَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَإِنْ كَانَ لِضَرُورَةٍ كَظَنِّهِ أَنَّهَا طَرِيقُهُ أَوْ غَلَبْته دَابَّتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ فَيَدُورُ مَعَهَا] وَلَا يُصَلِّي لِجِهَةِ سَفَرِهِ وَقَوْلُهُ وَيَدُورُ مَعَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا الْمُؤَلِّفُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَلَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ التُّبَّانِ عَلَى مَا إذَا صَلَّى فِيهَا إيمَاءً، أَيْ لِعُذْرٍ اقْتَضَى ذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا مَنْعَ وَيُصَلِّي حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الدَّوَرَانِ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ السَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ يَتَنَفَّلُ عَلَيْهَا حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ.
قَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مَحَلُّ مَنْعِ النَّفْلِ فِي السَّفِينَةِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ إذَا كَانَ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ لِعُذْرٍ اقْتَضَى ذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ يُصَلِّي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا مَنْعَ وَيُصَلِّي حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ وَلَوْ تَرَكَ الدَّوَرَانَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ.
[قَوْلُهُ: كَانَ يُسَبِّحُ] بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُشَدَّدَةِ، أَيْ يُصَلِّي النَّافِلَةَ وَقَوْلُهُ الرَّاحِلَةِ هِيَ النَّاقَةُ الَّتِي تَصْلُحُ؛ لَأَنْ تُرْحَلَ [قَوْلُهُ: قِبَلَ] بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مُقَابِلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَتْ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ] أَيْ الْفَرْضَ بَلْ يُصَلِّي النَّفَلَ إيمَاءً فَلَوْ صَلَّى النَّفَلَ عَلَيْهَا قَائِمًا رَاكِعًا سَاجِدًا مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ أَجْزَأَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ سَحْنُونٌ وَلَا يُجْزِئُهُ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ، أَيْ عَدَمِ أَمْنِهِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ وَصَلَ مَنْزِلَ إقَامَةٍ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ نَزَلَ عَنْهَا وَأَتَمَّ بِالْأَرْضِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا وَمُسْتَقْبِلًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ عَلَيْهِ تَشَهُّدُهُ فَقَطْ أَتَمَّهُ عَلَيْهَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُمْ كَمَّلَ بِالْأَرْضِ رَاكِعًا وَسَاجِدًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْزِلَ إقَامَةٍ خَفَّفَ الْقِرَاءَةَ