المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في الأذان والإقامة] - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ١

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سَبَب تَأْلِيف الْكتاب]

- ‌ بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ

- ‌[تَنْبِيهَات الْأَوَّل: إيمَانَ الْمُقَلِّدِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي: الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ وَاحِدٌ]

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[شُرُوطٌ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ]

- ‌[مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ]

- ‌ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ

- ‌[بَاب طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ]

- ‌ مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[مُبَاشَرَة الْمَرْأَةُ الْأَرْضَ بِكَفَّيْهَا فِي السُّجُودِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَالِاسْتِنْجَاء وَالِاسْتِجْمَار]

- ‌بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَاب الصَّلَاة] [

- ‌[بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌ بَابٌ فِي الْإِمَامَةِ

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ فِي الصَّلَاة]

- ‌[سُجُود السَّهْو]

- ‌ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا

- ‌[فَرْعٌ التَّنَحْنُحُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الِاجْتِهَاد فِي الْقِبْلَة]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[بَعْض الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَاةِ]

- ‌ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ)

- ‌ حُكْمِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ

- ‌صَلَاةُ الْمَرِيضِ)

- ‌[طَهَارَة مَحِلّ الصَّلَاة]

- ‌ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ (عَلَى مَسِّ الْمَاءِ لِضَرَرٍ بِهِ

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْمُسَافِر عَلَيَّ الدَّابَّة]

- ‌ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[حُكْم دَمُ الْبَرَاغِيثِ]

- ‌ بَابٌ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

- ‌ بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْجُمُعَةِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّت]

- ‌[بَابٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ]

- ‌ بَابٌ فِي الصِّيَامِ]

- ‌ قِيَامِ رَمَضَانَ

- ‌[بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ]

- ‌[مُفْسِدَات الِاعْتِكَافِ]

- ‌ الْوَقْتَ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْهُ الِاعْتِكَافَ

- ‌ مَسَائِلَ نُهِيَ الْمُعْتَكِفُ عَنْهَا

- ‌[الْوَقْت الَّذِي يَخْرَج فِيهِ مِنْ الِاعْتِكَاف]

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[بَاب فِي الزَّكَاة] [

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْحَجِّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَرَائِض الْحَجِّ وَسُنَنه وَفَضَائِله]

- ‌ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌ الْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ مِنْ أَوْجُهِ الْإِحْرَامِ الثَّلَاثَةِ

- ‌ مَحَلَّ نَحْرِ الْهَدْيِ وَذَبْحِهِ

- ‌ حَقِيقَةَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا]

- ‌[الْأُضْحِيَّة مِنْ النَّعَم وَالْبَقَر وَالْغَنَم]

- ‌[أَحْكَام الذَّكَاةُ]

- ‌ مَا لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ مِنْ الْأَنْعَامِ

- ‌[أَكْلُ الْمُحْرِم وَالِانْتِفَاع بِهِ حِينَ الِاضْطِرَار]

- ‌[أَحْكَام الصَّيْدِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَقِيقَة]

- ‌[أَحْكَام الْخِتَان]

الفصل: ‌[باب في الأذان والإقامة]

غَيْرِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ مُؤَدِّيًا لَا قَاضِيًا، وَمَعَ ذَلِكَ يَكُونُ غَيْرُ ذِي الْعُذْرِ عَاصِيًا لِتَفْرِيطِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْأَوْقَاتِ شَرَعَ يُبَيِّنُ الْمُعَلَّمَ بِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فَقَالَ:

ــ

[حاشية العدوي]

الطُّهْرِ. وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ تِلْكَ الصَّلَاةُ.

وَأَمَّا الْكَافِرُ يُقَدَّرُ لَهُ إدْرَاكُ رَكْعَةٍ لَا الطُّهْرُ وَالنَّائِمُ وَالنَّاسِي يَجِبُ عَلَيْهِمَا وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَهُمَا بِتِلْكَ الْحَالَةِ. [قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ] أَيْ وَهُمْ الَّذِينَ لَا عُذْرَ لَهُمْ.

[بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

[قَوْلُهُ: يُبَيِّنُ الْمُعَلَّمَ] فِيهِ تَجُوزُ إذْ الْمُعَلَّمُ لَهَا الشَّخْصُ، وَأَيْضًا يَقُولُ: قَرِيبًا الْأَذَانُ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِعْلَامِ بِالْأَوْقَاتِ وَلَمْ يَقُلْ الْأَذَانُ الْمُعَلَّمُ.

ص: 252

بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ (بَابٌ) فِي (بَيَانِ) حُكْمِ (الْأَذَانِ وَ) حُكْمِ (الْإِقَامَةِ) وَبَيَانِ صِفَتِهِمَا وَالْأَذَانُ لُغَةً الْإِعْلَامُ وَشَرْعًا الْإِعْلَامُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَبَدَأَ بِحُكْمِهِ فَقَالَ: (وَالْأَذَانُ وَاجِبٌ) وُجُوبَ السُّنَنِ (فِي الْمَسَاجِدِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ جَامِعَةً أَوْ غَيْرَ جَامِعَةٍ.

(وَ) فِي أَمَاكِنِ (الْجَمَاعَاتِ الرَّاتِبَةِ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَسَاجِدَ أَوْ غَيْرِهَا، وَاحْتُرِزَ بِالْجَمَاعَاتِ عَنْ الْمُنْفَرِدِ وَسَيُصَرِّحُ بِحُكْمِهِ وَبِالرَّاتِبَةِ عَنْ الْجَمَاعَةِ الْغَيْرِ الرَّاتِبَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا الْأَذَانُ بَلْ وَلَا يُسْتَحَبُّ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَدَلِيلُ مَا قَالَ: أَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم بِهِ وَمُوَاظَبَتُهُمْ عَلَيْهِ فِي زَمَنِهِ وَغَيْرِهِ، وَإِظْهَارُهُ فِي جَمَاعَةٍ ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الْجَمَاعَاتِ فَقَالَ:(فَأَمَّا الرَّجُلُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ) وَيُرْوَى فِي خَاصَّتِهِ (فَإِنْ أَذَّنَ فَحَسَنٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ وَالْمَشْهُورُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسَافِرِ دُونَ الْمُقِيمِ لِمَا صَحَّ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:

ــ

[حاشية العدوي]

بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ [قَوْلُهُ: فِي بَيَانِ حُكْمِ الْأَذَانِ] أَيْ فِي بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَذَانِ كُلًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ بَعْضًا كَقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي: زِدْت هَاهُنَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ إلَخْ. لَا خُصُوصُ السُّنَّةِ أَوْ النَّدْبِ بَلْ مَا هُوَ أَعَمُّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُؤَذَّنُ لِصَلَاةٍ إلَخْ أَيْ لَا يَجُوزُ. [قَوْلُهُ: وَالْأَذَانُ لُغَةً الْإِعْلَامُ] أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ. [قَوْلُهُ: الْإِعْلَامُ بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ] أَيْ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ.

[قَوْلُهُ: وُجُوبَ السُّنَنِ] أَيْ فَهُوَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ. [قَوْلُهُ: فِي الْمَسَاجِدِ] أَيْ وَأَمَّا فِي الْمِصْرِ فَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَيُقَاتَلُونَ عَلَى تَرْكِهِ. [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ جَامِعَةً] أَيْ تُقَامُ فِيهَا الْجُمُعَةُ أَيْ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ تَتَقَارَبَ أَوْ لَا أَوْ كَانَ مَسْجِدًا فَوْقَ مَسْجِدٍ. [قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا] أَيْ أَوْ غَيْرِ مَسَاجِدَ أَيْ حَيْثُ يَطْلُبُونَ غَيْرَهُمْ بَلْ كُلُّ جَمَاعَةٍ تَطْلُبُ غَيْرَهَا وَلَوْ لَمْ تَكُنْ رَاتِبَةً فَإِنَّهُ يُسَنُّ فِي حَقِّهِمْ الْأَذَانُ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْأَذَانُ] مُرَادُهُ بِالْوُجُوبِ وُجُوبُ السُّنَنِ لَا حَقِيقَتُهُ، إذْ لَا يُتَوَهَّمُ وَلَا يُسْتَحَبُّ أَيْ بَلْ يُكْرَهُ الْأَذَانُ لِلْجَمَاعَةِ الْغَيْرِ الرَّاتِبَةِ فِي الْحَضَرِ أَيْ جَمَاعَةٍ فِي الْحَضَرِ لَا يَنْتَظِرُونَ غَيْرَهُمْ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ، وَأَمَّا فِي السَّفَرِ فَيُنْدَبُ لَهَا بَلْ وَالْمُنْفَرِدُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَذَانَ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ سِوَى الْإِبَاحَةِ الْوُجُوبُ كِفَايَةً فِي الْمِصْرِ وَالسُّنَّةُ كِفَايَةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَجَمَاعَةٍ تَطْلُبُ غَيْرَهَا وَلَوْ فِي السَّفَرِ. وَالِاسْتِحْبَابُ لِمَنْ كَانَ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا، وَحَرَامٌ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَكْرُوهٌ لِلسُّنَنِ وَلِلْجَمَاعَةِ الَّتِي لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ كَمَا يُكْرَهُ لِلْفَائِتَةِ وَفِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَلِفَرْضِ الْكِفَايَةِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابَلَةِ الِاسْتِحْبَابِ لِقَوْلِ مَالِكٍ: إذَا أَذَّنُوا فَحَسَنٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَشِيرٍ. [قَوْلُهُ: وَدَلِيلُ مَا قَالَ] أَيْ مِنْ كَوْنِهِ سُنَّةً كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: أَمْرُهُ إلَخْ] أَيْ وَهَذَا ضَابِطُ السُّنَّةِ. [قَوْلُهُ: وَمُوَاظَبَتُهُمْ] أَيْ مُوَاظَبَةُ أَهْلِ الدِّينِ. [قَوْلُهُ: وَإِظْهَارُهُ فِي جَمَاعَةٍ إلَخْ] هَذَا لَازِمٌ لِقَوْلِهِ: وَمُوَاظَبَتُهُمْ عَلَيْهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: وَإِظْهَارُهُ فِي جَمَاعَةٍ أَيْ إظْهَارُ ذَلِكَ الْأَذَانِ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ، فَعَلَى هَذَا عَدَمُ الْإِظْهَارِ فِي جَمَاعَةٍ عِبَارَةٌ عَنْ اسْتِعْمَالِ ذَلِكَ الْأَذَانِ مَثَلًا فِي بَيْتِهِ بِحَيْثُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْجِيرَانِ وَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ. [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُسَافِرِ دُونَ الْمُقِيمِ] وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: وَالْمُقِيمُ مِثْلُ

ص: 253

«إذَا كُنْت فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَأَذَّنْت بِالصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إنْسٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ الْإِقَامَةِ (وَ) هُوَ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْمُكَلَّفِ لِأَنَّهُ إمَّا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ، أَمَّا الرَّجُلُ فَ (لَا بُدَّ لَهُ مِنْ الْإِقَامَةِ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ لِقَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ: إنَّ مَنْ تَرَكَهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَحَمَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَلَى السُّنَّةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأَذَانِ لِاتِّصَالِهَا بِالصَّلَاةِ، وَإِذَا تَرَاخَى مَا بَيْنَهُمَا بَطَلَتْ الْإِقَامَةُ وَاسْتُؤْنِفَتْ، (وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنْ أَقَامَتْ فَحَسَنٌ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُقِمْ (فَلَا حَرَجَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ لَا إثْمَ (عَلَيْهَا) .

وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الْأَذَانِ الْإِعْلَامَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ نَبَّهَ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُسَافِرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ السَّفَرَ الشَّرْعِيَّ، بَلْ وَلَوْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ.

[قَوْلُهُ: «إذَا كُنْت فِي غَنَمِك» ] أَيْ إذَا كُنْت فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ بِغَنَمِك.

[قَوْلُهُ: «أَوْ بَادِيَتِك» ] يَحْتَمِلُ أَنَّ أَوْ لِلشَّكِّ مِنْ الرَّاوِي، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِلتَّنْوِيعِ لِأَنَّ الْغَنَمَ قَدْ لَا تَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ وَقَدْ يَكُونُ فِي الْبَادِيَةِ حَيْثُ لَا غَنَمَ قَالَهُ الْحَافِظُ، وَالنِّسْبَةُ إلَى الْبَادِيَةِ بَدْوِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

[قَوْلُهُ: فَأَذَّنْت بِالصَّلَاةِ] أَيْ أَعْلَمْت بِوَقْتِهَا.

[قَوْلُهُ: بِالنِّدَاءِ] أَيْ الْأَذَانِ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ أَذَانَ الصَّلَاةِ كَانَ مُقَرَّرًا عِنْدَهُمْ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِالرَّفْعِ دُونَ أَصْلِ التَّأْذِينِ.

[قَوْلُهُ: نَدَى صَوْتِ] كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ نَدَى بِنُونٍ وَدَالٍ مَفْتُوحَتَيْنِ أَيْ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَحْرِيفٌ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى صَحِيحًا كَمَا عَلِمْته مِنْ كَلَامِ الْقَامُوسِ، وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيِّ وَالنَّسَائِيَّ مَدَى صَوْتِ بِمِيمٍ وَدَالٍ.

وَقَالَ السِّنْدِيُّ عَلَى النَّسَائِيّ: بِفَتْحِ مِيمٍ وَخِفَّةٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ، أَيْ غَايَةَ صَوْتِهِ، وَفِي نُسْخَةٍ مَدَّ صَوْتِهِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ دَالٍ أَيْ تَطْوِيلَهُ انْتَهَى كَلَامُ السِّنْدِيِّ.

وَإِذَا شَهِدَ لَهُ مَنْ بَعُدَ عَنْهُ وَوَصَلَ إلَيْهِ مُنْتَهَى صَوْتِهِ فَلَأَنْ يَشْهَدَ لَهُ مَنْ دَنَا مِنْهُ وَسَمِعَ مَبَادِئَ صَوْتِهِ أَوْلَى.

[قَوْلُهُ: إنْسٌ إلَخْ] قِيلَ خَاصٌّ بِالْمُؤْمِنِ فَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا شَهَادَةَ لَهُ.

قَالَ عِيَاضٌ: وَهَذَا لَا يَسْلَمُ لِقَائِلِهِ لِمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ مِنْ خِلَافِهِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا جِنٌّ] قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يُرِيدَ مُؤْمِنِي الْجِنِّ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يَشْهَدُونَ لِلْمُؤَذِّنِ بَلْ يَفِرُّونَ وَيَنْفِرُونَ مِنْ الْأَذَانِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ] ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْحَيَوَانَاتِ وَالْجَمَادَاتِ فَهُوَ مِنْ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ لَهَا إدْرَاكًا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ خُزَيْمَةَ: «لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ شَجَرٌ وَلَا مَدَرٌ وَلَا حَجَرٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا إنْسٌ» .

[قَوْلُهُ: «إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ] قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: الْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الشَّهَادَةِ اشْتِهَارُ الْمَشْهُودِ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْفَضْلِ وَعُلُوِّ الدَّرَجَةِ، أَيْ وَإِلَّا كَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا وَكَمَا أَنَّ اللَّهَ يَفْضَحُ بِالشَّهَادَةِ قَوْمًا فَكَذَلِكَ يُكْرِمُ بِالشَّهَادَةِ آخَرِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ الزَّرْقَانِيِّ عَلَى الْمُوَطَّأِ.

[قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الْمُكَلَّفِ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَالْإِقَامَةُ فِي حَقِّهِ مَنْدُوبَةٌ.

[قَوْلُهُ: وَحَمَلَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَلَى السُّنَّةِ] أَيْ حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَيْ سُنَّةِ عَيْنٍ لِبَالِغٍ يُصَلِّي وَلَوْ فَاتَتْهُ مُنْفَرِدًا أَوْ إمَامًا بِنِسَاءٍ فَقَطْ، وَكِفَايَةٍ لِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ ذُكُورًا فَقَطْ أَوْ مَعَهُمْ نِسَاءٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالذُّكُورِ، وَمَحِلُّ سُنَّةِ الْإِقَامَةِ إذَا كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ مُتَّسِعًا وَإِلَّا تَرَكَهَا.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ آكَدُ مِنْ الْأَذَانِ إلَخْ] أَيْ وَلِبُطْلَانِهَا عَلَى قَوْلٍ بِتَرْكِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ فَضَّلَ الْأَذَانَ لِوُجُوبِهِ فِي الْمِصْرِ، وَفَضَّلَ بَعْضُهُمْ الْإِمَامَةَ عَلَيْهِمَا لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عَلَى الْإِمَامَةِ.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا تَرَاخَى إلَخْ] وَاسْتَحَبَّ ابْنُ حَبِيبٍ شُرْبَ الْمَاءِ بَيْنَهُمَا.

[قَوْلُهُ: مُسْتَحَبٌّ] أَيْ إذَا صَلَّتْ وَحْدَهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُقِيمَةً لِلْجَمَاعَةِ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِإِقَامَتِهَا لَهُمْ كَالْأَذَانِ، نَعَمْ يَسْقُطُ النَّدْبُ عَنْهَا بِإِقَامَتِهِمْ.

[قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ] هَذَا غَيْرُ مُتَوَهَّمٍ.

[قَوْلُهُ: أَيْ لَا إثْمَ] أَيْ وَأَمَّا اللُّوَّمُ فَهُوَ ثَابِتٌ، وَيُنْدَبُ الْإِسْرَارُ فِي الْإِقَامَةِ لِلْمُنْفَرِدِ فَالذَّكَرُ الْمُنْفَرِدُ إذَا أَقَامَ سِرًّا أَتَى بِسُنَّةٍ وَمُسْتَحَبٍّ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَأْتِي بِمُسْتَحَبَّيْنِ.

[قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ] يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَمْرَانِ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَشَيْءٌ آخَرُ، وَالْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ الْأَوَّلُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَقْصُودَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا شَيْئَانِ وَعِبَارَةُ تت أَحْسَنُ وَنَصُّهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِهِ اهـ.

ص: 254

أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَبْلَهُ.

فَقَالَ: (وَلَا يُؤَذَّنُ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَذَّنَ (لِصَلَاةٍ) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَتَّى الْجُمُعَةِ (قَبْلَ وَقْتِهَا إلَّا الصُّبْحَ) أَيْ صَلَاةَ الصُّبْحِ (فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ) بِمَعْنَى يُسْتَحَبُّ (أَنْ يُؤَذَّنَ لَهَا فِي السُّدُسِ الْأَخِيرِ) وَهُوَ سَاعَتَانِ (مِنْ) آخِرِ (اللَّيْلِ) قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ يُؤَذَّنُ لَهَا ثَانِيًا عِنْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُؤَذَّنُ لَهَا نِصْفَ اللَّيْلِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُؤَذَّنُ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ لَنَا مَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» . وَفِي رِوَايَةٍ «كَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت» ، الْبِسَاطِيُّ ضَبَطَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِالسُّدُسِ.

(وَالْأَذَانُ) أَيْ صِفَتُهُ (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ) أَيْ أَتَحَقَّقُ (أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ) أَيْ أَتَحَقَّقُ (أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَقَوْلُهُ: الْإِعْلَامَ أَيْ الشَّأْنَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ مَنْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ الْقَصْدُ مِنْ أَذَانِهِ الْإِعْلَامَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ أَيْ إعْلَامَ الْمُكَلَّفِينَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِأَجْلِ أَدَائِهِمْ الْفَرْضَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ.

[قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَجُوزُ] أَيْ يَحْرُمُ.

[قَوْلُهُ: حَتَّى الْجُمُعَةِ] بَالَغَ عَلَى الْجُمُعَةِ رَدًّا عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ: بِأَنَّ الْجُمُعَةَ يُؤَذَّنُ لَهَا قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا تُصَلَّى إلَّا بَعْدَهُ.

[قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذَّنَ إلَخْ] أَيْ وَأَمَّا قَبْلَ السُّدُسِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَخْصِيصِ الصُّبْحِ بِذَلِكَ أَنَّهَا تَأْتِي وَالنَّاسُ نِيَامٌ وَيَحْتَاجُونَ لِلتَّأَهُّبِ لَهَا، فَلَوْ فَعَلَ الْأَذَانَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا كَغَيْرِهَا لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى أَنْ لَا يَتَبَادَرَ لَهَا فَتُوقَعُ بِغَيْرِ غَلَسٍ وَسَائِرُ الصَّلَوَاتِ تُدْرِكُ النَّاسَ مُنْصَرِفِينَ فِي أَشْغَالِهِمْ فَلَا يَحْتَاجُونَ أَكْثَرَ مِنْ الْإِعْلَامِ بِوُجُوبِهَا، وَمِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ يُسْتَحَبُّ إلَخْ نَشَأَ اعْتِرَاضُ الْفَاكِهَانِيِّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمَا مُحَصَّلُهُ أَنْ لَا بَأْسَ فِيهَا تَمْرِيضٌ وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَهَا إلَّا فِيمَا كَانَ الْأَحْسَنُ تَرْكَهُ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ سَاعَتَانِ] أَيْ عِنْدَ اسْتِوَاءِ اللَّيْلِ وَعَدَمِهِ، غَيْرَ أَنَّ مُدَّةَ السَّاعَةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ يُؤَذَّنُ لَهَا ثَانِيًا] أَيْ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ، وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ أَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ مُسْتَحَبٌّ، وَالثَّانِيَ سُنَّةٌ.

قَالَ عج: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَذَانَيْنِ سُنَّةٌ كَمَا فِي أَذَانَيْ الْجُمُعَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الثَّانِي آكَدَ مِنْ الْأَوَّلِ اهـ.

[قَوْلُهُ: «حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» ] وَاسْمُهُ عَمْرٌو أَوْ عَبْدُ اللَّهِ، وَأُمُّ مَكْتُومٍ اسْمُهَا عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدٍ الْمَخْزُومِيَّةُ، وَعَمِيَ بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ بِسَنَتَيْنِ أَوْ وُلِدَ أَعْمَى فَكُنِيَتْ أُمُّهُ أُمَّ مَكْتُومٍ لِاكْتِتَامِ نُورِ بَصَرِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَوْلُهُ:«لَا يُنَادِي» أَيْ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يُقَالَ لَهُ: أَصْبَحْت أَصْبَحْت بِالتَّكْرَارِ لِلتَّأْكِيدِ وَهِيَ تَامَّةٌ تَسْتَغْنِي بِمَرْفُوعِهَا، وَالْمَعْنَى قَارَبْت الصُّبْحَ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ أَيْ آخِرَ عِدَّتِهِنَّ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الْحَدِيثِ ظَاهِرَهُ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِظُهُورِ الْفَجْرِ بَلْ التَّحْذِيرُ مِنْ طُلُوعِهِ وَالتَّحْضِيضُ لَهُ عَلَى النِّدَاءِ خِيفَةَ ظُهُورِهِ، وَإِلَّا لَزِمَ جَوَازُ الْأَكْلِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ جَعَلَ أَذَانَهُ غَايَةً لِلْأَكْلِ، نَعَمْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ «إنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ» ، فَإِنَّ فِيهِ إشْعَارًا بِأَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ بِخِلَافِهِ وَأَيْضًا وَقَعَ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ فِي الصِّيَامِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» وَأُجِيبُ بِأَنَّ أَذَانَهُ جُعِلَ عَلَامَةً لِتَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَكَأَنَّهُ كَانَ لَهُ مَنْ يُرَاعِي الْوَقْتَ بِحَيْثُ يَكُونُ أَذَانُهُ مُقَارِنًا لِابْتِدَاءِ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ.

[قَوْلُهُ: ضَبَطَهُ] أَيْ ضَبَطَ وَقْتَ النِّدَاءِ بِاللَّيْلِ.

وَقَوْلُهُ: أَيْ صِفَتُهُ أَرَادَ بِالصِّفَةِ الْحَقِيقَةَ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا لَكَانَ أَحْسَنَ.

[قَوْلُهُ: اللَّهُ أَكْبَرُ] بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مِنْ أَكْبَرَ وَمَدِّ الْجَلَالَةِ مَدًّا طَبِيعِيًّا، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ بِإِبْدَالِ هَمْزَةِ أَكْبَرَ وَاوًا كَمَا لَا يَبْطُلُ جَمْعُهُ بَيْنَ الْهَمْزَةِ وَالْوَاوِ، وَأَكْبَرُ بِمَعْنَى كَبِيرًا وَالْمُرَادُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ كَبِيرٍ.

[قَوْلُهُ: رَسُولُ اللَّهِ] قَالَ عج: بِرَفْعِ رَسُولُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ، قَالَ بَعْضٌ: مَنْ نَصَبَهُ لَمْ يَشْهَدْ قَطُّ بِالرِّسَالَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ بَدَلًا مِنْ مُحَمَّدٍ، وَلَمْ يَأْتِ بِخَبَرِ أَنَّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَدَمَ اللَّحْنِ فِي الْأَذَانِ مُسْتَحَبٌّ فَلَا يَبْطُلُ بِنَصَبِ الْمَرْفُوعِ وَلَا بِرَفْعِ الْمَنْصُوبِ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ صِحَّةُ الصَّلَاةِ بِاللَّحْنِ فِي الْفَاتِحَةِ فَكَيْفَ بِالْأَذَانِ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ] أَيْ بَعْدَ تَكْرِيرِ الشَّهَادَتَيْنِ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ التَّرْجِيعِ بِأَنْ يُعِيدَ لَفْظَهُمَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّرْجِيعَ

ص: 255

أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ تَرْجِعُ بِأَرْفَعَ) أَيْ بِأَعْلَى (مِنْ صَوْتِك أَوَّلَ مَرَّةٍ فَتُكَرِّرُ التَّشَهُّدَ فَتَقُولُ أَشْهَد أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ) أَيْ هَلُمُّوا بِمَعْنَى أَقْبِلُوا وَأَسْرِعُوا (حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ) أَيْ هَلُمُّوا إلَى الْفَلَاحِ وَهُوَ الْفَوْزُ بِالنَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ (فَإِنْ كُنْت فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ زِدْت هَاهُنَا الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ لَا تَقُلْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ نِدَاءِ الصُّبْحِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَدٌ وَكَذَلِكَ (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً) وَحَاصِلُهُ كَمَا قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ عَدَدَ كَلِمَاتِهِ فِي الصُّبْحِ تِسْعَ عَشْرَةَ وَفِي غَيْرِهِ سَبْعَ عَشْرَةَ.

وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: سَبْعَ عَشْرَةَ جُمْلَةً، وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً مَجَازٌ عَبَّرُوا بِالْكَلِمَةِ عَنْ الْكَلَامِ وَإِلَّا فَهُوَ ثَمَانٍ وَسِتُّونَ كَلِمَةً. فَائِدَةٌ

نَقَلَ صَاحِبُ الْفِرْدَوْسِ أَنَّ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه لَمَّا سَمِعَ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ ذَلِكَ وَقَبَّلَ بَاطِنَ أُنْمُلَةِ السَّبَّابَتَيْنِ وَمَسَحَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ فَعَلَ مِثْلَ خَلِيلِي فَقَدْ حَلَّتْ عَلَيْهِ شَفَاعَتِي» .

قَالَ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ: وَلَمْ يَصِحَّ. ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْخَضِرِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ قَوْلَ الْمُؤَذِّنِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ مَرْحَبًا بِحَبِيبِي وَقُرَّةِ عَيْنِي مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يُقَبِّلُ إبْهَامَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَلَا يُرْجِعُ الْأُولَى قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالثَّانِيَةِ وَحِكْمَةُ طَلَبِهِ إمَّا لِتَدَبُّرِ مَعْنَى كَلِمَتَيْ الْإِخْلَاصِ لِكَوْنِهِمَا الْمُنْجِيَتَيْنِ مِنْ الْكُفْرِ الْمُدْخَلَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ لِمَا «قِيلَ إنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ أَخْفَى صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ حَيَاءً مِنْ قَوْمِهِ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِنْ شِدَّةِ بُغْضِهِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَدَعَاهُ وَعَرَكَ أُذُنَهُ وَأَمَرَهُ بِالتَّرْجِيعِ» .

[قَوْلُهُ: بِأَرْفَعَ إلَخْ] مُلَخَّصَةٌ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَدَّ الْإِمْكَانِ وَيَخْفِضُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ بِحَيْثُ لَا يَتَجَاوَزُ إسْمَاعَ النَّاسِ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِهِمَا عِنْدَ التَّرْجِيعِ بِحَيْثُ يُسَاوِي صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِسْمَاعِ قَبْلَ التَّرْجِيعِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْأَذَانُ وَالتَّرْجِيعُ سُنَّةٌ وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ، وَيُعْلَمُ مِنْ كَوْنِهِ سُنَّةً عَدَمُ بُطْلَانِ الْأَذَانِ بِتَرْكِهِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ هَلُمُّوا] أَيْ فَحَيَّ اسْمُ فِعْلِ أَمْرٍ.

[قَوْلُهُ: وَأَسْرِعُوا] مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ أَيْ إسْرَاعًا بِلَا خَبَبٍ أَيْ هَرْوَلَةً فَإِنْ وُجِدَتْ بِحَيْثُ تُذْهِبُ الْوَقَارَ. وَالسَّكِينَةَ كُرِهَتْ، وَظَاهِرُهُ كَابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ إدْرَاكِهَا جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: أَيْ هَلُمُّوا إلَى الْفَلَاحِ] أَيْ إلَى سَبَبِ الْفَلَاحِ وَهُوَ الصَّلَاةُ، فَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ تَأْكِيدٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ.

[قَوْلُهُ: زِدْت هَاهُنَا] أَيْ بَعْدَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَلَوْ كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَالصَّلَاةُ إلَخْ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِزِدْت لِتَأَوُّلِهَا بِمُفْرَدٍ وَهُوَ هَذَا اللَّفْظُ، وَمَعْنَاهُ التَّيَقُّظُ لِلصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ الرَّاحَةِ الْحَاصِلَةِ بِالنَّوْمِ.

تَنْبِيهٌ

اُخْتُلِفَ فِيمَنْ أُمِرَ بِهَا أَيْ بِالصَّلَاةِ خَيْرٌ إلَخْ.

فَقِيلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقِيلَ عُمَرُ رضي الله عنه.

[قَوْلُهُ: لَا تَقُلْ ذَلِكَ إلَخْ] قَالَ عج: اُنْظُرْ ذَلِكَ هَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ حَرَامٌ اهـ.

[قَوْلُهُ: سَبْعَ عَشْرَةَ جُمْلَةً] أَيْ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ وَقَوْلُهُ الْأَصْحَابِ أَيْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. [قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ ثَمَانٍ إلَخْ] أَيْ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ، وَأَمَّا فِي الصُّبْحِ فَهُوَ سِتَّةٌ وَسَبْعُونَ.

[قَوْلُهُ: قَالَ ذَلِكَ إلَخْ] ظَاهِرُهُ عَدَمُ تَكْرَارِ الْقَوْلِ وَالتَّقْبِيلِ وَالْمَسْحِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ وَسَتَسْمَعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: فَقَدْ حَلَّتْ إلَخْ] ضَمَّنَهُ مَعْنَى نَزَلَتْ أَوْ انْصَبَّتْ.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَلَ] أَيْ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ [قَوْلَهُ: مَرْحَبًا بِحَبِيبِي إلَخْ] مَرْحَبًا مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ نَزَلْت مَكَانًا رَحْبًا مُلْتَبِسًا بِحَبِيبِي أَيْ الَّذِي هُوَ أَنْتَ أَيُّهَا الْخَاطِبُ.

[قَوْلُهُ: وَقُرَّةِ عَيْنِي] بِضَمِّ الْقَافِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَقُرَّةُ الْعَيْنِ مَا قَرَّتْ بِهِ أَيْ الْأَمْرُ الْحَسَنُ الَّذِي تَتَبَرَّدُ بِهِ.

قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَقَرَّتْ الْعَيْنُ قُرَّةً بِالضَّمِّ وَقَرْوًا بَرَدَتْ سُرُورًا.

[قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقَبِّلُ إلَخْ] لَمْ يُبَيِّنْ مَوْضِعَ التَّقْبِيلِ مِنْ الْإِبْهَامَيْنِ إلَّا أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ

ص: 256

وَيَجْعَلُهُمَا عَلَى عَيْنَيْهِ لَمْ يَعْمَ وَلَمْ يَرْمِدْ أَبَدًا» . وَنُقِلَ غَيْرُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمَرْفُوعِ مِنْ كُلِّ هَذَا شَيْءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَالْإِقَامَةُ) أَيْ صِفَتُهَا أَنَّهَا وِتْرٌ يَعْنِي مَا عَدَا التَّكْبِيرَ (وَهِيَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّةً وَاحِدَةً) عَبَّرَ فِي الْجَلَّابِ عَنْ هَذِهِ بِأَنَّهَا عَشْرُ كَلِمَاتٍ. الْقَرَافِيُّ: يُرِيدُ عَشْرَ جُمَلٍ مِنْ الْكَلَامِ وَإِلَّا فَهِيَ اثْنَتَانِ وَثَلَاثُونَ كَلِمَةً، وَهَذَا مَجَازٌ مَشْهُورٌ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إفْرَادِ الْإِقَامَةِ هُوَ الْمَذْهَبُ فَإِذَا شَفَّعَهَا غَلَطًا لَا تُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ.

ــ

[حاشية العدوي]

الشَّيْخِ الْعَامِّ الْمُفَسِّرِ نُورِ الدِّينِ الْخُرَاسَانِيِّ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَقِيته وَقْتَ الْأَذَانِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَبَّلَ إبْهَامَيْ نَفْسِهِ، وَمَسَحَ بِالظُّفْرَيْنِ أَجْفَانَ عَيْنَيْهِ مِنْ الْمَآقِي إلَى نَاحِيَةِ الصُّدْغِ، ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ تَشَهُّدٍ مَرَّةً مَرَّةً فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: كُنْت أَفْعَلُهُ ثُمَّ تَرَكْته فَمَرِضَتْ عَيْنَايَ فَرَأَيْته صلى الله عليه وسلم مَنَامًا فَقَالَ: لِمَ تَرَكْت مَسْحَ عَيْنَيْك عَنْ الْأَذَانِ؟ إنْ أَرَدْت أَنْ تَبْرَأَ عَيْنَاك فَعُدْ إلَى الْمَسْحِ، فَاسْتَيْقَظَتْ وَمَسَحَتْ فَبَرِئَتْ وَلَمْ يُعَاوِدْنِي مَرَضُهُمَا إلَى الْآنَ. انْتَهَى.

فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى التَّكْرِيرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْمَسْحُ بِالظُّفْرَيْنِ أَنَّ التَّقْبِيلَ لَهُمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[قَوْلُهُ: فِي الْمَرْفُوعِ] أَيْ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

[قَوْلُهُ: أَنَّهَا وِتْرٌ] يَعْنِي مَا عَدَا التَّكْبِيرَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ.

[قَوْلُهُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ] أَيْ اسْتَقَامَتْ عِبَادَتُهَا وَآنَ الدُّخُولُ فِيهَا.

[قَوْلُهُ: بِالْجُزْءِ] لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ بِاسْمِ الْجُزْءِ.

[قَوْلُهُ: هُوَ الْمَذْهَبُ] وَمُقَابِلُهُ مَا فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّهَا تُشَفَّعُ.

[قَوْلُهُ: فَإِذَا شَفَّعَهَا غَلَطًا إلَخْ] أَرَادَ بِالْغَلَطِ مَا يَشْمَلُ النِّسْيَانَ وَالْعَمْدُ أَوْلَى، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ شَفْعَ الْجُلِّ كَالْكُلِّ ثُمَّ قَالَ: وَانْظُرْ لَوْ شَفَّعَ النِّصْفَ هَلْ يَكُونُ كَذَلِكَ أَوْ يُغْتَفَرُ كَشَفْعِ أَقَلِّهَا، وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي وِتْرِ الْأَذَانِ انْتَهَى.

وَفِي عِبَارَةٍ أُخْرَى فَلَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ وَلَوْ نِصْفَهُ عَلَى مَا يَظْهَرُ بَطَلَ وَلَوْ غَلَطًا أَوْ سَهْوًا انْتَهَى.

قُلْت: وَيَجْرِي هَذَا الِاسْتِظْهَارُ فِي شَفْعِ نِصْفِ الْإِقَامَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 257