الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[17 -
بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ]
(بَابٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (صَلَاةِ الْخُسُوفِ) وَفِي بَيَانِ صِفَتِهَا الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الْخُسُوفَ وَالْكُسُوفَ مُتَرَادِفَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَهُوَ ذَهَابُ الضَّوْءِ مِنْهُمَا، وَقِيلَ: الْأَجْوَدُ تَبَايُنُهُمَا فَالْكُسُوفُ التَّغَيُّرُ وَالْخُسُوفُ الذَّهَابُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَمَّا كَانَ الْقَمَرُ يَذْهَبُ جُمْلَةُ ضَوْئِهِ كَانَ أَوْلَى بِالْخُسُوفِ مِنْ الْكُسُوفِ، فَيُقَالُ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَحُكْمُهَا كَمَا قَالَ هُنَا وَفِي بَابٍ جُمِلَ (وَصَلَاةُ الْخُسُوفِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي خُسُوفِ الشَّمْسِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ، وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ: وَمُقَابِلُهُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَصَحَّحَ أَنَّهُ فَضَّلَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَنْ تَتَعَلَّقُ بِهِ هَذِهِ السُّنَّةُ، وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِقَوْلِهِ: يُصَلِّيهَا أَهْلُ الْقُرَى وَالْحَضَرِ وَالْمُسَافِرُونَ إلَّا أَنْ يَجِدَّ بِنَا السَّيْرُ وَالْمُسَافِرُ وَحْدَهُ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ صَلَاةَ خُسُوفِ
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ]
بَابٌ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ
[قَوْلُهُ: وَهُوَ ذَهَابُ الضَّوْءِ] أَيْ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ الذَّاهِبُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُ إلَّا الْحَاذِقُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَلَا تُصَلَّى لَهُ لِكَوْنِهِ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ [قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ الْقَمَرُ يَذْهَبُ جُمْلَةُ ضَوْئِهِ] لَعَلَّ ذَلِكَ حَالَةٌ غَالِبَةٌ، وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَالشَّمْسُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ [قَوْلُهُ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ] مَبْنِيِّينَ لِلْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَانْكِسَافًا وَانْخِسَافًا سِتُّ لُغَاتٍ [قَوْلُهُ: دَلَّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا الْكِتَابُ إلَخْ] فَالْكِتَابُ قَوْله تَعَالَى: {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا} [فصلت: 37] إلَخْ.
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا صَلَاةَ الْخُسُوفِ. وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهَا عِبَادَةَ اللَّهِ دُونَ عِبَادَتِهِمَا، أَيْ فَالْكِتَابُ دَلِيلٌ فِي الْجُمْلَةِ.
[قَوْلُهُ: وَالسُّنَّةُ] كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ» وَفِي رِوَايَةٍ «فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» . [قَوْلُهُ: وَالْإِجْمَاعُ] قَالَ الْقَرَافِيُّ: اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا دُونَ صِفَتِهَا [قَوْلُهُ: وَحُكْمُهَا كَمَا قَالَ] فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَحُكْمُهَا السُّنِّيَّةُ كَمَا قَالَ إلَخْ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمَشْهُورُ أَنَّ صَلَاةَ خُسُوفِ الْقَمَرِ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا قَالَهُ عَجَّ [قَوْلُهُ: وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: يُصَلِّيهَا أَهْلُ الْقُرَى إلَخْ] أَيْ وَأَهْلُ الْبَدْوِ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ مُكَلَّفٍ أَوْ صَبِيٍّ مُمَيَّزٍ، فَهِيَ سُنَّةٌ حَتَّى فِي حَقِّهِ أَيْ الصَّبِيِّ الَّذِي يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ، وَاسْتُغْرِبَ بِأَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْخَمْسِ نَدْبًا وَبِالْكُسُوفِ اسْتِنَانًا، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا غَرَابَةَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصِّبْيَانَ لِصِغَرِهِمْ وَعَدِمِ ارْتِكَابِهِمْ لِلْمُخَالَفَاتِ يُرْجَى قَبُولُ دُعَائِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِمْ. [قَوْلُهُ: وَالْحَضَرِ] مَعْطُوفٌ عَلَى الْقُرَى عَطْفَ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ.
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: وَالْحَضَرُ بِفَتْحَتَيْنِ خِلَافُ الْبَدْوِ، وَالنِّسْبَةُ إلَيْهِ حَضَرِيٌّ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجِدَّ بِهِمْ] أَيْ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ يُخَافُ فَوَاتُهُ فَلَا تُسَنُّ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ جَدَّ السَّيْرُ لِقَطْعِ مَسَافَةٍ فَتُسَنُّ حَقُّهُ [قَوْلُهُ: وَالْمُسَافِرُ وَحْدَهُ] أَيْ كَمَا يُصَلِّيهَا الْمُسَافِرُونَ يُصَلِّيهَا مَنْ سَافَرَ وَحْدَهُ [قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِهَا) ] هَذَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُتَجَالَّةٍ، وَإِلَّا فَالْأَحْسَنُ خُرُوجُهَا [قَوْلُهُ: قَالَهُ الْجُمْهُورُ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الْجُمْهُورَ
الشَّمْسِ تُفْعَلُ جَمَاعَةً وَفُرَادَى، أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَلِذَا بَدَأَ بِهِ فَقَالَ:(إذَا خَسَفَتْ الشَّمْسُ) كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا (خَرَجَ الْإِمَامُ إلَى الْمَسْجِدِ فَ) إذَا وَصَلَ إلَيْهِ (افْتَتَحَ الصَّلَاةَ بِالنَّاسِ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ عَدَدٌ مَحْصُورٌ كَالْجُمُعَةِ (بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّهَا بِأَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ وَلَا يَقُولُ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ. وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُهَا وَاسْتَحْسَنَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ.
وَيُكَبِّرُ فِي افْتِتَاحِهِ كَالتَّكْبِيرِ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَإِذَا كَبَّرَ افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ (ثُمَّ قَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً سِرًّا) عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ كَذَلِكَ وَحَدُّهَا أَنْ تَكُونَ (بِنَحْوِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ) لَفْظَةُ نَحْوِ مَقْحَمَةٌ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ اسْتِحْبَابُ قِرَاءَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ قِرَاءَتِهَا (يَرْكَعُ رُكُوعًا طَوِيلًا نَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ الَّذِي قَرَأَ فِي التَّقْدِيرِ.
وَيَذْكُرُ اللَّهَ فِي رُكُوعِهِ وَلَا يَقْرَأُ وَلَا يَدْعُو (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يَرْفَعُ رَأْسَهُ) مِنْ الرُّكُوعِ وَالْحَالُ أَنَّهُ (يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) وَالْمَأْمُومُ يَقُولُ رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يَقْرَأُ) الْفَاتِحَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَقْرَأُ بَعْدَهَا قِرَاءَةً (دُونَ قِرَاءَتِهِ الْأُولَى) وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ بِآلِ عِمْرَانِ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ قِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ (يَرْكَعُ نَحْوَ) طُولِ (قِرَاءَتِهِ الثَّانِيَةِ) وَيُسَبِّحُ فِي رُكُوعِهِ وَلَا يَقْرَأُ وَلَا يَدْعُو (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ مَعَ الرُّكُوعِ الْمَذْكُورِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْهُ وَالْمَأْمُومُونَ كَذَلِكَ وَهُوَ (يَقُولُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ) .
وَيَقُولُ الْمَأْمُومُونَ: رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ (ثُمَّ يَسْجُدُ) هُوَ وَالْمَأْمُومُونَ (سَجْدَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ) أَيْ بِطُمَأْنِينَةٍ وَهَلْ يُطَوِّلُهُمَا كَالرُّكُوعِ قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الْأَوَّلُ وَالْآخَرُ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ (يَقُومُ فَيَقْرَأُ) الْفَاتِحَةَ وَيَقْرَأُ بَعْدَهَا قِرَاءَةً (دُونَ قِرَاءَتِهِ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ) أَيْ قِرَاءَتِهِ الَّتِي فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَالُوا: يُؤْمَرُ بِهَا كُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ، وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهَا إلَّا مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ.
[قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ إلَخْ] فَالْجَمَاعَةُ فِيهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِلرِّجَالِ فِي الْمَسَاجِدِ [قَوْلُهُ: خَرَجَ الْإِمَامُ] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: إلَى الْمَسْجِدِ] مَخَافَةَ انْجِلَائِهَا قَبْلَ وُصُولِ الْمُصَلِّي [قَوْلُهُ: فَإِذَا وَصَلَ إلَيْهِ إلَخْ] يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِلْإِمَامِ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِقَدْرِ مَا إذَا وَصَلَ حَلَّتْ وَوَقْتُهَا مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ إلَى الزَّوَالِ، فَلَوْ طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً اُنْتُظِرَ بِفِعْلِهَا حِلُّ النَّافِلَةِ، وَلَوْ كُسِفَتْ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يُصَلِّهَا [قَوْلُهُ: وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ إلَخْ] أَيْ لِأَنَّهُ صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَادَى فِيهَا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ [قَوْلُهُ: وَاسْتَحْسَنَهُ عِيَاضٌ] أَيْ عَدَّ قَوْلَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ أَمْرًا حَسَنًا أَيْ مُسْتَحَبًّا [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ نَدْبًا إذْ لَا خُطْبَةَ لَهَا.
وَعَنْ مَالِكٍ جَهْرًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَتَأَكَّدُ نَدَبَ الْإِسْرَارِ كَتَأَكُّدِ نَدْبِ الْجَهْرِ فِي الْوِتْرِ [قَوْلُهُ: لَفْظَةُ نَحْوَ مُقْحَمَةٌ] أَيْ زَائِدَةٌ فَإِنْ قِيلَ: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي ذِكْرِهَا.
وَالْجَوَابُ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ أَطْلَقَ النَّحْوَ عَلَى الشَّيْءِ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْحَدِيثِ، وَقَوْلُ الْمُخْتَصَرِ وَقِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ إلَخْ يَدُلُّ لِلشَّارِحِ، وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ مَا أَشَارَ لَهُ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ: إنَّمَا قَالَ نَحْوَ إشَارَةً إلَى أَنَّ النَّدْبَ لَا يَخْتَصُّ بِهَذِهِ السُّورَةِ بَلْ الْمُرَادُ هِيَ أَوْ قَدْرُهَا [قَوْلُهُ: نَحْوَ ذَلِكَ] أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ فِي الطُّولِ لَا أَنَّهُ مُسَاوِيهِ [قَوْلُهُ: يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ] عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ فِي أَنَّهُ لَا يَقْرَؤُهَا، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا رَكْعَتَانِ وَالرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تُكَرَّرُ فِيهَا الْفَاتِحَةُ مَرَّتَيْنِ، وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ قِيَامٌ ثَانٍ بَعْدَ رُكُوعٍ اُبْتُدِئَتْ فِيهِ قِرَاءَةٌ، وَكُلُّ قِرَاءَةٍ اُبْتُدِئَتْ فِي قِيَامٍ يَعْقُبُهَا رُكُوعٌ، فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْفَاتِحَةِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا [قَوْلُهُ: يَرْكَعُ نَحْوَ طُولِ إلَخْ] أَيْ تُقَارِبُ قِرَاءَتَهُ الثَّانِيَةَ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي.
[قَوْلُهُ: وَهَلْ يُطَوِّلُهُمَا كَالرُّكُوعِ] أَيْ الثَّانِي بِحَيْثُ يَقْرَبَانِ مِنْهُ فِي الطُّولِ نَدْبًا لَا أَنَّهُمَا كَهُوَ [قَوْلُهُ: مَشْهُورُهُمَا الْأَوَّلُ] وَتَكُونُ السَّجْدَةُ الثَّانِيَةُ أُقْصَرَ مِنْ الْأُولَى [قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ] أَيْ أَنَّهُ لَا يُطَوِّلُ أَيْ بَلْ هُوَ عَلَى الْمُعْتَادِ فِي غَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْفَاكِهَانِيُّ [قَوْلُهُ: دُونَ] أَيْ أَقْصَرُ زَمَنًا مِنْ زَمَنِ قِرَاءَتِهِ الَّتِي تَلِي ذَلِكَ [قَوْلُهُ: أَيْ قِرَاءَتِهِ] تَفْسِيرٌ لِقِرَاءَتِهِ الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ دُونَ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ مَرْجِعِ اسْمِ الْإِشَارَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَعُودُ عَلَى الْقِيَامِ
الْأُولَى، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ بِسُورَةِ النِّسَاءِ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ (يَرْكَعُ نَحْوَ قِرَاءَتِهِ) فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ وَيُسَبِّحُ فِي رُكُوعِهِ وَلَا يَقْرَأُ وَلَا يَدْعُو (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الرُّكُوعِ (يَرْفَعُ) رَأْسَهُ وَالْمَأْمُومُونَ كَذَلِكَ (كَمَا ذَكَرْنَا) أَيْ وَهُوَ يَقُولُ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيَقُولُ الْمَأْمُومُونَ: رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ.
(ثُمَّ) بَعْدَ رَفْعِهِ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ ثُمَّ (يَقْرَأُ) قِرَاءَةً (دُونَ قِرَاءَتِهِ هَذِهِ) الَّتِي فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ بِسُورَةِ الْمَائِدَةِ (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْقِرَاءَةِ مِنْ الْقِيَامِ الرَّابِعِ (يَرْكَعُ نَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ نَحْوَ قِرَاءَتِهِ فِي الْقِيَامِ الرَّابِعِ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يَرْفَعُ رَأْسَهُ كَمَا ذَكَرْنَا) يَعْنِي وَهُوَ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَيَقُولُ الْمَأْمُومُونَ: رَبّنَا وَلَك الْحَمْدُ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (يَسْجُدُ كَمَا ذَكَرْنَا) يَعْنِي سَجْدَتَيْنِ تَامَّتَيْنِ بِطُمَأْنِينَةٍ وَفِيهِمَا الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ فِي سَجْدَتِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ (يَتَشَهَّدُ وَ) إذَا فَرَغَ مِنْ تَشَهُّدِهِ (يُسَلِّمُ) وَهَذِهِ الصِّفَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّيْخُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ، وَدَلِيلُهَا الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهَا.
وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى فِعْلِ صَلَاةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ جَمَاعَةً. وَأَمَّا فِعْلُهَا فُرَادَى فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلِمَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّي) صَلَاةَ خُسُوفِ الشَّمْسِ (فِي بَيْتِهِ مِثْلَ ذَلِكَ) أَيْ مِثْلَ الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (أَنْ يَفْعَلَ) إذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إلَى تَرْكِ إقَامَتِهَا فِي الْجَمَاعَةِ.
ــ
[حاشية العدوي]
الثَّانِي.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى [قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ بِسُورَةِ النِّسَاءِ] اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ الَّذِي نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَقْصَرُ مِنْ الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَقِرَاءَةُ النِّسَاءِ تُنَافِي ذَلِكَ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَقْرُوءِ طُولُ زَمَنِ قِرَاءَتِهِ لِإِمْكَانِ الْإِسْرَاعِ مَعَ التَّرْتِيلِ حَتَّى يَصِيرَ زَمَنُ قِرَاءَةِ النِّسَاءِ أَقْصَرَ مِنْ زَمَنِ قِرَاءَةِ آلِ عِمْرَانَ [قَوْلُهُ: نَحْوَ قِرَاءَتِهِ] أَيْ قَرِيبًا مِنْ زَمَنِ قِرَاءَتِهِ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ [قَوْلُهُ: يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ [قَوْلُهُ: يَرْكَعُ نَحْوَ ذَلِكَ] أَيْ قَرِيبًا مِنْ زَمَنِ الْقِيَامِ الرَّابِعِ [قَوْلُهُ: هِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ] يَقْتَضِي أَنَّ هُنَاكَ قَوْلًا لَيْسَ بِمَشْهُورٍ، وَعِبَارَةُ الْفَاكِهَانِيُّ تَقْتَضِي أَنَّهُ اتِّفَاقٌ، وَنَصُّهُ قُلْت: وَهَذِهِ الصِّفَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هِيَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
تُصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ وَدَلِيلُهَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ إلَى آخِرِ مَا هُنَا [قَوْلُهُ: وَلِمَنْ شَاءَ إلَخْ] خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَقَوْلُهُ أَنْ يَفْعَلَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، وَقَوْلُهُ: أَنْ يُصَلِّيَ مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ شَاءَ، وَقَوْلُهُ مِثْلَ ذَلِكَ حَالٌ [قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَخْ] مُحَصِّلُهُ أَنَّهُ إذَا صَلَّى فِي بَيْتِهِ يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا بَلْ مَنْدُوبَةً، فَتُسَنُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ فِعْلِهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّمَا فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ ثَوَابَ فِعْلِهَا فِي الْجَمَاعَةِ فَقَدْ ارْتَكَبَ خِلَافَ الْأُولَى، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَدَّى ذَلِكَ إلَى تَرْكِ إقَامَتِهَا فِي الْجَمَاعَةِ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِعْلَهَا فِي بَيْتِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى إذَا أُدِّيَتْ جَمَاعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا فَفِعْلُهَا مَكْرُوهٌ هَذَا مَا ظَهَرَ.
تَتِمَّةٌ:
لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُكْمُ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَلَا حُكْمُ تَطْوِيلِ الْقِيَامِ وَلَا السُّجُودِ وَلَا حُكْمُ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ وَلَا مَا يُدْرَكُ بِهِ الرَّكْعَةُ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَا حُكْمُ الْفَاتِحَةِ فِي الْأَوَّلِ وَلَا مَا إذَا انْجَلَتْ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا وَمُلَخَّصُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ النَّدْبُ فَلَا سُجُودَ فِي تَرْكِهِ سَهْوًا وَلَا بُطْلَانَ فِي تَرْكِهِ عَمْدًا وَلَوْ مِنْ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ الْأَوَّلَانِ فَحُكْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا السُّنِّيَّةُ فَمَنْ صَلَّاهَا بِقِيَامٍ وَاحِدٍ وَرُكُوعٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ سَاهِيًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَإِنْ كَانَ عَامِدًا جَرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ، وَحِينَئِذٍ فَتُدْرَكُ رَكْعَتُهَا بِالرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرُّكُوعَيْنِ، فَمَنْ دَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ.
وَيَقْضِي الْأُولَى
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى خُسُوفِ الْقَمَرِ فَقَالَ: (وَلَيْسَ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الْقَمَرِ جَمَاعَةٌ) عَلَى الْمَشْهُورِ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ أَنَّ النَّهْيَ عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَأَمَّا الْجَمْعُ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَجْمَعْ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَاللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَبْيَنُ. وَقَوْلُهُ:(وَلْيُصَلِّ النَّاسُ عِنْدَ ذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ خُسُوفِ الْقَمَرِ (أَفْذَاذًا) بِذَالَيْنِ مُجْتَمِعَتَيْنِ أَيْ فُرَادَى فِي مَنَازِلِهِمْ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
وَقَوْلُهُ: (وَالْقِرَاءَةُ فِيهَا جَهْرًا) تَكْرَارٌ وَرَفَعَ بِقَوْلِهِ: (كَسَائِرِ رُكُوعِ النَّوَافِلِ) مَا يُتَوَهَّم فِي قَوْلِهِ: وَلْيُصَلِّ النَّاسُ إلَخْ. لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَيْئَةِ النَّوَافِلِ رَكْعَتَيْنِ غَيْرِ نِيَّةٍ تَخُصُّهُمَا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى صِفَةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ (وَلَيْسَ فِي إثْرِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَيَفْتَحُهُمَا أَيْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ (صَلَاةِ خُسُوفِ الشَّمْسِ وَلَا قَبْلَهَا خُطْبَةٌ) بِضَمِّ الْخَاءِ (مَرْتَبَةٌ) لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الصَّحَابَةِ نَقَلُوا صِفَةَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ فِيهَا، وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ» فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ أَتَى بِكَلَامٍ مَنْظُومٍ فِيهِ حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى وَصَلَاةٌ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَمَوْعِظَةٌ عَلَى سَبِيلِ مَا يُؤْتَى بِهِ فِي الْخُطْبَةِ.
وَظَاهِرُ
ــ
[حاشية العدوي]
بِرُكُوعَيْنِ وَقِيَامَيْنِ. وَظَاهِرُ سَنَدٍ أَنَّ الْفَاتِحَةَ سُنَّةٌ فِي الْأَوَّلِ وَفَرْضٌ فِي الثَّانِي، وَظَاهِرُ الْمَوَّاقِ.
وَابْنُ نَاجِي فَرْضِيَّتُهَا قَطْعًا فِي أَوَّلِ كُلِّ قِيَامٍ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ، وَالْخِلَافُ فِي فَرْضِيَّتِهَا وَسُنِّيَّتِهَا فِي كُلِّ قِيَامٍ ثَانٍ، وَلَوْ انْجَلَتْ كُلُّهَا فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ هَلْ تُصَلَّى عَلَى هَيْئَتِهَا بِرُكُوعَيْنِ وَقِيَامَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ أَوْ إنَّمَا تُصَلَّى كَالنَّوَافِلِ بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَاحِدٍ وَسَجْدَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَطْوِيلٍ؟ قَوْلَانِ، وَأَمَّا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا أَتَمَّهَا عَلَى سُنِّيَّتِهَا بِاتِّفَاقٍ كَمَا لَوْ انْجَلَى بَعْضُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا انْجَلَتْ بَعْدَ تَمَامِ شَطْرِهَا، وَأَمَّا إذَا انْجَلَتْ قَبْلَ تَمَامِ الشَّطْرِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا كَالنَّوَافِلِ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ بِالْقَطْعِ.
[قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي صَلَاةِ خُسُوفِ الْقَمَرِ جَمَاعَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ] مُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ ابْنِ نَاجِي [قَوْلُهُ: إنَّ النَّهْيَ عَلَى جِهَةِ الْمَنْعِ] أَيْ فَهُوَ حَرَامٌ كَمَا أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْجَمْعَ لَهَا مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ [قَوْلُهُ: وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ] مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ تَكْرَارٌ خَبَرٌ [قَوْلُهُ: أَيْ فُرَادَى إلَخْ] وَهُوَ الْأَفْضَلُ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فِي مَنَازِلِهِمْ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ مِنْ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ أَفْذَاذًا فِي الْمَسْجِدِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَيْ فُرَادَى فَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ بَيْنَ أَشْهَبَ وَغَيْرِهِ مُعَنْوَنًا فِيهِ بِالْمَشْهُورِ [قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ] أَمَّا الطَّرَفُ الْأَوَّلُ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَلْيُصَلِّ فَمُسَلَّمٌ أَنَّهُ تَكْرَارٌ، وَأَمَّا الطَّرَفُ الثَّانِي أَعْنِي قَوْلَهُ: وَالْقِرَاءَةُ فِيهَا جَهْرًا فَلَا تَكْرَارَ، نَعَمْ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا لَيْلِيَّةً أَنْ تَكُونَ جَهْرًا وَلَمْ أَجِدْ هَذِهِ اللَّفْظَةَ أَعْنِي الْقِرَاءَةَ فِيهَا جَهْرًا مِنْ شُرُوحِ تت، وَلَا مِنْ شُرُوحِ التَّحْقِيقِ وَلَعَلَّ نَصْبَ جَهْرًا عَلَى أَنَّهَا خَبَرٌ لَكَانَ مَحْذُوفَةٍ، وَالتَّقْدِيرُ: وَالْقِرَاءَةُ تَكُونُ فِيهَا جَهْرًا.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ] أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ وَلْيُصَلِّ إلَخْ مُحْتَمِلٌ لِأَمْرَيْنِ، أَوَّلُهُمَا مُرَادٌ، وَالثَّانِي غَيْرُ مُرَادٍ، فَأَتَى بِقَوْلِهِ كَسَائِرِ إلَخْ تَنْصِيصًا عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ وَنَفْيًا لِلثَّانِي الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْمُرَادِ [قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ تَخُصُّهَا] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ عَدَمُ افْتِقَارِهَا لِنِيَّةٍ تَخُصُّهَا كَسَائِرِ النَّوَافِلِ بِخِلَافِ خُسُوفِ الشَّمْسِ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ اهـ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ النَّدْبِ يَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ فَقَطْ وَكَذَا يُنْدَبُ أَنْ تُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى تَنْجَلِيَ. تَتِمَّةٌ:
وَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ فَإِنْ طَلَعَ مَكْسُوفًا بُدِئَ بِالْمَغْرِبِ وَيَفُوتُ فِعْلُهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَلَا تُفْعَلُ بَعْدَهُ وَلَوْ مَعَ تَعَمُّدِ التَّأْخِيرِ، وَأَوْلَى إذَا لَمْ يُخْسَفْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَكَذَا لَوْ خُسِفَ لَيْلًا وَأَخَّرَ الصَّلَاةَ حَتَّى غَابَ فَلَا يُصَلِّي.
[قَوْلُهُ: خُطْبَةٌ مُرَتَّبَةٌ] أَيْ بِحَيْثُ يَجْلِسُ فِي أَوَّلِهَا وَفِي وَسَطِهَا [قَوْلُهُ: فَخَطَبَ النَّاسَ] أَيْ لِلنَّاسِ [قَوْلُهُ: بِمَا
قَوْلِهِ: (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَعِظَ النَّاسَ) بِمَا يَأْتِي (وَيُذَكِّرَهُمْ) بِمَا مَضَى يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْخُطْبَةِ إلَّا الْوَعْظُ وَالتَّذْكِيرُ، أُجِيبَ: بِأَنَّهُ يَعْنِي بِالْخُطْبَةِ الْمَنْفِيَّةِ الَّتِي يَجْلِسُ فِي أَوَّلِهَا وَفِي وَسَطِهَا، وَبِقَوْلِهِ: وَلَا بَأْسَ إلَخْ الْوَعْظَ وَالتَّذْكِيرَ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبِ الْخُطْبَةِ، وَاسْتَعْمَلَ لَا بَأْسَ هُنَا فِيمَا فَعَلَهُ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُخْتَصَرِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْوَعْظِ.
ــ
[حاشية العدوي]
يَأْتِي] يُحْتَمَلُ أَنْ يَأْتِيَ مِنْ الْمَصَائِبِ الدُّنْيَوِيَّةِ الَّتِي تَحْدُثُ بِسَبَبِ الْمَعَاصِي، أَوْ الْمُرَادُ بِمَا يَأْتِي أَيْ مَا هُوَ مُحَقَّقٌ إتْيَانُهُ مِنْ أَهْوَالِ الْآخِرَةِ، وَالْأَنْسَبُ الْأَوَّلُ وَقَدْ جَعَلَ بَيْنَ الْوَعْظِ وَالتَّذْكِيرِ فَرْقًا وَقِيلَ إنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ.