المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ما يجب منه الغسل - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ١

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سَبَب تَأْلِيف الْكتاب]

- ‌ بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ

- ‌[تَنْبِيهَات الْأَوَّل: إيمَانَ الْمُقَلِّدِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي: الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ وَاحِدٌ]

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[شُرُوطٌ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ]

- ‌[مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ]

- ‌ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ

- ‌[بَاب طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ]

- ‌ مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[مُبَاشَرَة الْمَرْأَةُ الْأَرْضَ بِكَفَّيْهَا فِي السُّجُودِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَالِاسْتِنْجَاء وَالِاسْتِجْمَار]

- ‌بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَاب الصَّلَاة] [

- ‌[بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌ بَابٌ فِي الْإِمَامَةِ

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ فِي الصَّلَاة]

- ‌[سُجُود السَّهْو]

- ‌ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا

- ‌[فَرْعٌ التَّنَحْنُحُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الِاجْتِهَاد فِي الْقِبْلَة]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[بَعْض الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَاةِ]

- ‌ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ)

- ‌ حُكْمِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ

- ‌صَلَاةُ الْمَرِيضِ)

- ‌[طَهَارَة مَحِلّ الصَّلَاة]

- ‌ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ (عَلَى مَسِّ الْمَاءِ لِضَرَرٍ بِهِ

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْمُسَافِر عَلَيَّ الدَّابَّة]

- ‌ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[حُكْم دَمُ الْبَرَاغِيثِ]

- ‌ بَابٌ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

- ‌ بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْجُمُعَةِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّت]

- ‌[بَابٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ]

- ‌ بَابٌ فِي الصِّيَامِ]

- ‌ قِيَامِ رَمَضَانَ

- ‌[بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ]

- ‌[مُفْسِدَات الِاعْتِكَافِ]

- ‌ الْوَقْتَ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْهُ الِاعْتِكَافَ

- ‌ مَسَائِلَ نُهِيَ الْمُعْتَكِفُ عَنْهَا

- ‌[الْوَقْت الَّذِي يَخْرَج فِيهِ مِنْ الِاعْتِكَاف]

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[بَاب فِي الزَّكَاة] [

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْحَجِّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَرَائِض الْحَجِّ وَسُنَنه وَفَضَائِله]

- ‌ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌ الْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ مِنْ أَوْجُهِ الْإِحْرَامِ الثَّلَاثَةِ

- ‌ مَحَلَّ نَحْرِ الْهَدْيِ وَذَبْحِهِ

- ‌ حَقِيقَةَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا]

- ‌[الْأُضْحِيَّة مِنْ النَّعَم وَالْبَقَر وَالْغَنَم]

- ‌[أَحْكَام الذَّكَاةُ]

- ‌ مَا لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ مِنْ الْأَنْعَامِ

- ‌[أَكْلُ الْمُحْرِم وَالِانْتِفَاع بِهِ حِينَ الِاضْطِرَار]

- ‌[أَحْكَام الصَّيْدِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَقِيقَة]

- ‌[أَحْكَام الْخِتَان]

الفصل: ‌ ما يجب منه الغسل

مَسِّ الرَّجُلِ ذَكَرَهُ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (وَاخْتُلِفَ فِي مَسِّ الْمَرْأَةِ فَرْجَهَا فِي إيجَابِ الْوُضُوءِ بِذَلِكَ) عَلَى ثَلَاثِ رِوَايَاتٍ، إحْدَاهَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ` وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ: عَدَمُ النَّقْضِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ: «إذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ.

ثَانِيهَا: النَّقْضُ وَاسْتَظْهَرَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ لِحَدِيثِ: «مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إلَى فَرْجِهِ فَلْيَتَوَضَّأْ» ؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ لُغَةً الْعَوْرَةُ فَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ.

ثَالِثُهَا: لَا نَقْضَ إذَا مَسَّتْ ظَاهِرَهُ، وَالنَّقْضُ إنْ قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَلْطَفَتْ، وَالْإِلْطَافُ أَنْ تُدْخِلَ يَدَيْهَا بَيْنَ شُفْرَيْهَا وَهَذَا آخِرُ الْكَلَامِ عَلَى مَا ذَكَرَ مِمَّا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ

وَأَمَّا‌

‌ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ

فَخَمْسَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ: الْأَوَّلُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَيَجِبُ الطُّهْرُ) أَيْ الْغُسْلُ (مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ خُرُوجِ الْمَاءِ) أَيْ الْمَنِيِّ (الدَّافِقِ) بِمَعْنَى الْمَدْفُوقِ أَيْ الْمَصْبُوبِ دَفْعَةً بَعْدَ دَفْعَةٍ (لِ) أَجْلِ حُصُولِ الـ (لَّذَّةِ) ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَادَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ سَحْنُونَ وَابْنِ شَعْبَانَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إلَّا إذَا كَانَتْ مُعْتَادَهُ، أَمَّا إذَا خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ أَوْ لِلَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ كَمَنْ حَكَّ لِجَرَبٍ فَأَنْزَلَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْغُسْلِ فَهَلْ يَجِبُ الْوُضُوءُ أَوْ يُسْتَحَبُّ؟ قَوْلَانِ. نَسَبَ بَهْرَامُ الْأَوَّلَ لِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ هَذَا الْخَارِجَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْكُبْرَى، فَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْكُبْرَى فَلَا أَقَلَّ مِنْ الصُّغْرَى، وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ لِلَّذَّةِ مُوجِبٌ الْغُسْلَ سَوَاءٌ حَصَلَ (فِي

ــ

[حاشية العدوي]

ضَعِيفٌ، وَقَضِيَّةُ الشَّارِحِ أَنَّ فِي مَسِّ الْأُنْثَيَيْنِ خِلَافًا فِي الْمَذْهَبِ، وَفِي كَلَامِ بَهْرَامَ مَا يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ النَّقْضِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي مَعْنَى الْفَرْجِ عِنْدَهُ

[قَوْلُهُ: عَدَمُ النَّقْضِ] أَيْ مُطْلَقًا قَبَضَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا أَلْطَفَتْ أَمْ لَا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ] اللَّقَبُ هُوَ الِاسْمُ الْجَامِدُ لَا الصِّفَةُ، أَيْ فَمَفْهُومُ الصِّفَةِ وَهِيَ مَا دَلَّ عَلَى ذَاتٍ وَصِفَةٍ كَالْعِلْمِ مُعْتَبَرٌ وَمَفْهُومُ اللَّقَبِ لَا يُعْتَبَرُ [قَوْلُهُ: ثَالِثُهَا إلَخْ] اُخْتُلِفَ هَلْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ عَلَى ظَاهِرِهَا فَيَكُونُ خِلَافًا أَوْ الثَّالِثُ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ النَّقْضِ مُطْلَقًا [قَوْلُهُ: إذَا مَسَّتْ ظَاهِرَهُ] أَيْ بِدُونِ قَبْضٍ [قَوْلُهُ: يَدَيْهَا] بِالتَّثْنِيَةِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالتَّحْقِيقِ وَفِي نُسْخَةٍ يَدَهَا بِالْإِفْرَادِ كَمَا فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وَالتَّثْنِيَةُ أَحْسَنُ لِإِفَادَتِهَا إذَا كَانَتْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ لَا نَقْضَ بِالْأَوْلَى، وَفِي بَهْرَامَ إصْبَعَيْهَا، وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيُّ تَعْيِينُهُ فِي الْمُقَابِلِ لِلْمُعْتَمَدِ إذْ مَا قَبْلَهُ يُوهِمُ أَنَّ إدْخَالَ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ لَا يَنْقُضُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ فِيمَا يَظْهَرُ

[مَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ]

[قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرَ] بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ فَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ، وَبِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَلَا حَذْفَ [قَوْلُهُ: فَخَمْسَةٌ عَلَى مَا ذَكَرَ] إشَارَةٌ لِلْمُنَاقَشَةِ فِي الِاسْتِحَاضَةِ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمَدْفُوقِ] تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى اسْمِ الْفَاعِلِ. [قَوْلُهُ: الْمَصْبُوبِ دَفْعَةً إلَخْ] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ الْمَدْفُوقِ [قَوْلُهُ: لِأَجْلِ حُصُولِ اللَّذَّةِ إلَخْ] تَعْلِيلٌ لِلْخُرُوجِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ خُرُوجِهِ اللَّذَّةُ. [قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ مُعْتَادَةً إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الْيَقَظَةِ، وَأَمَّا فِي النَّوْمِ فَلَا تُشْتَرَطُ اللَّذَّةُ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهَا مُعْتَادَةً، فَمَنْ انْتَبَهَ فَوَجَدَ بَلَلًا جَزَمَ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ أَنَّهُ مَنِيٌّ حَيْثُ كَانَ شَكُّهُ بَيْنَ الْمَنِيِّ وَبَيْنَ وَاحِدٍ فَقَطْ كَمَذْيٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ، فَلَوْ دَارَ شَكُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اثْنَيْنِ غَيْرِهِ كَمَذْيٍ وَبَوْلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا خَرَجَ بِغَيْرِ لَذَّةٍ] كَأَنْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَأَمْنَى أَوْ ضُرِبَ فَأَمْنَى [قَوْلُهُ: كَمَنْ حَكَّ لِجَرَبٍ إلَخْ] مِثَالٌ لِلَّذَّةِ غَيْرِ الْمُعْتَادَةِ، وَمِثْلُهُ لَوْ هَزَّتْهُ دَابَّةٌ أَوْ نَزَلَ فِي مَاءٍ حَارٍّ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا أَنْ يُحِسَّ بِمَبَادِئِ اللَّذَّةِ وَيَسْتَدِيمَهَا بِهَزِّ الدَّابَّةِ فَيُمْنِيَ فَيَجِبَ عَلَيْهِ قَالَ عج: وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا تَمَادَى اخْتِيَارًا، وَأَمَّا إذَا اضْطَرَّ إلَى التَّمَادِي كَمَا إذَا عَجَزَ عَنْ النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ لَا حَرَّرَهُ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: فَهَلْ يَجِبُ الْوُضُوءُ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: فَلَا أَقَلَّ مِنْ الصُّغْرَى] أَيْ فَلَا أَقَلَّ مِنْ الصُّغْرَى يُؤَثِّرُ فِيهِ أَيْ لَيْسَ هُنَاكَ أَقَلُّ مِنْ الصُّغْرَى فَيُؤَثِّرُ فِيهِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَثَّرُ فِيهِ الصُّغْرَى [قَوْلُهُ: وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ لِلَّذَّةِ] أَيْ الْمُعْتَادَةِ تَقَدَّمَ أَنَّ

ص: 142

نَوْمٍ أَوْ يَقَظَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَلَا يَجُوزُ سُكُونُهَا ضِدُّ النَّوْمِ (مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ خُرُوجِهِ لِلَّذَّةِ أَنْ تَكُونَ اللَّذَّةُ مُقَارِنَةً لِلْخُرُوجِ، فَقَدْ يَجِبُ الْغُسْلُ لِخُرُوجِهِ بَعْدَ ذَهَابِ اللَّذَّةِ، مِثْلُ أَنْ يُجَامِعَ فَيَلْتَذَّ، وَلَمْ يُنْزِلْ ثُمَّ يَخْرُجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ، أَوْ يَلْتَذَّ بِغَيْرِ جِمَاعٍ ثُمَّ يَخْرُجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ بَعْدَ ذَهَابِهَا جُمْلَةً، وَلَمْ يَغْتَسِلْ عِنْدَ اللَّذَّةِ. وَوُجُوبُ الْغُسْلِ فِي الْأُولَى مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ خَرَجَ فِي الْأُولَى بَعْدَ الْغُسْلِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ.

ثَانِيًا: لِأَنَّهُ قَدْ اغْتَسَلَ لِجَنَابَتِهِ وَالْجَنَابَةُ الْوَاحِدَةُ لَا يَتَكَرَّرُ الْغُسْلُ لَهَا، وَهَلْ يَجِبُ الْوُضُوءُ أَوْ يُسْتَحَبُّ؟ الْقَوْلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ.

وَالْمُوجِبُ الثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ انْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضَةِ) ع: صَوَابُهُ دَمُ الْحَيْضِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ أَعَمُّ مِنْ الْحَيْضَةِ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ إنَّمَا تُطْلَقُ إذَا تَقَدَّمَهَا طُهْرٌ فَاصِلٌ وَتَأَخَّرَهَا طُهْرٌ فَاصِلٌ، وَالْحَيْضُ شَرْعًا هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ بِنَفْسِهِ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ الْمُمْكِنِ حَمْلُهَا عَادَةً غَيْرَ زَائِدَةٍ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ وَلَا وِلَادَةٍ، اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: خَرَجَ بِنَفْسِهِ مِنْ الْخَارِجِ بِجُرْحٍ وَنَحْوِهِ وَمِنْ الْفَرْجِ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ الْفَرْجِ كَالدُّبُرِ، وَبِالْمُمْكِنِ حَمْلُهَا عَادَةً مِنْ الْخَارِجِ مِنْ الصَّغِيرَةِ كَبِنْتِ سَبْعِ سِنِينَ وَالْيَائِسَةِ كَبِنْتِ سَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: خَمْسِينَ وَبِغَيْرِ زَائِدٍ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ

ــ

[حاشية العدوي]

النَّوْمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ اللَّذَّةُ الْمُعْتَادَةُ [قَوْلُهُ: مِنْ خُرُوجِهِ] أَيْ مِنْ أَجْلِ خُرُوجِهِ [قَوْلُهُ: لِلَّذَّةِ] أَيْ خُرُوجِهِ لِأَجْلِ اللَّذَّةِ [قَوْلُهُ: أَنْ تَكُونَ إلَخْ] الْأَفْصَحُ أَنْ يَقُولَ: أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ مُقَارِنًا لِلَّذَّةِ [قَوْلُهُ: لِخُرُوجِهِ] أَيْ لِأَجْلِ خُرُوجِهِ. [قَوْلُهُ: بَعْدَ ذَهَابِ اللَّذَّةِ] أَيْ الْخُرُوجِ الْكَائِنِ بَعْدَ ذَهَابِ اللَّذَّةِ [قَوْلُهُ: مِثْلُ أَنْ يُجَامِعَ فَيَلْتَذَّ إلَخْ] تَمْثِيلٌ لِلْخُرُوجِ الَّذِي أَوْجَبَ الْغُسْلَ بَعْدَ ذَهَابِ اللَّذَّةِ أَيْ الْحَاصِلَةِ بِالْجِمَاعِ هَذَا مُفَادُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الَّذِي أَوْجَبَ الْغُسْلَ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ الْجِمَاعُ [قَوْلُهُ: فَيَلْتَذَّ] هَذَا لَازِمٌ لِلْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مَا ذَكَرَ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَلْتَذَّ [قَوْلُهُ: ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ] أَيْ وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْهُ الْمَنِيُّ بَعْدَ أَنْ اغْتَسَلَ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ، قُلْت: وَمِنْ ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ الْجِمَاعُ.

[قَوْلُهُ: وَلَمْ يَغْتَسِلْ عِنْدَ اللَّذَّةِ] لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَلَوْ اغْتَسَلَ فَلَا فَائِدَةَ فِي الْغُسْلِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ حِينَئِذٍ مَا يُوجِبُهُ فَهُوَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ اغْتَسَلَ إلَخْ] مُفَادُهُ أَنَّ الْخُرُوجَ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ أَصْلًا كَمَا قَرَّرْنَا. [قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجِبُ الْوُضُوءُ إلَخْ] الْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ

[قَوْلُهُ: صَوَابُهُ دَمُ الْحَيْضِ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ بِمَا تَقَدَّمَ لَهُ بِأَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِالْحَيْضَةِ الْحَيْضَ [قَوْلُهُ: إذَا تَقَدَّمَهَا إلَخْ] فَأَوَّلُ دَمٍ خَرَجَ مِنْهَا لَا يُقَالُ فِيهِ حَيْضَةٌ، وَإِنَّمَا يُقَالُ فِيهِ حَيْضٌ وَكَذَا آخِرُ دَمٍ [قَوْلُهُ: وَالْحَيْضُ] شَرْعًا وَأَمَّا لُغَةً فَهُوَ السَّيَلَانُ مِنْ قَوْلِهِمْ: حَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ، وَأَلْ فِي الْحَيْضِ لِلْحَقِيقَةِ وَالطَّبِيعَةِ [قَوْلُهُ: الدَّمُ] وَمِثْلُهُ الصَّرَّةُ وَالْكُدْرَةُ وَسَيَأْتِيَانِ [قَوْلُهُ: بِجُرْحٍ] أَيْ فِي الْفَرْجِ، وَأَمَّا فِي الْجَسَدِ فَلَا يُتَوَهَّمُ [قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ] أَيْ كَالْخَارِجِ بِدَوَاءٍ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ، وَفِيهِ يَكُونُ حَيْضًا مَعَ كَرَاهَةِ ذَلِكَ كَذَا ذَكَرَ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ.

وَقَدْ سُئِلَ الْمَنُوفِيُّ عَنْ امْرَأَةٍ عَالَجَتْ دَمَ الْحَيْضِ حَتَّى أَتَاهَا هَلْ تَبْرَأُ بِهِ مِنْ الْعِدَّةِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ، وَتَوَقَّفَ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ قَالَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ: وَإِنَّمَا قَالَ الظَّاهِرُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ اسْتِعْجَالَهُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْحَيْضِ كَإِسْهَالِ الْبَطْنِ اهـ.

أَيْ لِأَنَّ إسْهَالَ الْبَطْنِ لَا يُخْرِجُ الشَّيْءَ عَنْ كَوْنِهِ خَارِجًا مُعْتَادًا، وَبَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ بِقَوْلِهِ: الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّمِ بَيِّنٌ فَإِنَّ الْحَدَثَ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي مَفْهُومِهِ خُرُوجُهُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْحَيْضِ، وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّهَا تَتْرُكُهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حَيْضٌ وَتَقْضِيهِمَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ غَيْرَ حَيْضٍ.

[قَوْلُهُ: كَبِنْتِ سَبْعِ إلَخْ] ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ بِنْتَ ثَمَانٍ يُحْكَمُ بِأَنَّ دَمَهَا حَيْضٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مُنْتَهَى الصِّغَرِ تِسْعٌ، وَهَلْ أَوَّلُهَا أَوْ وَسَطُهَا أَوْ آخِرُهَا أَقْوَالٌ، فَالْمُرَاهَقَةُ وَمَا فَوْقَهَا إلَى خَمْسِينَ حَيْضٌ قَطْعًا، وَمَا دُونَهَا إلَى تِسْعٍ الْخَارِجُ حَيْضٌ حَيْثُ يُمْكِنُ حَمْلُهَا أَيْ لَمْ يَقْطَعْ النِّسَاءُ بِعَدَمِهِ بِأَنْ قَطَعْنَ بِإِمْكَانِ حَمْلِهَا أَوْ شَكَكْنَ فِي كَوْنِهِ حَيْضًا، فَإِنْ قَطَعْنَ بِعَدَمِهِ فَلَيْسَ دَمَ حَيْضٍ كَبِنْتِ سِتٍّ أَوْ سَبْعٍ إلَى تِسْعٍ.

[قَوْلُهُ: كَبِنْتِ سَبْعِينَ] وَهَذِهِ

ص: 143

يَوْمًا مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ اسْتِحَاضَةً وَبِغَيْرِ مَرَضٍ مِنْ الْخَارِجِ بِسَبَبِ مَرَضٍ غَيْرِ الِاسْتِحَاضَةِ وَبِلَا وِلَادَةٍ مِنْ دَمِ النِّفَاسِ، وَدَلِيلُ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] وَفِي الْمُوَطَّإِ «مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي.» "

وَالْمُوجِبُ الثَّالِثُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) دَمِ (الِاسْتِحَاضَةِ) ع: اُنْظُرْ كَيْفَ أَوْجَبَ الْغُسْلَ مِنْ انْقِطَاعِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَنَحْوُهُ فِي ك.

وَقَالَ ج: اُخْتُلِفَ فِي انْقِطَاعِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: لَا أَثَرَ لَهُ، وَقِيلَ: تَطْهُرُ مِنْهُ اسْتِحْبَابًا، وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ، وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ: إنَّهَا تَغْتَسِلُ مِنْهُ وُجُوبًا عَلَى ظَاهِرِ نَقْلِ الْبَاجِيِّ.

قَالَ مَالِكٌ: مَرَّةً تَغْتَسِلُ وَمَرَّةً لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهَا،

ــ

[حاشية العدوي]

لَا تَحْتَاجُ لِسُؤَالِ النِّسَاءِ، وَأَمَّا بِنْتُ خَمْسِينَ إلَى السَّبْعِينَ فَالْخَارِجُ مِنْهَا حَيْضٌ إنْ قَطَعَتْ النِّسَاءُ أَوْ شَكَكْنَ فِي كَوْنِهِ حَيْضًا، فَإِنْ قَطَعْنَ بِعَدَمِهِ فَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ لَنَا خَمْسَةَ أَحْوَالٍ دُونَ التِّسْعِ لَيْسَ بِحَيْضٍ قَطْعًا وَالتِّسْعُ إلَى الْمُرَاهَقَةِ يُسْأَلُ النِّسَاءُ وَمِنْ الْمُرَاهَقَةِ إلَى الْخَمْسِينَ حَيْضٌ قَطْعًا، وَمِنْ الْخَمْسِينَ يُسْأَلُ النِّسَاءُ وَمِنْ السَّبْعِينَ إلَى مَا فَوْقُ لَيْسَ بِحَيْضٍ قَطْعًا [قَوْلُهُ: وَقِيلَ خَمْسِينَ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: مِمَّا زَادَ عَلَى ذَلِكَ] وَكَذَا مَا زَادَ عَلَى عَادَتِهَا وَأَيَّامِ الِاسْتِظْهَارِ فَهَذِهِ الصُّورَةُ تَرُدُّ عَلَى التَّعْرِيفِ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ وَأَوْرَدَ أَيْضًا أَنَّ حَيْضَ الْحَامِلِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ هَذَا حَدٌّ لِلْغَالِبِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ [قَوْلُهُ: غَيْرِ الِاسْتِحَاضَةِ] لَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ كَمَا ذَكَرُوا هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَيْ بَعْدَ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ نَاشِئٌ عَنْ خَلَلٍ فِي الْبَدَنِ الَّذِي هُوَ مَرَضٌ فِيهِ، فَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِحَاضَةَ هُوَ الدَّمُ الْمَذْكُورُ النَّاشِئُ عَنْ مَرَضٍ، فَقَدْ قَالَ زَرُّوقٌ: وَالِاسْتِحَاضَةُ الدَّمُ الْجَارِي عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ عِلَّةٍ انْتَهَى.

وَظَاهِرُهُ أَيُّ مَرَضٍ كَانَ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ غَيْرِ الِاسْتِحَاضَةِ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلْفَاكِهَانِيِّ، وَمُوَافِقٌ لِمَا فِي التَّتَّائِيِّ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَبِلَا وِلَادَةٍ مِنْ دَمِ النِّفَاسِ] قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هُوَ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَإِلَّا فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ بِنَفْسِهِ [قَوْلُهُ: {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222]] قَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ: فَعَلَى التَّشْدِيدِ يَغْتَسِلْنَ وَأَصْلُهُ يَتَطَهَّرْنَ وَعَلَى التَّخْفِيفِ يَنْقَطِعُ دَمُهُنَّ انْتَهَى.

إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ قِرَاءَةُ التَّشْدِيدِ [قَوْلُهُ: بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ] بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَاسْمُهُ قَيْسُ بْنُ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى [قَوْلُهُ:«دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ» ] فَقَدْ قَالَتْ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْت: إنِّي أُسْتَحَاضُ فَلَا أَطْهُرُ أَفَأَدَعُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ: لَا وَلَكِنْ دَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الْأَيَّامِ الَّتِي تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي»

[قَوْلُهُ: أَوْ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ] الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ دَمٍ هُوَ الِاسْتِحَاضَةُ فَإِذَا كَانَ الْحَالُ مَا ذَكَرَ فَلَا مُوجِبَ لِتَقْدِيرِ الشَّارِحِ إلَّا مُجَارَاةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ [قَوْلُهُ: وَهَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ إلَخْ] سَيَأْتِي رَدُّهُ كَمَا فِي كَلَامِ ابْنِ نَاجِي [قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ فِي الْفَاكِهَانِيِّ] أَيْ نَحْوُ الْمَنْقُولِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي الْفَاكِهَانِيِّ [قَوْلُهُ: فَقِيلَ لَا أَثَرَ لَهُ] أَيْ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّهَا طَاهِرٌ، وَلَيْسَ ثَمَّ مُوجِبٌ وَلِأَنَّهُ دَمُ عِلَّةٍ وَفَسَادٍ فَأَشْبَهَ الْخَارِجَ مِنْ الدُّبُرِ [قَوْلُهُ: وَقِيلَ تَطْهُرُ مِنْهُ اسْتِحْبَابًا] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَشَارَ لَهُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: لَا بِاسْتِحَاضَةٍ وَنُدِبَ لِانْقِطَاعِهِ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ] أَيْ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا لَا تَغْتَسِلُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْحَطَّابُ وَعَلَّلَ الِاسْتِحْبَابَ بِأَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ دَمٍ غَالِبًا [قَوْلُهُ: قَالَ مَالِكٌ] مَعْمُولٌ لِنَقْلٍ إنْ أَرَادَ بِهِ الْمَصْدَرَ وَبَدَلٌ مِنْهُ إنْ أَرَادَ بِهِ الْمَنْقُولَ يَدُلُّ عَلَى مَا قَرَّرْنَا كَلَامُ زَرُّوقٍ [قَوْلُهُ: قَالَ مَالِكٌ مَرَّةً تَغْتَسِلُ إلَخْ] فَظَاهِرُ هَذَا الْوُجُوبِ [قَوْلُهُ: وَمَرَّةً لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهَا] يَحْتَمِلُ نَفْيَ الْوُجُوبِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيُحْتَمَلُ لَيْسَ عَلَيْهَا ذَلِكَ لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا فَيَكُونُ عَيْنَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

ص: 144

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: ذَلِكَ وَاسِعٌ إذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّيْخِ فِي قَوْلِهِ: إنَّ الْغُسْلَ وَاجِبٌ

وَالْمُوجِبُ الرَّابِعُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ) انْقِطَاعِ دَمِ (النِّفَاسِ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ لُغَةً وِلَادَةُ الْمَرْأَةِ لَا نَفْسُ الدَّمِ، وَشَرْعًا الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ الْفَرْجِ لِأَجْلِ الْوِلَادَةِ عَلَى جِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْعَادَةِ، فَاحْتُرِزَ بِالْخَارِجِ مِنْ الْفَرْجِ عَنْ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِأَجْلِ الْوِلَادَةِ عَنْ الْخَارِجِ لِغَيْرِهَا كَدَمِ الْحَيْضِ وَالْجُرْحِ وَبِجِهَةِ الصِّحَّةِ وَالْعَادَةِ عَنْ الْخَارِجِ فِيمَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ النِّفَاسِ وَهُوَ سِتُّونَ يَوْمًا، وَدَلِيلُ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْهُ الْإِجْمَاعُ. ك: دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ أَحْمَرُ رَقِيقٌ وَدَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَسْوَدُ كَدِرٌ.

وَالْمُوجِبُ الْخَامِسُ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ بِمَغِيبِ الْحَشَفَةِ) وَهِيَ رَأْسُ الذَّكَرِ وَهِيَ الْكَمَرَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُسَمِّيهَا الْفَيْشَةَ وَالْفَيْشَلَةَ يُرِيدُ أَنَّ تَغْيِيبَهَا كُلِّهَا أَوْ قَدْرِهَا مِنْ عَسِيبِ الْمَقْطُوعِ الْحَشَفَةُ مِنْ الْبَالِغِ بِانْتِشَارٍ أَوْ غَيْرِهِ لَفَّ

ــ

[حاشية العدوي]

ذَلِكَ وَاسِعٌ] أَيْ جَائِزٌ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ تَسَاوِي الطَّرَفَيْنِ أَيْ فَلَا يَكُونُ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا. [قَوْلُهُ: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّيْخِ] هَذَا آخِرُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِي أَيْ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَالَ قَوْلًا مَنْقُولًا فِي الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ يَأْتِي الِاعْتِرَاضُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ ضَعِيفًا

[قَوْلُهُ: وَالْمُوجِبُ الرَّابِعُ إلَخْ] قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا جَافًّا لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ قَوْلٌ وَاسْتُظْهِرَ مُقَابِلُهُ وَهُوَ وُجُوبُ الْغُسْلِ، فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يُشِيرَ إلَيْهِ [قَوْلُهُ: دَمِ النِّفَاسِ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ قَوْلُهُ: وِلَادَةُ الْمَرْأَةِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا دَمٌ أَمْ لَا قَوْلُهُ: وَشَرْعًا الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ الْفَرْجِ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَيْهِ تَكُونُ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ، وَلَوْ عَطَفَ النِّفَاسَ عَلَى خُرُوجِ الْمَاءِ إلَخْ، وَفَسَّرُوا النِّفَاسَ بِتَنَفُّسِ الْمَرْأَةِ بِالْوَلَدِ، ثُمَّ يُفَصِّلُونَ فِي ذَلِكَ الدَّمَ عَلَى تَقْدِيرِ خُرُوجِهِ بَيْنَ أَنْ يُلَازِمَ سِتِّينَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لَكَانَ مُنَاسِبًا لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَكَانَتْ الْإِضَافَةُ فِي قَوْلِهِمْ دَمِ النِّفَاسِ حَقِيقَةً، وَأَفَادَ الْغُسْلَ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا دَمٌ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: لِأَجْلِ الْوِلَادَةِ] بَعْدَهَا اتِّفَاقًا أَوْ مَعَهَا عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ أَوْ قَبْلَهَا لِأَجْلِهَا عَلَى قَوْلٍ مَرْجُوحٍ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ حَيْضٌ قَالَ عج: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي كَوْنِهِ لِأَجْلِ الْوِلَادَةِ أَمْ لَا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا رَأَتْ قَبْلَ الْوِلَادَةِ دَمًا وَتَمَادَى بِهَا حَتَّى زَادَ عَلَى الْحَدِّ الْمُعْتَادِ لَهَا، وَصَارَتْ مُسْتَحَاضَةً ثُمَّ وَلَدَتْ فَهَلْ يَكُونُ نِفَاسًا أَوْ اسْتِحَاضَةً؟ أَوْ نَقُولُ إنَّهَا إذَا رَأَتْ دَمًا قَبْلَ الْوِلَادَةِ لِأَجْلِ الْوِلَادَةِ، فَعَلَى الْمَرْجُوحِ تَحْسُبُ السِّتِّينَ مِنْ مَبْدَأِ خُرُوجِهِ وَعَلَى الرَّاجِحِ تَحْسُبُهَا مِنْ الْخُرُوجِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّمُ دَمَ حَيْضٍ.

تَنْبِيهٌ:

الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ نَفْسُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَأَمَّا انْقِطَاعُهُمَا فَشَرْطُ صِحَّةٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحَيْضَ سَبَبٌ بَعِيدٌ وَالِانْقِطَاعَ سَبَبٌ قَرِيبٌ.

[قَوْلُهُ: وَالْعَادَةِ] عَطْفُ تَفْسِيرٍ [قَوْلُهُ: وَدَلِيلُ وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْهُ الْإِجْمَاعُ] لَمْ يَقُلْ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ كَمَا هُوَ دَأْبُهُ لِعَدَمِ نَصٍّ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِوُجُوبِهِ [قَوْلُهُ: كَدِرٌ] أَيْ لَيْسَ لَهُ صَفَاءٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ، فَإِذَا كَانَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَا يَدُلُّ خُرُوجُهُ عَلَى رَاحَةِ الْبَدَنِ، وَحَيْثُ كَانَ دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَيَدُلُّ خُرُوجُهُ عَلَى رَاحَةِ الْبَدَنِ

[قَوْلُهُ: الْفَيْشَةَ] رَأَيْت فِي نُسْخَةٍ مَظْنُونٍ بِهَا الصِّحَّةُ بِالضَّبْطِ بِالْقَلَمِ بِفَتْحِ الْفَاءِ، وَأَمَّا الْفَيْشَلَةُ فَهِيَ بِسُكُونِ الْيَاءِ كَمَا رَأَيْته بِضَبْطٍ فِي الْقَامُوسِ، وَذَكَرَ فِي كُتُبِ النَّحْوِ أَنَّ الْفَيْشَةَ الَّتِي هِيَ الْكَمَرَةُ زِيدَتْ اللَّامُ فِيهَا فَقِيلَ لَهَا الْفَيْشَلَةُ [قَوْلُهُ: يُرِيدُ أَنَّ تَغْيِيبَهَا كُلِّهَا] أَيْ فِي مَحَلِّ الِافْتِضَاضِ أَوْ فِي مَحَلِّ الْبَوْلِ، فَلَوْ غَيَّبَهَا بَيْنَ الشُّفْرَيْنِ أَوْ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ لِعَدَمِ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ.

وَقَالَ: كُلُّهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تَغْيِيبَ بَعْضِهَا وَلَوْ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَغْوٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّغْيِيبُ مِنْ ذَكَرٍ مُحَقَّقٍ أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ بِتَغْيِيبِ حَشَفَتِهِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ، وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ [قَوْلُهُ: مِنْ عَسِيبِ] الْمَقْطُوعِ الْعَسِيبُ مَا عَدَا الْحَشَفَةَ مِنْ قَصَبَةِ الذَّكَرِ وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ

ص: 145

عَلَيْهَا خِرْقَةً أَمْ لَا (فِي الْفَرْجِ) سَوَاءٌ كَانَ فَرْجَ آدَمِيَّةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ حَيَّةٍ أَوْ مَيِّتَةٍ أَوْ فِي الدُّبُرِ مِنْ الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ (إنْ لَمْ يُنْزِلْ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا فِي الْمُوَطَّإِ وَمُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ، ثُمَّ جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ» ". وَهَذَا الْحَدِيثُ نَاسِخٌ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا أُعْجِلْت أَوْ أُقْحِطَتْ فَلَا غُسْلَ» ".

وَلِمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ثُمَّ اسْتَطْرَدَ ذِكْرَ أَشْيَاءَ يُوجِبُهَا مَغِيبُ الْحَشَفَةِ فَقَالَ: (وَمَغِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ) يُوجِبُ نَحْوَ سِتِّينَ حُكْمًا ذَكَرَ الشَّيْخُ مِنْهَا سَبْعَةً.

أَحَدُهَا: مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَنَّهُ (يُوجِبُ الْغُسْلَ) أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

حَشَفَةِ مَنْ قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ إنْ عُرِفَتْ، فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ اُحْتِيطَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرَاعَى حَشَفَةُ مُمَاثِلِهِ خِلْقَةً كَمَا قَالَ عج: أَقُولُ وَيَجْرِي هَذَا الِاسْتِظْهَارُ فِيمَنْ لَمْ تُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ إذْ لَا مَفْهُومَ لِعَسِيبٍ إلَخْ. بَلْ مِثْلُهُ مَنْ لَمْ تُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ أَوْ خُلِقَتْ لَهُ وَلَمْ تُقْطَعْ وَثَنَى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ مِنْهُ قَدْرَهَا، وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ طُولُهَا لَوْ انْفَرَدَ لَا طُولُهَا مَثْنِيًّا، فَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْحَشَفَةُ فِي ذَكَرٍ وَاحِدٍ فَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ احْتِيَاطًا.

[قَوْلُهُ: مِنْ الْبَالِغِ] لَا مِنْ الصَّبِيِّ فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَوْطُوءَتِهِ الْبَالِغَةِ، وَلَا يُسْتَحَبُّ وَلَوْ مُرَاهِقًا عَلَى مَا قَالَهُ عج، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يُنْدَبُ لَهَا، وَكَذَا لَا وُجُوبَ عَلَيْهِ، نَعَمْ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْغُسْلُ فَقَطْ حَيْثُ بَلَغَ سِنَّ مَنْ يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ، وَأَوْلَى الْمُرَاهِقُ حَيْثُ وَطِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطِيقَةً أَوْ كَبِيرَةً أَوْ وَطِئَهُ غَيْرُهُ، وَيُنْدَبُ لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي وَطِئَهَا الْبَالِغُ حَيْثُ كَانَتْ تُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ، وَاشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ مِنْ الْفَاعِلِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ خَاصٌّ بِالْآدَمِيِّ، فَمَنْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ غَيْرِ بَالِغَةٍ فِي فَرْجِهَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ حَيْثُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ بَالِغَةً وَإِنْ لَمْ تُنْزِلْ. [قَوْلُهُ: لَفَّ عَلَيْهَا خِرْقَةً] أَيْ خَفِيفَةً لَا كَثِيفَةً فَلَا يَجِبُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ إنْزَالٌ فَيَجِبُ الْغُسْلُ لَهُ، وَالْخَفِيفَةُ مَا يَحْصُلُ مَعَهَا اللَّذَّةُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ فَرْجَ آدَمِيَّةٍ] وَلَوْ فَرْجَ خُنْثَى مُشْكِلٍ. [قَوْلُهُ: حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً] أَيْ كَانَتْ الْآدَمِيَّةُ أَوْ الْبَهِيمَةُ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً بِشَرْطِ الطَّاقَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الْغُسْلُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ إنْزَالٌ وَلَا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتَةِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ، فَإِنْ قُلْت هُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ حِينَ غُسِّلَ أَوْ لَا؟

قُلْنَا: إنَّهُ تَعَبُّدٌ، وَلَوْ غَيَّبَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ أَوْ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ مَيِّتَةٍ فَإِنْ أَنْزَلَتْ وَجَبَ الْغُسْلُ لِلْإِنْزَالِ لَا لِلتَّغْيِيبِ، فَإِنْ لَمْ تُنْزِلْ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، وَلَكِنْ يُنْقَضُ وُضُوءُهَا اُنْظُرْ عج.

وَتُعْتَبَرُ الطَّاقَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُغَيِّبِ وَالْمُغَيَّبِ فِيهِ فَرُبَّ مُطِيقَةٍ أَوْ مُطِيقٍ حَشَفَةَ شَخْصٍ لِصِغَرِهَا دُونَ حَشَفَةِ آخَرَ لِكِبَرِهَا. [قَوْلُهُ: أَوْ فِي الدُّبُرِ] أَيْ بِشَرْطِ الطَّاقَةِ، وَيَجِبُ عَلَى الْمَفْعُولِ فِي دُبُرِهِ حَيْثُ كَانَ بَالِغًا لِحَمْلِهِ عَلَى الْفَاعِلِ فِي الْحَدِّ وَالْغُسْلُ أَحْرَى.

قَالَ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ: وَظَاهِرُ قَوْلِ خَلِيلٍ فِي فَرْجٍ شُمُولُهُ لِفَرْجِ نَفْسِهِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَنَظَرَ فِي الثُّقْبَةِ فَقَالَ: وَانْظُرْ فِي حُكْمِ إغَابَتِهَا فِي الثُّقْبَةِ حُكْمُ إغَابَتِهَا فِي الْفَرْجِ اهـ.

وَالظَّاهِرُ لَا [قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ] أَيْ الْأُنْثَى وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ [قَوْلُهُ: إذَا «جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الْأَرْبَعِ» ] الْمُرَادُ نَوَاحِي الْفَرْجِ الْأَرْبَعُ، وَقِيلَ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ، وَقِيلَ: الرِّجْلَانِ وَالْفَخِذَانِ، وَقِيلَ: الرِّجْلَانِ وَالشُّفْرَانِ [قَوْلُهُ: ثُمَّ جَهَدَهَا] بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْهَاءِ إذَا بَلَغَ جُهْدَهُ كِنَايَةً عَنْ مُعَالَجَةِ الْإِيلَاجِ أَيْ جَامَعَهَا، وَإِنَّمَا كَنَّى بِذَلِكَ لِلتَّنَزُّهِ عَمَّا يَفْحُشُ ذِكْرُهُ صَرِيحًا. [قَوْلُهُ: إذَا أُعْجِلْت أَوْ أُقْحِطَتْ] بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فِيهِمَا أَيْ إذَا أَعْجَلَك شَيْءٌ عَنْ الْإِنْزَالِ فَلَمْ تُنْزِلْ، وَمَعْنَى الثَّانِي إذَا فَتَرَ الْمَنِيُّ، وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْ أَقْحَطْ النَّاسِ إذَا لَمْ يُمْطِرُوا كَمَا فِي النِّهَايَةِ [قَوْلُهُ: وَلِمَا رُوِيَ] أَيْ وَنَاسِخٌ لِمَا رُوِيَ إلَخْ [قَوْلُهُ: «إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ» ] أَيْ إنَّمَا الْغُسْلُ بِالْمَاءِ مِنْ أَجْلِ الْمَاءِ، أَيْ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا جَامَعَ وَلَمْ يُنْزِلْ لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ الصَّوَابَ حَمْلُ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى النَّوْمِ كَمَا حَمَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فِي الْمَاءَيْنِ فَهُوَ مُطْلَقٌ فِي الْحَالَيْنِ النَّوْمِ وَالْيَقَظَةِ، فَحَمْلُهُ عَلَى النَّوْمِ تَقْيِيدٌ لِلْمُطْلَقِ، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ.

[قَوْلُهُ: أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ إلَخْ] الْأَوْلَى أَعَادَهُ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى

ص: 146

مَا بَعْدَهُ.

(وَ) ثَانِيهَا: أَنَّهُ (يُوجِبُ الْحَدَّ) أَيْ حَدَّ الزِّنَا، عَلَى الزَّانِي وَحَدَّ اللِّوَاطِ عَلَى اللَّائِطِ بِشَرْطِهِ الْمَذْكُورِ فِي بَابِهِ.

(وَ) ثَالِثُهَا: أَنَّهُ (يُوجِبُ الصَّدَاقَ) بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ. ج: يُرِيدُ كَمَالَ الصَّدَاقِ، وَإِلَّا فَالنِّصْفُ حَاصِلٌ بِالْعَقْدِ، وَهَذَا إذَا كَانَا بَالِغَيْنِ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ بَالِغًا وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا (وَ) رَابِعُهَا: أَنَّهُ (يُحَصِّنُ الزَّوْجَيْنِ) وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ بِشُرُوطٍ تُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَ)

خَامِسُهَا: أَنَّهُ (يُحِلُّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لِلَّذِي طَلَّقَهَا) وَهُوَ حُرٌّ، وَأَمَّا مُطَلَّقَةُ الْعَبْدِ فَيُحِلُّهَا إذَا طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ، وَلِذَلِكَ شُرُوطٌ تُذْكَرُ فِي مَحَلِّهَا (وَ)

سَادِسُهَا: أَنَّهُ (يُفْسِدُ الْحَجَّ) فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا عَمْدًا كَانَ أَوْ نِسْيَانًا إذَا وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ وَيَتَمَادَى عَلَى حَجِّهِ وَيَقْضِيهِ مِنْ قَابِلٍ وَيُهْدِي.

(وَ) سَابِعُهَا: أَنَّهُ (يُفْسِدُ الصَّوْمَ) فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا عَمْدًا كَانَ أَوْ نِسْيَانًا وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي الْفَرْضِ إنْ تَعَمَّدَ، وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ كَمُتَعَمِّدٍ ذَلِكَ فِي النَّفْلِ

وَلَمَّا ذَكَرَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ انْقِطَاعَ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ مَا يُعْلَمُ بِهِ انْقِطَاعُهُ فَقَالَ: (إذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ تَطَهَّرَتْ وَكَذَلِكَ إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ

ــ

[حاشية العدوي]

ذِكْرِهِ [قَوْلُهُ: يُوجِبُ الْحَدَّ] أَيْ حَدَّ الزِّنَا عَلَى الزَّانِي إلَخْ. أَيْ الطَّائِعِ اتِّفَاقًا وَالْمُكْرَهِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ، يُرِيدُ وَلَوْ لَمْ يَنْتَشِرْ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ، هَذَا إنْ لَمْ يَلُفَّ عَلَى حَشَفَتِهِ خِرْقَةً كَثِيفَةً، وَإِلَّا فَلَا قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْغُسْلِ بَلْ أَوْلَى، وَأَمَّا بِحَائِلٍ خَفِيفٍ فَهَلْ يُقَالُ لَا حَدَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالْمُشَبَّهَاتِ.

[قَوْلُهُ: وَحَدَّ اللِّوَاطِ إلَخْ] هُوَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي دُبُرِ الذَّكَرِ وَحَدُّهُ الرَّجْمُ مُطْلَقًا حَيْثُ كَانَ بَالِغًا، وَأَمَّا فِي دُبُرِ أُنْثَى غَيْرِ زَوْجَتِهِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الزِّنَا فَيُجْلَدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْصَنًا فَيُرْجَمَ، وَأَمَّا فِي دُبُرِ زَوْجَتِهِ فَيُؤَدَّبَ.

[قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ إلَخْ] أَيْ وَهُوَ الْبُلُوغُ وَالطَّوْعُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ كَمَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الزَّانِي وَعَلَى اللَّائِطِ يُوجِبُهُ عَلَى الْمَزْنِيِّ بِهَا وَعَلَى الْمَلُوطِ فِيهِ [قَوْلُهُ: وَوَجَبَ الصَّدَاقُ] وَلَوْ بِغَيْرِ انْتِشَارٍ وَلَوْ فِي دُبُرِهَا أَوْ زَمَنِ حَيْضِهَا، وَكَمَا يُوجِبُ الصَّدَاقَ عَلَى الزَّوْجِ يُوجِبُهُ عَلَى الْوَاطِئِ الْغَالِطِ بِغَيْرِ الْعَالِمَةِ، وَكَذَا عَلَى الْمُتَعَمِّدِ لِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ حَيْثُ لَا عِلْمَ عِنْدَهَا أَوْ أَكْرَهَهَا وَيَتَعَدَّدُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ بِتَعَدُّدِ الْوَطَآتِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ.

وَفِي الْأُولَى إذَا تَعَدَّدَتْ الشُّبْهَةُ كَمَا إذَا ظَنَّهَا فِي الْأُولَى زَوْجَتَهُ وَفِي الثَّانِيَةِ أَمَتَهُ، وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَتْ فَعَلَيْهِ مَهْرٌ وَاحِدٌ كَمَا إذَا وَطِئَهَا أَوَّلًا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ فَاطِمَةَ وَثَانِيًا زَوْجَتَهُ زَيْنَبَ وَهَكَذَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَانَ بِالتَّزْوِيجِ نَوْعٌ، وَمَا كَانَ بِالْمِلْكِ نَوْعٌ آخَرُ، وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً طَائِعَةً عَالِمَةً فَلَا صَدَاقَ لَهَا.

[قَوْلُهُ: وَهَذَا إذْ كَانَا بَالِغَيْنِ إلَخْ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ عُمَرَ: وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ بَالِغًا وَالْمَوْطُوءَةُ غَيْرَ بَالِغَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَرَجٌ، وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ غَيْرَ بَالِغٍ فَلَا صَدَاقَ لَهَا كَامِلًا، وَإِنَّمَا لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ خَاصَّةً اهـ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ] غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِانْتِشَارِ [قَوْلُهُ: بِشُرُوطٍ] أَنْ يَكُونَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ عَاقِلَيْنِ بَالِغَيْنِ إنْ صَحَّ نِكَاحُهُمَا اللَّازِمُ كَمَا سَيَأْتِي [قَوْلُهُ: وَيُحِلُّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا] أَيْ بِشَرْطِ الِانْتِشَارِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِانْتِشَارُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ، وَأَمَّا تَحْصِينُ الزَّوْجَيْنِ وَحِلُّ الْمُطَلَّقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِشَارِ.

قَالَ عج: وَانْظُرْ هَلْ يَحْصُلُ تَحْصِينُ الزَّوْجَيْنِ وَحِلُّ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا بِتَغْيِيبِهَا مَلْفُوفًا عَلَيْهِ حَائِلٌ كَثِيفٌ أَوْ لَا يَحْصُلُ بِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَانْظُرْ هَلْ الْحَائِلُ الْخَفِيفُ كَالْكَشْفِ أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي تَكْمِيلِ الصَّدَاقِ وَنَحْوِهِ اهـ.

الْمُرَادُ مِنْهُ [قَوْلُهُ: فِي يَوْمِ النَّحْرِ] أَيْ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنْ وَقَعَ لَيْلَةَ مُزْدَلِفَةَ [قَوْلُهُ: وَيُفْسِدُ الصَّوْمَ] أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: فِي الْفَرْضِ] هَذَا مَخْصُوصٌ بِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ، وَأَمَّا قَضَاؤُهُ فَلَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ فِي الْعَمْدِ إنَّمَا فِيهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ [قَوْلُهُ: كَمُتَعَمِّدٍ إلَخْ] أَيْ مُتَعَمِّدِ الْجِمَاعِ فِي النَّفْلِ فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ لَا إنْ كَانَ نَاسِيًا فَلَا

[قَوْله: انْتَقَلَ يُبَيِّنُ مَا يُعْلَمُ بِهِ انْقِطَاعُهُ إلَخْ] ظَاهِرُهُ انْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ مَعَ أَنَّ مَا سَيَأْتِي إنَّمَا ذَكَرُوهُ عَلَامَةً لِانْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ كَمَا هُوَ بَيِّنٌ وَعِبَارَةُ تت سَالِمَةٌ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَمَّا قَدَّمَ وُجُوبَ

ص: 147

تَطَهَّرَتْ) عِيَاضٌ الْقَصَّةُ بِفَتْحِ الْقَافِ مَاءٌ أَبْيَضُ يَكُونُ آخِرَ الْحَيْضِ، وَبِهِ تَسْتَبِينُ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ، وَسُمِّيَتْ قَصَّةً لِشَبَهِهَا بِالْقَصَّةِ، وَهُوَ الْجِيرُ لِبَيَاضِهَا، وَالْجُفُوفُ وَالْجَفَافُ بِفَتْحِ الْجِيمِ مَصْدَرَانِ مِنْ جَفَّ الشَّيْءُ يَجِفُّ جُفُوفًا وَجَفَافًا وَهُوَ أَنْ تُدْخِلَ الْمَرْأَةُ الْخِرْقَةَ أَوْ الْقُطْنَةَ فِي فَرْجِهَا فَتُخْرِجَهَا جَافَّةً لَا بَلَلَ عَلَيْهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ، وَهُوَ قَوْلُ الدَّاوُدِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقَصَّةُ أَبْلَغُ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: الْجُفُوفُ أَبْلَغُ وَثَمَرَةُ هَذَا الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي الْمُعْتَادَةِ لِإِحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَصَّةُ أَبْلَغُ إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ الْجُفُوفَ أَوَّلًا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ الْمُخْتَارُ، وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ الْجُفُوفَ أَوَّلًا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ، وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ، وَعَلَى قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ: إذَا رَأَتْ إحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ عَمِلْت عَلَيْهَا وَلَا تَنْتَظِرُ الْأُخْرَى، وَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُبْتَدَأَةِ فَنَقَلَ الْبَاجِيُّ عَنْهُ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ، وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَنْهُ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهُرَتْ، وَلَمْ يَقُلْ إذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ قَلِيلًا خَلِيلٌ: وَمَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَاضِحٌ إنْ كَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا رَأَتْ الْجُفُوفَ وَلَمْ تَرَ الْقَصَّةَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ أَنَّهَا رَأَتْ الْقَصَّةَ تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ فَإِيرَادُ الْبَاجِيِّ صَحِيحٌ، وَهُوَ أَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

الْغُسْلِ بِانْقِطَاعِ دَمِ الْحَيْضِ شَرَعَ فِي بَيَانِ عَلَامَةِ انْقِطَاعِهِ، فَقَالَ إلَخْ وَيَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ عِيَاضٍ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ. [قَوْلُهُ: تَسْتَبِينُ إلَخْ] أَيْ تَظْهَرُ [قَوْلُهُ: بَرَاءَةُ الرَّحِمِ] أَيْ مِنْ الْحَيْضِ [قَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ قَصَّةً] الْأَوْضَحُ وَسُمِّيَ أَيْ الْمَاءُ الْمَذْكُورُ قَصَّةً لِشَبَهِهِ إلَخْ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْجِيرُ] أَيْ أَنَّ الْقَصَّةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْجِيرِ، فَحَاصِلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ أَنَّ الْقَصَّةَ حَقِيقَةٌ فِي الْجِيرِ، وَأُطْلِقَتْ مَجَازًا عَلَى الْمَاءِ الْمَذْكُورِ، وَالْعَلَاقَةُ الْمُشَابَهَةُ هَذَا بِحَسَبِ الْأَصْلِ، وَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ صَارَتْ حَقِيقَةً شَرْعِيَّةً فِي الْمَاءِ الْمَذْكُورِ. [قَوْلُهُ: مِنْ جَفَّ إلَخْ] مِنْ بَابِ ضَرَبَ، وَفِي لُغَةِ بَنِي أَسَدٍ مِنْ بَابِ تَعِبَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

[قَوْلُهُ: لَا بَلَلَ عَلَيْهَا] أَيْ مِنْ الدَّمِ فَخُرُوجُهَا مُبْتَلَّةً مِنْ رُطُوبَةِ الْفَرْجِ لَا يَضُرُّ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ الدَّاوُدِيِّ] هُوَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ الْأَسَدِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَالِكِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ بِطَرَابُلُسَ الْمَغْرِبِ تُوُفِّيَ بِتِلِمْسَانَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ. [قَوْلُهُ: الْقَصَّةُ أَبْلَغُ] أَيْ أَقْطَعُ لِلشَّكِّ وَأَحْصَلُ لِلْيَقِينِ فِي الطُّهْرِ مِنْ الْجُفُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ بَعْدَهَا دَمٌ، وَالْجُفُوفُ قَدْ يُوجَدُ بَعْدَهُ، وَأَبْلَغِيَّةُ الْقَصَّةِ لَا تَتَقَيَّدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمُعْتَادَتِهَا فَقَطْ بَلْ هِيَ أَبْلَغُ لِمُعْتَادَتِهَا وَلِمُعْتَادَةِ الْجُفُوفِ وَلِمُعْتَادَتِهِمْ امَعًا.

[قَوْلُهُ: إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ الْجُفُوفَ] وَكَذَلِكَ مُعْتَادَتُهُمَا [قَوْلُهُ: تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ] أَيْ عَلَى طَرِيقِ النَّدْبِ [قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ] أَيْ الْمُخْتَارُ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَنْتَظِرُ مَا لَمْ تَخَفْ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَتَتَلَخَّصُ أَنَّهَا تُوقِعُهَا فِي بَقِيَّةٍ مِنْهُ بِحَيْثُ يُطَابِقُ فَرَاغُهَا آخَرَ، وَأَمَّا مُعْتَادَةُ الْجُفُوفِ فَقَطْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا رَأَتْهُ أَوَّلًا طَهُرَتْ وَلَا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ، وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ أَيْ مُطْلَقًا اعْتَادَتْهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا.

[قَوْلُهُ: إذَا رَأَتْ مُعْتَادَةُ الْقَصَّةِ الْجُفُوفَ أَوَّلًا. . . إلَخْ] وَأَوْلَى مُعْتَادَتُهُمَا مَعًا أَوْ مُعْتَادَةُ الْجُفُوفِ [قَوْلُهُ: وَإِذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا] وَأَوْلَى فِي الِانْتِظَارِ إذَا اعْتَادَتْهُمَا أَوْ الْجُفُوفَ فَقَطْ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

[قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الْمَازِرِيُّ عَنْهُ إلَخْ] مُحَصَّلُ نَقْلِ الْمَازِرِيِّ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ أَوْ الْقَصَّةَ طَهُرَتْ كَمَا فِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ [قَوْلُهُ: قَلِيلًا] الْمُرَادُ بِهِ زَمَنٌ سَابِقٌ عَلَى آخِرِ الْوَقْتِ الَّذِي تُوقِعُ الصَّلَاةَ فِيهِ. [قَوْلُهُ: وَاضِحٌ وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ] أَيْ فَإِذَا كَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هَكَذَا فَيُفِيدُ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا لَا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ، أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هَكَذَا بِأَنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تَطْهُرُ إلَّا بِالْجُفُوفِ، وَلَوْ رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوَّلًا فَلَيْسَ بِوَاضِحٍ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي إيرَادُ الْبَاجِيِّ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَلَّامَةَ خَلِيلًا لَمْ يَجْزِمْ بِمُرَادِ الْمَازِرِيِّ وَقَدْ عَلِمْت مُرَادَهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ شُرَّاحِ خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: أَنَّهَا رَأَتْ الْجُفُوفَ وَلَمْ تَرَ الْقَصَّةَ] أَيْ فَتَطْهُرُ بِرُؤْيَتِهَا الْجُفُوفَ أَوَّلًا، فَإِنْ قُلْت

ص: 148

ابْنَ الْقَاسِمِ مَالَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (مَكَانَهَا) أَنَّهَا إذَا رَأَتْ إحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ يُحْكَمُ لَهَا سَاعَتَئِذٍ بِأَنَّهَا طَاهِرَةٌ فَلَا تَنْتَظِرُ الْعَلَامَةَ الثَّانِيَةَ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ بِقَوْلِهِ: (رَأَتْهُ) أَيْ الطُّهْرَ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ تَطَهَّرَتْ (بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ) بَعْدَ (يَوْمَيْنِ أَوْ) بَعْدَ (سَاعَةٍ ثُمَّ إنْ عَاوَدَهَا) بَعْدَ أَنْ رَأَتْ الطُّهْرَ (دَمٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ دَفْعَةً (أَوْ رَأَتْ صُفْرَةً) بِضَمِّ الصَّادِ شَيْءٌ كَالصَّدِيدِ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ، وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَلْوَانِ الدِّمَاءِ الْقَوِيَّةِ وَالضَّعِيفَةِ (أَوْ) رَأَتْ (كُدْرَةً) بِضَمِّ الْكَافِّ شَيْءٌ كَدِرٌ لَيْسَ عَلَى أَلْوَانِ الدِّمَاءِ (تَرَكَتْ الصَّلَاةَ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حَيْضٌ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

إنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَصَّةَ أَبْلَغُ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَنْتَظِرُهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ أَوَّلًا قُلْت: هِيَ لَمْ يَتَقَرَّرْ لَهَا عَادَةٌ إذْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَادَتُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْجُفُوفَ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: فَإِيرَادُ الْبَاجِيِّ صَحِيحٌ إلَخْ] ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِ الْقَصَّةِ أَبْلَغَ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُهُ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِهَا وَلَا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ، فَقَدْ خَرَجَ عَنْ مَذْهَبِهِ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْجُفُوفَ أَبْلَغُ الَّذِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ الْمَازِرِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهُرَتْ وَلَا تَنْتَظِرُ الْقَصَّةَ مَعَ كَوْنِهَا أَبْلَغَ أَنَّ الْمُبْتَدِئَةَ لَمْ يَتَقَرَّرْ لَهَا عَادَةٌ لِجَوَازِ أَلَّا يَكُونَ لَهَا قَصَّةٌ فَلَا تَتْرُكُ الْمُحَقِّقَ لِلشُّكُوكِ وَالْمُعْتَمَدُ، نَقْلُ الْمَازِرِيِّ وَالْبَاجِيِّ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ خَلَفٍ الْبَاجِيُّ مَاتَ بِجُدَّةِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ بَاجَةَ بِالْأَنْدَلُسِ. [قَوْلُهُ: أَنَّهَا إذَا رَأَتْ إلَخْ] فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ مَكَانَهَا رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَعْنِي رُؤْيَةَ الْقَصَّةِ وَرُؤْيَةَ الْجُفُوفِ، فَهُوَ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي أَوْ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَى تَقْدِيرِ تَعَلُّقِهِ بِالْأُولَى فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ أَقُولُ هَذَا الْحِلُّ يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَتُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنْ يُقَالَ: إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ طَهَّرَتْ مَكَانَهَا أَيْ إذَا اعْتَادَتْهُ فَقَطْ كَمَا إذَا اعْتَادَتْهُمَا أَوْ الْقَصَّةَ فَقَطْ، وَضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِحَيْثُ تَخَافُ خُرُوجَ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ أَوْ طَلَبَ زَوْجُهَا مُوَاقَعَتَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ.

[قَوْلُهُ: سَاعَتَئِذٍ] أَيْ إذَا رَأَتْ إحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ سَاعَةَ هِيَ وَقْتُ الرُّؤْيَةِ

[قَوْلُهُ: لَا حَدَّ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ] أَيْ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ فَلَهُ أَقَلُّ وَهُوَ الدُّفْعَةُ، وَأَمَّا أَكْثَرُهُ فَيَنْعَكِسُ فَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ بِاعْتِبَارِ الْمِقْدَارِ، وَلَهُ حَدٌّ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

[قَوْلُهُ: أَيْ الطُّهْرَ إلَخْ] فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مُتَقَدِّمٍ مَعْنًى عَلَى حَدِّ {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8][قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ سَاعَةٍ] يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ فَتَكُونُ أَوْ مَانِعَةَ جَمْعٍ، تُجَوِّزُ الْخُلُوَّ فِي نِصْفِ السَّاعَةِ مَثَلًا، وَعَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: يَوْمَيْنِ أَوْ يَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الطُّهْرِ مَعَ قِلَّةِ الزَّمَنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ السَّاعَةَ الزَّمَانِيَّةَ، وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. [قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ دُفْعَةً] بِضَمِّ الدَّالِ الدُّفْقَةُ وَبِفَتْحِ الدَّالِ الْمَرَّةُ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، فَتَحْسُبُ ذَلِكَ الْيَوْمَ يَوْمَ حَيْضٍ، فَإِذَا تَمَّتْ عَادَتُهَا وَاسْتِظْهَارُهَا تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي كُلَّمَا انْقَطَعَ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الدُّفْعَةَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ لَا أَثَرَ لَهَا مِنْ حَيْثُ الصَّلَاةُ، وَلَهَا أَثَرَ مِنْ حَيْثُ الْعَدُّ لِعَادَتِهَا وَاسْتِظْهَارِهَا.

[قَوْلُهُ: شَيْءٌ كَالصَّدِيدِ تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ] هَذَا كَقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ الصُّفْرَةُ دَمٌ أَصْفَرُ مِثْلُ الْمَاءِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ اللَّحْمُ، وَالْكُدْرَةُ دَمٌ أَصْفَرُ خَاثِرٌ اهـ. ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ: تَعْلُوهُ صُفْرَةٌ أَنَّهُ وَجْهُ الشَّبَهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الصَّدِيدَ لَوْنُهُ الصُّفْرَةُ، وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَ الْفِيشِيِّ عَلَى الْعِزِّيَّةِ إنَّ الصَّدِيدَ مَاءٌ أَبْيَضُ رَقِيقٌ مُخْتَلِطٌ بِدَمٍ، وَكَذَا فِي عِبَارَةِ بَعْضِ كُتُبِ اللُّغَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّ لَوْنَ الصَّدِيدِ الْبَيَاضُ، وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالصَّدِيدِ بِالنَّظَرِ لِحَالَتِهِ بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ؛ لِأَنَّ الْأَبْيَضَ الْمُخْتَلِطَ بِالدَّمِ يَنْقَلِبُ لَوْنُهُ لِلصُّفْرَةِ فَتَأَمَّلْ. [قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَلْوَانِ الدِّمَاءِ] إنْ قُلْت كَيْفَ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ الْمُفِيدُ؛ لِأَنَّ الصُّفْرَةَ دَمٌ أَصْفَرُ، فَإِذَا كَانَتْ عِبَارَةُ عَنْ دَمٍ مَوْصُوفٌ بِكَوْنِهِ أَصْفَرَ فَقَدْ أَتَتْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَلْوَانِ الدِّمَاءِ، قُلْت: يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَلْوَانِ الدِّمَاءِ لَعَلَّهُ أَرَادَ نَوْعًا مِنْ الدِّمَاءِ وَهُوَ الْأَحْمَرُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ حَيْضٌ] أَيْ فَالْحَيْضُ لَهُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ حَيْضًا إذَا أَتَاهَا قَبْلَ طُهْرٍ تَامٍّ وَكَانَ انْقِطَاعُهُ أَوَّلًا قَبْلَ تَمَامِ عَادَتِهَا أَوْ

ص: 149

التَّسْوِيَةُ بَيْنَ بَابَيْ الْعِدَّةِ وَالْعِبَادَاتِ فِي أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلَّ الْحَيْضِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَتَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ وَابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصَّ الْمَازِرِيُّ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ التَّحْدِيدُ وَإِسْنَادُ الْحُكْمِ إلَى مَا يَقُولُ النِّسَاءُ أَنَّهُ حَيْضٌ.

(ثُمَّ إذَا انْقَطَعَ) الدَّمُ (عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْمَرْأَةِ الَّتِي عَاوَدَهَا الدَّمُ بَعْدَ الطُّهْرِ بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ أَوْ بِسَاعَةٍ (اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ) وَلَا تَنْتَظِرُ هَلْ يَأْتِيهَا دَمٌ آخَرُ أَمْ لَا، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ الْمُلَفِّقَةِ وَهِيَ الَّتِي تَقَطَّعَ طُهْرُهَا أَيْ تَخَلَّلَهُ دَمٌ فَصَارَتْ تَحِيضُ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ الْفَاصِلِ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهَا صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ تَقَطَّعَ طُهْرٌ لَفَّقَتْ أَيَّامَ الدَّمِ فَقَطْ عَلَى تَفْصِيلِهَا ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ. بَهْرَامُ: تَقَطَّعَ تَخَلَّلَهُ دَمٌ ضَمَّتْ أَيَّامَ الدَّمِ

ــ

[حاشية العدوي]

بَعْدَهَا وَقَبْلَ الِاسْتِظْهَارِ أَوْ قَبْلَ تَمَامِهِ حَتَّى تَتِمَّ مُدَّةُ الِاسْتِظْهَارِ فَتَكُونَ اسْتِحَاضَةً، وَأَمَّا إذَا أَتَى بَعْدَ طُهْرٍ تَامٍّ، وَكَانَ انْقِطَاعُهُ بَعْدَ مَا تَمَادَى بِهَا عَادَتُهَا وَأَيَّامُ الِاسْتِظْهَارِ فَإِنَّهَا تَكُونُ اسْتِحَاضَةً [قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ التَّسْوِيَةُ إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا بَابُ الْعِبَادَةِ فَقَطْ لِقَوْلِهِ تَرَكَتْ الصَّلَاةَ [قَوْلُهُ: لَا حَدَّ لِأَقَلِّ الْحَيْضِ] أَيْ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ، وَمَا بَعْدَهُ هُوَ الرَّاجِحُ.

[قَوْلُهُ: وَتَأْوِيلُ] أَيْ وَمُتَعَلِّقُ تَأْوِيلٍ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَيْ لِلْمُدَوَّنَةِ فَعَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ [قَوْلُهُ: التَّحْدِيدُ] أَيْ بِأَنَّهُ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ [قَوْلُهُ: وَإِسْنَادُ الْحُكْمِ] أَيْ وَالِاعْتِمَادُ فِي حُكْمِنَا بِأَنَّهُ حَيْضٌ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ إنَّهُ حَيْضٌ فَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ إنَّهُ يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ فِي بَابِ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ هَلْ هُوَ يَوْمٌ أَيْ هَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَمَادَى بِهَا الدَّمُ يَوْمًا مَثَلًا أَوْ يُكْتَفَى بِبَعْضِ يَوْمٍ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى السَّاعَةِ الْفَلَكِيَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ وَمِثْلُهُ الْيَوْمَانِ، ثُمَّ انْقَطَعَ فَإِنْ قَالَ النِّسَاءُ إنَّ مِثْلَ ذَلِكَ حَيْضٌ أَجْزَأَتْهَا، وَإِنَّمَا رُجِعَ فِي قَدْرِ الْحَيْضِ لِلنِّسَاءِ لِاخْتِلَافِ الْحَيْضِ فِي النِّسَاءِ بِالنَّظَرِ لِلْبُلْدَانِ، فَقَدْ تَعُدُّ الْعَارِفَاتُ الْيَوْمَ أَوْ الْيَوْمَيْنِ حَيْضًا بِاعْتِبَارِ بَلَدِهِنَّ، وَقَدْ تَعُدُّ عَارِفَاتٌ أُخَرُ أَقَلَّ مِمَّا ذُكِرَ حَيْضًا بِاعْتِبَارِ بَلَدِهِنَّ، وَظَهَرَ مِنْ تَقْرِيرِنَا هَذَا أَنَّ الْيَوْمَيْنِ كَالْيَوْمِ فِي الرُّجُوعِ لِلنِّسَاءِ الْعَارِفَاتِ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ فَإِنْ قَالَتْ النِّسَاءُ إنْ، مِثْلُ ذَلِكَ حَيْضَةٌ أَجْزَأَتْهَا اهـ.

وَيَظْهَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى يَوْمَيْنِ حَيْضٌ قَطْعًا وَلَا يُرْجَعُ فِيهِ لِلنِّسَاءِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ فِيمَا ذُكِرَ جَهَالَةً فِي الْجُمْلَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - التَّحْدِيدُ أَيْ تَحْدِيدٌ مَنْظُورٌ فِيهِ لِقَوْلِ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ تَحْدِيدٌ مُعَيَّنٌ شَرْعِيٌّ لَا يَتَجَاوَزُ، أَوْ تَحْدِيدٌ شَرْعِيٌّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ فَلَكِيَّةٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فَتَدَبَّرْ.

تَنْبِيهٌ قَالَ سَنَدٌ: الْفَرْقُ بَيْنَ بَابِ الْعِبَادَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِالدُّفْعَةِ، وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ احْتِيَاطٌ لِلْأَنْسَابِ وَإِبَاحَةٌ لِلْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ فَشُدِّدَ فِيهَا احْتِيَاطًا، وَالْأَنْسَابُ وَالْفَرْجُ آكِدٌ مِنْ الْعِبَادَةِ لِاجْتِمَاعِ حَقِّ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْعِبَادَةِ فَإِنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَخْ] ظَرْفٌ لِلطُّهْرِ أَيْ طُهْرٌ غَيْرُ تَامٍّ، فَالْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ وَالسَّاعَةُ هُنَا ظَرْفٌ لِلطُّهْرِ بِخِلَافِهِمَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا فَهُمَا ظَرْفَانِ لِلْحَيْضِ [قَوْلُهُ: اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ] إنْ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَا يَعُودُ وَقْتَ الصَّلَاةِ بَلْ بَعْدَهُ أَوْ شَكَتْ فِي ذَلِكَ فَإِنْ عَلِمَتْ بِعَوْدِهِ فِي وَقْتِهَا وَلَوْ الضَّرُورِيَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا غُسْلٌ، فَإِذَا اغْتَسَلَتْ فِي هَذَا الْفَرْضِ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا وَصَلَّتْ، وَلَمْ يَأْتِهَا فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ فَهَلْ تَعْتَدُّ بِتِلْكَ الصَّلَاةِ لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّهَا صَلَّتْهَا وَهِيَ طَاهِرَةٌ أَمْ لَا نَظَرًا إلَى أَنَّهَا صَلَّتْهَا وَهِيَ حَائِضٌ بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ، وَهَذَا كُلُّهُ حَيْثُ جَزَمَتْ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ تَرَدَّدَتْ لَمْ تَعْتَدَّ بِهَا كَمَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ [قَوْلُهُ: فَصَارَتْ تَحِيضُ إلَخْ] الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّلْفِيقَ ثَابِتٌ لَهَا وَلَوْ بِمَجِيءِ الْحَيْضِ مَرَّةً قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ، وَلَمْ تَكُنْ صَيْرُورَةٌ إذْ ذَاكَ [قَوْلُهُ: الْفَاصِلِ] صِفَةٌ لِلتَّمَامِ أَيْ الْفَاصِلِ فَصْلًا مُعْتَدًّا بِهِ [قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلِهَا] أَيْ مِنْ كَوْنِهَا مُعْتَادَةً أَوْ مُبْتَدِئَةً [قَوْلُهُ: وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ] أَيْ فِي أَيَّامِ التَّلْفِيقِ [قَوْلُهُ: ضَمَّتْ أَيَّامَ الدَّمِ] تَفْسِيرٌ لِلَفَّقْت [قَوْلُهُ: فَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا إلَخْ] تَوْضِيحُهُ أَنْ تَقُولَ إنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً فَتُلَفِّقُ

ص: 150

بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا مَا يَحْكُمُ بِأَنَّهُ أَكْثَرُ الْحَيْضِ صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةً، وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي هَلْ يُعَاوِدُهَا دَمٌ أَمْ لَا، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي وَتُوطَأُ وَلَا فَرْقَ عَلَى مَا ذَكَرَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ أَيَّامُ الدَّمِ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيَةً وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ:(وَلَكِنَّ ذَلِكَ) أَيْ الدَّمَ الْمُتَخَلِّلَ (كُلَّهُ كَدَمٍ وَاحِدٍ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ) أَنَّهَا تُلَفِّقُ أَيَّامَ الدَّمِ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ حَتَّى تَنْتَهِيَ لِمَا هُوَ حُكْمُهَا مِنْ عَادَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُسْتَحَاضَةً فِي بَقِيَّةِ عُمْرِهَا.

وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: كَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّمُ أَكْثَرَ وَإِلَّا جَمَعَتْ أَيَّامَ الطُّهْرِ طُهْرًا وَأَيَّامَ الْحَيْضِ حَيْضًا حَقِيقَةً فَتَكُونُ طَاهِرًا حَائِضًا عَلَى قَوْلِهِمَا، وَلَوْ بَقِيَتْ كَذَلِكَ طُولَ عُمْرِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّهَا تَكُونُ حَائِضًا طَاهِرًا فِي الْعِبَادَةِ أَبَدًا بِخِلَافِ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ طَاهِرًا فِيهِمَا (حَتَّى يَبْعُدَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ) بُعْدًا بَيِّنًا بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا زَمَنُ أَقَلِّ الطُّهْرِ، وَهُوَ (مِثْلُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ) عَلَى قَوْلٍ (أَوْ عَشَرَةٍ) أَيْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ عَلَى آخَرَ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا

ــ

[حاشية العدوي]

عَادَتَهَا وَاسْتِظْهَارَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدِئَةً لَفَّقَتْ نِصْفَ شَهْرٍ، فَالْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ هُوَ الْقَدْرُ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ أَيَّامِ عَادَتِهَا وَاسْتِظْهَارِهَا الْمُخْتَلِفِ، ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النِّسَاءِ، فَلَيْسَ لِلْأَكْثَرِيَّةِ حَدٌّ مُعَيَّنٌ مُطَّرِدٌ فِي النِّسَاءِ [قَوْلُهُ: وَتَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ إلَخْ] أَيْ الَّذِي هُوَ زَمَنُ التَّلْفِيقِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَدْرِي] أَيْ فَتَرَجَّحَ جَانِبُ عَدَمِ الْعَوْدِ [قَوْلُهُ: هَلْ يُعَاوِدُهَا] أَيْ فِي الْوَقْتِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا عَلِمَتْ بِأَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا، فَإِذَا عَلِمَتْ بِأَنَّهُ يَأْتِيهَا فِي الْوَقْتِ وَلَوْ الضَّرُورِيَّ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُسْلٌ كَمَا تَقَدَّمَ لَنَا. [قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْ تَكُونَ أَيَّامُ الدَّمِ أَكْثَرَ] كَأَنْ تَحِيضَ يَوْمَيْنِ وَتَطْهُرَ يَوْمًا. [قَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّ] كَأَنْ تَحِيضَ يَوْمًا وَتَطْهُرَ يَوْمَيْنِ وَالْمُسَاوَاةُ ظَاهِرَةٌ [قَوْلُهُ: وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ إلَخْ] قَصَدَ بِذَلِكَ دَفْعَ مَا يَرِدُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَكِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَدَمٍ مِنْ أَنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ الَّتِي هِيَ الْأَطْهَارُ لِأَنَّهَا الْمَنْظُورُ إلَيْهَا مَعَ وَصْفِ الِالْتِفَاتِ لِلدَّمِ، مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ هِيَ الْأَطْهَارُ الَّتِي بَيْنَ الدِّمَاءِ، وَالطُّهْرُ الَّذِي بَيْنَ الدِّمَاءِ لَا يُعْتَبَرُ، وَبَعْدَ ذَلِكَ تَصِيرُ مُسْتَحَاضَةً، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ تَلْفِيقُ الْعَادَةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَصِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةً فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ] مُتَعَلِّقٌ بِالْمُشَبَّهِ وَالتَّقْدِيرُ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ كَدَمٍ وَاحِدٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي وَظَاهِرُ إلَخْ. [قَوْلُهُ: مِنْ عَادَةٍ] هَذَا فِي الَّتِي عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

[قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهَا] وَهُوَ الْخُلُوُّ مِنْ الْعَادَةِ الَّذِي هُوَ حَالُ الْمُبْتَدِئَةِ، وَالْعَادَةُ الَّتِي هِيَ دُونَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَأَيَّامُ الِاسْتِظْهَارِ [قَوْلُهُ: ثُمَّ تَكُونَ مُسْتَحَاضَةً] أَيْ فَإِذَا اجْتَمَعَ مِنْ أَيَّامِ الدَّمِ قَدْرُ عَادَتِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي تت وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْمُسْتَحَاضَةِ. [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ إلَخْ] الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ عَلَى مَا ذَكَرَ [قَوْلُهُ: وَابْنُ الْمَاجِشُونِ] هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونُ، وَالْمَاجِشُونَ أَبُو سَلَمَةَ وَالْمَاجِشُونُ الْوَرْدُ بِالْفَارِسِيَّةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِحُمْرَةٍ فِي وَجْهِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، وَيُقَالُ إنَّهُ عَمِيَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَقَوْلُهُمْ: الْمَذْكُورُ ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَمَعَتْ إلَخْ] تَحْتَهُ صُورَتَانِ مَا إذَا كَانَتْ أَيَّامُ الطُّهْرِ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيَةً وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِجَعَلَتْ أَيْ فَتَكُونُ فِي يَوْمِ الطُّهْرِ طَاهِرًا حَقِيقَةً يَطَؤُهَا زَوْجُهَا، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي، وَفِي يَوْمِ الْحَيْضِ حَائِضًا حَقِيقَةً يُحَرَّمُ مَا ذُكِرَ مِنْ الصَّوْمِ وَغَيْرِهِ.

[قَوْلُهُ: حَائِضًا طَاهِرًا إلَخْ] أَيْ حَيْثُ قَالَ: كَدَمٍ وَاحِدٍ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ، فَيَقْتَضِي أَنَّهَا فِي يَوْمِ الدَّمِ حَائِضٌ تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ، وَفِي يَوْمِ انْقِطَاعِهِ طَاهِرٌ عَلَى الدَّوَامِ وَهَذَا الظَّاهِرُ ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ طَاهِرًا] أَيْ بِحَيْثُ تَعُدُّ الْحَيْضَ الثَّانِيَ حَيْضًا مُسْتَقِلًّا تَحْتَسِبُ بِهِ فِي عِدَّتِهَا أَيْ فَالْمُرَادُ بِالطَّهَارَةِ الْمَنْفِيَّةِ طَهَارَةٌ مُعْتَبَرَةٌ يُعَدُّ الدَّمُ الْآتِي دَمًا مُسْتَقِلًّا تَحْتَسِبُ بِهِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا طَاهِرٌ مِنْ حَيْثُ الْعِبَادَةُ [قَوْلُهُ: مِثْلُ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ] مِثْلُ زَائِدَةٌ [قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلٍ] هُوَ لِسَحْنُونٍ [قَوْلُهُ: عَلَى آخَرَ] هُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا] وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ

[قَوْلُهُ: وَصُورَةُ ذَلِكَ] أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ

ص: 151

(فَ) إذَا بَعُدَ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ (يَكُونَ) الثَّانِي مِنْهُمَا (حَيْضًا مُؤْتَنَفًا) أَيْ مُبْتَدَأً يُعْتَدُّ بِهِ وَحْدَهُ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ

وَصُورَةُ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ إذَا حَاضَتْ ثُمَّ طَهُرَتْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا الدَّمُ فَإِنَّهَا تُضِيفُ الدَّمَ الثَّانِيَ إلَى الْأَوَّلِ وَلَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطُّهْرِ حَتَّى يَكُونَ طُهْرًا فَاصِلًا. ع: وَصُورَتُهُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ عَوِيصٌ؛ لِأَنَّهَا بِنَفْسِ مَا تَرَى أَوَّلَ الدَّمِ خَرَجَتْ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ، وَإِذَا رَأَتْهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَقَدْ بَرِئَ رَحِمُهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِسَيِّدِهَا وَطْؤُهَا فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَقُولَ فَائِدَتُهُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ أَنَّهَا حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ، ثُمَّ طَهُرَتْ ثُمَّ بَاعَهَا فِي الطُّهْرِ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ طُهْرِهَا إلَّا يَوْمَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ أَتَاهَا الدَّمُ فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ هَذَا الدَّمُ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلِهِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَدَمٍ وَاحِدٍ فِي الْعِدَّةِ [قَوْلُهُ: فِي الْعِدَّةِ] أَيْ بِحَسَبِ مَا كَانَتْ تَعْتَقِدُ مِنْ أَنَّ عِدَّتَهَا بِالْأَقْرَاءِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا صَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةً كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ لَا تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ [قَوْلُهُ: ثُمَّ طَهُرَتْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً] الْمُرَادُ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ [قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهَا الدَّمُ] أَيْ قَبْلَ تَمَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ طُهْرِهَا [قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُضِيفُ الدَّمَ الثَّانِيَ إلَى الْأَوَّلِ] أَيْ مَا تُكْمِلُ بِهِ عَادَتَهَا وَالِاسْتِظْهَارَ، ثُمَّ تَصِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةً، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الطُّهْرُ الَّذِي لَمْ يَتِمَّ بَعْدَ تَمَامِ عَادَتِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ فَمَا أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الدَّمِ يَكُونُ اسْتِحَاضَةً [قَوْلُهُ: لَا تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطُّهْرِ] أَيْ بِحَيْثُ لَا تَكُونُ مُطَلَّقَةً فِي الْحَيْضِ بَلْ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُطَلَّقَةِ فِي الْحَيْضِ يُجْبَرُ زَوْجُهَا عَلَى الرَّجْعَةِ. [قَوْلُهُ: حَتَّى يَكُونَ طُهْرًا فَاصِلًا] أَيْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنْ حَصَلَ ذَلِكَ الْقَدْرُ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّجْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا فِي حَيْضٍ [قَوْلُهُ: الِاسْتِبْرَاءِ] الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْمُوَاضَعَةَ وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا.

[قَوْلُهُ: عَوِيصٌ] بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالصَّادِ أَيْ صَعْبٌ تَصْوِيرُهُ أَيْ خَفِيٌّ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْقَامُوسِ. [قَوْلُهُ: خَرَجَتْ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ] حَاصِلُهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ الْمُبْتَاعَةَ إنْ كَانَتْ عَلِيَّةً مُطْلَقًا أَوْ وَخْشًا أَقَرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا، فَإِنَّهَا تَتَوَاضَعُ أَيْ تُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ وَلَا تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ، وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا وَلَمْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا فَإِنَّهَا تَسْتَبْرِئُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِحَيْضَةٍ وَلَا يَقْرَبُهَا إلَّا بَعْدَ تِلْكَ الْحَيْضَةِ وَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ: خَرَجَتْ مِنْ الْمُوَاضَعَةِ نَاظِرٌ لِلْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَإِذَا رَأَتْهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي نَاظِرٌ لِلثَّانِي.

[قَوْلُهُ: فَإِذَا طَهُرَتْ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ] الْمُرَادُ طَهُرَتْ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ بَعْضِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَمَسْأَلَةِ الِاسْتِبْرَاءِ [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِسَيِّدِهَا وَطْؤُهَا] أَيْ فَمُقْتَضَى عَقِبَ الطُّهْرِ أَنَّهَا لَا تُلَفِّقُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى التَّلْفِيقِ عَدَمُ الْحِلِّيَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ يَأْتِي الْحَيْضُ قَبْلَ تَمَامِ الطُّهْرِ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِسَيِّدِهَا] أَيْ الْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ صُورَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَصُورَةِ الِاسْتِبْرَاءِ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَقُولَ إلَخْ] هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ، وَتَمَامُهُ قَوْلُهُ: وَلَيْسَ ذَلِكَ بِطُهْرٍ. [قَوْلُهُ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِبْرَاءَ يَتَعَلَّقُ بِالْبَائِعِ وَحْدَهُ، فَهُوَ غَيْرُ الْمُوَاضَعَةِ الَّتِي تَكُونُ الْجَارِيَةُ فِيهَا عِنْدَ الْأَمِينِ وَغَيْرُ الِاسْتِبْرَاءِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: فَإِذَا رَأَتْهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِبْرَاءٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُشْتَرِي. [قَوْلُهُ: حَاضَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ] أَيْ الْحَيْضُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَصْدِ الْبَيْعِ، أَوْ اتِّفَاقِيٌّ إذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ قَبْلَ الْبَيْعِ إذَا كَانَ وَطْءُ الْجَارِيَةِ عَلَى مَا بَيَّنَ فِي شُرَّاحِ خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: ثُمَّ طَهُرَتْ] أَيْ قَبْلَ تَمَامِ عَادَتِهَا، وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِ عَادَتِهَا وَقَبْلَ الِاسْتِظْهَارِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَمَامِهِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْدَ تَمَامِهِ فَقَدْ تَمَّ الْأَمْرُ فَمَا أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ دَمُ اسْتِحَاضَةٍ فَلَا تَسْتَبْرِئُ بِالْقُرْءِ.

[قَوْلُهُ: فَلَمْ يَبْقَ مِنْ طُهْرِهَا] أَيْ الطُّهْرِ الْمُعْتَبَرِ وَهُوَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. [قَوْله: إلَّا يَوْمَانِ] أَوْ ثَلَاثَةٌ مَثَلًا [قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَاهَا الدَّمُ] أَيْ قَبْلَ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ، وَالْمُرَادُ أَتَاهَا الدَّمُ قَبْلَ مُضِيِّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ] أَيْ لِلْبَائِعِ هَذَا الدَّمُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ فَأَنْتَ بِعْتهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ الْوَاجِبِ عَلَيْك، وَهُوَ إمَّا مُضِيُّ حَيْضَتِهَا وَاسْتِظْهَارِهَا أَوْ مُضِيُّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَائِضًا فِي الْمُبْتَدِئَةِ وَالْمُعْتَادَةِ ذَلِكَ الْقَدْرُ، أَوْ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ مَا ذُكِرَ لَكِنْ تَمْضِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طَاهِرًا

ص: 152

الْأَوَّلِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِطُهْرٍ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ الْمُسْتَحَاضَةِ فَقَالَ: (وَمَنْ تَمَادَى بِهَا الدَّمُ بَلَغَتْ) أَيْ مَكَثَتْ (خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا) هَذَا إذَا كَانَتْ مُبْتَدَأَةً؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْحَيْضِ فِي حَقِّهَا (ثُمَّ هِيَ) بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُحْكَمُ لَهَا بِأَنَّهَا (مُسْتَحَاضَةٌ) مُمَيِّزَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ، وَثَمَرَةُ ذَلِكَ أَنَّهَا تَطْهُرُ أَيْ تَغْتَسِلُ، ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ مُمَيِّزَةً أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ، وَاَلَّذِي فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ إنْ كَانَتْ تُمَيِّزُ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ، وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ فَغُسْلُهَا عِنْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهَا بِالِاسْتِحَاضَةِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ بِيعَتْ بَعْدَ حَيْضَتِهَا فِي طُهْرٍ عَقِبَهُ مَثَلًا بِدُونِ اسْتِظْهَارٍ، ثُمَّ جَاءَهَا الدَّمُ قَبْلَ تَمَامِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَإِنَّهَا تَضُمُّ هَذَا الدَّمَ لِلْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَادَتُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَحَاضَتْهَا، وَلَمْ تَكُنْ مُبْتَدِئَةً تَحِيضُ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا الْوَاجِبِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ وَطِئَهَا كَمَا قُلْنَا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: فَيُقَالُ لَهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ قَرِيبًا، أَيْ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: هَذَا الدَّمُ مِنْ تَتِمَّةِ الْأَوَّلِ الْوَاجِبِ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ بَيْعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا تَكْتَفِ بِهِ فِي حِلِّيَّةِ وَطْءِ الْجَارِيَةِ لَك بَلْ لَا بُدَّ لَك مِنْ اسْتِبْرَاءٍ آخَرَ، أَيْ فَتَتَوَاضَعُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ وَلَا تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ بَائِعِهَا حَتَّى تَرَى الدَّمَ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ وَطِئَ الْجَارِيَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَاءٍ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا يَعْتَمِدُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ الِاسْتِبْرَاءِ لَا بَلْ مِنْ مُوَاضَعَةٍ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَجْلِ حِلِّيَّةِ الْوَطْءِ لَهُ، نَعَمْ يَجُوزُ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى وَضْعِ الْجَارِيَةِ عِنْدَ أَمِينٍ لِتَحِيضَ عِنْدَهُ حَيْضَةً، فَتُجْزِئُ عَنْ الْحَيْضَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْحَيْضَةِ الْمُوجِبَةِ لِحِلْيَةِ وَطْءِ الْمُشْتَرِي لَهَا كَانَتْ الْحَيْضَةُ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْبَائِعِ وَطْءٌ لِلْجَارِيَةِ وَتَيَقَّنَ بَرَاءَةَ رَحِمِهَا، ثُمَّ بَاعَهَا فَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ فَتَتَوَاضَعُ تَحْتَ أَمِينٍ، وَلَا تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى تَرَى الدَّمَ، وَيَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي وَطْؤُهَا بَعْدَ الطُّهْرِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَلَا تَحِلُّ لَهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ عَلَى تَفْصِيلِهِ الْمَذْكُورِ فِي مَحَلِّهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَفَادَهُ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ إلَّا فِي صُورَةٍ لَا تَلْفِيقَ فِيهَا بِأَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ الْحَيْضِ وَالِاسْتِظْهَارِ أَوَّلًا، وَلَكِنْ تَمْضِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا طَاهِرًا بَعِيدًا غَايَةَ الْبُعْدِ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ بِذَلِكَ

فَالظَّاهِرُ مَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي السَّيِّدِ إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ إذَا انْقَطَعَ قَبْلَ حُصُولِ مَا يَكْفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَهُوَ يَوْمٌ أَوْ بَعْضُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا حَتَّى يُعَاوِدَهَا وَيَمْضِيَ مَا هُوَ كَافٍ فِي الِاسْتِبْرَاءِ، وَأَمَّا لَوْ انْقَطَعَ الدَّمُ أَوَّلًا بَعْدَ حُصُولِ مَا يَكْفِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَهُوَ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْبَيْعُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: يُحْكَمُ لَهَا بِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ] أَيْ ابْتِدَاءً [قَوْلُهُ: مُمَيِّزَةً كَانَتْ إلَخْ] لَيْسَ الْمُرَادُ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ مُمَيِّزَةً عَقِبَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الَّتِي حُكِمَ لَهَا أَيْ لِلْمُبْتَدِئَةِ بِأَنَّهَا دَمُ حَيْضٍ، بَلْ الْمُرَادُ مُمَيِّزَةً عَقِبَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الْمُعْتَبَرَةِ أَيَّامَ اسْتِحَاضَةٍ لَا حَيْضٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الطُّهْرِ الَّذِي مِنْهُ أَيَّامُ الِاسْتِحَاضَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا.

[قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ إلَخْ] يَتَبَادَرُ مِنْ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْغُسْلِ عَقِبَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمَعْدُودَةِ أَيَّامَ حَيْضٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مُمَيِّزَةً عَقِبَهَا أَمْ لَا كَالْعِبَارَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا ذَكَرَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ وَتَصِيرُ طَاهِرًا أَبَدًا، وَظَاهِرُهُ أَيْ ظَاهِرُ كَوْنِهَا طَاهِرًا أَبَدًا سَوَاءٌ كَانَتْ مُمَيِّزَةً عَقِبَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الْمُعْتَبَرَةِ أَيَّامَ اسْتِحَاضَةٍ فَهَذَا التَّعْمِيمُ عَيْنُ الْأَوَّلِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ فَلَا حَاجَةَ لَهُ، وَهَذَا الظَّاهِرُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْجَوَاهِرِ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ تُمَيِّزُ مَا بَيْنَ الدَّمَيْنِ] أَيْ بِرَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِقَّةٍ أَوْ ثِخَنٍ لَا بِكَثْرَةٍ أَوْ قِلَّةٍ؛ لِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَلَا بِصُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ، وَأَرَادَ بِالدَّمَيْنِ الدَّمَ الْحَاصِلَ بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الَّتِي هِيَ أَيَّامُ الْحَيْضِ، وَالدَّمَ الْآتِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الدَّمُ الْحَاصِلُ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَيْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ قَبْلَ تَمَامِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الَّتِي اُعْتُبِرَتْ طُهْرًا هُنَا لَغْوٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ اسْتَمَرَّ بَعْدَ أَيَّامِ الْحَيْضِ الَّتِي هِيَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ تَغَيَّرَ بِكَثْرَةٍ أَوْ قِلَّةٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَيَّزَتْ أَنَّهُمَا حَيْضٌ فَهُوَ دَمُ

ص: 153

مُجْزٍ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي كَوْنِ غُسْلِهَا هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَالْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى الِاسْتِحَاضَةِ وَصِفَةِ دَمِهَا.

(وَ) مِنْ ثَمَرَتِهِ أَيْضًا أَنَّهَا (تَصُومُ وَتُصَلِّي وَيَأْتِيهَا) أَيْ يَطَؤُهَا (زَوْجُهَا) ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الطَّاهِرِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِقَوْلِنَا إذَا كَانَتْ مُبْتَدَأَةً احْتِرَازًا مِنْ الْمُعْتَادَةِ فَإِنَّ فِيهَا تَفْصِيلًا؛ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تَخْتَلِفَ عَادَتُهَا أَوْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ اسْتَظْهَرَتْ عَلَى عَادَتِهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَا لَمْ تُجَاوِزْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ اسْتَظْهَرَتْ عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا مِثْلُ أَنْ تَحِيضَ فِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَفِي بَعْضِهَا خَمْسَةً اسْتَظْهَرَتْ عَلَى الْعَشَرَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْحَائِضِ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى النُّفَسَاءِ فَقَالَ (وَإِذَا انْقَطَعَ دَمُ النُّفَسَاءِ) بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمَدِّ عَلَى وَزْنِ عُشَرَاءَ وَنُفَسَاءَ عَلَى وَزْنِ حَمْرَاءَ، وَنُفَسَاءَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ جَمِيعًا الْمَرْأَةُ الَّتِي وَلَدَتْ، وَالنِّفَاسُ بِكَسْرِ النُّونِ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ لُغَةً، وَشَرْعًا وَيُعْرَفُ انْقِطَاعُهُ بِمَا يُعْرَفُ بِهِ انْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ مِنْ الْقَصَّةِ وَالْجُفُوفِ، وَإِذَا تَحَقَّقَ انْقِطَاعُهُ بِمَا ذُكِرَ فَإِنْ كَانَ (بِقُرْبِ الْوِلَادَةِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا خُرُوجُ الْوَلَدِ (اغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ) وَتَنْوِي بِغُسْلِهَا الطُّهْرَ مِنْ الدَّمِ، فَلَوْ نَوَتْ الطُّهْرَ مِنْ خُرُوجِ الْوَلَدِ لَمْ يُجْزِهَا وَتُعِيدُ كُلَّ مَا صَلَّتْ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ

ــ

[حاشية العدوي]

اسْتِحَاضَةٍ وَلَوْ طُولَ عُمْرِهَا، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ رَائِحَةٍ أَوْ لَوْنٍ غَيْرِ الصُّفْرَةِ وَالْكُدْرَةِ أَوْ تَغَيَّرَ بِالرِّقَّةِ وَالثِّخَنِ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مَعْدُودَةٍ بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الْمُعْتَبَرَةِ أَيَّامَ الْحَيْضِ، فَيَكُونُ دَمَ حَيْضٍ فَتَمْكُثُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا حَائِضًا ثُمَّ تَغْتَسِلُ بَعْدَ ذَلِكَ وَتَصُومُ وَتُصَلِّي، وَبَعْدَ ذَلِكَ الدَّمُ اسْتِحَاضَةٌ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ] أَيْ بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الْمُعَدَّةِ اسْتِحَاضَةً بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الْمُعَدَّةِ حَيْضًا كَمَا وَضَّحْنَاهُ فَإِنَّهَا تَمْكُثُ مُسْتَحَاضَةً أَبَدًا. [قَوْلُهُ: فَغُسْلُهَا عِنْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهَا] أَيْ غُسْلُهَا أَوَّلًا عَقِبَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الْأُوَلِ الَّتِي عُدَّتْ حَائِضًا فِيهِنَّ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي كَوْنِ غُسْلِهَا] أَيْ غُسْلِ الْمُسْتَحَاضَةِ إذَا انْقَطَعَ دَمُ الِاسْتِحَاضَةِ [قَوْلُهُ: هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ] تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ [قَوْلُهُ: وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا] أَيْ يَطَؤُهَا زَوْجُهَا [قَوْلُهُ: لِأَنَّ حُكْمَهَا حِينَئِذٍ حُكْمُ الطَّاهِرِ] أَيْ الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهَا دَمٌ أَصْلًا فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا طَاهِرٌ حَقِيقَةً [قَوْلُهُ: اسْتَظْهَرَتْ عَلَى عَادَتِهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ] فَإِذَا كَانَتْ عَادَتُهَا عَشَرَةً مَثَلًا اسْتَظْهَرَتْ بِثَلَاثَةٍ، وَثَلَاثَةَ عَشَرَ اسْتَظْهَرَتْ بِيَوْمَيْنِ، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ اسْتَظْهَرَتْ بِيَوْمٍ، وَخَمْسَةَ عَشَرَ لَا تَسْتَظْهِرُ بِشَيْءٍ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: مَا لَمْ تُجَاوِزْ وَحَيْثُ اسْتَظْهَرَتْ بِثَلَاثِهِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَتَصِيرُ بَعْدَ ذَلِكَ مُسْتَحَاضَةً فَإِنْ لَمْ تُمَيِّزْ أَبَدًا أَوْ مَيَّزَتْ بِقِلَّةٍ أَوْ كَثْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ أَوْ كُدْرَةٍ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ بَقِيَّةَ عُمْرِهَا، وَإِنْ مَيَّزَتْ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الَّتِي هِيَ أَيَّامُ الِاسْتِحَاضَةِ بِثِخَنٍ أَوْ رِقَّةٍ أَوْ رَائِحَةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَتَكُونُ حَائِضًا فَتَمْكُثُ عَادَتَهَا دُونَ اسْتِظْهَارٍ إنْ انْتَقَلَ بَعْدَ أَيَّامِ الْعَادَةِ إلَى صِفَةِ دَمِ الِاسْتِحَاضَةِ، وَإِلَّا اسْتَظْهَرَتْ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ هَذَا مُحَصَّلُ مَا ذَكَرُوهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

[قَوْلُهُ: عَلَى أَكْثَرِ عَادَتِهَا] أَيْ زَمَنًا كَمَا أَفَادَهُ تَمْثِيلُهُ لَا وُقُوعًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَكْثَرُ سَابِقًا أَوْ مُتَأَخِّرًا وَمُدَّةُ الِاسْتِظْهَارِ تَصِيرُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَادَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ

[قَوْلُهُ: نُفَسَاءُ عَلَى وَزْنِ عُشَرَاءَ] الْجَمْعُ نِفَاسٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَا هُوَ فُعَلَاءُ، وَيُجْمَعُ عَلَى فَعَالٍ غَيْرُ نُفَسَاءَ وَعُشَرَاءَ، وَيُجْمَعَانِ عَلَى نُفَسَاوَاتٍ وَعُشَرَاوَاتٍ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَفَتْحِ ثَانِيهِمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ [قَوْلُهُ: بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ] ظَاهِرُهُ بِدُونِ مَدٍّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ بِالْمَدِّ [قَوْلُهُ: بِقُرْبِ الْوِلَادَةِ] إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهِ كَالْحَيْضِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الزَّمَنِ، وَلَهُ أَقَلُّ بِاعْتِبَارِ الْخَارِجِ وَهُوَ الدُّفْعَةُ مِثْلُ الْحَيْضِ [قَوْلُهُ: وَتَنْوِي بِغُسْلِهِ إلَخْ] وَكَذَا إذَا نَوَتْ النِّفَاسَ وَأَطْلَقَتْ كَفَاهَا ذَلِكَ قَالَهُ عج، ثُمَّ إنَّ عج رحمه الله بَحَثَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ نِيَّتُهَا الْمُعْتَبَرَةُ إنَّمَا هِيَ رَفْعُ الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا مَرَّ فِي الْجَنَابَةِ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ وَنَوَتْ رَفْعَ الْحَدَثِ مِنْ خُرُوجِ الدَّمِ اهـ.

[قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَتْ الطُّهْرَ مِنْ خُرُوجِ إلَخْ] وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ النِّفَاسَ هُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ لِلْوَلَدِ، فَلَوْ نَوَتْ الطُّهْرَ مِنْ خُرُوجِ الْوَلَدِ فَقَدْ نَوَتْ الطُّهْرَ مِنْ غَيْرِ النِّفَاسِ قَالَهُ عج،

ص: 154

وَلَدًا جَافًّا لَا غُسْلَ عَلَيْهَا، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَ إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا أَكْثَرُهُ فَلَهُ حَدٌّ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَمَادَى بِهَا) أَيْ بِالنُّفَسَاءِ (الدَّمُ جَلَسَتْ سِتِّينَ لَيْلَةً) عَلَى الْمَشْهُورِ (ثُمَّ) إنْ اسْتَمَرَّ بَعْدَ السِّتِّينَ أَوْ انْقَطَعَ ثُمَّ عَاوَدَهَا قَبْلَ مِقْدَارِ الطُّهْرِ لَا تَسْتَظْهِرُ وَاغْتَسَلَتْ وَ (كَانَتْ مُسْتَحَاضَةً) ع: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ (تُصَلِّي وَتَصُومُ وَتُوطَأُ) سَوَاءٌ كَانَتْ تُمَيِّزُ أَمْ لَا، فَإِنْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ، وَجَلَسَتْ شَهْرًا مَثَلًا مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ قَضَتْ مَا فَاتَهَا مِنْ الصَّلَاةِ، وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِعَادَةُ، أَمَّا إنْ انْقَطَعَ الدَّمُ بَعْدَ السِّتِّينَ وَعَاوَدَهَا بَعْدَ مِقْدَارِ الطُّهْرِ فَهُوَ دَمُ الْحَيْضِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُوجِبَاتِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ عَقَّبَ ذَلِكَ بِمَا يَكُونَانِ بِهِ فَقَالَ:

ــ

[حاشية العدوي]

وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَجِبُ إلَّا إذَا كَانَ مَعَ الْوَلَدِ دَمٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا يَقُولُهُ الشَّارِحُ فَيُجْزِئُ، وَلَوْ نَوَتْ بِغُسْلِهَا الْوَلَدَ كَانَ مَعَ الْوَلَدِ دَمٌ أَمْ لَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَ الْوَلَدِ دَمٌ نَوَتْ الْغُسْلَ مِنْ الدَّمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا تَلَاعُبٌ فَلَا يُجْزِئُ [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] كَلَامُهُ هَذَا يَقْتَضِي وُجُودَ خِلَافٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَكَلَامُ بَهْرَامَ يُفِيدُ أَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ. [قَوْلُهُ: سِتِّينَ لَيْلَةً] أَيْ مَعَ يَوْمِ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهَا تَمْكُثُ سِتِّينَ يَوْمًا، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تَسْأَلُ النِّسَاءَ [قَوْلُهُ: أَوْ انْقَطَعَ] أَيْ بَعْدَ السِّتِّينَ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْتَمَرَّ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ شَامِلٌ لَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى فَهِيَ مَدْلُولَةٌ لَهُ فَقَطْ.

[قَوْلُهُ: قَبْلَ مِقْدَارِ الطُّهْرِ] أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا [قَوْلُهُ: لَا تَسْتَظْهِرُ] رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ أَعْنِي الِاسْتِمْرَارَ بَعْدَ السِّتِّينَ أَوْ الِانْقِطَاعَ الْمَذْكُورَ [قَوْلُهُ: وَاغْتَسَلَتْ] أَيْ عِنْدَ تَمَامِ السِّتِّينَ [قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ تُمَيِّزُ أَمْ لَا] هَذَا كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ تُصَلِّي سَوَاءٌ كَانَتْ تُمَيِّزُ أَمْ لَا اهـ.

أَيْ كَانَتْ تُمَيِّزُ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا مِنْ السِّتِّينَ أَمْ لَا، هَذَا مَعْنَاهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ. وَالرَّاجِحُ مَا أَفَادَهُ زَرُّوقٌ وَهُوَ أَنَّهَا إنْ مَيَّزَتْ يَكُونُ ذَلِكَ حَيْضًا كَمَا إذَا انْقَطَعَ عِنْدَ السِّتِّينَ وَأَتَاهَا بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَنَصُّ زَرُّوقٍ قَوْلُهُ تُصَلِّي إلَخْ يَعْنِي كَمُسْتَحَاضَةِ الْحَيْضِ مَا لَمْ تُمَيِّزْ اهـ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَتْ الْحُكْمَ] هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا وَنِهَايَتُهُ قَوْلُهُ وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِعَادَةُ [قَوْلُهُ: وَجَلَسَتْ شَهْرًا] أَيْ بَعْدَ السِّتِّينَ [قَوْلُهُ: قَضَتْ مَا فَاتَهَا مِنْ الصَّلَاةِ] هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لَهَا الْإِعَادَةُ ضَعِيفٌ، وَانْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ الْقَوْلِ فَإِنْ كَانَ قَوْلٌ بِأَنَّهَا تَمْكُثُ تِسْعِينَ مَثَلًا إذَا اسْتَمَرَّ لَا أَزِيدُ وَلَمْ أَرَهُ، فَالْحُكْمُ بِالِاسْتِحْبَابِ مُرَاعَاةً لَهُ ظَهَرَ لَهُ وَجْهٌ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ.

قَالَ الْحَطَّابُ: وَلَا خِلَافَ أَعْلَمُهُ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ أَنَّهَا تَغْتَسِلُ اهـ. نَعَمْ لِمَالِكٍ أَنَّهُ يُرْجَعُ لِلنِّسَاءِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، لَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ النِّسَاءِ لِقِصَرِ أَعْمَارِهِنَّ وَقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِنَّ، وَقَدْ سُئِلْنَ قَدِيمًا فَقُلْنَ مِنْ السِّتِّينَ إلَى السَّبْعِينَ حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَحَكَى الْبَاجِيُّ عَنْهُ أَنَّ أَقْصَاهُ سِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ انْتَهَى.

خَاتِمَةٌ:

إذَا انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ فَإِنَّهَا تُلَفِّقُ السِّتِّينَ يَوْمًا مُبْتَدِئَةً أَوْ مُعْتَادَةً فَلَيْسَتْ كَالْحَائِضِ، وَمَحَلُّ التَّلْفِيقِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الدَّمَيْنِ طُهْرٌ تَامٌّ وَإِلَّا كَانَ الثَّانِي حَيْضًا.

ص: 155