الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ [26 -
بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ]
وَيُقَالُ لِلْمُخْرَجِ فِطْرَةٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ لَا غَيْرُ لِأَنَّهَا مِنْ الْفِطْرَةِ الَّتِي هِيَ الْخِلْقَةُ أَيْ: زَكَاةُ الْخِلْقَةِ، وَفِي بَيَانِ مَنْ تُؤَدَّى عَنْهُ وَالْمُؤَدِّي وَبَيَانِ جِنْسِهَا وَصِفَتِهَا وَقَدْرِهَا شُرِعَتْ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ.
وَبَدَأَ بِحُكْمِهَا فَقَالَ: (وَزَكَاةُ الْفِطْرِ سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ) أَيْ مُؤَكَّدَةٌ مَا ذُكِرَ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَاجِبَةٌ نَقَلَ ك عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ.
قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْوُجُوبُ وَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: (فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم) فَقِيلَ: مَعْنَاهُ قَدَّرَهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَوْجَبَهَا وَعَلَيْهِ مَشَى صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ. وَقَوْلُهُ: (عَلَى كُلِّ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّةٍ وَقَوْلُهُ: (مِنْ الْمُسْلِمِينَ) بَيَانٌ لِكُلِّ كَبِيرٍ وَمَا بَعْدَهُ، وَاعْتَرَضَ ع قَوْلَهُ: أَوْ عَبْدٍ بِأَنَّ ظَاهِرَهُ وُجُوبُهَا عَلَى الْعَبْدِ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ مَالِكٌ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ عَلَى بِمَعْنَى عَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ]
بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ [قَوْلُهُ: حُكْمُ زَكَاةِ الْفِطْرِ] أَيْ فِي بَيَانِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَهِيَ مَصْدَرًا إعْطَاءُ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ لِقُوتِ يَوْمِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ أَوْ جُزْأَهُ، وَاسْمَا صَاعٍ مِنْ الْغَالِبِ الْقُوتِ أَوْ جُزْؤُهُ يُعْطِي مُسْلِمًا فَقِيرَ الْقُوتِ يَوْمَ الْفِطْرِ.
[قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْفَاءِ] أَيْ فِطْرَةٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْفَاكِهَانِيِّ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مِنْ الْفِطْرَةِ] أَيْ لِأَنَّ فِطْرَةَ أَيْ اسْمَهَا وَهُوَ لَفْظُ فِطْرَةٍ مَنْقُولٌ مِنْ اسْمِ الْفِطْرَةِ وَهِيَ الْخِلْقَةُ، أَيْ وَلَفْظُ فِطْرَةٍ الَّذِي هُوَ اسْمُ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِكَسْرِ الْفَاءِ. [قَوْلُهُ: أَيْ زَكَاةُ الْخِلْقَةِ] لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ، فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ لِأَنَّ لَفْظَ زَكَاةٍ لَمْ يُضَفْ لِلْفِطْرَةِ لَمْ يَقُلْ زَكَاةُ الْفِطْرَةِ حَتَّى يَأْتِيَ ذَلِكَ [قَوْلُهُ: وَفِي بَيَانِ مَنْ تُؤَدَّى عَنْهُ] وَهُوَ كُلُّ مُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ: وَالْمُؤَدِّي بِكَسْرِ الدَّالِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمُؤَدِّيَ تَارَةً يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ وَتَارَةً عَنْ غَيْرِهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: وَبَيَانِ جِنْسِهَا] أَيْ أَنَّهَا مِنْ الْأَنْوَاعِ التِّسْعَةِ. [قَوْلُهُ: وَصِفَتِهَا] أَيْ أَنَّهَا تَكُونُ مِنْ الْأَغْلَبِ. [قَوْلُهُ: طُهْرَةً إلَخْ] أَنَّ تَطْهِيرًا لِلصَّائِمِ أَيْ لِأَجْلِ تَطْهِيرِهِ فَهُوَ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ. [قَوْلُهُ: مِنْ اللَّغْوِ] اللَّغْوُ الْكَلَامُ اللَّاغِي أَيْ السَّاقِطُ الَّذِي لَا ثَمَرَةَ فِيهِ، وَالرَّفَثُ هُوَ الْفُحْشُ فِي الْكَلَامِ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمِصْبَاحِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ تَأَمَّلْ [قَوْلُهُ: وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ] الطُّعْمَةُ الْمَأْكَلَةُ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَأَرَادَ بِهَا الْإِطْعَامَ أَيْ شُرِعَتْ لِأَجْلِ إطْعَامِ الْمَسَاكِينِ.
وَقَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ: بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قُوتٌ لَهُمْ فِي يَوْمِ الْعِيدِ لِيَكُونَ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ مُتَسَاوِيَيْنِ يَوْمَ الْعِيدِ فِي وِجْدَانِ الْقُوتِ. [قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: فَقِيلَ مَعْنَاهُ قَدْرُهَا] أَيْ فَيَكُونُ مَارًّا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ كَبِيرٍ وَعَلَى الْأَصَاغِرِ، فَإِنَّ الشَّيْخَ يَسْتَعْمِلُ عَلَى فِيمَا دُونَ الْوَاجِبِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَةُ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ» .
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ صَاعًا هَكَذَا رُوِيَ بِالنَّصْبِ حَالًا. وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ صَاعٌ وَلَيْسَ خَبَرًا لِصَدَقَةٍ وَإِنَّمَا خَبَرُهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. [قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِسُنَّةٍ] أَيْ أَوْ بِفَرْضٍ. [قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُلْ بِهِ مَالِكٌ] أَيْ وَإِنَّمَا قَالَ بِذَلِكَ أَهْلُ الظَّاهِرِ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ]
وَأَوْفَى كَلَامَهُ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ، وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ سُنِّيَّتُهَا أَوْ وُجُوبُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِمَنْ فَضَلَ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ مَعَ صَاعٍ إنْ كَانَ وَحْدَهُ أَوْ قُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ مَعَ صَاعٍ إنْ كَانَ لَهُ عِيَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى صَاعٍ بَلْ عَلَى بَعْضِهِ أَخْرَجَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ صَاعٌ وَلَا جُزْؤُهُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ وَوَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ تَسَلَّفَ وَأَخْرَجَ، وَالصَّدَقَةُ الَّتِي فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (صَاعٌ) بِالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهَا قَدْرُهَا صَاعٌ، وَفِي رِوَايَةٍ صَاعًا بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ فَرَضَ وَالصَّاعُ الْمَفْرُوضُ مُخْرَجٌ (عَنْ كُلِّ نَفْسٍ بِصَاعِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) هُوَ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّهِ صلى الله عليه وسلم.
(وَ) الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ إنَّمَا (تُؤَدَّى مِنْ جُلِّ) أَيْ غَالِبِ (عَيْشِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ) الَّذِي الْمُزَكِّي مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ قُوتُهُمْ مِثْلَ قُوتِهِ أَوْ أَدْنَى أَوْ أَعْلَى، فَإِنْ كَانَ قُوتُهُ أَعْلَى مِنْ قُوتِهِمْ وَأَخْرَجَ مِنْهُ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ كَانَ دُونَ قُوتِهِمْ وَأَخْرَجَ مِنْهُ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِفَقْرٍ أَوْ عَادَةٍ كَأَهْلِ الْبَادِيَةِ فَإِنَّ عَادَتَهُمْ أَكْلُ الشَّعِيرِ بِالْحَاضِرَةِ مَلِيُّهُمْ وَفَقِيرُهُمْ أَجْزَأَهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ شُحًّا فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ اتِّفَاقًا، ثُمَّ فَسَّرَ الْجُلَّ الَّذِي تُؤَدَّى مِنْهُ بِقَوْلِهِ:(مِنْ بُرٍّ) وَهُوَ الْحِنْطَةُ (أَوْ شَعِيرٍ أَوْ سُلْتٍ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ تَقَدَّمَ أَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الشَّعِيرِ لَيْسَ لَهُ قِشْرٌ كَالْحِنْطَةِ (أَوْ تَمْرٍ أَوْ أَقِطٍ) بِفَتْحِ
ــ
[حاشية العدوي]
مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يَتَعَلَّقُ وَمُقَابِلُهُ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا، فَإِنْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهَا سَقَطَتْ عَنْهُ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ. [قَوْلُهُ: بِمَنْ فَضَلَ إلَى آخِرِهِ] الْمُنَاسِبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يَقُولَ: بِمَنْ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ فِي يَوْمِهِ صَاعٌ إنْ كَانَ وَحْدَهُ أَوْ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ صَاعٌ إنْ كَانَ لَهُ عِيَالٌ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْوَاجِبِ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ:
تَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ دَارٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ كُتُبٌ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ فَيَبِيعُهُ لِأَدَائِهَا. [قَوْلُهُ: وَوَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ] أَيْ حَيْثُ كَانَ يَرْجُو الْوَفَاءَ أَوْ يَعْلَمُ مَنْ يَتَسَلَّفُ مِنْهُ [قَوْلُهُ: صَاعٌ إلَخْ] وَالصَّاعُ الَّذِي لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ أَرْبَعُ حَفَنَاتٍ يَكْفِي الرَّجُلَ الَّذِي لَيْسَ بِعَظِيمِ السَّكْفِينِ وَلَا غَيْرِهِمَا، وَقَدْرُ الصَّاعِ بِالْكَيْلِ الْمِصْرِيِّ قَدَحٌ وَثُلُثٌ كَمَا قَرَّرَهُ عج، فَعَلَى تَحْرِيرِهِ الرُّبْعُ الْمِصْرِيُّ يُجْزِئُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْخَاصٍ، وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى الصَّاعِ إذَا كَانَتْ مُحَقَّقَةً وَقُصِدَ بِهَا الِاسْتِظْهَارُ عَلَى الشَّارِعِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ لَا عَلَى أَنَّ الْأَجْزَاءَ يُتَوَقَّفُ عَلَيْهَا فَلَا كَرَاهَةَ.
[قَوْلُهُ: أَيْ غَالِبِ إلَخْ] هَلْ الْمُرَادُ عَيْشُ الْبَلَدِ فِي جَمِيعِ الْعَامِ أَوْ فِي خُصُوصِ رَمَضَانَ.
قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَكَانَ شَيْخُنَا يُعْجِبُهُ اعْتِبَارُهُ فِي خُصُوصِ رَمَضَانَ، لِأَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةٌ لِلصَّائِمِينَ فَيُعْتَبَرُ مَا يُؤْكَلُ فِيهِ. [قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ] ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ فِي الْعَادَةِ، وَمُفَادُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا فِيمَا إذَا اقْتَاتَ الْأَدْوَنَ لِفَقْرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ، وَذَكَرَ عج أَنَّهُ إذَا اقْتَاتَ الْأَدْنَى لِكَسْرِ نَفْسِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْأَعْلَى فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ. [قَوْلُهُ: مِنْ بُرٍّ] اعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ خَمْسٌ أَحَدُهَا: وُجُودُ التِّسْعَةِ مَعَ اقْتِيَاتِ جَمِيعِهَا سَوِيَّةً فَيُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيّهَا شَاءَ.
ثَانِيهَا: وُجُودُهَا مَعَ غَلَبَةِ اقْتِيَاتِ وَاحِدٍ مِنْهَا فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ.
ثَالِثُهَا: وُجُودُهَا أَوْ بَعْضِهَا مَعَ غَلَبَةِ اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا فَيَجِبُ مِنْهَا تَخْيِيرًا إنْ تَعَدَّدَ، وَلَا يُنْظَرُ لِمَا كَانَ غَلَبًا قَبْلَ تَرْكِهَا وَوَاجِبًا إنْ انْفَرَدَ وَلَوْ اُقْتِيتَ نَادِرًا.
رَابِعُهَا: فَقْدُ جَمِيعِهَا مَعَ غَلَبَةِ اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا فَمِمَّا غَلَبَ.
خَامِسُهَا: فَقْدُ جَمِيعِهَا مَعَ اقْتِيَاتِ غَيْرِهَا مِنْ مُتَعَدِّدٍ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةِ شَيْءٍ مِنْهُ فَيُخَيَّرُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَنَا فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْأَغْلَبِ أَيْ فَلَا يُجْزِئُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ غَيْرِ الْأَغْلَبِ إنْ كَانَ أَدْنَى، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَعْلَى أَوْ مُسَاوِيًا فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَأَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْ اللَّحْمِ وَاللَّبَنِ وَشَبَهِهِمَا مِقْدَارُ عَيْشِ الصَّاعِ مِنْ الْقَمْحِ كَذَا كَانَ يُفْتِي
الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ، وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا مَعَ فَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ لَبَنٌ يَابِسٌ غَيْرُ مَنْزُوعِ الزُّبْدِ (أَوْ زَبِيبٍ أَوْ دُخْنٍ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ مَضْمُومَةٍ. (أَوْ ذُرَةٍ) بِضَمِّ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ حَبٌّ مَعْرُوفٌ (أَوْ أُرْزٍ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ عَلَى أَحَدِ لُغَاتِهِ حَبٌّ مَعْرُوفٌ، وَإِذَا أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ التِّسْعَةِ لَا تُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ عَاشِرًا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(وَقِيلَ إنْ كَانَ الْعَلَسُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ. (قُوتُ قَوْمٍ أُخْرِجَتْ مِنْهُ) الزَّكَاةُ (وَهُوَ) أَيْ الْعَلَسُ (حَبٌّ صَغِيرٌ يَقْرُبُ مِنْ خِلْقَةِ الْبُرِّ) .
وَلَمَّا بَيَّنَ الْمُخْرَجَ مِنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ شَرَعَ يُبَيِّنُ مَنْ يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا عَنْهُ فَقَالَ: (وَيُخْرِجُ عَنْ الْعَبْدِ سَيِّدُهُ) لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلَمًا لِلْقُنْيَةِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ أَخْرَجَ عَنْهُ، وَكَذَا إنْ كَانَ آبِقًا مَرْجُوًّا، أَمَّا غَيْرُ الْمَرْجُوِّ فَلَا يُخْرَجُ عَنْهُ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهُ يُخْرِجُ السَّيِّدُ عَنْ حِصَّتِهِ وَيَسْقُطُ عَنْ الْعَبْدِ الْجُزْءُ الْمُعْتَقُ مِنْهُ، وَالْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ يُخْرِجُ كُلٌّ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ. (وَ) كَذَلِكَ الْوَلَدُ الْمُسْلِمُ (الصَّغِيرُ) الَّذِي (لَا مَالَ لَهُ يُخْرِجُ عَنْهُ وَالِدُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّ الْكَبِيرَ لَا يُخْرَجُ عَنْهُ وَلَيْسَ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَبَلَغَ صَحِيحًا لَا يُخْرَجُ عَنْهُ، وَإِنْ بَلَغَ زَمِنًا أُخْرِجَ عَنْهُ وَالْأُنْثَى يُخْرَجُ عَنْهَا وَإِنْ بَلَغَتْ حَتَّى تَتَزَوَّجَ، وَمَفْهُومُ لَا مَالَ لَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ لَا يُخْرَجُ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَيَّدْنَا الْوَلَدَ بِالْمُسْلِمِ احْتِرَازًا مِنْ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ لَا يُخْرَجُ عَنْهُ.
وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: (وَيُخْرِجُ الرَّجُلُ) يَعْنِي أَوْ غَيْرُهُ (زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ.
ــ
[حاشية العدوي]
الشَّبِيبِيُّ.
وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُؤْذَنُ وَلَمْ يَرْتَضِ فَتْوَى الشَّبِيبِيِّ [قَوْلُهُ: غَيْرُ مَنْزُوعِ الزُّبْدِ] نَقَلَ الْقَرَافِيُّ عَنْ التَّنْبِيهَاتِ أَنَّهُ خَثْرُ اللَّبَنِ الْمُخْرَجِ زُبْدُهُ وَيُوَافِقُهُ الْمِصْبَاحُ فَإِنَّهُ قَالَ: قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْأَقِطُ يُتَّخَذُ مِنْ اللَّبَنِ الْمَخِيضِ يُطْبَخُ ثُمَّ يُتْرَكُ حَتَّى يُمْصَلَ اهـ.
فَقَوْلُ شَارِحِنَا غَيْرُ مُسَلَّمٍ، وَمَعْنَى خَثْرِ اللَّيِّنِ جَامِدُهُ وَجَمْعُ الْأَقِطِ أَقْطَانُ كَمَا فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ. [قَوْلُهُ: لَا يُجْزِئُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] هَذَا إذَا كَانَتْ مَوْجُودَةً أَوْ بَعْضُهَا سَوَاءٌ اُقْتِيتَتْ أَوْ لَمْ تُقْتَتْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ تُوجَدْ وَلَا بَعْضُهَا وَاقْتِيتَ غَيْرُهَا فَيُخْرَجُ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: حَبٌّ صَغِيرٌ] وَهُوَ طَعَامُ أَهْلِ صَنْعَاءَ وَنُدِبَ غَرْبَلَةُ الطَّعَامِ إنْ كَانَ غَلِثًا إلَّا أَنْ يَزِيدَ غَلَثُهُ عَلَى الثُّلُثِ فَتَجِبُ غَرْبَلَتُهُ، وَلَا يُجْزِئُ الْمُسَوِّسُ الْفَارِغُ بِخِلَافِ الْقَدِيمِ الْمُتَغَيِّرِ الطَّعْمُ فَيُجْزِي وَلَا يُجْزِي خُبْزٌ وَلَا دَقِيقٌ إلَّا أَنْ يُعْتَبَرَ مَا فِي الصَّاعِ الْحَبُّ مِنْ الدَّقِيقِ، وَيُخْرَجَ رُبْعُهُ مِنْ الصَّاعِ الدَّقِيقُ أَوْ الْخُبْزُ.
[قَوْلُهُ: عَنْهُ] أَيْ عَنْ الْمُخْرَجِ عَنْهُ [قَوْلُهُ: وَيُخْرِجُ عَنْ الْعَبْدِ سَيِّدُهُ] وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مَبِيعًا بِالْخِيَارِ أَوْ أَمَةً مَبِيعَةً فِي زَمَنِ مُوَاضَعَتِهَا لِأَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ بَائِعِهَا أَوْ مُخْدِمًا تَرْجِعُ لَهُ رَقَبَتُهُ وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَى مَنْ يَصِيرُ لَهُ رَقَبَتُهُ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لِحُرِّيَّةٍ فَعَلَى الْمُخْدَمِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَأَمَّا عَبِيدُ الْعَبِيدِ فَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ الْأَعْلَى وَلَا الْأَسْفَلَ الْإِخْرَاجُ عَنْهُمْ وَلَا يَلْزَمُهُمْ الْإِخْرَاجُ عَنْ أَنْفُسِهِمْ. [قَوْلُهُ: لِلْقُنْيَةِ] أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْكِرَاءَ [قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَ آبِقًا مَرْجُوًّا] وَحُكْمُ الْمَغْصُوبِ كَذَلِكَ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى وَمَنْ لَا يُرْجَى، وَإِذَا قُبِضَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَيُخْرِجُ زَكَاةَ فِطْرِهِمَا فِيمَا يَظْهَرُ فِي السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ [قَوْلُهُ: فَلَا يُخْرِجُ عَنْهُ] أَيْ وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ إعْلَامِهِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الزَّكَاةِ مِنْ النِّيَّةِ وَإِعْلَامُهُ قَائِمٌ مَقَامَهَا بِخِلَافِ الصَّغِيرِ، أَوْ مَنْ فِي حُكْمِهِ فَيُخْرِجُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ. [قَوْلُهُ: حَتَّى تَتَزَوَّجَ] أَيْ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا الزَّوْجُ الْبَالِغُ الْمُوسِرُ أَوْ تَطْلُبَهُ لِلدُّخُولِ بِهَا مَعَ بُلُوغِهِ وَإِطَاقَتِهَا.
[قَوْلُهُ: عَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ] اُحْتُرِزَ بِالْمُسْلِمِ عَمَّنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ الْكُفَّارِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ كَزَوْجَةٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ عَبِيدٍ كُفَّارٍ، وَهَلْ تَجِبُ عَلَى الْكَافِرِ عَمَّنْ يُمَوِّنُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ أَنْ يَمْلِكَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَيُهِلُّ شَوَّالُ قَبْلَ نَزْعِهِ مِنْهُ أَوْ تُسْلِمُ أُمُّ وَلَدِهِ أَوْ يَكُونُ لَهُ قَرَابَةٌ مُسْلِمُونَ فِي نَفَقَتِهِ كَأَبَوَيْهِ.
قَالَ سَنَدٌ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ وُجُوبِهَا عَلَى الْكَافِرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: تَجِبُ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ
تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ) بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ نِكَاحٍ أَغْنَى عَمَّا قَبْلَهُ (وَ) كَذَلِكَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ (عَنْ مُكَاتَبِهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ (وَإِنْ كَانَ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَبْدٌ لَهُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ عَجْزِهِ.
(وَيُسْتَحَبُّ إخْرَاجُهَا) أَيْ زَكَاةُ الْفِطْرِ (إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ) لِمَا فِي مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الْمُصَلَّى» وَتَعَرَّضَ لِوَقْتِ الِاسْتِحْبَابِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِوَقْتِ الْوُجُوبِ وَفِيهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ رَمَضَانَ، وَالْآخَرُ: بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ وُلِدَ أَوْ مَاتَ أَوْ أَسْلَمَ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ يَوْمِ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا لِأَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يَأْثَمُ مَا دَامَ يَوْمَ الْفِطْرِ بَاقِيًا فَإِنْ أَخَّرَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إخْرَاجِهَا أَثِمَ، وَتُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ مِسْكِينٍ أَوْ فَقِيرٍ فَلَا تُدْفَعُ لِعَبْدٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَلَا لِكَافِرٍ وَلَا لِغَنِيٍّ. (وَيُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى فِيهِ) أَيْ فِي يَوْمِ الْفِطْرِ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى تَمْرٍ وِتْرًا لِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ (وَلَيْسَ ذَلِكَ) أَيْ اسْتِحْبَابُ
ــ
[حاشية العدوي]
مُوَافَقَةُ أَحْمَدَ [قَوْلُهُ: بِقَرَابَةٍ] دَخَلَ الْأَبَوَانِ وَالْأَوْلَادُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا. [قَوْلُهُ: أَوْ نِكَاحٍ] أَيْ زَوْجِيَّةٍ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً أَوْ غَنِيَّةً فِي الْعِصْمَةِ أَوْ مُطَلَّقَةً طَلَاقًا رَجْعِيًّا لَا مُطَلَّقَةً طَلَاقًا بَائِنًا، وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا، وَفِطْرَةُ زَوْجَةِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَلَوْ حُرَّةً لِوُجُوبِ إنْفَاقِهِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ وَكَمَا يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ عَنْ أَبِيهِ الْفَقِيرِ يَلْزَمُهُ الْإِخْرَاجُ عَنْ زَوْجَتِهِ، وَكَمَا تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَمَّنْ ذُكِرَ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ خَادِمِ الْقَرَابَةِ مِنْ أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ وَلَدٍ أَوْ خَادِمِ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَةِ أَبِيهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْخَادِمُ رَقِيقًا لَا بِأُجْرَةٍ، وَإِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ وَلَا تَتَعَدَّدُ نَفَقَةُ خَادِمِ الزَّوْجَةِ وَكَذَا فِطْرَتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ ذَاتَ قَدْرٍ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَعَنْ مَالِكٍ سُقُوطُهَا عَنْهُمَا وَقِيلَ تَجِبُ عَلَى الْمُكَاتَبِ فَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَوْلَانِ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَبْدٌ إلَخْ] أَوْ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ أَوْ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ حَطَّ عَنْهُ جُزْءًا مِنْ الْكِتَابَةِ فِي نَظِيرِ النَّفَقَةِ.
[قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ إلَخْ] أَيْ إذَا وُجِدَ مَنْ يُعْطِيهَا لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُوجَدْ فَيَحْصُلُ الْمُسْتَحَبُّ بِعَزْلِهَا. [قَوْلُهُ: أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ إلَخْ] أَيْ وَلِذَلِكَ قَيَّدَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَبْلِ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ. [قَوْلُهُ: وَنَحْوُ ذَلِكَ] كَمَا إذَا بِيعَ أَوْ أُعْتِقَ أَوْ وَرِثَ أَوْ وُهِبَ أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَطَلَّقَهَا أَوْ أَيْسَرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ قَارَنَتْ وِلَادَتُهُ الْغُرُوبَ أَوْ طُلُوعَ الْفَجْرِ أَوْ مَاتَ أَوْ فُقِدَ وَقْتُهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ وُلِدَ قَبْلَهُمَا أَوْ مَاتَ أَوْ فُقِدَ قَبْلَهُمَا.
[قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إخْرَاجُهَا قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ] كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي الْجَلَّابِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَعَلَيْهِ مَشَى خَلِيلٌ فَفِي اقْتِصَارِ الشَّارِحِ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ مَيْلٌ لِتَرْجِيحِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الصَّغِيرُ رحمه الله وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَخْرَجَهَا لِمُفَرِّقٍ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ. [قَوْلُهُ: وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا] أَيْ لَا يَسْقُطُ طَلَبُهَا وُجُوبًا فِيمَا تَجِبُ، وَنَدْبًا فِيمَا تُنْدَبُ لِأَنَّهُ يُنْدَبُ لِمَنْ زَالَ فَقْرُهُ أَوْ رِقُّهُ يَوْمَ الْعِيدِ أَنْ يُخْرِجَ الْفِطْرَةَ، وَأَمَّا لَوْ مَضَى زَمَنُ طَلَبِهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ فَلَا يُخَاطَبُ بِهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِطْرَةَ لِسَدِّ الْخَلَّةِ وَهُوَ حَاصِلٌ كُلَّ وَقْتٍ، وَالْأُضْحِيَّةُ لِلتَّضَافُرِ عَلَى إظْهَارِ الشَّعَائِرِ وَقَدْ فَاتَتْ.
[قَوْلُهُ: أَوْ فَقِيرٍ] فَتُدْفَعُ لِمَالِكِ نِصَابٍ لَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَقِيرٌ وَلَا مِسْكِينٌ بِبَلَدِهَا نُقِلَتْ لِأَقْرَبِ بَلَدٍ فِيهَا هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِأُجْرَةٍ مِنْ غَيْرِهَا لَا مِنْهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ الصَّاعُ، هَذَا إنْ أَخْرَجَهَا الْمُزَكِّي فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ كَمَا هُوَ الْمَنْدُوبُ فَفِي نَقْلِهَا حِينَ فَقْدِهِمَا بِالْبَلَدِ الْأَقْرَبِ لَهَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْفَيْءِ قَوْلَانِ. [قَوْلُهُ: وَلَا لِكَافِرٍ] وَلَوْ مُؤَلَّفًا أَوْ جَاسُوسًا، وَكَذَا لَا تُدْفَعُ لِبَنِي هَاشِمٍ الْفُقَرَاءِ كَزَكَاةِ الْأَمْوَالِ، وَكَذَا لَا تُدْفَعُ لِمَنْ يَلِيهَا وَلَا لِمَنْ يَحْرُسُهَا وَلَا لِمُجَاهِدٍ وَلَا يُشْتَرَى بِهَا آلَتُهُ وَلَا لِلْمُؤَلَّفَةِ وَلَا لِابْنِ السَّبِيلِ إلَّا بِوَصْفِ الْفَقْرِ، وَيَدْفَعُهَا لِأَقَارِبِهِ الَّذِينَ لَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَلِلْمَرْأَةِ دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ هُوَ دَفْعُهَا لَهَا وَلَوْ فَقِيرَةً لِأَنَّ نَفَقَتَهَا تَلْزَمُهُ. [قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ الْفِطْرُ إلَخْ] أَيْ لِيُفَرَّقَ بَيْنَ زَمَانِ الْفِطْرِ وَالصَّوْمِ [قَوْلُهُ: فَيَأْكُلُ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ]
الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إلَى الْمُصَلَّى (فِي) عِيدِ (الْأَضْحَى) بَلْ الْمُسْتَحَبُّ فِيهِ الْإِمْسَاكُ حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: (وَيُسْتَحَبُّ فِي الْعِيدَيْنِ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعَ مِنْ أُخْرَى) تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ.
ــ
[حاشية العدوي]
أَخْرَجَ؛ الدَّارَقُطْنِيُّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يُفْطِرُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ لِيَأْكُلَ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ» لِأَنَّ الْكَبِدَ أَيْسَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ هَيِّنُ الِاسْتِوَاءِ أَوْ تَفَاؤُلًا لِمَا جَاءَ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَأْكُلُ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ عِنْدَ دُخُولِهَا كَبِدَ الْحُوتِ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَرْضُ، فَيَذْهَبُ بِذَلِكَ عَنْهُمْ مَرَارَةُ الْمَوْتِ.
[قَوْلُهُ: تَكْرَارٌ إلَخْ] قِيلَ: إنَّمَا كَرَّرَ لِلتَّصْرِيحِ بِمُغَايَرَةِ مَسْأَلَةِ الْفِطْرِ لِمَسْأَلَةِ الْمُضِيِّ وَالرُّجُوعِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمَّا الْمُضِيُّ وَالرُّجُوعُ فَالْعِيدَانِ فِي حُكْمِهِمَا سَوَاءٌ، أَيْ أَنَّهُ فِي الْعِيدَيْنِ يَذْهَبُ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ مِنْ أُخْرَى.