الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[18 -
بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]
(بَابٌ فِي) بَيَانِ حُكْمِ (صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ)
وَبَيَانِ الْوَقْتِ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ، وَبَيَانِ الْمَحَلِّ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ، وَبَيْنَ صِفَتِهَا، وَالِاسْتِسْقَاءُ لُغَةً طَلَبُ السَّقْيِ وَشَرْعًا طَلَبُ السَّقْيِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِقَحْطٍ نَزَلَ بِهِمْ أَوْ غَيْرِهِ. (وَصَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ) أَيْ حُكْمُهَا أَنَّهَا (سُنَّةٌ تُقَامُ) أَيْ تُفْعَلُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَا تُتْرَكُ خِلَافًا لِمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله أَنَّهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ، وَرُبَّمَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهَا بِدْعَةٌ، وَدَلِيلُ الْجُمْهُورِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ» (يَخْرُجُ) أَيْ لِصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (الْإِمَامُ) زَادَ فِي رِوَايَةٍ (وَالنَّاسُ) .
وَظَاهِرُهَا الْعُمُومُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُمْ قَسَّمُوا مَنْ يَخْرُجُ لَهَا وَمَنْ لَا يَخْرُجُ لَهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَخْرُجُ لَهَا بِاتِّفَاقٍ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ الْأَحْرَارُ الْمُكَلَّفُونَ وَالْمُتَجَالَّاتُ الْمُسِنَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ وَالصَّبِيَّانِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]
[قَوْلُهُ: حُكْمِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ] وَهُوَ السُّنَّةُ الْمُؤَكَّدَةُ، قَالَ تت: يَدُلُّ عَلَى تَأَكُّدِهَا قَوْلُهُ فِي آخِرَ الْكِتَابِ كَالْعِيدَيْنِ [قَوْلُهُ: وَبَيَانِ الْوَقْتِ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ] وَهُوَ مِنْ ضَحْوَةٍ إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ [قَوْلُهُ: وَبَيَانِ الْمَحَلِّ الَّذِي تُفْعَلُ فِيهِ] وَهُوَ الصَّحْرَاءُ [قَوْلُهُ: طَلَبُ السَّقْيِ] أَيْ مُطْلَقُ طَلَبِ السَّقْيِ كَانَ مِنْ اللَّهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ. [قَوْلُهُ: لِقَحْطٍ نَزَلَ بِهِمْ] الْقَحْطُ احْتِبَاسُ الْمَطَرِ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ أَيْ كَتَخَلُّفِ نَهْرٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْقَحْطِ الْمَحَلَّ وَالْجَدْبِ فَيَشْمَلُ تَخَلُّفَ النَّهْرِ أَيْضًا وَالْمَحَلُّ لِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْحَاءِ هُوَ اجْتِيَاحُ الزَّرْعِ، وَالْجَدْبُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة ضِدُّ الْخِصْبِ بِكَسْرِ الْخَاءِ، وَيَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَوْ غَيْرِهِ الْحَاجَةَ إلَى الشُّرْبِ لِأَنْفُسِهِمْ وَدَوَابِّهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ فِي سَفَرٍ فِي صَحْرَاءَ أَوْ فِي سَفِينَةٍ، وَمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَقْسَامِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ يَكُونُ لِأَرْبَعٍ هَذَانِ الْقِسْمَانِ، وَالثَّالِثُ اسْتِسْقَاءُ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَحَلٍّ وَلَا حَاجَةٍ إلَى الشُّرْبِ، وَقَدْ أَتَاهُمْ مِنْ الْغَيْثِ مَا إنْ اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ كَانُوا دُونَ السَّعَةِ فَلَهُمْ أَنْ يَسْتَسْقُوا وَيَسْأَلُونَ اللَّهَ الْمَزِيدَ مِنْ فَضْلِهِ.
وَالرَّابِعُ اسْتِسْقَاءُ مَنْ كَانَ فِي خِصْبٍ لِمَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ وَجَدْبٍ، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ فِي الْحُكْمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ الْقِسْمَانِ الْأَوَّلَانِ حُكْمُهُمَا السُّنِّيَّةُ، وَالثَّالِثُ الْإِبَاحَةُ وَالرَّابِع النَّدْبُ.
[قَوْلُهُ: سُنَّةٌ تُقَامُ] أَيْ عَيْنًا أَيْ تَتَأَكَّدُ أَنْ تُصَلَّى، وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَقُلْ وَاجِبَةٌ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ [قَوْلُهُ: خِلَافًا لَمَا نُقِلَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ] قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ.
أَشَارَ بِقَوْلِهِ سُنَّةٌ تُقَامُ إلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّهَا بِدْعَةٌ لَا تُصَلَّى فَلِذَا أَكَّدَ قَوْلَهُ: سُنَّةٌ بِقَوْلِهِ تُقَامُ وَلَمْ يَذْكُرْ مِثْلَ ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّنَنِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَيْهَا [قَوْلُهُ: وَرُبَّمَا نُقِلَ عَنْهُ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً فَهِيَ بِدْعَةٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى قَوْلِهِ: وَرُبَّمَا نُقِلَ إلَخْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبِدْعَةِ أَنَّهَا أَمْرٌ مُحَرَّمٌ، وَعَدَمُ الْمَشْرُوعِيَّةِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُحَرَّمِ، أَوْ أَنَّ الْمُغَايِرَةَ بِاعْتِبَارِ الْعِنْوَانِ [قَوْلُهُ: فَاسْتَسْقَى إلَخْ] طَلَبَ السُّقْيَا مِنْ اللَّهِ سبحانه وتعالى وَالْوَاوُ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا فَلَا يُخَالِفُ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ التَّحْوِيلِ وَبَعْدَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي [قَوْلُهُ: وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ الْأَحْرَارُ] اعْلَمْ أَنَّهَا سُنَّةُ عَيْنٍ فِي حَقِّ الذَّكَرِ الْبَالِغِ وَلَوْ عَبْدًا فَأَرَادَ بِالْمُسْلِمِينَ الذُّكُورَ.
وَقَوْلُهُ: وَالْمُتَجَالَّاتُ
الْقُرَبَ وَالْعَبِيدُ. وَقِسْمٌ لَا يَخْرُجُ لَهَا بِاتِّفَاقٍ وَهُنَّ الشَّابَّاتُ مِنْ النِّسَاءِ الْمُفْتِنَاتِ وَالنُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ، وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِمْ وَهُمْ الصِّبْيَانُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ الْقُرَبَ وَالْبَهَائِمُ وَالشَّابَّاتُ غَيْرُ الْمُفَتَّنَاتِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ، وَالْمَشْهُورُ فِيمَا عَدَا أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يَخْرُجُونَ وَأَمَّا هُمْ فَالْمَشْهُورُ يَخْرُجُونَ مَعَ النَّاسِ لَا قَبْلَهُمْ وَلَا بَعْدَهُمْ وَيَكُونُونَ عَلَى جَانِبٍ وَلَا يَنْفَرِدُونَ بِيَوْمٍ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ النَّاسَ قَبْلَ خُرُوجِهِمْ إلَى الْمُصَلَّى بِالتَّوْبَةِ وَرَدِّ الْمَظَالِمِ وَتَحَالُلِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ لِأَنَّ الذُّنُوبَ سَبَبُ الْمَصَائِبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] وَسَبَبُ مَنْعِ الْإِجَابَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «وَيَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ» . وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَ الِاسْتِسْقَاءِ، وَيَخْرُجُونَ فِي ثِيَابِ الذِّلَّةِ وَالْمِهْنَةِ وَعَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُكَبِّرُ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَيْهَا.
وَقَوْلُهُ: (كَمَا يَخْرُجُ لِلْعِيدَيْنِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ فِيهِ لِلْمُصَلَّى، أَيْ يَخْرُجُ لَهَا الْإِمَامُ إلَى الْمُصَلَّى كَمَا يَخْرُجُ لِلْعِيدَيْنِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ:(ضَحْوَةً) بَيَانًا لِوَقْتِ الْخُرُوجِ لَا تَكْرَارًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا فِي كَمَا ظَرْفَيْهِ أَيْ يَخْرُجُ لَهَا الْإِمَامُ فِي وَقْتِ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ يَخْرُجْنَ نَدْبًا. [قَوْلُهُ: وَالصِّبْيَانُ الَّذِينَ إلَخْ] يَخْرُجُونَ نَدْبًا وَقَوْلُهُ: وَالْعَبِيدُ، الْعَبْدُ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ غَيْرُهُ وَحُكْمُهُ كَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ [قَوْلُهُ: وَهُنَّ الشَّابَّاتُ إلَخْ] خُرُوجُهُنَّ حَرَامٌ [قَوْلُهُ: وَالنُّفَسَاءُ وَالْحَائِضُ] ظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ حُرْمَةُ خُرُوجِهِمَا؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْمَنْعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْكَرَاهَةَ الشَّدِيدَةَ وَالْمُرَادُ حَالَ جَرَيَانِ الدَّمِ عَلَيْهِنَّ وَكَذَا بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ.
عَبْدُ الْحَقِّ: بَلْ هِيَ الْآنَ أَشَدُّ فِي الْمَنْعِ لِقُدْرَتِهَا عَلَى الِاغْتِسَالِ انْتَهَى. وَذَكَرَ عَجَّ أَنَّ الْجُنُبَ يَخْرُجُ إنْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ أَوْ وَجَدَ مَا يَغْتَسِلُ بِهِ [قَوْلُهُ: لَا يَخْرُجُونَ] الظَّاهِرُ أَنَّ خُرُوجَهُمْ مَكْرُوهٌ بَلْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِكَرَاهَةِ خُرُوجِ الشَّابَّةِ [قَوْلُهُ: وَأَمَّا هُمْ فَالْمَشْهُورُ يَخْرُجُونَ إلَخْ] مُلَخَّصُهُ أَنَّ فِي خُرُوجِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَعَدَمِ خُرُوجِهِمْ قَوْلَيْنِ، فَأَبَاحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ خُرُوجَهُمْ وَكَرِهَ مَنَعَهُمْ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَنْفَرِدُونَ بِيَوْمٍ أَوْ يَخْرُجُونَ مَعَ النَّاسِ وَيَكُونُونَ أَيْ نَدْبًا عَلَى جَانِبِ خَشْيَةِ أَنْ يَسْبِق قَدْرٌ بِسَقْيِهِمْ فَيُفْتَتَنُ بِذَلِكَ ضُعَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ، فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِانْفِرَادِهِمْ بِيَوْمٍ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُهُ: لَا يَنْفَرِدُونَ بِيَوْمٍ أَيْ يُكْرَهُ، أَرَادَ بِالْيَوْمِ مُطْلَقَ الزَّمَنِ، وَلَوْ قَالَ: وَلَا يَنْفَرِدُونَ بِزَمَنٍ لَكَانَ أَوْضَحَ [قَوْلُهُ: وَرَدُّ الْمَظَالِمِ] تَقَدَّمَ مَا فِيهِ مِنْ أَنَّهُ هَلْ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ التَّوْبَةِ [قَوْلُهُ: مِنْ بَعْضِ] أَيْ مِنْ ذُنُوبِ بَعْضٍ [قَوْلُهُ: كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ] بَيَّنَهُ الْفَاكِهَانِيُّ بِقَوْلِهِ: «الْعَبْدُ الْأَشْعَثُ الْأَغْبَرُ يَمُدُّ يَدَيْهِ إلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمَهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسَهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ» . [قَوْلُهُ: وَيَأْمُرُهُمْ] أَيْ نَدْبًا بِالصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ أَيْ لَعَلَّهُمْ إذَا أَطْعَمُوا فُقَرَاءَهُمْ أَطْعَمَهُمْ اللَّهُ فَإِنَّ الْجَمِيعَ فُقَرَاءُ اللَّهِ، وَعَطْفُ الْإِحْسَانِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مُرَادِفٌ وَقَوْلُهُ: بِالصَّدَقَةِ أَرَادَ بِهَا التَّصَدُّقَ أَوْ أَنَّ الْعِبَارَةَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ بِإِعْطَاءِ الصَّدَقَةِ، وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ رَدٌّ عَلَى خَلِيلٍ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُهُمْ بِالصَّدَقَةِ.
تَنْبِيهٌ:
اُخْتُلِفَ هَلْ امْتِثَالُ أَمْرِهِ وَاجِبٌ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ فِي الْمَكْرُوهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ، أَوْ إنَّمَا تَجِبُ فِي طَاعَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ خَبَرِ إنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ انْتَهَى [قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. . . إلَخْ] وَلَا يَأْمُرُ الْإِمَامُ بِالصِّيَامِ فَلَيْسَ الْأَمْرُ بِهِ مِنْ طَرِيقَتِهَا وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ حَبِيبٍ [قَوْلُهُ: وَيَخْرُجُونَ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمِهْنَةِ] أَيْ مَا يُمْتَهَنُ مِنْ الثِّيَابِ، وَعَطْفُهُ عَلَى الْبِذْلَةِ تَفْسِيرٌ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِصْبَاحِ.
قَالَ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي الْمُمْتَهَنِ لِحَالِ لَابِسِهِ انْتَهَى.
[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ] أَيْ الْمَهَابَةُ وَالرَّزَانَةُ. وَقَوْلُهُ: وَالْوَقَارُ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ كَمَا يُفِيدُهُ الْمِصْبَاحُ، وَهُنَاكَ وَجْهٌ آخَرُ رَاجِعْهُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْعَزِيَّةَ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُكَبِّرُ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَيْهَا] وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَبِي بَشِيرٍ مِنْ التَّكْبِيرِ
[قَوْلُهُ: يَخْرُجُ لَهَا الْإِمَامُ إلَى الْمُصَلَّى إلَخْ] أَيْ فِي غَيْرِ أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَمَّا أَهْلُ مَكَّةَ
خُرُوجِهِ لِلْعِيدَيْنِ.
وَيَكُونُ قَوْلُهُ؟ ضَحْوَةً تَكْرَارًا، وَعَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ فَلَيْسَ التَّشْبِيهُ فِي الصِّفَةِ لِأَنَّ خُرُوجَهُمْ لِلْعِيدَيْنِ يَكُونُ بِإِظْهَارِ الزِّينَةِ وَهُنَا بِإِظْهَارِ الذِّلَّةِ وَالْفَاقَةِ.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ؟ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تُصَلَّى ضَحْوَةً، زَادَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى الزَّوَالِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَفْسِيرٌ فَإِذَا وَصَلَ الْإِمَامُ إلَى الْمُصَلَّى (فَ) إنَّهُ (يُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ) فَقَطْ بِاتِّفَاقِ مَنْ يَقُولُ بِمَشْرُوعِيَّتِهَا، وَيَجُوزُ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ (وَيَجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ) اتِّفَاقًا لِمَا صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم جَهَرَ فِيهِمَا بِالْقِرَاءَةِ، يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى (بِ) أُمِّ الْقُرْآنِ وَ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1] وَنَحْوِهَا، وَفِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ (وَبِالشَّمْسِ وَضُحَاهَا) وَنَحْوِهَا وَرُوِيَ قَوْلُهُ:(وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَيْنِ) بِالْيَاءِ وَالصَّوَابُ سَجْدَتَانِ بِالْأَلِفِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ الَّذِي قَبْلَهُ.
وَوَجْهُ النَّصْبِ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ التَّقْدِيرُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ (وَ) رُوِيَ قَوْلُهُ: (رَكْعَةً وَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْصُوبٍ، وَبِالرَّفْعِ وَلَا وَجْهَ لَهُ. وَيَعْنِي بِالرَّكْعَةِ الرُّكُوعَ وَإِنَّمَا أَكَّدَهَا بِوَاحِدَةٍ احْتِرَازًا مِنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ (وَ) إذَا فَرَغَ مِنْ سُجُودِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (يَتَشَهَّدُ وَ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ (يُسَلِّمُ ثُمَّ) إذَا سَلَّمَ فَإِنَّهُ (يَسْتَقْبِلُ النَّاسَ بِوَجْهِهِ) وَهُوَ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَرْقَى مِنْبَرًا عَلَى الْمَشْهُورِ (فَ) إذَا اسْتَقْبَلَهُمْ (يَجْلِسُ جَلْسَةً) بِفَتْحِ الْجِيمِ لِيَأْخُذَ النَّاسُ أَمْكِنَتَهُمْ (فَإِذَا اطْمَأَنَّ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَإِنْ شِئْت قُلْت: اطْمِينَ بِالْيَاءِ ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ (النَّاسُ) فِي أَمَاكِنِهِمْ (قَامَ) الْإِمَامُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ حَالَةَ كَوْنِهِ (مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ) عَرَبِيٍّ (أَوْ عَصًا فَخَطَبَ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ) أُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْخُطْبَةَ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَنَّ الْخُطْبَةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ
ــ
[حاشية العدوي]
فَيَسْتَسْقُونَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَا يُصَلُّونَ فِيهِ الْعِيدَ ذَكَرَ ذَلِكَ عَجَّ.
[قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تُصَلَّى ضَحْوَةً إلَخْ] مُقَابِلُهُ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ بِالِاسْتِسْقَاءِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ، وَقَدْ فُعِلَ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَلَيْسَ مِنْ الْأَمْرِ الْقَدِيمِ، وَحَمَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الدُّعَاءِ لَا الْبُرُوزِ لِلْمُصَلَّى. [قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ تَفْسِيرٌ] أَيْ لِلْمَذْهَبِ وَيَكُونُ تَكَلَّمَ عَلَى الِابْتِدَاءِ فَقَطْ، وَيُحْتَمَلُ الْخِلَافُ كَمَا ذَكَرَ تت ذَلِكَ [قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ التَّنَفُّلُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا إلَخْ] وَنَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ كَرَاهَةَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى صَلَاةِ الْعِيدِ لِفَرْقِ أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ يُقْصَدُ فِيهِ التَّقَرُّبُ، وَتَكْفِيرُ السَّيِّئَاتِ بِالْحَسَنَاتِ لِتُرْفَعَ الْعُقُوبَاتُ بِخِلَافِ الْعِيدِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ [قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا] فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَذَا زَادَ تت وَنَحْوِهَا بَعْدَ سَبِّحْ وَبَعْدَ الشَّمْسِ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا خَصَّ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ بِهِمَا فِيهِمَا.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَنْصُوبٍ] أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ سَجْدَتَيْنِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ بِتَقْدِيرٍ وَيَفْعَلُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ سَجْدَتَيْنِ وَرَكْعَةً وَاحِدَةً أَيْ رُكُوعًا وَاحِدًا [قَوْلُهُ: وَبِالرَّفْعِ وَلَا وَجْهَ لَهُ] لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يُعْطَفُ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: يَسْتَقْبِلُ النَّاسَ] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: لَا يَرْقَى مِنْبَرًا] فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُمْنَعُ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ الْمِنْبَرِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ يُطْلَبُ فِيهَا التَّوَاضُعُ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَأَجَازَ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنْ يَخْطُبَ وَيَسْتَسْقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَنَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَشْهَبَ [قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْجِيمِ] لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَرَّةُ [قَوْلُهُ: عَلَى قَوْسٍ] أَيْ أَوْ سَيْفٍ لِئَلَّا يَعْبَثَ بِلِحْيَتِهِ أَوْ لِيَعْتَمِدَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَانِ، وَالْقَوْسُ قِيلَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ [قَوْلُهُ: عَرَبِيٍّ] أَيْ لِأَنَّهَا طَوِيلَةٌ لَا الرُّومِيَّةُ لِأَنَّهَا قَصِيرَةٌ [قَوْلُهُ: فَخَطَبَ] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ] أَيْ الْخُطْبَةَ الثَّانِيَةَ لَكِنْ يُبَدَّلُ التَّكْبِيرَ بِالِاسْتِغْفَارِ وَيَدْعُو فِي خُطْبَتِهِ بِكَشْفِ مَا نَزَلَ بِهِمْ، وَلَا يَدْعُو لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْمَخْلُوقِينَ [قَوْلُهُ: أَنَّ الْخُطْبَةَ بَعْدَ الصَّلَاةِ] وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: يَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْخُطْبَةَ شَرْطٌ فِي الْجُمُعَةِ فَنَاسَبَ التَّقَدُّمُ، وَهُنَا لَوْ أَسْقَطَهَا لَمْ تَفْسُدْ الصَّلَاةُ إجْمَاعًا [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ: لَا يَجْلِسُ فِي أَوَّلِهَا.
مِثْلُ خُطْبَةِ الْعِيدِ يَجْلِسُ فِيهَا أَوَّلًا وَثَانِيًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ وَلَا حَدَّ لِلْجُلُوسِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَلَكِنَّهُ وَسَطٌ.
(فَإِذَا فَرَغَ) الْإِمَامُ مِنْ خُطْبَتِهِ (اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ) مَكَانَهُ (فَحَوَّلَ رِدَاءَهُ) تَفَاؤُلًا بِتَحْوِيلِ حَالِهِمْ مِنْ الشِّدَّةِ إلَى الرَّخَاءِ، وَصِفَةُ التَّحْوِيلِ أَنْ (يَجْعَلَ مَا عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى) مَنْكِبِهِ (الْأَيْسَرِ عَلَى) مَنْكِبِهِ (الْأَيْمَنِ) لِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام (وَلَا يَقْلِبُ ذَلِكَ) أَيْ رِدَاءَهُ. سَنَدٌ: لِأَنَّهُ لَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم قَلْبُهُ وَلَا عَنْ أَحَدٍ بَعْدَهُ. وَفِي الْجَلَّابِ: إنْ شَاءَ قَلَبَهُ فَجَعَلَ أَسْفَلَهُ أَعْلَاهُ. ابْنُ بَشِيرٍ: وَأَسْفَلَهُ مِمَّا يَلِي الظَّهْرَ يَعْنِي بَاطِنَهُ، وَأَعْلَاهُ مِمَّا يَلِي السَّمَاءَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَتَأَتَّى جَعْلُ مَا عَلَى يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ إلَّا مَعَ تَغْيِيرِ ظَاهِرِهِ بَاطِنًا وَبَاطِنِهِ ظَاهِرًا.
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَسْفَلُ عِنْدَ ابْنِ الْجَلَّابِ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ مِنْهُ وَأَعْلَاهُ مِمَّا يَلِي الرَّأْسَ اهـ.
(وَلْيَفْعَلْ النَّاسُ) الذُّكُورُ دُونَ النِّسَاءِ (مِثْلَهُ) أَيْ مِثْلَ الْإِمَامِ إنْ كَانُوا أَصْحَابَ أَرْدِيَةٍ فَيُحَوِّلُونَ أَرْدِيَتَهُمْ وَيَدْعُونَ وَهُمْ جُلُوسٌ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَإِنَّهُ يُحَوِّلُ (وَهُوَ قَائِمٌ وَهُمْ قُعُودٌ ثُمَّ يَدْعُو كَذَلِكَ) وَهُوَ قَائِمٌ مُسْتَقْبِلٌ الْقِبْلَةَ جَهْرًا، وَيَكُونُ الدُّعَاءَ بَيْنَ الطُّولِ وَالْقِصَرِ. وَمِنْ دُعَائِهِ صلى الله عليه وآله وسلم:«اللَّهُمَّ اسْقِ عَبْدَك وَبَهْمَتَك وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَك الْمَيِّتَ» وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ قَرُبَ مِنْهُ أَنْ يُؤَمِّنَ عَلَى دُعَائِهِ وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ وَبُطُونَهُمَا إلَى الْأَرْضِ، وَرُوِيَ إلَى السَّمَاءِ (ثُمَّ) إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ مِنْ الدُّعَاءِ (يَنْصَرِفُ وَيَنْصَرِفُونَ) عَلَى الْمَشْهُورِ.
(وَلَا يُكَبِّرُ فِيهَا) أَيْ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ (وَلَا فِي) صَلَاةِ (الْخُسُوفِ غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَ) تَكْبِيرَةِ (الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ) وَكَذَا لَا يُكَبِّرُ فِي الْخُطْبَةِ، وَلَكِنْ يُكْثِرُ فِيهَا مِنْ الِاسْتِغْفَارِ بَدَلَ
ــ
[حاشية العدوي]
تَنْبِيهٌ:
اسْتِمَاعُ الْخُطْبَتَيْنِ مَنْدُوبٌ. وَكُلُّ مَنْ حَضَرَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَجْلِسُ وَلَا يُصَلِّي، وَبَعْدُ الْخُطْبَةِ يُخَيَّرُ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا صَارَتْ نَافِلَةً كَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ. [قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ لِلْجُلُوسِ إلَخْ] كَذَا قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْجُلُوسُ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى قَدْرِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ انْتَهَى. وَكَلَامُ ابْنِ عُمَرَ هُوَ الْأَوْلَى فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهِ بَدَلَ قَوْلِ الْأَقْفَهْسِيِّ [قَوْلُهُ: اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ] أَيْ نَدْبًا [قَوْلُهُ: أَنْ يَجْعَلَ مَا عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ إلَخْ] ظَاهِرُهُ الْبُدَاءَةُ بِالْأَيْمَنِ.
وَفِي الطِّرَازِ يَبْدَأُ بِيَمِينِهِ فِي الْعَمَلِ فَيَأْخُذُ مَا عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَيُمِرُّهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَضَعَهُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ، وَمَا عَلَى الْأَيْمَنِ عَلَى الْأَيْسَرِ قَالَهُ مَالِكٌ، وَهِيَ الْأَوْلَى لِاسْتِمْتَاعِهَا بِوَضْعِ الرِّدَاءِ عَلَيْهِمَا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُقَلِّبُ ذَلِكَ] أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ الْحَاشِيَةَ السُّفْلَى مِنْ فَوْقٍ وَالْعُلْيَا مِنْ أَسْفَلَ لَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَاؤُمِ نَظَرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [الحجر: 74][قَوْلُهُ: ابْنُ بَشِيرٍ] عَلَى هَذَا لَيْسَ كَلَامُ الْجَلَّابِ مُخَالِفًا لِلْمُصَنَّفِ. [قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْأَسْفَلُ إلَخْ] الْأَوْلَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ لِيُفِيدَ أَنَّهُ احْتِمَالٌ آخَرُ، وَعَلَيْهِ فَالْمُخَالَفَةُ ظَاهِرَةٌ [قَوْلُهُ: مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ] وَهُوَ الْمُقْعَدَةُ [قَوْلُهُ: دُونَ النِّسَاءِ] فَإِنَّهُنَّ لَا يُحَوِّلْنَ.
[قَوْلُهُ: إنْ كَانُوا أَصْحَابَ أَرِدْيَةً] وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بَرَانِسُ فَلَا تُحَوَّلُ.
[قَوْلُهُ: ثُمَّ يَدْعُو] صَرِيحُ هَذَا أَنَّ الدُّعَاءَ مِنْهُمْ وَمِنْهُ بَعْدَ التَّحْوِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ خَلِيلٍ [قَوْلُهُ: يَنْصَرِفُ وَيَنْصَرِفُونَ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ: يَرْجِعُ مُسْتَقْبِلًا لِلنَّاسِ يُذَكِّرُهُمْ وَيَدْعُو وَيُؤْمِنُونَ عَلَى دُعَائِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ.
[قَوْلُهُ: غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ إلَخْ] أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رحمه الله فَإِنَّهُ يَقُولُ: يُكَبِّرُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَبْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا كَصَلَاةِ الْعِيدِ.
[قَوْلُهُ: وَتَكْبِيرَةِ الْخَفْضِ] أَيْ الَّتِي لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ.
وَقَوْلُهُ: وَالرَّفْعِ أَيْ الرَّفْعِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ مَعْرُودَةٌ بِتَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ، فَالْعِبَارَةُ جَامِعَةٌ لِجَمِيعِ التَّكْبِيرِ. [قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يُكْثِرُ فِيهَا مِنْ الِاسْتِغْفَارِ] فَيَقُولُ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ وَأَتُوبُ إلَيْهِ بَدَلَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ، وَيُكَبِّرُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَتَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ:{اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10] إلَى قَوْلِهِ {وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 12] .
التَّكْبِيرِ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ (وَ) كَذَا (لَا أَذَانَ فِيهَا) أَيْ فِي صَلَاةِ اسْتِسْقَاءٍ (وَلَا إقَامَةَ) وَفِي غَالِبِ النُّسَخِ فِيهِمَا أَيْ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَصَلَاةِ الْخُسُوفِ وَفِيهَا تَكْرَارٌ بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الْخُسُوفِ لِأَنَّهُ قَدَّمَهُ هُنَاكَ.
ــ
[حاشية العدوي]
خَاتِمَةٌ:
تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى طَلَبِ السَّقْي، وَأَمَّا طَلَبُ الِاسْتِصْحَاءِ إذَا كَثُرَ عَلَى النَّاسِ الشِّتَاءُ فَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بِالدُّعَاءِ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ وَلَا خُطْبَةٍ.
قُلْت: وَمِمَّا وَرَدَ فِي رَفْعِ الْمَطَرِ إذَا كَثُرَ وَخِيفَ مِنْهُ الضَّرَرُ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالْآجَامِ وَالظِّرَابِ وَالْأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ» وَقَوْلُهُ: الْآكَامِ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ وَيُرْوَى بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ جَمْعُ أَكَمَةٍ وَهِيَ الرَّابِيَةُ أَيْ التَّلُّ، وَالْآجَامُ مِثْلُهَا. وَالْأَجَمَةُ مِنْ الْقَصَبِ وَالظِّرَابُ بِكَسْرِ الظَّاءِ وَهِيَ الرَّوَابِي الْكِبَارُ وَالْجِبَالُ الصِّغَارُ جَمْعُ ظَرِبٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ.