المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب في سجود القرآن] - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ١

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سَبَب تَأْلِيف الْكتاب]

- ‌ بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ

- ‌[تَنْبِيهَات الْأَوَّل: إيمَانَ الْمُقَلِّدِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي: الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ وَاحِدٌ]

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[شُرُوطٌ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ]

- ‌[مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ]

- ‌ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ

- ‌[بَاب طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ]

- ‌ مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[مُبَاشَرَة الْمَرْأَةُ الْأَرْضَ بِكَفَّيْهَا فِي السُّجُودِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَالِاسْتِنْجَاء وَالِاسْتِجْمَار]

- ‌بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَاب الصَّلَاة] [

- ‌[بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌ بَابٌ فِي الْإِمَامَةِ

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ فِي الصَّلَاة]

- ‌[سُجُود السَّهْو]

- ‌ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا

- ‌[فَرْعٌ التَّنَحْنُحُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الِاجْتِهَاد فِي الْقِبْلَة]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[بَعْض الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَاةِ]

- ‌ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ)

- ‌ حُكْمِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ

- ‌صَلَاةُ الْمَرِيضِ)

- ‌[طَهَارَة مَحِلّ الصَّلَاة]

- ‌ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ (عَلَى مَسِّ الْمَاءِ لِضَرَرٍ بِهِ

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْمُسَافِر عَلَيَّ الدَّابَّة]

- ‌ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[حُكْم دَمُ الْبَرَاغِيثِ]

- ‌ بَابٌ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

- ‌ بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْجُمُعَةِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّت]

- ‌[بَابٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ]

- ‌ بَابٌ فِي الصِّيَامِ]

- ‌ قِيَامِ رَمَضَانَ

- ‌[بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ]

- ‌[مُفْسِدَات الِاعْتِكَافِ]

- ‌ الْوَقْتَ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْهُ الِاعْتِكَافَ

- ‌ مَسَائِلَ نُهِيَ الْمُعْتَكِفُ عَنْهَا

- ‌[الْوَقْت الَّذِي يَخْرَج فِيهِ مِنْ الِاعْتِكَاف]

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[بَاب فِي الزَّكَاة] [

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْحَجِّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَرَائِض الْحَجِّ وَسُنَنه وَفَضَائِله]

- ‌ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌ الْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ مِنْ أَوْجُهِ الْإِحْرَامِ الثَّلَاثَةِ

- ‌ مَحَلَّ نَحْرِ الْهَدْيِ وَذَبْحِهِ

- ‌ حَقِيقَةَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا]

- ‌[الْأُضْحِيَّة مِنْ النَّعَم وَالْبَقَر وَالْغَنَم]

- ‌[أَحْكَام الذَّكَاةُ]

- ‌ مَا لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ مِنْ الْأَنْعَامِ

- ‌[أَكْلُ الْمُحْرِم وَالِانْتِفَاع بِهِ حِينَ الِاضْطِرَار]

- ‌[أَحْكَام الصَّيْدِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَقِيقَة]

- ‌[أَحْكَام الْخِتَان]

الفصل: ‌ باب في سجود القرآن]

[12 -‌

‌ بَابٌ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي بَعْضِهَا بَابُ سُجُودِ الْقُرْآنِ بِحَذْفِ فِي وَفِي بَعْضِهَا (وَسُجُودُ الْقُرْآنِ) مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ بَابٍ وَزِيَادَةِ وَاوٍ وَهُوَ سُنَّةٌ عَلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ، وَقِيلَ: فَضِيلَةٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي حَقِّ الْقَارِئِ وَقَاصِدِ الِاسْتِمَاعِ لَا السَّامِعِ، وَيُشْتَرَطُ فِي سُجُودِ الثَّانِي ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:

الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ.

الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَمِعُ جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ مِنْ الْقَارِئِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ الْإِدْغَامِ وَنَحْوِهِ أَوْ لِحِفْظِ ذَلِكَ الْمَقْرُوءِ.

الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَجْلِسَ الْقَارِئُ لِيُسْمِعَ النَّاسَ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ.

وَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ وَلَمْ يَسْجُدْ الْقَارِئُ سَجَدَ قَاصِدُ الِاسْتِمَاعِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ سَجَدَاتِ الْقُرْآنِ (إحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً وَهِيَ الْعَزَائِمُ) أَيْ الْأَوَامِرُ بِمَعْنَى الْمَأْمُورِ بِالسُّجُودِ عِنْدَ قِرَاءَتِهَا وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ:(لَيْسَ فِي الْمُفَصَّلِ) وَهُوَ مَا كَثُرَ فِيهِ الْفَصْلُ بِالْبَسْمَلَةِ وَأَوَّلُهُ الْحُجُرَاتُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ (مِنْهَا) أَيْ الْعَزَائِمِ (شَيْءٌ) عَلَى أَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي الَّتِي فِي النَّجْمِ وَالِانْشِقَاقِ وَالْقَلَمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (أَوَّلُهَا فِي المص عِنْدَ قَوْلِهِ) تَعَالَى {وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: 206] :

ــ

[حاشية العدوي]

[بَابٌ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

ِ [قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِهَا وَسُجُودٌ إلَخْ] هَذِهِ النُّسْخَةُ لَيْسَ فِيهَا مُنَاسَبَةٌ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ بَدَلَ قَوْلِهِ سُجُودِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ أَخَصُّ مِنْ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ لَا تَكُونُ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْقِرَاءَةُ تَكُونُ فِيهَا وَالسُّجُودُ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ التِّلَاوَةِ لَا عِنْدَ مُجَرَّدِ قِرَاءَةِ كَلِمَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ سُنَّةٌ] قَضِيَّةُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَعَدَمِهَا وَالسُّجُودُ فِي الصَّلَاةِ مَطْلُوبٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ خِلَافًا لِمَنْ قَصَرَهُ عَلَى السُّنِّيَّةِ.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ] أَيْ بِالْفِعْلِ بِأَنْ يَكُونَ ذَكَرًا بَالِغًا عَاقِلًا مُتَوَضِّئًا فَلَا يَسْجُدُ لِسَمَاعِ قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ مِنْ الْخُنْثَى وَلَا مِنْ الْمَرْأَةِ وَلَا مِنْ الصَّبِيِّ وَلَا مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا غَيْرِ مُتَوَضِّئٍ، وَيَكْفِي الصَّلَاحِيَّةُ بِالْفِعْلِ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ فَيَسْجُدُ الْمُسْتَمِعُ لِقِرَاءَةِ الْعَاجِزِ عَنْ رُكْنٍ لِصَلَاحِيَّتِهِ لِإِمَامَتِهِ لِمِثْلِهِ وَأَوْلَى الْمُسْتَمِعُ لِمَكْرُوهِ الْإِمَامَةِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ.

[قَوْلُهُ: جَلَسَ لِيَتَعَلَّمَ] أَيْ لَا لِابْتِغَاءِ الثَّوَابِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا أَنَّ السَّامِعَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَا يَسْجُدُ.

[قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَجْلِسَ الْقَارِئُ لِيُسْمِعَ النَّاسَ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ] بَلْ جَلَسَ قَاصِدًا تِلَاوَةَ كَلَامِ اللَّهِ أَوْ قَاصِدًا إسْمَاعَ النَّاسِ، لِأَجْلِ أَنْ يَتَّعِظُوا فَيَنْزَجِرُوا عَنْ الْمَعَاصِي، فَإِذَا جَلَسَ لِيُسْمِعَ النَّاسَ حُسْنَ قِرَاءَتِهِ فَلَا يُخَاطَبُ السَّامِعُ لَهُ بِالسُّجُودِ وَإِنْ خُوطِبَ بِهِ هُوَ.

[قَوْلُهُ: سَجَدَ قَاصِدًا الِاسْتِمَاعَ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ لَا يَسْجُدُ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَالْمُعَلِّمُ وَالْمُتَعَلِّمُ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِمَا مَحَلُّ السُّجُودِ فَيَسْجُدَانِ أَوَّلَ مَرَّةٍ.

[قَوْلُهُ: أَيْ الْأَوَامِرُ] سُمِّيَتْ بِالْعَزَائِمِ لِلْحَثِّ عَلَى فِعْلِهَا خَشْيَةَ تَرْكِهَا وَهُوَ مَكْرُوهٌ.

[قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْمَأْمُورِ إلَخْ] أَيْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ حَقِيقَتَهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ اسْمُ مَفْعُولٍ [قَوْلُهُ: عَلَى مَا اخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ] أَيْ وَهُوَ الْمُرْتَضَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمُقَابِلُهُ أَقْوَالُ ق أَوْ الرَّحْمَنِ أَوْ شُورَى أَوْ الْجَاثِيَةِ أَوْ النَّجْمِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ] مُتَعَلِّقٌ بِأَشَارَ وَالْوَاضِحُ التَّعْبِيرُ بِإِلَى.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَقِيلَ بِالسُّجُودِ فِي الثَّلَاثَةِ.

[قَوْلُهُ: لِيُرَتِّبَ] أَيْ لِيُعَلِّمَ الْجَاهِلَ بِأَنَّهُ آخِرُهَا [قَوْلُهُ: وَقَرَأَهَا]

ص: 359

وَإِنَّمَا قَالَ (وَهُوَ آخِرُهَا) وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ آخِرُهَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (فَمَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ) نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ وَقَرَأَهَا (يَسْجُدْهَا) وَإِنْ كُرِهَ تَعَمُّدُهَا فِي الْفَرِيضَةِ (فَإِذَا سَجَدَهَا قَامَ فَقَرَأَ) عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (مِنْ) سُورَةِ (الْأَنْفَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ) مِمَّا يَلِيهَا عَلَى نَظْمِ الْمُصْحَفِ (ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ) وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَا يَكُونُ إلَّا عَقِبَ الْقِرَاءَةِ.

(وَ) ثَانِيهَا (فِي) سُورَةِ (الرَّعْدِ عِنْدَ قَوْلِهِ) تَعَالَى {وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرعد: 15] .

وَثَالِثُهَا (فِي) سُورَةِ (النَّحْلِ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] .

وَرَابِعُهَا (فِي) سُورَةِ (بَنِي إسْرَائِيلَ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109] .

وَخَامِسُهَا (فِي) سُورَةِ (مَرْيَمَ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] .

وَسَادِسُهَا (فِي) سُورَةِ (الْحَجِّ) وَهُوَ الْمَذْكُورُ (أَوَّلُهَا) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ أَوَّلُهَا إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ أَوَّلَهَا وَآخِرَهَا.

(وَ) سَابِعُهَا (فِي) سُورَةِ (الْفُرْقَانِ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60] .

وَثَامِنُهَا (فِي) سُورَةِ (الْهُدْهُدِ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 26] .

وَتَاسِعُهَا (فِي) سُورَةِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] .

وَعَاشِرُهَا (فِي) سُورَةِ (ص) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] وَقِيلَ) السُّجُودُ فِيهَا (عِنْدَ قَوْلِهِ) تَعَالَى {لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} [ص: 25] كَالْجَزَاءِ عَلَى السُّجُودِ فَكَانَ بَعْدَ السُّجُودِ فَقُدِّمَ السُّجُودُ عَلَيْهِ.

(وَ) حَادِيَةَ عَشْرَتَهَا (فِي) سُورَةِ {حم - تَنْزِيلُ} [غافر: 1 - 2] عِنْدَ قَوْلِهِ) تَعَالَى {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْأَمْرِ، وَقِيلَ السُّجُودُ فِيهَا عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] لِأَنَّهُ تَمَامُ الْأَوَّلِ وَلِمُخَالِفَتِهِ لِلْكَافِرِ الْمُتَكَبِّرِ بِالسَّآمَةِ.

(وَلَا يَسْجُدُ السَّجْدَةَ فِي التِّلَاوَةِ إلَّا عَلَى وُضُوءٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الطَّهَارَتَيْنِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (وَيُكَبِّرُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ الْمُصَلِّي وَالْمُرَادُ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَتِهَا وَقَوْلُهُ يَسْجُدُهَا، أَيْ السَّجْدَةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ الْمَقَامِ وَقَوْلُهُ إنْ كَرِهَ تَعَمُّدَهَا، أَيْ قِرَاءَةَ آيَةِ السَّجْدَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَقَرَأَهَا.

[قَوْلُهُ: يَسْجُدُهَا] أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ حُرْمَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ [قَوْلُهُ: عَلَى نَظْمِ الْمُصْحَفِ] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مِمَّا يَلِيهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاَلَّذِي يَلِيهَا مَا كَانَ بِلَصْقِهَا وَإِلَّا نَافَى قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَا يَكُونُ إلَّا عَقِبَ الْقِرَاءَةِ] أَيْ الْمُعْتَدُّ بِهِ كَمَالًا فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِمَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْأَعْرَافِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ سَجْدَةَ الْأَعْرَافِ يُتَوَهَّمُ فِيهَا عَدَمُ قِرَاءَةِ الْأَنْفَالِ أَوْ غَيْرِهَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَعَدُّدِ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي صَلَاةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ عَقِبَ السُّجُودِ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ غَيْرِهَا، أَيْ إلَّا بِقَصْدِ التِّلَاوَةِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَمَامُ الْأَوَّلِ] أَيْ مُرْتَبِطٌ بِالْأَوَّلِ مَعْنَى.

[قَوْلُهُ: الْمُتَكَبِّرُ بِالسَّآمَةِ] أَيْ الْمُتَكَبِّرُ عَنْ السُّجُودِ مَعَ مِلَلِهِ وَضَجَرِهِ مِنْهُ، أَيْ أَنَّ الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ السُّجُودِ أَمْرَانِ تَكَبُّرُهُ وَسَآمَتُهُ فَتَدَبَّرْ.

[قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى وُضُوءٍ] أَيْ أَوْ بَدَلِهِ [قَوْلُهُ: الطَّهَارَتَيْنِ] أَيْ الْحَدَثِ وَالْخُبْثِ [قَوْلُهُ: وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ] كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ فَلَوْ سَجَدَ بِدُونِ وُضُوءٍ أَوْ بَدَلِهِ لَبَطَلَتْ وَلَوْ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي وَقْتِ نَهْيٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَهَلْ يَحْذِفُ مَوْضِعَ السُّجُودِ خَاصَّةً كَيَشَاءُ فِي الْحَجِّ وَكَالْعَظِيمِ فِي النَّمْلِ أَوْ يَحْذِفُ الْآيَةَ جُمْلَةً؟ تَأْوِيلَانِ أَشَارَ لَهُمَا سَيِّدِي خَلِيلٌ

ص: 360

لَهَا) فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ وَعَلَى الْمَشْهُورِ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَقِيلَ: هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَعَدَمِهِ حَكَاهَا ابْنُ الْحَاجِبِ، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَلَا يَتَشَهَّدُ لَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ (وَلَا يُسَلِّمُ) مِنْهَا قَالُوا: وَقَوْلُ الشَّيْخِ (وَفِي التَّكْبِيرِ فِي الرَّفْعِ مِنْهَا سَعَةٌ) أَنَّهُ رَابِعٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي حَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ وَانْظُرْ قَوْلَهُ: (وَإِنْ كَبَّرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا) هَلْ هُوَ عَائِدٌ إلَى التَّكْبِيرِ فِي الرَّفْعِ أَوْ إلَى التَّكْبِيرِ فِي الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ فَيَكُونُ اخْتِيَارًا مِنْهُ لِلْمَشْهُورِ

(وَيَسْجُدُهَا) أَيْ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ (مَنْ قَرَأَهَا) وَهُوَ (فِي) صَلَاةِ (الْفَرِيضَةِ وَ) صَلَاةِ (النَّافِلَةِ) سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا وَإِنْ كُرِهَ لَهُمَا تَعَمُّدُهَا فِي الْفَرِيضَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَيَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ فِي السِّرِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَجْهَرْ بِهَا وَسَجَدَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتْبَعُهُ مَأْمُومُهُ.

وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا يَتْبَعُهُ لِاحْتِمَالِ سَهْوِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَتَصِحُّ صَلَاتُهُمْ إنْ لَمْ يَتْبَعُوهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ لَا تُكْرَهُ قِرَاءَتُهَا فِي الْفَرِيضَةِ ابْتِدَاءً، وَصَوَّبَهَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ بَشِيرٍ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَيُكَبِّرُ لَهَا] أَيْ اسْتِنَانًا عَلَى الظَّاهِرِ كَمَا فِي بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ أَوْ نَدْبًا كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وعج.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُكْرَهُ] وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ يُكَبِّرُ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ، الثَّانِي يُكْرَهُ أَنْ يُكَبِّرَ فِيهِمَا، الثَّالِثُ التَّخْيِيرُ كَذَا فِي التَّحْقِيقِ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ مُخَيَّرٌ] أَيْ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَعَدَمِهِ أَيْ فِي الْخَفْضِ وَالرَّفْعِ كَمَا فِي ابْنِ نَاجِي.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَرْفَعُ] أَيْ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ كَذَا يَنْبَغِي كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَتَشَهَّدُ لَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ بِالتَّشَهُّدِ، [قَوْلُهُ: وَلَا يُسَلِّمُ مِنْهَا] أَيْ يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ.

[قَوْلُهُ: أَنَّهُ رَابِعٌ فِي الْمَسْأَلَةِ] أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خُيِّرَ فِي الرَّفْعِ وَلَمْ يُخَيَّرْ فِي الْخَفْضِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ نَاجِي.

[قَوْلُهُ: هَلْ هُوَ عَائِدٌ إلَخْ] أَيْ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي الرَّفْعِ كَمَا أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي الْخَفْضِ فَيَكُونُ عَيْنَ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى التَّكْبِيرِ فِي الرَّفْعِ وَالْخَفْضِ، أَيْ الَّذِي هُوَ عَيْنُ الْأَوَّلِ أَيْضًا فَهُوَ عَلَى كُلِّ حَالٍ اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِلْمَشْهُورِ خِلَافًا لَمَا تُوهِمُهُ الْعِبَارَةُ.

[قَوْلُهُ: وَيَسْجُدُهَا مَنْ قَرَأَهَا إلَخْ] وَهَلْ سُجُودُهُ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ خِلَافٌ وَهَذَا إذَا كَانَ الْفَرْضُ غَيْرَ جِنَازَةٍ، وَأَمَّا هِيَ فَلَا يَسْجُدُهَا فِيهَا فَإِنْ فَعَلَ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِي سُجُودِ الْخُطْبَةِ انْتَهَى.

وَظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ وَلَوْ كَانَ يُصَلِّي الْفَرِيضَةَ وَقْتَ نَهْيٍ عَنْ النَّافِلَةِ وَقَالَ تت عَلَى خَلِيلٍ يَنْبَغِي أَنْ تُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قِرَاءَةَ السَّجْدَةِ أَيْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ كُرِهَ لَهُمَا تَعَمُّدُهَا إلَخْ] إنَّمَا كُرِهَ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ فِي الْوَعِيدِ، وَإِنْ سَجَدَ يَزِيدُ فِي سُجُودِ الْفَرِيضَةِ عَلَى أَنَّهُ رُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى التَّخْلِيطِ عَلَى الْمَأْمُومِينَ، أَيْ وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَ شَافِعِيٍّ يَقْرَؤُهَا وَيَسْجُدُهَا مَعَهُ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فِي الْفَرِيضَةِ أَيْ لَا النَّافِلَةِ فَلَا يُكْرَهُ تَعَمُّدُهَا فِي النَّفْلِ فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً جَهْرًا أَوْ سِرًّا فِي حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مُتَأَكِّدًا أَوْ غَيْرَ مُتَأَكِّدٍ خَشِيَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ التَّخْلِيطَ أَمْ لَا.

تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ فَهَلْ مِنْ قَوْلِهِ فَرِيضَةٍ وَنَافِلَةِ أَنَّهُ لَوْ قَرَأَهَا فِي حَالِ الْخُطْبَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ خُطْبَةَ جُمُعَةٍ أَوْ لَا، لَا يَسْجُدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِخْلَالِ بِنِظَامِ الْخُطْبَةِ، وَحُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى قِرَاءَتِهَا فِيهَا الْكَرَاهَةُ وَإِنْ وَقَعَ أَنَّهُ سَجَدَ فِي الْخُطْبَةِ لَمْ تَبْطُلْ، وَإِنْ نُهِيَ عَنْ السُّجُودِ الثَّانِي لَوْ كَانَ الْقَارِئُ لِلسَّجْدَةِ إمَامًا وَتَرَكَهَا فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يَتْرُكُهَا فَإِنْ سَجَدَهَا الْمَأْمُومُ دُونَ إمَامِهِ بَطَلَتْ فِي الْعَمْدِ وَالْجَهْرِ دُونَ السَّهْوِ، كَمَا أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاةَ الْمَأْمُومِ بِتَرْكِ السُّجُودِ خَلْفَ إمَامِهِ السَّاجِدِ وَلَوْ عَمْدًا وَلَكِنَّهُ أَسَاءَ.

[قَوْلُهُ: وَيَجْهَرُ بِهَا الْإِمَامُ] أَيْ نَدْبًا لِيُعْلِمَ الْمَأْمُومِينَ وَلَوْ نَفْلًا.

[قَوْلُهُ: يَتْبَعُهُ مَأْمُومُهُ] ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّهْوِ، وَفِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ أَنَّ هَذَا الِاتِّبَاعَ وَاجِبٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْقَوْلَيْنِ إلَخْ] أَمَّا عَلَى الثَّانِي فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ فَلِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِرَعْيِ الْخِلَافِ.

[قَوْلُهُ: وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ] مُقَابِلُ قَوْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ [قَوْلُهُ: لَا تُكْرَهُ إلَخْ] نَفْيُ الْكَرَاهَةِ يَصْدُقُ بِالْجَوَازِ وَالطَّلَبُ الصَّادِقُ بِالسُّنَّةِ وَالنَّدْبِ، لَكِنَّ قَصْدَهُ أَنَّهَا مَطْلُوبَةٌ

ص: 361

وَغَيْرُهُمْ لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُدَاوِمُ عَلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ. ابْنُ بَشِيرٍ: وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ يُوَاظِبُ الْأَخْيَارُ مِنْ أَشْيَاخِي وَأَشْيَاخِهِمْ.

وَتُفْعَلُ فِي كُلِّ وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إلَّا عِنْدَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَاصْفِرَارِهَا وَعِنْدَ الْإِسْفَارِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِعْلُهَا فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ. وَاخْتُلِفَ فِي فِعْلِهَا قَبْلَ الْإِسْفَارِ وَالِاصْفِرَارِ بَعْدَ أَنْ تُصَلِّيَ الصُّبْحَ وَبَعْدَ أَنْ تُصَلِّيَ الْعَصْرَ، فَفِي الْمُوَطَّأِ لَا تَجُوزُ بَعْدَهُمَا مُطْلَقًا اصْفَرَّتْ الشَّمْسُ أَوْ أَسْفَرَتْ أَوْ لَا.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ يَسْجُدُهَا بَعْدَهُمَا مَا لَمْ تَصْفَرَّ أَوْ تُسْفِرْ وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّيْخُ فَقَالَ: (وَيَسْجُدُهَا مَنْ قَرَأَهَا بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ يُسْفِرْ) بِالسِّينِ مِنْ الْإِسْفَارِ وَهُوَ الضِّيَاءُ (وَبَعْدَ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَصْفَرَّ الشَّمْسُ) بِالصَّادِ مِنْ الِاصْفِرَارِ وَهُوَ التَّغَيُّرُ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فَارَقَتْ النَّوَافِلَ الْمَحْضَةَ، وَلِذَلِكَ شُبِّهَتْ بِالنَّوَافِلِ الْمَحْضَةِ وَمُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا.

ــ

[حاشية العدوي]

نَدْبًا بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ [قَوْلُهُ: لِمَا ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم] وَلَعَلَّ وَجْهَ الْمَشْهُودِ خَوْفَ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ.

[قَوْلُهُ: كَانَ يُدَاوِمُ] لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ فِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} [الإنسان: 1] وَوَجَّهَ الْمُنَاوِيُّ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِأَنَّ السُّورَةَ الْأُولَى فِيهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الدُّنْيَا، وَالسُّورَةُ الثَّانِيَةُ فِيهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الْآخِرَةِ، وَيَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ تَقُومُ الْقِيَامَةُ فَطُلِبَ بِذَلِكَ لِيَذْكُرَ مَبْدَأَهُ وَمَعَادَهُ.

[قَوْلُهُ: وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ] أَيْ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِعْلُهَا إلَخْ] فِيهِ نَظَرٌ إذْ فِي الْإِسْفَارِ أَوْ فِي الِاصْفِرَارِ مَكْرُوهٌ لَا حَرَامٌ [قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ] أَيْ تُكْرَهُ [قَوْلُهُ: أَوْ لَا] بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ إسْفَارٌ وَلَا اصْفِرَارٌ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ غُرُوبٌ لِلشَّمْسِ أَوْ طُلُوعٌ لَهَا فَيَحْرُمُ [قَوْلُهُ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي الْمُوَطَّأِ ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ] مُرُورٌ عَلَى الرَّاجِحِ نَعَمْ فِي عَجَّ مَا يُخَالِفُهُ وَأَنَّهَا سُنَّةٌ فَقَطْ غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ، وَنَصُّهُ وَهَلْ حُكْمُ ذَلِكَ السُّنِّيَّةُ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ أَوْ الْفَضِيلَةُ خِلَافٌ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا سُنَّةٌ إلَخْ] عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيَسْجُدُهَا إلَخْ.

[قَوْلُهُ: فَارَقَتْ إلَخْ] أَيْ فَفَارَقَتْ مَنْ فَعَلَهَا فِي التَّوْقِيفِ بِسَبَبِ كَوْنِهَا سُنَّةً مُؤَكَّدَةَ النَّوَافِلِ الْمَحْضَةِ؛ لِأَنَّهَا أَيْ النَّوَافِلَ الْمَحْضَةَ لَا تُفْعَلُ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ.

[قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ] أَيْ وَلِكَوْنِهَا سُنَّةً شُبِّهَتْ إلَخْ.

أَيْ شُبِّهَتْ بِالنَّوَافِلِ الْمَحْضَةِ فَلَمْ تُفْعَلْ فِي الِاصْفِرَارِ وَلَا فِي الْإِسْفَارِ لِكَوْنِهَا سُنَّةً أَيْ لَمْ تُطْلَبْ طَلَبًا جَازِمًا كَالنَّوَافِلِ.

[قَوْلُهُ: وَمُرَاعَاةً] مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ، وَعِبَارَتُهُ فِي التَّحْقِيقِ وَاضِحَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فَفَارَقَتْ النَّوَافِلَ الْمَحْضَةَ، وَلِذَلِكَ شُبِّهَتْ بِصَلَاةِ الْجَنَائِزِ انْتَهَى.

ص: 362