المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الْخُشُوعِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي صَنْعَةٍ أَوْ عَمَلٍ فَحَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ١

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سَبَب تَأْلِيف الْكتاب]

- ‌ بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ

- ‌[تَنْبِيهَات الْأَوَّل: إيمَانَ الْمُقَلِّدِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي: الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ وَاحِدٌ]

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[شُرُوطٌ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ]

- ‌[مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ]

- ‌ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ

- ‌[بَاب طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ]

- ‌ مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[مُبَاشَرَة الْمَرْأَةُ الْأَرْضَ بِكَفَّيْهَا فِي السُّجُودِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَالِاسْتِنْجَاء وَالِاسْتِجْمَار]

- ‌بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَاب الصَّلَاة] [

- ‌[بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌ بَابٌ فِي الْإِمَامَةِ

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ فِي الصَّلَاة]

- ‌[سُجُود السَّهْو]

- ‌ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا

- ‌[فَرْعٌ التَّنَحْنُحُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الِاجْتِهَاد فِي الْقِبْلَة]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[بَعْض الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَاةِ]

- ‌ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ)

- ‌ حُكْمِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ

- ‌صَلَاةُ الْمَرِيضِ)

- ‌[طَهَارَة مَحِلّ الصَّلَاة]

- ‌ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ (عَلَى مَسِّ الْمَاءِ لِضَرَرٍ بِهِ

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْمُسَافِر عَلَيَّ الدَّابَّة]

- ‌ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[حُكْم دَمُ الْبَرَاغِيثِ]

- ‌ بَابٌ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

- ‌ بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْجُمُعَةِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّت]

- ‌[بَابٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ]

- ‌ بَابٌ فِي الصِّيَامِ]

- ‌ قِيَامِ رَمَضَانَ

- ‌[بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ]

- ‌[مُفْسِدَات الِاعْتِكَافِ]

- ‌ الْوَقْتَ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْهُ الِاعْتِكَافَ

- ‌ مَسَائِلَ نُهِيَ الْمُعْتَكِفُ عَنْهَا

- ‌[الْوَقْت الَّذِي يَخْرَج فِيهِ مِنْ الِاعْتِكَاف]

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[بَاب فِي الزَّكَاة] [

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْحَجِّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَرَائِض الْحَجِّ وَسُنَنه وَفَضَائِله]

- ‌ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌ الْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ مِنْ أَوْجُهِ الْإِحْرَامِ الثَّلَاثَةِ

- ‌ مَحَلَّ نَحْرِ الْهَدْيِ وَذَبْحِهِ

- ‌ حَقِيقَةَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا]

- ‌[الْأُضْحِيَّة مِنْ النَّعَم وَالْبَقَر وَالْغَنَم]

- ‌[أَحْكَام الذَّكَاةُ]

- ‌ مَا لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ مِنْ الْأَنْعَامِ

- ‌[أَكْلُ الْمُحْرِم وَالِانْتِفَاع بِهِ حِينَ الِاضْطِرَار]

- ‌[أَحْكَام الصَّيْدِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَقِيقَة]

- ‌[أَحْكَام الْخِتَان]

الفصل: الْخُشُوعِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي صَنْعَةٍ أَوْ عَمَلٍ فَحَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ

الْخُشُوعِ، أَمَّا إذَا كَانَ فِي صَنْعَةٍ أَوْ عَمَلٍ فَحَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَأَمَّا كَفْتُ الشَّعْرِ فَإِنَّمَا يُكْرَهُ إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ عِزَّةَ شَعْرِهِ أَنْ يُلَوِّثَهُ، أَمَّا إذَا كَانَتْ عَادَتُهُ ذَلِكَ أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِشُغْلٍ فَلَا كَرَاهَةَ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَحِلَّ ذَلِكَ.

(وَكُلُّ سَهْوٍ) سَهَاهُ الْإِمَامُ أَوْ الْفَذُّ أَوْ الْمَأْمُومُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ (فِي الصَّلَاةِ) الْمَفْرُوضَةِ أَوْ النَّافِلَةِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (بِزِيَادَةٍ) يَسِيرَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ كَالتَّكَلُّمِ سَاهِيًا أَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (فَلْيَسْجُدْ لَهُ) أَيْ لِلسَّهْوِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ (سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ السَّلَامِ) .

وَقَيَّدْنَا الزِّيَادَةَ بِيَسِيرَةٍ احْتِرَازًا مِنْ الْكَثِيرَةِ فَإِنَّهَا مُبْطِلَةٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ كَالْكَلَامِ نِسْيَانًا وَيَطُولُ، أَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مِثْلَ أَنْ يَنْسَى أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ أَوْ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، أَوْ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَالْكَثِيرُ مِنْهُ فِي الرَّبَاعِيَةِ مِثْلُهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ عَلَى مَا شَهَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَتْبُوعُهُ.

وَفِي بُطْلَانِهَا بِنِصْفِهَا قَوْلَانِ فَقِيلَ: تَبْطُلُ وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ. وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ. ع: وَالْقَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ لَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَوْ عَمَلٍ] عَطْفٌ عَامٌّ عَلَى خَاصٍّ أَوْ كَانَ ذَلِكَ عَادَةَ قَوْمٍ.

[قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ] أَيْ خِلَافُ الْأَوْلَى لِقَوْلِهِ آخِرًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَحِلَّ ذَلِكَ كُلَّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى مُحْتَزِمًا أَوْ جَمَعَ شَعْرَهُ أَوْ شَمَّرَ كُمَّيْهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِبَاسَهُ أَوْ كَانَ فِي عَمَلٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَكَانَ بَعْضُ أَشْيَاخِي يَحْمِلُ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ كَانَ فِي عَمَلٍ إذَا كَانَ يَعُودُ إلَيْهِ ثَانِيًا، أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَعُودُ فَيُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى عُمُومِهَا وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِلْمَعْنَى ذَكَرَهُ ابْنُ نَاجِي.

[قَوْلُهُ: وَأَمَّا كَفْتُ الشَّعْرِ] أَيْ فِي الصَّلَاةِ. [قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ بِذَلِكَ عِزَّةَ شَعْرِهِ] أَيْ أَوْ قَصَدَ الصَّلَاةَ، أَيْ كَفَتْ شَعْرَهُ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ. [قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِشُغْلٍ] أَيْ وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ. [قَوْلُهُ: فَلَا كَرَاهَةَ] أَيْ الْمَنْفِيُّ هُوَ الْكَرَاهَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِقَوْلِهِ وَالْأَفْضَلُ إلَخْ، وَتَبَيَّنَ مِنْ تَقْرِيرِنَا هَذَا أَنَّ ضَمَّ الثِّيَابِ مَعَ مَا بَعْدَهُ إنَّمَا يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ لَا خَارِجِهَا بِخِلَافِ تَغْطِيَةِ الْأَنْفِ وَالْوَجْهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُمْ ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

[سُجُود السَّهْو]

[قَوْلُهُ: وَكُلُّ سَهْوٍ] هُوَ الذُّهُولُ عَنْ الشَّيْءِ تَقَدَّمَ لَهُ ذِكْرٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ النِّسْيَانِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ الْمَأْمُومُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ] وَهُوَ فِيمَا إذَا شَرَعَ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ النَّافِلَةِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ] إنَّمَا قَالَ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْمُخَالَفَةِ لِمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ لَا سُجُودَ فِي النَّافِلَةِ لَنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ» اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّافِلَةَ كَالْفَرِيضَةِ إلَّا فِي خَمْسِ مَسَائِلَ السِّرِّ وَالْجَهْرِ وَالسُّورَةُ تُغْتَفَرُ فِي النَّافِلَةِ دُونَ الْفَرِيضَةِ. الرَّابِعَةِ إذَا عَقَدَ ثَالِثَةً بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ رُكُوعِهَا كَمَّلَهَا رَابِعَةً فِي النَّافِلَةِ بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ: الْخَامِسَةِ إذَا نَسِيَ رُكْنًا مِنْ النَّافِلَةِ وَطَالَ أَوْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ مُطْلَقًا أَوْ نَافِلَةٍ وَرَكَعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا. [قَوْلُهُ: فَلْيَسْجُدْ لَهُ أَيْ لِلسَّهْوِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ] وَفِي الطِّرَازِ وُجُوبُ الْبَعْدِيِّ قَالَهُ تت وَقَوْلُهُ سَجْدَتَيْنِ وَلَوْ تَكَرَّرَ سَهْوُهُ.

[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ] أَيْ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أَقْوَالِ الصَّلَاةِ فَلَا سُجُودَ فِي سَهْوِهَا كَمَا لَا يُبْطِلُ تَعَمُّدُهَا كَمَا لَوْ كَرَّرَ السُّورَةَ وَالتَّكْبِيرَ أَوْ زَادَ سُورَةً فِي أُخْرَيَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ فَرْضًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ كَمَا لَوْ كَرَّرَ الْفَاتِحَةَ سَهْوًا وَلَوْ فِي رَكْعَةٍ، وَجَرَى خِلَافٌ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِتَعَمُّدِ تَكْرَارِهَا وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ.

[قَوْلُهُ: فَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ] وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ إنَّ جَمْعَهُمَا مُبْطِلٌ كَثُرَ أَمْ لَا وَقِيلَ إنْ كَثُرَ أَبْطَلَ وَإِلَّا فَلَا وَيُجْبَرُ بِسُجُودِ السَّهْوِ.

[قَوْلُهُ: أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ] أَيْ مُحَقَّقَاتٍ وَالْكَمَالُ هُنَا بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ قَائِلًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ هُنَا بِرَفْعِ الرَّأْسِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ فِي ثَامِنَةٍ فِي رُبَاعِيَّةٍ أَوْ سَابِعَةٍ فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رَابِعَةٍ فِي ثُنَائِيَّةٍ أَبْطَلَ.

[قَوْلُهُ: وَمَتْبُوعُهُ] أَيْ وَمَنْ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ مِنْ الْأَشْيَاخِ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: وَالْكَثِيرُ فِي الثَّانِيَةِ] أَيْ غَيْرِ السَّفَرِيَّةِ وَأَمَّا

ص: 314

وَاحِدَ أَشْهَرُ مِنْ الْآخَرِ، وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ الثَّانِي وَالْكَثِيرُ فِي الثُّنَائِيَّةِ مِثْلُهَا رَكْعَتَانِ وَلَا تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ رَكْعَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْكَثِيرُ فِي الْمَغْرِبِ رَكْعَتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ فَتَبْطُلُ بِزِيَادَتِهِمَا وَلَا تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ رَكْعَةٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ:(يَتَشَهَّدُ لَهُمَا) أَيْ لِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ الْبَعْدِيِّ أَنَّهُ لَا يُحْرِمُ لِلسُّجُودِ الْبَعْدِيِّ، وَالْمَشْهُورُ افْتِقَارُهُ إلَى الْإِحْرَامِ وَيَكْتَفِي بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَنْ تَكْبِيرَةِ الْهُوِيِّ (وَ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ (يُسَلِّمُ مِنْهُمَا) أَيْ بَعْدَ السَّجْدَتَيْنِ.

(وَكُلُّ سَهْوٍ) فِي الصَّلَاةِ سَهَاهُ الْإِمَامُ أَوْ الْفَذُّ أَوْ الْمَأْمُومُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ (بِنَقْصٍ) يَعْنِي بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ (فَلْيَسْجُدْ لَهُ) أَيْ لِلسَّهْوِ (قَبْلَ السَّلَامِ) وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا النَّقْصَ فِي كَلَامِهِ بِسُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ؛ لِأَنَّهُ سَيَنُصُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِنَقْصِ فَرْضٍ وَلَا سُنَّةٍ خَفِيفَةٍ وَلَا فَضِيلَةٍ، وَالسُّنَنُ الْمُؤَكَّدَةُ الَّتِي يَسْجُدُ لَهَا ثَمَانِيَةٌ

الْأُولَى: قِرَاءَةُ مَا زَادَ عَلَى أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الْفَرِيضَةِ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِ ذَلِكَ فِيهَا لَا فِي النَّافِلَةِ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ.

الثَّانِيَةُ: الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْفَرِيضَةِ الْجَهْرِيَّةِ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ فِيهَا لَا فِي النَّافِلَةِ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَيْضًا بِأَنْ يَأْتِيَ بِالسِّرِّ بَدَلَهُ فِيهَا.

الثَّالِثَةُ: الْإِسْرَارُ فِي مَحَلِّهِ.

الرَّابِعَةُ: التَّكْبِيرُ سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ.

الْخَامِسَةُ: قَوْلُ سَمِعَ اللَّهِ لِمَنْ حَمِدَهُ.

السَّادِسَةُ وَالسَّابِعَةُ: التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ. وَالْجُلُوسُ لَهُ.

الثَّامِنَةُ: التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ، وَلَا يَسْجُدُ لِغَيْرِ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ.

كَذَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ تَكْبِيرَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

السَّفَرِيَّةُ فَلَا تَبْطُلُ إلَّا بِأَرْبَعٍ، مِثَالُ الثُّنَائِيَّةِ الصُّبْحُ وَالْجُمُعَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ يَوْمِهَا وَعَلَى مُقَابِلِهِ فَلَا يُبْطِلُهَا إلَّا زِيَادَةُ أَرْبَعٍ، وَالْقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ مِثْلِهَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ، أَيْ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ زِيَادَةُ الْمِثْلِ.

[قَوْلُهُ: رَكْعَتَانِ عَلَى الْأَصَحِّ] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الثُّلَاثِيَّةَ كَالرُّبَاعِيَّةِ لَا تَبْطُلُ إلَّا بِزِيَادَةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مُحَقَّقَاتٍ [قَوْلُهُ: يَتَشَهَّدُ لَهُمَا] أَيْ عَلَى سَبِيلِ السُّنِّيَّةِ وَيَكُونُ كَتَشَهُّدِ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ افْتِقَارُهُ إلَى الْإِحْرَامِ] وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ افْتِقَارِهِ إلَى الْإِحْرَامِ وَالْإِحْرَامُ هُوَ النِّيَّةُ عَلَى مَا يُسْتَفَادُ مِنْ بَعْضِ شُرَّاحِ خَلِيلٍ، وَكَذَا فِي التَّحْقِيقِ قَالَ بَهْرَامٌ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِحْرَامِ فَهَلْ يُحْرِمُ قَائِمًا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَوْ جَالِسًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ شَبْلُونٍ نَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ، اهـ، وَالظَّاهِرُ الثَّانِي.

[قَوْلُهُ: وَيَكْتَفِي بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ] أَيْ فَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ هِيَ تَكْبِيرَةُ الْهَوِيِّ.

[قَوْلُهُ: وَيُسَلِّمُ مِنْهُمَا] جَهْرًا وَجَهْرُهُ سُنَّةٌ كَالْفَرِيضَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْبَعْدِيَّ مُحْتَوٍ عَلَى سُجُودٍ وَتَكْبِيرٍ وَتَشَهُّدٍ وَسَلَامٍ، أَمَّا التَّشَهُّدُ فَهُوَ سُنَّةٌ وَالسَّلَامُ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَلَا يَبْطُلُ السُّجُودُ بِتَرْكِهِ، وَالتَّكْبِيرُ يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي تَكْبِيرَةِ الصَّلَاةِ، فَلَوْ تَرَكَ الثَّلَاثَةَ وَهِيَ الْإِحْرَامُ، أَيْ التَّكْبِيرَ وَالتَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ وَأَتَى بِنِيَّتِهِ، أَيْ السُّجُودِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحِيحٌ كَالْبَعْضِ قَالَ الشَّيْخُ بَلْ وَلَوْ تَرَكَ الْبَعْدِيَّ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ.

[قَوْلُهُ: فَلْيَسْجُدْ] أَيْ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ وَلَوْ كَثُرَتْ السُّنَنُ الْمَتْرُوكَةُ وَحُكْمُهُ السُّنِّيَّةُ وَقِيلَ وَاجِبٌ، وَقِيلَ إنْ كَانَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ فَوَاجِبٌ وَإِنْ كَانَ عَنْ اثْنَتَيْنِ فَسُنَّةٌ.

[قَوْلُهُ: بِنَقْصِ سُنَّةٍ مُؤَكَّدَةٍ] وَمَثَلًا السَّنَتَانِ الْخَفِيفَتَانِ وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ مُحَقَّقًا أَوْ مَشْكُوكًا فِيهِ.

[قَوْلُهُ: الْإِسْرَارُ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ جَهْرًا فِي مَحَلِّ السِّرِّ سَهْوًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَبْلَ السَّلَامِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

[قَوْلُهُ: الرَّابِعَةُ التَّكْبِيرُ] هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلَّ تَكْبِيرَةٍ سُنَّةٌ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ، وَقَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِتَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ فَتَأَمَّلْ.

[قَوْلُهُ: الْخَامِسَةُ قَوْلُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ] يَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الَّذِي قَبْلَهُ.

[قَوْلُهُ: التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ] فَإِنَّهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى سُنَّتَيْنِ ذَاتُهُ سُنَّةٌ وَكَوْنُهُ بِاللَّفْظِ الْخَاصِّ سُنَّةٌ أُخْرَى.

[قَوْلُهُ: وَالْجُلُوسُ لَهُ] أَيْ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْجُلُوسِ تَرْكُ التَّشَهُّدِ، فَإِنْ قُلْت لَا يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ قَائِمًا قُلْت يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا فِعْلٌ كَثِيرٌ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَمْدًا.

[قَوْلُهُ: الثَّامِنَةُ التَّشَهُّدُ الْأَخِيرُ] اُنْظُرْ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ بِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ. [قَوْلُهُ: وَتَرْكُ

ص: 315

وَاحِدَةٍ وَنَحْوِ قَوْلِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَتَرَكَ تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ شَيْخُنَا وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا تَرَكَ لَفْظَهُ وَلَمْ يَتْرُكْ الْجُلُوسَ لَهُ وَأَمَّا لَوْ تَرَكَهُ بِجُلُوسِهِ لَسَجَدَ، وَالسُّجُودُ الَّذِي قَبْلَ السَّلَامِ إنَّمَا يَكُونُ (إذَا تَمَّ تَشَهُّدُهُ ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْرَغَ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ (يَتَشَهَّدُ) عَلَى الْمَشْهُورِ ثَانِيًا (وَيُسَلِّمُ) وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ مِنْ سُنَّةِ السَّلَامِ أَنْ يَعْقُبَ تَشَهُّدًا (وَقِيلَ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ) وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا، وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ الْجُلُوسِ الْوَاحِدِ لَا يَتَكَرَّرُ فِيهِ التَّشَهُّدُ مَرَّتَيْنِ

(وَمَنْ نَقَصَ) فِي صَلَاتِهِ شَيْئًا مِنْ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ (وَ) مَعَ ذَلِكَ (زَادَ) فِيهَا شَيْئًا يَسِيرًا مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (سَجَدَ) لَهُ (قَبْلَ السَّلَامِ) أَيْضًا مِثْلَ أَنْ يَتْرُكَ التَّشَهُّدَ وَالْجُلُوسَ لَهُ وَيَزِيدَ سَجْدَةً، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِلنَّقْصِ فَقَطْ أَوْ لَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ قَبْلَ السَّلَامِ، وَيَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ فَقَطْ بَعْدَ السَّلَامِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَعَنْ الشَّافِعِيِّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ مُطْلَقًا. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بَعْدَهُ مُطْلَقًا، وَدَلِيلُنَا عَلَى الزِّيَادَةِ مَا صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى الْعَصْرَ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْ نَسِيت إلَى أَنْ قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَمَّ مَا بَقِيَ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ] لَيْسَ بِمُسَلَّمٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ عج فِي شَرْحِهِ عَلَى خَلِيلٍ. [قَوْلُهُ: يَتَشَهَّدُ عَلَى الْمَشْهُورِ ثَانِيًا] أَيْ عَلَى طَرِيقٍ السُّنِّيَّةِ عَلَى مَا يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمَتْنِ وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ كَذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ يُعِيدُهُ اسْتِنَانًا فَلَوْ تَرَكَ إعَادَتَهُ وَلَوْ عَمْدًا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ تَشَهُّدِهِ لِلْفَرِيضَةِ وَاكْتَفَى بِتَشَهُّدِ الْفَرِيضَةِ لَصَحَّتْ صَلَاتُهُ بِالْأَوْلَى مِنْ تَرْكِ إعَادَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

تَنْبِيهٌ: السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ يَحْتَاجُ أَيْضًا إلَى تَكْبِيرِ هَوِيٍّ مَعَ نِيَّةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْبَعْدِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ.

[قَوْلُهُ: مِنْ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ] لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ الْمُؤَكَّدَةِ بَلْ مَتَى اجْتَمَعَ مَعَ الزِّيَادَةِ سُنَّةٌ وَلَوْ خَفِيفَةً فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ.

[قَوْلُهُ: مِثْلَ أَنْ يَتْرُكَ التَّشَهُّدَ وَالْجُلُوسَ لَهُ] لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ بَلْ وَلَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ فَقَطْ بَلْ وَلَوْ سُنَّةً خَفِيفَةً كَمَا تَقَدَّمَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّوَرَ تِسْعٌ: نَقْصٌ مُحَقَّقٌ أَوْ مَشْكُوكٌ فِيهِ، نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ مُحَقَّقَانِ أَوْ مَشْكُوكَانِ أَوْ تَحَقَّقَ النَّقْصُ، وَشَكَّ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ تَيْقَنَّ الْمُوجِبَ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُوَ زِيَادَةٌ أَوْ نَقْصٌ، فَهَذِهِ صُوَرٌ سَبْعَةٌ يَسْجُدُ فِيهَا قَبْلَ السَّلَامِ زِيَادَةٌ فَقَطْ مُحَقَّقَةٌ أَوْ مَشْكُوكٌ فِيهَا بَعْدَ السَّلَامِ.

[قَوْلُهُ: فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ] اسْمُهُ الْخِرْبَاقُ بْنُ عَمْرٍو بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ الْقَافُ وَهُوَ شَامِيٌّ، هَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِذْقِ وَالْفَهْمِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَقِيلَ: اسْمُهُ عُمَيْرٌ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَهُوَ غَيْرُ ذِي الشِّمَالَيْنِ الَّذِي هُوَ عُمَرُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ السُّيُوطِيّ: فِي حَوَاشِي الْمُوَطَّأِ وَذُو الْيَدَيْنِ عَاشَ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُدَّةً وَحَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلُقِّبَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ وَقِيلَ كَانَ يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ. جَمِيعًا اهـ.

[قَوْلُهُ: أَقُصِرَتْ الصَّلَاةُ] بِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الصَّادِ عَلَى أَنَّهُ قَاصِرٌ وَبِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الصَّادِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ وَقَوْلُهُ أَمْ نَسِيت إلَخْ حَصْرٌ فِي الْأَمْرَيْنِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ إمَّا مِنْ اللَّهِ وَهُوَ الْقَصْرُ أَوْ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ النِّسْيَانُ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ.

[قَوْلُهُ: إلَى أَنْ قَالَ] تَمَامُ الْحَدِيثِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ عَقِبَ أَمْ نَسِيت «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فَقَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالُوا: نَعَمْ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَتَمَّ» ، وَقَوْلُهُ كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، أَيْ لَمْ يَقَعْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا فِي ظَنِّي بَلْ ظَنِّي أَنِّي أَكْمَلْت الصَّلَاةَ أَرْبَعًا وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ، وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَاتٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَمْ تُقْصَرْ وَلَمْ أَنْسَ فَنَفَى الْأَمْرَيْنِ.

ص: 316

الصَّلَاةِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَهُوَ جَالِسٌ» ، وَدَلِيلُ النَّقْصِ مَا صَحَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى الظُّهْرَ فَقَامَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَلَمْ يَجْلِسْ فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إذَا قَضَى الصَّلَاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ ثُمَّ سَلَّمَ» . ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ثُمَّ غُلِّبَ النُّقْصَانُ عَلَى الزِّيَادَةِ إذَا اجْتَمَعَا.

(وَمَنْ نَسِيَ أَنْ يَسْجُدَ) سُجُودَ السَّهْوِ الْبَعْدِيَّ الَّذِي يَفْعَلُهُ (بَعْدَ السَّلَامِ) ثُمَّ تَذَكَّرَهُ (فَلْيَسْجُدْ مَتَى مَا ذَكَرَهُ وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ) أَيْ مَا بَيْنَ تَذَكُّرِهِ وَالسَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ؛ لِأَنَّ الْبَعْدِيَّ تَرْغِيمٌ لِلشَّيْطَانِ فَنَاسَبَ أَنْ يَسْجُدَ وَإِنْ بَعْدُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ وَلَوْ كَانَ فِي وَقْتِ نَهْيٍ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ تَرَتَّبَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ لَا يَرْجِعُ إلَى الْجَامِعِ وَالْمَذْهَبُ عَلَى مَا قَالَ التَّادَلِيُّ يَرْجِعُ، وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ اخْتِصَاصُ الرُّجُوعِ بِالْقَبْلِيِّ دُونَ الْبَعْدِيِّ.

(وَإِنْ كَانَ) سُجُودُ السَّهْوِ الَّذِي نَسِيَهُ قَبْلِيًّا أَيْ يُفْعَلُ (قَبْلَ السَّلَامِ سَجَدَ) إذَا تَذَكَّرَهُ (إنْ كَانَ) تَذَكُّرُهُ لَهُ (قَرِيبًا) مِنْ انْصِرَافِهِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالْقُرْبُ غَيْرُ مَحْدُودٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ إلَى الْعُرْفِ وَكَذَلِكَ الطُّولُ فَمَا يُقَالُ قَرِيبٌ فَهُوَ قَرِيبٌ وَمَا يُقَالُ بَعِيدٌ فَهُوَ بَعِيدٌ (وَ) أَمَّا (إنْ بَعُدَ) تَذَكُّرُهُ لَهُ (ابْتَدَأَ) بِمَعْنَى أَعَادَ (صَلَاتَهُ) وُجُوبًا لِبُطْلَانِهَا (إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ)

ــ

[حاشية العدوي]

تَنْبِيهٌ: فُهِمَ مِنْ الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ، وَأَنَّهُ سَجْدَتَانِ وَأَنَّهُ بَعْدَ السَّلَامِ وَأَنَّ التَّسْلِيمَ سَهْوًا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَأَنَّ الْفَصْلَ الْيَسِيرَ بَعْدَهُ غَيْرُ مُبْطِلٍ، وَأَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا مِنْ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ نَسِيَ أَنْ يَسْجُدَ] لَا مَفْهُومَ لِلنِّسْيَانِ وَمِثْلُهُ التَّرْكُ عَمْدًا.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ شَهْرٍ] لَا مَفْهُومَ لَهُ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَعْدِيَّ تَرْغِيمٌ] بِخِلَافِ الْقَبْلِيِّ فَإِنَّهُ جَابِرٌ لِنَقْصِ الصَّلَاةِ، فَلِذَا طُلِبَ وُقُوعُهُ فِيهَا أَوْ عَقِبَهَا بِالْقُرْبِ.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِي وَقْتِ نَهْيٍ] وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْقَبَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ، وَتَابِعٍ لَهَا وَإِنْ كَانَ كَلَامُنَا فِي الْبَعْدِيِّ، وَكَذَا الْبَعْدِيُّ حَيْثُ كَانَ مِنْ صَلَاةٍ مَفْرُوضَةٍ، وَأَمَّا لَوْ تَذَكَّرَهُ مِنْ صَلَاةٍ غَيْرِ مَفْرُوضَةٍ فِي وَقْتِ النَّهْيِ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ لِحِلِّ النَّافِلَةِ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ.

[قَوْلُهُ: لَا يَرْجِعُ إلَى الْجَامِعِ] أَيْ إلَى الْجَامِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةَ.

[قَوْلُهُ: التَّادَلِيُّ] بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ نِسْبَةً إلَى تَادَلَةَ مَحَلَّةٌ بِالْمَغْرِبِ.

[قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ إلَخْ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ أَيْضًا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اعْلَمْ أَنَّ السُّجُودَ الْقِبْلِيَّ لَا بُدَّ أَنْ يُفْعَلَ فِي الْجَامِعِ الَّذِي أُدِّيَتْ فِيهِ الْجُمُعَةُ كَمَا لَوْ فَاتَتْهُ بِرَكْعَةٍ الْأُولَى مِنْ الْجُمُعَةِ، وَقَامَ لِقَضَائِهَا فَنَسِيَ السُّورَةَ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يَطُلْ الْأَمْرُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْجَامِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ.

وَأَمَّا الْبَعْدِيُّ كَمَا لَوْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا أَوْ زَادَ رَكْعَةً سَهْوًا وَنَسِيَ السُّجُودَ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ فِي أَيِّ جَامِعٍ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ اخْتِصَاصُ الرُّجُوعِ، أَيْ الرُّجُوعِ إلَى الْجَامِعِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا ظَاهِرُ الْمُخْتَصَرِ، أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ وَبِالْجَامِعِ فِي الْجُمُعَةِ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ فِي السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ.

تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ الْمَتْنِ سَوَاءٌ ذَكَرَهُ فِي صَلَاةٍ أَمْ لَا وَهَذَا لَا يَخْلُو مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ فَرْضٍ فَيَذْكُرُهُ فِي فَرْضٍ أَوْ مِنْ فَرْضٍ فَيَذْكُرُهُ فِي نَفْلٍ أَوْ مِنْ نَفْلٍ فَيَذْكُرُهُ فِي نَفْلٍ أَوْ مِنْ نَفْلٍ فَيَذْكُرُهُ فِي فَرْضٍ، وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يُتِمُّ مَا هُوَ فِيهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِمَّا هُوَ فِيهِ.

[قَوْلُهُ: وَالْقُرْبُ غَيْرُ مَحْدُودٍ عَلَى الْمَذْهَبِ] أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِعَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ عِنْدَ أَشْهَبَ.

[قَوْلُهُ: ابْتَدَأَ بِمَعْنَى أَعَادَ صَلَاتَهُ] هَذَا حَيْثُ كَانَ مُتَرَتِّبًا عَنْ نَقْصِ ثَلَاثِ سُنَنٍ.

قَالَ تت كَالتَّحْقِيقِ كَنِسْيَانِ الْجُلُوسِ الْوَسَطِ أَوْ ثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ أَوْ تَحْمِيدَاتٍ وَهَذَا إنْ كَانَ تَرْكُهُ عَلَى جِهَةِ السَّهْوِ، وَأَمَّا لَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ هَكَذَا قَالَ عج وَقَالَ السَّنْهُورِيُّ: لَا تَبْطُلُ إلَّا بِالطُّولِ وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا، وَأَقُولُ لَعَلَّ الْأَوْجُهَ كَلَامُ السَّنْهُورِيِّ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تَأْخِيرَ الْقَبَلِيِّ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَلَوْ كَانَ عَمْدًا.

قَالَهُ الشَّيْخُ وَقَدْ يَبْحَثُ فِي

ص: 317

السُّجُودُ الْقَبْلِيُّ تَرَتَّبَ (مِنْ نَقْصِ شَيْءٍ خَفِيفٍ كَالسُّورَةِ) الَّتِي تُقْرَأُ (مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ التَّكْبِيرَتَيْنِ أَوْ التَّشَهُّدَيْنِ وَشَبَهِ ذَلِكَ) كَتَحْمِيدَتَيْنِ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ لَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ، وَفِي الْجَلَّابِ يَسْجُدُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمُخْتَصَرِ فِي تَرْكِ السُّورَةِ أَوْ تَرْكِ التَّشَهُّدَيْنِ.

وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ وَكُلُّ سَهْوٍ بِنَقْصٍ إلَى آخِرِهِ صَادِقًا بِنَقْصِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ وَغَيْرِهَا شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِغَيْرِ السُّنَّةِ الْمُؤَكَّدَةِ مِنْ فَرِيضَةٍ وَسُنَّةٍ غَيْرِ مُؤَكَّدَةٍ وَفَضِيلَةٍ وَبَدَأَ بِالْفَرِيضَةِ فَقَالَ: (وَلَا يُجْزِئُ سُجُودُ السَّهْوِ لِنَقْصِ رَكْعَةٍ وَلَا) لِنَقْصِ (سَجْدَةٍ وَلَا لِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَوْ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا وَكَذَلِكَ فِي تَرْكِ

ــ

[حاشية العدوي]

كَلَامِ الشَّيْخِ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّأْخِيرِ بَعْدَ السَّلَامِ تَرْكٌ لَهُ.

[قَوْلُهُ: كَالسُّورَةِ] أَيْ أَنَّهَا سُنَّتَانِ خَفِيفَتَانِ ذَاتُهَا وَكَوْنُهَا سِرًّا أَوْ جَهْرًا أَيْ فَيَسْجُدُ لَهُمَا وَلَكِنْ إذَا تَرَكَ حَتَّى طَالَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَهَذَا إذَا أَتَى بِالْقِيَامِ لَهَا وَإِلَّا فَتَبْطُلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ ثَلَاثَ سُنَنٍ، وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِالْقِيَامِ لَهَا وَرُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَكَلَامُ الْجُزُولِيِّ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ حَيْثُ تَرَكَ السُّورَةَ فِي أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ قَالَهُ عج، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالسُّورَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ لَوْ قَالَ بَعْدَ أُمِّ الْقُرْآنِ لَكَانَ أَوْضَحَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ مَتْرُوكَةٌ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَدْفُوعًا بِأَنَّ مَوْضُوعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي نُقْصَانِ شَيْءٍ خَفِيفٍ وَمِنْ حُسْنِ سَبْكِ هَذَا الشَّارِحِ تَقْدِيرُهُ قَبْلَ مَعَ الَّتِي تُقْرَأُ، فَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمَعْنَى كَالسُّورَةِ الْمَتْرُوكَةِ مَعَ أُمِّ الْقُرْآنِ.

[قَوْلُهُ: أَوْ التَّشَهُّدَيْنِ] اعْلَمْ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِتَرْكِ تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَحِينَئِذٍ.

فَمَنْ تَرَكَ تَشَهُّدًا وَاحِدًا مَعَ الْجُلُوسِ لَهُ وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى طَالَ الْأَمْرُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ لِتَرْكِهِ السُّجُودَ الْمُتَرَتِّبَ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ الْجُلُوسِ وَمُطْلَقِ التَّشَهُّدِ وَخُصُوصِ اللَّفْظِ، فَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ لَوْ تَرَكَ تَشَهُّدَيْنِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ رحمه الله يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِلتَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خُصُوصَ اللَّفْظِ مَنْدُوبٌ، وَأَنَّهُ تَرَكَ التَّشَهُّدَيْنِ وَأَتَى بِالْجُلُوسِ لَهُمَا؛ لِأَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَيْسَ سُجُودُهُ إلَّا عَنْ سُنَّتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ يَسْجُدُ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ، فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُرُورٌ عَلَى غَيْرِ الرَّاجِحِ فَتَدَبَّرْ، وَاعْتَرَضَ الْقَرَافِيُّ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَائِلًا: لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْسَى التَّشَهُّدَيْنِ وَيَكُونُ السُّجُودُ لَهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ سَهْوُهُ عَنْ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ إلَّا بِالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا قَبْلَهُ ظَرْفٌ لِلتَّشَهُّدِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا يُتَصَوَّرُ فِي الرَّاعِفِ الْمَسْبُوقِ بِرَكْعَةٍ خَلْفَ الْإِمَامِ، وَيُدْرِكُ الثَّانِيَةَ وَتَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِتَشَهُّدَيْنِ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ لِإِمَامِهِ غَيْرِ تَشَهُّدِ السَّلَامِ، فَإِذَا تَرَكَ هَذَيْنِ التَّشَهُّدَيْنِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَقِيَّةُ مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ لَا إعَادَةَ وَلَا سُجُودَ] أَيْ مَعَ الطُّولِ إذْ هُوَ مَوْضُوعُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ السُّنَّتَيْنِ الْخَفِيفَتَيْنِ يَسْجُدُ لَهُمَا.

[قَوْلُهُ: وَفِي الْجَلَّابِ إلَخْ] هَذَا كَلَامٌ نَشَأَ عَنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي طَلَبِ أَصْلِ السُّجُودِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا خُوطِبَ بِالسُّجُودِ وَتَرْكُهُ حَتَّى طَالَ الْأَمْرُ، فَإِنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ بَعْدُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ عَنْ سُنَّتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُجْزِئُ سُجُودُ السَّهْوِ لِنَقْصِ رَكْعَةٍ إلَخْ] أَيْ رَكْعَةٍ كَامِلَةٍ تَيَقَّنَ تَرْكُهَا أَوْ شَكَّ فِيهِ حَالِ تَشَهُّدِهِ وَقَبْلَ سَلَامِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ، وَكَيْفِيَّةُ الْإِتْيَانِ بِهَا أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا بَانِيًا عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الرَّكْعَةُ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ.

وَيَسْجُدُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ السَّلَامِ لِانْقِلَابِ رَكَعَاتِهِ حَيْثُ كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ الْإِتْيَانِ لِتِلْكَ الرَّكْعَةِ بَعْدَ السَّلَامِ لِتَمَحُّضِ الزِّيَادَةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا وَقَبْلَ سَلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ فِي السُّجُودِ الْقَبْلِيِّ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ سَلَّمَ.

[قَوْلُهُ: وَلَا لِنَقْصِ سَجْدَةٍ] أَيْ أَوْ رُكُوعٍ أَوْ رَفْعٍ مِنْهُمَا وَذَكَرَ ذَلِكَ فِي حَالِ قِيَامِهِ مَثَلًا أَوْ تَشَهُّدِهِ قَبْلَ سَلَامِهِ تَحَقَّقَ نَقْصُهَا أَوْ شَكَّ فِيهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَلَافِيهِ فِي مَحَلِّهِ وَالْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَيَشْمَلُ الظَّنَّ وَالشَّكَّ وَالْوَهْمَ هَذَا فِي الْفَرَائِضِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي النَّقْصِ فِيهَا كَتَحَقُّقِهِ فِي وُجُوبِ الْإِتْيَانِ بِبَدَلِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ حَيْثُ لَا اسْتِنْكَاحَ بِخِلَافِ السُّنَنِ، فَلَا يَسْجُدُ لِنَقْصِهَا إلَّا عِنْدَ تَيَقُّنِ النَّقْصِ أَوْ التَّرَدُّدِ فِيهِ عَلَى

ص: 318

الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ الصُّبْحِ) لَوْ قَالَ: لِنَقْصِ فَرِيضَةٍ أَوْ رُكْنٍ لَكَانَ أَخَصْرَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ بِالسُّجُودِ لِنَقْصِ رَكْعَةٍ أَوْ سَجْدَةٍ مَجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ فِي تَرْكِ الْقِرَاءَةِ يَعْنِي أُمَّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ فِي تَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ ج: هُوَ مُؤَثِّرٌ فِي الْبُطْلَانِ.

وَقَالَ ك: فِي تَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي نِصْفِ الصَّلَاةِ كَرَكْعَةٍ مِنْ الثُّنَائِيَّةِ أَوْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَشْهَرُهَا: أَنَّهُ يَتَمَادَى وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ.

ثَانِيهَا: يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَتُجْزِئُهُ.

ثَالِثُهَا: يُلْغِي مَا تَرَكَ فِيهِ الْقِرَاءَةَ وَيَأْتِي بِمِثْلِهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ.

وَلَمَّا بَيَّنَ حُكْمَ تَرْكِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَوْ فِي نِصْفِهَا انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى تَرْكِهَا فِي أَقَلِّ الصَّلَاةِ فَقَالَ: (وَاخْتُلِفَ فِي السَّهْوِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ الصُّبْحِ كَرَكْعَةٍ مِنْ الثُّلَاثِيَّةِ أَوْ الرُّبَاعِيَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ كُلِّهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (فَقِيلَ يُجْزِئُ فِيهِ) أَيْ فِي السَّهْوِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ الصُّبْحِ (سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ) وَلَا يُلْغِيهَا وَتُجْزِئُهُ، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْجُلِّ (وَقِيلَ يُلْغِيهَا) أَيْ الرَّكْعَةَ الَّتِي مِنْهَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ (وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ) بَدَلهَا وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ الْقَاسِمِ، هَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَصَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ.

وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: هِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ (وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ) بَدَلهَا (وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ تَمَامَ الْأُولَى وَاجِبٌ، وَأَنَّ إعَادَةَ الثَّانِيَةِ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لَا يَكُونُ إلَّا مُسْتَحَبًّا (وَهَذَا) الْقَوْلُ الثَّالِثُ (أَحْسَنُ ذَلِكَ) أَيْ الْأَقْوَالِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأُ لِلذِّمَّةِ (إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) .

تَنْبِيهَانِ: مِنْ ك الْأَوَّلُ: لَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ حُكْمَ مَا إذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ مِنْ أَكْثَرِ الصَّلَاةِ كَثَلَاثٍ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ وَرَكْعَتَيْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

السَّوَاءِ لَا عِنْدَ تَوَهُّمِهِ، وَقُلْنَا قَبْلَ سَلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ فِي السُّجُودِ قَبْلُ.

[قَوْلُهُ: هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ] وَهُوَ الرَّاجِحُ وَمُقَابِلُهُ مَا رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا أَنَّ صَلَاتَهُ تُجْزِئُهُ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُؤْثَرٌ فِي الْبُطْلَانِ] أَيْ التَّرْكِ فِيهِ نَقْصٌ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ نَاجِي وَنَصُّهُ، وَأَمَّا تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا أَوْ ثَلَاثٍ، فَإِنَّهُ مُؤْثَرٌ فِي الْبُطْلَانِ انْتَهَى وَظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ نَاجِي بُطْلَانُ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهُ لَا يَأْتِي بِبَدَلِ مَا تَرَكَ فِيهِ الْقِرَاءَةَ وَهُوَ لَا يُتِمُّ فَلْيُحْمَلْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا يُجْبَرُ بِالسُّجُودِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُلْغِي مَا تَرَكَ فِيهِ الْقِرَاءَةَ وَيَأْتِي بِبَدَلِهِ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ.

[قَوْلُهُ: أَشْهَرُهَا أَنَّهُ يَتَمَادَى] أَيْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا جُمْلَةً، أَوْ فِي رَكْعَةٍ فَقَطْ أَوْ تَجِبُ فِي النِّصْفِ [قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ] أَيْ احْتِيَاطًا أَيْ نَدْبًا.

[قَوْلُهُ: ثَالِثُهَا يُلْغِي إلَخْ] وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَيَكُونُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْجُلِّ] أَوْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا أَوْ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي رَكْعَةٍ أَوْ النِّصْفِ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُلْغِيهَا] أَيْ الرَّكْعَةَ إلَخْ، فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ لِفَوَاتِ تَدَارُكِهَا وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ حَيْثُ جَلَسَ بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ صَحِيحَتَيْنِ بِحَيْثُ قَرَأَ فِيهِمَا الْفَاتِحَةَ وَالسُّورَةَ وَإِلَّا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ الرَّكْعَةِ الْمُلْغَاةِ وَنَقْصِ الْجُلُوسِ وَالسُّورَةِ مِنْ الثَّانِيَةِ الَّتِي ظَنَّهَا ثَالِثَةً.

[قَوْلُهُ: وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

[قَوْلُهُ: وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا] قَالَ عج: وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالِاحْتِيَاطِ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَبِالْإِعَادَةِ افْتَرَقَتْ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ الْأُولَى.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَبْرَأُ لِلذِّمَّةِ] لَا يَخْفَى أَنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ أَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَجْعَلَهُ تَعْلِيلًا لِلِاحْتِيَاطِ كَمَا نَقَلْنَاهُ عَنْ عج وَتُعَلَّلُ الْأَحْسَنِيَّةُ بِأَنَّ فِيهِ مُرَاعَاةَ الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فَسُجُودُهُ قَبْلَ السَّلَامِ وَعَدَمُ بُطْلَانِهَا رَعْيٌ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي الْجُلِّ مَثَلًا، وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ رَعْيٌ لِلْقَوْلِ الثَّانِي.

[قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ] قَالَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ أَحْسَنَ الرِّوَايَاتِ عِنْدَهُ إمَّا لِعَدَمِ جَزْمِهِ بِمَا قَالَهُ مِنْ الْأَحْسَنِيَّةِ أَوْ لِلتَّبَرُّكِ.

ص: 319

مِنْ الْمَغْرِبِ، وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ احْتِيَاطًا.

الثَّانِي: مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ كُلِّهِ فِي تَرْكِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ إذَا فَاتَ مَوْضِعُ الْإِتْيَانِ بِهَا، أَمَّا إذَا لَمْ يَفُتْ بِأَنْ تَذَكَّرَهَا وَهُوَ قَائِمٌ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ بَعْدَ أَنْ قَرَأَ السُّورَةَ فَإِنَّهُ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ، وَفِي إعَادَةِ السُّورَةِ قَوْلَانِ اسْتَحْسَنَ اللَّخْمِيُّ الْإِعَادَةَ. سَحْنُونٌ: وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا سُجُودَ عَلَيْهِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ مَا لَا يَسْجُدُ لَهُ مِنْ نَقْصِ سُنَّةٍ خَفِيفَةٍ وَنَقْصِ فَضِيلَةٍ فَقَالَ: (وَمَنْ سَهَا عَنْ تَكْبِيرَةٍ) سِوَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ (أَوْ عَنْ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مَرَّةً) وَاحِدَةً (أَوْ) عَنْ (الْقُنُوتِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ) الْأَوَّلَانِ سُنَّتَانِ وَالثَّالِثُ فَضِيلَةٌ، أَمَّا تَرْكُ السُّجُودِ عَنْ التَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ فَهُوَ الْمَشْهُورُ.

وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَسْجُدُ لَهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَرْكِ السُّجُودِ لِتَرْكِ التَّحْمِيدَةِ الْوَاحِدَةِ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَرْكِ السُّجُودِ لِلْقُنُوتِ فَقَالَ ك: إنْ سَجَدَ لَهُ قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ التَّكْبِيرَةِ وَالتَّحْمِيدَةِ فَإِنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِتَرْكِ أَحَدِهِمَا، لَمْ نَعْلَمْ مَنْ يَقُولُ بِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِهَذَا انْتَهَى.

وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ فَقَدْ نَصَّ فِيهِ عَلَى بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ سَجَدَ لَهُمَا.

(وَمَنْ انْصَرَفَ) أَيْ خَرَجَ (مِنْ الصَّلَاةِ) بِسَلَامٍ سَهْوًا مَعَ اعْتِقَادِ الْإِتْمَامِ (ثُمَّ) بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا (ذَكَرَ) أَيْ تَذَكَّرَ يَقِينًا أَوْ شَكَّ (أَنَّهُ بَقِيَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: مَشْهُورُهُمَا أَنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ احْتِيَاطًا] أَيْ نَدْبًا وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ عَنْ ك هُنَا وَفِيمَا مَرَّ أَنَّ تَرْكَ الْجُلِّ وَالنِّصْفِ لَا يُبْطِلُ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَيُعِيدُ احْتِيَاطًا، وَأَنَّ تَرْكَ الْجَمِيعِ يُبْطِلُ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِتَرْكِ الْأَقَلِّ بِقَوْلِهِ وَاخْتُلِفَ فِي السَّهْوِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَةِ وَفِيمَا اسْتَحْسَنَهُ الْمُصَنِّفُ يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَقَلِّ كَالنِّصْفِ، أَوْ الْجُلِّ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ، وَلَا يَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُ احْتِيَاطًا، وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ رَجَّحَ الْبُطْلَانَ فِيمَا إذَا تَرَكَهَا فِي نِصْفِ صَلَاتِهِ فَيَكُونُ أَوْلَى فِيمَا إذَا تَرَكَهَا فِي الْجُلِّ، وَعِبَارَةُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ تَقْتَضِي قُوَّةَ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ.

[قَوْلُهُ: وَإِذَا فَاتَ مَوْضِعُ الْإِتْيَانِ بِهَا] أَيْ بِأَنْ انْحَنَى هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ، أَمَّا إذَا لَمْ تَفُتْ بِأَنْ تَذَكَّرَ وَهُوَ قَائِمٌ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَقْدَ الرَّكْعَةِ بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ لَا بِالِانْحِنَاءِ كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ، فَالْمُنَاسِبُ الْمُعْتَمَدُ أَنْ يَقُولَ أَمَّا إذَا لَمْ يَفُتْ بِأَنْ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِقِرَاءَتِهَا أَيْ الْفَاتِحَةِ.

[قَوْلُهُ: اسْتَحْسَنَ اللَّخْمِيُّ الْإِعَادَةَ] وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، أَيْ إمَّا لِكَوْنِهَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ سُنَّةً أَوْ لِكَوْنِ السُّنَّةِ لَا تَحْصُلُ إلَّا إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ أَيْ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الْإِعَادَةِ وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَاتِ لَا يَرَى ذَلِكَ، بَلْ يَرَى أَنَّ السُّنَّةَ تَحْصُلُ بِقِرَاءَتِهَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ أَوْ بَعْدَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي غَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ، وَأَمَّا هُوَ فَاتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ الْإِعَادَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

[قَوْلُهُ: وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ] أَيْ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ الْقَوْلِيَّةِ أَيْ إعَادَةِ السُّورَةِ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا سُجُودَ عَلَيْهِ] أَيْ فَلَا يَرَى تَرَتُّبَ السُّجُودِ عَلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ الْقَوْلِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، فَقَدْ قَالَ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَصَحُّ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْقِرَاءَةِ لَا يُسْجَدُ لَهَا بِدَلِيلٍ لَوْ قَرَأَ سُورَتَيْنِ اهـ.

أَيْ أَوْ قَرَأَ السُّورَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ كَمَا أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ.

[قَوْلُهُ: فَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَعَلَيْهِ فَإِنْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِإِمَامٍ سَجَدَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ كَمَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ تَرَكَ السُّجُودَ خَلْفَهُ.

[قَوْلُهُ: لِتَرْكِ التَّحْمِيدَةِ] الْمُرَادُ بِهَا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَتَسْمِيَتُهَا تَحْمِيدَةً أَيْ ثَنَاءً تَجَوُّزٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَتَضَمَّنُهُ.

[قَوْلُهُ: لَمْ نَعْلَمْ مَنْ يَقُولُ] ضَعِيفٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ اُنْظُرْ إلَخْ وَاضِحٌ، إذْ الْمَنْقُولُ كَمَا أَفَادَهُ عج أَنَّهُ إنْ سَجَدَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ.

[قَوْلُهُ: بِسَلَامٍ سَهْوًا إلَخْ] الْمُرَادُ سَهَا عَنْ كَوْنِهَا نَاقِصَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ أَوْقَعَ السَّلَامَ عَمْدًا، وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ سَاهِيًا عَنْ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ عَنْ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا بِالسَّلَامِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَيَتَدَارَكُ مَا تَرَكَهُ.

[قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ]

ص: 320

عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ فِيهَا كَالرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ (فَلْيَرْجِعْ) يَعْنِي يَنْوِي الرُّجُوعَ (إنْ كَانَ) تَذَكَّرَ (بِقُرْبِ ذَلِكَ) الِانْصِرَافِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ ذَكَرَهُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا (فَ) إذَا رَجَعَ (يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً يُحْرِمُ) يَعْنِي يَنْوِي الرُّجُوعَ (بِهَا) إلَى الصَّلَاةِ، ظَاهِرُ كَلَامِهِ وَإِنْ قَرُبَ جِدًّا وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَحَيْثُ قُلْنَا يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ فَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ أَحْرَمَ وَهُوَ عَلَى حَالَتِهِ وَلَا يُطْلَبُ بِقِيَامٍ، وَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ قَائِمٌ فَفِي إحْرَامِهِ وَهُوَ قَائِمٌ قَوْلَانِ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِحْرَامَ وَرَجَعَ بِنِيَّةٍ فَقَطْ فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُصَنِّفِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يُكَبِّرَ التَّكْبِيرَةَ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا (يُصَلِّي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ) مِنْ صَلَاتِهِ، إذَا سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةً، أَمَّا إنْ سَلَّمَ عَالِمًا بِأَنْ صَلَاتَهُ لَمْ تَتِمَّ أَوْ شَكَّ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ.

[قَوْلُهُ: أَيْ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ] وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ السَّلَامُ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ فَلَوْ دَخَلَ لَكَانَ تَكْرَارًا.

[قَوْلُهُ: فِيهَا] مُتَعَلِّقٌ بِالْمَفْرُوضَةِ.

[قَوْلُهُ: كَالرُّكُوعِ إلَخْ] مِثْلُ ذَلِكَ الْجُلُوسِ بِقَدْرِ السَّلَامِ فَإِذَا سَلَّمَ سَاهِيًا فِي حَالِ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ بِقَدْرِ السَّلَامِ وَيُسَلِّمُ.

[قَوْلُهُ: يَعْنِي يَنْوِي الرُّجُوعَ] أَيْ لِلصَّلَاةِ أَيْ يَنْوِي تَكْمِيلَهَا ثُمَّ أَقُولُ وَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ ذَلِكَ، أَيْ حَذْفُ قَوْلِهِ يَعْنِي يَنْوِي الرُّجُوعَ، وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ يُكَبِّرُ إلَخْ.

تَفْسِيرًا لِلرُّجُوعِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّجُوعِ أَنَّهُ يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً يُحْرِمُ بِهَا، إذْ عَلَى حِلِّهِ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُحْرِمُ بِهَا.

[قَوْلُهُ: إنْ كَانَ تَذَكُّرُهُ بِقُرْبِ ذَلِكَ إلَخْ] أَيْ فَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَابْتَدَأَهَا مِنْ أَوَّلِهَا.

تَنْبِيهٌ: قَالَ تت ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُصَلِّي بِمَكَانِهِ فَوْرًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَصَلَّى بِمَكَانٍ آخَرَ بَطَلَتْ.

[قَوْلُهُ: سَوَاءٌ ذَكَرَهُ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا] سَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: فَإِذَا رَجَعَ إلَخْ] أَيْ فَإِذَا نَوَى الرُّجُوعَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى حِلِّهِ، أَيْ فَإِذَا نَوَى تَكْمِيلَ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَإِذَا كَمَّلَ.

[قَوْلُهُ: وَيُحْرِمُ إلَخْ] تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ عَلَى قَضِيَّةِ حِلِّهِ.

[قَوْلُهُ: بِهَا] أَيْ مَعَهَا أَيْ يَنْوِي الرُّجُوعَ مُصَاحِبًا لِتَكْبِيرٍ.

[قَوْلُهُ: وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إنْ قَرُبَ جِدًّا لَا يُحْرِمُ وَجَعَلَهُ ج ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّيْخِ.

لِقَوْلِهِ ثُمَّ وَالْخِلَافُ فِي التَّكْبِيرِ، وَأَمَّا النِّيَّةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا اتِّفَاقًا وَلَوْ مَعَ الْقُرْبِ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَكَرَ وَهُوَ جَالِسٌ إلَخْ] هَذَا حَيْثُ فَارَقَ الصَّلَاةَ مِنْ مَحَلِّ الْجُلُوسِ، وَأَمَّا إنْ فَارَقَهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ كَأَنْ انْصَرَفَ بَعْدَمَا صَلَّى ثَلَاثًا مِنْ غَيْرِ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ وَيُحْرِمُ مِنْهُ وَلَا يَجْلِسُ فِيمَا يَظْهَرُ قِيَاسًا عَلَى مَا سَيَأْتِي قَرِيبًا.

[قَوْلُهُ: وَلَا يُطْلَبُ بِقِيَامٍ] أَيْ لِلْإِحْرَامِ بِخُصُوصِهِ، وَهَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ وَهُوَ عَلَى حَالَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَى حَالَتِهِ، أَيْ مِنْ عَدَمِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ.

[قَوْلُهُ: فَفِي إحْرَامِهِ وَهُوَ قَائِمٌ قَوْلَانِ] حَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ وَهُمْ الْقُدَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ ذَهَبَ إلَى أَنْ يُحْرِمَ مِنْ قِيَامٍ لِأَجْلِ الْفَوْرِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَجْلِسُ عَقِبَيْهِ ثُمَّ يَنْهَضُ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَبَعْضُهُمْ وَهُوَ ابْنُ شَبْلُونٍ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ؛ لِأَنَّهُ الْحَالَةُ الَّتِي فَارَقَ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضٌ أَنَّ حُكْمَ الْجُلُوسِ الْمَذْكُورِ الْوُجُوبِ فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ قِيَامٍ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ يُحْرِمُ قَائِمًا وَلَا يُكَبِّرُ لِذَلِكَ الْجُلُوسِ وَإِنَّمَا يَجْلِسُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ، فَإِذَا جَلَسَ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثُمَّ يَقُومُ بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي يَفْعَلُهُ مَنْ فَارَقَ الصَّلَاةَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَجْلِسُ لِلْإِحْرَامِ، إذَا سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ، وَأَمَّا إنْ سَلَّمَ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى حَالِ رَفْعِهِ مِنْ السُّجُودِ وَيُحْرِمُ، وَلَا يَجْلِسُ إذْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَوْضِعًا لِجُلُوسِهِ، وَيَنْدُبُ لَهُ رَفْعُ يَدَيْهِ حِينَ يُحْرِمُ.

[قَوْلُهُ: فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمُصَنِّفِ] أَيْ الَّذِي هُوَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَنَقَلَهُ تت.

عَنْ الْمُصَنِّفِ قُلْت وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَ التَّكْبِيرِ الْوُجُوبُ.

[قَوْلُهُ: يُصَلِّي مَا بَقِيَ عَلَيْهِ] أَيْ وَبَطَلَتْ الرَّكْعَةُ الَّتِي نَقَصَ مِنْهَا رُكُوعًا أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ مَانِعٌ مِنْ جَبْرِهَا.

[قَوْلُهُ: أَوْ شَكَّ] الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ أَيْ سَوَاءٌ ظَهَرَ الْكَمَالُ أَوْ النُّقْصَانُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ، أَيْ وَأَمَّا

ص: 321

فِي صَلَاتِهِ فَإِنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ، وَهَذَا أَيْضًا إذَا كَانَ فَذًّا أَوْ كَانَ إمَامًا وَوَافَقَهُ الْمَأْمُومُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِذَا خَالَفُوا فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ نَقَصَ مِنْ صَلَاتِهِ رَكْعَةٌ مَثَلًا رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ، فَإِنْ تَيَقَّنَّ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِمَا، وَإِنْ كَثُرَ الْمُخْبِرُونَ لَهُ جِدًّا رَجَعَ إلَيْهِمْ وَلَوْ تَيَقَّنَ خِلَافَ مَا أَخْبَرُوهُ بِهِ، وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ. ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ زِيَادَةً لِلْإِيضَاحِ فَقَالَ:(وَإِنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ)

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُسْتَنْكِحُ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِتْمَامِ.

[قَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْضًا إلَخْ] أَيْ كَمَا قَيَّدْنَاهُ بِقَوْلِنَا إذَا سَلَّمَ عَلَى يَقِينٍ فَلْيُقَيَّدْ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا.

[قَوْلُهُ: وَوَافَقَهُ الْمَأْمُومُونَ إلَخْ] أَيْ عَلَى أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا أَنَّ قَضِيَّةَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ، فَإِذَا خَالَفُوهُ فَأَخْبَرُوهُ بِالتَّمَامِ وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَقَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفُوهُ، فَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ نَقْصٌ لَا يُنَاسِبُ وَسَكَتَ عَنْ الْفَذِّ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إذَا أَخْبَرَهُ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ يَبْنِي عَلَى يَقِينِ نَفْسِهِ، أَيْ حَالِ نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

[قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إلَخْ] أَيْ بِأَنْ تَيَقَّنَ صِدْقَهُمَا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ، بَلْ يَبْنِي عَلَى الْأَقَلِّ بِخَبَرِ وَاحِدٍ أَيْضًا وَلَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، حَيْثُ صَدَّقَهُ أَوْ شَكَّ كَمَا إذَا حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ هُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ وَهَذَا فَفِي غَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ وَكَذَا يَرْجِعُ لِخَبَرِ الْعَدْلَيْنِ إذَا أَخْبَرَاهُ بِنَقْصٍ وَهُوَ مُسْتَنْكِحٍ شَأْنُهُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى الْأَكْثَرِ فَيَتْبَعَ قَوْلَهُمَا وَيَبْنِيَ عَلَى الْأَقَلِّ، فَإِنْ تَيَقَّنَ خِلَافَ مَا أَخْبَرَاهُ بِهِ، أَيْ تَيَقَّنَ الْإِتْمَامَ فَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِمَا وَلَكِنْ إذَا سَلَّمَ بِإِتْيَانٍ بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامٍ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَثُرَ الْمُخَبِّرُونَ لَهُ] أَيْ جِدًّا بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ كَانَ مُسْتَنْكِحًا أَمْ لَا، كَانَ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَوْ كَانَ قَبْلُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ، وَحُكْمُهُ إذَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكِحٍ وَكَانَا عَدْلَيْنِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عَلَى الْكَمَالِ الَّذِي أَخْبَرَاهُ بِهِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُمَا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ، أَمَّا إنْ تَيَقَّنَ كَذِبَهُمَا رَجَعَ لِنَفْسِهِ وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِمَا وَلَا لِأَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَكْثُرُوا جِدًّا بِحَيْثُ يُفِيدُ خَبَرُهُمْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، فَيَتْرُكُ نَفْسَهُ وَيَرْجِعُ لَهُمْ فِيمَا أَخْبَرُوهُ مِنْ التَّمَامِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنْ كَثُرُوا جِدًّا لَا يُشْتَرَطُ عَدَالَةٌ وَلَا أَنْ يَكُونُوا مَأْمُومِينَ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ] بِتَقْرِيرِ بَهْرَامَ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَخْبَرَ الْعَدْلُ بِالتَّمَامِ لَا بِالنُّقْصَانِ الَّذِي كَلَامُ الشَّارِحِ فِيهِ كَمَا يَتَبَيَّنُ، وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَجْتَزِي بِالْعَمَلِ الْوَاحِدِ إذَا أَخْبَرَاهُ بِالتَّمَامِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا، وَنَرْجِعُ إلَى أَنَّ أَصْلَ الْكَلَامِ فَنَقُولُ قَدْ عَرَفْت مَا إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَخِيرَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ رُكُوعًا أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ رُكُوعًا أَتَى بِهِ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ رَفْعًا أَتَى بِهِ مُحْدَوْدِبًا، وَسَجْدَةً أَتَى بِهَا مِنْ جُلُوسٍ وَاثْنَتَيْنِ أَتَى بِهِمَا مِنْ قِيَامٍ، فَإِنْ أَتَى بِهِمَا مِنْ جُلُوسٍ سَهْوًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِ الِانْحِطَاطِ لَهُمَا فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ بِسُجُودِ السَّهْوِ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ زَرُّوقٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ مِنْ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهِ عَلَى نَحْوِ مَا قَرَّرْنَا فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ الْأَخِيرَةِ مِنْ جُلُوسٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ احْدِيدَابٍ مَا لَمْ يَعْقِدْ الرَّكْعَةَ الَّتِي تَلِي رَكْعَةَ النَّقْصِ.

فَإِذَا عَقَدَهَا فَقَدْ فَاتَتْ وَقَامَتْ الَّتِي عَقَدَهَا مَقَامَهَا حَيْثُ كَانَ فَذًّا أَوْ إمَامًا وَالْعَقْدُ بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ الرُّكُوعِ.

تَنْبِيهَانِ:

الْأَوَّلُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْفَرْضِ الْمَتْرُوكِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ تَدَارُكُهُ، وَأَمَّا النِّيَّةُ وَتَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ فَلَا يُتَدَارَكَانِ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا نَسِيَا لَمْ تُوجَدْ صَلَاةٌ، فَإِذَا سَهَا عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِهَا، الثَّانِي النَّقْصُ الْمَشْكُوكُ كَالْمُحَقَّقِ وَالْمُرَادُ بِهِ كَمَا ذَكَرْنَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، هَذَا فِي الْفَرَائِضِ حَيْثُ لَا اسْتِنْكَاحَ بِخِلَافِ السُّنَنِ فَلَا يَسْجُدُ لِنَقْصِهَا، إلَّا عِنْدَ تَيَقُّنِ النَّقْصِ أَوْ التَّرَدُّدِ فِيهِ عَلَى السَّوَاءِ لَا عِنْدَ التَّوَهُّمِ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ التَّذَكُّرَ] وَهُوَ مَحْدُودٌ بِالْعُرْفِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَوْلُهُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ،

ص: 322

التَّذَكُّرُ عَنْ الِانْصِرَافِ (أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ابْتَدَأَ صَلَاتَهُ) لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ.

وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: (وَكَذَلِكَ مَنْ نَسِيَ السَّلَامَ) أَنَّ فِيهِ التَّفْصِيلَ الْمُتَقَدِّمَ فَيَرْجِعُ إلَى الْجُلُوسِ إنْ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ فَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً يُحْرِمُ بِهَا وَهُوَ جَالِسٌ وَيَتَشَهَّدُ، وَيَأْتِي بِالسَّلَامِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَإِنْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ابْتَدَأَ صَلَاتَهُ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مَحَلُّهُ إذَا تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ قَامَ مِنْ مَحَلِّهِ، أَمَّا إنْ تَذَكَّرَ بِالْقُرْبِ وَهُوَ جَالِسٌ مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ سَلَّمَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ انْحَرَفَ عَنْهَا اسْتَقْبَلَهَا وَسَلَّمَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ.

(وَمَنْ لَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى أَثَلَاثَ رَكَعَاتٍ أَمْ أَرْبَعًا) يَعْنِي وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا (بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) الَّتِي هِيَ الثَّالِثَةُ (وَصَلَّى مَا شَكَّ فِيهِ) وَهِيَ الرَّابِعَةُ فَقَوْلُهُ: (وَأَتَى بِرَابِعَةٍ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مَا شَكَّ فِيهِ (وَسَجَدَ بَعْدَ سَلَامِهِ) عَلَى الْمَشْهُورِ.

وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةٍ: يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ وَمُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى أَثْلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحْ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ» .

تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ: قَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِغَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ احْتِرَازًا مِنْ الْمُسْتَنْكِحِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ. وَإِنَّمَا عَلَيْهِ السُّجُودُ كَمَا سَيَنُصُّ عَلَيْهِ.

(الثَّانِي) : رُوِيَ قَوْلُهُ أَمْ أَرْبَعًا بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ.

(وَمَنْ) كَانَ إمَامًا أَوْ فَذًّا وَ (تَكَلَّمَ) فِي صَلَاتِهِ كَلَامًا يَسِيرًا (سَاهِيًا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ) لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ وَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِهِ إذْ هُوَ مَعْذُورٌ فَيَنْجَبِرُ سَهْوُهُ بِالسُّجُودِ، وَقَيَّدْنَا بِالْإِمَامِ وَالْفَذِّ احْتِرَازًا مِنْ الْمَأْمُومِ فَإِنَّ الْإِمَامَ كَمَا تَقَدَّمَ يَحْمِلُ سَهْوَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فَرِيضَةً، وَبِالْيَسِيرِ احْتِرَازًا مِنْ الْكَثِيرِ فَإِنَّهُ مُبْطِلٌ، وَاحْتُرِزَ بِالسَّاهِي مِنْ الْعَامِدِ وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى مَثَلًا فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ بَاطِلَةٌ.

(وَمَنْ لَمْ يَدْرِ أَسَلَّمَ أَوْ لَمْ يُسَلِّمْ) وَلَمْ يَقُمْ مِنْ مَقَامِهِ وَكَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ عِنْدَ أَشْهَبَ وَظَاهِرُ كَلَامِ أَشْهَبَ وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ صَغِيرًا وَصَلَّى قُرْبَ بَابِهِ فَإِنْ صَلَّى فِي الصَّحْرَاءِ فَالْبُعْدُ عِنْدَهُ أَنْ يُصَلِّ الْمُصَلِّي بَعْدَ انْصِرَافِهِ إلَى مَحَلٍّ لَا يُمْكِنُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهِ لِمَنْ يَكُونُ فِي مَحَلِّ مَا صَلَّى، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَهُوَ التَّحْدِيدُ لِلْقُرْبِ وَالْبَعْدِ بِالْعُرْفِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ [قَوْلُهُ: فَيُكَبِّرُ تَكْبِيرَةً يُحْرِمُ بِهَا] هَذَا إذَا فَارَقَ مَوْضِعَهُ كَمَا سَنَقُولُ، أَيْ أَوْ طَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا.

[قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَ] أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ.

[قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ] وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ انْحَرَفَ عَنْهَا] أَيْ مَعَ الْقُرْبِ وَالْمُرَادُ انْحِرَافٌ لَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ، لَا إنْ انْحَرَفَ بِمَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ أَوْ جَامِعِ عَمْرٍو فَإِنَّ الصَّلَاةَ تَبْطُلُ وَقَوْلُهُ اسْتَقْبَلَهَا إلَخْ، أَيْ مِنْ غَيْرِ تَكْبِيرٍ وَلَا تَشَهُّدٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ خَمْسَةٌ قَدْ ظَهَرَتْ مِنْ الشَّارِحِ مَعَ مَا زِدْنَاهُ.

[قَوْلُهُ: بَنِي عَلَى الْيَقِينِ] أَيْ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ.

[قَوْلُهُ: وَصَلَّى مَا شَكَّ فِيهِ] أَيْ فِي تَرْكِهِ وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ.

[قَوْلُهُ: تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مَا شَكَّ فِيهِ] أَيْ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا إشْكَالَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَهُ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ الَّذِي هُوَ الثَّالِثَةُ وَصَلَّى مَا شَكَّ فِيهِ الَّتِي هِيَ الرَّابِعَةُ، ثُمَّ قَالَ وَأَتَى بِرَابِعَةٍ فَهِيَ رَابِعَةٌ فِي اللَّفْظِ خَامِسَةٌ فِي الْمَعْنَى.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُوَطَّأِ إلَخْ] يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ سَلَامَةَ الْأُولَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: رُوِيَ قَوْلُهُ] أَيْ الْمُصَنِّفِ.

[قَوْلُهُ: خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ] التَّقْدِيرُ أَمْ الَّذِي صَلَّاهُ أَرْبَعٌ

[وَمَنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا] أَيْ عَنْ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ عَنْ كَوْنِهِ مُتَكَلِّمًا بِهِ.

[وَاحْتُرِزَ بِالسَّاهِي مِنْ الْعَامِدِ] أَيْ إلَّا مَا كَانَ لِإِصْلَاحِهَا فَلَا تَبْطُلُ بِهِ إلَّا أَنْ يُكْثِرَ فِي نَفْسِهِ وَالْكَثْرَةُ بِالْعُرْفِ.

[قَوْلُهُ: وَالْمُكْرَهُ] الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَى تَرْكِ الرُّكْنِ الْفِعْلِيِّ أَنَّ مَا يَتْرُكُ مِنْهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا عَجَزَ عَنْهُ وَيُؤْتَى بِبَدَلِهِ بِخِلَافِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْكَلَامِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ وَنِسْيَانِهِ أَنَّ النَّاسِيَ لَا شُعُورَ عِنْدَهُ.

[قَوْلُهُ: وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى] وَأَمَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ لِإِجَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ

ص: 323

بِقُرْبِ تَشَهُّدِهِ (سَلَّمَ وَلَا سُجُودَ) سَهْوٍ (عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ سَلَّمَ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَالسَّلَامُ الثَّانِي وَاقِعٌ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَلَا وَجْهَ لِلسُّجُودِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُسَلِّمْ فَقَدْ سَلَّمَ الْآنَ وَلَمْ يَقَعْ مِنْهُ سَهْوٌ يَسْجُدُ لَهُ، وَقَيَّدْنَا كَلَامَهُ بِقَوْلِنَا: وَلَمْ يَقُمْ مِنْ مَقَامِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ قَرِيبًا، وَلَكِنْ تَحَوَّلَ مِنْ مَقَامِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِتَكْبِيرَةٍ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِأَنَّهُ زَادَ، وَبِقَوْلِنَا وَكَانَ بِقُرْبِ تَشَهُّدِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا طَالَ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ.

(وَمَنْ اسْتَنْكَحَهُ) أَيْ دَاخَلَهُ (الشَّكُّ فِي السَّهْوِ) فِي الصَّلَاةِ (فَلْيَلْهَ عَنْهُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ لَا غَيْرُ بِمَعْنَى يُضْرِبُ عَنْهُ لَا يُعَوِّلُ عَلَى مَا يَجِدُهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ إيجَابًا؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةٍ مِنْ الشَّيْطَانِ فَدَوَاؤُهُ الْإِلْهَاءُ فَإِذَا قَالَ لَهُ مَثَلًا: مَا صَلَّيْت إلَّا ثَلَاثًا فَيَقُولُ لَهُ: مَا صَلَّيْت إلَّا أَرْبَعًا، وَإِنَّ صَلَاتِي صَحِيحَةٌ. وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: إنَّ الْمُوَسْوِسَ يَبْنِي عَلَى أَوَّلِ خَاطِرَيْهِ وَهُوَ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ، وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْخَاطِرِ الْأَوَّلِ سَلِيمُ الذِّهْنِ وَفِيمَا بَعْدَهُ شَبِيهٌ بِغَيْرِ الْعُقَلَاءِ، وَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا.

ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُرَجِّحُهُ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ وَيَقُولُ بِهِ وَيُوَجِّهُهُ بِأَنَّ الْمُسْتَنْكِحَ وَمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَا يَنْضَبِطُ لَهُ الْخَاطِرُ الْأَوَّلُ مِمَّا بَعْدَهُ وَالْوُجُودُ يَشْهَدُ لِذَلِكَ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ فَلْيَلْهَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْإِصْلَاحِ هُوَ الْإِلْهَاءُ (وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ بَعْدَ السَّلَامِ) اسْتِحْبَابًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ إلَى الزِّيَادَةِ أَقْرَبُ. ثُمَّ فَسَّرَ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ بِقَوْلِهِ: (وَهُوَ الَّذِي يَكْثُرُ ذَلِكَ) الشَّكِّ (مِنْهُ يَشُكُّ كَثِيرًا أَنْ يَكُونَ سَهَا وَنَقَصَ) وَفِي رِوَايَةٍ سَهَا زَادَ أَوْ نَقَصَ أَيْ سَهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ. ع: وَكَثْرَتُهُ أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ أَوْ فِي كُلِّ

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتَيَقَّنَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا إنْ شَكَّ فِيهِ فَلَا يُجِيبُهُ فَإِنْ أَجَابَ بَطَلَتْ، وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْظَرَهُ؟ وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى قَوْلِهِ أَعْمَى لَكَانَ أَفْضَلَ لِيَشْمَلَ الصَّغِيرَ وَالْمُصْحَفِ وَالْمَالِ وَالدَّابَّةِ.

[قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقُمْ مِنْ مَقَامِهِ] أَيْ وَلَمْ يَنْحَرِفْ.

[قَوْلُهُ: وَلَكِنْ تَحَوَّلَ إلَخْ] وَمِثْلُهُ لَوْ طَالَ طُولًا مُتَوَسِّطًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِتَكْبِيرٍ فَلَوْ لَمْ يَتَحَوَّلْ إلَّا أَنَّهُ انْحَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَيُسَلِّمُ وَلَا يَتَشَهَّدُ وَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ.

[قَوْلُهُ: فَلْيَلْهَ عَنْهُ] الْهَاءُ مَفْتُوحَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُضَارِعٌ لَهَا كَعَلِمَ وَخَشِيَ وَلَمَّا دَخَلَ الْجَازِمُ حُذِفَ أَلِفُهُ وَبَقِيَتْ الْفَتْحَةُ دَلِيلًا عَلَيْهَا.

[قَوْلُهُ: إيجَابًا] أَيْ وُجُوبًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا يُفِيدُهُ عج، وَقِيلَ نَدْبًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَلَوْ بَنَى الْمُسْتَنْكِحُ عَلَى الْأَقَلِّ وَلَمْ يَلْهُ عَنْهُ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَلَوْ عَمْدًا كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ فِي شَرْحِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْأَصْلَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ، وَإِنَّمَا سَقَطَ عَنْ الْمُسْتَنْكِحِ تَخْفِيفًا عَلَيْهِ، فَإِذَا أَصْلَحَ فَعَلَ الْأَصْلَ [قَوْلُهُ: مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ] عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ تَفْسِيرٌ.

[قَوْلُهُ: عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ] أَيْ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ إنَّمَا يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَى الزِّيَادَةِ أَقْرَبُ] أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا؟ يَقْرُبُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى خَمْسًا [قَوْلُهُ: يَشُكُّ كَثِيرًا] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ يَكْثُرُ ذَلِكَ مِنْهُ، أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَشُكَّ، وَقَوْلُهُ كَثِيرًا أَيْ زَمَنًا كَثِيرًا.

[قَوْلُهُ: سَهَا وَنَقَصَ] أَيْ سَهَا فَنَقَصَ أَيْ هَلْ نَقَصَتْ مِنْ صَلَاتِي مَا صَلَّيْت إلَّا ثَلَاثًا.

[قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَةٍ سَهَا زَادَ أَوْ نَقَصَ] صُورَتَانِ الْأُولَى يَشُكُّ هَلْ صَلَّيْت أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا، وَالثَّانِيَةُ يَشُكُّ هَلْ صَلَّى أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا لَكِنْ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَلْيَلْهَ عَنْهُ وَلَا إصْلَاحَ عَلَيْهِ لَا يُعْقَلُ إلَّا فِيمَا إذَا كَانَ سَهَا بِنَقْصٍ لَا إنْ كَانَ سَهَا بِزِيَادَةٍ، إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْإِلْهَاءَ بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يَسْجُدُ اسْتِنَانًا، فَلَا يُنَافِي أَنْ يَسْجُدَ نَدْبًا.

[قَوْلُهُ: أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وُضُوءٍ إلَخْ] اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ الشَّكُّ فِي الْوَسَائِلِ كَالْوُضُوءِ لِلشَّكِّ فِي الْمَقَاصِدِ كَالصَّلَاةِ، بَلْ كُلُّ عِبَادَةٍ تُفْرَدُ عَلَى حِدَتِهَا، فَإِذَا كَانَ شَكَّ يَوْمًا فِي الْوُضُوءِ مَثَلًا وَيَوْمًا فِي الصَّلَاةِ فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ خِلَافًا لِلشَّارِحِ، فَإِنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّهُ يَكُونُ مُسْتَنْكِحًا قَالَ عج وَظَهَر لِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ مَا جَرَى فِي مَسْأَلَةِ السَّلَسِ، فَإِذَا زَادَ مِنْ إتْيَانِهِ عَلَى

ص: 324

صَلَاةٍ أَوْ فِي الْيَوْمِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَطْرَأْ لَهُ إلَّا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ.

وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُوقِنُ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ يَشُكُّ وَكَذَا قَوْلُهُ (فَلْيَسْجُدْ بَعْدَ السَّلَامِ) تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ بَعْدَ السَّلَامِ.

وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) إشَارَةٌ لِمَنْ يَقُولُ عَلَيْهِ الْإِصْلَاحُ.

(وَإِذَا أَيْقَنَ) الْمُصَلِّي (بِالسَّهْوِ) ق: يُرِيدُ عَنْ سَجْدَةٍ أَوْ رَكْعَةٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (سَجَدَ بَعْدَ إصْلَاحِ صَلَاتِهِ) أَيْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِمَا نَقَصَهُ.

وَقَالَ ع: وَصُورَتُهُ إذَا ذَكَرَ مَا أَفْسَدَ لَهُ رَكْعَةً فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا وَيَسْجُدُ بَعْدَمَا صَلَّاهَا. وَهَلْ ذَلِكَ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ؟ فَنَقُولُ: يَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فَإِنْ كَانَتْ الرَّكْعَةُ مِنْ الْأُولَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ مَعَهُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ، فَالزِّيَادَةُ الرَّكْعَةُ الْمُلْغَاةُ وَالْجُلُوسُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ، وَالنُّقْصَانُ تَرْكُ السُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي بِهَا بِالْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إلَّا الزِّيَادَةُ خَاصَّةً فَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ انْتَهَى.

(وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ) السَّهْوُ (مِنْهُ فَهُوَ يَعْتَرِيهِ) أَيْ يُصِيبُهُ (كَثِيرًا) مِثْلَ أَنْ تَكُونَ عَادَتُهُ السَّهْوَ أَبَدًا عَنْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ أَوْ تَكُونَ عَادَتُهُ نِسْيَانَ السُّجُودِ (أَصْلَحَ صَلَاتَهُ وَلَمْ يَسْجُدْ لِسَهْوِهِ) سَوَاءٌ كَانَ السُّجُودُ قَبْلِيًّا أَوْ بَعْدِيًّا لِأَجْلِ الْمَشَقَّةِ الَّتِي تَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ.

(وَمَنْ قَامَ) يُرِيدُ تَزَحْزَحَ لِلْقِيَامِ (مِنْ اثْنَتَيْنِ) مِنْ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ تَذَكَّرَ (رَجَعَ) اتِّفَاقًا (مَا لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ

ــ

[حاشية العدوي]

زَمَنِ انْقِطَاعِهِ أَوْ تَسَاوَيَا فَهُوَ مُسْتَنْكِحٌ وَإِلَّا فَلَا وَالْمُرَادُ بِزَمَنِ إتْيَانِهِ الْيَوْمُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ وَلَوْ مَرَّةً، فَإِذَا أَتَاهُ يَوْمًا وَانْقَطَعَ يَوْمًا وَهَكَذَا، أَوْ أَتَاهُ يَوْمَيْنِ وَيَنْقَطِعُ الثَّالِثَ وَهَكَذَا كَانَ مُسْتَنْكِحًا، وَأَمَّا لَوْ أَتَاهُ يَوْمَيْنِ وَانْقَطَعَ ثَلَاثَةً فَلَيْسَ بِمُسْتَنْكِحٍ.

[قَوْلُهُ: يُرِيدُ عَنْ سَجْدَةٍ] أَيْ لَا أَنَّهُ سَهَا بِزِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ رَكْعَةٍ أَرَادَ بِهَا الرُّكُوعَ.

[قَوْلُهُ: إذَا ذَكَرَ مَا أَفْسَدَ لَهُ رَكْعَةً] أَيْ بِأَنْ تَرَكَ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا وَتَذَكَّرَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ مَثَلًا.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ الرَّكْعَةُ] أَيْ الَّتِي سَهَا فِيهَا عَنْ سَجْدَةٍ أَوْ رُكُوعٍ.

[قَوْلُهُ: مِنْ الْأُولَتَيْنِ] أَيْ إحْدَى الْأُولَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: وَالنُّقْصَانَ] أَيْ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَةَ انْقَلَبَتْ ثَانِيَةً.

[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي بِهَا بِالْبِنَاءِ] أَيْ إنَّمَا يَأْتِي بِالرَّكْعَةِ مُلْتَبِسَةً بِالْبِنَاءِ، أَيْ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ، [قَوْلُهُ: مِنْ الْأَخِيرَتَيْنِ] أَيْ مِنْ إحْدَى الْأَخِيرَتَيْنِ.

[قَوْلُهُ: فَهُوَ يَعْتَرِيهِ كَثِيرًا] الْفَاءُ لِمُجَرَّدِ الْعَطْفِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا لَيْسَ فِيهِ تَوْضِيحٌ لِمَا قَبْلَهَا، فَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ الْعَطْفِ فَلَوْ حَذَفَ ذَلِكَ وَاقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ كَثُرَ مِنْهُ لَكَانَ أَحْسَنَ.

[قَوْلُهُ: عَنْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ] مُحَصِّلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا فَهِمَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مِمَّنْ شَرَحَ خَلِيلًا أَنَّهُ يَرْجِعُ لَهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ الْأَرْضَ وَلَوْ اسْتَقَلَّ، وَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لَهُ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَقِلْ، وَبَعْضُهُمْ أَبْقَى الْقَاعِدَةَ عَلَى عُمُومِهَا، وَأَنَّهُ حَيْثُ اسْتَنْكَحَهُ السَّهْوُ عَنْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ حَتَّى فَارَقَ فَلَا يُطَالَبُ بِالرُّجُوعِ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَلَا بُطْلَانَ.

[قَوْلُهُ: أَوْ تَكُونُ عَادَتُهُ نِسْيَانَ السُّجُودِ] اعْلَمْ أَنَّ إصْلَاحَ ذَلِكَ يَقَعُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَفُوتَ مَحَلُّ التَّدَارُكِ، الثَّانِي أَنْ لَا يَفُوتَ، مِثَالُ الْأَوَّلِ: مَنْ عَادَتِهِ السَّهْوُ عَنْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ وَلَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ الثَّالِثَةَ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِرَكْعَةٍ فِي الْأَوَّلِ وَلَا يَسْجُدُ، وَتَنْقَلِبُ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً فِي الثَّانِي وَلَا يَسْجُدُ عَلَى مَا يَظْهَرُ وَمِثَالُ الثَّانِي: مَا إذَا تَذَكَّرَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ الثَّالِثَةَ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ يَدْخُلَانِ فِي قَوْلِهِ أَصْلَحَ، فَقَوْلُ الشَّارِحِ سَوَاءٌ كَانَ السُّجُودُ قَبْلِيًّا نَاظِرٌ لِلْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا فَاتَ مَحَلُّ التَّدَارُكِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدِيًّا نَاظِرٌ لِلثَّانِي، أَيْ وَهُوَ مَا إذَا تَذَكَّرَ قَبْلَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ.

تَنْبِيهٌ: لَوْ سَجَدَ لِسَهْوِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَكَانَ سُجُودُهُ قَبْلَ السَّلَامِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهِ إنْ فَعَلَهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَمْ لَا مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ يَسْجُدُ كَذَا نَظَرَ عج الظَّاهِرُ عَدَمُ الْبُطْلَانِ.

[قَوْلُهُ: يُرِيدُ تَزَحْزَحَ لِلْقِيَامِ] قَالَ فِي التَّحْقِيقِ: إنَّمَا قُلْنَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ تَزَحْزَحَ وَلَمْ نَبْقَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِئَلَّا يُنَاقِضَ قَوْلَهُ بَعْدُ وَرَجَعَ إلَخْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَقُمْ انْتَهَى [قَوْلُهُ: مِنْ اثْنَتَيْنِ] أَيْ تَارِكًا لِلْجُلُوسِ وَمِنْ لَازِمِهِ تَرْكُ التَّشَهُّدِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ جَلَسَ وَقَامَ نَاسِيًا لِلتَّشَهُّدِ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ، فَإِنْ

ص: 325

وَرُكْبَتَيْهِ) ق: وَأَحْرَى إذَا لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ إلَّا بِيَدَيْهِ فَقَطْ أَوْ بِرُكْبَتَيْهِ خَاصَّةً أَنْ يَرْجِعَ ثُمَّ يَتَشَهَّدَ وَيُتِمَّ صَلَاتَهُ وَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ تَمَادَى عَلَى الْقِيَامِ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ ثَلَاثَ سُنَنٍ عَامِدًا وَإِنْ تَمَادَى نَاسِيًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ.

(فَإِذَا فَارَقَهَا) أَيْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ (تَمَادَى وَلَمْ يَرْجِعْ وَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ) هَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ، الْأُولَى: أَنْ يُفَارِقَ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَلَمْ يَعْتَدِلْ قَائِمًا ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَمَا فَارَقَ الْأَرْضَ. وَالثَّانِيَةِ: أَنْ يُفَارِقَ الْأَرْضَ وَيَعْتَدِلَ قَائِمًا، وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ مَا ذَكَرَ لَكِنَّ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَيْهِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ رَجَعَ إلَى الْجُلُوسِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا، وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لِتَحْقِيقِ الزِّيَادَةِ.

وَفِي الثَّانِيَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْجُلُوسِ عَامِدًا فَفِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورِ الصِّحَّةُ وَعَلَيْهِ يَسْجُدُ

ــ

[حاشية العدوي]

رَجَعَ لِلتَّشَهُّدِ بَعْد نُهُوضِهِ لِلْقِيَامِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ كَمَا لَا تَبْطُلُ إذَا رَجَعَ لِلْجُلُوسِ كَمَا ذَكَرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ الْوَاحِدِ.

[قَوْلُهُ: مِنْ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ] احْتِرَازٌ مِنْ النَّافِلَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَلَوْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا مَا لَمْ يَعْقِدْ الرَّكْعَةَ الثَّالِثَةَ، فَإِذَا عَقَدَهَا تَمَادَى وَأَتَى بِرَابِعَةٍ وَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ.

وَفِي سُجُودِهِ قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ قَوْلَانِ، فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ زَادَ الرَّكْعَتَيْنِ قَالَ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ نَقَصَ السَّلَامَ قَالَ: يَسْجُدُ قَبْلَهُ قَالَهُ ع، وَاقْتَصَرَ خَلِيلٌ عَلَى الثَّانِي فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

وَقَوْلُهُ فَإِنْ عَقَدَهَا تَمَادَى هَذَا فِي غَيْرِ النَّفْلِ الْمَحْدُودِ، وَأَمَّا الْمَحْدُودِ كَالْفَجْرِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ فَإِنَّهُ لَا يُكْمِلُ شَيْئًا مِنْهَا أَرْبَعًا عِنْدَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ مِنْهَا نِسْيَانًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ حَدَّهُ بِاثْنَتَيْنِ فَفِعْلُهُ أَرْبَعًا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَانْظُرْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْكُسُوفَ يَبْطُلُ بِزِيَادَةِ مِثْلِهِ، هَلْ الْمُرَادُ مِثْلُهُ فِي الصِّفَةِ وَالْعَدَدِ أَوْ فِي الْعَدَدِ فَقَطْ؟ وَانْظُرْ قَوْلَهُ وَأَتَى بِرَابِعَةٍ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ عَنْ الْإِمَامِ رحمه الله وَعَنْ ابْنِ عَرَفَةَ.

وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ وَلَوْ اسْتَقَلَّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ، فَإِنْ صَلَّى النَّافِلَةَ أَرْبَعًا وَقَامَ لِخَامِسَةٍ سَاهِيًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَقَدَهَا أَوْ لَا وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ لِنَقْصِهِ السَّلَامَ فِي مَحَلِّهِ وَالزِّيَادَةُ وَاضِحَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ [قَوْلُهُ: رَجَعَ اتِّفَاقًا] قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ خَلِيلٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَ الرُّجُوعِ السُّنِّيَّةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَعَمُّدَ تَرْكِ الْجُلُوسِ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَعَلَى مُقَابِلِهِ الْوُجُوبُ.

[قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُفَارِقْ الْأَرْضَ بِيَدَيْهِ] صَادِقٌ بِسَبْعِ صُوَرٍ فَارَقَ بِيَدَيْهِ دُونَ رُكْبَتَيْهِ أَوْ بِرُكْبَتَيْهِ دُونَ يَدَيْهِ أَوْ بِيَدٍ وَرُكْبَتَيْهِ أَوْ بِيَدَيْهِ وَرُكْبَةٍ أَوْ بِيَدٍ وَرُكْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ رُكْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُ وَأَحْرَى إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا أَحْرَوِيَّةَ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي الْمُصَنَّفِ [قَوْلُهُ: بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَقِيلَ: لَا تَبْطُلُ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَرْكِ السُّنَّةِ عَمْدًا فَحُكْمُ الرُّجُوعِ الْوُجُوبُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالسُّنَّةُ عَلَى الثَّانِي.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَادِي نَاسِيًا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ] فَإِنْ تَرَكَ السُّجُودَ وَطَالَ زَمَنُ التَّرْكِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِ الْقِبْلَةِ عَنْ ثَلَاثِ سُنَنٍ، الْجُلُوسِ وَمُطْلَقِ التَّشَهُّدِ وَخُصُوصِ اللَّفْظِ بِنَاءً عَلَى سُنِّيَّتِهِ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ فَقَالَ: وَإِنْ تَمَادَى جَاهِلًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْعَامِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ.

[قَوْلُهُ: تَمَادَى وَلَمْ يَرْجِعْ] وَهَلْ وُجُوبًا فَالرُّجُوعُ حَرَامٌ وَرُبَّمَا يَقْتَضِيهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ أَوْ يُكْرَهُ كَذَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ خَلِيلٍ.

[قَوْلُهُ: لَكِنَّ عَدَمَ الرُّجُوعِ فِي الْأُولَى] أَيْ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ مُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ: يَرْجِعُ وَقِيلَ: إنْ كَانَ إلَى الْجُلُوسِ أَقْرَبَ رَجَعَ وَإِلَّا فَلَا.

[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ إنْ رَجَعَ إلَخْ] أَيْ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ بِالْوُجُوبِ [قَوْلُهُ: لِتَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ] أَيْ زِيَادَةِ الْقِيَامِ.

[قَوْلُهُ: فَفِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورُ الصِّحَّةُ] وَالْقَوْلُ بِالْبُطْلَانِ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ حَكَاهُ ابْنُ الْجَلَّابِ.

[قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يَسْجُدُ إلَخْ] وَلِذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَإِذَا رَجَعَ فَلَا يَنْهَضُ حَتَّى يَتَشَهَّدَ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ مُعْتَدٌّ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَيَنْقَلِبُ سُجُودُهُ الْقَبْلِيُّ بَعْدِيًّا، فَلَوْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ عَمْدًا بَعْدَ رُجُوعِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ.

وَلَعَلَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِهَا بِتَعَمُّدِ تَرْكِ سُنَّةٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ كَذَا فِي

ص: 326