الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى دُخُولِ السِّبَاعِ تَحْتَ قَوْلِهِ الْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْكَلْبِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ دُخُولِهِ اهـ. مُرَادُهُ بِهِ الْإِنْسِيُّ صَرَّحَ بِهِ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّيْخِ:(وَمَا يَعْدُو مِنْ الذِّئَابِ وَالسِّبَاعِ وَنَحْوِهَا) كَالنَّمِرِ تَكْرَارٌ وَتَفْسِيرٌ، التَّقْدِيرُ وَهُوَ مَا يَعْدُو إلَخْ.
وَانْظُرْ لِمَ خَالَفَ الْأُسْلُوبَ بَيْن مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: (وَيَقْتُلُ مِنْ الطَّيْرِ مَا يُتَّقَى أَذَاهُ مِنْ الْغِرْبَانِ وَالْأَحْدِيَةِ) ابْنُ الْعَرَبِيِّ: صَوَابُهُ الْحَدَأُ بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ يُقْتَلَانِ وَإِنْ لَمْ يَبْتَدِئَا بِالْإِذَايَةِ كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا وَهُوَ كَذَلِكَ. وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: (فَقَطْ) أَنَّ مَا آذَى مِنْ غَيْرِ الطَّيْرِ لَا يُقْتَلُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ. التَّوْضِيحُ: وَالْقَوْلَانِ أَيْضًا فِي قَتْلِ الطَّيْرِ الْمُؤْذِي وَغَيْرِ الطَّيْرِ إذَا آذَى
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى
مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ
فَقَالَ: (وَيَجْتَنِبُ) الْمُحْرِمُ (فِي حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ) وُجُوبًا (النِّسَاءَ) أَيْ الِاسْتِمْتَاعَ بِهِنَّ بِالْوَطْءِ فِي الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ كَانَ مَعَهُ إنْزَالٌ أَوْ لَا أَوْ بِمُقَدَّمَاتِهِ، أَمَّا الْوَطْءُ فَمُوجِبٌ لِلْإِفْسَادِ وَالْقَضَاءِ
ــ
[حاشية العدوي]
مَعْنًى كَانَ حَمْلُهَا عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهَا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ دُخُولِهِ] لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى قَاتِلِهِ شَيْءٌ [قَوْلُهُ: كَالنَّمِرِ] أَيْ وَالْفَهْدِ وَمَحَلُّ جَوَازِ قَتْلِ الْعَادِي مِنْ السِّبَاعِ أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا أَيْ بَلَغَ حَدَّ الْإِيذَاءِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ قَتْلُهُ. وَلَا جَزَاءَ فِيهِ.
وَأَمَّا نَحْوُ الْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَا يَدْخُلُ فِي عَادِي السَّبُعِ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مِنْهُ ضَرَرٌ.
[قَوْلُهُ: وَتَفْسِيرُ] الْوَاوِ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ تَفْسِيرٌ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ، وَمَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ أَنَّ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَهُ إنَّمَا هُوَ بِقَصْدِ دَفْعِ الْإِذَايَةِ، أَمَّا لَوْ قَتَلَهُ بِقَصْدِ الذَّكَاةِ فَلَا يَجُوزُ وَلَا يُؤْكَلُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ الْجَزَاءَ كَمَا فِي بَعْضِ شُرُوحِ خَلِيلٍ وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الشُّيُوخِ حُكْمُهُ كَاَلَّذِي يَقْتُلُهُ بِقَصْدِ دَفْعِ الْإِذَايَةِ وَلَيْسَ مِنْ عَادِي السَّبُعِ الضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ قَالَهُ عج. وَلَعَلَّ كَوْنَ الضَّبُعِ لَيْسَ مِنْ عَادِي السَّبُعِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهَا وَإِلَّا فَهُوَ يَعْدُو فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لِمَ خَالَفَ الْأُسْلُوبَ] لِأَنَّهُ قَالَ أَوَّلًا: وَلَا بَأْسَ ثُمَّ قَالَ هُنَا وَيُقْتَلُ. [قَوْلُهُ: مَا يَتَّقِي أَذَاهُ] أَيْ يَجْتَنِبُ أَذَاهُ مِنْ الْغِرْبَانِ وَالْأَحْدِيَةِ أَيْ لِأَنَّ الْغُرَابَ يُؤْذِي الدَّوَابَّ وَغَيْرَهَا وَالْحِدَأَةُ تَخْطَفُ الْأَمْتِعَةَ اهـ.
[قَوْلُهُ: صَوَابُهُ الْحِدَأُ] حَاصِلٌ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْمُفْرَدَةَ الْحِدَأَةُ بِالْهَمْزِ وَالْقَصْرِ وَكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ كَعِنَبَةٍ، وَالْجَمْعُ حِدَأٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ مَعَ الْهَمْزِ وَالْقَصْرِ كَعِنَبٍ. وَفِي عج مَا يُفِيدُ جَوَازَ تَسْكِينِ الدَّالِ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ تَصْوِيبِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فَهُوَ كَسِدْرَةٍ وَسِدْرٍ. [قَوْلُهُ: كَبِيرًا كَانَ أَوْ صَغِيرًا] الْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ مَا وَصَلَ حَدَّ الْإِيذَاءِ وَبِالصَّغِيرِ مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِيذَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الصَّغِيرِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ نَظَرًا لِإِطْلَاقِ اللَّفْظِ. وَقِيلَ: بِالْمَنْعِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ الْإِيقَاءُ وَهُوَ مُنْتَفٍ حَالًا، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْمَنْعِ لَا جَزَاءَ فِيهِ مُرَاعَاةً لِلْآخَرِ. وَالْقَوْلَانِ عِنْدَ خَلِيلٍ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبْقَعِ وَهُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَسْوَدُ الْخَالِصُ. [قَوْلُهُ: لَا يُقْتَلُ إلَخْ] هَذَا ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يُقْتَلُ مَا ذُكِرَ حَيْثُ ابْتَدَأَ بِالْإِذَايَةِ [قَوْلُهُ: حَكَاهُمَا ابْنُ الْحَاجِبِ] أَيْ كَمَا حَكَى قَوْلَيْنِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ أُولَاهُمَا الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ غَيْرُ الْمُؤْذِيَيْنِ ثَانِيهِمَا صِغَارُهُمَا فَقَوْلُ شَارِحِنَا التَّوْضِيحُ وَالْقَوْلَانِ أَيْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ شَارِحًا لِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا: أَيْ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ غَيْرِ الْمُؤْذِيَيْنِ
[مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ]
[قَوْلُهُ: أَيْ بِمُقَدِّمَاتِهِ] أَيْ وَلَوْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَتُكْرَهُ الْمُقَدِّمَاتُ مَعَ عِلْمِ السَّلَامَةِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ يَسَارَةُ الصَّوْمِ وَعِظَمُ أَمْرِ الْحَجِّ، وَيُسْتَثْنَى قُبْلَةُ الْوَدَاعِ أَوْ الرَّحْمَةِ. [قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَطْءُ] أَيْ إذَا كَانَ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرِ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا أَنْزَلَ أَوْ لَا مُبَاحُ الْأَصْلِ أَوْ لَا كَانَ مُوجِبًا لِلْحَدِّ وَالْمَهْرِ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ وَقَعَ مِنْ بَالِغٍ أَوْ لَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كَمَا فِي عج وَلَوْ لَمْ يُوجِبْ الْغُسْلَ كَأَنْ لَفَّ عَلَى الذَّكَرِ خِرْقَةً كَثِيفَةً أَوْ أَدْخَلَهُ فِي هَوَى الْفَرْجِ أَوْ فِي غَيْرِ مُطِيقَةٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ أَرَادَ بِهِ الدُّبُرَ، وَأَمَّا الْوَطْءُ فِي الْفَخِذِ فَيَجْرِي عَلَى الْمُقَدِّمَاتِ. [قَوْلُهُ: فَمُوجِبٌ لِلْإِفْسَادِ] وَيَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُ مَا أَفْسَدَهُ لِبَقَائِهِ
وَالْهَدْيِ إنْ وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ فِي يَوْمِ النَّحْرِ قَبْلَ الرَّمْيِ وَالتَّقْصِيرِ، وَأَمَّا مُقَدِّمَاتُهُ وَهِيَ الِاسْتِمْتَاعُ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ. فَحَرَامٌ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَكَانَ مَعَهُ إنْزَالٌ أَفْسَدَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إنْزَالٌ فَلْيُهْدِ بَدَنَةً.
(وَ) كَذَلِكَ يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ فِي حِجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ (الطِّيبَ) مُذَكَّرًا كَانَ أَوْ مُؤَنَّثًا، أَمَّا الْأَوَّلُ كَالْوَرْدِ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَى إحْرَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ بِإِفْسَادِهِ وَتَمَادَى إلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَأَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجْزِيهِ ذَلِكَ عَنْ الْفَائِتِ وَإِحْرَامُهُ الثَّانِي لَغْوٌ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا وَهُوَ عَلَى إحْرَامِهِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَكُونُ مَا أَحْرَمَ بِهِ قَضَاءً عَنْهُ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ إتْمَامُهُ إذَا أَدْرَكَ الْوُقُوفَ بِالْعَامِ الْوَاقِعِ فِيهِ الْفَسَادُ، فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ يُؤْمَرْ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وُجُوبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّ فِيهِ تَمَادِيًا عَلَى الْفَاسِدِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُلُوصِ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: وَالْقَضَاءُ] أَيْ فَوْرًا، وَلَوْ كَانَ الْحَجُّ تَطَوُّعًا فَإِنْ أَخَّرَ ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَوْرًا فَقَدْ أَتَمَّ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي لِأَنَّهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ وَجَبَ، وَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْقَضَاءِ وَلَوْ تَسَلَّلَ وَهَلْ لَهُ تَقْدِيمُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ لَا اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ.
[قَوْلُهُ: وَالْهَدْيُ] أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا فِي زَمَنِ قَضَائِهِ لَا فِي زَمَنِ فَسَادِهِ، وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ مَعَ الْإِثْمِ وَلَا يُطْلَبُ بِأَزْيَدَ مِنْ هَدْيٍ وَلَوْ تَكَرَّرَ مُوجِبٌ لِفَسَادٍ بِأَنْ وَطِئَ مَثَلًا مِرَارًا فِي نِسَاءٍ أَوْ فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ لِأَجْلِ الْفَسَادِ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَهُ فَقَطْ. [قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ] سَوَاءٌ فَعَلَ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ شَيْئًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ أَوْ لَا، وَمِثْلُهُ مَا إذَا وَقَعَ لَيْلَةَ النَّحْرِ. وَقَوْلُهُ: قَبْلَ الرَّمْيِ أَيْ قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، أَيْ وَقَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ، فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَأْتِيَ بَدَلَ قَوْلِهِ وَالتَّقْصِيرِ وَالْإِفَاضَةِ أَيْ قَبْلَ الرَّمْيِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَلَوْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ، وَلَوْ قَبْلَ الرَّمْيِ لِلْعَقَبَةِ أَوْ بَعْدَهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُمَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ لِلْإِفْسَادِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ هَدْيٌ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا عُمْرَةٌ إنْ وَقَعَ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى، فَيَأْتِي بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ لَا إثْمَ فِيهِمَا.
وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَإِنْ حَصَلَ الْمُفْسِدُ قَبْلَ تَمَامِ سَعْيِهَا وَلَوْ بِشَوْطٍ فَسَدَتْ وَيَجِبُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ إتْمَامِهَا وَعَلَيْهِ هَدْيٌ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ بَعْدَ تَمَامِ السَّعْيِ وَقَبْلَ حِلَاقِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْهَدْيُ. [قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ عَلَى مَا فِي الْمُخْتَصَرِ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِذَلِكَ إشَارَةً إلَى خِلَافٍ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَأَنَّ الْحُرْمَةَ لَيْسَ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا. أَيْ إذْ قِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الْجَوَاهِرِ. [قَوْلُهُ: وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذَا] أَيْ مِنْ الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ وَأَمَّا الْفِكْرُ وَالنَّظَرُ فَلَا يَحْصُلُ إفْسَادٌ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ بِسَبَبِهِمَا إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلَّذَّةِ وَإِدَامَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَخُرُوجِ الْمَنِيِّ عَنْهُ، وَأَمَّا خُرُوجُهُ بِمُجَرَّدِ الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ فَإِنَّمَا فِيهِ الْهَدْيُ فَقَطْ فَمُرَادُ الشَّارِحِ بِالْإِنْزَالِ إنْزَالُ الْمَنِيِّ، وَأَمَّا إنْزَالُ الْمَذْيِ فَمُوجِبٌ لِلْهَدْيِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ خَرَجَ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ مُدَاوَمَةِ النَّظَرِ أَوْ الْفِكْرِ أَوْ الْقُبْلَةِ أَوْ الْمُبَاشَرَةِ أَمْ لَا. [قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إنْزَالٌ إلَخْ] أَيْ فَمَنْ قَبَّلَ عَلَى فَمٍ فَيَلْزَمُهُ الْهَدْيُ وَمَحَلُّ الْهَدْيِ فِي الْقُبْلَةِ، إذَا كَانَ لِغَيْرِ وَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا إنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهَا مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ وَإِلَّا جَرَى كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ وَالْمُلَامَسَةُ وَمِنْهَا الْقُبْلَةُ عَلَى غَيْرِ الْفَمِ فَفِيهَا الْهَدْيُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا مَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ بِشَرْطِ الْكَثْرَةِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَكْثُرْ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا، وَلَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ لَذَّةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ.
[قَوْلُهُ: مُذَكَّرًا كَانَ أَوْ مُؤَنَّثًا إلَخْ] الطِّيبُ الْمُذَكَّرُ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ كَالْوَرْدِ وَمُؤَنَّثُهُ عَكْسُهُ كَالْمِسْكِ فَالنَّهْيُ فِي الْمُذَكَّرِ نَهْيُ كَرَاهَةٍ، مُتَعَلِّقٌ بِشَمِّهِ دُونَ مَسِّهِ وَاسْتِصْحَابِهِ وَمُكْثِهِ بِمَكَانٍ هُوَ بِهِ بِدُونِ شَمٍّ فَأَقْسَامُهُ أَرْبَعَةٌ لَا نَهْيَ فِي ثَلَاثَةٍ وَالنَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ فِي وَاحِدٍ وَهُوَ شَمُّهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيُكْرَهُ، أَيْ شَمُّهُ وَأَمَّا الْمُؤَنَّثُ فَيُكْرَهُ شَمُّهُ بِالْأَوْلَى مِنْ الْمُذَكَّرِ وَكَذَا اسْتِصْحَابُهُ وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ هُوَ بِهِ بِدُونِ شَمٍّ وَيَحْرُمُ مَسُّهُ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ، إذَا لَمْ يَذْهَبْ رِيحُهُ وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ رِيحُهُ فَلَا فِدْيَةَ أَيْ مَعَ وُجُودِ الْحُرْمَةِ. [قَوْلُهُ:
وَالْيَاسَمِينِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَيُكْرَهُ وَالْحِنَّاءُ مِنْهُ لَكِنْ أَسْقَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْفِدْيَةَ فِي الرُّقْعَةِ الصَّغِيرَةِ مِنْهُ دُونَ الْكَبِيرَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا لَهُ جِرْمٌ يَعْلَقُ بِالْجَسَدِ وَالثَّوْبِ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ أَزَالَهُ سَرِيعًا عَلِقَ أَوْ لَمْ يَعْلَقْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَلَوْ خَلَطَ الطِّيبَ بِغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يُطْبَخْ فَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ، وَإِنْ طُبِخَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ سَوَاءٌ صَبَغَ الطِّيبُ الْفَمَ أَوْ لَا
(وَ) يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ أَيْضًا فِي حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ مَخِيطَ الثِّيَابِ لَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهِ عَلَى الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَخِيطِ بَلْ كُلُّ مَا أَوْجَبَ رَفَاهِيَةً مَخِيطًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ جِلْدُ الْحَيَوَانِ يُسْلَخُ فَيُلْبَسُ. أَوْ مَا لُبِّدَ عَلَى شَكْلِ الْمَخِيطِ أَوْ نُسِجَ كَذَلِكَ وَلَوْ طَرَحَ مَخِيطًا عَلَى بَدَنِهِ مِنْ غَيْرِ لُبْسٍ فَلَا فِدْيَةَ، وَالْأَصْلُ فِيمَا ذُكِرَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِلسَّائِلِ الَّذِي سَأَلَهُ عَمَّا يَلْبَسُ:«الْمُحْرِمُ لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا الْعَمَائِمَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبَرَانِسَ»
(وَ) كَذَلِكَ يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ فِي حَجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ (الصَّيْدَ) ابْنُ شَاسٍ: وَيَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِصَيْدِ الْبَرِّ وَيَعُمُّ جَمِيعُهُ فَيَحْرُمُ إتْلَافُ صَيْدِ الْبَرِّ كُلِّهِ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ وَمَا لَمْ يُؤْكَلْ لَحْمُهُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُتَأَنِّسًا أَوْ وَحْشِيًّا
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْحِنَّاءُ مِنْهُ] أَيْ مِنْ الْمُذَكَّرِ.
[قَوْلُهُ: أَسْقَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْفِدْيَةَ فِي الرُّقْعَةِ الصَّغِيرَةِ مِنْهُ] وَهِيَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ، وَقَوْلُهُ دُونَ الْكَبِيرَةِ وَهِيَ قَدْرُ الدِّرْهَمِ وَالْمُرَادُ بِالرُّقْعَةِ، مَوْضِعُ الْحِنَّاءِ وَهَذَا إذَا خَضَّبَ بِالْحِنَّاءِ رَأْسَهُ أَوْ لِحْيَتَهُ أَوْ جَسَدَهُ، وَأَمَّا لَوْ جَعَلَهَا فِي فَمِ جُرْحٍ أَوْ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَاطِنِ الْجَسَدِ كَمَا لَوْ شَرِبَهُ أَوْ حَشَا شُقُوقَ رِجْلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفِدْيَةَ تَجِبُ فِي الرُّقْعَةِ الَّتِي قَدْرَ الدِّرْهَمِ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ نَزَعَهُ مَكَانَهُ وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْكَبِيرَةَ الْحُكْمُ فِيهَا الْكَرَاهَةُ وَإِنْ وَجَبَتْ فِيهَا الْفِدْيَةُ [قَوْلُهُ: فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ] أَيْ إلْصَاقِهِ بِالْبَدَنِ أَوْ بِبَعْضِهِ أَوْ بِالثَّوْبِ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِلطَّرَفَيْنِ الْإِزَالَةُ سَرِيعًا وَعَدَمُ الْعُلُوقِ وَمُقَابِلُهُ مَا صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ سُقُوطِهَا فِيهِمَا.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُطْبَخْ، فَالْمَشْهُورُ وُجُوبُ الْفِدْيَةِ] أَيْ يَحْرُمُ التَّطَيُّبُ وَلَوْ وَقَعَ مَا يَتَطَيَّبُ بِهِ فِي طَعَامٍ أَوْ مَاءٍ وَأَكْلٍ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ حَارًّا وَقِيلَ: لَا فِدْيَةَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ
[قَوْلُهُ: مَخِيطُ الثِّيَابِ] أَيْ لُبْسًا [قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ مَا أَوْجَبَ رَفَاهِيَةً] الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَلْ كُلُّ مَخِيطٍ مَخِيطًا كَانَ أَوْ لَا وَمُلَخَّصُهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ أَنْ يَلْبَسَ الْمَخِيطَ فَلَوْ ارْتَدَى بِثَوْبٍ مَخِيطٍ أَوْ بِثَوْبٍ مُرَقَّعٍ بِرِقَاعٍ أَوْ بِإِزَارٍ كَذَلِكَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَلَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ لُبْسِ الْمَخِيطِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحِيطًا بِكُلِّ الْبَدَنِ أَوْ بِبَعْضِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا أَخَاطَ بِنَسِيجٍ، أَوْ غَيْرِهِ أَيْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَوْ زِرٍّ يَقْفِلُهُ عَلَيْهِ أَوْ عَقْدٍ يَرْبِطُهُ أَوْ يُخَلِّلُهُ بِعُودٍ وَالْمُرَادُ بِالرَّجُلِ الذَّكَرُ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يُجَنِّبَهُ الْمَخِيطَ مَخِيطًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ فِي حَالِ إحْرَامِهِ أَنْ يَلْبَسَ الْخَاتَمَ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَيَجُوزُ لَهَا لُبْسُ الْخَاتَمِ وَنَحْوِهِ، وَيُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ رَفَاهِيَةٌ أَيْ انْتِفَاعٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَخِيطٌ. [قَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَحَ مَخِيطًا عَلَى بَدَنِهِ] لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَلَوْ ارْتَدَى بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. [قَوْلُهُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ] أَجَابَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَا لَا يُلْبَسُ لِأَنَّهُ مَحْصُورٌ بِخِلَافِ مَا يُلْبَسُ إذْ الْأَصْلُ الْإِبَاحَةُ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي السُّؤَالُ عَمَّا لَا يُلْبَسُ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْجَوَابِ مَا يُحَصِّلُ الْمَقْصُودَ وَإِنْ لَمْ يُطَابِقْ السُّؤَالَ صَرِيحًا قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ.
[قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِصَيْدِ الْبَرِّ] أَيْ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُصَادَ فِي الْبَرِّ احْتِرَازًا مِنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ وَالْبَقَرِ غَيْرِ الْوَحْشِيِّ فَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ ذَبْحُ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ وَيَعُمُّ جَمِيعَهُ، أَيْ جَمِيعَ أَفْرَادِهِ فَيَحْرُمُ اصْطِيَادُهُ وَالتَّسَبُّبُ فِي اصْطِيَادِهِ وَانْظُرْ مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْإِنْسِيِّ وَالْوَحْشِيِّ وَفِي الذَّكَاةِ يُغَلَّبُ جَانِبُ الْوَحْشِيِّ وَانْظُرْ أَيْضًا مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْبَحْرِيِّ وَالْبَرِّيِّ وَالِاحْتِيَاطُ الْحُرْمَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ كَمَا فِي عج، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْبَحْرِيُّ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ اصْطِيَادُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96] وَمِنْهُ الضُّفْدَعُ وَتُرْسُ الْمَاءِ بِخِلَافِ السُّلَحْفَاةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبَرَارِي. [قَوْلُهُ: مَا أُكِلَ لَحْمُهُ] كَالْغَزَالِ وَحِمَارِ الْوَحْشِ وَقَوْلُهُ وَمَا لَمْ يُؤْكَلْ كَالْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ وَفِيهِ الْجَزَاءُ
مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا، وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا يَتَنَاوَلُهُ الْحَدِيثُ وَهُوَ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ.
(وَ) كَذَلِكَ يَجْتَنِبُ فِيهِمَا (قَتْلَ الدَّوَابِّ) مِنْ جَسَدِهِ فَلَا يَقْتُلُ الْقَمْلَ وَلَا يُلْقِيهِ عَنْ جَسَدِهِ لِأَنَّهُ تَعَرَّضَ لِقَتْلِهِ بِخِلَافِ الْبُرْغُوثِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إلْقَاؤُهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَرْضِ يَخْرُجُ وَلَا يَقْتُلُهُ
(وَ) كَذَلِكَ يَجْتَنِبُ (إلْقَاءَ التَّفَثِ) كَقَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ وَنَتْفِ الْإِبْطِ.
وَكَذَلِكَ يَجْتَنِبُ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ وَحَلْقِهِ وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُغَطِّي رَأْسَهُ فِي الْإِحْرَامِ) وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا إذَا غَطَّى رَأْسَهُ (وَلَا يَحْلِقُهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ) وَانْظُرْ لِمَ غَيَّرَ الْأُسْلُوبَ وَالْأَصْلُ فِي مَنْعِ الْحَلْقِ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ} [البقرة: 196] الْمَعْنَى فَحَلَقَ لِإِزَالَةِ الْأَذَى فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ وَقَدْ أَشَارَ الشَّيْخُ إلَى تَفْسِيرِ الْفِدْيَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ بِقَوْلِهِ: (ثُمَّ يَفْتَدِي بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) يُسْتَحَبُّ تَتَابُعُهَا (أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَيَقُومُ عَلَى أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ. [قَوْلُهُ: مُتَأَنِّسًا] أَيْ كَغَزَالَةٍ تَأَنَّسَتْ وَقَوْلُهُ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ أَيْ أَنَّ شَأْنَ الْمُتَأَنِّسِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا وَالْوَحْشِيُّ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا
[قَوْلُهُ: فَلَا يَقْتُلُ الْقَمْلَ] أَيْ جِنْسَ الْقَمْلِ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَعَرَّضَ لِقَتْلِهِ] أَيْ لِأَنَّ إلْقَاءَهُ تَعَرُّضٌ لِقَتْلِهِ فَلَوْ أَلْقَى أَوْ قَتَلَ وَاحِدَةً إلَى عَشَرَةٍ وَمَا قَارَبَهَا لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى، فَإِنَّهُ يُطْعِمُ حَفْنَةً مِنْ طَعَامٍ وَلِإِمَاطَةِ الْأَذَى فِدْيَةٌ كَمَا إذَا كَثُرَ بِأَنْ زَادَ عَلَى عَشَرَةٍ وَمَا قَارَبَهَا. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ إلْقَاؤُهُ] أَيْ طَرْحُهُ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ فَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إطْعَامُ حَفْنَةٍ مِنْ طَعَامٍ، إلَّا أَنْ يَكْثُرَ مَا قَتَلَهُ بِأَنْ يَزِيدَ عَلَى عَشَرَةٍ وَمَا قَارَبَهَا فَتَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ وَالْحَفْنَةُ مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ الْأَرْضِ يَخْرُجُ] فَلَا يَكُونُ إلْقَاؤُهُ تَعَرُّضًا لِقَتْلِهِ.
[قَوْلُهُ: كَقَصِّ الشَّارِبِ إلَخْ] تَمْثِيلٌ لِإِلْقَاءِ التَّفَثِ فَحِينَئِذٍ فَمَصْدُوقُ التَّفَثِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ وَغَيْرِهِمَا وَحِينَئِذٍ فَالتَّفَثُ اسْمٌ لِمَا تَأْنَفُ مِنْهُ النَّفْسُ وَتَكْرَهُهُ، فَإِنْ أَزَالَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ أَطْعَمَ حَفْنَةً إذَا كَانَ الْمُزَالُ بِهِ شَيْئًا مِنْ شَعْرِهِ أَطْعَمَ حَفْنَةً إذَا كَانَ الْمُزَالُ بِهِ شَيْئًا قَلِيلًا كَعَشْرِ شَعَرَاتٍ وَمَا قَارَبَهَا كَأَحَدَ عَشَرَ وَاثْنَيْ عَشَرَ حَيْثُ أَزَالَهَا لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى، وَإِلَّا بِأَنْ زَادَ الْمُزَالُ عَلَى الْعَشَرَةِ وَمَا قَارَبَهَا أَوْ كَانَتْ الْإِزَالَةُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي فِعْلِ كُلِّ مَا يُتَرَفَّهُ بِهِ أَوْ يُزِيلُ أَذًى وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ إزَالَةُ الشَّعْرِ عِنْدَ الْوُضُوءِ أَوْ الرُّكُوبِ [قَوْلُهُ: وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ] أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْتَنِبَ تَقْلِيمَ الْأَظْفَارِ فَإِذَا قَلَّمَ الْمُحْرِمُ ظُفْرًا مِنْ أَظْفَارِهِ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ إمَاطَةِ الْأَذَى وَلِغَيْرِ كَسْرٍ، أَيْ بِأَنْ فَعَلَهُ عَبَثًا أَوْ تَرَفُّهًا فَفِيهِ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَفِيهِ فِدْيَةٌ، فَإِنْ قَلَّمَهُ لِكَسْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِقَيْدِ التَّأَذِّي بِكَسْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ قَلْمُهُ وَيَقْتَصِرُ عَلَى مَا كُسِرَ مِنْهُ عَمَلًا بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ، أَيْ يَقْطَعُ الْمُنْكَسِرَ وَيُسَاوِي الْبَاقِي حَتَّى لَا تَبْقَى عَلَيْهِ ضَرُورَةٌ فِيمَا بَقِيَ فِي كَوْنِهِ تَعَلَّقَ بِمَا مَرَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَزَالَ جَمِيعَ ظُفْرِهِ كَانَ ضَامِنًا كَمَنْ أَزَالَ بَعْضَهُ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقَوْلُنَا ظُفْرًا وَاحِدًا احْتِرَازًا مِمَّا إذَا أَبَانَ وَاحِدًا أَوْ آخَرَ فَإِنْ أَبَانَهُمَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَفِدْيَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى وَإِلَّا فَفِي كُلِّ وَاحِدٍ حَفْنَةٌ، إنْ أَبَانَ الثَّانِيَ بَعْدَمَا أَخْرَجَ مَا وَجَبَ فِي الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ [قَوْلُهُ: وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبِطِ] أَيْ شَعْرِ الْإِبِطِ وَفِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي قَصِّ الشَّارِبِ.
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يَجْتَنِبُ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ] أَيْ يَحْرُمُ، عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يُغَطِّيَ رَأْسَهُ وَكَذَا وَجْهَهُ، بِأَيِّ سَاتِرٍ كَانَ كَطِينٍ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْحَرَّ، وَأَوْلَى الْعِمَامَةُ، وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ فَإِنَّمَا يَحْرُمُ تَغْطِيَتُهُ بِنَوْعٍ خَاصٍّ وَهُوَ الْمَخِيطُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ. [قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِقُهُ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ] فَإِذَا حَلَقَهُ لِضَرُورَةٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ إنَّمَا تُسْقِطُ الْإِثْمَ. [قَوْلُهُ: وَانْظُرْ لِمَ غَيَّرَ الْأُسْلُوبَ] أَيْ فَلَمْ يَقُلْ وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ وَحَلْقِهِ لِيَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ بَلْ غَيَّرَهُ فَقَالَ وَلَا يُغَطِّي رَأْسَهُ إلَى آخِرِهِ [قَوْلُهُ: الْمَعْنَى فَحَلَقَ إلَخْ] أَيْ فَلَيْسَ الْفِدْيَةُ مُرَتَّبَةً عَلَى الْحَلْقِ وَلَا عَلَى مُجَرَّدِ وُجُودِ الْمَرَضِ أَوْ الْأَذَى. [قَوْلُهُ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ] وَلَوْ أَيَّامِ مِنًى. [قَوْلُهُ: سِتَّةِ مَسَاكِينَ] أَحْرَارٍ مُسْلِمِينَ مُدَّيْنِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَيَكُونَانِ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ، فَإِنْ
لِكُلِّ مِسْكِينٍ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ يَنْسَك بِشَاةٍ) ع: الشَّاةُ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَعَلَى الْأُنْثَى، وَأَقَلُّ الْهَدْيِ شَاةٌ وَأَعْلَاهُ بَدَنَةٌ.
قَالَ تَعَالَى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] وَهُوَ شَاةٌ وَقَوْلُهُ: (يَذْبَحُهَا حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْبِلَادِ) مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُقَلِّدْهَا أَوْ يُشْعِرْهَا فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَذْبَحْهَا إلَّا بِمِنًى وَأُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْكَفَّارَةَ عَلَى التَّرَاخِي إذْ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ.
ثُمَّ بَيَّنَ مَا تُخَالِفُ فِيهِ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ فَقَالَ: (وَتَلْبَسُ الْمَرْأَةُ الْخُفَّيْنِ) مُطْلَقًا وَجَدَتْ نَعْلَيْنِ أَمْ لَا (وَ) تَلْبَسُ (الثِّيَابَ) الْمَخِيطَةَ (فِي إحْرَامِهَا وَتَجْتَنِبُ مَا سِوَى ذَلِكَ) أَيْ مَا سِوَى الْخُفَّيْنِ وَالثِّيَابِ (مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الرَّجُلُ) فِي إحْرَامِهِ مِنْ الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَالصَّيْدِ وَقَتْلِ الدَّوَابِّ وَإِلْقَاءِ التَّفَثِ، وَأَمَّا تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فَلَا تَجْتَنِبُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَإِحْرَامُ الْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا) مَعْنَاهُ تُبْدِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مُسْتَقِرٌّ فِيهِ، وَلَهَا أَنْ تَسْتُرَ جَمِيعَ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا
ــ
[حاشية العدوي]
حَصَلَ لِبَعْضٍ أَكْثَرَ مِنْ مُدَّيْنِ وَلِبَعْضٍ أَقَلَّ مِنْهُمَا كَمَّلَ لَهُ بَقِيَّتَهُمَا، وَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ نَزْعَ الْأَكْثَرِ مِمَّا هُوَ بِيَدِهِ فَلَوْ أَطْعَمَهُمْ غَدَاءً لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ إطْعَامَ كُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ. [قَوْلُهُ: أَوْ يُنْسِك] أَيْ يَتَعَبَّدُ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الشَّاةَ لَيْسَتْ مِنْ الْفِدْيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. [قَوْلُهُ: بِشَاةٍ] أَيْ أَوْ غَيْرِهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الشَّاةِ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ كَالضَّحِيَّةِ الْأَفْضَلُ فِيهَا طِيبُ اللَّحْمِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مِنْ السِّنِّ وَالسَّلَامَةِ مِنْ الْعُيُوبِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُضْحِيَّةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَبْحِهَا وَلَا يَكْفِي إخْرَاجُهَا غَيْرَ مَذْبُوحَةٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُهُمْ. [قَوْلُهُ: وَأَقَلُّ الْهَدْيِ شَاةٌ] إشَارَةٌ إلَى تَخَالُفِ الْهَدْيِ الْفِدْيَةَ، فَإِنَّ الْأَفْضَلَ فِي الْهَدَايَا كَثْرَةُ اللَّحْمِ وَقَوْلُهُ فَمَا اسْتَيْسَرَ، أَيْ تَيَسَّرَ. [قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ] أَيْ قَلَّدَهُ أَوْ أَشْعَرَهُ فِيمَا يُقَلِّدُ أَوْ يُشْعِرُ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ فَتَقْلِيدُ مَا لَا يُقَلِّدُ كَالْغَنَمِ فَيَذْبَحُهَا حَيْثُ شَاءَ فِي أَيِّ زَمَنٍ وَلَوْ نَوَى بِهَا الْهَدْيَ وَنِيَّةُ الْهَدْيِ فِيمَا يُقَلِّدُ أَوْ يُشْعِرُ بِدُونِ تَقْلِيدٍ وَإِشْعَارٍ كَالْعَدَمِ.
تَتِمَّةٌ:
التَّقْلِيدُ تَعْلِيقُ نَعْلَيْنِ فِي عُنُقِ الْهَدْيِ نَدْبًا وَيُجْزِئُ الْوَاحِدُ وَنُدِبَ أَنْ يُعَلَّقَا بِحَبْلٍ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ فَلَا يُجْعَلُ مِنْ شَعْرٍ وَنَحْوِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَخْتَلِسَ فِي غُصْنِ شَجَرَةٍ عِنْدَ رَعْيِهَا فَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِاخْتِنَاقِهَا، وَمَا كَانَ مِنْ نَبَاتِ الْأَرْضِ يُمْكِنُهَا قَطْعُهُ، وَفَائِدَةُ التَّقْلِيدِ أَنْ يُعْلِمَ بِذَلِكَ الْمَسَاكِينَ فَيَجْتَمِعُونَ لَهُ وَالْإِشْعَارُ شَقُّ جِلْدِ السَّنَمِ وَيُقْطَعُ قَدْرُ الْأُنْمُلَةِ وَالْأُنْمُلَتَيْنِ بِحَيْثُ يَسِيلُ مِنْهُ الدَّمُ وَلَيْسَ فِيهِ تَعْذِيبٌ، لِأَنَّ السَّنَامَ لَا يُؤْلِمُهَا شَقُّهُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْغَنَمِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِشْعَارُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ يَبْدَأُ بِهِ مِنْ جِهَةِ الرَّقَبَةِ إلَى جِهَةِ الْمُؤَخِّرِ وَمَا لَهُ سَنَامَانِ يُشْعِرُ فِي سَنَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكِنْ لِلْإِبِلِ أَسْنِمَةٌ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْإِشْعَارِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِبِلَ تُقَلَّدُ وَتُشْعَرُ وَالْبَقَرَ تُقَلَّدُ فَقَطْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَإِنَّهَا تُشْعَرُ أَيْضًا وَأَمَّا الْغَنَمُ لَا تُقَلَّدُ وَلَا تُشْعَرُ وَحُكْمُ تَقْلِيدِ الْغَنَمِ الْكَرَاهَةُ وَإِشْعَارُهَا التَّحْرِيمُ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ.
[قَوْلُهُ: لَمْ يَذْبَحْهَا إلَّا بِمِنًى] أَيْ إنْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ وَإِلَّا فَمَكَّةُ وَيَصِيرُ حُكْمُهَا الْهَدْيُ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمَحَلِّ لِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهَا وَيَأْكُلُ قَبْلَ مَحِلِّهِ لِأَنَّ عَلَيْهِ الْبَدَلَ. [قَوْلُهُ: إذْ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْفَوْرِ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ] أَيْ الْمَكَانِ الَّذِي فَعَلَ فِيهِ مُوجِبَ الْفِدْيَةِ.
[قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ تُبْدِي ذَلِكَ] أَيْ تُظْهِرُ ذَلِكَ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْإِحْرَامَ] هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا أَنَّ الْإِحْرَامَ مُسْتَقَرٌّ إلَخْ وَهِيَ الصَّوَابُ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ فَهُوَ نِيَّةُ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَقِرًّا فِي الْوَجْهِ. [قَوْلُهُ: وَلَهَا إلَخْ] ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَخْشَ مِنْهَا الِافْتِنَانَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ كَشْفُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا إلَّا أَنْ يُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةَ فَيَجِبُ عَلَيْهَا السِّتْرُ بِأَنْ تُسْدِلَ شَيْئًا عَلَى وَجْهِهَا مِنْ غَيْرِ غَرْزٍ وَلَا رَبْطٍ وَلَا يُشْتَرَطُ مُبَاعَدَتُهُ عَنْ وَجْهِهَا.
فَإِنْ سَتَرَتْ وَجْهَهَا وَلَوْ بِطِينٍ لِغَيْرِ سَتْرٍ بَلْ فَعَلَتْ تَرَفُّهًا أَوْ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ
بِثَوْبٍ تَسْدُلُهُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا وَلَا تَغْرِزُهُ بِإِبْرَةٍ وَلَيْسَ لَهَا لُبْسُ النِّقَابِ وَلَا الْبُرْقُعِ وَلَا اللِّثَامِ، فَإِنْ فَعَلَتْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ افْتَدَتْ (وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ) بِمَعْنَى يُبْدِيهِمَا فِي حَالِ الْإِحْرَامِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَإِنْ غَطَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَانْتَفَعَ حَرُمَ عَلَيْهِ وَافْتَدَى نَاسِيًا كَانَ أَوْ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا، وَإِنْ نَزَعَ مَكَانَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ تَوَسُّدُهُ وَسَتْرُهُ بِيَدِهِ مِنْ شَمْسٍ وَغَيْرِهَا وَحَمْلِهِ عَلَيْهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ خُرْجِهِ وَجِرَابِهِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ حَمَلَ لِغَيْرِهِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ فَالْفِدْيَةُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عَيْشُهُ ذَلِكَ. وَيَجُوزُ اسْتِظْلَالُهُ بِالْبِنَاءِ وَالْأَخْبِيَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا (وَلَا يَلْبَسُ الرَّجُلُ الْخُفَّيْنِ) فِي الْإِحْرَامِ (إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ) كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ، وَكَذَلِكَ إذَا رَفَعَ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْبَسُ الْخُفَّيْنِ إلَّا بَعْدَ قَطْعِهِمَا قِيلَ: قَوْلُهُ فَلْيَقْطَعْهُمَا مَقْصُودُهُ فَلَا يَلْبَسُهُمَا حَتَّى يَقْطَعَهُمَا بِنَفْسِهِ حَتَّى لَوْ
ــ
[حاشية العدوي]
لِأَجْلِ السِّتْرِ لَكِنْ مَعَ الْغَرْزِ أَوْ الرَّبْطِ لَزِمَتْهَا الْفِدْيَةُ. [قَوْلُهُ: تُسْدِلُهُ عَلَيْهِ] أَيْ عَلَى وَجْهِهَا. [قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهَا لُبْسُ النِّقَابِ] أَيْ لِأَنَّهَا تَسْتَدْعِي رَبْطًا فِي النِّهَايَةِ اللَّثْمُ سَدُّ الْفَمِ بِاللِّثَامِ وَالنِّقَابُ مَا يَصِلُ إلَى الْعُيُونِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: النِّقَابُ تَغْطِيَةُ الْأَنْفِ [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى يُبْدِيهِمَا] فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ سَتْرُهُمَا بِكُلِّ شَيْءٍ وَلَوْ طِينًا. [قَوْلُهُ: فَإِنْ غَطَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ] بِأَنْ غَطَّى رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ أَوْ بَعْضَ أَحَدِهِمَا وَانْتَفَعَ بِهِ افْتَدَى وَلَوْ مُضْطَرًّا.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ نَزَعَ مَكَانَهُ] مُحْتَرَزٌ وَانْتَفَعَ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَيْ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَرُمَ لِأَنَّ شَرْطَهَا فِي اللُّبْسِ الِانْتِفَاعُ مِنْ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ، أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ لَبِسَ قَمِيصًا رَقِيقًا لَا يَقِي حَرًّا وَلَا بَرْدًا أَوْ تَرَاخَى وَهُوَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يَفْتَدِي لِأَنَّهُ انْتَفَعَ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَفِي الْخَرَشِيِّ وَانْتَفَعَ بِهِ مَنْ دَفْعِ إذَايَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ دَوَامٍ كَالْيَوْمِ اهـ.
وَهُوَ نَاقِلٌ لَهُ عَنْ الْغَيْرِ، أَيْ فَجَعَلَ الدَّوَامَ كَالْيَوْمِ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ الِانْتِفَاعِ جَزْمًا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ نِصْفَ الْيَوْمِ أَوْ أَكْثَرَ الْيَوْمِ لَيْسَ كَالْيَوْمِ. [قَوْلُهُ: وَسَتْرُهُ بِيَدِهِ مِنْ شَمْسٍ وَغَيْرِهَا] أَيْ يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَتَّقِيَ الشَّمْسَ أَوْ الرِّيحَ بِيَدِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا فَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ يَدَهُ فَوْقَ حَاجِبَيْهِ يَسْتُرُ بِهَا وَجْهَهُ، أَيْ وَلَا يُلْصِقُهَا عَلَى رَأْسِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إذَا طَالَ [قَوْلُهُ: وَحَمْلُهُ عَلَيْهِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ خُرْجِهِ وَجِرَابِهِ] أَيْ حَمَلَ عَلَى رَأْسِهِ، أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَنْ يَحْمِلُ خُرْجَهُ مَثَلًا لَا بِأُجْرَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا.
[قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ] أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ كَحُزْمَةِ حَطَبٍ يَحْمِلُهَا لِيَبِيعَهَا. [قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ] أَيْ مُقَيِّدًا لِإِطْلَاقِ مَا ذُكِرَ وَهُوَ مُعْتَمَدٌ [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عَيْشُهُ] أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَمْلِ لِلْغَيْرِ أَوْ التِّجَارَةِ لِعَيْشِهِ. [قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ اسْتِظْلَالُهُ بِالْبِنَاءِ إلَخْ] أَيْ زَمَنَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ فَيُكْرَهُ التَّظَلُّلُ مِنْ الشَّمْسِ وَلَعَلَّهُ لِتَكْثِيرِ الثَّوَابِ كَمَا اُسْتُحِبَّ الْقِيَامُ بِهِ دُونَ الْجُلُوسِ إلَّا لِتَعَبٍ. [قَوْلُهُ: وَالْأَخْبِيَةِ إلَخْ] قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْخِبَاءُ مَا يُعْمَلُ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ شَعْرٍ وَالْجَمْعُ أَخْبِيَةٌ بِغَيْرِ هَمْزٍ كَكِسَاءٍ وَأَكْسِيَةٍ وَيَكُونُ عَلَى عَمُودَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْتٌ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَمَا فِي مَعْنَاهَا] أَيْ مِمَّا يَثْبُتُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَظَلَّلَ بِجَانِبِ الْمَحْمَلِ نَازِلَةً أَوْ سَائِرَةً وَكَذَا تَحْتَهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَكَذَلِكَ الِاسْتِظْلَالُ بِالْبَعِيرِ وَنَازِلًا أَوْ سَائِرًا أَوْ بَارِكًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَظَلَّلَ وَهُوَ فِي الْمَحْمَلِ بِأَعْوَادٍ يَرْفَعُهَا أَوْ بِثَوْبٍ بِجَعْلُهُ عَلَى عَصًا وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ أَوْ تُنْدَبُ خِلَافٌ، وَقُلْنَا بِأَعْوَادٍ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ سَقْفٌ، فَإِنَّهُ كَالْبِنَاءِ وَالْأَخْبِيَةِ فَيَجُوزُ. [قَوْلُهُ: فَلْيَقُطَّهُمَا أَسْفَلَ] وَظَاهِرُهُ وَإِنْ سَتَرَ الْعَقِبَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْقَطْعِ ثَنْيُهُ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ وَلَا فِدْيَةَ فِي لُبْسِهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِخِلَافِ لُبْسِهِمَا لِمَرَضٍ أَوْ دَوَاءٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ قَطَعَهُمَا أَوْ ثَنَاهُمَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ السَّرْمُوزَةُ كَذَلِكَ وَهُوَ الْمُصَرَّحُ بِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.
[قَوْلُهُ: كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ] قَالَ بَعْضُهُمْ لِخَبَرٍ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبِسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ الْكَعْبَيْنِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ إذَا رَفَعَ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ] بِأَنْ زَادَ عَلَى ثُلُثِ ثَمَنِهِ الْمُعْتَادِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ قَالَهُ عج، وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْفَقْدِ وَالْغُلُوِّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْدَادُ النَّعْلَيْنِ قَبْلَهُ إذَا عَلِمَ بِفَقْدِهِمَا