الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعُتْبِيَّةِ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الدِّرْهَمُ الْبَغْلِيُّ وَفَسَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فِي مَجْهُولِ الْجَلَّابِ بِالدَّائِرَةِ الَّتِي تَكُونُ بِبَاطِنِ الذِّرَاعِ مِنْ الْبَغْلِ، وَاخْتُلِفَ فِي مِقْدَارِ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ، فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ: لَا أُجِيبُكُمْ إلَى التَّحْدِيدِ بِالدِّرْهَمِ تَحْدِيدُهُ بِذَلِكَ ضَلَالٌ إذْ الدَّرَاهِمُ تُصَغَّرُ وَتُكَبَّرُ، فَقَدْ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعُرْفُ قَالَ ابْنُ سَابِقٍ: الْيَسِيرُ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ وَالْكَثِيرُ مَا فَوْقَهُ. وَفِي الدِّرْهَمِ رِوَايَتَانِ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ التَّحْدِيدُ بِالدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ.
تَنْبِيهٌ: ع قَوْلُهُ وَلَا تُعَادُ إلَخْ يَعْنِي فِي الْوَقْتِ إذَا صَلَّى بِهِ نَاسِيًا، وَإِنْ صَلَّى بِهِ عَامِدًا أَعَادَ أَبَدًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَمَّا كَانَ غَيْرُ الدَّمِ مِنْ النَّجَاسَاتِ حُكْمُهُ مُخَالِفٌ لَهُ فِي التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَخَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ غَيْرَهُ كَذَلِكَ رَفَعَ ذَلِكَ الْإِبْهَامَ بِقَوْلِهِ:(وَقَلِيلُ كُلِّ نَجَاسَةٍ) مِنْ (غَيْرِهِ) أَيِّ الدَّمِ (وَكَثِيرُهَا سَوَاءٌ) أَيْ فِي غَسْلِ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَإِعَادَةِ الصَّلَاةِ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ أَبَدًا.
وَفِي النِّسْيَانِ وَالْعَجْزِ فِي الْوَقْتِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الدَّمَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَلَا يَكَادُ يُتَحَفَّظُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ بَدَنَ الْإِنْسَانِ كَالْقِرْبَةِ الْمَمْلُوءَةِ دَمًا بِخِلَافِ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ إذْ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا فِي الْغَالِبِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسْأَلَةٍ اخْتَلَفَ الشُّرَّاحُ فِي فَهْمِهَا وَهِيَ (وَدَمُ الْبَرَاغِيثِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ) ؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ مَشَقَّةٌ وَكَثِيرُ كُلْفَةٍ إذْ لَا يَكَادُ يُفَارِقُ الْإِنْسَانَ مَعَ أَنَّ يَسِيرَ الدَّمِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ (إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ) وَيَخْرُجَ عَنْ الْعَادَةِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ كَذَا قَرَّرَهُ ك.
وَقَالَ ع: فِي كَلَامِهِ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ فَيَجِبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَعْنَاهُ
ــ
[حاشية العدوي]
زَادَ فِي التَّحْقِيقِ وَقِيلَ: الدِّرْهَمُ الْبَغْلِيُّ سِكَّةٌ قَدِيمَةٌ لِمَلِكٍ يُسَمَّى رَأْسَ الْبَغْلِ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي إلَخْ] هَذَا الِاخْتِلَافُ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ.
[قَوْلُهُ: لَا أُجِيبُكُمْ] هَذَا كَلَامُ الْإِمَامِ.
[قَوْلُهُ: تَحْدِيدُ بِذَلِكَ ضَلَالٌ] قَالَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ بَغْلِيًّا أَنَّهُ مِنْ سِكَّةٍ قَدِيمَةِ ضَرَبَهَا مَلِكٌ يُقَالُ لَهُ رَأْسُ الْبَغْلِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ مَعْنَى بَغْلِيٍّ نِسْبَةٌ إلَى الْبَغْلِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْعَلَامَةَ الَّتِي فِي ذِرَاعِ الْبَغْلِ.
[قَوْلُهُ: فَقَدْ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعُرْفُ] أَيْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ لَا بِاعْتِبَارِ الدِّرْهَمِ، أَيْ الَّذِي هُوَ مِقْدَارٌ مُعِينٌ مِنْ الْفِضَّةِ وَعَلَيْهِ فَالْمَنْظُورُ لَهُ الْوَزْنُ لَا الْمَسَّاحَةُ فِيمَا يَظْهَرُ.
[قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ سَابِقٍ] كَذَا فِي بَعْضِ نُسْخِ الشَّارِحِ الَّتِي يُظَنُّ بِهَا الصِّحَّةُ، وَكَذَا فِي ابْنِ نَاجِي وَالتَّحْقِيقُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ شَارِحِنَا ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
[قَوْلُهُ: الْيَسِيرُ إلَخْ] وَحَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ سَابِقٍ أَنَّهُ لَيْسَ تَحْدِيدُ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ بِالْعُرْفِ بَلْ تَحْدِيدُهُ بِالدِّرْهَمِ فَالْيَسِيرُ مَا دُونَهُ وَالْكَثِيرُ مَا فَوْقَهُ إلَخْ.
وَقَوْلُهُ وَفِي الدِّرْهَمِ رِوَايَتَانِ، أَيْ قِيلَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَقِيلَ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ التَّحْدِيدُ بِالدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ] أَيْ لَا التَّحْدِيدُ بِالْعُرْفِ ثُمَّ نَقُولُ: وَالْبَغْلِيُّ مُحْتَمِلٌ لِلْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا أَنَّ مَعْنَى الْبَغْلِيِّ أَنَّهُ يُشْبِهُ الْعَلَامَةَ الَّتِي فِي ذِرَاعِ الْبَغْلِ، وَرَجَّحَ ابْنُ مَرْزُوقٍ أَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ بِالدِّرْهَمِ الْبَغْلِيِّ لَا بِالْعُرْفِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَغْلِيِّ النِّسْبَةَ إلَى مَلِكٍ يُسَمَّى رَأْسَ الْبَغْلِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُشْبِهُ الْعَلَامَةَ الَّتِي فِي الْبَغْلِ، وَأَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ عَلَى مَا قَرَّرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ.
[قَوْلُهُ: إذَا صَلَّى بِهِ نَاسِيًا] أَيْ أَوْ عَاجِزًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ صَلَّى بِهِ عَامِدًا أَيْ أَوْ جَاهِلًا أَفْصَحَ بِذَلِكَ تت [قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ] هَذَا يُفِيدُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِأَنَّ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ وَاجِبَةٌ؛ لِأَنَّ الدَّمَ مِنْ أَفْرَادِهَا، وَقَدْ حَكَمَ بِأَنَّهُ يُعِيدُ الصَّلَاةَ أَبَدًا فِي تَعَمُّدِ الصَّلَاةِ بِالْكَثِيرِ.
وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ صَاحِبِ الْبَيَانِ الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ رَفْعَ النَّجَاسَاتِ مِنْ الثِّيَابِ وَالْأَبَدَانِ سُنَّةٌ لَا فَرِيضَةٌ اهـ.
[حُكْم دَمُ الْبَرَاغِيثِ]
[قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ يَسِيرَ الدَّمِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ] اعْلَمْ أَنَّ الْفَاكِهَانِيَّ مُصَرِّحٌ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّمِ الْخَرْءُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ يَسِيرَ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ يَسِيرَ الدَّمِ قَدْ عُفِيَ عَنْهُ وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْخَرْءِ، فَالْخَرْءُ كَذَلِكَ يُعْفَى عَنْهُ وَلِكَوْنِهِ لَا يَكَادُ يُفَارِقُ الْإِنْسَانَ، وَقَوْلُهُ وَقَالَ ع إلَخْ.
كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ
وَدَمُ الْبَرَاغِيثِ لَيْسَ عَلَيْهِ غَسْلُهُ يَعْنِي لَا وُجُوبًا وَلَا اسْتِحْبَابًا إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَيُسْتَحَبَّ غَسْلُهُ، وَحَدُّ التَّفَاحُشِ مَا بَلَغَ حَدًّا يَسْتَحْيِي مِنْ ظُهُورِهِ بَيْنَ أَقْرَانِهِ، وَقِيلَ: مَا بَلَغَ حَدًّا لَا يُغْتَفَرُ وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ خَرْءَ الْبَرَاغِيثِ وَسَكَتَ عَنْ غَيْرِهِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَكَذَلِكَ خَرْءُ الذُّبَابِ وَالْبَعُوضِ فَإِنَّهُ مِثْلُ خَرْءِ الْبَرَاغِيثِ، وَقِيلَ: هُوَ لَيْسَ مِثْلَهُ، انْتَهَى وَانْظُرْ تَقْرِيرَ بَقِيَّةِ الشُّرَّاحِ فِي الْأَصْلِ.
ــ
[حاشية العدوي]
يَأْتِي عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّمِ الْخَرْءُ.
[قَوْلُهُ: فَيُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ] وَقِيلَ: يَجِبُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.
[قَوْلُهُ: مَا بَلَغَ حَدًّا لَا يُغْتَفَرُ] أَيْ لَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَيْهِ فَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ عَيْنُ الْأَوَّلِ لَا أَنَّهُ مُقَابِلٌ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ نَاجِي الْخِلَافَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ حَيْثُ قَالَ: وَحَدُّ التَّفَاحُشِ قِيلَ بِاسْتِحْيَائِهِ فِي الْمَجَالِسِ بَيْنَ النَّاسِ وَقِيلَ: مَا لَهُ رَائِحَةٌ اهـ.
وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ خِلَافٌ فِي اللَّفْظِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الَّذِي لَهُ رَائِحَةٌ أَنَّهُ يُسْتَحَى مِنْهُ فِي الْمَجَالِسِ.
[قَوْلُهُ: وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ إلَخْ] هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّمِ الْخَرْءُ عَلَى مَا قَرَرْنَا، وَلِذَلِكَ قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ يُرِيدُ بِدَمِ الْبَرَاغِيثِ خَرْأَهَا وَأَمَّا الدَّمُ الَّذِي فِي جَوْفِهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الدَّمِ كَمَا تَقَدَّمَ.
[قَوْلُهُ: وَقِيلَ هُوَ لَيْسَ مِثْلَهُ] أَيْ بَلْ يُسْتَحَبُّ غَسْلُ دَمِهَا تَفَاحَشَ أَوْ لَا كَمَا وَجَدَتْهُ فِي بَعْضِ التَّقَايِيدِ، وَفِي الْخَرَشِيِّ تَرْجِيحُ هَذَا الْقَوْلِ وَنَصُّهُ وَلَا يُلْحَقُ بِهَا الْبَقُّ وَالْقَمْلُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْحُلَلِ