الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا نَيَّبَهُ.
وَأَمَّا الشَّيْءُ الثَّانِي مِمَّا يُصَادُ بِهِ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ مَا صِدْته بِسَهْمِك وَرُمْحِك) يَعْنِي وَبِكُلِّ مَا لَهُ حَدٌّ (فَكُلْهُ فَإِنْ أَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَذَكِّهِ وَإِنْ فَاتَ بِنَفْسِهِ فَكُلْهُ إذَا قَتَلَهُ سَهْمُك مَا لَمْ يَبِتْ عَنْك) لَا خُصُوصِيَّةَ لِلسَّهْمِ بِذَلِكَ فَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا بَاتَ عَنْهُ الصَّيْدُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْبَازُ وَالْكَلْبُ وَالسَّهْمُ (وَقِيلَ إنَّمَا ذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ أَكْلِ مَا فَاتَ بِنَفْسِهِ (فِيمَا بَاتَ عَنْك مِمَّا قَتَلَهُ الْجَوَارِحُ وَأَمَّا السَّهْمُ يُوجَدُ فِي مَقَاتِلِهِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ) لَا بَأْسَ هُنَا بِمَعْنَى الْجَوَازِ وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ لِابْنِ الْمَوَّازِ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَعْضِ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الصَّيْدِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا تُؤْكَلُ الْإِنْسِيَّةُ بِمَا يُؤْكَلُ بِهِ الصَّيْدُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَدَّتْ وَالْتَحَقَتْ بِالْوَحْشِ بَقَرًا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْبَقَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي غَيْرِهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْعَقِيقَةِ فَقَالَ: (وَالْعَقِيقَةُ) أَصْلُهَا شَعْرُ الْمَوْلُودِ ثُمَّ تُوُسِّعَ فِي ذَلِكَ فَسُمِّيَتْ الذَّبِيحَةُ الَّتِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ أَدْرَكَهُ قَبْلَ أَنْ تَنْفُذَ الْجَوَارِحُ مَقَاتِلَهُ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُفَرِّطْ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَوْ لَمْ تَنْفُذْ الْمَقَاتِلُ بَعْدُ بَلْ يَكْفِي التَّنْيِيبُ [قَوْلُهُ: إذَا نَيَّبَهُ] أَيْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِدْمَاءِ وَلَوْ فِي الْأُذُنِ مَعَ شَقِّ جَلْدٍ أَمْ لَا شَقِّ جِلْدٍ بِدُونِ إدْمَاءٍ فِي وَحْشِيٍّ صَحِيحٍ فَلَا يَكْفِي بِخِلَافِهِ فِي مَرِيضٍ فَيُؤْكَلُ.
[قَوْلُهُ: وَبِكُلِّ مَا لَهُ حَدٌّ] وَلَوْ غَيْرَ حَدِيدٍ وَقَتَلَهُ السَّهْمُ أَوْ الرُّمْحُ أَوْ جَرَحَهُ وَمَاتَ قَبْلَ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَكَاتِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ السَّهْمُ أَوْ الرُّمْحُ مَسْمُومًا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَسْمُومًا لَا يَدْرِي هَلْ مَاتَ مِنْ السَّهْمِ مَثَلًا أَوْ السُّمِّ، فَإِنْ تَحَقَّقَ إنْفَاذُ مَقْتَلِهِ بِالسَّهْمِ قَبْلَ أَنْ يَسْرِيَ السُّمُّ فِيهِ أُكِلَ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ لِخَوْفِ أَذَى السُّمِّ [قَوْلُهُ: فَكُلْهُ] حَيْثُ نَوَيْت وَسَمَّيْت عِنْدَ رَمْيِ السَّهْمِ أَوْ الرُّمْحِ، فَلَوْ أَدْرَكْته حَيًّا بَعْدَ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْ مَقَاتِلِهِ نُدِبَ لَك تَذْكِيَتُهُ [قَوْلُهُ: بِذَلِكَ] أَيْ بِذَلِكَ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَبِتْ عَنْك وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفُ قَوْلَهُ إذَا قَتَلَهُ سَهْمُك [قَوْلُهُ: إذَا بَاتَ عَنْهُ] وَلَوْ بَعْضَ اللَّيْلِ وَلَوْ مَعَ الْجِدِّ فِي اتِّبَاعِهِ، وَسَبَبُ الْمَنْعِ أَنَّ اللَّيْلَ يَكْثُرُ فِيهِ الْهَوَامُّ بِخِلَافِ النَّهَارِ لِأَنَّ الصَّيْدَ يَمْنَعُ نَفْسَهُ فِيهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ رَمَاهُ نَهَارًا وَغَابَ عَنْهُ يَوْمًا كَامِلًا وَوَجَدَهُ مَيِّتًا بِجُرْحِ السَّهْمِ أَنَّهُ يُؤْكَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَتَرَاخَ فِي اتِّبَاعِهِ.
ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ حُرْمَةِ أَكْلِ مَا بَاتَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَضَعَّفَ وَرَجَّحَ الْقَوْلَ بِأَكْلِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ مَنْفُوذَ الْمَقْتَلِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَرَ إنْفَاذَ السَّهْمِ أَوْ الْجَارِحِ مَقْتَلَهُ قَبْلَ الْبَيَاتِ: وَإِلَّا أُكِلَ اتِّفَاقًا [قَوْلُهُ: وَأَمَّا السَّهْمُ إلَخْ] وَوَجْهُ تَفْرِقَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ السَّهْمَ إذَا وُجِدَ فِي مَقَاتِلِهِ وَقَدْ أَنْفَذَهَا يَغْلِبُ مَعَهُ الظَّنُّ بِأَنَّ الْمَوْتَ لِلصَّيْدِ مِنْ السَّهْمِ بِخِلَافِ الْجَارِحِ كَالْكَلْبِ يَجْرَحُ الصَّيْدَ وَيَبِيتُ عَنْ رَبِّهِ وَيُوجَدُ الصَّيْدُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْجَارِحِ، وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ الَّتِي لِابْنِ الْمَوَّازِ ضَعِيفَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. [قَوْلُهُ: وَلَا تُؤْكَلُ الْإِنْسِيَّةُ إلَخْ] وَكَذَا الْحَيَوَانُ وَالْوَحْشِيُّ إذَا تَأَنَّسَ أَوْ صَارَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا بِالذَّبْحِ.
تَنْبِيهٌ:
لَيْسَ مِنْ الْإِنْسِيِّ الَّذِي يُذْبَحُ نَحْوُ الْجَرَادِ بَلْ ذَكَاتُهُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مَا يُعَجِّلُ مَوْتَهُ، وَكَذَا سَائِرُ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ ذَكَاتُهَا مَا يُعَجِّلُ مَوْتَهَا [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْبَقَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا نَدَبَ الْإِنْسِيَّةَ فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ بَقَرٍ لَمْ تُؤْكَلْ بِالْعَقْرِ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْبَقَرُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لِأَنَّ لِلْبَقَرِ أَصْلًا فِي التَّوَحُّشِ تَرْجِعُ إلَيْهِ أَيْ شَبَّهَهَا بِبَقَرِ الْوَحْشِ، وَرُدَّ بِأَنَّ الشَّاةَ لَهَا أَيْضًا أَصْلٌ وَهُوَ الظِّبَاءُ اهـ.
الْمُرَادُ مِنْهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى الْمَنْصُوصِ يُؤْذِنُ بِالْخِلَافِ فَيُخَالِفُهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ لَمْ تُؤْكَلْ بِالْعَقْرِ اتِّفَاقًا.
[أَحْكَام الْعَقِيقَة]
[قَوْلُهُ: أَصْلُهَا شَعْرُ الْمَوْلُودِ] حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَقِيقَةَ أُطْلِقَتْ شَرْعًا عَلَى الشَّاةِ الْمَذْبُوحَةِ مَنْقُولَةً مِنْ مَعْنَاهَا لُغَةً وَهُوَ شَعْرُ رَأْسِ الْمَوْلُودِ لِأَنَّهَا تُذْبَحُ عِنْدَ حَلْقِهِ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٌ مِنْ الْعَقِّ وَهُوَ الْقَطْعُ، وَلَا يَخْفَى وُجُودُهُ فِي
تُذْبَحُ يَوْمَ سَابِعِ الْمَوْلُودِ عَقِيقَةٌ، وَبَدَأَ بِحُكْمِهَا فَقَالَ:(سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْوَاحِدَ لَا يَجْتَمِعُ فِيهِ حُكْمَانِ، فَإِنَّ السُّنَّةَ أَعْلَى مِنْ الْمُسْتَحَبِّ، أُجِيبَ بِأَنَّهُ عَنَى بِقَوْلِهِ سُنَّةً غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«كُلُّ غُلَامٍ مَرْهُونٌ بِعَقِيقَتِهِ» . وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِسَنَدٍ صَحِيحٍ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ كَبْشًا وَكَذَا عَنْ الْحُسَيْنِ» .
ثُمَّ بَيَّنَ جِنْسَ الْعَقِيقَةِ وَزَمَنَ ذَبْحِهَا بِقَوْلِهِ: (وَيَعُقُّ عَنْ الْمَوْلُودِ) ظَاهِرُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (يَوْمَ سَابِعِهِ) أَيْ سَابِعِ وِلَادَتِهِ بِشَرْطِ حَيَاتِهِ إلَيْهِ (بِشَاةٍ) مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ (مِثْلَ مَا ذَكَرْنَا) فِيمَا تَقَدَّمَ (مِنْ سِنِّ الْأُضْحِيَّةِ) وَهُوَ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ ابْنُ سَنَةٍ، وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ وَهُوَ ابْنُ سَنَةٍ، وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ (وَ) مِثْلُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ (صِفَتِهَا) بِأَنْ لَا تَكُونَ عَوْرَاءَ وَلَا مَرِيضَةً وَلَا عَرْجَاءَ بَيِّنٌ ضَلَعُهَا وَلَا عَجْفَاءَ وَلَا مَشْقُوقَةَ الْأُذُنِ وَلَا مَقْطُوعَتَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، وَلَا مَكْسُورَةَ قَرْنٍ يُدْمِي. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَعُقُّ بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَعَنْهُ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ: يَعُقُّ بِهِمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ هَذِهِ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ سِنِّ الْأُضْحِيَّةِ فَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْبَقَرِ الثَّنِيُّ وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ،
ــ
[حاشية العدوي]
كُلٍّ مِنْ الشَّعْرِ وَالذَّبِيحَةِ لِقَطْعِ أَوْدَاجِهَا وَحَلْقِهَا [قَوْلُهُ: ثُمَّ تُوُسِّعَ] أَيْ [تُجُوِّزَ] أَيْ تُجُوِّزَ [قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ عَنَى] الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ عَنَى بِقَوْلِهِ مُسْتَحَبَّةٌ أَنَّهَا غَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ فَحَاصِلُهُ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ إلَّا أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ [قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ] أَيْ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا قَالَ سُنَّةٌ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ وَاجِبَةٌ، وَقَالَ مُسْتَحَبَّةٌ خِلَافًا لِمَنْ يَقُولُ مُبَاحَةٌ أَيْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَذْفِ الْعَاطِفِ أَيْ سُنَّةٌ وَمُسْتَحَبَّةٌ فَيَكُونُ حَاكِيًا لِقَوْلَيْنِ أَوْ أَنَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةَ فَلَا يُنَافِي الْوَصْفَ بِمُسْتَحَبَّةٍ. [قَوْلُهُ: جَيِّدٌ] لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَوْدَةَ شَامِلَةُ الصِّحَّةَ وَالْحُسْنَ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَتَعَيَّنْ عِنْدَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا [قَوْلُهُ: كُلُّ غُلَامٍ إلَخْ] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْوَلَدَ مَحْبُوسٌ عَنْ أَنْ يَشْفَعَ لِوَالِدَيْهِ مَا لَمْ يُؤَدِّيَا عَنْهُ الْعَقِيقَةَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مَمْنُوعٌ وَمَحْبُوسٌ عَنْ الْخَيْرَاتِ وَالزِّيَادَاتِ مَا لَمْ يُؤَدُّوا عَنْهُ الْعَقِيقَةَ قَالَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ.
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ: مَعْنَى قَوْلِهِ: " كُلُّ غُلَامٍ مَرْهُونٌ بِعَقِيقَتِهِ " أَيْ مَحْبُوسَةٌ سَلَامَتُهُ عَنْ الْآفَاتِ بِعَقِيقَتِهِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ.
[قَوْلُهُ: عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ] أَيْ إمَّا لِكَوْنِهِ بِإِذْنٍ مِنْ عَلِيٍّ. وَلَوْ حُكْمًا لِكَوْنِهِ هُوَ الْأَبُ الْمَطْلُوبُ بِالْعَقِيقَةِ، أَوْ لِكَوْنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَبًا لِلْمُؤْمِنِينَ فَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْحَسَنِ وَلَا بِالْحُسَيْنِ فَتَدَبَّرْ.
وَرُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم عَقَّ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ مَا بُعِثَ» ، وَانْظُرْ هَلْ عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ سَيِّدِنَا إبْرَاهِيمَ.
[قَوْلُهُ: ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى] حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا لَكِنَّ ابْنَ الْعَبْدِ يَعُقُّ عَنْهُ أَبُوهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَيُنْدَبُ لِلسَّيِّدِ إذْنُهُ لِعَبْدِهِ أَنْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ، وَلَا يَعُقُّ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعَقِيقَةَ لَا تَتَعَدَّدُ بَلْ الْوَاحِدَةُ كَافِيَةٌ فِي الْمَوْلُودِ الذَّكَرِ كَالْأُنْثَى وَهُوَ كَذَلِكَ، وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَوْلُودِ وَيُخَاطَبُ بِهَا الْأَبُ وَلَوْ لِلْوَلَدِ مَالٌ، وَأَمَّا الْيَتِيمُ فَعَقِيقَتُهُ مِنْ مَالِهِ وَلَا يُطْلَبُ بِهَا أَخٌ وَلَا عَمٌّ، وَبِعِبَارَةٍ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَعَلُّقُ النَّدْبِ بِالْأَبِ وَلَوْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ وَلِلْوَلَدِ مَالٌ وَلَعَلَّهُ حَيْثُ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ وَيَرْجُو الْوَفَاءَ وَإِلَّا لَمْ يُخَاطَبْ بِهَا وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهَا، وَكَذَا الظَّاهِرُ سُقُوطُهَا بِمُضِيِّ زَمَنِهَا وَلَوْ مُوسِرًا وَيَنْبَغِي الرَّفْعُ لِمَالِكِيٍّ إنْ كَانَ حَنَفِيٌّ لَا يَرَاهَا عَنْ يَتِيمٍ، وَاسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ لَا يَتَسَلَّفُ لَهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَوْكَدَ مِنْ الضَّحِيَّةِ.
[قَوْلُهُ: بِشَرْطِ حَيَاتِهِ إلَيْهِ] ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى مَا بَقِيَ حَيًّا لِلسَّابِعِ يَعُقُّ عَنْهُ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعَقِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَعُقُّ عَنْهُ. ابْنُ نَاجِي: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ [قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا تَكُونَ عَوْرَاءَ إلَخْ] اقْتَصَرَ عَلَى سَلَامَتِهَا مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ مَعَ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِي الضَّحِيَّةِ مِنْ اسْتِحْبَابِ سَلَامَتِهَا مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا تَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا] رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الشَّقِّ وَالْقَطْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] أَيْ وَفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَحْمُولٌ عَلَى التَّخْفِيفِ لِأُمَّتِهِ كَمَا قَالَ تت.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذِهِ مِمَّا يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللَّهِ] أَيْ لِأَنَّهَا يُتَقَرَّبُ بِهَا فِي الضَّحَايَا
وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ مِنْ الْإِبِلِ الثَّنِيُّ وَهُوَ مَا دَخَلَ فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ.
(وَلَا يُحْسَبُ فِي السَّبْعَةِ الْأَيَّامِ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدَ فِيهِ) مِنْ بَعْدِ الْفَجْرِ وَإِنَّمَا يُحْسَبُ لَهُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ، فَإِنْ فَاتَ السَّابِعُ وَلَمْ يَعُقَّ عَنْ الْمَوْلُودِ فَلَا يَعُقُّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ.
ثُمَّ بَيَّنَ الْوَقْتَ الَّذِي تُذْبَحُ فِيهِ مِنْ الْيَوْمِ السَّابِعِ بِقَوْلِهِ: (وَتُذْبَحُ ضَحْوَةً) يَعْنِي عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ وَإِلَّا فَالنَّهَارُ مِنْ ضَحْوَةٍ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ وَقْتٌ لِلذَّبْحِ فَلَا يُجْزِئُ ذَبْحُهَا لَيْلًا وَلَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: يُجْزِئُ ذَبْحُهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَهَذَا أَظْهَرُ لِأَنَّ الْعَقِيقَةَ لَيْسَتْ مُنْضَمَّةً إلَى صَلَاةٍ فَكَانَ قِيَاسُهَا عَلَى الْهَدَايَا أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى الضَّحَايَا.
(وَلَا يَمَسُّ الصَّبِيَّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا) هَذَا النَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى» ، فَسَّرَ بَعْضُهُمْ إمَاطَةَ الْأَذَى عَنْهُ بِتَرْكِ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَفْعَلُونَهُ مِنْ تَلْطِيخِ رَأْسِهِ بِدَمِهَا تَفَاؤُلًا لِيَكُونَ شُجَاعًا سَفَّاكًا لِلدِّمَاءِ.
(وَيُؤْكَلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْعَقِيقَةِ (وَيُتَصَدَّقُ) كَالْأُضْحِيَّةِ، وَلَوْ قَدَّمَ الصَّدَقَةَ لَكَانَ أَوْلَى لِمَا قِيلَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ عَقِيقَةً حَتَّى يَتَصَدَّقَ بِهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا، فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلَيْسَتْ بِعَقِيقَةٍ، فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْعَقِيقَةِ الصَّدَقَةُ وَالصَّدَقَةُ تَكُونُ مِنْهَا طَرِيًّا وَمَطْبُوخًا وَلَا يَصْنَعُ بِهَا طَعَامًا وَيَدْعُو إلَيْهِ الْجِيرَانَ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(وَتُكْسَرُ عِظَامُهَا) اسْتِحْبَابًا
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْهَدَايَا.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُحْسَبُ إلَخْ] فَإِنْ وُلِدَ مَعَ الْفَجْرِ حُسِبَ لِأَنَّهُ لَمْ يُولَدْ بَعْدَ الْفَجْرِ بَلْ تَقَارَنَا. [قَوْلُهُ: فَلَا يَعُقُّ عَنْهُ فِي السَّابِعِ الثَّانِي] عِبَارَةُ بَعْضٍ وَكَذَا لَا يُنْدَبُ بَعْدَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي سَابِعٍ ثَانٍ أَوْ ثَالِثٍ أَوْ رَابِعٍ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ كَمَا فِي تت، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ السَّابِعُ الرَّابِعُ اُتُّفِقَ عَلَى عَدَمِ الطَّلَبِ بِهَا فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا أَوْهَمَهُ شَارِحُنَا مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ الطَّلَبِ بَعْدَ السَّابِعِ الثَّانِي غَيْرُ مُرَادٍ.
[قَوْلُهُ: يَعْنِي عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ] حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُذْبَحَ ضَحْوَةً إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ، وَيُكْرَهُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي [قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالنَّهَارُ إلَخْ] أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ بَلْ عَلَى جِهَةِ الْوُجُوبِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ النَّهَارَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ مِنْ ضَحْوَةٍ أَيْ طُلُوعِ الشَّمْسِ [قَوْلُهُ: وَهَذَا أَظْهَرُ] أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ الْمُقَدِّمَاتِ يُسْتَحَبُّ أَنْ تُذْبَحَ ضَحْوَةً إلَى زَوَالِ الشَّمْسِ وَيُكْرَهُ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ وَمِنْ بَعْدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُمْنَعُ مِنْ قَبْلِ الْفَجْرِ انْتَهَى.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُهَا مِنْ الْفَجْرِ وَيَسْتَمِرُّ لِلْغُرُوبِ، وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا ضَحْوَةً لِلزَّوَالِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الطُّلُوعِ وَإِنْ لَمْ تَحِلَّ النَّافِلَةُ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يَمَسُّ الصَّبِيَّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا] الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ [قَوْلُهُ: هَذَا النَّهْيُ نَهْيُ كَرَاهَةٍ] لِأَنَّهُ يُكْرَهُ التَّلَطُّخُ بِالنَّجَاسَةِ [قَوْلُهُ: لِمَا فِي الصَّحِيحِ] هَذَا لَا يُنْتِجُ خُصُوصَ الْكَرَاهَةِ [قَوْلُهُ: مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَةٌ] قَالَ الْقَسْطَلَّانِيُّ: مُصَاحِبَةً لَهُ [قَوْلُهُ: فَأَهْرِيقُوا] بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ فَصُبُّوا عَنْهُ دَمًا بِشَاةٍ بِصِفَةِ الْأُضْحِيَّةِ. وَقَوْلُهُ: فَسَّرَ بَعْضُهُمْ أَيْ وَفَسَّرَهُ بَعْضٌ آخَرُ بِأَزِيلُوا عَنْهُ أَذًى بِحَلْقِ رَأْسِهِ.
[قَوْلُهُ: وَيُؤْكَلُ مِنْهَا] أَيْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤْكَلَ أَيْ يَطْعَمَ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانُ.
قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَالْإِطْعَامُ فِيهَا كَهُوَ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَيْ وَلَا حَدَّ لِلْإِطْعَامِ فِيهَا بَلْ يَأْكُلُ مِنْهَا وَمِنْ الضَّحِيَّةِ مَا شَاءَ وَيَتَصَدَّقُ بِمَا شَاءَ وَيُطْعِمُ مَا شَاءَ، فَالْجَمْعُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ مُسْتَحَبٌّ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ خَالَفَ الْمُسْتَحَبَّ. أَقُولُ: فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا دَاعِيَ لِقَوْلِهِ وَلَوْ قَدَّمَ الصَّدَقَةَ إلَخْ [قَوْلُهُ: لِمَا قِيلَ] وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا [قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّقْ إلَخْ] هَذَا عَلَى الضَّعِيفِ [قَوْلُهُ: فَالْمَقْصُودُ مِنْ الْحَقِيقَةِ الصَّدَقَةُ] أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ قَدْ عَلِمْت مِنْ كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ مُسَاوَاتِهَا لِلضَّحِيَّةِ، وَحَيْثُ كَانَتْ مُسَاوِيَةً فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الصَّدَقَةَ بَلْ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مَقْصُودٌ أَعْنِي الْأَكْلَ مِنْهَا وَالْإِهْدَاءَ وَالصَّدَقَةَ [قَوْلُهُ: وَالصَّدَقَةُ تَكُونُ مِنْهَا طَرِيًّا إلَخْ] وَكَذَا الْإِهْدَاءُ يَكُونُ طَرِيًّا وَمَطْبُوخًا [قَوْلُهُ: وَلَا
مُخَالَفَةً لِلْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَكْسِرُونَ عِظَامَهَا مَخَافَةَ مَا يُصِيبُ الْوَلَدَ، وَقِيلَ: لَيْسَ الْكَسْرُ مَسْنُونًا وَلَا مُسْتَحَبًّا، وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ.
(وَإِنْ حَلَقَ شَعْرَ الْمَوْلُودِ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى (وَتَصَدَّقَ بِوَزْنِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَذَلِكَ مُسْتَحَبٌّ) عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ بِكَبْشٍ، وَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ احْلِقِي رَأْسَهُ وَتَصَدَّقِي بِزِنَةِ شَعْرِهِ فِضَّةً قَالَ: فَوَزَنَّاهُ فَكَانَ دِرْهَمًا أَوْ بَعْضَ دِرْهَمٍ» .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَلْقُ قَبْلَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ. وَقَوْلُهُ: (حَسَنٌ) تَأْكِيدٌ فَإِنَّ الْمُسْتَحَبَّ هُوَ الْحَسَنُ وَالْحَسَنُ هُوَ الْمُسْتَحَبُّ، وَكَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَمَّى يَوْمَ سَابِعِهِ إنْ عُقَّ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يُعَقَّ عَنْهُ سُمِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْعَقِيقَةِ فَفِي تَسْمِيَتِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
يَصْنَعُ بِهَا طَعَامًا] أَيْ يُكْرَهُ عَمَلُهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا وَلِيمَةً وَعَلَّلَهُ تت بِقَوْلِهِ لِمُخَالَفَةِ السَّلَفِ وَخَوْفِ الْمُبَاهَاةِ وَالتَّفَاخُرِ، بَلْ يَطْبُخُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا أَهْلُ الْبَيْتِ وَالْجِيرَانُ وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، وَلَا بَأْسَ بِالْإِطْعَامِ مِنْ لَحْمِهَا نِيئًا وَلَا بِالِادِّخَارِ مِنْهَا كَالْأُضْحِيَّةِ اهـ.
وَأَمَّا جَعْلُ غَيْرِهَا وَلِيمَةً وَذَبْحُهَا أَوْ نَحْرُهَا وَيَصْنَعُ بِهَا صُنْعَ الْعَقِيقَةِ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ: عَقَقْت عَنْ وَلَدِي فَذَبَحْت بِاللَّيْلِ مَا أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ إلَيْهِ إخْوَانِي وَغَيْرَهُمْ، ثُمَّ ذَبَحْت شَاةَ الْعَقِيقَةِ فَأَهْدَيْت مِنْهَا لِلْجِيرَانِ فَأَكَلُوا وَأَكَلْنَا فَمَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلْيَفْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ الْجَوَازُ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ.
تَتِمَّةٌ:
يَحْرُمُ الْمُعَاوَضَةُ بِهَا كَسَائِرِ الْقُرَبِ فَلَا يُبَاعُ جِلْدُهَا وَلَا شَيْءٌ مِنْ لَحْمِهَا، وَلَا يُعْطَى الْجَزَّارُ مِنْهَا فِي نَظِيرِ جِزَارَتِهِ، وَلَا الْقَابِلَةُ فِي مُقَابَلَةِ وِلَادَةِ الْمَرْأَةِ بَلْ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ.
[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَكْسِرُونَ عِظَامَهَا] وَإِنَّمَا كَانُوا يَقْطَعُونَهَا مِنْ الْمَفَاصِلِ [قَوْلُهُ: وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ] أَيْ فَيُبَاحُ عِنْدَهُ كَسْرُ عِظَامِهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ.
[قَوْلُهُ: وَإِنْ حَلَقَ إلَخْ] وَانْظُرْ إذَا أَرَادُوا أَنْ يَتَحَرَّوْا وَزْنَ شَعْرِهِ مِنْ غَيْرِ حَلْقٍ هَلْ يُنْدَبُ لَهُمْ التَّصَدُّقَ بِهِ أَمْ لَا.
[قَوْلُهُ: مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ] وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذَّهَبَ أَوْلَى لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ قِيلَ: يُكْرَهُ التَّصَدُّقُ بِزِنَةِ شَعْرِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، وَقِيلَ: يُبَاحُ. [قَوْلُهُ: عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ بِكَبْشٍ] عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَقَّ عَنْ الْحَسَنِ كَبْشًا وَعَنْ الْحُسَيْنِ كَبْشًا» .
قَالَ بَعْضُ الْمُحَدِّثِينَ: وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي الْمُوَطَّأِ، وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَعْرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ وَزَيْنَبَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَةِ ذَلِكَ فِضَّةً انْتَهَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ وُلِدُوا فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ شَارِحُ الْحَدِيثِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَتَصَدَّقَتْ إلَخْ يُحْتَمَلُ بِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا أَمَرَهَا فِي الْحَسَنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا قَاسَتْ ذَلِكَ عَلَى أَمْرِهِ لَهَا فِي الْحَسَنِ بِكْرِهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَهْلُ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ مَا فَعَلْته فَاطِمَةُ مَعَ الْعَقِيقَةِ أَوْ دُونَهَا.
[قَوْلُهُ: قَالَ] أَيْ عَلِيٌّ [قَوْلُهُ: وَبَعْضُ دِرْهَمٍ] شَكٌّ مِنْ عَلِيٍّ.
[قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَلْقُ قَبْلَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ] وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ التَّصَدُّقُ قَبْلَ ذَبْحِ الْعَقِيقَةِ وَعِبَارَةُ بَعْضٍ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَيْ التَّصَدُّقُ فِي سَابِعِ الْوِلَادَةِ قَبْلَ الْعَقِّ عَنْهُ كَانَ الْمَوْلُودُ ذَكَرًا أَوْ أُثْنَى انْتَهَى.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الذَّهَبَ أَوْلَى وَيَكُونُ اقْتِصَارُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْفِضَّةِ لِكَوْنِهَا الْمُتَيَسِّرَةَ، وَانْظُرْ لَوْ كَانُوا يَتَعَاطَوْنَ غَيْرَهُمَا فِي الْمُعَامَلَةِ هَلْ يُنْدَبُ لَهُمْ التَّصَدُّقُ بِزِنَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ أَوْ التَّصَدُّقُ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ بِمَا يُوَازِنُ قِيمَتَهُ أَنْ لَوْ بِيعَ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ شَعْرُ الْمَوْلُودِ.
[قَوْلُهُ: إنْ عَقَّ عَنْهُ] أَيْ إنْ أُرِيدَ الْعَقُّ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ الْعَقَّ عَنْهُ. [قَوْلُهُ: سُمِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ] قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ وُجُوبُ التَّسْمِيَةِ وَحِينَئِذٍ، فَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ سُمِّيَ قَبْلَ طَلَبِ التَّسْمِيَةِ قِيلَ: وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَيَكُونُ نَدْبًا، فِيمَا يَظْهَرُ وَهُوَ يُصَدَّقُ بِيَوْمِ الْوِلَادَةِ. وَرَمَا بَعْدَهُ، وَلَعَلَّ الْمُبَادَرَةَ بِهَا حِينَئِذٍ يَوْمَ الْوِلَادَةِ أَوْلَى وَمَصَبُّ النَّدْبِ الْقَيْدُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ بِوُجُوبِ التَّسْمِيَةِ، وَلَمْ يُفْصِحْ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ بِهَذَا الْقَدْرِ فَقَدْ قَالَ: وَيَنْبَغِي إذَا كَانَ الْمَوْلُودُ مِمَّنْ يُعَقُّ عَنْهُ فَلَا يُوقِعُ عَلَيْهِ الِاسْمَ