المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الرعاف في الصلاة - حاشية العدوي على كفاية الطالب الرباني - جـ ١

[العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة الْكتاب]

- ‌[سَبَب تَأْلِيف الْكتاب]

- ‌ بَابُ مَا تَنْطِقُ بِهِ الْأَلْسِنَةُ وَتَعْتَقِدُهُ الْأَفْئِدَةُ

- ‌[تَنْبِيهَات الْأَوَّل: إيمَانَ الْمُقَلِّدِ]

- ‌[التَّنْبِيه الثَّانِي: الْإِيمَانُ وَالْإِسْلَامُ وَاحِدٌ]

- ‌بَابُ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ

- ‌[شُرُوطٌ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ]

- ‌[مَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ]

- ‌ مَا يَجِبُ مِنْهُ الْغُسْلُ

- ‌بَابُ طَهَارَةِ الْمَاءِ

- ‌[بَاب طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ]

- ‌ مَا يُجْزِئُ مِنْ اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[مُبَاشَرَة الْمَرْأَةُ الْأَرْضَ بِكَفَّيْهَا فِي السُّجُودِ]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ وَالِاسْتِنْجَاء وَالِاسْتِجْمَار]

- ‌بَابٌ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْغُسْلِ

- ‌[بَابُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[بَابٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌بَابٌ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ

- ‌[كِتَاب الصَّلَاة] [

- ‌[بَابٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي صِفَةِ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ

- ‌ بَابٌ فِي الْإِمَامَةِ

- ‌[بَابٌ جَامِعٌ فِي الصَّلَاة]

- ‌[سُجُود السَّهْو]

- ‌ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا

- ‌[فَرْعٌ التَّنَحْنُحُ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الِاجْتِهَاد فِي الْقِبْلَة]

- ‌ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ

- ‌[بَعْض الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِقَضَاءِ الصَّلَاةِ]

- ‌ أَيْقَنَ بِالْوُضُوءِ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ)

- ‌ حُكْمِ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الْوُضُوءِ أَوْ مِنْ سُنَنِهِ

- ‌صَلَاةُ الْمَرِيضِ)

- ‌[طَهَارَة مَحِلّ الصَّلَاة]

- ‌ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُخَاطَبُ بِأَدَاءِ الصَّلَاةِ (عَلَى مَسِّ الْمَاءِ لِضَرَرٍ بِهِ

- ‌[كَيْفِيَّة صَلَاة الْمُسَافِر عَلَيَّ الدَّابَّة]

- ‌ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ

- ‌[حُكْم دَمُ الْبَرَاغِيثِ]

- ‌ بَابٌ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

- ‌ بَابٌ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْجُمُعَةِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الْخُسُوفِ]

- ‌ بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُحْتَضَرِ وَالْمَيِّت]

- ‌[بَابٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي الدُّعَاءِ لِلطِّفْلِ]

- ‌ بَابٌ فِي الصِّيَامِ]

- ‌ قِيَامِ رَمَضَانَ

- ‌[بَابٌ فِي الِاعْتِكَافِ]

- ‌[مُفْسِدَات الِاعْتِكَافِ]

- ‌ الْوَقْتَ الَّذِي يَبْتَدِئُ مِنْهُ الِاعْتِكَافَ

- ‌ مَسَائِلَ نُهِيَ الْمُعْتَكِفُ عَنْهَا

- ‌[الْوَقْت الَّذِي يَخْرَج فِيهِ مِنْ الِاعْتِكَاف]

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْعَيْنِ]

- ‌[بَاب فِي الزَّكَاة] [

- ‌ بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]

- ‌ بَابٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌ بَابٌ فِي الْحَجِّ]

- ‌[حُكْم الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَرَائِض الْحَجِّ وَسُنَنه وَفَضَائِله]

- ‌ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ

- ‌ الْفَاضِلَ وَالْمَفْضُولَ مِنْ أَوْجُهِ الْإِحْرَامِ الثَّلَاثَةِ

- ‌ مَحَلَّ نَحْرِ الْهَدْيِ وَذَبْحِهِ

- ‌ حَقِيقَةَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ

- ‌[أَحْكَام الْعُمْرَةُ]

- ‌بَابٌ فِي الضَّحَايَا]

- ‌[الْأُضْحِيَّة مِنْ النَّعَم وَالْبَقَر وَالْغَنَم]

- ‌[أَحْكَام الذَّكَاةُ]

- ‌ مَا لَا تَعْمَلُ فِيهِ الذَّكَاةُ مِنْ الْأَنْعَامِ

- ‌[أَكْلُ الْمُحْرِم وَالِانْتِفَاع بِهِ حِينَ الِاضْطِرَار]

- ‌[أَحْكَام الصَّيْدِ]

- ‌[أَحْكَام الْعَقِيقَة]

- ‌[أَحْكَام الْخِتَان]

الفصل: ‌ الرعاف في الصلاة

الْأَفْضَلُ، أَخَذَ بَعْضُهُمْ مِنْ هُنَا جَوَازَ صَلَاةِ الْوِتْرِ جَالِسًا اخْتِيَارًا، وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْمَنْعِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِوُجُوبِهِ.

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْوِتْرَ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ فِعْلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ وَخَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ مِنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ لَهُ فِي الْفَرْضِ رَفَعَ ذَلِكَ الْإِيهَامَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُصَلِّي) أَيْ الْمُسَافِرُ (الْفَرِيضَةَ) وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا (إلَّا بِالْأَرْضِ) دَلِيلُهُ وَمَا قَبْلَهُ الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُ مَسْأَلَةً. فَقَالَ:(إلَّا أَنْ يَكُونَ إنْ نَزَلَ) عَنْ دَابَّتِهِ (صَلَّى جَالِسًا إيمَاءً) بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (لِ) أَجْلِ (مَرَضِهِ فَلْيُصَلِّ) الْفَرِيضَةَ (عَلَى الدَّابَّةِ بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ لَهُ وَيَسْتَقْبِلُ بِهَا الْقِبْلَةَ) ظَاهِرُهُ كَالْمُخْتَصَرِ الْجَوَازُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ الْكَرَاهَةُ وَقُيِّدَتْ بِمَا إذَا صَلَّى حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، وَأَمَّا إذَا وَقَفَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَ وَصَلَّى فَلَا كَرَاهَةَ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ نَقَلَهُ ك عَنْ الشَّيْخِ ثُمَّ قَالَ: فَاَلَّذِي فِي الرِّسَالَةِ تَقْيِيدٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: إنْ نَزَلَ صَلَّى جَالِسًا إيمَاءً مِمَّا لَوْ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ إذَا جَلَسَ فِي الْأَرْضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّابَّةِ اتِّفَاقًا.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسْأَلَةٍ ذَاتِ خِلَافٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهِيَ‌

‌ الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ

، وَهُوَ الدَّمُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ الْأَنْفِ فَقَالَ:(وَمَنْ رَعَفَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ عَلَى الْأَفْصَحِ فِيهِ وَفِي مُضَارِعِهِ، أَيْ خَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ دَمٌ حَالَةَ كَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ (مَعَ الْإِمَامِ خَرَجَ فَغَسَلَ الدَّمَ) أَيْ يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ أَنْفِهِ مُمْسِكًا لِأَنْفِهِ مِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

وَأَتَمَّ عَلَيْهَا لِيَسَارَتِهِ، وَهَلْ الْمُرَادُ بِمَنْزِلِ الْإِقَامَةِ مَا يُقِيمُ بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ أَوْ مَحَلَّ سَكَنِهِ؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا أَقَامَ بِهِ إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَأَوْلَى غَيْرُهُ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ] بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْوِتْرَ جَالِسًا وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ.

[قَوْلُهُ: الْفَرِيضَةَ] وَلَوْ بِالنَّذْرِ لِقِيَامِهَا.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا إلَّا بِالْأَرْضِ] فَلَوْ صَلَّاهَا عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَعَادَهَا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يُصَلِّيهَا عَلَيْهَا قَائِمًا وَرَاكِعًا وَسَاجِدًا مِنْ غَيْرِ نَقْصِ شَيْءٍ عِنْدَ سَحْنُونَ لِدُخُولِهِ عَلَى الْغَرَرِ، وَقَالَ سَنَدٌ تُجْزِئُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ.

[قَوْلُهُ: صَلَّى جَالِسًا إيمَاءً بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَخْ] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ لِلسُّنَنِ وَالْمَنْدُوبَاتِ، فَإِذَا تَسَاوَى حَالُهُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْأَرْضِ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّةُ الصَّلَاةِ، وَكَانَ إذَا نَزَلَ بِالْأَرْضِ يَأْتِي بِالسُّنَنِ أَوْ بِبَعْضِهَا وَعَلَيْهَا لَا يَأْتِي بِذَلِكَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ عَلَيْهَا، وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ إذَا كَانَ يُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ بِالسُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ أَوْ الْخَفِيفَةِ أَوْ بِالْمَنْدُوبِ دُونَ الدَّابَّةِ فَيُسَنُّ النُّزُولُ فِي الْأَوَّلَيْنِ مُؤَكَّدَةً فِي أَوَّلِهِمَا وَخَفِيفَةً فِي ثَانِيهِمَا وَيُنْدَبُ فِي الثَّالِثِ.

[قَوْلُهُ: الْجَوَازُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ] أَمَّا الْمُصَنِّفُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْمُخْتَصَرُ فَقَالَ بَعْدُ وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْأَخِيرِ، فَأَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ كَرَاهَةٌ بَلْ الْكَرَاهَةُ إنَّمَا هِيَ فِي الْمُدَوَّنَةِ.

[قَوْلُهُ: وَقُيِّدَتْ] أَيْ الْكَرَاهَةُ بِمَا إذَا صَلَّى فَإِنْ قُلْت: كَيْفَ يَصِحُّ الْحُكْمُ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ ذَلِكَ التَّقْيِيدِ، إذْ مُقْتَضَى الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ الْحُرْمَةُ لَا الْكَرَاهَةُ قُلْت: الْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ الْحُرْمَةُ عَلَى أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ لِخَلِيلٍ.

[الرُّعَافُ فِي الصَّلَاةِ]

[قَوْلُهُ: عَلَى الْأَفْصَحِ فِيهِ وَفِي مُضَارِعِهِ] قَدْ ذَكَرَ فِي الصِّحَاحِ لُغَاتٍ ثَلَاثًا وَهِيَ فَتْحُ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَضَمُّهَا وَفَتْحُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالشَّاذُّ ضَمُّهَا فِيهِمَا، وَعَبَّرَ صَاحِبُ الْمِصْبَاحِ بِالْقِلَّةِ فِيمَا عَبَّرَ فِيهِ الصِّحَاحُ بِالشُّذُوذِ فَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ كَلَامِ الشَّارِحِ.

[قَوْلُهُ: خَرَجَ فَغَسَلَ الدَّمَ] وَلَمْ يَظُنَّ دَوَامَهُ لِآخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا ظَنَّ الدَّوَامَ لِآخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ يُتِمُّهَا وَلَا يَخْرُجُ وَلَوْ سَائِلًا وَقَاطِرًا، حَيْثُ كَانَ فِي غَيْرِ مَسْجِدٍ أَوْ فِيهِ وَفَرَشَ شَيْئًا يُلَاقِي بِهِ الدَّمَ أَوْ كَانَ مُحَصَّبًا أَوْ مُتَرَّبًا لَا حَصِيرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرُورَةٌ وَيَغْسِلُ الدَّمَ بَعْدَ فَرَاغِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ مَفْرُوشٍ أَوْ مُبَلَّطٍ يَخْشَى تَلْوِيثَهُ، وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ وُجُوبًا وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ يُتِمُّهَا، أَيْ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ إلَّا أَنْ يَخْشَى ضَرَرًا بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ تَلَطُّخَ ثِيَابِهِ الَّتِي يُفْسِدُهَا فَيُتِمُّهَا، وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ، لَا إنْ خَشِيَ تَلَطُّخَ جَسَدِهِ أَوْ ثِيَابِهِ الَّتِي لَا يُفْسِدُهَا الْغَسْلُ فَلَا يَصِحُّ لَهُ الْإِيمَاءُ.

[قَوْلُهُ: مُمْسِكًا لِأَنْفِهِ إلَخْ] أَيْ لِئَلَّا يَتَلَطَّخَ بِهِ

ص: 351

أَعْلَاهُ (ثُمَّ) بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ (بَنَى) بِمَعْنَى يَبْنِي وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ اسْتِحْبَابًا عَلَى الْمَشْهُورِ لِعَمَلِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْأَفْضَلُ الْقَطْعُ، وَعَلَّلَ بِأَنَّ الشَّأْنَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَتَّصِلَ عَمَلُهَا وَلَا يَتَخَلَّلَهَا شُغْلٌ كَثِيرٌ وَلَا انْصِرَافٌ عَنْ الْقِبْلَةِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ النَّجِسَ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْبِنَاءِ فَلَهُ سِتَّةُ شُرُوطٍ أَشَارَ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ:(مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ يَمْشِ عَلَى نَجَاسَةٍ)

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ إنْ تَكَلَّمَ مُطْلَقًا عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا وَهُوَ كَذَلِكَ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَظَاهِرُهُ الْبُطْلَانُ إنْ مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ النَّجَاسَةُ رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً، أَمَّا إذَا كَانَتْ رَطْبَةً فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَابِسَةً كَالْقَشْبِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ سَحْنُونَ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ: لَا تَبْطُلُ. بَهْرَامٌ: وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَذِرَةِ، وَأَمَّا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالُهَا فَإِنَّهُ يَبْنِي إذَا مَشَى عَلَيْهَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الطُّرُقَاتِ لَا تَخْلُو عَنْ ذَلِكَ غَالِبًا وَيُدَلِّكُ قَدَمَيْهِ مِنْ ذَلِكَ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَتَجَاوَزَ مَاءً إلَى آخَرَ فَإِنْ تَجَاوَزَهُ مَعَ الْإِمْكَانِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ اتِّفَاقًا.

الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ لِغَيْرِ طَلَبِ الْمَاءِ، أَمَّا إنْ اسْتَدْبَرَهَا لِطَلَبِ الْمَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.

الْخَامِسُ: أَنْ يَقْطُرَ الدَّمُ أَوْ يَسِيلَ وَلَا يَتَلَطَّخَ بِهِ، أَمَّا إنْ رَشَحَ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ فَلَا يَخْرُجُ لَغُسْلِهِ، وَإِنْ قَطَرَ أَوْ سَالَ وَتَلَطَّخَ بِهِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُمَا قَرِيبًا.

السَّادِسُ: أَنْ

ــ

[حاشية العدوي]

ثَوْبُهُ أَوْ جَسَدُهُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ، ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ مَسْكُهُ شَرْطًا فِي الْبِنَاءِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَفْعَلْ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، إنَّمَا هُوَ إرْشَادٌ إلَى مَا يُعِينُهُ عَلَى تَقْلِيلِ النَّجَاسَةِ بَلْ الشَّرْطُ التَّحَفُّظُ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مِنْ الْأَعْلَى فَهُوَ عَلَى طَرِيقِ الْأَوْلَى لِئَلَّا يَحْبِسَ الدَّمَ، أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ بَقِيَ الدَّمُ فِي دَاخِلِ الْأَنْفِ، [قَوْلُهُ: بِمَعْنَى يَبْنِي] ؛ لِأَنَّ الْفَقِيهَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ فِي أَحْكَامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَفْضَلُ الْقَطْعُ] أَيْ وَرَجَعَ قَالَ زَرُّوقٌ وَهُوَ أَوْلَى بِالْعَامِّيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْعِلْمِ لِجَهْلِهِ انْتَهَى.

[قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ نِسْيَانًا] وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ فِي ذَهَابِهِ أَوْ عَوْدِهِ مَا لَمْ يَكُنْ لِإِصْلَاحِهَا، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ بِالْكَلَامِ نِسْيَانًا وَإِنْ قَلَّ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِيَاتِ قَالَهُ عج.

[قَوْلُهُ: كَالْقَشْبِ] قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْقَشْبُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، الْيَابِسَةُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الدَّمَ الزَّائِدَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَزِبْلِ الْكِلَابِ وَمَا فِي مَعْنَى ذَلِكَ مِنْ النَّجَاسَاتِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْعَذِرَةِ، أَيْ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا ذَكَرَ.

[قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ إلَخْ] قَالَ صَاحِبُ الْجَمْعِ هَذَا الْخِلَافُ عِنْدِي إذَا مَشَى عَلَيْهَا غَيْرَ عَالِمٍ بِهَا، وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهَا لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَبْنِي إذَا مَشَى عَلَيْهَا اتِّفَاقًا] ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَلَوْ رَطْبَةً وَلَوْ عَامِدًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الْحَطَّابُ قُلْت: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ بِمَا إذَا وَطِئَهَا نَاسِيًا أَوْ مُضْطَرًّا لِذَلِكَ لِعُمُومِهَا وَانْتِشَارِهَا فِي الطَّرِيقِ، وَأَمَّا إنْ وَطِئَهَا عَامِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِسَعَةِ الطَّرِيقِ وَعَدَمِ عُمُومِهَا، وَإِمْكَانِ عُدُولِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَبْطُلَ صَلَاتُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ الضَّرُورَةُ انْتَهَى، فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَذْكُرُ لَك حَاصِلًا بِهِ تَمَامَ الْفَائِدَةِ فَنَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرُورَ عَلَى النَّجَاسَةِ مَعَ الْعَمْدِ وَالِاخْتِيَارِ مُبْطِلٌ مُطْلَقًا وَلَوْ يَابِسَةً وَلَوْ أَرْوَاثَ دَوَابَّ، وَأَمَّا مَعَ الِاضْطِرَارِ فَلَا بُطْلَانَ وَلَا إعَادَةَ أَيْضًا فِي الْمُرُورِ عَلَى أَرْوَاثِ دَوَابَّ وَلَوْ رَطْبَةً، وَكَذَا فِي الْمُرُورِ عَلَى غَيْرِهَا لَا بُطْلَانَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ هَذَا كُلِّهِ مَعَ الْعِلْمِ، وَأَمَّا مَعَ النِّسْيَانِ فَفِي نَحْوِ الْعَذِرَةِ إنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَا بُطْلَانَ وَتُنْدَبُ الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ وَإِذَا تَذَكَّرَ فِيهَا وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ فَيَتَحَوَّلُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ عَلَى الرَّاجِحِ، وَأَمَّا فِي أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ فَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لَا فِي الْوَقْتِ وَلَا فِي غَيْرِهِ، وَإِنْ تَذَكَّرَ فِيهَا فَلَا بُطْلَانَ أَيْضًا وَلَا إعَادَةَ وَيُدَلِّكُهَا كَمَا قَالَ شَارِحُنَا فَاشْدُدْ يَدَك عَلَى هَذَا الْحَاصِلِ.

[قَوْلُهُ: إنْ لَا يَتَجَاوَزُ مَاءً إلَى آخَرَ] وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ قَرِيبًا فِي نَفْسِهِ أَيْضًا وَالْقُرْبُ بِالْعُرْفِ كَمَا قَالَهُ عج، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَمْرَانِ أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنْ يَكُونَ قَرِيبًا فِي نَفْسِهِ.

[قَوْلُهُ:

ص: 352

يَكُونَ الرَّاعِفُ فِي جَمَاعَةٍ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا، أَمَّا الْفَذُّ فَفِي بِنَائِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ فَإِذَا اسْتَكْمَلَتْ الشُّرُوطُ.

(وَ) بَنَى فَ (لَا يَبْنِي عَلَى رَكْعَةٍ) يَعْنِي لَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَةٍ (لَمْ تَتِمَّ بِسَجْدَتَيْهَا) وَإِنَّمَا يَعْتَدُّ بِرَكْعَةٍ تَمَّتْ بِسَجْدَتَيْهَا عَلَى مَا نَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ.

وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ: يَبْنِي عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ كَانَ فِي الْأُولَى أَوْ مَا بَعْدَهَا، وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ رَعَفَ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَقَبْلَ السُّجُودِ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَجَدَ سَجْدَةً وَاحِدَةً أَلْغَى وَابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ، وَإِنْ رَعَفَ بَعْدَ أَنْ سَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ بَنَى عَلَيْهِمَا وَقَوْلُهُ:(وَلْيُلْغِهَا) تَكْرَارٌ زِيَادَةٌ فِي الْبَيَانِ.

وَهَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ كُلُّهُ إذَا كَانَ الدَّمُ كَثِيرًا كَمَا قَيَّدْنَا بِهِ كَلَامَهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَلَا يَنْصَرِفُ لِ) غُسْلِ (دَمٍ خَفِيفٍ وَلْيَفْتِلْهُ بِأَصَابِعِهِ) يَعْنِي بِرُءُوسِ أَصَابِعِ يَدِهِ الْيُسْرَى الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الْأَنَامِلُ الْفَوْقَانِيَّةُ، وَصِفَةُ الْفَتْلِ أَنْ يَلْقَاهُ أَوَّلًا بِرَأْسِ الْخِنْصَرِ وَيَفْتِلَهُ بِرَأْسِ الْإِبْهَامِ ثُمَّ بَعْدِ الْخِنْصَرِ الْبِنْصِرِ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ السَّبَّابَةِ، فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ خَرَجَ قَالَهُ ع.

وَقَالَ ق: وَانْظُرْ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ) هَلْ أَرَادَ ابْتِدَاءً فَيَكُونُ تَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَلْيَفْتِلْهُ بِأَصَابِعِهِ إلَّا أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ فَلَا يَبْتَدِئْ فَتْلَهُ، وَلْيَنْصَرِفْ إلَى الْمَاءِ أَوْ إنَّمَا أَرَادَ إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ بَعْدَ أَنْ فَتَلَهُ فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ إنَّمَا يَفْتِلُهُ بِأَصَابِعِهِ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ بِالسَّيْلِ أَوْ الْقَطْرِ فَلَا يَفْتِلُهُ، وَيَحْتَمِلُ الْوَجْهَيْنِ وَهَلْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَيْضًا إلَّا أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ

ــ

[حاشية العدوي]

إمَامًا كَانَ إلَخْ] لَكِنَّ الْإِمَامَ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ اسْتَخْلَفُوا نَدْبًا، وَإِنْ شَاءُوا صَلَّوْا أَفْذَاذًا هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ، وَأَمَّا فِيهَا فَيَجِبُ الِاسْتِخْلَافُ عَلَيْهِمْ لَا عَلَى الْإِمَامِ وَاسْتِخْلَافُ الْإِمَامِ بِغَيْرِ الْكَلَامِ، فَإِنْ تَكَلَّمَ بَطَلَتْ عَلَيْهِ دُونَهُمْ إنْ كَانَ سَهْوًا وَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ فِي الْعَمْدِ وَالْجَهْلِ.

[قَوْلُهُ: أَمَّا الْفَذُّ فَفِي بِنَائِهِ قَوْلَانِ] مُنْشَؤُهُمَا هَلْ رُخْصَةُ الْبِنَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِلْمَنْعِ مِنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ أَوْ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَيَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ رَعَفَ بَعْدَ إلَخْ] فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ أَنَّ تَمَامَ الرَّكْعَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْجُلُوسِ إنْ كَانَ يَقُومُ مِنْهَا لِلْجُلُوسِ، وَيَكُونُ بِالْقِيَامِ إنْ كَانَ يَقُومُ مِنْهَا لِلْقِيَامِ، فَلَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ السَّجْدَتَيْنِ وَقَبْلَ الْجُلُوسِ أَوْ الْقِيَامِ رَعَفَ فَلَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ.

تَتِمَّةٌ لَطِيفَةٌ: إذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ الذَّهَابِ لِمَاءٍ قَرِيبٍ مَعَ الِاسْتِدْبَارِ وَبَعِيدٍ لَا اسْتِدْبَارَ فِيهِ، فَإِنَّهُ يَذْهَبُ لِلْقَرِيبِ مَعَ الِاسْتِدْبَارِ، وَإِذَا دَارَ بَيْنَ الِاسْتِدْبَارِ وَوَطْءِ النَّجَاسَةِ الَّتِي يَبْطُلُ وَطْؤُهَا فَإِنَّهُ يُقَدِّمُ الِاسْتِدْبَارَ؛ لِأَنَّهُ لِعُذْرٍ وَلَوْ وَجَدَ الْمَاءَ الْأَقْرَبَ بِشِرَاءٍ وَغَيْرَ الْأَقْرَبِ بِغَيْرِ شِرَاءٍ وَتَجَاوَزَ الْأَقْرَبَ بَطَلَتْ.

[قَوْلُهُ: وَلَا يَنْصَرِفُ] أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْصَرِفَ وَقَوْلُهُ لِغَسْلِ دَمٍ خَفِيفٍ وَهُوَ الرَّاشِحُ الَّذِي يَنْبُعُ مِثْلَ الْعَرَقِ وَمِثْلُهُ الْقَاطِرُ إذَا كَانَ ثَخِينًا؛ لِأَنَّهُ يَتَأَتَّى فِيهِ الْفَتْلُ، وَأَمَّا السَّائِلُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَرَسِّلُ وَكَذَا الْقَاطِرُ الرَّقِيقُ وَالرَّاشِحُ إذَا كَثُرَ بِحَيْثُ لَا يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ.

[قَوْلُهُ: وَلْيَفْتِلْهُ] أَيْ إنْ كَانَ يُذْهِبُهُ الْفَتْلُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْفَتْلَ وَاجِبٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُ الصَّلَاةِ فَلَوْ قَطَعَ أَفْسَدَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ إنْ كَانَ إمَامًا.

[قَوْلُهُ: يَعْنِي بِرُءُوسِ] فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَوْ مَجَازٌ عِلَاقَتُهُ الْكُلِّيَّةُ.

[قَوْلُهُ: يَدِهِ الْيُسْرَى] أَيْ عَلَى طَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ.

[قَوْلُهُ: فَإِذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ خَرَجَ] ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا ذَكَرَ يَخْرُجُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا فَتَلَ أَنَامِلَ الْيُسْرَى الْعُلْيَا ثُمَّ زَادَ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ لِأَنَامِل الْيُسْرَى الْوُسْطَى، فَإِنْ زَادَ مَا فِيهَا تَحْقِيقًا عَلَى دِرْهَمٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَإِلَّا أَتَمَّهَا كَمَا إذَا ظَنَّ الزِّيَادَةَ أَوْ شَكَّ فِيهَا وَلَا يَنْظُرُ لِمَا فِي الْعُلْيَا وَلَوْ زَادَ مَا فِيهَا عَلَى دِرْهَمٍ، فَلَوْ انْتَقَلَ بَعْدَ تَلَطُّخِ عُلْيَا الْيُسْرَى إلَى عُلْيَا الْيُمْنَى وَزَادَ مَا فِيهَا عَلَى دِرْهَمٍ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ.

[قَوْلُهُ: أَوْ إنَّمَا أَرَادَ] هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ وَمَنْ رَعَفَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسِيلَ أَوْ يَقْطُرَ، أَيْ فَلَا يَفْتِلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْقَاطِرُ لَا يُمْكِنُ فَتْلُهُ وَإِلَّا فَتَلَهُ.

[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ بِالسَّيْلِ أَوْ الْقَطْرِ فَلَا يَفْتِلُهُ] أَيْ وَلْيَنْصَرِفْ لِغَسْلِهِ بِالشُّرُوطِ

ص: 353

عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَى أَصَابِعِهِ أَوْ عَلَى ثَوْبِهِ، أَمَّا إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ وَيَغْسِلُهُ وَيَبْنِي، وَإِنْ سَالَ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ عَلَى أَصَابِعِهِ وَتَجَاوَزَ الْأُنْمُلَةَ الْعُلْيَا بِقَدْرٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ، وَمَعْنَى يَنْصَرِفُ يَعْنِي إلَى الْمَاءِ فَيَغْسِلُهُ، وَيَبْنِي إنْ سَلِمَتْ ثِيَابُهُ وَأَصَابِعُهُ مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يُعْفَى عَنْهُ انْتَهَى.

وَقَالَ ع: يَعْنِي بِالسَّيْلِ مَعَ الْأُصْبُعِ وَالْقَطْرِ فِي غَيْر الْأُصْبُعِ، وَالسَّيْلُ مَعْلُومٌ وَهُوَ أَنْ يَسِيلَ مِثْلُ الْخَيْطِ، وَالْقَطْرُ أَنْ يَقْطُرَ قَطْرَةً قَطْرَةً، وَلَمَّا كَانَ الْبِنَاءُ لِلرُّعَافِ تَعَبُّدِيًّا لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَخَشِيَ أَنْ يُتَوَهَّمَ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ رَفَعَ ذَلِكَ التَّوَهُّمَ بِقَوْلِهِ:(وَلَا يَبْنِي) وَيُرْوَى وَلَا يَبْنِ فَعَلَى الْأُولَى لَا نَافِيَةٌ، وَعَلَى الثَّانِيَةُ نَاهِيَةٌ وَالْفِعْلُ مَجْزُومٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ (فِي قَيْءٍ) مُطْلَقًا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا (وَلَا) يَبْنِي أَيْضًا فِي (حَدَثَ) وَلَا غَيْرِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبِنَاءِ فِي الْجَمِيعِ جَاءَ مَا جَاءَ فِي الرُّعَافِ وَيَبْقَى مَا سِوَاهُ عَلَى أَصْلِهِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حُكْمِ مَنْ رَعَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَكَانَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ يَبْنِي عَلَيْهِ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ مَنْ رَعَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَكُنْ بَقِيَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ يَبْنِي عَلَيْهِ، وَذَلِكَ إمَّا أَنْ يَحْصُلَ لَهُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَهُ فَالْأَوَّلُ (وَ) هُوَ (مَنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ سَلَّمَ وَانْصَرَفَ) وَإِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ السَّلَامُ وَهُوَ حَامِلُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمُتَقَدِّمَةِ وَيَبْنِي عَلَى مَا فَعَلَ وَلَهُ الْقَطْعُ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ كَالسَّائِلِ ابْتِدَاءً.

[قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا سَالَ أَوْ قَطَرَ] هَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِهِ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ الْفَتْلِ لِكَوْنِهِ كَانَ أَوَّلًا رَاشِحًا مَثَلًا.

[قَوْلُهُ: وَيَبْنِي] أَيْ اسْتِحْبَابًا وَلَهُ الْقَطْعُ وَهَذَا إنْ لَمْ يَخْشَ تَلْوِيثَ مَسْجِدٍ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ وَإِلَّا قَطَعَ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ.

[قَوْلُهُ: وَإِنْ سَالَ عَلَى ثَوْبِهِ] أَيْ أَوْ قَطَرَ.

[قَوْلُهُ: تَجَاوَزَ الْأُنْمُلَةَ الْعُلْيَا] قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ كَانَ فَتَلَهُ وَسَالَ وَتَجَاوَزَ الْأُنْمُلَةَ الْعُلْيَا إلَى الْوُسْطَى بِزِيَادَةٍ فِي الْوُسْطَى لَا يُعْفَى عَنْهَا، أَيْ بِأَنْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ وَأَمَّا مَا كَانَ فِي الْعُلْيَا فَلَا بُطْلَانَ وَلَوْ زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ.

[قَوْلُهُ: لِقَدْرٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ] أَيْ سَالَ بِقَدْرٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَتَجَاوَزَ بِقَدْرٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ.

[قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَقْطَعُ] الْمُرَادُ بَطَلَتْ أَيْ إذَا اتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ لَمْ يَقْطَعْ، [قَوْلُهُ: وَمَعْنَى يَنْصَرِفُ] أَيْ فِي قَوْلِنَا فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُنَا يَنْصَرِفُ وَأَمَّا التَّعْبِيرُ بِمَعْنَى فَلَا مَعْنَى لَهُ.

[قَوْلُهُ: فَيَغْسِلُهُ وَيَبْنِي] أَيْ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ.

[قَوْلُهُ: وَأَصَابِعِهِ] أَيْ يَدِهِ كَانَتْ الْأَصَابِعُ أَوْ غَيْرُهَا هَذَا إذَا قُلْنَا سَائِلًا أَوْ قَاطِرًا ابْتِدَاءً أَوْ خُصُوصُ الْأَصَابِعِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ فَتَلَهُ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَزِدْ مَا فِي الْوُسْطَى عَلَى دِرْهَمٍ.

[قَوْلُهُ: يَعْنِي بِالسَّيْلِ إلَخْ] الْقَصْدُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهُ سَيْلٌ إلَّا إذَا كَانَ جَارِيًا عَلَى الْأُصْبُعِ وَأَمَّا إذَا كَانَ سَاقِطًا عَلَى الْأَرْضِ فَيُقَالُ لَهُ قَاطِرٌ وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا الْقَبْلِ فَالْمُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ بَعْضٌ مِنْ أَنَّهُ لَا تَقْيِيدَ أَصْلًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي التَّحْقِيقِ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ آخَرُ هَذَا غَيْرُ مُقَيَّدٍ وَالسَّيْلُ إلَى آخِرِ مَا هُنَا.

[قَوْلُهُ: عَمْدًا أَوْ سَهْوًا] أَيْ فِي مُتَنَجِّسٍ خَرَجَ مِنْهُ حَالَ صَلَاتِهِ وَلَوْ قَلِيلًا وَمِثْلُهُ الطَّاهِرُ الْكَثِيرُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِالطَّاهِرِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ يَسِيرًا وَخَرَجَ غَلَبَةً، فَإِذَا كَانَ نَجِسًا مُطْلَقًا أَوْ طَاهِرًا كَثِيرًا أَوْ تَعَمَّدَ إخْرَاجَهُ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدَ ابْتِلَاعَهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ خَرَجَ غَلَبَةً، وَأَمَّا لَوْ ابْتَلَعَهُ غَلَبَةً فِي ذَلِكَ الْمَوْضُوعِ فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَأَمَّا سَهْوًا فَلَا وَلَا بِنَاءَ فِي رُعَافٍ مُتَكَرِّرٍ، وَلَيْسَ مِنْهُ الْحَاصِلُ فِي رُجُوعِهِ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي إكْمَالِ الصَّلَاةِ بَلْ يَسْتَمِرُّ عَلَى صَلَاتِهِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: حَدَثَ وَلِقَوْلِهِ وَلَا غَيْرِهِمَا وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ يَبْنِي فِي الْحَدَثِ وَمِنْ أَنَّ مَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ أَوْ جَسَدِهِ نَجَاسَةً أَوْ أَصَابَهُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ يَبْنِي.

[قَوْلُهُ: جَاءَ مَا جَاءَ] أَيْ ثَبَتَ الَّذِي جَاءَ فِي الرُّعَافِ.

[قَوْلُهُ: سَلَّمَ وَانْصَرَفَ] فَلَوْ خَالَفَ وَخَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ قَبْلَ

ص: 354

النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ ذَهَابٍ إلَى الْمَاءِ وَرُجُوعِهِ.

وَالثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَ سَلَامِهِ) أَيْ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ (انْصَرَفَ) إلَى الْمَاءِ (وَغَسَلَ الدَّمَ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَخْرُجْ فَقَدْ تَعَمَّدَ حَمْلَ النَّجَاسَةِ فِي صَلَاتِهِ وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُهَا (ثُمَّ رَجَعَ) لَيُسَلِّمَ (فَجَلَسَ) وَأَعَادَ التَّشَهُّدَ إنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَشَهَّدَ تَشَهَّدَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (وَسَلَّمَ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ، وَلَوْ كَانَ كُلَّمَا رَعَفَ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ، فَإِنْ سَلَّمَ بِالْقُرْبِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ وَتُجْزِئُهُ صَلَاتُهُ كَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ فِعْلِ الصَّلَاةِ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى الْبِنَاءِ عَلَيْهِ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يُبَيِّنُ أَيْنَ يُتِمُّ الرَّاعِفُ صَلَاتَهُ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَقَالَ: (وَلِلرَّاعِفِ) إذَا كَانَ فِي جَمَاعَةٍ (أَنْ يَبْنِيَ فِي مَنْزِلِهِ) أَيْ فِي مَكَانِهِ الَّذِي غَسَلَ فِيهِ الدَّمَ إنْ أَمْكَنَهُ، أَوْ فِي أَقْرَبِ الْأَمَاكِنِ الَّتِي يُمْكِنُهُ فِيهَا الصَّلَاةُ (إذَا يَئِسَ أَنْ يُدْرِكَ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ) ق: الْمُرَادُ بِالْيَأْسِ هُنَا غَلَبَةُ الظَّنِّ.

وَقَالَ ج: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا طَمِعَ أَنْ يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَلَوْ السَّلَامَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ ع: ظَاهِرُ كَلَامِهِ التَّخْيِيرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ فِي مَنْزِلِهِ وَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْجَامِعِ. وَهَذَا لَا يَصِحُّ فَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَنَّهُ إذَا تَيَقَّنَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ شَيْئًا وَرَجَعَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لِلرَّاعِفِ أَنْ يَبْنِيَ فِي أَيِّ مَكَان يُمْكِنُهُ الصَّلَاةُ فِيهِ عَامٌّ فِي كُلِّ صَلَاةِ جَمَاعَةٍ (إلَّا فِي) صَلَاةِ (الْجُمُعَةِ) إذَا أَدْرَكَ مَعَ

ــ

[حاشية العدوي]

السَّلَامِ فَاسْتَظْهَرَ عَدَمَ الْبُطْلَانِ.

[قَوْلُهُ: وَرُجُوعِهِ] الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ مُفَادَهُ أَنْ لَوْ أَمَرْنَاهُ بِغَسْلِ الدَّمِ قَبْلَ السَّلَامِ أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالرُّجُوعِ مَعَ أَنَّهُ يُسَلِّمُ فِي مَوْضُوعِ الْغُسْلِ إنْ أَمْكَنَهُ، أَيْ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ.

[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ] أَيْ أَعَادَ التَّشَهُّدَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ لَا إعَادَةَ.

[قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ كَمَا رَعَفَ] الْكَافُ زَائِدَةٌ وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ، وَلَوْ كَانَ سَلَّمَ الْإِمَامُ عَقِبَ رُعَافِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ كَانَ لَمَّا رَعَفَ بِاللَّامِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ.

[قَوْلُهُ: يَحْتَاجُ مَعَهُ] أَيْ مَعَ ذَلِكَ الشَّيْءِ وَقَوْلُهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ الْبِنَاءُ عَلَى ذَلِكَ الشَّيْءِ الْبَاقِي وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْمَاضِي لَا عَلَى الْبَاقِي، وَقَوْلُهُ يَحْتَاجُ مُضَمَّنٌ مَعْنَى يَحْصُلُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ تِلْكَ الْمَعِيَّةَ تُؤَوَّلُ بِالتَّعْلِيلِ وَالتَّقْدِيرُ وَلَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَحْصُلُ الْبِنَاءُ عَلَى الْمَاضِي لِأَجْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ.

[قَوْلُهُ: فَإِنْ سَلَّمَ بِالْقُرْبِ] الْمُرَادُ بِالْقُرْبِ كَمَا قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ قَبْلَ انْصِرَافِهِ اهـ.

قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْصِرَافِ مُفَارَقَةُ مَوْضِعِهِ لَا قِيَامَهُ فَقَطْ وَقَالَ السُّودَانِيُّ لَوْ انْصَرَفَ لِغَسْلِهِ وَجَاوَزَ الصَّفَّيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَسَمِعَ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ، فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيَذْهَبُ وَهَذَا حُكْمُ الْمَأْمُومِ، وَأَمَّا الْفَذُّ وَالْإِمَامُ فَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الرُّعَافُ لَهُ بَعْدَ أَنْ أَتَى بِمِقْدَارِ السُّنَّةِ مِنْ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَالْإِمَامُ وَالْفَذُّ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ، وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْتَخْلِفُ لَهُمْ مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ التَّشَهُّدَ وَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمَأْمُومِ، وَأَمَّا الْفَذُّ فَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيُتِمُّ مَكَانَهُ.

[قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْيَأْسِ هُنَا غَلَبَةُ الظَّنِّ] أَيْ غَلَبَةٌ هِيَ الظَّنُّ فَيُوَافِقُ خَلِيلًا حَيْثُ قَالَ: إنْ ظَنَّ.

[قَوْلُهُ: طَمِعَ أَنْ يُدْرِكَ] بَلْ وَالشَّكُّ مِثْلُهُ.

[قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ] مُقَابِلُهُ لِابْنِ شَعْبَانَ إنْ لَمْ يَرْجُ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ أَتَمَّ مَكَانَهُ وَإِنَّمَا لَزِمَ الرُّجُوعُ مَعَ الشَّكِّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لُزُومُ مُتَابَعَتِهِ لِلْإِمَامِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِعِلْمٍ أَوْ ظَنٍّ.

[قَوْلُهُ: إلَّا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً] بِسَجْدَتَيْهَا وَكَذَا يَجِبُ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ ظَنَّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ رُجُوعِهِ وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً قَبْلَ الرُّعَافِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً قَبْلَ الرُّعَافِ، وَلَا اعْتَقَدَ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ بَعْدَ رُكُوعِهِ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بَلْ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ وَلَوْ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ وَصَلَّى أَرْبَعًا فَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ، وَمَحَلُّ ابْتِدَائِهَا ظُهْرًا حَيْثُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا فَعَلَ بِأَنْ كَانَ الْبَلَدُ مِصْرًا تَتَعَدَّدُ

ص: 355

الْإِمَامِ رَكْعَةً (فَ) إنَّهُ (لَا يَبْنِي) فِيهَا (إلَّا فِي الْجَامِعِ) مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا؛ لِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْجَامِعِ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَوْدِهِ إلَى الْجَامِعِ حَائِلٌ أَمْ لَا هُوَ الْمَشْهُورُ، فَإِنْ مَنَعَهُ حَائِلٌ إلَى الْجَامِعِ قَبْلَ تَمَامِ صَلَاتِهِ بَطَلَتْ جُمُعَتُهُ.

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسْأَلَةٍ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ الطَّهَارَةِ وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنَّمَا كَرَّرَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الرُّعَافِ أَخَذَ يُفَرِّقُ بَيْنَ يَسِيرِ الدَّمِ وَكَثِيرِهِ فَقَالَ: (وَيُغْسَلُ قَلِيلُ الدَّمِ) ظَاهِرُهُ مِنْ أَيِّ دَمٍ كَانَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (مِنْ الثَّوْبِ) يَعْنِي وَالْجَسَدِ وَالْبُقْعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلَا يَجُوزُ دُخُولُهَا مَعَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ: غَسْلُهُ مَنْدُوبٌ وَالْعَفْوُ عَنْهُ مُطْلَقًا كَسَائِرِ الْمَعْفُوَّاتِ فِي وُجُودِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِهَا قَالَهُ د.

وَقَالَ ع: يُرِيدُ يَعْنِي الْمُصَنِّفَ بِالْغَسْلِ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ وَكَذَا قَالَ ج، وَزَادَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ إلَّا مِنْ كَثِيرِهِ) قَالَ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: إنَّ يَسِيرَ الدَّمِ جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ انْتَهَى الْيَسَارَةُ وَالْكَثْرَةُ مُعْتَبَرَةٌ بِالْعُرْفِ، وَقِيلَ لَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ. وَأَشَارَ مَالِكٌ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

فِيهِ.

[قَوْلُهُ: فَلَا يَبْنِي إلَّا فِي الْجَامِعِ] أَيْ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيهِ وَلَوْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ؛ لِأَنَّ الْجَامِعَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وَلَا يُتِمُّهَا بِرِحَابِهِ وَلَوْ كَانَ ابْتَدَأَهَا بِهِ لِضِيقٍ أَوْ اتِّصَالِ صُفُوفٍ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَصِحُّ إتْمَامُهَا فِي الرِّحَابِ وَقَوْلُنَا الَّذِي ابْتَدَأَهَا فِيهِ، أَيْ وَلَا يُكَلَّفُ بِمَوْضِعِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ بَلْ يَكْفِي أَيُّ مَوْضِعٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي لِكَثْرَةِ الْفِعْلِ وَكَثْرَتُهُ تُبْطِلُ وَلَوْ صَلَّى فِي جَامِعٍ غَيْرِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ لَبَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ مِنْ تت وَعِجْ.

[قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ] وَمُقَابِلُهُ إنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَامِعِ حَائِلٌ كَسَيْلٍ مَثَلًا أَجْزَأَتْهُ مَكَانَهُ وَإِلَّا رَجَعَ لِلْجَامِعِ.

[قَوْلُهُ: بَطَلَتْ] وَهَذَا لَا يُنَافِي كَمَا هُوَ الْمَطْلُوبُ أَنْ يُضِيفَ رَكْعَةً إلَى رَكْعَةٍ لِتَصِيرَ لَهُ نَافِلَةً وَيَبْتَدِئُ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ.

[قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ مِنْ أَيِّ دَمٍ كَانَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، إنَّمَا هُوَ فِي الْعَفْوِ عَنْ الدِّرْهَمِ فَالْمَشْهُورُ يَقُولُ بِالْعَفْوِ عَنْهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ جَسَدِ الْإِنْسَانِ أَوْ مَا وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ الْعَفْوُ مَقْصُورٌ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى وَخَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ الْعَفْوَ بِمَا عَدَا الْحَيْضَ وَالْمَيِّتَةَ، فَإِذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ تَعْلَمُ مُنَاسَبَةَ تِلْكَ الْعِبَارَةِ لِذَلِكَ الْمَقَامِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمِ عَلَى الْغُسْلِ الْمَذْكُورِ بِالِاسْتِحْبَابِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ إذْ هُوَ يُؤْذِنُ بِأَنَّ هَذَا الدَّمُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ غَسْلُهُ مَنْدُوبٌ] قَالَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ غَسْلُ قَلِيلِ الدَّمِ قِيلَ وَاجِبٌ، أَيْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَقِيلَ مَنْدُوبٌ لِعَدَمِ الْإِعَادَةِ بِعَدَمِ غَسْلِهِ اهـ.

إذَا تَقَرَّرَ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَقِيلَ غَسْلُهُ مَنْدُوبٌ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَأَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ غَسْلِ قَلِيلِ الدَّمِ ضَعِيفٌ هَذَا عَلَى مَا فَهِمَ سَيِّدِي أَحْمَدُ زَرُّوقٌ.

[قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْهُ مُطْلَقًا] يَحْتَمِلُ أَنَّ تَفْسِيرَهُ فِي وُجُودِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِهَا أَيْ فِي حَالَةِ الصَّلَاةِ وَفِي حَالِ عَدَمِهَا، وَيَحْتَمِلُ مِنْ أَيِّ دَمٍ كَانَ وَيَحْتَمِلُ فِي الْجَسَدِ وَالثَّوْبِ وَالْبُقْعَةِ، وَقَوْلُهُ وَعَدَمِهَا، أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ وَتَلَطُّخِ الْبَدَنِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّلَطُّخَ حَرَامٌ.

[قَوْلُهُ: وَقَالَ ع بَرِيدُ يَعْنِي الْمُصَنِّفُ إلَخْ] أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيُغْسَلُ قَلِيلُ الدَّمِ، أَيْ نَدْبًا لَا وُجُوبًا، وَنَقَصَ الشَّارِحُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ شَيْئًا إذْ هُوَ قَالَ: يَعْنِي الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: قَلِيلُ الدَّمِ مَا لَمْ يَنْدُرْ جِدًّا اهـ.

الْمُرَادُ مِنْهُ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِمَا سَيَأْتِي عَنْ الْمُدَوَّنَةِ [قَوْلُهُ: قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ إلَخْ] أَيْ أَنَّ غَسْلَ الْقَلِيلِ مُسْتَحَبٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا جِدًّا أَمْ لَا، وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَسِيرًا جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي التَّقْرِيرِ كَمَا يُعْلَمُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ نَاجِي، فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَنَّ يَسِيرَ الدَّمِ جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ هُوَ الْمُقَابِلُ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ أَنَّهُ مَذْهَبُهَا كَمَا هُوَ مُفَادُ عِبَارَتِهِ، وَعَرَفْت أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَسْلِ الْقَلِيلِ لَا فِي الْكَثِيرِ، وَأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ زَرُّوقٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُ غَسْلِ الْقَلِيلِ.

[قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ] أَيْ أَنَّ الْمَشْهُورَ الدِّرْهَمُ الْبَغْلِيُّ.

[قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ ابْنُ رَاشِدٍ إلَخْ] أَيْ فَسَّرَ الدِّرْهَمَ الْبَغْلَيَّ

ص: 356