الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْيَهُودِ مِنْهُمْ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ) عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْصَدْ الشَّحْمَ بِالتَّذْكِيَةِ أَشْبَهَ الدَّمَ لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُسْلِمُ، وَضَمِيرُ مِنْهُمْ عَائِدٌ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ. ك: لَمْ أَدْرِ مِمَّا احْتَرَزَ بِهِ وَهَلْ ثَمَّ يَهُودِيٌّ غَيْرُ كِتَابِيٍّ.
وَقَالَ د: احْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّ إلَيْهِمْ وَالدَّخِيلِ فِيهِمْ إذْ لَا يَحِلُّ طَعَامُهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ ارْتَدَّ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ.
(وَلَا يُؤْكَلُ مَا ذَكَّاهُ الْمَجُوسِيُّ) مُطْلَقًا وَثَنِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ذَكَّاهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمُسْلِمٍ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْمُسْلِمُ بِالذَّبْحِ.
وَقَالَ لَهُ: قُلْ بِسْمِ اللَّهِ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ قَالَهُ ع.
وَكَذَلِكَ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ السَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَلَوْ أَصَابَا الذَّكَاةَ لِفِقْدَانِ عَقْلِهِمَا.
ابْنُ الْحَاجِبِ: وَتَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ (وَمَا كَانَ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ ذَكَاةٌ مِنْ طَعَامِهِمْ) أَيْ الْمَجُوسِ (فَلَيْسَ بِحَرَامٍ) يَجُوزُ أَكْلُهُ اتِّفَاقًا إنْ تُيُقِّنَتْ طَهَارَتُهُ، أَمَّا إنْ تُيُقِّنَتْ نَجَاسَتُهُ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَمَا شُكَّ فِيهِ يُحْمَلُ عَلَى التَّنْجِيسِ، وَاخْتُلِفَ فِي تَحْرِيمِ أَكْلِ جُبْنِ الرُّومِ وَإِبَاحَتِهِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى تَحْرِيمِهِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الصَّيْدِ وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ وَهُوَ الِاصْطِيَادُ وَهُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ: (وَالصَّيْدُ لِلَّهْوِ مَكْرُوهٌ وَالصَّيْدُ لِغَيْرِ اللَّهْوِ مُبَاحٌ) فَقَسَمَهُ عَلَى قِسْمَيْنِ وَغَيْرُهُ قَسَمَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ نَقَلْنَاهَا فِي الْأَصْلِ.
ــ
[حاشية العدوي]
عَنْ مَالِكٍ مِنْ تَحْرِيمٍ [قَوْلُهُ: أَشْبَهَ الدَّمَ] قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ [قَوْلُهُ: وَالدَّخِيلُ فِيهِمْ] عَطْفُ مُرَادِفٍ أَيْ احْتَرَزَ عَنْ نَصْرَانِيٍّ أَوْ مَجُوسِيٍّ تَهَوَّدَ [قَوْلُهُ: عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ ارْتَدَّ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ] أَيْ أَنَّ مَنْ ارْتَدَّ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ هَلْ يُقَرُّ أَوْ لَا الرَّاجِحُ أَنَّهُ يُقَرُّ وَمُقَابِلُهُ لَا فَعَلَيْهِ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَيُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا أَشَرْنَا إلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْكَلُ مَا ذَكَّاهُ الْمَجُوسِيُّ] أَيْ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَلَوْ ذَكَّى مَا هُوَ مِلْكٌ لَهُ [قَوْلُهُ: وَثَنِيًّا] أَيْ يَعْبُدُ الْوَثَنَ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْوَثَنُ الصَّنَمُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْجَمْعُ وُثْنٌ مِثْلُ أَسَدٍ وَأُسْدٍ انْتَهَى [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ الْمُسْلِمُ إلَخْ] الْمَدَارُ عَلَى كَوْنِهِ يَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمُسْلِمُ بِالذَّبْحِ كَمَا يُفِيدُهُ مِنْ شَرْحِ خَلِيلٍ، فَلَوْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ وَالصَّنَمَ مَعًا فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ اسْمِ اللَّهِ.
[قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ مِنْ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالْمَرْأَةِ] قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يَعْنِي أَنَّ الصَّبِيَّ الْمُمَيِّزَ وَالْمَرْأَةَ إنْ اُضْطُرَّ إلَى تَذْكِيَتِهِمَا جَازَتْ وَصَحَّتْ، وَإِنْ لَمْ يُضْطَرَّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ فِي صِحَّةِ ذَكَاتِهِمَا قَوْلَيْنِ، وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فِي الْمَذْهَبِ وَاَلَّذِي حَكَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الْكَرَاهَةِ وَنَفْيُ الْكَرَاهَةِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْكَرَاهَةُ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ. [قَوْلُهُ: طَعَامُهُمْ] أَيْ الْمَجُوسِ وَغَيْرِهِمْ [وَبِالْأَوْلَى: وَمَا شُكَّ فِيهِ] يُحْمَلُ عَلَى التَّنْجِيسِ أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَيْنَا أَكْلُهُ زَادَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ قَيْدًا فَقَالَ: حَيْثُ غَلَبَ مُخَالَطَتُهُ لِلنَّجَاسَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَمَحَلُّ كَوْنِ الْمَشْكُوكِ يُحْمَلُ عَلَى التَّنْجِيسِ، إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ صَنَائِعِهِمْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ صَنَائِعِهِمْ فَمَحْمُولٌ عَلَى الطَّهَارَةِ لِأَنَّهُمْ مَحْمُولُونَ فِي جَمِيعِ صَنَائِعِهِمْ عَلَى الطَّهَارَةِ كَمَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ [قَوْلُهُ: وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى تَحْرِيمِهِ] أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ ذَبَائِحِهِمْ حَتَّى قَالَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ فِي تَوْضِيحِهِ: وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى تَحْرِيمِهِ حَتَّى لَا يَنْبَغِيَ الشِّرَاءُ مِنْ حَانُوتٍ فِيهِ جُبْنُهُمْ لِتَنْجِيسِهِ الْمِيزَانَ وَيَدَ بَائِعِهِ انْتَهَى قُلْت: إنْ كَانَ الرُّومُ أَهْلَ كِتَابٍ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِتَحْرِيمِ جُبْنِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا مَجُوسًا وَكَانُوا يَصْنَعُونَ أَنَافِحَ ذَبَائِحِهِمْ فِيهِ فَلَا وَجْهَ أَوْلَى بِحِلِّهِ.
[أَحْكَام الصَّيْدِ]
[قَوْلُهُ: يُطْلَقُ عَلَى الِاسْمِ وَالْمَصْدَرِ] أَيْ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَتَعْرِيفُهُمْ مَصْدَرًا أَخْذٌ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ مِنْ وَحْشِ طَيْرٍ أَوْ بَرٍّ أَوْ حَيَوَانِ بَحْرٍ بِقَصْدٍ، وَاسْمًا مَا أُخِذَ مِنْ وَحْشِ طَيْرٍ إلَخْ وَالْكَلَامُ فِي هَذَا مَعْلُومٌ فِي مَحِلِّهِ [قَوْلُهُ: وَالصَّيْدُ لِلَّهْوِ] قَالَ فِي التَّنْبِيهِ: اللَّهْوُ مَصْدَرُ لَهَوْت بِالشَّيْءِ بِالْفَتْحِ أَلْهُو لَهْوًا إذَا لَعِبْت بِهِ [قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُصْطَادُ بِهِ هُوَ شَيْئَانِ حَيَوَانٌ وَسِلَاحٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَأَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ مَا قَتَلَهُ كَلْبُك الْمُعَلَّمُ أَوْ بَازُك الْمُعَلَّمُ فَجَائِزٌ أَكْلُهُ) لَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذَيْنِ بَلْ كُلُّ مَا يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ مِنْ الْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ وَالطَّيْرِ فَإِنَّهُ إذَا قَتَلَ صَيْدًا جَازَ أَكْلُهُ (إذَا أَرْسَلْته عَلَيْهِ) أُخِذَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ.
يُشْتَرَطُ فِي الْمُصَادِ بِهِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا وَأَنْ يَكُونَ يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ وَأَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا مِنْ يَدِ الصَّائِدِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَصِيدِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ، أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، ثَانِيهَا: أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِهِ. ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ أَهْلِيًّا
ــ
[حاشية العدوي]
قَسَمَهُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ نَقَلْنَاهَا إلَخْ] نَصُّ التَّحْقِيقِ وَقَسَمَهُ غَيْرُهُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ:
وَاجِبٌ وَهُوَ مَا يَصِيدُهُ لِعَيْشِهِ أَوْ عَيْشِ غَيْرِهِ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى عِيَالِهِ إلَّا مِنْهُ، وَحَرَامٌ وَهُوَ مَا يُؤَدِّي إلَى مَحْظُورٍ كَدُخُولِ أَرْضٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهَا أَوْ يَقْصِدُ بِهِ اللَّهْوَ، وَلَا يَقْصِدُ بِهِ الذَّكَاةَ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ، وَمَكْرُوهٌ مِثْلُ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ اللَّهْوَ وَالذَّكَاةَ، وَمَنْدُوبٌ مِثْلُ " أَنْ يَصْرِفَهُ أَوْ ثَمَنَهُ فِي مَنْدُوبٍ كَالتَّوْسِعَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى الْعِبَادِ، وَمُبَاحٌ مِثْلُ أَنْ يَصِيدَ لِيَأْكُلَ بِثَمَنِهِ شَهْوَةً مَا أَوْ يَنْكِحَ مُنَعَّمَةً انْتَهَى.
اعْلَمْ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ فَالْكِتَابُ {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} [المائدة: 96]{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وَالسُّنَّةُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ وَذَكَرْت اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ» . [قَوْلُهُ: كَلْبَك] اُنْظُرْ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِهِ كَلْبَك هَلْ هِيَ تَمْلِيكٌ أَمْ لَا. فَنَقُولُ هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ وَكَذَا إذَا أَعَارَهُ أَوْ أَكْرَاهُ وَهُوَ الطَّاهِرُ، وَاخْتُلِفَ إذَا غَضِبَ هَلْ الصَّيْدُ لِرَبِّهِ أَوْ لِلصَّائِدِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ ذَلِكَ [قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ مَا يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ] هُوَ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَيْرًا فَيَكْفِي فِيهِ الْإِطَاعَةُ عِنْدَ إرَادَةِ إرْسَالِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ الِانْزِجَارَ بَعْدَ الْإِرْسَالِ.
[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مُعَلَّمًا] احْتِرَازًا مِنْ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ. وَقَوْلُهُ: أَنْ يَفْقَهَ التَّعْلِيمَ أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يَفْقَهَ التَّعْلِيمَ احْتِرَازًا مِنْ النَّمِرِ. فَإِنَّهُ لَا يَفْقَهُ التَّعْلِيمَ فَلَا يُصَادُ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ.
قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ عَلِمَ بِالْفِعْلِ وَلَوْ فِي نَوْعِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيمَ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَنِمْسٍ، وَأَوْلَى مَا يَقْبَلُهُ مِنْ كَلْبٍ وَبَازٍ وَسِنَّوْرٍ وَابْنِ عُرْسٍ وَذِئْبٍ، وَلَوْ كَانَ طَبْعُ الْمُعَلَّمِ بِالْفِعْلِ الْغَدْرَ كَدُبٍّ فَإِنَّهُ لَا يُمْسِكُ إلَّا لِنَفْسِهِ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ، وَعِصْيَانُ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً بَلْ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ كَافٍ.
[قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا مِنْ يَدِ الصَّائِدِ] وَالْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ بِأَيِّ إرْسَالٍ كَانَ مِنْ يَدِهِ أَوْ مِنْ يَدِ غُلَامِهِ أَوْ مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ، فَلَوْ وَجَدَ مَعَ جَارِحِهِ صَيْدًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ انْبَعَثَ قَبْلَ رُؤْيَةِ رَبِّهِ بِالصَّيْدِ وَلَوْ أَشَارَ عَلَيْهِ أَثْنَاءَهُ، وَلَوْ كَانَ الصَّائِدُ بِقُرْبِ جَارِحِهِ أَوْ رَآهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ أَوْ أَرْسَلَهُ وَلَيْسَ بِيَدِهِ لَمْ يُؤْكَلْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ إلَّا بِالذَّكَاةِ، وَلَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ إلَّا مَرَّةً وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسَمِّي النَّاوِي هُوَ الْخَادِمُ فَالْمُرْسِلُ هُوَ وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ هُوَ النَّاوِي الْمُسَمِّي وَالْخَادِمُ هُوَ الْمُرْسِلُ. فَلَعَلَّ وَجْهَ إجْزَائِهِ كَوْنُهُ مَأْمُورًا لَهُ وَقَرِيبًا مِنْهُ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِ الْخَادِمِ لِأَنَّ النَّاوِيَ الْمُسَمِّيَ هُوَ سَيِّدُهُ فَالْإِرْسَالُ مِنْهُ حُكْمًا كَذَا فِي شَرْحِ الزَّرْقَانِيِّ.
[قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مَرْئِيًّا] أَيْ أَوْ يَكُونَ فِي مَكَان مَحْصُورٍ كَغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَبْصَرَهُ أَوْ لَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا مَنْفَذٌ آخَرُ وَإِلَّا لَمْ يُؤْكَلْ مَا كَانَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا [قَوْلُهُ: ثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ] وَلَوْ ظَنَّ خِلَافَهُ كَمَا لَوْ ظَنَّهُ أَرْنَبًا مَثَلًا فَأَرْسَلَ كَلْبَهُ عَلَيْهِ فَإِذَا هُوَ ظَبْيٌ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْمُبَاحِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَتَيَقَّنَ إبَاحَتَهُ، فَلَوْ ظَنَّ الصَّيْدَ حَرَامًا أَوْ شَكَّ فِيهَا أَوْ تَوَهَّمَهَا فَأَرْسَلَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ الْجَارِحُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَوْ وَجَدَهُ مُبَاحًا، لِأَنَّهُ حِينَ رَمَاهُ لَمْ يُرِدْ صَيْدَهُ فَلَا يَأْكُلُهُ إلَّا أَنْ يُدْرِكَهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَيُذَكِّيهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ حَلَالٌ فَيُؤْكَلُ، وَأَمَّا الْمَكْرُوهُ فَإِنْ رَمَاهُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ يُؤْكَلْ وَإِنْ رَمَاهُ بِنِيَّةِ ذَكَاتِهِ أُكِلَ فَإِنْ رَمَاهُ بِنِيَّةِ أَخْذِ جِلْدِهِ فَقَطْ لَمْ يُؤْكَلْ
احْتِرَازًا مِنْ الَّذِي يَنِدُّ مِنْ الْإِنْسِيِّ. رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِالْيَدِ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ بِالذَّبْحِ.
وَأَمَّا الصَّائِدُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ: أَوَّلُهَا وَثَانِيهَا: النِّيَّةُ حَالَ الْإِرْسَالِ، وَالتَّسْمِيَةُ عَلَيْهِ حَالَ الْإِرْسَالِ فَإِنْ تَرَكَهَا عَامِدًا مُتَهَاوِنًا أَوْ غَيْرَ مُتَهَاوِنٍ لَمْ تُؤْكَلْ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ بِخِلَافِ النِّسْيَانِ، ثَالِثُهَا: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا احْتِرَازًا مِنْ الْكَافِرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} [المائدة: 94] فَدَلَّ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِنَا دُونَ الْكَافِرِ، وَهَذَا فِي صَيْدِ الْبَرِّ دُونَ الْبَحْرِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ. رَابِعُهَا: أَنْ يَكُونَ بَالِغًا احْتِرَازًا مِنْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَلَا يَصِحُّ صَيْدُهُ. قَالَهُ ك.
وَقَالَ ع: يُكْرَهُ صَيْدُهُ. خَامِسُهَا: أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا فَالْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا.
(وَكَذَلِكَ) جَائِزٌ أَكْلُ كُلِّ (مَا أَنْفَذَتْ الْجَوَارِحُ مَقَاتِلَهُ قَبْلَ قُدْرَتِك عَلَى ذَكَاتِهِ) إذَا تَبِعْته وَلَمْ تُفَرِّطْ فِي طَلَبِهِ (وَ) أَمَّا (مَا أَدْرَكْتَهُ قَبْلَ إنْفَاذِهَا لِمَقَاتِلِهِ فَلَمْ يُؤْكَلْ إلَّا بِذَكَاةٍ) ع: يُرِيدُ إذَا فَرَّطَ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ السِّكِّينُ وَأَخَذَ يَطْلُبُهَا مِنْ غَيْرِهِ حَتَّى مَاتَ أَوْ كَانَتْ عِنْدَ غُلَامِهِ أَوْ فِي خُرْجِهِ فَمَا أَخَذَهَا حَتَّى مَاتَ، أَمَّا إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ وَلَوْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّبْعِيضِ، فَإِنْ نَوَى بِذَكَاتِهِ لَحْمَهُ فَقَطْ طَهُرَ جِلْدُهُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَتَبَعَّضُ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلَحْمِهِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ] أَيْ جُمْلَةً أَوْ فِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ كَكَوْنِهِ فِي شَاهِقِ جَبَلٍ أَوْ عَلَى شَجَرَةٍ أَوْ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَمْرٍ يُخَافُ مِنْهُ الْعَطَبُ، أَوْ كَانَ فِي جَزِيرَةٍ كَبِيرَةٍ.
تَنْبِيهٌ:
يَصِحُّ الِاصْطِيَادُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَصِيدُ حَيْثُ نَوَى الْجَمِيعَ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا نَوَى مُعَيَّنًا فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ إذَا قَتَلَهُ أَوَّلًا وَعَلِمَ أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ الْأَوَّلُ أَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ قَبْلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ، وَأَمَّا لَوْ رَأَى جَمَاعَةً وَنَوَى وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا الْأَوَّلُ حَيْثُ عَلِمَ أَنَّهُ الْأَوَّلَ.
[قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ] وَمُقَابِلُهُ كَرَاهَةُ الْأَكْلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ الْجَهْمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا] أَيْ حَالَ الْإِرْسَالِ وَكَذَا التَّمْيِيزُ. وَانْظُرْ لَوْ تَخَلَّفَ مَا ذَكَرَ بَعْدَ الْإِرْسَالِ وَقَبْلَ الْوُصُولِ [قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ الْكَافِرِ] أَيْ إذَا مَاتَ مِنْ جُرْحِهِ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلًا مِنْ مَقَاتِلِهِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ جَرَحَ صَيْدًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ فَيُؤْكَلُ بِذَبْحِهِ وَبِذَبْحِ مُسْلِمٍ أَوْلَى [قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يُكْرَهُ صَيْدُهُ] الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَيْدُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ الَّذِي يُمَيِّزُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ صَيْدُهُمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ كَذَكَاتِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ.
[قَوْلُهُ: قَبْلَ قُدْرَتِك عَلَى ذَكَاتِهِ] أَيْ وَلَوْ أَدْرَكَتْهُ حَيًّا حَيْثُ لَمْ تَتَرَاخَ فِي اتِّبَاعِهِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ قَبْلَ إنْفَاذِهَا وَلَوْ لَمْ يَتَرَاخَ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ، لَكِنْ يُنْدَبُ الْإِجْهَازُ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ حَيًّا بَعْدَ إنْفَاذِ شَيْءٍ مِنْ مَقَاتِلِهِ. [قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا أَدْرَكَتْهُ] أَيْ أَوْ أَدْرَكَهُ غَيْرُك مِمَّنْ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ، وَتَمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ وَقُلْنَا ذَلِكَ إشَارَةً إلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ مَرَّ عَلَى صَيْدٍ قَبْلَ إنْفَاذِ الْجَوَارِحِ شَيْئًا مِنْ مَقَاتِلِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ تَذْكِيَتُهُ، فَإِنْ تَرَكَهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا بِالصَّائِدِ [قَوْلُهُ: يُرِيدُ إلَخْ] هَذَا شَرْطٌ فِي مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ بِدُونِ ذَكَاةٍ يُرِيدُ إذَا فَرَّطَ [قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ عِنْدَ غُلَامِهِ إلَخْ] أَيْ أَنَّ الصَّائِدَ إذَا وَضَعَ آلَةَ الذَّبْحِ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُ ذَلِكَ الْغَيْرَ أَوْ يَظُنُّ أَوْ يَشُكُّ أَوْ وَضَعَ الْآلَةَ فِي خُرْجٍ مَعَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ بِحَيْثُ لَا يَتَنَاوَلُهَا بِسُرْعَةٍ فَمَاتَ الصَّيْدُ قَبْلَ تَنَاوُلِهِ الْآلَةَ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِعَدَمِ ذَكَاتِهِ لِتَفْرِيطِ الصَّائِدِ، إذْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْعَلَ الْآلَةَ فِي يَدِهِ أَوْ حِزَامِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَسْتَدْعِي طُولًا فِي تَنَاوُلِهَا لَا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْآلَةُ بِيَدِهِ لَمْ يُدْرِكْ ذَكَاتَهُ فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ.
وَقَوْلُنَا: وَهُوَ يَعْلَمُ إلَخْ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْحَامِلَ لِلْآلَةِ يَسْبِقُهُ الصَّيْدُ ثُمَّ خَالَفَ عِلْمَهُ أَوْ ظَنَّهُ وَسَبَقَهُ هُوَ وَأَدْرَكَهُ حَيًّا فَإِنَّهُ يُؤْكَلُ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَكَذَا لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَتَرَاخَى ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ اتَّبَعَهُ لَمْ يَلْحَقْهُ فَيُؤْكَلُ فَالْعِبْرَةُ بِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ