الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[25 -
بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]
(بَابٌ) فِي بَيَانِ حُكْمِ (زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ) وَبَيَانِ نِصَابِهَا وَبَيَانِ مَا تُزَكَّى بِهِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهَا بِبَابٍ لِأَنَّهَا كَذَلِكَ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ مُخْتَلِفٌ فِيهَا، وَبَدَأَ بِحُكْمِهَا فَقَالَ:(وَزَكَاةُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ فَرِيضَةٌ) تَقَدَّمَ دَلِيلُهُ وَشُرُوطُ وُجُوبِهَا فِي الْبَابِ السَّابِقِ، وَقُوَّةُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي أَنَّ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ مَحْصُورَةٌ فِيمَا ذَكَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَفَرَسِهِ صَدَقَةٌ» .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ مِنْ النَّعَمِ وَالْوَحْشِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ سُقُوطُ الزَّكَاةِ فِيهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا أَنَّ الْمَاشِيَةَ إذَا كَانَتْ مَعْلُوفَةً أَوْ عَامِلَةً فِيهَا الزَّكَاةُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ لَا زَكَاةَ فِي الْعَامِلَةِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«فِي الْغَنَمِ السَّائِمَةِ الزَّكَاةُ» أَجَابَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِمَنْعِ كَوْنِ الْمَفْهُومِ حُجَّةً سَلَّمْنَا أَنَّهُ حُجَّةٌ فَقَدْ عَارَضَهُ عُمُومُ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ]
بَابُ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ [قَوْلُهُ: وَبَيَانِ نِصَابِهَا إلَخْ] مُفَادُهُ أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِي التَّرْجَمَةِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُشِيرَ إلَى أَنَّهُ دَاخِلٌ فِيهَا كَأَنْ يَقُولَ بَابٌ فِي بَيَانِ الْمَاشِيَةِ مِنْ حَيْثُ حُكْمُهَا وَنِصَابُهَا وَمَا تُزَكَّى بِهِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا كَذَلِكَ وَرَدَتْ فِي الْحَدِيثِ] أَيْ مُفْرَدَةً هَذَا مُرَادُهُ لَا مَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ أَنَّهَا وَرَدَتْ مُفْرَدَةً بِبَابٍ فِي الْحَدِيثِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْحَدِيثِ كُتُبَهُ [قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْعَمَلَ فِيهَا مُخْتَلِفٌ] أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا ضَابِطَ مُعَيَّنٌ بِعُشْرٍ أَوْ نِصْفِهِ وَرُبْعِ عُشْرٍ. [قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَنَا] وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ: تَجِبُ فِي الْخَيْلِ إذَا كَانَتْ سَائِمَةً أَوْ رَاعِيَةً ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَقَطْ مُتَّخَذَةً لِلنَّسْلِ دِينَارٌ فِي كُلِّ فَرَسٍ وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَأَخْرَجَ عَنْ كُلِّ مِائَةِ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ. [قَوْلُهُ: لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ] قَالَ شَارِحُ الْحَدِيثِ: رَقِيقُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. وَقَوْلُهُ: وَلَا فِي فَرَسِهِ الشَّامِلِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَجَمْعُهُ الْخَيْلُ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِالْفَرَسِ اسْمُ الْجِنْسِ فَلَا زَكَاةَ فِي الْوَاحِدِ اتِّفَاقًا، وَخُصَّ الْمُسْلِمُ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْفُقَهَاءِ تَكْلِيفَ الْكَافِرِ بِالْفُرُوعِ لِأَنَّهُ مَا دَامَ كَافِرًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يُسْلِمَ، وَإِذَا أَسْلَمَ سَقَطَتْ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ اهـ.
[قَوْلُهُ: فِيهِ الزَّكَاةُ] ظَاهِرُهُ كَانَتْ الْأُمُّ مِنْ النَّعَمِ أَوْ لَا، وَهَذَا لِابْنِ الْقَصَّارِ وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْأُمُّ مِنْ النَّعَمِ فَالزَّكَاةُ وَإِلَّا فَلَا. [قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُخْتَصَرِ إلَخْ] هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ [قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ] أَيْ مَذْهَبُنَا أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ، فَإِنْ قُلْت فَهَلَّا فَسَّرْته بِالرَّاجِحِ إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ التَّعْبِيرِ وَيَقَعُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، قُلْت: الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَابَلَهُ بِالْمُخَالِفِ، وَلَوْ أَرَادَ مَا ذَكَرْته لَقَابَلَهُ بِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: لَا زَكَاةَ فِي الْعَامِلَةِ] أَيْ وَالْمَعْلُوفَةِ وَلَعَلَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَوْلَى لَمْ يَذْكُرْهَا [قَوْلُهُ: سَلَّمْنَا أَنَّهُ حُجَّةٌ فَقَدْ عَارَضَهُ إلَخْ] لِقِيَامِ الْإِجْمَاعِ عَلَى تَقْدِيمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ فِي الِاحْتِجَاجِ، وَأُجِيبَ أَيْضًا عَلَى تَقْدِيرِ حُجِّيَّةِ الْمَفْهُومِ أَنَّ التَّقَيُّدَ بِالسَّائِمَةِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا لِلِاحْتِرَازِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَنْعَامِ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ السَّوْمُ وَالتَّقَيُّدُ إذَا كَانَ بِالنَّظَرِ لِلْغَالِبِ لَا يَكُونُ حُجَّةً
«فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ» وَهَذَا أَقْوَى مِنْ الْمَفْهُومِ، وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى بَيَانِ فُرُوضِ زَكَاةِ الْإِبِلِ اقْتِدَاءً بِالْحَدِيثِ وَفُرُوضُ زَكَاتِهَا إحْدَى عَشَرَةَ فَرِيضَةً أَرْبَعَةٌ مِنْهَا الْمَأْخُوذُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا وَهُوَ الْغَنَمُ، وَيُسَمَّى الْمُزَكَّى بِهَا شَنَقًا بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالنُّونِ، وَسَبْعَةٌ الزَّكَاةُ فِيهَا مِنْ جِنْسِهَا.
وَقَدْ أَشَارَ إلَى أُولَى الْأَرْبَعَةِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا زَكَاةَ مِنْ الْإِبِلِ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسِ ذَوْدٍ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ فِي أَوَّلِهِ وَدَالٍ مُهْمَلَةٍ فِي آخِرِهِ، وَالْأَصْلُ فِيمَا ذَكَرَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» رُوِيَ بِالْإِضَافَةِ وَعَدَمِهَا. (وَهِيَ) أَيْ الْخَمْسُ ذَوْدٍ (خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) فَإِذَا بَلَغَتْ هَذَا الْعَدَدَ (فَ) الْوَاجِبُ (فِيهَا شَاةٌ جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ) وَهُمَا مَا أَوْفَى سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ (مِنْ جُلِّ غَنَمِ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِنْ ضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ) فَإِنْ كَانَ جُلُّ غَنَمِهَا الضَّأْنَ أُخِذَتْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْزَ أُخِذَتْ مِنْهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ.
وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ أَنْ تَكُونَ أُنْثَى، وَاشْتَرَطَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ ظَاهِرَ قَوْلِ الشَّيْخِ جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ، وَلَوْ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ عَنْ الْخَمْسِ بَعِيرًا بَدَلًا مِنْ الشَّاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ بِأَكْثَرَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَغَايَةُ أَخْذِ الشَّاةِ (إلَى تِسْعٍ) فَالْخَمْسُ فَرْضٌ وَالْأَرْبَعَةُ وَقَصٌ وَهِيَ أَقَلُّ أَوْقَاصِ الْإِبِلِ.
ك: اُخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الشَّاةِ هَلْ هِيَ مَأْخُوذَةٌ عَنْ الْخَمْسِ خَاصَّةً وَالْأَرْبَعَةُ الزَّائِدَةُ لَا شَيْءَ فِيهَا أَوْ هِيَ. مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجَمِيعِ وَأَنَّ الْأَوْقَاصَ مُزَكَّاةٌ أَيْضًا فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ انْتَهَى.
وَقَالَ ع: وَلَا يَصِحُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ إلَى تِسْعٍ أَنَّ الْأَوْقَاصَ تُزَكَّى بَلْ الشَّاةُ وَجَبَتْ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
بِالْإِجْمَاعِ [قَوْلُهُ: فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ شَاةً إلَخْ] كَذَا فِي بَهْرَامَ. وَالصَّوَابُ إسْقَاطُ كُلِّ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. [قَوْلُهُ: اقْتِدَاءً بِالْحَدِيثِ] أَيْ إذْ فُعِلَ ذَلِكَ صلى الله عليه وسلم فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ الْمَكْتُوبِ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ [قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى الْمُزَكَّى بِهَا شَنَقًا] أَيْ يُسَمَّى الْمُزَكَّى مِنْ الْإِبِلِ بِالْغَنَمِ شَنَقًا.
قَالَ عِيَاضٌ: الشَّنَقُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ النُّونِ فَسَّرَهُ مَالِكٌ بِمَا يُزَكَّى مِنْ الْإِبِلِ بِالْغَنَمِ وَأَبُو عُبَيْدٍ بِمَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ كَالْأَوْقَاصِ اهـ.
قَالَ الْحَطَّابُ: يُسَمَّى شَنَقًا لِكَوْنِهِ أُشْنِقَ إلَى غَيْرِهِ أَيْ أُضِيفَ أَيْ أُضِيفَتْ الْإِبِلُ إلَى الْغَنَمِ فَزُكِّيَتْ بِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: إنَّمَا سُمِّيَ شَنَقًا لِأَنَّ السَّاعِيَ يُكَلِّفُ رَبَّ الْمَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ وَيُشَدِّدَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ اهـ.
وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَبِالنُّونِ عَطْفٌ عَلَى بِفَتْحِ الشِّينِ فَلَا يُفِيدُ فَتْحَ النُّونِ.
[قَوْلُهُ: رُوِيَ بِالْإِضَافَةِ وَعَدَمِهَا] وَرِوَايَةُ الْإِضَافَةِ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ وَنَقَلَهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْقَاضِي عَنْ الْجُمْهُورِ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: تَقُولُ ثَلَاثُ ذَوْدٍ مَحْذُوفُ التَّاءِ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأَنَّ الذَّوْدَ مُؤَنَّثَةٌ وَلَا مُفْرَدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ كَرَهْطٍ وَقَوْمٍ اهـ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الذَّوْدُ مِنْ ثَلَاثٍ إلَى عَشَرَةٍ. [قَوْلُهُ: وَهُمَا مَا أَوْفَى سَنَةً إلَخْ] إلَّا أَنَّ الشَّاةَ الْجَذَعَةَ مَا أَوْفَتْ سَنَةً وَشَرَعَتْ فِي الثَّانِيَةِ، وَالثَّنِيَّةُ مَا أَوْفَتْ سَنَةً وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ دُخُولًا بَيِّنًا، وَالتَّاءُ فِيهِمَا لِلْوَحْدَةِ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِجْزَاءِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ جُلُّ غَنَمِهَا الضَّأْنَ أُخِذَتْ مِنْهُ] وَلَا نَظَرَ لِغَنَمِ الْمَالِكِ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْمَعْزَ أُخِذَتْ مِنْهُ فَإِنْ تَطَوَّعَ وَأَخْرَجَ ضَائِنَةً فَيُجْزِئُ لِأَنَّ الضَّائِنَةَ أَفْضَلُ لِأَنَّ الضَّابِطَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ غَيْرَ مَا طُلِبَ مِنْهُ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ تَسَاوَيَا أُخْرِجَتْ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنْ عُدِمَ بِمَحَلِّهِ الصِّنْفَانِ طُولِبَ بِكَسْبِ أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِ [قَوْلُهُ: وَاشْتَرَطَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ] تَقَدَّمَ أَنَّ التَّاءَ فِيهِمَا لِلْوَحْدَةِ [قَوْلُهُ: وَلَوْ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ عَنْ الْخَمْسِ إلَخْ] هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْقَرَوِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَمُقَابِلُهُ مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ، وَمَحَلُّ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ حَيْثُ سَاوَتْ قِيمَتُهُ قِيمَةَ الشَّاةِ، وَأَمَّا إذَا خَرَجَ الْبَعِيرُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَاةٍ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِاتِّفَاقٍ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ] أَيْ إعَانَةٌ. [قَوْلُهُ: أَوْ هِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجَمِيعِ] وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي خَلِيطَيْنِ لِأَحَدِهِمَا تِسْعٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ. [قَوْلُهُ: إنَّ ظَاهِرَ إلَخْ] أَمَّا كَوْنُهُ ظَاهِرًا لَاغِيًا فَمُسَلَّمٌ فَقَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَلَا يَصِحُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ. غَيْرُ ظَاهِرٍ نَعَمْ لَوْ
خَمْسٍ وَلَا شَيْءَ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا إلَى الْعَشَرَةِ انْتَهَى. وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَلَا زَكَاةَ فِي الْأَوْقَاصِ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَقِيَّةِ الْأَرْبَعَةِ فَرَائِضَ الْمَأْخُوذِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا بِقَوْلِهِ:(ثُمَّ فِي الْعَشَرِ شَاتَانِ إلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ ثُمَّ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ ثَلَاثَةُ شِيَاهٍ إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ فَإِذَا كَانَتْ عِشْرُونَ فَأَرْبَعُ شِيَاهٍ إلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ) فَالْوَقَصُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْفُرُوضِ الثَّلَاثَةِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا، ثُمَّ شَرَعَ فِي السَّبْعَةِ الْبَاقِيَةِ فَقَالَ:(ثُمَّ فِي خَمْسٍ وَعِشْرِينَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَهِيَ بِنْتُ سَنَتَيْنِ) .
ظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَمَّلَتْ سَنَتَيْنِ وَالْمَنْصُوصُ لِغَيْرِهِ مَا أَوْفَتْ سَنَةً وَدَخَلَتْ فِي الثَّانِيَةِ، وَسُمِّيَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ لِأَنَّ أُمَّهَا مَاخِضٌ أَيْ حَامِلٌ لِأَنَّ الْإِبِلَ تَحْمِلُ سَنَةً وَتُرَبِّي سَنَةً (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) بِنْتُ مَخَاضٍ مَوْجُودَةً (فِيهَا) أَيْ فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ أَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً لَكِنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ خَالِصَةً (فَ) الْمَأْخُوذُ حِينَئِذٍ (ابْنُ لَبُونٍ) وَهُوَ مَا أَكْمَلَ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ.
وَقَوْلُهُ: (ذَكَرٌ) تَأْكِيدٌ (فَإِنْ عُدِمَا) أَيْ بِنْتُ مَخَاضٍ وَابْنُ لَبُونٍ (كَلَّفَهُ السَّاعِي بِنْتَ مَخَاضٍ) وَغَايَةُ أَخْذِ بِنْتِ مَخَاضٍ أَوْ ابْنِ لَبُونٍ (إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ) مِنْهَا فَالْوَقَصُ فِي هَذِهِ عَشَرَةٌ (ثُمَّ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ) مِنْهَا (بِنْتُ لَبُونٍ وَهِيَ بِنْتُ ثَلَاثِ سِنِينَ) لَيْسَ هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ بَلْ مُرَادُهُ مَا أَوْفَتْ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ أُمَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ وَغَايَةُ أَخْذِهَا (إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ) فَالْوَقَصُ تِسْعَةٌ (ثُمَّ فِي سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (وَهِيَ الَّتِي يَصْلُحُ عَلَى ظَهْرِهَا الْحَمْلُ وَيَطْرُقُهَا الْفَحْلُ) أَيْ اُسْتُحِقَّ أَنْ تُرْكَبَ وَيَحْمِلَ عَلَيْهَا الْفَحْلُ، وَالْحَمْلُ بِكَسْرِ الْحَاءِ فِي الِاسْمِ وَبِفَتْحِهَا فِي الْمَصْدَرِ قَالَ تَعَالَى:{وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] .
(وَهِيَ) أَيْ الْحِقَّةُ (بِنْتُ أَرْبَعِ سِنِينَ) مُرَادُهُ مَا أَكْمَلَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ، وَغَايَةُ أَخْذِهَا (إلَى سِتِّينَ) فَالْوَقَصُ فِي هَذِهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ (ثُمَّ) بَعْدَ ذَلِكَ (فِي إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةً وَهِيَ بِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ) مُرَادُهُ أَيْضًا مَا أَكْمَلَتْ أَرْبَعَةً وَدَخَلَتْ فِي الْخَامِسَةِ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَجْذَعُ سِنَّهَا أَيْ تُسْقِطُهُ وَهِيَ آخِرُ أَسْنَانِ مَا يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْإِبِلِ، وَغَايَةُ أَخْذِهَا (إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ) فَالْوَقَصُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَيْضًا (ثُمَّ فِي سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا لَبُونٍ إلَى تِسْعِينَ) فَالْوَقَصُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَيْضًا (ثُمَّ فِي إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ) فَالْوَقَصُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ، فَتَلَخَّصَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ أَوْقَاصَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَالَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ إلَّا أَنَّ الْفِقْهَ خِلَافُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ. [قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَتْ عِشْرُونَ] هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَامَّةٌ، وَفِي نُسْخَةٍ عِشْرِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَاقِصَةٌ [قَوْلُهُ: وَسُمِّيَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ. . . إلَخْ] وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنْ الْعُيُوبِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِنْتَ مَخَاضٍ أَيْ أَوْ وُجِدَتْ لَكِنْ مَعِيبَةً [قَوْلُهُ: وَالْمَأْخُوذُ حِينَئِذٍ] أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ [قَوْلُهُ: تَأْكِيدٌ] أَيْ لِاسْتِفَادَتِهِ مِنْ ابْنٍ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ التَّخْصِيصُ لِأَنَّ مِنْ الْحَيَوَانِ مَا يُطْلَقُ ابْنٌ عَلَى ذَكَرِهِ وَأُنْثَاهُ كَابْنِ عِرْسٍ وَابْنِ آوَى لِضَرْبٍ مِنْ الْحَيَّاتِ.
[قَوْلُهُ: كَلَّفَهُ السَّاعِي بِنْتَ مَخَاضٍ] أَيْ أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ فَجُعِلَ حُكْمُ عَدَمِ الصِّنْفَيْنِ كَحُكْمِ وُجُودِهِمَا، فَإِنْ أَتَاهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِابْنٍ لَبُونٍ ذَكَرٍ فَذَلِكَ إلَى السَّاعِي إنْ رَأَى أَخْذَهُ نَظَرًا جَازَ وَإِلَّا لَزِمَهُ بِنْتُ الْمَخَاضِ، وَلَوْ لَمْ يُلْزِمْ السَّاعِي صَاحِبَ الْإِبِلِ بِنْتَ الْمَخَاضِ حَتَّى أَتَاهُ بِابْنِ اللَّبُونِ أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِيهَا ابْتِدَاءً [قَوْلُهُ: بِنْتُ لَبُونٍ] فَلَوْ لَمْ تُوجَدْ عِنْدَهُ أَوْ وُجِدَتْ مَعِيبَةً لَمْ يُؤْخَذْ عَنْهَا حَقٌّ بِخِلَافِ ابْنِ اللَّبُونِ فَيُؤْخَذُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ بِنْتِ الْمَخَاضِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ ابْنَ اللَّبُونِ يَمْتَنِعُ عَنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَيَرِدُ الْمَاءَ وَيَرْعَى الشَّجَرَ فَعَادَلَتْ هَذِهِ الْفَصِيلَةُ فَصِيلَةَ بِنْتِ الْمَخَاضِ.
وَالْحَقُّ لَا يَخْتَصُّ بِمَنْفَعَةٍ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ فَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا حَقٌّ هَذَا مَا ذَكَرُوا. [قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي يَصْلُحُ عَلَى ظَهْرِهَا الْحَمْلُ] فَلَوْ دَفَعَ عَنْهَا بِنْتَيْ لَبُونٍ لَمْ يَجْزِيَا عَنْهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، وَلَوْ عَادَلَتْ قِيمَتُهُمَا قِيمَتَهَا [قَوْلُهُ: أَيْ اُسْتُحِقَّتْ أَنْ تُرْكَبَ] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَنْ يَصْلُحَ عَلَى ظَهْرِهَا الْحَمْلُ، وَلَا دَاعِيَ لِهَذَا التَّفْسِيرِ إذْ إبْقَاءُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ صَحِيحٌ. [قَوْلُهُ: وَبِفَتْحِهَا فِي الْمَصْدَرِ] أَيْ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ [قَوْلُهُ: أَيْ تَسْقُطُ سِنُّهَا] وَتَنْبُتُ غَيْرُهَا.
[قَوْلُهُ: عَلَى خَمْسِ
الْإِبِلِ عَلَى خَمْسِ مَرَاتِبَ (فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْمِائَةِ وَعِشْرِينَ (فَ) الْوَاجِبُ (فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ) .
ثُمَّ ثَنَّى بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْبَقَرَةِ وَنِصَابُهَا ثَلَاثُونَ وَأَرْبَعُونَ وَمَا زَادَ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ وَمَا يُزَكَّى بِهِ بِقَوْلِهِ:(وَلَا زَكَاةَ مِنْ الْبَقَرِ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثِينَ) بَقَرَةً (فَإِذَا بَلَغَتْهَا) أَيْ الثَّلَاثِينَ (فَفِيهَا تَبِيعٌ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتٍ ثُمَّ عَيْنٍ مُهْمَلَةٍ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ، وَقِيلَ: يَتْبَعُ قَرْنَاهُ أُذُنَيْهِ وَتَسَاوَى بِهِمَا (عِجْلٌ جَذَعٌ) ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ الذَّكَرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي سِنِّهِ مِنْ أَنَّهُ مَا (قَدْ أَوْفَى سَنَتَيْنِ) هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: هُوَ مَا أَوْفَى سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ (ثُمَّ كَذَلِكَ) يَسْتَمِرُّ أَخْذُ التَّبِيعِ (حَتَّى تَبْلُغَ) الْبَقَرُ عِنْدَ الْمُزَكِّي (أَرْبَعِينَ) بَقَرَةً فَإِذَا بَلَغَتْهَا أَيْ الْأَرْبَعِينَ فَحِينَئِذٍ يَنْقَطِعُ تَزْكِيَتُهَا بِالتَّبِيعِ وَ (يَكُونُ فِيهَا مُسِنَّةٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ، ثُمَّ بِالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ فَعَلَى هَذَا الْغَايَةُ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمُغَيَّا، وَقَوْلُهُ:(وَلَا تُؤْخَذُ إلَّا أُنْثَى) زِيَادَةُ بَيَانٍ، فَإِنْ فُقِدَتْ الْمُسِنَّةُ مِنْ الْبَقَرِ أُجْبِرَ رَبُّهَا عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَا إلَّا أَنْ يُعْطِيَ أَفْضَلَ مِنْهَا (وَهِيَ) أَيْ الْمُسِنَّةُ (بِنْتُ أَرْبَعِ سِنِينَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مَا أَوْفَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ كَلَامَهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ مَا أَوْفَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَيْضًا وَابْنِ شَعْبَانَ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ:
ــ
[حاشية العدوي]
مَرَاتِبَ] أَرْبَعَةٌ وَهُوَ أَقَلُّهَا وَذَلِكَ فِي أَرْبَعَةِ فُرُوضٍ، وَتِسْعَةٌ، وَذَلِكَ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَشَرَةٌ، وَذَلِكَ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْضًا، وَأَرْبَعَةَ عَشَرَةَ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثَةِ فُرُوضٍ، وَتِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ وَهُوَ أَكْثَرُهَا وَذَلِكَ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ تَحْقِيقٌ. [قَوْلُهُ: فَمَا زَادَ] أَيْ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ وَاحِدَةً عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ لَفْظِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ يَتَغَيَّرُ بِمُطْلَقِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ وَاحِدَةً هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَجِبُ عِنْدَهُ فِي الْمِائَةِ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ لِلسَّاعِي، وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ مَالِكٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي يَتَغَيَّرُ بِهَا الْوَاجِبُ هِيَ زِيَادَةُ الْعَشْرَاتِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَأَمَّا زِيَادَةُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ فَالسَّاعِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِ حِقَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ أَوْجَبَ فِي الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ حِقَّتَيْنِ فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ. هَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مُطْلَقِ الزِّيَادَةِ فَيَتَغَيَّرُ الْفَرْضُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ وَلَوْ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ فَيُؤْخَذُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ تَبَعًا لِابْنِ شِهَابٍ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ لِلسَّاعِي أَوْ زِيَادَةِ الْعَشَرَاتِ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ فَلَا يَنْتَقِلُ الْفَرْضُ حَتَّى يَصِيرَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ، فَالْوَاجِبُ حِقَّةٌ وَبِنْتَا لَبُونٍ، الْحِقَّةُ فِي خَمْسِينَ وَبِنْتَا لَبُونٍ فِي الثَّمَانِينَ، ثُمَّ إذَا زَادَتْ عَشَرَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ.
فَإِذَا صَارَتْ مِائَةً وَسِتِّينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَسَبْعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ وَثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ مِائَةً وَثَمَانِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ، وَهَكَذَا فَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى حِقَّتَيْنِ فِي مِائَةٍ وَعِشْرِينَ لِنَصِّ الْحَدِيثِ وَعَلَى حِقَّةٍ وَبِنْتَيْ لَبُونٍ فِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَتْبَعُ أُمَّهُ] لَا يَخْفَى أَنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ فَلَا يُنَافِي وُجُودَ تِلْكَ الْعِلَّةِ فِي غَيْرِهِ [قَوْلُهُ: وَتَسَاوَى بِهِمَا] الْمُنَاسِبُ وَتُسَاوِيهِمَا وَهُوَ عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَا قَبْلَهُ [قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ اشْتِرَاطِ الذَّكَرِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ] فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمَشْهُورُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ صَرَّحَ بِهِ الْجَلَّابُ وَالتَّلْقِينُ وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمْ. وَلَيْسَ لِلسَّاعِي أَخْذُ التَّبِيعَةِ الْأُنْثَى كَرْهًا وُجِدَا عِنْدَ الْمُزَكِّي أَوْ وُجِدَتْ التَّبِيعَةُ عِنْدَهُ فَقَطْ لِمَا وَرَدَ مِنْ الرِّفْقِ بِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي.
[قَوْلُهُ: وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ إلَخْ] ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْطِيَ أَفْضَلَ مِنْهَا] وَهِيَ بِنْتُ خَمْسِ سِنِينَ [قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَيْضًا] فَيَكُونُ لِابْنِ حَبِيبٍ قَوْلَانِ [قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُخْتَصَرِ] وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ [قَوْلُهُ: زَالَتْ ثَنَايَاهَا] خَبَرٌ عَنْ مَعْنًى إلَخْ وَهُمَا السِّنْتَانِ
(وَهِيَ ثَنِيَّةٌ) زَالَتْ ثَنَايَاهَا وَالنِّصَابُ الثَّالِثُ وَمَا يُزَكَّى بِهِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (فَمَا زَادَ) أَيْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ بَقَرَةً (فَ) الْوَاجِبُ (فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ) بَقَرَةٌ (مُسِنَّةٌ وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ) بَقَرَةٌ (تَبِيعٌ) ع: يُرِيدُ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ فَإِنْ زَادَتْ خَمْسَةٌ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَلَا شَيْءَ فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فِيهَا ثَمَنُ مُسِنَّةٍ وَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ فَلَا شَيْءَ فِي الْعَشَرَةِ عِنْدَنَا.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فِيهَا مُسِنَّةٌ وَرُبْعُ مُسِنَّةٍ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتِّينَ فَفِيهَا تَبِيعَانِ، وَإِنْ بَلَغَتْ سَبْعِينَ فَفِيهَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ، وَإِنْ بَلَغَتْ ثَمَانِينَ فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ فَعَلَى هَذَا يَجْرِي قَوْلُهُ فَمَا زَادَ إلَخْ.
ثُمَّ ثَلَّثَ بِالْكَلَامِ عَلَى زَكَاةِ الْغَنَمِ، وَفُرُوضُهَا أَرْبَعَةٌ وَقَدْ أَشَارَ إلَى أُولَاهَا وَمَا تَزَكَّى بِهِ بِقَوْلِهِ:(وَلَا زَكَاةَ فِي الْغَنَمِ حَتَّى تَبْلُغَ) أَيْ تُكَمِّلَ (أَرْبَعِينَ شَاةً فَإِذَا بَلَغَتْهَا) أَيْ كَمَّلَتْ أَرْبَعِينَ شَاةً (فَ) الْوَاجِبُ (فِيهَا) حِينَئِذٍ (شَاةٌ جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ) وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا فِي زَكَاةِ نِصَابِ الْإِبِلِ، وَيَسْتَمِرُّ أَخْذُ الشَّاةِ (إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ) فَالْوَقَصُ ثَمَانُونَ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ وَغَايَتُهَا وَمَا تُزَكَّى بِهِ، فَقَالَ:(فَإِذَا بَلَغَتْ) أَيْ كَمَلَتْ الْغَنَمُ عِنْدَ الْمُزَكِّي (إحْدَى وَعِشْرِينَ) شَاةً (وَمِائَةً) أَيْ مِائَةَ شَاةٍ (فَ) الْوَاجِبُ (فِيهَا) حِينَئِذٍ (شَاتَانِ) يَسْتَمِرُّ ذَلِكَ (إلَى مِائَتَيْ شَاةٍ) فَالْوَقَصُ هُنَا تِسْعَةٌ وَسَبْعُونَ.
ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْفَرِيضَةِ الثَّالِثَةِ وَغَايَتِهَا وَمَا تُزَكَّى بِهِ فَقَالَ: (فَإِذَا زَادَتْ) عَلَى الْمِائَتَيْنِ (وَاحِدَةً) فَأَكْثَرَ (فَ) الْوَاجِبُ (فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ) وَالْوَقَصُ فِيهَا تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْفَرِيضَةِ الرَّابِعَةِ بِقَوْلِهِ:(فَإِنْ زَادَ) عَدَدُ الْغَنَمِ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ الْمِئِينَ (فَ) الْوَاجِبُ (فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) قَالَ فِي الْجَلَّابِ: فَمَا زَادَ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْنِي بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةِ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، وَفِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ شِيَاهٍ، وَفِي الْأَرْبَعِمِائَةِ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَفِي الْخَمْسِمِائَةِ خَمْسُ شِيَاهٍ، ثُمَّ كَذَلِكَ الْعِبْرَةُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمِئَاتِ هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَالْحَسَنُ: كَذَا فِي ك وَفِي ع بَدَّلَ الْحَسَنُ النَّخَعِيُّ مَبْدَأَ الْمِائَةِ إذَا زَادَتْ وَاحِدَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ
ــ
[حاشية العدوي]
اللَّتَانِ مِنْ الْمُقَدَّمِ فَوْقُ وَتَحْتُ. وَاَلَّتِي بِجِوَارِهِمَا فَوْقُ وَتَحْتُ مِنْ أَيِّ نَاحِيَةٍ يُقَالُ لَهَا رُبَاعِيَّةٌ. [قَوْلُهُ: فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ] وَذَلِكَ نَحْوُ سَبْعِينَ فَإِنَّ فِيهَا مُسِنَّةً وَتَبِيعًا فَإِنْ زَادَتْ عَشْرَةً فَفِيهَا مُسِنَّتَانِ. [قَوْلُهُ: وَإِذَا بَلَغَتْ إلَخْ] فَإِذَا زَادَتْ عَشْرَةً فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَتْبِعَةٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَشْرَةً فَفِيهَا تَبِيعَانِ وَمُسِنَّةٌ فَإِذَا زَادَتْ عَشْرَةً فَفِيهَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَشْرَةً بِأَنْ صَارَتْ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَيُخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَتْبِعَةٍ أَوْ ثَلَاثِ مُسِنَّاتٍ إنْ وُجِدَا أَوْ فُقِدَا، وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا كَمَا يُخَيَّرُ فِي مِائَتَيْ الْإِبِلِ فِي أَخْذِ أَرْبَعِ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ. [قَوْلُهُ: فَعَلَى هَذَا] هَذَا جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَالتَّقْدِيرُ إذَا قَرَّرْت لَك مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِ السَّبْعِينَ فِيهَا تَبِيعٌ وَمُسِنَّةٌ وَالثَّمَانِينَ فِيهَا مُسِنَّتَانِ وَهَكَذَا كَمَا قَرَّرْته لَك سَابِقًا فَنَقُولُ: قَوْلُهُ فَمَا زَادَ إلَخْ يَجْرِي عَلَيْهِ أَيْ هُوَ ضَابِطٌ لَهُ وَهَذَا آخِرُ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ.
[قَوْلُهُ: جَذَعَةٌ أَوْ ثَنِيَّةٌ] وَلَوْ مَعْزًا وَالشَّاةُ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ. فَقَوْلُهُ: جَذَعَةٌ أَيْ سِنُّهَا سِنُّ الْجَذَعَةِ أَوْ الثَّنِيَّةِ لَا خُصُوصِ الْأُنْثَى قَالَهُ ابْنُ نَاجِي. [قَوْلُهُ: إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ] الْغَايَةُ دَاخِلَةٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِذَا زَادَ إلَخْ.
وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ غَايَةُ أَخْذِ الثَّلَاثِ شِيَاهٍ وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ [قَوْلُهُ: وَالْوَقَصُ فِيهَا تِسْعٌ وَتِسْعُونَ إلَخْ] ضَعِيفٌ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْوَقَصَ مِائَتَانِ غَيْرَ شَاتَيْنِ [قَوْلُهُ: ثُمَّ كَذَلِكَ] خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ: الْعِبْرَةُ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ، وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمِئَاتِ بَيَانٌ لِمَا فِي قَوْلِهِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ الْعِبْرَةُ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمِئَاتِ كَذَلِكَ أَيْ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْجَلَّابِ تَحْقِيقًا كَمَا رَأَيْته. [قَوْلُهُ: مَبْدَأُ الْمِائَةِ] كَذَا فِي نُسَخٍ وَقَفْنَا عَلَيْهَا مِنْ هَذَا الشَّارِحِ، وَلَمْ أَجِدْ تِلْكَ اللَّفْظَةَ فِي كَلَامِ الْفَاكِهَانِيِّ وَهُوَ مَقُولُ الْقَوْلِ أَيْ مَبْدَأُ الْوُجُوبِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمِائَةِ الرَّابِعَةِ كَائِنٌ إذَا زَادَتْ الْغَنَمُ
شِيَاهٍ. ك: نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ وَمَا قَالَاهُ غَيْرُ صَحِيحٍ لِلْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ فِيهِ، وَفِيهِ فَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَعْنِي عَلَى الثَّلَاثِمِائَةِ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ حَتَّى تَبْلُغَ الْمِائَةَ، وَهَذَا نَصٌّ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم انْتَهَى.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ فُرُوضِ الْمَاشِيَةِ الثَّلَاثِ شَرَعَ يُبَيِّنُ حُكْمَ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ فَقَالَ: (وَلَا زَكَاةَ فِي الْأَوْقَاصِ) جَمْعُ وَقَصٍ بِتَسْكِينِ الْقَافِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ عَلَى مَا قَالَ سَنَدٌ.
وَقَالَ ق: وَقَصٌ بِفَتْحِ الْقَافِ وَمَنْ رَوَاهُ بِالسُّكُونِ فَهُوَ خَطَأٌ (وَهُوَ) لُغَةً مِنْ وَقْصِ الْعُنُقِ الَّذِي هُوَ الْقَصْرُ لِقُصُورِهِ عَنْ النِّصَابِ وَاصْطِلَاحًا هُوَ (مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ مِنْ كُلِّ الْأَنْعَامِ) فِي كَلَامِهِ مُشَاحَّةٌ لَفْظِيَّةٌ تُعْرَفُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ، وَمَا ذَكَرَهُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ وَالْمَشْهُورُ الْآخَرُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الْخُلْطَةِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدٍ خَمْسَةٌ مِنْ الْإِبِلِ وَالْآخَرِ تِسْعَةٌ فَيُخْلَطَانِ، فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ زَكَاةِ الْأَوْقَاصِ يَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ شَاةٌ وَعَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ شَاةٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِزَكَاتِهَا يَكُونُ عَلَيْهِمَا شَاتَانِ يَقْسِمَانِهِمَا عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ جُزْءًا عَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ وَعَلَى صَاحِبِ الْخَمْسَةِ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ.
تَنْبِيهٌ:
أُورِدَ عَلَى مَا قَالَ الشَّيْخُ قَوْلُهُ بَعْدُ: وَكُلُّ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ بِالسَّوِيَّةِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْأَوْقَاصَ تُزَكَّى أُجِيبَ: بِأَنَّ قَوْلَهُ لَا زَكَاةَ فِي الْأَوْقَاصِ يَعْنِي عَلَى الِانْفِرَادِ وَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ عَلَى الِاجْتِمَاعِ.
(وَيُجْمَعُ الضَّأْنُ) بِالْهَمْزِ وَعَدَمِهِ وَاحِدَةُ ضَائِنٍ وَيُقَالُ أَيْضًا فِي الْجَمْعِ ضَئِينٌ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا وَالْأُنْثَى ضَائِنَةٌ وَجَمْعُهَا ضَوَائِنُ وَهِيَ ذَاتُ الصُّوفِ. (وَالْمَعْزُ) وَهِيَ ذَاتُ الشَّعْرِ (فِي الزَّكَاةِ) إجْمَاعًا عَلَى مَا نَقَلَ بَعْضُهُمْ وَعَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى مَا نَقَلَ بَعْضُهُمْ لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ جَمَعَهُمَا فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ شَاةٌ» .
(وَ) كَذَلِكَ تُجْمَعُ فِي الزَّكَاةِ (الْجَوَامِيسُ وَالْبَقَرُ) اتِّفَاقًا لِأَنَّ اسْمَ الْجِنْسِ جَمَعَهُمَا فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «فَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ تَبِيعٌ» .
(وَ) كَذَلِكَ تُجْمَعُ فِي الزَّكَاةِ اتِّفَاقًا. (الْبُخْتُ) وَهِيَ إبِلُ خُرَاسَانَ ضَخْمَةٌ مَائِلَةٌ إلَى الْقِصَرِ لَهَا سَنَامَانِ (وَالْعِرَابُ) وَهِيَ إبِلُ الْعَرَبِ الْمَعْهُودَةِ إذْ لَفْظُ الْإِبِلِ صَادِقٌ عَلَيْهِمَا فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «فِي كُلِّ خَمْسٍ أَيْ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ» .
ــ
[حاشية العدوي]
وَاحِدَةً عَلَى الثَّلَاثِمِائَةِ فَيَكُونُ فِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. [قَوْلُهُ: ك نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ] عِبَارَةُ الْفَاكِهَانِيِّ هَذَا كُلُّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ لِتَوَاتُرِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ بِهِ، وَقَدْ شَذَّ الشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ فَقَالَ: إذَا زَادَتْ الْغَنَمُ وَاحِدَةً عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ إلَخْ مَا ذُكِرَ عَنْهُ هُنَا. [قَوْلُهُ: انْتَهَى] أَيْ كَلَامُ الْفَاكِهَانِيِّ
[قَوْلُهُ: وَمَنْ رَوَاهُ بِالسُّكُونِ فَهُوَ خَطَأٌ] يَرُدُّهُ مَا فِي الْمِصْبَاحِ حَيْثُ قَالَ: الْوَقَصُ بِفَتْحَتَيْنِ وَقَدْ تُسَكَّنُ الْقَافُ قَوْلُهُ: مِنْ وَقْصِ الْعُنُقِ أَيْ مَنْقُولٌ اسْمُهُ مِنْ اسْمِ وَقْصِ الْعُنُقِ [قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ الْأَنْعَامِ إلَخْ] لِلِاحْتِرَازِ لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّا يُزَكَّى كَالْحَرْثِ وَالْعَيْنِ لَا وَقَصَ فِيهَا. [قَوْلُهُ: فِي كَلَامِهِ مُشَاحَّةٌ] لِأَنَّ الْأَنْسَبَ أَنْ يَقُولَ: وَهِيَ أَيْ الْأَوْقَاصُ، وَأَجَابَ تت بِمَا مُحَصِّلُهُ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْمُفْرَدِ لَا لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: إنَّ عُدُولَ الْمُصَنِّفِ لِتَفْسِيرِ الْمُفْرَدِ لِأَنَّ مَا بَيْنَ الْفَرِيضَتَيْنِ وَقَصٌ لَا أَوْقَاصٌ [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ الْآخَرُ فِيهِ الزَّكَاةُ] وَهُوَ الرَّاجِحُ.
[قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الضَّادِ] أَيْ فَهُوَ عَلَى وَزْنِ كَرِيمٍ [قَوْلُهُ: إجْمَاعًا عَلَى مَا نَقَلَ بَعْضُهُمْ] أَيْ وَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ مِنْ أَنَّهَا لَا تُجْمَعُ فَشَاذٌّ لَمْ يَقُلْ بِهِ غَيْرُهُ كَذَا قَالَهُ فِي التَّحْقِيقِ، أَقُولُ: فَحِينَئِذٍ مَنْ عَبَّرَ بِالْمَشْهُورِ الْتَفَتَ إلَيْهِ [قَوْلُهُ: ضَخْمَةٌ] أَيْ عَظِيمَةُ الْجُنَّةِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: ضَخُمَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ ضَخْمًا وَزَانُ عِنَبٍ وَضَخَامَةِ عَظْمٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَامْرَأَةٌ ضَخْمَةٌ وَالْجَمْعُ ضَخْمَاتٌ بِالسُّكُونِ [قَوْلُهُ: الْمَعْهُودَةُ] صِفَةٌ لِإِبِلِ أَيْ الْمَعْلُومَةُ [قَوْلُهُ: وَانْظُرْ بَقِيَّةَ
تَنْبِيهٌ:
لَمْ يُبَيِّنْ الشَّيْخُ صِفَةَ الْأَخْذِ حَالَةَ الْجَمْعِ، فَنَقُولُ: إنْ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ وَتَسَاوَى النَّوْعَانِ كَعِشْرِينَ ضَائِنَةً وَمِثْلِهَا مَعْزًا خُيِّرَ السَّاعِي فِي أَخْذِ وَاحِدَةٍ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ، وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا كَعِشْرِينَ ضَائِنَةً وَثَلَاثِينَ مَعْزًا أَوْ الْعَكْسِ أَخَذَ الشَّاةَ مِنْ الْأَكْثَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَانْظُرْ بَقِيَّةَ الْأَقْسَامِ وَهِيَ مَا إذَا وَجَبَتْ اثْنَتَانِ فَأَكْثَرُ فِي الْأَصْلِ.
ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْخُلْطَةِ وَهِيَ جَعْلُ مَالَيْنِ لِاثْنَيْنِ مَثَلًا مَالًا وَاحِدًا بَعْدَ حُصُولِ النِّصَابِ فِي مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
فَقَالَ: (وَكُلُّ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ) عَلَى عَدَدِ الْمَاشِيَةِ، فَاَلَّذِي تُوجِبُهُ الْخُلْطَةُ الْمُجْتَمَعُ فِيهَا الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمَالِكَيْنِ كَالْمَأْخُوذِ مِنْ الْمَالِكِ الْوَاحِدِ فِي الْقَدْرِ وَالسِّنِّ وَالصِّنْفِ مِثَالُ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا، وَمِثَالُ الثَّانِي اثْنَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمَا جَذَعَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهَا، وَمِثَالُ الثَّالِثِ اثْنَانِ لِوَاحِدٍ ثَمَانُونَ مِنْ الضَّأْنِ وَلِآخَرَ أَرْبَعُونَ مِنْ الْمَعْزِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ شَاةٌ مِنْ الضَّأْنِ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثُلُثَاهَا وَعَلَى الْآخَرِ الثُّلُثُ. وَفَائِدَةُ الْخُلْطَةِ التَّخْفِيفُ وَقَدْ تُفِيدُ التَّثْقِيلَ وَقَدْ لَا تُفِيدُهُمَا، وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْتَرَطُ فِي كَوْنِ الْمَالِكَيْنِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْأَقْسَامِ إلَخْ] فَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَسِتِّينَ ضَائِنَةً وَمِثْلُهَا مَعْزًا أُخِذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ شَاةٌ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا حَيْثُ كَانَ الْأَقَلُّ نِصَابًا وَهُوَ غَيْرُ وَقَصٍ كَمِائَةِ ضَائِنَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا أَوْ بِالْعَكْسِ، فَلَوْ كَانَ الْأَقَلُّ نِصَابًا وَلَكِنَّهُ وَقَصٌ كَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ضَائِنَةً وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا أَوْ بِالْعَكْسِ أُخِذَتْ الشَّاتَانِ مِنْ الْأَكْثَرِ، وَأَوْلَى لَوْ كَانَ الْأَقَلُّ دُونَ نِصَابٍ وَهُوَ وَقَصٌ.
وَأَمَّا لَوْ وَجَبَتْ ثَلَاثٌ فَإِنْ تَسَاوَى الصِّنْفَانِ كَمِائَةٍ وَشَاةٍ مِنْ الضَّأْنِ وَمِثْلُهَا مِنْ الْمَعْزِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ شَاةٌ وَخُيِّرَ السَّاعِي فِي الثَّالِثَةِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا، فَإِنْ كَانَ الْأَقَلُّ نِصَابًا وَهُوَ غَيْرُ وَقَصٍ كَمِائَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مَعْزًا وَأَرْبَعِينَ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ بِالْعَكْسِ أُخِذَتْ شَاةٌ مِنْهُ، وَالْبَاقِي مِنْ الْأَكْثَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَدَدُ الزَّكَاةِ كَمِائَتَيْنِ وَشَاةً ضَأْنًا وَثَلَاثِينَ مَعْزًا، أَوْ كَانَ فِيهِ عَدَدُ الزَّكَاةِ وَهُوَ وَقَصٌ كَمِائَتَيْنِ وَشَاةً ضَائِنَةً وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا أَوْ بِالْعَكْسِ أُخِذَ الثَّلَاثُ مِنْ الْأَكْثَرِ، وَإِنْ وَجَبَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ مِائَةٍ شَاةً وَالْمِائَةُ الْمُلَفَّقَةُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ يَأْخُذُ وَاجِبَهَا مِنْ أَيِّهِمَا عِنْدَ التَّسَاوِي وَمِنْ أَكْثَرِهِمَا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ.
[قَوْلُهُ: بَعْدَ حُصُولِ النِّصَابِ فِي مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا] لَا يَخْفَى أَنَّ حُصُولَ النِّصَابِ فِي مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ الْمُوجِبَةِ تَزْكِيَتُهُمَا عَلَى مِلْكٍ وَاحِدٍ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُتَمَّمَ التَّعْرِيفُ بِذِكْرِ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ. [قَوْلُهُ: فَإِنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ] أَيْ يَتَرَاجَعَانِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ» اهـ.
وَقَوْلُ الشَّارِحِ عَلَى عَدَدِ الْمَاشِيَةِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ: بِالسَّوِيَّةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ أَيْ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِاعْتِبَارِ عَدَدِ الْمَاشِيَةِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ أَيْ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ السَّاعِي مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ كَزَيْدٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ عَمْرٍو، وَإِذَا أَخَذَ مِنْ عَمْرٍو فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى زَيْدٍ مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ سِتٌّ فَيُقَسِّمُ الثَّلَاثَ شِيَاهٍ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِكُلِّ ثَلَاثَةٍ خَمْسٌ، فَعَلَى صَاحِبِ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ الثَّلَاثَةِ وَعَلَى صَاحِبِ السِّتَّةِ خُمُسَاهَا، وَكَمَا إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا تِسْعٌ وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ فَإِنْ أَخَذَ الشَّاتَيْنِ مِنْ صَاحِبِ التِّسْعَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِخَمْسَةِ أَسْبَاعٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ سُبُعًا مِنْ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ، أَوْ مِنْ صَاحِبِ الْخَمْسَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِتِسْعَةِ أَسْبَاعٍ مِنْ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ بَعْدَ جَعْلِهِمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ سُبُعًا أَوْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ شَاةً رَجَعَ صَاحِبُ الْخَمْسَةِ عَلَى صَاحِبِهِ بِسَبْعِينَ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ الَّتِي أَخَذَهَا السَّاعِي، وَكُلُّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَزْكِيَةِ الْأَوْقَاصِ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ، وَفِي التَّقْوِيمِ يَوْمَ أَخَذَ السَّاعِي أَيْ يَوْمَ الْوَفَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَاسْتُظْهِرَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَنَّ الْقِيمَةَ تَعْتَبِرُ أَخْذَ السَّاعِي. [قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ الْخُلْطَةِ التَّخْفِيفُ] كَمَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ حَالَةَ الِانْفِرَادِ شَاةً وَعَلَيْهِمَا مَعًا حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ شَاةٌ وَاحِدَةٌ.
كَالْمَالِكِ الْوَاحِدِ شُرُوطٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ لَك وَاحِدٌ نِصَابٌ فَأَكْثَرُ حَالَ حَوْلُهُ.
وَإِلَى اشْتِرَاطِ النِّصَابِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ عَدَدَ الزَّكَاةِ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ» وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَا مُخَاطَبَيْنِ بِالزَّكَاةِ احْتِرَازًا مِنْ أَنْ يَكُونَا عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُخَاطَبًا زَكَّى زَكَاةَ الْمُنْفَرِدِ، وَمِنْهَا أَنْ يَتَّحِدَ الْفَحْلُ وَالرَّاعِي وَالْمُرَاحُ وَالْمَرْعَى وَالدَّلْوُ وَالْمَبِيتُ وَلَا يُشْتَرَطُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ اجْتِمَاعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا بَلْ يَكْفِي أَكْثَرُهَا.
وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ خُلْطَتُهُمَا لِلِارْتِفَاقِ احْتِرَازًا مِنْ أَنْ يَجْتَمِعَ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ خَشْيَةَ) الزِّيَادَةِ فِي (الصَّدَقَةِ) وَلَوْ قُدِّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ.
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَقَدْ تُفِيدُ التَّثْقِيلَ إلَخْ] أَيْ كَمَا إذَا كَانَ لِكُلِّ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْغَنَمِ، فَإِنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَالَةَ الِانْفِرَادِ شَاةً فَقَطْ وَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ عَلَيْهِمَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ. وَقَوْلُهُ: وَقَدْ لَا تُفِيدُهُمَا أَيْ كَمَا إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ مِنْ الْغَنَمِ فَإِنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ حَالَةَ الِانْفِرَادِ وَاحِدَةً وَكَذَا حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصَابٌ فَأَكْثَرُ حَالَ حَوْلُهُ] أَيْ وَلَوْ وَقَعَتْ الْخُلْطَةُ أَثْنَاءَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمَا زَكَاةٌ، وَلَوْ حَلَّ حَوْلُ مَاشِيَةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ زَكَّى مَنْ حَلَّ حَوْلُ مَاشِيَتِهِ زَكَاةَ الِانْفِرَادِ لَا عَلَى الْخُلْطَةِ، فَمَا نَابَهُ أَدَّاهُ وَيَسْقُطُ مَا عَلَى الْآخَرِ.
[قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَا مُخَاطَبَيْنِ إلَخْ] وَمِنْهَا النِّيَّةُ أَيْ نِيَّةُ الْخُلْطَةِ لِأَنَّهَا تُوجِبُ تَغْيِيرَ الْحُكْمِ فَتَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ، وَمِنْهَا اتِّحَادُ نَوْعِهَا بِأَنْ يَجُوزَ جَمْعُهُمَا فِي الزَّكَاةِ لَا بَقَرَ مَعَ غَنَمٍ أَوْ إبِلٍ، وَإِنْ كَانَ الْفَحْلُ وَاحِدًا اُشْتُرِطَ اتِّحَادُ الصِّنْفِ [قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُخَاطَبًا] كَأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حُرًّا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا. [قَوْلُهُ: وَمِنْهَا أَنْ يَتَّحِدَ إلَخْ] قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمُوجِبُهَا أَيْ بِكَسْرِ الْجِيمِ خَمْسَةٌ الرَّاعِي وَالْفَحْلُ وَالدَّلْوُ وَالْمُرَاحُ وَالْمَبِيتُ، وَعَبَّرَ عَنْ الدَّلْوِ الْعَلَّامَةُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ: وَمَاءٌ فَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ وَخَلِيلًا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهَا خَمْسَةٌ وَعَدَّهَا الشَّارِحُ سِتَّةً بِزِيَادَةِ الْمَرْعَى تَبِعَ فِيهِ ابْنَ عُمَرَ وَنَحْنُ خَلِيلِيُّونَ فَنَتْبَعُ الْعَلَّامَةَ خَلِيلًا وَابْنَ الْحَاجِبِ. [قَوْلُهُ: أَنْ يَتَّحِدَ الْفَحْلُ] أَيْ بِأَنْ يَكُونَ وَاحِدًا مُشْتَرَكًا أَوْ مُخْتَصًّا بِأَحَدِهِمَا. يُضْرَبُ فِي الْجَمِيعِ أَيْ أَوْ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ فَحْلُهَا، وَيُضْرَبُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا لِحُصُولِ الِاجْتِمَاعِ فِيهِ بِرِفْقِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ. وَقَوْلُهُ: وَالرَّاعِي أَيْ بِأَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ يَرْعَى الْجَمِيعَ أَيْ أَوْ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ رَاعٍ، وَيَتَعَاوَنَانِ بِالنَّهَارِ عَلَى جَمِيعِهَا بِإِذْنِ الْمَالِكِينَ لَهُمَا أَوْ لَهُ فِي ذَلِكَ وَالْمَدَارُ عَلَى التَّعَاوُنِ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُمَا. [قَوْلُهُ: وَالْمُرَاحُ] بِضَمِّ الْمِيمِ وَقِيلَ بِفَتْحِهَا وَهُوَ مَوْضِعُ اجْتِمَاعِ الْمَاشِيَةِ بِالْقَائِلَةِ اتَّحَدَ أَيْ أَوْ تَعَدَّدَ وَاحْتَاجَتْ لَهُ.
[قَوْلُهُ: وَالدَّلْوُ] أَيْ أَنْ يَجْتَمِعَا فِي الْمَاءِ بِمِلْكٍ لَهُمَا أَوْ مَنْفَعَةٍ وَمَعْنَى اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْمَاءِ بِالْمَنْفَعَةِ أَنْ يَسْتَأْجِرَا بِئْرًا عَلَى أَخْذِ قَدْرٍ مَعْلُومٍ كَكُلِّ يَوْمٍ مِائَةُ دَلْوٍ مَثَلًا أَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ أَفَادَهُ فِي التَّحْقِيقِ. [قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ] هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ فَهُوَ الرَّاجِحُ، وَقِيلَ: يَكْفِي اثْنَانِ [قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي أَكْثَرُهَا] وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْخَمْسَةِ عَلَى مَا فِي خَلِيلٍ وَشُرَّاحِهِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الْفَحْلَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْمَاشِيَةُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ كَضَأْنٍ أَوْ مَعْزٍ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ صِنْفَيْنِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا الْفَحْلَ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ صِنْفَيْنِ كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ أَوْ جَامُوسٍ وَبَقَرٍ.
[قَوْلُهُ: وَلَا يُفَرَّقُ إلَخْ] قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَعْنَى الْجَمْعِ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَإِذَا أَظَلَّهُمْ السَّاعِي جَمَعَاهَا لِيُؤَدِّيَا شَاةً وَاحِدَةً وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ أَنْ يُخْلَطَا وَلِأَحَدِهِمَا مِائَةُ شَاةٍ، وَلِآخَرَ مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا افْتَرَقَا أَدَّيَا شَاتَيْنِ انْتَهَى.
[قَوْلُهُ: خَشْيَةَ الزِّيَادَةِ إلَخْ] لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا تَكُونُ الْخَشْيَةُ مِنْ جَانِبِ الْمُزَكِّينَ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَدَّرَ نَقْصٌ بَعْدَ خَشْيَةٍ أَيْ خَشْيَةِ نَقْصِ الصَّدَقَةِ وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْجُمْلَتَيْنِ قَبْلَهُ، أَمَّا خَشْيَةُ نَقْصِهَا بِسَبَبِ الِافْتِرَاقِ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ فَفِيمَا إذَا كَانَتْ تُوجِبُ تَثْقِيلًا فَلَا يُفَرَّقُ خَشْيَةَ نَقْصِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَأَمَّا خَشْيَةُ نَقْصِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ بِسَبَبِ الِاجْتِمَاعِ عِنْدَ الِافْتِرَاقِ فَفِيمَا إذَا كَانَتْ تُوجِبُ تَخْفِيفًا فَلَا يُجْمَعُ
وَكُلُّ خَلِيطَيْنِ. . . إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ مُرَتَّبًا كَذَلِكَ (وَذَلِكَ) أَيْ النَّهْيُ عَنْ التَّفْرِيقِ وَالْجَمْعِ الْمَذْكُورَيْنِ نَهْيُ تَحْرِيمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (إذَا قَرُبَ الْحَوْلُ) ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ: إذَا كَانَ ذَلِكَ أَيْ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِشَهْرَيْنِ فَأَقَلَّ فَهُمْ خُلَطَاءُ، وَأَنَا أَرَى أَنَّهُمْ خُلَطَاءُ فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ مَا لَمْ يَتَقَارَبْ الْحَوْلُ جِدًّا وَيَهْرُبَا فِيهِ إلَى أَنْ يَكُونَا خَلِيطَيْنِ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ، ابْنُ شَاسٍ: هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ مَا وُجِدَ عَلَيْهِ مِنْ اجْتِمَاعٍ أَوْ افْتِرَاقٍ مُنْقِصًا مِنْ الزَّكَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْقِصًا فَلَا يُتَّهَمَانِ عَلَيْهِ بَلْ يُزَكَّى الْمَالُ عَلَى مَا يُوجَدُ عَلَيْهِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّيْخُ بِقَوْلِهِ:(فَإِذَا كَانَ) أَيْ التَّفْرِيقُ أَوْ الِاجْتِمَاعُ عِنْدَ قُرْبِ الْحَوْلِ (يَنْقُصُ أَدَاؤُهُمَا بِافْتِرَاقِهِمَا أَوْ بِاجْتِمَاعِهِمَا بِمَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ) الِافْتِرَاقِ أَوْ الِاجْتِمَاعِ مِثَالُ التَّفْرِيقِ خَوْفُ الزِّيَادَةِ فِي الصَّدَقَةِ: رَجُلَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ فَيَفْتَرِقَانِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَتَجِبُ عَلَيْهِمَا شَاتَانِ، وَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا ثَلَاثًا وَمِثَالُ الْجَمْعِ لِذَلِكَ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ فَيَجْمَعُونَهَا فِي آخِرِ الْحَوْلِ لِتَجِبَ عَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ، وَقَدْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ ثَلَاثَ شِيَاهٍ. .
ثُمَّ شَرَعَ يُبَيِّنُ مَا لَا يُؤْخَذُ فِي الزَّكَاةِ مِنْ الْأَنْعَامِ فَقَالَ: (وَلَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ السَّخْلَةُ) وَهِيَ الصَّغِيرَةُ مِنْ الْغَنَمِ ضَأْنًا كَانَتْ أَوْ مَعْزًا ذَكَرًا كَانَتْ أَوْ أُنْثَى.
(وَ) مَعَ ذَلِكَ (تُعَدُّ عَلَى أَرْبَابِ الْغَنَمِ) كَانَ فِي الْأَصْلِ نِصَابٌ أَمْ لَا لِقَوْلِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) تُؤْخَذُ (الْعَجَاجِيلُ فِي) صَدَقَةِ (الْبَقَرِ) جَمْعُ عِجْلٍ وَهُوَ مَا كَانَ دُونَ السِّنِّ الْوَاجِبِ الَّذِي هُوَ التَّبِيعُ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) تُؤْخَذُ (الْفُصْلَانُ فِي) صَدَقَةِ (الْإِبِلِ) جَمْعُ فَصِيلٍ وَهُوَ مَا دُونَ بِنْتِ مَخَاضٍ.
(وَ) مَعَ كَوْنِ الْعَجَاجِيلِ وَالْفُصْلَانِ لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ (تُعَدُّ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَرْبَابِهَا لِتُؤْخَذَ زَكَاتُهَا (وَ) كَذَلِكَ (لَا يُؤْخَذُ) فِي الصَّدَقَةِ (تَيْسٌ) ع: وَهُوَ ذَكَرُ الْمَعْزِ الصَّغِيرُ وَقِيلَ ذَكَرُهُ مُطْلَقًا لِدَنَاءَتِهِ وَكَذَلِكَ (لَا) تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ (هَرِمَةٌ)
ــ
[حاشية العدوي]
بَيْنَهُمَا خَشْيَةَ نَقْصِهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَالْخَشْيَةُ فِي الْجُمْلَتَيْنِ مُتَعَلِّقُهَا النَّقْصُ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَهِيَ مِنْ جَانِبِ الشَّارِعِ لِأَجْلِ الْفُقَرَاءِ، وَمَفْهُومُ خَشْيَةِ الصَّدَقَةِ أَنَّهُمْ لَوْ فُرِّقُوا أَوْ اجْتَمَعُوا لِعُذْرٍ لَا حُرْمَةٍ وَيُصَدَّقُونَ فِي الْعُذْرِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ إذَا كَانُوا مَأْمُونِينَ ظَاهِرِي الصَّلَاحِ وَإِلَّا فَيَمِينٌ. [قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ مُرَتَّبًا إلَخْ] وَالْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ» .
[قَوْلُهُ: نَهْيُ تَحْرِيمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ] قَالَ تت: وَهَلْ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَإِذَا فَعَلُوا مَا نُهُوا عَنْهُ أُخِذُوا بِمَا كَانُوا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْكَرَاهَةِ، فَإِذَا فَعَلُوا أُخِذُوا بِمَا هُمْ عَلَيْهِ الْآنَ قَوْلَانِ. [قَوْلُهُ: إذَا كَانَ ذَلِكَ إلَخْ] مُحَصِّلُهُ كَمَا أَخَذْته مِنْ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي رَأَيْته أَنَّ مَالِكًا قَالَ فِيهَا: إذَا كَانَ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ الْحَوْلِ بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَهُمْ خُلَطَاءُ، فَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَرُبَ الْحَوْلُ جِدًّا فَرَأَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا قَرُبَ الْحَوْلُ جِدًّا يُؤْخَذَانِ بِمَا كَانَا عَلَيْهِ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ، وَإِنَّ الْقُرْبَ جِدًّا هُوَ عَيْنُ قَرِينَةِ الْهُرُوبِ فَقَوْلُهُ: وَيَهْرُبَا الْمُرَادُ أَنَّ الْقُرْبَ جِدًّا هُوَ عَيْنُ الْهُرُوبِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ أُخْرَى.
وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ نُقُولُ الْأَئِمَّةِ، وَنَقَلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي قُرْبِ ذَلِكَ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ أَوْ إقْرَارٌ بِقَصْدِ الْهُرُوبِ، وَإِلَّا فَلَا يُلْتَفَتُ لِقُرْبِ الزَّمَانِ فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ مَا نَصُّهُ، وَيَثْبُتُ الْفِرَارُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْقَرِينَةِ أَوْ الْقُرْبِ الْمُوجِبِ تُهْمَتُهُمَا. [قَوْلُهُ: أَيْ التَّفْرِيقُ إلَخْ] الظَّاهِرُ أَنْ تُجْعَلَ كَانَ شَأْنِيَّةً وَلَا يُجْعَلُ اسْمُهَا التَّفْرِيقَ وَالِاجْتِمَاعَ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بَعْدُ بِافْتِرَاقِهِمَا إلَخْ وَأَنَّ أَدَاؤُهُمَا فَاعِلُ يَنْقُصُ.
[قَوْلُهُ: السَّخْلَةُ] بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ وَهِيَ الصَّغِيرَةُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَالْجَمْعُ سِخَالٌ بِكَسْرِ السِّينِ وَسَخْلٌ مِثْلُ تَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَسَخْلَانِ [قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ إلَخْ]
وَهِيَ الْكَبِيرَةُ الْهَزِيلَةُ.
(وَ) كَذَلِكَ (لَا) تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ (الْمَاخِضُ) وَهِيَ الْحَامِلُ الَّتِي ضَرَبَهَا الطَّلْقُ قَالَهُ ك.
وَقَالَ ق: الْمَاخِضُ هِيَ الْحَامِلُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ أَوْ آخِرِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تُؤْخَذْ لِأَنَّهَا مِنْ خِيَارِ أَمْوَالِ النَّاسِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ (فَحْلُ الْغَنَمِ) وَهُوَ الَّذِي أُعِدَّ لِلطَّرْقِ ضَأْنًا كَانَ أَوْ مَعْزًا لِأَنَّهُ مِنْ خِيَارِ أَمْوَالِ النَّاسِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ (شَاةُ الْعَلَفِ) وَهِيَ الْمُعَدَّةُ لِلتَّسْمِينِ لِلْأَكْلِ لَا لِلنَّسْلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِأَنَّهَا مِنْ خِيَارِ أَمْوَالِ النَّاسِ (وَ) كَذَلِكَ (لَا) يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ (الَّتِي تُرَبِّي وَلَدَهَا) وَتُسَمَّى الرُّبَّى بِضَمِّ الرَّاءِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ الْمُشَدَّدَةِ مَقْصُورَةً وَلَوْ قُدِّمَ قَوْلُهُ:(وَلَا) أَيْ وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ (خِيَارُ أَمْوَالِ النَّاسِ) يُرِيدُ وَلَا شِرَارُهَا، ثُمَّ عَقَّبَهُ بِالْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ ضَابِطٌ لَهَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ شِرَارٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ وَلَا خِيَارَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ، فَإِنْ أَعْطَى وَاحِدَةً مِنْ الْخِيَارِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَعْطَى مِنْ الشِّرَارِ فَلَا تُجْزِئُ، وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا خِيَارًا أَوْ شِرَارًا كُلِّفَ رَبُّهَا الْوَسَطَ عَلَى الْمَشْهُورِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ وَجَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ وَرَدَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ. (وَلَا يُؤْخَذُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الصَّدَقَةِ (عَرْضٌ وَلَا ثَمَنٌ) أَيْ عَيْنٌ بَدَلُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حَبٍّ أَوْ ثَمَرٍ أَوْ مَاشِيَةٍ.
(فَإِنْ أَجْبَرَهُ الْمُصَدِّقُ) بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ السَّاعِي (عَلَى أَخْذِ الثَّمَنِ فِي الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا) كَالْحُبُوبِ وَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ (أَجْزَأَهُ) مَفْهُومُ الشَّرْطِ، لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ اخْتِيَارًا لَمْ يَجْزِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا.
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ السَّخْلَةُ [قَوْلُهُ: وَقِيلَ ذَكَرُهُ مُطْلَقًا] ضَعِيفٌ [قَوْلُهُ: ضَرَبَهَا الطَّلْقُ] بِفَتْحِ الرَّاءِ مُخَفَّفَةً أَيْ تَعَلَّقَ بِهَا الطَّلْقُ أَقُولُ: لَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ مُوَافِقٌ لِلْمِصْبَاحِ، فَإِنَّهُ قَالَ: قَدْ مَخِضَتْ الْمَرْأَةُ وَكُلُّ حَامِلٍ مِنْ بَابِ تَعِبَ دَنَا وِلَادُهَا وَأَخَذَهَا الطَّلْقُ فَهِيَ مَاخِضٌ بِغَيْرِ هَاءٍ، وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَا دَنَا وِلَادَتُهَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، فَالْمَقَالَاتُ ثَلَاثَةٌ أَظْهَرُهَا مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ.
[قَوْلُهُ: لِلتَّسْمِينِ لِلْأَكْلِ] أَكْلُهُ هُوَ أَوْ أَكْلُ غَيْرِهِ [قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى الرُّبَى] قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُرَبِّي وَلَدَهَا انْتَهَى.
[قَوْلُهُ: كُلِّفَ رَبُّهَا الْوَسَطَ عَلَى الْمَشْهُورِ] وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَى ابْنُ بَشِيرٍ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهَا مُطْلَقًا خِيَارًا أَوْ شِرَارًا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ، وَمَحَلُّ كَوْنِهِ يُكَلَّفُ الْوَسَطَ إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ فَلَهُ أَخْذُهَا لِبُلُوغِهَا سِنِّ الْإِجْزَاءِ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَلَا يَأْخُذُهَا لِنَقْصِهَا عَنْ السِّنِّ [قَوْلُهُ: وَلَا ثَمَنٌ إلَخْ] ع: جَعَلَ الْعَرْضَ هُنَا مَا عَدَا الْعَيْنَ وَالثَّمَنَ وَقَعَ عَلَى الْعَيْنِ.
وَقَالَ ج: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ كَقَوْلِهِ فَإِنْ أَجْبَرَهُ الْمُصَدِّقُ إلَخْ [قَوْلُهُ: بِتَخْفِيفِ الصَّادِ] اُحْتُرِزَ عَنْ الْمُصَّدِّقِ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ فَإِنَّهُ الْمُزَكِّي [قَوْلُهُ: عَلَى أَخْذِ الثَّمَنِ] مُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ. تت: وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ أَجْبَرَهُ عَلَى دَفْعِ الْعَرْضِ عَنْ الْعَيْنِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَهُوَ مُفَادُ الْفَاكِهَانِيِّ لِأَنَّهُ عَلَّلَ الْإِجْزَاءَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ أَجَازُوا ذَلِكَ، وَالْحُكْمُ إذَا وَقَعَ فِيهِ خِلَافٌ مَضَى وَلَمْ يَرُدَّ.
وَقَالَ: أَمَّا الْعَرْضُ فَلَا أَعْلَمُ فِي عَدَمِ إجْزَائِهِ خِلَافًا، وَأَمَّا الْقِيمَةُ فَمُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَمُفَادُ قَوْلِ الشَّارِحِ آخِرًا فَأَمَّا إخْرَاجُ الْعَرْضِ عَنْ الْعَيْنِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْإِجْزَاءَ لِأَنَّهُ أَفَادَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
[قَوْلُهُ: وَالْمَعْدِنِ] أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَعْدِنَ الَّذِي يُزَكَّى هُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ فَقَطْ. وَأَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الْعَيْنُ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ عَنْ الذَّهَبِ فِضَّةً وَالْعَكْسُ اخْتِيَارًا لَا يُجْزِئُ، وَالْمَشْهُورُ الْإِجْزَاءُ نَعَمْ يَتَأَتَّى فِي الرِّكَازِ فَإِنَّ الرِّكَازَ لَا يَتَوَقَّفُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ عَيْنًا، وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ الْغَيْرُ بِالْحُبُوبِ فَقَطْ، ثُمَّ رَأَيْت تت قَالَ مَا نَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَغَيْرِهَا: وَهُوَ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَالْحُبُوبِ وَقِيلَ وَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ اهـ.
فَأَنْتَ تَرَاهُ حَكَاهُ بِقِيلِ. [قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا] أَيْ فِي الطَّوْعِ وَالْإِكْرَاهِ، وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَإِخْرَاجُ الْقِيمَةِ طَوْعًا
عَلَى مَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ فَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحْرُمُ، وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهُ اضْطَرَبَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ مَرَّةً: يُجْزِئُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا ذَكَرَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَشَرَطَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْإِكْرَاهَ وَقَالَ مَرَّةً: إذَا كَانُوا يَضَعُونَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَفَرَّقَ مَرَّةً بَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْحَبِّ عَيْنًا فَيُجْزِئَهُ. وَبَيْنَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْعَيْنِ حَبًّا فَلَا يُجْزِئُهُ انْتَهَى.
وَقَالَ د: اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي إخْرَاجِ الذَّهَبِ عَنْ الْفِضَّةِ وَعَكْسِهِ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْحُكْمِ، فَأَمَّا إخْرَاجُ الْعَرْضِ عَنْ الْعَيْنِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَيُكْرَهُ وَقَوْلُهُ:(إنْ شَاءَ اللَّهُ) إشَارَةٌ إلَى قُوَّةِ الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ: (وَلَا يُسْقِطُ الدَّيْنُ زَكَاةَ حَبٍّ وَلَا ثَمَرٍ وَلَا مَاشِيَةٍ) تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ لِتَكْرَارِهِ مَعْنًى. .
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يُجْزِئُ وَكَرْهًا يُجْزِئُ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا اهـ لَفْظُهُ. [قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحْرُمُ] أَيْ فَأَخْذُ الْعَيْنِ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ يُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَحْرُمُ إلَخْ مُفَادُهُ أَنَّ الْمُقَابِلَ الْحُرْمَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت: هَلْ هَذَا الْخِلَافُ فِي الصَّدَقَةِ مُطْلَقًا أَوْ لَا؟ قُلْت: قَدْ أَتَى الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِالْمَسْأَلَةِ عَلَى جَمِيعِ أَوْجُهِهَا، فَقَالَ وَاخْتُلِفَ فِي هَذَا الْفَصْلِ فِي مَوَاضِعَ أَحَدُهَا النَّهْيُ هَلْ هُوَ عَلَى الْمَنْعِ أَوْ الْكَرَاهَةِ. وَهَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالتَّطَوُّعِ أَوْ عَامٌّ فِي التَّطَوُّعِ وَالْوَاجِبِ، وَهَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالرِّقَابِ أَوْ عَامٌّ فِي الرِّقَابِ وَالْمَنَافِعِ، وَهَلْ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ عَلَيْهِ خَاصَّةً أَوْ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَبِالْجُمْلَةِ] أَيْ وَأَقُولُ قَوْلًا مُلْتَبِسًا بِالْجُمْلَةِ أَيْ بِجُمْلَةِ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ. [قَوْلُهُ: أَنَّهُ اضْطَرَبَ فِي ذَلِكَ] أَيْ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ الْمُرَادِ مِنْهُ الْقِيمَةُ كَمَا هُوَ نَصُّ تت. وَمُفَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَوْلُهُ فَقَالَ مَرَّةً: تُجْزِئُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. [قَوْلُهُ: وَشَرَطَ] أَيْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ ضَعِيفٌ. [قَوْلُهُ: إذَا كَانُوا يَضَعُونَهَا] أَيْ الْقِيمَةَ كَمَا هُوَ مُفَادُ التَّوْضِيحِ، أَيْ يَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ إذَا كَانُوا يَضَعُونَ الْقِيمَةَ فِي مَوَاضِعِهَا بِأَنْ دُفِعَتْ لِلْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ.
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَوْعًا وَأَقُولُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيْسَ خَاصًّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ لِأَنَّ أَرْبَابَهَا لَوْ دَفَعُوا غَيْرَ الْوَاجِبِ لَا يُجْزِئُهُمْ إلَّا إذَا كَانُوا هُمْ أَوْ السُّعَاةُ يَضَعُونَهُ فِي مَوَاضِعِهِ. [قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ مَرَّةً] أَيْ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ عَامٌّ فِي دَفْعِ الْعَيْنِ عَنْ غَيْرِهَا، وَالْعَكْسُ وَسِبَاقُ الْكَلَامِ السَّابِقِ بِقَصْرِهِ عَلَى دَفْعِ الْعَيْنِ عَنْ غَيْرِهَا، وَسَكَتَ فِي هَذِهِ عَنْ دَفْعِ الْعَيْنِ عَنْ الْمَاشِيَةِ وَالْعَكْسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَاشِيَةَ مِثْلُ الْحَبِّ فَتَكُونُ هَذِهِ التَّفْرِقَةُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ. [قَوْلُهُ: اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ إلَخْ] أَيْ عَلَى أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ إخْرَاجُ الْوَرِقِ عَنْ الذَّهَبِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ، وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ أَيْ سَوَاءٌ أَخْرَجَ الْوَرِقَ عَنْ الذَّهَبِ أَوْ الذَّهَبَ عَنْ الْوَرِقِ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ هُوَ مِنْ بَابِ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ فَيُمْنَعُ أَوْ لَا فَيَجُوزُ، وَرَأَى فِي الْمُفَصَّلِ أَنَّ الْوَرِقَ أَيْسَرُ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ.
ابْنُ رَاشِدٍ: وَالْقَوْلُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ. [قَوْلُهُ: فَأَمَّا إخْرَاجُ الْعَرْضِ إلَخْ] وَالْعَرْضُ شَامِلٌ لِلْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ كَمَا نَقَلَهُ عج. [قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ] وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَمُقَابِلُهُ الْإِجْزَاءُ إذَا لَمْ يُحَابَّ وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ، وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ إذَا أَخْرَجَ عَرْضًا عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ مَاشِيَةٍ أَوْ حَبٍّ، وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْ الْعَرْضِ عَيْنًا فَإِنَّهُمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْإِجْزَاءِ مَعَ الْكَرَاهَةِ ابْتِدَاءً، فَإِنْ أَخْرَجَ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا رُجِعَ عَلَى الْفَقِيرِ بِهِ، وَدُفِعَ لَهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِهِ الْفَقِيرُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا إذًا عَرْضًا أَوْ طَعَامًا رُجِعَ عَلَى الْفَقِيرِ بِهِ، وَدُفِعَ لَهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْفَقِيرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا إذَا أَعْلَمَهُ بِأَنَّهُ زَكَاةٌ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مُتَطَوِّعٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، أَفَادَ هَذَا الْعَلَّامَةُ بَهْرَامُ. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي عج عَلَى
(تَتْمِيمٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَسَائِلَ مُهِمَّةٍ)
الْأُولَى: أَنْ يُخْرِجَهَا بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ فَإِنْ أَخْرَجَهَا بِغَيْرِ نِيَّةِ الزَّكَاةِ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكْرَهًا.
الثَّانِيَةُ: أَنْ لَا يَنْقُلَهَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مَنْ يُعْطِيهَا لَهُ فَيَنْقُلُهَا إلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يُخْرِجَهَا وَقْتَ وُجُوبِهَا فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْهُ أَجْزَأَهُ وَارْتَكَبَ مُحَرَّمًا.
الرَّابِعَةُ: أَنْ يَصْرِفَهَا فِي مَصَارِفِهَا الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] إلَى آخِرِ الْآيَةِ، ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى زَكَاةِ الْفِطْرِ فَقَالَ:.
ــ
[حاشية العدوي]
خَلِيلٍ أَنَّ إخْرَاجَ الْعَيْنِ عَنْ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ يُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ فِيهِمَا.
وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ الْعَرْضَ عَنْهُمَا أَوْ عَنْ الْعَيْنِ فَلَا يُجْزِئُ وَكَذَا إخْرَاجُ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ عَنْ الْعَيْنِ، وَمِثْلُهُ إخْرَاجُ الْحَرْثِ عَنْ الْمَاشِيَةِ وَعَكْسُهُ اهـ. [قَوْلُهُ: أَنْ يُخْرِجَهَا] أَيْ الذَّاتَ الَّتِي وَجَبَ إخْرَاجُهَا عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا [قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ] أَيْ عَنْ دَفْعِهَا أَوْ عَزْلِهَا وَصِفَتُهَا أَنْ يَنْوِيَ إخْرَاجَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ، فَلَوْ دَفَعَ مَالًا لِفَقِيرٍ غَيْرَ نَاوٍ بِهِ الزَّكَاةَ، ثُمَّ لَمَّا طُلِبَ بِالزَّكَاةِ أَرَادَ جَعْلَ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ زَكَاةٍ لَمْ يَجْزِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْفَقِيرِ وَيَنْوِي عَنْ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ وَلِيُّهُمَا [قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكْرَهًا إلَخْ] أَيْ وَنِيَّةُ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ كَافِيَةٌ [قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَنْقُلَهَا مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ] وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِثْلَ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ قُرْبُهُ وَهُوَ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ سَوَاءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ مُسْتَحِقٌّ أَوْ كَانَ، وَفَضَلَ عَنْهُ أَوْ أُعْدِمَ أَوْ مِثْلُ أَوْ دُونَ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: أَنْ لَا يَنْقُلَهَا أَيْ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ.
[قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مِنْ إلَخْ] أَيْ أَنَّهُ لَا يَنْقُلُهَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ مُسْتَحِقٌّ. أَيْ أَوْ كَانَ مُسْتَحِقٌّ إلَّا أَنَّ الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أُعْدِمَ فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا وُجُوبًا، فَإِنْ نَقَلَهَا كُلَّهَا لَهُ أَوْ فَرَّقَ الْكُلَّ بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ فَيُجْزِئُ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ مُسَاوِيًا أَوْ دُونَ فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهَا لَهُ: لَكِنْ فِي الْمُسَاوِي يُجْزِئُ وَفِي الدُّونِ لَا يُجْزِئُ. [قَوْلُهُ: فَيَنْقُلُهَا إلَخْ] يُفِيدُ أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِبَيْتِ الْمَالِ، وَلَا تُصْرَفُ فِي كَفَنٍ وَمَيِّتٍ وَلَا بِنَاءِ مَسْجِدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ تت. [قَوْلُهُ: إلَى أَقْرَبِ] الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي بَعْضِ شُرَّاحِ الْعَلَّامَةِ خَلِيلٍ فَإِنَّهُ قَالَ: إلَّا لِأَعْدَمَ فَيُنْقَلُ أَكْثَرُهَا لَهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ اهـ. أَيْ مِمَّا كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لِمَا تَقَدَّمَ أَمْ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ الْأَقْرَبُ وَدَفَعَهُ لِغَيْرِهِ لَا يُجْزِئُ وَحُرِّرَ.
[قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَهَا عَنْهُ أَجْزَأَهُ إلَخْ] أَيْ إذَا أَخَّرَهَا أَيَّامًا أَمَّا إنْ أَخَّرَهَا يَوْمًا وَنَحْوَهُ فَلَا حُرْمَةَ أَخَذْت هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ. أَنَّهُ إذَا تَلِفَ مَا عَزَلَهُ مِنْ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ فِي حِفْظِهِ ضَمِنَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُهُ مَعَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ ضَمِنَ أَيْضًا لَكِنْ فِيمَا إذَا أَخَّرَهُ أَيَّامًا لَا فِيمَا إذَا أَخَّرَهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ اهـ. أَيْ إلَّا الْإِمَامَ فَقَدْ قَالَ فِي الْمُعَلِّمِ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ الزَّكَاةِ إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي إذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَيْهِ انْتَهَى.
[قَوْلُهُ: أَنْ يَصْرِفَهَا فِي مَصَارِفِهَا الثَّمَانِيَةِ] أَوَّلُهَا: الْفَقِيرُ وَهُوَ مَنْ لَهُ بُلْغَةٌ لَا تَكْفِيهِ لِعَيْشٍ عَامَّةً ثَانِيهَا: الْمِسْكِينُ وَهُوَ مَنْ لَا شَيْءَ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ} [الكهف: 79] لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ مَسَاكِينُ الذُّلِّ وَالْقَهْرِ أَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا أُجَرَاءَ فِي السَّفِينَةِ، وَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا حُرًّا فَلَا يُعْطَى كَافِرٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاسُوسًا أَوْ مُؤَلَّفًا، وَلَا يُعْطَى عَبْدٌ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ ابْنًا لِهَاشِمٍ فَإِذَا كَانَ ابْنًا لَهُ فَلَا يُعْطَى، وَمَحَلُّهُ إذَا أُعْطِيَ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطِ وَأَضْرَبَهُ الْفَقْرُ أُعْطِيَ.
الثَّالِثُ: الْعَامِلُ عَلَيْهَا وَهُوَ الْجَابِي وَالْمُفَرِّقُ، وَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ وَعَدَالَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِيمَا يَفْعَلُهُ، فَالْمُفَرِّقُ فِي تَفْرِقَتِهَا وَالْجَابِي فِي جِبَايَتِهَا وَأَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا وَلَا كَافِرًا، وَيُعْطَى وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا.
الرَّابِعُ: الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ وَهُمْ كُفَّارٌ يُعْطُونَ لِيَتَأَلَّفُوا عَلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أُعْطِيَ وَلَمْ يُسْلِمْ نُزِعَتْ مِنْهُ.
الْخَامِسُ: رَقِيقٌ مُؤْمِنٌ يُشْتَرَى مِنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية العدوي]
الزَّكَاةِ لِأَجْلِ الْعِتْقِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة: 60] وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ السَّلَامَةُ. بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ مِنْهَا وَلَوْ مَعِيبًا عَيْبًا ثَقِيلًا كَالزِّمَانَةِ وَالْعَمَى، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ خَالِيًا عَنْ شَوَائِبِ الْحُرِّيَّةِ، وَيَكُونُ وَلَاءُ ذَلِكَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلْمُسْلِمِينَ.
السَّادِسُ: الْمَدِينُ وَلَوْ مَلِيًّا عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلْغُرَمَاءِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْغَارِمِينَ} [التوبة: 60] وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِمَّا يُحْبَسُ فِيهِ كَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، فَإِنْ كَانَ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَاتِ فَلَا يُعْطِي شَيْئًا وَأَنْ لَا يَكُونَ اسْتَدَانَهُ فِي فَسَادٍ إلَّا أَنْ يَتُوبَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ عَيْنٌ تُقَابِلُ دَيْنَهُ وَلَا غَيْرُهَا مِمَّا فَضَلَ عَنْ حَالِهِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ تُسَاوِي خَمْسِينَ دِينَارًا وَيُنَاسِبُهُ دَارٌ بِثَلَاثِينَ وَالدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ تِسْعُونَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ سَبْعِينَ فَقَطْ.
السَّابِعُ: الْمُجَاهِدُ أَيْ التَّلَبُّسُ بِهِ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ غَنِيًّا، وَالتَّلَبُّسُ بِهِ يَحْصُلُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ أَوْ فِي السَّفَرِ لَهُ، وَيُعْطَى أَيْضًا لِأَجْلِ آلَةِ الْجِهَادِ مِنْ سِلَاحٍ وَرُمْحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حُرًّا ذَكَرًا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا قَادِرًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُرَابِطُ الْمُتَلَبِّسُ بِالرِّبَاطِ، وَيُعْطَى الْجَاسُوسُ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ كَافِرًا وَهُوَ شَخْصٌ يُرْسِلُهُ الْإِمَامُ لِيَطَّلِعَ عَلَى عَوْرَاتِ الْعَدُوِّ. وَيَعْلَمَ ثُمَّ يُعْلِمَنَا بِذَلِكَ لِنَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ.
الثَّامِنُ: الْغَرِيبُ الْمُنْقَطِعُ يُدْفَعُ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ قَدْرَ كِفَايَتِهِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِابْنِ السَّبِيلِ بِشُرُوطٍ:
الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ إلَى مَا يُوَصِّلُهُ إلَى وَطَنِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ سَفَرُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ.
الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَجِدَ مُسَلِّفًا بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَاشْتِرَاطُ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْغَنِيِّ بِبَلَدِهِ، وَأَمَّا الْفَقِيرُ بِبَلَدِهِ فَيُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ وَلَوْ وَجَدَ مُسَلِّفًا، فَلَوْ جَلَسَ وَلَمْ يُسَافِرْ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا مَثَلًا مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ بِوَصْفِ الْفَقْرِ أَوْ غَيْرِهِ.