الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعقب: اسْم فَاعل من التعقيب وَهُوَ الَّذِي يطْلب حَقه مرّة بعد مرّة. يُقَال: عقب فِي الْأَمر تعقيباً إِذا تردد فِي طلبه مجداً. وَطلب بِالرَّفْع فَاعل لهاجه فِي المصراع قبله وَهُوَ: حَتَّى تهجو فِي الرواح وهاجه أَي: حَتَّى سَار الْحمار فِي الهاجرة وحثه على الْمسير طلبٌ كَطَلَب المعقب الْمَظْلُوم حَقه فحقه مفعول الْمصدر.
وَمَا ذكره الشَّارِح هُنَا هُوَ تَخْرِيج ابْن جني فِي الْمُحْتَسب إِلَّا أَنه فسر حَقه الْمَظْلُوم بِغَيْر هَذَا قَالَ: أَي عازه وَمنعه الْمَظْلُوم. فحقه على هَذَا فعلٌ حَقه يحقه أَي: لواه حَقه. انْتهى.
وَلم أر فِي كتب اللُّغَة حَقه يحقه بِهَذَا الْمَعْنى.
وَنقل ابْن المستوفي عَن الْخَوَارِزْمِيّ أَنه قَالَ: إِن رفعت طلب فحقه حِينَئِذٍ فعل يُقَال: حَقه يحقه: لواه حَقه وصده. والمظلوم نعت المعقب وفاعل حَقه مضمرٌ. هَذَا كَلَامه.
وَالَّذِي ذكره الأندلسي أَن حاقه بِمَعْنى خاصمه وَادّعى كل وَاحِد مِنْهُمَا الْحق فَإِذا غَلبه قيل حَقه. انْتهى مَا أوردهُ ابْن المستوفي.
فَظهر من هَذَا أَن مَأْخَذ الشَّارِح الْمُحَقق كَلَام الأندلسي.
وَقد تقدم الْكَلَام عَلَيْهِ مفصلا على هَذَا الْبَيْت مَعَ جملَة أَبْيَات من القصيدة وَهِي للبيدٍ وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
الوافر
(أكفرا بعد رد الْمَوْت عني
…
وَبعد عطائك الْمِائَة الرتاعا)
على أَن الْعَطاء هُنَا بِمَعْنى الْإِعْطَاء وَلِهَذَا عمل عمله. وَالْمَفْعُول الثَّانِي مَحْذُوف أَي: بعد إعطائك الْمِائَة الرتاع إيَّايَ. وردّ: مصدر مُضَاف إِلَى الْمَفْعُول وفاعله مَحْذُوف أَي: بعد ردك الْمَوْت عني. وَأوردهُ شرَّاح الألفية على أَن الْعَطاء اسْم مصدر. وَالْبَيْت من قصيدة للقطامي تقدم شرح أَبْيَات من أَولهَا مَعَ تَرْجَمته فِي الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعِينَ بعد الْمِائَة.
وَهَذِه أَبْيَات مِنْهَا:
(وَمن يكن استلام إِلَى ثوي
…
فقد أكرمت يَا زفر المتاعا)
أكفرا بعد رد الْمَوْت عني
…
... . . الْبَيْت
(فَلَو بيَدي سواك غَدَاة زلت
…
بِي القدمان لم أرج اطلاعا)
(إِذا لهلكت لَو كَانَت صغَار
…
من الْأَخْلَاق تبتدع ابتداعا)
(من الْبيض الْوُجُوه بني نفَيْل
…
أَبَت أَخْلَاقهم إِلَّا اتساعا)
وَهِي قصيدة طَوِيلَة مدح بهَا زفر بن الْحَارِث الْكلابِي وحض قيسا وتغلب على الصُّلْح.
قَالَ ابْن قُتَيْبَة فِي كتاب الشُّعَرَاء: كَانَ الْقطَامِي أسره زفر فِي الْحَرْب الَّتِي كَانَت بَين قيس وتغلب فَأَرَادَتْ بَين قيس قَتله فحال زفر بَينهم وَبَينه وَمن عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مائَة من العطاه مائَة من الْإِبِل وَأطْلقهُ فَقَالَ: أكفرا بعد رد الْمَوْت عني إِلَى آخر الأبيات الَّتِي أوردناها.
قَوْله: وَمن يكن استلام إِلَخ.
قَالَ شَارِح ديوانه: أَي من أَتَى إِلَى ضَيفه مَا يلام عَلَيْهِ فَأَنت أتيت إِلَى ضيفك أمرا تستوجب فِيهِ الثَّنَاء والمدح وَالذكر الْحسن. والثوي: الضَّيْف وَهُوَ فعيل من الثواء قَالَ: وَهُوَ الْإِقَامَة. وَالْمَتَاع: والزاد. ومتعته: زودته. أخبر أَنه زوده وَأَعْطَاهُ. وَقَوله: أكفرا بعد رد الْمَوْت إِلَخ الْهمزَة للاستفهام الإنكاري وَكفرا: مفعول مُطلق عَامله مَحْذُوف أَي: أأكفرا كفرا. والرتاع: جمع راتعة.
قَالَ شَارِح ديوانه: الرتاع: الراعية. يَقُول: أخونك بعد هَذَا وَقد مننت عَليّ وأطلقتني وَيُقَال:)
كَانَ زفر اشْتَرَاهُ من قيس بن وهب ووهب لَهُ مائَة من الْإِبِل.
وَقَوله: فَلَو بيَدي إِلَخ الْبَاء مُتَعَلقَة بِمَحْذُوف كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ شَارِح ديوانه بقوله: يَقُول لَهُ كنت فِي يَدي غَيْرك لم أرج اطلاعاً أَي: نجاة وارتفاعاً من صرعتي وَلم أرجع إِلَى أَهلِي.
وَقَوله: إِذن لهلكت إِلَخ. قَالَ شَارِح ديوانه: تبتدع: تستحدث
يُقَال: شيءٌ بدع وبديع إِذا كَانَ بديعاً قَالَ: لَو ابتدعت صغَار لهلكت أَنا. انْتهى.
وصغار بِالرَّفْع وتبتدع بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول. قَالَ الْعَيْنِيّ: مَعْنَاهُ لَو ابتدعت فِي أموراً صعاباً لهلكت. هَذَا كَلَامه.
وَقَوله: فَلم أر منعمين إِلَخ. قَالَ شَارِح ديوانه: يَقُول: لم أر مثلهم لَا يمنون بِمَا صَنَعُوا. يُرِيد الَّذين أنعموا عَلَيْهِ.
وَقَوله: من الْبيض الْوُجُوه. قَالَ شَارِح ديوانه: نفَيْل بن عَمْرو بن كلاب ابْن ربيعَة بن عَامر بن صعصعة رَهْط زفر.
وَأنْشد بعده: الرجز دارٌ لسعدى إذه من هواكا على أَن الْمصدر يجوز اسْتِعْمَاله بِمَعْنى اسْم الْمَفْعُول كَمَا هُنَا فَإِن هوى مصدر هويته من بَاب تَعب إِذا أحببته وعلقت بِهِ. وَالْمرَاد بِهِ هُنَا اسْم الْمَفْعُول أَي: من مهويك.
وَبِهَذَا الْوَجْه أوردهُ سَابِقًا فِي بَاب الْمَفْعُول الْمُطلق فِي الشَّاهِد الثَّالِث والثمانين. وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ هُنَاكَ مفصلا.
وَقَوله: إذه أَصله إِذْ هِيَ فحذفت الْيَاء ضَرُورَة وَبقيت الْهَاء من هِيَ.
وَبِهَذَا الْوَجْه أوردهُ أَيْضا فِي بَاب الضَّمِير بعد الشَّاهِد الثَّمَانِينَ بعد الثلثمائة وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ أَيْضا مُسْتَوفى هُنَاكَ.