الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد س: الْخَفِيف
(غير أَنا لم يأتنا بيقينٍ
…
فنرجي ونكثر التأميلا)
على أَن مَا بعد الْفَاء هُنَا على الْقطع والاستئناف أَي: فَنحْن نرجي.
قَالَ سِيبَوَيْهٍ عِنْد تَوْجِيه النصب فِي: مَا تَأْتِينَا فتحدثنا: وَإِن شِئْت رفعت على وجهٍ آخر كَأَنَّك قلت: فَأَنت تحدثنا.
وَمثل ذَلِك قَول بعض الحارثيين: غير أَنا لم تأتنا بِيَقِين
…
...
…
. . الْبَيْت كَأَنَّهُ قَالَ: فَنحْن نرجي. فَهَذَا فِي مَوضِع مَبْنِيّ على الْمُبْتَدَأ. انْتهى.
فالإتيان منفيٌّ وَحده والرجاء مُثبت وَهُوَ المُرَاد وَلَا يجوز نصب نرجي لِأَنَّهُ يَقْتَضِي نَفْيه إِمَّا مَعَ نفي الْإِتْيَان وَإِمَّا مَعَ إثْبَاته كَمَا هُوَ مُقْتَضى النصب وَكِلَاهُمَا عكس المُرَاد.
وَيدل لهَذَا قَول أبي عَليّ فِي التَّذْكِرَة: هُوَ بِالرَّفْع وَكَذَلِكَ الصَّوَاب لأَنهم إِنَّمَا رجوا وأملوا مَا لم يَأْتهمْ بِيَقِين وَلَو أَتَاهُم بِيَقِين وَلَو أَتَاهُم بِيَقِين لآل إِلَى الترجي والتأميل بيقينه.
وَمثل لِابْنِ هِشَام فِي الْمُغنِي قَالَ: الْمَعْنى أَنه لم يَأْتِ بِالْيَقِينِ فَنحْن نرجو خلاف مَا أَتَى بِهِ لانْتِفَاء الْيَقِين عَمَّا أَتَى بِهِ. وَلَو جزمه
أَو نَصبه لفسد مَعْنَاهُ لِأَنَّهُ يصير منتفياً على حِدته كَالْأولِ إِذا جزم ومنفياً على الْجمع إِذا نصب. وَإِنَّمَا المُرَاد إثْبَاته. انْتهى.
وَقَوله: ومنفياً على الْجمع إِذا نصب أَرَادَ بِالْجمعِ نفي الْإِتْيَان والرجاء كليهمَا. وَلم يذكر الشق الثَّانِي من النصب لِأَنَّهُ لم يتَصَوَّر نفي الرَّجَاء مَعَ ثُبُوت الْإِتْيَان بِيَقِين.
وَمِنْه يظْهر لَك فَسَاد تَجْوِيز الأعلم نَصبه بمرتبتين: وَقَوله: وَلَو أمكنه النصب على الْجَواب لَكَانَ أحسن.
وَتَبعهُ ابْن يعِيش فِي شرح الْمفصل وَلم يتَنَبَّه لفساده.
وَمُقْتَضى كَلَام أبي عَليّ وَابْن هِشَام أَن قَوْله: لم يأتنا بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة لَا الْفَوْقِيَّة فَيكون فَاعله مستتراً فِيهِ. وَالْمَشْهُور بالفوقية على الْخطاب.
وَمَشى على الأول شَارِح شَوَاهِد الْمفصل أَيْضا فَقَالَ: الْمَعْنى أَتَانَا آتٍ بِخَير إخوتنا غير أَنا أَي: لَكنا لم يأتنا الْآتِي بِخَبَر يَقِين يُوجب الْيَأْس فَنحْن نرجي خلاف مَا أَتَى بِهِ لانْتِفَاء الْيَقِين عَمَّا)
أَتَى بِهِ فَكثر التأميل لخلاف خَبره ونقول: لَعَلَّه يكون كذبا. وَلَا يجوز فِي قَوْله فنرجي إِلَّا الرّفْع.
اه.
وَكَون الْيَقِين هُوَ خبر الْإِخْوَة إِنَّمَا هُوَ حدس وتخمين فَإِن الْبَيْت من أَبْيَات سِيبَوَيْهٍ الْخمسين الَّتِي مَا عرف قَائِلهَا وَلَا تتمتها. وَالله أعلم بِهِ.
فيقين: صفة مَوْصُوف مَحْذُوف أَي: بِخَبَر يَقِين. ونكثر بِالرَّفْع عطفٌ على نرجي. والتأميل: مصدر أملته إِذا رجوته.