الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وترجمة سَاعِدَة بن جؤية الْهُذلِيّ قد تقدّمت فِي الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتِّينَ بعد الْمِائَة.
وَأنْشد بعده
3 -
(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الستمائة)
وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ: الْكَامِل على أَن سِيبَوَيْهٍ اسْتدلَّ بِهِ على عمل فعل بِهَذَا الْبَيْت وَمنعه غَيره وَقَالَ: إِن الْبَيْت مَصْنُوع.
يرْوى عَن اللاحقي أَن سِيبَوَيْهٍ سَأَلَني عَن شاهدٍ فِي تعدِي فعلٍ فَعمِلت لَهُ هَذَا الْبَيْت.
أَقُول: إِن طعن على سِيبَوَيْهٍ بِهَذَا الْبَيْت فقد اسْتشْهد بِبَيْت آخر لَا مطْعن عَلَيْهِ
فِيهِ: وَهُوَ قَول لبيد الصَّحَابِيّ: الْكَامِل
(أَو مسحلٌ شنجٌ عضادة سمحجٍ
…
بسراته ندبٌ لَهَا وكلوم)
وَقَالَ الأعلم: وَتَبعهُ ابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات الْجمل: قد وجدنَا فِي شعر زيد الْخَيل الطَّائِي الصَّحَابِيّ بَيْتا آخر لَا مطْعن فِيهِ وَهُوَ: الوافر
(ألم أخبركما خَبرا أَتَانِي
…
أَبُو الكساح جد بِهِ الْوَعيد)
(أَتَانِي أَنهم مزقون عرضي
…
جحاش الكرملين لَهَا فديد)
أما الْبَيْت الأول فقد قَالَ ابْن خلف: الشَّاهِد فِيهِ أَنه نصب عضادة بشنج نصب الْمَفْعُول بِهِ لِأَنَّهُ تَكْثِير شانج وشانج فِي معنى ملازم
وَفعله شنجته كلزمته على مَا حَكَاهُ البصريون.
وَذَلِكَ غير مَشْهُور.
قَالَ أَبُو نصر هَارُون بن مُوسَى: ورد عَلَيْهِ هَذَا القَوْل بعض النَّحْوِيين وزعن أَن عضادة ظرف.
وَهَذَا من الَّذين يتهاونون بالخلف إِذا عرفُوا الْإِعْرَاب وَهَذَا إِذا جعله ظرفا كَانَ الْمَعْنى فَاسِدا فلشدته وصلابته قد لازمها وَقبض النَّاحِيَة الَّتِي بَينهَا وَبَينه وَلم يحجزه عَن ذَلِك رمحها وعضها اللَّذَان بسراته مِنْهَا ندبٌ وكلوم.
وَلَو كَانَ ظرفا لَكَانَ الْمَعْنى أَن المسحل شنجٌ متقبض فِي نَاحيَة السمحج مهينٌ. قد شعفه عضها ورمحها فَكيف يشبه أحدٌ نَاقَته بمسحل هَذِه صفته.
وَالَّذِي يحْتَج لسيبويه أَيْضا أَن العضادة لَيست من الظروف لِأَنَّهُ يُرِيد بالعضادة جنبها وأعضادها.)
أَلا ترى أَنه لَا يجوز أَن يَقُول: قد شنج رجل سمحجٍ وَلَا يَد سمحج. ومسحل مَعْطُوف على مسدم قبله وَهُوَ: الْكَامِل
(حرفٌ أضرّ بهَا السفار كَأَنَّهَا
…
بعد الكلال مسدمٌ محجوم)
وصف لبيد نَاقَته. والحرف: الظامر. وأضر بهَا السفار: أنضاها وهزلها. والكلال: التَّعَب.
والمسدم: الْفَحْل من الْإِبِل الَّذِي قد حبس عَن الضراب.
والمحجوم: المشدود الْفَم. والمسحل: حمَار الْوَحْش. والسمحج: الأتان الطَّوِيلَة. وسراتها: أَعْلَاهَا. وَالنَّدْب: الْأَثر. والكلوم: الْجِرَاحَات.
يُرِيد أَن هَذِه الأتان بهَا آثارٌ من عض الْحمار كَأَنَّهَا جراحات. وعضادة: جنب. والشنج: المتقبض فِي الأَصْل وَيُرَاد بِهِ فِي الْبَيْت الملازم كَأَنَّهُ قَالَ: أَو مسحل ملازم جنب أتان لَا يفارقها. يَقُول: كَأَن هَذِه النَّاقة بَعْدَمَا كلت بعيرٌ مسدم أَو مسحلٌ مَوْصُوف بِمَا ذكر.
وَأما الْبَيْت الثَّانِي فمزقون: جمع مزق مُبَالغَة مازق من المزق وَهُوَ شقّ الشَّيْء. وَعرض الرجل بِالْكَسْرِ: جَانِبه الَّذِي يصونه من نَفسه وحسبه. وجحاش أَي: هم جحاش فَهُوَ تَشْبِيه بليغ كَمَا حَقَّقَهُ السعد لَا اسْتِعَارَة كَمَا زَعمه الْعَيْنِيّ. وَهُوَ جمع جحش وَهُوَ ولد الْحمار.
والكرملين بِكَسْر الْكَاف وَفتح اللَّام: اسْم ماءٍ فِي جبل طيىءٍ.
والفديد: الصَّوْت يُرِيد أَنهم عِنْدِي بِمَنْزِلَة الجحاش الَّتِي تنهق عِنْد ذَلِك المَاء فَلَا أعبأ بهم.
وَتَخْصِيص الجحاش مُبَالغَة فِي التحقير.
وَالْبَيْت اسْتشْهد بِهِ شرَّاح الألفية.
وَأما مَا رُوِيَ عَن اللاحقي فِي الْبَيْت الأول فقد حَكَاهُ الْمَازِني قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو يحيى اللاحقي قَالَ: سَأَلَني سِيبَوَيْهٍ عَن فعلٍ يتَعَدَّى فَوضعت لَهُ وَهَذَا الْبَيْت.
وَإِذا حكى أَبُو يحيى مثل هَذَا عَن نَفسه وَرَضي بِأَن يخبر أَنه قَلِيل الْأَمَانَة وَأَنه ائْتمن على الرِّوَايَة الصَّحِيحَة فخان لم يكن مثله يقبل قَوْله ويعترض بِهِ على مَا قد أثْبته سِيبَوَيْهٍ.
وَهَذَا الرجل أحب أَن يتجمل بِأَن سِيبَوَيْهٍ سَأَلَهُ عَن شيءٍ فخبر عَن نَفسه بِأَنَّهُ فعل مَا يبطل وَقَالَ أَبُو نصر هَارُون بن مُوسَى: وَهَذَا ضعيفٌ فِي التَّأْوِيل وَكَيف يصلح أَن ينْسب اللاحقي إِلَى نَفسه مَا يضع مِنْهُ وَلَا يحل أَو كَيفَ يجوز هَذَا على سِيبَوَيْهٍ وَهُوَ الْمَشْهُور فِي دينه وَعلمه وعقله وَأَخذه عَن
الثِّقَات الَّذين لَا اخْتِلَاف فِي عَمَلهم وَصِحَّة نقلهم.)
وَإِنَّمَا أَرَادَ اللاحقي بقوله: فَوضعت لَهُ هَذَا الْبَيْت: فرويته. والحذر: مُبَالغَة حاذر من الحذر وَهُوَ التَّحَرُّز. وَجُمْلَة: لَا تخَاف بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول صفة قَوْله أموراً.
وروى بدله: لَا تضير بِمَعْنى لَا تضر يُقَال: ضاره يضيره وضره يضرّهُ بِمَعْنى وَاحِد كَمَا يُقَال ذامه يذيمه وذمه يذمه بِمَعْنى.
قَالَ ابْن السَّيِّد فِي شرح أَبْيَات الْجمل: معنى الْبَيْت يحْتَمل أَمريْن.
أَحدهمَا: أَنه يصف إنْسَانا بِالْجَهْلِ وَقلة الْمعرفَة وَأَنه يضع الْأُمُور فِي غير موضعهَا فَيَأْمَن من لَا يَنْبَغِي أَن يُؤمن ويحذر من لَا يَنْبَغِي أَن يحذر.
وَالْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ الْأَشْبَه عِنْدِي: أَن يكون أَرَادَ أَن الْإِنْسَان جاهلٌ بعواقب
الْأُمُور يدبر فيخونه الْقيَاس وَالتَّدْبِير.
وَنَحْوه قَول أبي الْعَتَاهِيَة: الطَّوِيل
(وَقد يهْلك الْإِنْسَان من بَاب أَمنه
…
وينجو بِإِذن الله من حَيْثُ يحذر)
وَقَالَ ابْن هِشَام اللَّخْمِيّ: الظَّاهِر من الْبَيْت أَنه ذمٌّ. وَيحْتَمل أَن يكون مدحاً يمدحه بِكَثْرَة الحذر فَيخرج هَذَا الْمَعْنى إِنِّي لأعد لِلْأَمْرِ عَسى أَن يكون أبدا. وحذر وآمنٌ بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال لِأَن الحذر والأمن إِنَّمَا يكونَانِ فِيمَا يَأْتِي وَأما مَا مضى فقد علم.
وَالْهَاء فِي
منجية عَائِدَة على الضَّمِير الَّذِي فِي لَيْسَ. ومنجية بِمَعْنى الْمُضَارع لَا الْمَاضِي وَالدَّلِيل عَلَيْهِ وُقُوعه خبر لَيْسَ وَالنَّفْي إِنَّمَا يَقع على الْأَخْبَار وَلَيْسَ إِنَّمَا تَنْفِي الْمُضَارع. انْتهى كَلَامه.
وَقَالَ الْعَيْنِيّ: إِن منجيه اسْم فَاعل مُضَاف إِلَى الْهَاء وَالْهَاء فِي مَوضِع نصب لِأَن اسْم الْفَاعِل إِذا كَانَ بِمَعْنى الْحَال أَو الِاسْتِقْبَال وأضيف كَانَت إِضَافَته غير مَحْضَة وَكَانَت النِّيَّة بهَا الِانْفِصَال.
هَذَا كَلَامه.
واللاحقي هُوَ أبان بن عبد الحميد اللاحقي. هُوَ من شعراء هَارُون الرشيد.
وَهُوَ شاعرٌ مطبوع بَصرِي لكنه مطعون فِي دينه.
قَالَ صَاحب الأغاني: هُوَ أبان بن عبد الحميد بن لَاحق بن عفير مولى بني رقاش.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: بَنو رقاش ثَلَاثَة نفر ينسبون إِلَى أمّهم وَاسْمهَا رقاش وهم مَالك وَزيد مَنَاة وعامر بَنو شَيبَان بن ذهل بن ثَعْلَبَة بن عكابة بن صَعب بن عَليّ ابْن بكر بن وَائِل.
أَخْبرنِي الصولي قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن سعيد قَالَ: حَدثنَا يحيى بن إِسْمَاعِيل قَالَ: جلس أبان)
فَبلغ ذَلِك أَبَا عُبَيْدَة فَقَالَ فِي مَجْلِسه: لقد أغفل السُّلْطَان كل شَيْء حَتَّى أغفل أَخذ الْجِزْيَة من أبان اللاحقي هُوَ وَأَهله يهود وَهَذِه مَنَازِلهمْ فِيهَا أسفار التوارة وَلَيْسَ
فِيهَا مصحف وأوضح الْأَدِلَّة على تهودهم أَن أَكْثَرهم يَدعِي حفظ التوارة وَلَا يحفظ من الْقُرْآن مَا يصلى بِهِ.
فَبلغ ذَلِك أَبَانَا فَقَالَ: الْخَفِيف
(لَا تنمن عَن صديقٍ حَدِيثا
…
واستعذ من تشرر النمام)
(واخفض الصَّوْت إِن نطقت بليلٍ
…
والتفت بِالنَّهَارِ قبل الْكَلَام)
وَكَانَ المعذل بن غيلَان صديقا لأَبَان وَكَانَا مَعَ صداقتهما يتعابثان بالهجاء ويهجوه المعذل بالْكفْر وينسبه إِلَى الثنوية ويهجوه أبانٌ بالفساء الَّذِي يهجى بِهِ عبد الْقَيْس وَالْقصر وَكَانَ المعذل قَصِيرا وَمن هجوه: الطَّوِيل
(رَأَيْت أَبَانَا يَوْم فطرٍ مُصَليا
…
فقسم فكري واستفرني الطَّرب)
(وَكَيف يُصَلِّي مظلم الْقلب دينه
…
على دين ماني إِن هَذَا من الْعجب)
وهجاه أَبُو نواس بقوله: المجتث
(جَالِسا يَوْمًا أَبَانَا
…
لَا در در أبان)
(حَتَّى إِذا مَا صَلَاة ال
…
أولى دنت لِأَوَانِ)
(فَكلما قَالَ قُلْنَا
…
إِلَى انْقِضَاء الْأَذَان)
(فَقَالَ كَيفَ شهدتم
…
بذا بِغَيْر عيان)
…
(لَا أشهد الدَّهْر حَتَّى
…
تعاين العينان)
(فَقلت: سُبْحَانَ رَبِّي
…
فَقَالَ: سُبْحَانَ ماني)
وَأَخْبرنِي الصولي قَالَ: حَدثنَا أَبُو العيناء قَالَ: حَدثنِي الحرمازي قَالَ: خرج أبان بن عبد الحميد اللاحقي من الْبَصْرَة طَالبا للاتصال بالبرامكة وَكَانَ الْفضل ابْن يحيى غَائِبا فَأَقَامَ بِبَابِهِ لما قَصده مُدَّة مديدةً لَا يصل إِلَيْهِ فتوسل بِمن أوصل لَهُ شعرًا إِلَيْهِ.
وَقيل إِنَّه توسل إِلَى بعض بني هِشَام مِمَّن شخص مَعَ الْفضل فَقَالَ لَهُ: الْخَفِيف
(يَا غزير الندى وَيَا جَوْهَر الجو
…
هر من آل هاشمٍ بالبطاح)
(إِن ظَنِّي وَلَيْسَ يخلف ظَنِّي
…
بَان فِي حَاجَتي سَبِيل النجاح)
(إِن من دونهَا لمصمت بابٍ
…
أَنْت من دون قفله مفتاحي))
(تاقت النَّفس يَا جليل السماح
…
نَحْو بَحر الندى مجاري الرِّيَاح)
(ثمَّ فَكرت كَيفَ لي واستخرت ال
…
لَهُ عِنْد الإمساء والإصباح)
(فامتدحت الْأَمِير أصلحه الل
…
هـ بشعرٍ مشهر الأوضاح)
(أَنا من بغية الْأَمِير وكنزٌ
…
من كنوز الْأَمِير ذُو أرباح)
(كاتبٌ حاسبٌ خطيبٌ أديبٌ
…
ناصحٌ زائدٌ على النصاح)
(شاعرٌ مفلقٌ أخف من الرّيّ
…
شة فِيمَا يكون تَحت الْجنَاح)
وَهِي طَوِيلَة وَمِنْهَا:
(إِن دَعَاني الْأَمِير عاين مني
…
شمرياً كالبلبل الصياح)
قَالَ: فَدَعَا بِهِ وَوَصله ثمَّ خص بِالْفَضْلِ وَقدم مَعَه فَقرب من قلب يحيى ابْن خَالِد وَكَانَ صَاحب الْجَمَاعَة وَذَا أَمرهم.
أَخْبرنِي حبيب بن نصرٍ المهلبي: قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد النَّوْفَلِي: أَن أبان بن عبد الحميد عَاتب البرامكة على تَركهم إيصاله إِلَى الرشيد وإيصال مدحه إِلَيْهِ فَقَالُوا لَهُ: وَمَا تُرِيدُ بذلك فَقَالَ: أُرِيد أَن أحظى مِنْهُ بِمثل مَا حظي بِهِ مَرْوَان بن أبي حَفْصَة.
فَقَالُوا لَهُ: إِن لمروان مذهبا فِي هجاء آل أبي طَالب وذمهم بِهِ يحظى وَعَلِيهِ يعْطى فاسلكه حَتَّى نَفْعل قَالَ: لَا أستحل ذَلِك. قَالُوا: فَمَا تصنع. لَا تَجِيء أُمُور الدُّنْيَا إِلَّا بِفعل مَا لَا يحل.
فَقَالَ أبان: الطَّوِيل
(أَعم رَسُول الله أقرب زلفةً
…
لَدَيْهِ أم ابْن الْعم فِي رُتْبَة النّسَب)
(وَأيهمَا أولى بِهِ وبعهده
…
وَمن ذَا لَهُ حق التراث بِمَا وَجب)
(فَإِن كَانَ عَبَّاس أَحَق بتلكم
…
وَكَانَ عَليّ بعد ذَاك على سَبَب)
(فأبناء عباسٍ هم يرثونه
…
كَمَا الْعم لِابْنِ الْعم فِي الْإِرْث قد حجب)
وَهِي طَوِيلَة قد تركت ذكرهَا لما فِيهِ من تنقيص. فَقَالَ لَهُ الْفضل: مَا يرد على أَمِير الْمُؤمنِينَ الْيَوْم شيءٌ أعجب إِلَيْهِ من أبياتك.
فَركب فأنشدها الرشيد فَأمر لأَبَان بِعشْرين ألف دِرْهَم ثمَّ اتَّصَلت بعد ذَلِك خدمته للرشيد وَخص بِهِ. انْتهى مَا نقلته من الأغاني.)
وَأما ابْن المقفع فاسمه عبد الله وَهُوَ كاتبٌ بليغ لكنه زنديق.
قَالَ السَّيِّد المرتضى قدس سره فِي أَمَالِيهِ: قَالَ جَعْفَر بن سُلَيْمَان: رُوِيَ عَن الْمهْدي أَنه قَالَ: مَا وجدت كتاب زندقة قطّ إِلَّا أَصله ابْن المقفع.
وروى ابْن شبة قَالَ: حَدثنِي من سمع ابْن المقفع وَقد مر بِبَيْت نَار الْمَجُوس بعد أَن أسلم فلمحه وتمثل: الْكَامِل
(يَا بَيت عَاتِكَة الَّذِي أتعزل
…
حذر العدى وَبِه الْفُؤَاد مُوكل)
وَكَانَ الْخَلِيل بن أَحْمد يحب أَن يرى عبد الله بن المقفع وَكَانَ ابْن المقفع يحب ذَلِك فَجَمعهُمْ عباد بن عباد المهلبي فتحادثا ثَلَاثَة أَيَّام ولياليهن فَقيل للخليل: كَيفَ رَأَيْت عبد الله قَالَ: مَا رَأَيْت مثله وَعلمه أَكثر من عقله وَقيل لِابْنِ المقفع: كَيفَ رَأَيْت الْخَلِيل قَالَ: مَا رَأَيْت مثله وعقله أَكثر من علمه.
قَالَ الْمُغيرَة: صدقا أدّى عقل الْخَلِيل إِلَى أَن مَاتَ وَهُوَ أزهد النَّاس وَجَهل ابْن المقفع أَدَّاهُ إِلَى أَن كتب أَمَانًا عَن الْمَنْصُور لعبد الله بن عَليّ فَقَالَ فِيهِ: وَمَتى غدر أَمِير الْمُؤمنِينَ بِعَمِّهِ عبد الله فنساؤه طَوَالِق ودوابه حبس وعبيده أَحْرَار والمسلمون فِي حل من بيعَته.
فَاشْتَدَّ على الْمَنْصُور جدا وخاصة أَمر الْبيعَة وَكتب إِلَى سُفْيَان بن مُعَاوِيَة المهلبي وَهُوَ أَمِير الْبَصْرَة من قبله بقتْله فَقتله.