الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)
وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ: الرجز
(قد شربت إِلَّا الدهيدهينا
…
قليصاتٍ وأبيكرينا)
على أَن جمع مصغر دهداه وَجمع مصغر بكر على مَا فِي الْبَيْت. شاذٌّ.
أنْشد سِيبَوَيْهٍ هَذَا الرجز وَقَالَ: والدهداه: حَاشِيَة الْإِبِل فَكَأَنَّهُ حقر دهاده فَرده إِلَى الْوَاحِد وَهُوَ دهداه وَأدْخل الْيَاء وَالنُّون كَمَا تدخل فِي أَرضين وسنين وَذَلِكَ حَيْثُ اضْطر فِي الْكَلَام إِلَى أَن يدْخل يَاء التصغير.
وَأما أبيكرينا فَإِنَّهُ جمع الأبكر وَلكنه أَدخل الْيَاء وَالنُّون كَمَا أدخلها على الدهيدهين. انْتهى.
وَقد تقدم عَن أبي عَليّ فِي الْبَيْت قبله مَا يتَعَلَّق بِهِ.
وَقَالَ ابْن جني فِي إِعْرَاب الحماسة: وَأما أبيكرين فقد يُمكن على قَول سِيبَوَيْهٍ أَن يُقَال إِن وَاحِدهَا أبكر بِفَتْح الْعين فِي هَذَا الْموضع.
أَلا ترى أَنَّك لم تسمع الْعين فِي هَذَا الْبَيْت مَفْتُوحَة وَلَا مَضْمُومَة. فَإِن قلت: فقد سَمِعت فِي غير هَذَا الْموضع أبكر بِضَم الْعين قيل: أجل قد سمع هَذَا بِضَم عينه وَغير مُنكر أَن يكون الْخُرُوج أَلا تراهم قَالُوا: رجل وَرِجَال فكسروه ثمَّ قَالُوا رجلة فصاغوا للْجمع اسْما مُفردا. وَكَذَلِكَ الْجمال والأجمال هَذَا مَعَ قَوْلهم الجامل.
فَكَذَلِك لَا يُنكر أَن
يكون أبكر بِضَم الْعين جمعا مكسراً أَو يكون وَاحِد أبيكرين المكبر أبكر بِفَتْح الْعين وَإِن لم يسمع مكبراً لَكِن يدل عَلَيْهِ مَا انحرف عِنْد سِيبَوَيْهٍ من اعْتِقَاد جمع أَمريْن لِمَعْنى وَاحِد. وَهَذَا واضحٌ.
وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يُقَال فِي قَول الآخر: الرجز
(أَشْكُو إِلَى مولَايَ من مولاتي
…
ترْبط بالحبل أكيرعاتي)
وَذَلِكَ أَن الْألف وَالتَّاء موضوعان للقلة وضع الْوَاو وَالنُّون لَهَا. فَلَا يحسن أَن يكون الْوَاحِد)
المكبر من أكيرعات أكرعة وَلَا أكرعاً بِضَم الْعين لِأَنَّهُمَا مِثَالا قلَّة. فعلى قِيَاس قَوْله فِي أبينون مَا يجب أَن يُقَال فِي الْوَاحِد المكبر من أكيرعات إِنَّه أكرع. على وزن أفعل بِفَتْح الْعين الْأَعْمَى والأروى. انْتهى.
وَقَالَ فِي سر الصِّنَاعَة أَيْضا عِنْد سرد مَا جمع بِالْوَاو وَالنُّون من كل مؤنث معنوي كأرض أَو مؤنث بِالتَّاءِ مَحْذُوف اللَّام كثبة مَا نَصه: فَإِن قلت: فَمَا بالهم قَالُوا: فَجمعُوا تَصْغِير دهداهٍ وَهُوَ الْحَاشِيَة من الْإِبِل وأبيكراً وَهُوَ جمع بكر بِالْوَاو وَالنُّون وليسا من جنس مَا ذكرت
فَالْجَوَاب: أَن أبكراً جمع بكر وكل جمع فتأنيثه سائغٌ مُسْتَمر لِأَنَّهُ جماعةٌ فِي الْمَعْنى.
وَكَأَنَّهُ قد كَانَ يَنْبَغِي أَن يكون فِي أبكر وأكلب وأعبد هَاء. فَيكون تقديرها أكلبة وأبكرة وأعبدة كَمَا قَالُوا فِي غير هَذَا: فحالةٌ: جمع فَحل وذكارة: جمع ذكر.
فَكَمَا جَازَ أَن تَأتي الْهَاء فِي هَذِه الْمَجْمُوع كَذَلِك جَازَ أَيْضا أَن تقدر فِي أبكر الْهَاء فَيصير كَأَنَّهُ أبكرة.
وَقد جَاءَت الْهَاء فِي أفعلٍ نَفسهَا.
قَالَ: الطَّوِيل
(بأجريةٍ بقعٍ عِظَام رؤوسها
…
لَهُنَّ إِذا حركن فِي الْبَطن أزمل)
فَهَذَا جمع جرو. وأجريةً أفعلة. فَألْحق الْهَاء فِي أفعل.
ويدلك على أَنه أَرَادَ أفعل قَول الآخر: مجزوء الْكَامِل
(وتجر مجريةٌ لَهَا
…
لحمي إِلَى أجرٍ حواشب)
وَجَاز أَن تجمع فعلا على أفعل وأفعلة وأفعل لفعلٍ مَفْتُوحَة الْفَاء من حَيْثُ كَانَ فعل وَفعل ثلاثيين سَاكِني الْعَينَيْنِ وَقد اعتقبا أَيْضا على الْمَعْنى الْوَاحِد نَحْو: حج وَحج وفص وفصٍّ ونفط ونفط.
وَإِذا ثَبت أَن أفعل من أَمْثِلَة الجموع وَيجوز فِي الِاسْتِعْمَال وَالْقِيَاس تأنيثه. لم يُنكر أَن يعْتَقد فِي أَن أبكراً قد كَانَ يَنْبَغِي أَن يكون فِيهَا هَاء تَأْنِيث الْجَمَاعَة فَصَارَ إِذن جمعهم إِيَّاهَا بِالْوَاو وَالنُّون فِي قَوْله: أبيكرونا إِنَّمَا هُوَ عوض من الْهَاء الْمقدرَة فِي أبكر فَجرى ذَلِك مجْرى أَرض فِي جمعهم)
إِيَّاهَا بِالْوَاو وَالنُّون فِي قَوْلهم: أرضون.
فَأَما دهيدهينا فَإِن واحده دهداه وَهُوَ الْقطعَة من حَاشِيَة الْإِبِل فَهُوَ نَظِير الصرمة والهجمة فَكَأَن الْهَاء فِيهَا لتأنيث الْفرْقَة والقطعة كَمَا أَن الْهَاء فِي عصبَة وَطَائِفَة لتأنيث الْجَمَاعَة فَكَأَنَّهُ كَانَ فِي التَّقْدِير: دهداهة فَلَمَّا حذفت الْهَاء فَصَارَ دهداهاً جمع تصغيره بِالْوَاو وَالنُّون تعويضاً من الْهَاء الْمقدرَة.
قَالَ أَبُو عَليّ: وَحسن أَيْضا جمعه بِالْوَاو وَالنُّون أَنه قد حذفت ألف دهداه فِي التحقير وَلَو جَاءَ على أَصله لقيل: دهيديه بِوَزْن صلصال وصليصيلٍ فواحد دهيدهينا إِنَّمَا هُوَ دهيده وَقد حذفت الْألف من مكبره فَكَانَ ذَلِك أَيْضا مسهلاً للواو وَالنُّون وداعياً إِلَى التعويض بهما. انْتهى كَلَامه.
وَإِلَيْهِ ذهب يُوسُف بن السيرافي فِي شرح شَوَاهِد الْغَرِيب المُصَنّف قَالَ: أبيكرينا جمع أبيكر وأبيكر تَصْغِير أبكر وأبكر جمع بكر وَهُوَ فِي الْإِبِل بِمَنْزِلَة
الشَّاب فِي النَّاس. وَهَذِه الْعَلامَة لَا تكون إِلَّا لجمع الْمُذكر الْعَاقِل فِي الْكَلَام وَرُبمَا أدخلها الشَّاعِر إِذا احْتَاجَ. وَتدْخل على كثير من الْأَسْمَاء النواقص.
والبيتان من رجز أوردهُ أَبُو عبيدٍ الْقَاسِم بن سَلام فِي الْغَرِيب المُصَنّف قَالَ الْحَاشِيَة صغَار الْإِبِل والدهداه مثل ذَلِك.
قَالَ الراجز:
الرجز
(يَا وهب فابدأ ببني أَبينَا
…
ثمت ثن ببني أخينا)
(وجيرة الْبَيْت المجاورينا
…
قد رويت إِلَّا الدهيدهينا)
(إِلَّا ثَلَاثِينَ وأربعينا
…
قليصاتٍ وأبيكرينا)
قَالَ ابْن السيرافي: نصب الدهيدهينا على الِاسْتِثْنَاء.
وَقَوله: إِلَّا ثَلَاثِينَ بدلٌ من الدهيدهينا. وقليصات بدل من ثَلَاثِينَ. انْتهى.
وَجعله قليصات بَدَلا من الْبَدَل جَائِز مَشْهُور وَلم يَجعله بَدَلا من الدهيدهينا لِأَنَّهُ لم يعرف تعدد الْبَدَل فِي غير بدل البداء كَمَا قَالَه أَبُو حَيَّان وَابْن هِشَام فِي بحث إِذْ من الْمُغنِي.
أَحْمد رَبِّي الله خير مَالك فَجعل خير بَدَلا من الْجَلالَة لَا من الرب قَالَ: وَأما دَعْوَى الدماميني الْجَوَاز أخذا من كَلَام ابْن)
الْحَاجِب فِي الأمالي فاشتباه لِأَن ابْن الْحَاجِب قَالَ فِي الْكَلَام على آيَة غَافِر: الْأَحْسَن أَن ذِي الطول بدل ثَان من الْمُبدل الأول. فَقَالَ الدماميني: فِيهِ دَلِيل بينٌ على جَوَاز تعدد الْمُبدل مِنْهُ.
انْتهى.
وَابْن الْحَاجِب لم يقل من الْمُبدل مِنْهُ بل قَالَ من الْمُبدل يَعْنِي الْبَدَل. انْتهى.