الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأنْشد بعده
(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الستمائة)
وَهُوَ من أَبْيَات الْإِيضَاح للفارسي: الطَّوِيل
(فَإنَّا رَأينَا الْعرض أحْوج سَاعَة
…
إِلَى الصون من ريط يمانٍ مسهم)
على أَنه يجب أَن يَلِي أفعل التَّفْضِيل إِمَّا من التفضيلية كَمَا فِي قَوْلهم: زيد أفضل من عَمْرو وَإِمَّا معموله كَمَا فِي الْبَيْت فَإِن سَاعَة ظرف لأحوج.
وَمثله قَوْله تَعَالَى: النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم وَقَالَ تَعَالَى: قَالَ رب السجْن أحب إِلَيّ مِمَّا يدعونني إِلَيْهِ.
وَقد يفصل بالنداء أَيْضا. قَالَ جرير: الْكَامِل
(لم ألق أَخبث يَا فرزدق مِنْكُم
…
لَيْلًا وأخبث بِالنَّهَارِ نَهَارا)
قَالَ أَبُو الْبَقَاء فِي شرح الْإِيضَاح: رَأينَا هُنَا بِمَعْنى علمنَا. وأحوج اسْم يُرَاد بِهِ التَّفْضِيل وَهُوَ
وَجَاز أَن يتَعَلَّق حرفا الْجَرّ بأفعل لِأَن مَعْنَاهُمَا مُخْتَلف وَمن هِيَ الَّتِي يقتضيها أفعل.
والأقوى أَن يقدم من على إِلَى لِأَن تعلق من بأفعل يُوجب معنى فِي أفعل وَهُوَ التَّخْصِيص فَإِذا فصلت بَينهمَا ضعفت علقته بِهِ وَمَعَ هَذَا فَهُوَ
جَائِز ورد الْقُرْآن بِهِ. قَالَ تَعَالَى: وَنحن أقرب إِلَيْهِ من حَبل الوريد. وَقَالَ تَعَالَى: وَنحن أقرب إِلَيْهِ مِنْكُم.
وَهُوَ أَكثر من أَن أحصيه. وَإِنَّمَا ذكره أَبُو عَليّ ليبين لَك أَن عمل أحْوج فِي سَاعَة لَيْسَ على حد عمله فِي من الَّتِي للمفاضلة كَمَا أَن قَوْله بِالْأَكْثَرِ مِنْهُم لَا يتَعَلَّق من بِالْأَكْثَرِ على هَذَا الْحَد بل على حد تعلق سَاعَة بأحوج.
وَأما إِلَى وَمن ريط فيتعلقان بأحوج لَا محَالة. فَإِن قيل: لم لَا تعلق سَاعَة برأينا قيل: يمْتَنع من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن الْمَعْنى لَيْسَ على هَذَا بل الْمَعْنى على شدَّة حَاجَة الْعرض إِلَى الصون فِي أَي ساعةٍ كَانَت.
وَالثَّانِي: أَنَّك لَو نصبتها برأينا لفصلت بهَا بَين أحْوج وَمَا يتَعَلَّق بِهِ وَهُوَ أَجْنَبِي فَلم يجز. انْتهى كَلَام أبي الْبَقَاء.
وَالْبَيْت من قصيدة طَوِيلَة جدا لأوس بن حجر وَقَبله: فَإنَّا وجدنَا الْعرض
…
...
…
... . . الْبَيْت)
(أرى حَرْب أقوامٍ تدق وحربنا
…
تجل فنعروري بهَا كل مُعظم)
(ترى الأَرْض منا بالفضاء مَرِيضَة
…
معضلةً منا بجمعٍ عَرَمْرَم)
وَقَوله: ومستعجبٍ مِمَّا إِلَخ الْوَاو وَاو رب ومستعجب: اسْم فَاعل. قَالَ صَاحب الْعباب: واستعجبت مِنْهُ: تعجبت مِنْهُ. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
والأناة بِالْفَتْح: اسْم للتأني يُقَال: تأنى فِي الْأَمر: تمكث وَلم يعجل. وزبنته: دَفعته يُقَال زبنت النَّاقة حالبها زبناً من بَاب ضرب: دَفعته برجلها فَهِيَ زبونٌ. وحربٌ زبونٌ أَيْضا لِأَنَّهَا تدفع الْأَبْطَال عَن الْإِقْدَام خوف الْمَوْت. وَمِنْه الزَّبَانِيَة لأَنهم يدْفَعُونَ أهل النَّار إِلَيْهَا.
قَالَ صَاحب الصِّحَاح: وترمرم إِذا حرك فَاه للْكَلَام. وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
وَقَوله: فَإنَّا وجدنَا الْعرض إِلَخ الْعرض: بِالْكَسْرِ قَالَ الشريف فِي أَمَالِيهِ: هُوَ مَوضِع الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان. فَإِذا قيل ذكر عرض فلانٍ فَمَعْنَاه ذكر مَا يرْتَفع بِهِ أَو مَا يسْقط بِذكرِهِ ويمدح أَو يذم بِهِ.
وَقد يدْخل بذلك ذكر الرجل نَفسه وَذكر آبَائِهِ وأسلافه لِأَن كل ذَلِك مِمَّا يمدح بِهِ ويذم.
وَالَّذِي يدل على هَذَا أَن أهل اللُّغَة لَا يفرقون فِي قَوْلهم: شتم فلانٌ عرض فلَان بَين أَن يكون وَيدل عَلَيْهِ قَول مسكينٍ الدَّارمِيّ: الرمل
(رب مهزولٍ سمينٍ عرضه
…
وسمين الْجِسْم مهزول الْحسب)
فَلَو كَانَ الْعرض نفس الْإِنْسَان لَكَانَ الْكَلَام متناقضاً لِأَن السّمن والهزال
يرجعان إِلَى شيءٍ وَاحِد. إِلَى آخر مَا فَصله.
ورد على ابْن قُتَيْبَة فِي زَعمه أَن الْعرض هُوَ النَّفس وَنقض مَا اسْتدلَّ بِهِ.
وَقد أحكم الْكَلَام على معنى الْعرض ابْن السَّيِّد البطليوسي أَيْضا فِي أَوَائِل شرح أدب الْكَاتِب لِابْنِ قُتَيْبَة.
وَكَذَلِكَ حقق المُرَاد من الْعرض ابْن الْأَنْبَارِي فِي كِتَابه الزَّاهِر وَلَوْلَا خوف الإطالة لأوردت كَلَامهمَا.
وَيُؤَيّد كَلَام الشريف المرتضى قَول ابْن السّكيت فِي شرح هَذَا الْبَيْت من شرح ديوَان أَوْس يَقُول: الْعرض يحْتَاج سويعةً إِلَى أَن يصان. فَإِن سفه الرجل عَلَيْهِ قطع عرضه ومزقه إِن لم يحْتَمل فيصونه. انْتهى.)
وَقَوله: أحْوج قَالَ ابْن جني فِي إِعْرَاب الحماسة: هَذَا خلاف الْقيَاس لِأَنَّهُ أفعل تفضيلٍ من الْمَزِيد قَالُوا: مَا أحوجه إِلَى كَذَا وَقِيَاسه: مَا أَشد حَاجته أَو مَا أَشد احْتِيَاجه. وَأنْشد هَذَا وَفِيه نظر فَإِن الثلاثي الْمُجَرّد مَنْقُول ثَابت. قَالَ صَاحب الصِّحَاح وَغَيره: وحاج يحوج حوجاً أَي: احْتَاجَ قَالَ الْكُمَيْت: الطَّوِيل
(غنيت فَلم أرددكم عِنْد بغيةٍ
…
وحجت فَلم أكددكم بالأصابع)
وروى بدله: أفقر سَاعَة وَهَذَا عِنْد الْجَوْهَرِي شَاذ. قَالَ: وَقَوْلهمْ: فلانٌ مَا أفقره وَمَا أغناه شَاذ لِأَنَّهُ يُقَال فِي فعلهمَا افْتقر وَاسْتغْنى فَلَا يَصح التَّعَجُّب مِنْهُ. انْتهى.
وَفِيه نظر أَيْضا فَإِن ثلاثيه مسموعٌ أَيْضا. قَالَ صَاحب الصِّحَاح: الْفَقِير فعيل
بِمَعْنى فَاعل يُقَال: فقر يفقر من بَاب تَعب إِذا قل مَاله. قَالَ ابْن السراج: وَلم يَقُولُوا فقر أَي: بِالضَّمِّ استغنوا عَنهُ بافتقر. انْتهى.
وتنوين سَاعَة للتنكير والتقليل كَمَا فهم من كَلَام ابْن السّكيت. وَقَالَ ابْن بري: قَالَ أَبُو الْفَتْح بن جني: قَوْله سَاعَة يُرِيد سَاعَة الْغَضَب فاستغنى عَن الْإِضَافَة لدلَالَة اللَّفْظ عَلَيْهِ. انْتهى.
وَالْمعْنَى أَن الْعرض يصان عِنْد ترك السَّفه فِي أقل من سَاعَة إِذا ملك نَفسه فَكيف لَا يصان إِذا داوم عَلَيْهِ. وَالْعرض أَكثر احتياجاً إِلَى الصون من الثِّيَاب النفيسة فَإِن عرض الرجل أحْوج إِلَى الصيانة عَن الدنس والرين من الثَّوْب الْمُوشى المزين. وعنى بالساعة سَاعَة الْغَضَب والأنفة فَإِنَّهُ كثيرا مَا أهلك الْحلم وأتلفه. وَفِي الْمثل السائر: الْغَضَب غول الْحلم.
والريط واحده ريطة قَالَ صَاحب الْمِصْبَاح: الريطة بِالْفَتْح: كل ملاءة لَيست لفقين أَي: قطعتين وَالْجمع رياط وريطٌ أَيْضا. مثل تَمْرَة وتمر. وَقد يُسمى كل ثوبٍ رَقِيق ريطة. انْتهى.
وَالْمعْنَى الْأَخير هُوَ المُرَاد هُنَا. قَالَ ابْن السّكيت: ومسهم: فِيهِ وشيٌ مثل أفواق السِّهَام. وَقَالَ الْجَوْهَرِي: المسهم. الْبرد المخطط.
وَقَوله: أرى حَرْب أَقوام إِلَخ قَالَ صَاحب الْمِصْبَاح: الدَّقِيق: