المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الشاهد التاسع والثلاثون بعد الستمائة) - خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب للبغدادي - جـ ٨

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَاب الْمَجْمُوع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(جمع الْمُؤَنَّث السَّالِم)

- ‌(جمع التكسير)

- ‌(الْمصدر)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالتِّسْعُونَ بعد الْخَمْسمِائَةِ)

- ‌(اسْم الْفَاعِل)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْعَاشِر بعد الستمائة)

- ‌(اسْم الْمَفْعُول)

- ‌(الصّفة المشبهة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي عشر بعد الستمائة)

- ‌(أفعل التَّفْضِيل)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع عشر بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الموفي للعشرين بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمَاضِي)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْعشْرُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الْفِعْل الْمُضَارع)

- ‌(الشَّاهِد الثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(النواصب)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْوَاحِد وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّادِس وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السَّابِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد التَّاسِع وَالسِّتُّونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد السبعون بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

- ‌(الشَّاهِد الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ بعد الستمائة)

الفصل: ‌(الشاهد التاسع والثلاثون بعد الستمائة)

وَالله لَو احتفل عَلَيْك هاجيك مَا زَاد على مَا بؤت بِهِ على مَا فِي نَفسك ثمَّ أقبل عَلَيْهِ نصيبٌ فَقَالَ: أقبل عَليّ يَا زب الذُّبَاب فقد تمنيت معرفَة غَائِب عَنْك علمه حَيْثُ تَقول:

(وددت وَمَا تغني الودادة أنني

بِمَا فِي ضمير الحاجبية عَالم)

انْظُر مَا فِي مرآتك واعرف صُورَة وَجهك تعرف مَا عِنْدهَا لَك فاضطرب اضْطِرَاب العصفور وَقَامَ الْقَوْم يَضْحَكُونَ.

وَأنْشد بعده

(الشَّاهِد التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ بعد الستمائة)

وَهُوَ من شَوَاهِد سِيبَوَيْهٍ: الْبَسِيط

أَن هالكٌ كل من يحفى وينتعل فِي فتيةٍ كسيوف الْهِنْد قد علمُوا على أَن أَن مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة وَاسْمهَا ضمير شَأْن مَحْذُوف وهالك: خبر مقدم وكل: مُبْتَدأ مُؤخر وَالْجُمْلَة خَبَرهَا.

وَأوردهُ صَاحب الْكَشَّاف عِنْد قَوْله تَعَالَى: وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين على أَن أَن مُخَفّفَة وَاسْمهَا ضمير شَأْن كَمَا فِي الْبَيْت.

ص: 390

قَالَ السيرافي: وَفِي كتاب أبي بكر مبرمان: هَذَا المصراع مَعْمُول أَي: مَصْنُوع وَالثَّابِت الْمَرْوِيّ: أَن لَيْسَ يدْفع عَن ذِي الْحِيلَة الْحِيَل قَالَ: وَالشَّاهِد فِي كلتا الرِّوَايَتَيْنِ وَاحِد لِأَنَّهُ فِي إِضْمَار الْهَاء فِي أَن وَتَقْدِيره: أَنه هَالك وَأَنه لَيْسَ يدْفع. انْتهى.

قَالَ ابْن المستوفي: وَالَّذِي ذكره السيرافي صَحِيح وَلَا شكّ أَن النَّحْوِيين غيروه ليَقَع الِاسْم بعد أَن المخففة مَرْفُوعا وَحكمه أَن يَقع بعد أَن المثقلة مَنْصُوبًا فَلَمَّا تغير اللَّفْظ تغير الحكم. انْتهى.

وَالْبَيْت من قصيدة للأعشى مَيْمُون وَقَبله:

(وَقد غَدَوْت إِلَى الْحَانُوت يَتبعني

شاو مشلٌّ شلولٌ شلشلٌ شول)

وغدوت: ذهبت غدْوَة وَهِي مَا بَين صَلَاة الصُّبْح وطلوع الشَّمْس هَذَا أَصله ثمَّ كثر حَتَّى والحانوت: بَيت الْخمار يذكر وَيُؤَنث. وَجُمْلَة: يَتبعني حالٌ من التَّاء فِي غَدَوْت. والشاوي: الَّذِي يشوي اللَّحْم. والمشل بِكَسْر الْمِيم وَفتح الشين: المستحث والجيد السُّوق وَقيل الَّذِي يشل اللَّحْم فِي السفود من شللت الثَّوْب إِذا خطته خياطَة. كَذَا قَالَ ابْن السيرافي.

والشلول بِفَتْح الشين مثل المشل ويروى: نشول بِفَتْح النُّون

ص: 391

وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذ اللَّحْم من الْقدر يُقَال مِنْهُ نشل ينشل. والشلشل بِضَم الشينين كقنفذ: الْخَفِيف الْيَد فِي الْعَمَل والمتحرك. والشول: بِفَتْح فَكسر مثل الشلشل وَقيل هُوَ الَّذِي عَادَته ذَلِك.

وَقَالَ الْخَطِيب التبريزي فِي شرح هَذِه القصيدة: الشول هُوَ الَّذِي يحمل الشَّيْء يُقَال: شلت بِهِ وأشلته. وَقيل هُوَ من قَوْلهم: فلانٌ يشول فِي حَاجته أَي: يعْنى بهَا ويتحرك فِيهَا. وَمن روى:)

شول بِضَم الشين وَفتح الْوَاو فَهُوَ بمعناة إِلَّا أَنه للتكثير.

وروى بدله: شَمل أَيْضا بِفَتْح فَكسر وَهُوَ الطّيب النَّفس والرائحة. يَقُول: بكرت إِلَى بَيت الْخمار وَمَعِي غلامٌ شواءٌ طباخ خَفِيف فِي الْخدمَة.

وَيُشبه هَذَا الْبَيْت قَول أبي الطّيب المتنبي وَهُوَ: الطَّوِيل

(فقلقلت بالهم الَّذِي قلقل الحشا

قلاقل عيسٍ كُلهنَّ قلاقل)

قلقلت: حركت. والقلاقل: جمع قلقل. كجعفر: النَّاقة الْخَفِيفَة.

وَقَوله: فِي فتية إِلَخ مُتَعَلق بغدوت فِي الْبَيْت الْمُتَقَدّم. وَفِي بِمَعْنى مَعَ. وَقَالَ الْعَيْنِيّ: حالٌ من شأوٍ أَو حالٌ من الْيَاء فِي يَتبعني. والفتية: جمع فَتى وَهُوَ الشَّاب.

وَقَوله: كسيوف الْهِنْد فِي مَحل الصّفة لفتية وَكَذَلِكَ جملَة: قد علمُوا يُرِيد أَنهم كالسيوف فِي المضاء والعزم أَو فِي صباحة الْوَجْه تبرق كالسيوف. وخصها بِالْهِنْدِ لحسن صقالتها. وَجُمْلَة المصراع الثَّانِي فِي مَحل نصب على أَنه سادٌّ مسد مفعولي علمُوا.

ص: 392

ويحفى بِالْحَاء الْمُهْملَة من الحفاء وَهُوَ الْمَشْي بِلَا نعل وَلَا خفٍّ. وَأَرَادَ بِهِ الْفَقِير. وينتعل: يلبس النَّعْل وَأَرَادَ بِهِ الْغَنِيّ.

يُرِيد قد علم هَؤُلَاءِ الفتيان أَن الْمَوْت يعم فقيرهم وغنيهم فهم يبادرون إِلَى اللَّذَّات قبل أَن يحول الْمَوْت بَينهَا وَبينهمْ كَمَا قيل: الطَّوِيل

(خُذُوا بنصيبٍ من نعيمٍ ولذةٍ

فكلٌّ وَإِن طَال المدى يتصرم)

والبيتان من قصيدة جَيِّدَة للأعشى وَهِي أحسن شعره وَقد ألحقت بالمعلقات السَّبع.

وَقد شرحها الْخَطِيب التبريزي مَعَ المعلقات وأولها:

(ودع هُرَيْرَة إِن الركب مرتحل

وَهل تطِيق وداعاً أَيهَا الرجل)

نقل الْخَطِيب عَن أبي عُبَيْدَة أَنه قَالَ: هُرَيْرَة: قينةٌ كَانَت لرجل من آل عَمْرو بن مرْثَد أهداها وَقد قَالَ فِي هَذِه القصيدة: جهلا بِأم خليدٍ حَبل من تصل انْتهى.

وَقيل: إِن هُرَيْرَة وخليدة أختَان كَانَتَا قينتين لبشر بن عَمْرو وكانتا تغنيانه وَقدم بهما إِلَى الْيَمَامَة لما هرب من النُّعْمَان بن الْمُنْذر. وَقيل: إِن أم هُرَيْرَة كَانَت أمة سَوْدَاء لحسان بن عَمْرو)

كَانَ الْأَعْشَى يشبب بهَا.

وَقيل: إِن الْأَعْشَى سُئِلَ عَن هُرَيْرَة فَقَالَ: لَا أعرفهَا وَإِنَّمَا هُوَ اسمٌ ألقِي فِي روعي.

وَنقل صَاحب الأغاني عَن الشّعبِيّ أَنه قَالَ: الْأَعْشَى أغزل النَّاس

ص: 393

فِي بَيت وأخنث النَّاس فِي بَيت وَأَشْجَع النَّاس فِي بَيت وَالْكل من هَذِه القصيدة.

أما الأول فَقَوله:

(غراء فرعاء مصقولٌ عوارضها

تمشي الهوينى كَمَا يمشي الوجي الوحل)

وَأما الثَّانِي فَقَوله:

(قَالَت هُرَيْرَة لما جِئْت زائرها

ويلي عَلَيْك وويلي مِنْك يَا رجل)

وَأما الثَّالِث فَقَوله: والغراء: الْبَيْضَاء الواسعة الجبين. والفرعاء: الطَّوِيلَة الْفَرْع أَي: الشّعْر.

والعوارض: الرباعيات والأنياب. والوجي بِكَسْر الْجِيم: الَّذِي يشتكي حَافره وَلم يحف.

والوحل بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة: الَّذِي يتوحل فِي الطين.

وَقَوله: قَالُوا الطراد يَقُول: إِن طاردتم بِالرِّمَاحِ فَتلك عادتنا وَإِن نزلتم تجالدون بِالسُّيُوفِ نزلنَا.

وروى صَاحب الأغاني بِسَنَدِهِ قَالَ: حدث جرير بن عبد الله البَجلِيّ الصَّحَابِيّ قَالَ: سَافَرت فِي الْجَاهِلِيَّة فَأَقْبَلت لَيْلَة على بَعِيري أُرِيد أَن أسقيه مَاء فَلَمَّا قربته من المَاء تَأَخّر فعقلته ودنوت من المَاء فَإِذا قومٌ مشوهون عِنْد المَاء فَقَعَدت فَبينا أَنا عِنْدهم إِذْ أَتَاهُم رجلٌ أَشد تشويهاً

ص: 394

مِنْهُم فَقَالُوا: هَذَا شَاعِر. ثمَّ قَالُوا: يَا أَبَا فلَان أنْشد هَذَا فَإِنَّهُ ضيف.

فَأَنْشد: ودع هُرَيْرَة إِن الركب مرتحل

فوَاللَّه مَا خرم مِنْهَا بَيْتا حَتَّى أَتَى على آخرهَا فَقلت: من يَقُول هَذِه القصيدة قَالَ: أَنا أقولها. قلت: لَوْلَا مَا تَقول لأخبرتك أَن أعشى قيس بن ثَعْلَبَة أنشدنيها عَام أول بِنَجْرَان.

قَالَ: إِنَّك صَادِق. أَنا الَّذِي ألقيتها على لِسَانه. وَأَنا مسحلٌ صَاحبه مَا ضَاعَ شعر شاعرٍ وَضعه عِنْد مَيْمُون بن قيس.

وروى صَاحب الأغاني عَن الْأَعْشَى قَالَ: حدث الْأَعْشَى عَن نَفسه قَالَ: خرجت أُرِيد قيس بن معديكرب بحضرموت فضللت فِي أَوَائِل أَرض الْيمن لِأَنِّي لم أكن سلكت ذَلِك الطَّرِيق قبل)

فَأَصَابَنِي مطرٌ فرميت ببصري أطلب مَكَانا ألجأ إِلَيْهِ فَوَقَعت عَيْني على خباء من شعر فقصدت نَحوه وَإِذا أَنا بشيخ على بَاب الخباء فَسلمت عَلَيْهِ فَرد عَليّ السَّلَام وَأدْخل نَاقَتي خباءً آخر كَانَ بِجَانِب الْبَيْت فحططت رحلي وَجَلَست.

فَقَالَ: من أَنْت وَأَيْنَ تقصد قلت: أَنا الْأَعْشَى أقصد قيس بن معديكرب. فَقَالَ: حياك الله أَظُنك امتدحته بِشعر قلت: نعم. قَالَ: فأنشدنيه. فابتدأت مطلع القصيدة: الْكَامِل

(رحلت سميَّة غدْوَة أجمالها

غَضبا عَلَيْك فَمَا تَقول بدا لَهَا)

ص: 395

فَلَمَّا أنشدته هَذَا المطلع مِنْهَا قَالَ: حَسبك أهذه القصيدة لَك قلت: نعم. قَالَ: من سميَّة الَّتِي تنْسب بهَا قلت: لَا أعرفهَا وَإِنَّمَا هُوَ اسمٌ ألقِي فِي روعي. فَنَادَى: يَا سميَّة اخْرُجِي.

وَإِذا جاريةٌ حماسية قد خرجت فوقفت وَقَالَت: مَا تُرِيدُ يَا أَبَت قَالَ: أنشدي عمك قصيدتي الَّتِي مدحت بهَا قيس بن معديكرب وَنسب بك فِي أَولهَا.

فاندفعت تنشد القصيدة حَتَّى أَتَت على آخرهَا لم تخرم مِنْهَا حرفا فَلَمَّا أتمتها قَالَ: انصرفي.

ثمَّ قَالَ: هَل قلت شَيْئا غير ذَلِك قلت: نعم كَانَ بيني وَبَين ابْن عمٍّ لي يُقَال لَهُ: يزِيد بن مسْهر ويكنى أَبَا ثَابت مَا يكون بَين بني الْعم فهجاني وهجوته فأفحمته. قَالَ: مَاذَا قلت فِيهِ قَالَ: قلت: ودع هُرَيْرَة إِن الركب مرتحل فَلَمَّا أنشدته الْبَيْت الأول قَالَ: حَسبك من هُرَيْرَة هَذِه الَّتِي نسبت فِيهَا قلت: لَا أعرفهَا وسبيلها سَبِيل الَّتِي قبلهَا. فَنَادَى: يَا هُرَيْرَة. فَإِذا جاريةٌ قريبَة السن من الأولى خرجت فَقَالَ: أنشدي عمك قصيدتي الَّتِي هجوت بهَا أَبَا ثَابت يزِيد بن مسْهر.

فأنشدتها من أَولهَا إِلَى آخرهَا لم تخرم مِنْهَا حرفا. فَسقط فِي يَدي وتحيرت وتغشتني رعدة.

فَلَمَّا رأى مَا نزل بِي قَالَ: ليفرج روعك يَا أَبَا بَصِير أَنا هاجسك مسحل بن أَثَاثَة الَّذِي ألْقى على لسَانك الشّعْر. فسكنت نَفسِي وَرجعت إِلَيّ وَسكن الْمَطَر فدلني على الطَّرِيق وَأرَانِي سمت مقصدي وَقَالَ: لَا تعج يَمِينا وَلَا شمالاً حَتَّى تقع بِبِلَاد قيس.

ص: 396

وروى صَاحب الأغاني أَيْضا أَن الْأَعْشَى قَالَ هَذِه القصيدة ليزِيد بن مسْهر أبي ثَابت الشَّيْبَانِيّ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَكَانَ من حَدِيث هَذِه القصيدة أَن رجلا من بني كَهْف بن سعد بن مَالك بن)

ضبيعة بن قيس بن ثَعْلَبَة يُقَال لَهُ ضبيع قتل رجلا من بني همام

يُقَال لَهُ زَاهِر بن سيار بن أسعد بن همام وَكَانَ ضبيع مطروقاً ضَعِيف الْعقل فنهاهم يزِيد بن مسْهر وَهُوَ من بني ثَعْلَبَة بن أسعد بن همام أَن يقتلُوا ضبيعاً بزاهر وَقَالَ: اقْتُلُوا بِهِ سيداً من بني سعد بن مَالك بن ضبيعة.

فحض بني سيار بن أسعد على ذَلِك وَأمرهمْ بِهِ فَبلغ بني قيس مَا قَالَه فَقَالَ الْأَعْشَى هَذِه القصيدة فِي ذَلِك يَأْمُرهُ أَن يدع بني سيار وَبني كَهْف وَلَا يعين بني سيار فَإِنَّهُ إِن أعانهم أعانت قبائل بني قيس بني كَهْف. وحذره أَن يلقى بَنو سيارٍ مِنْهُم مَا لقوا يَوْم الْعين عين محلم بهجر.

وَكَانَ من حَدِيث ذَلِك الْيَوْم كَمَا زعم عمر بن هِلَال أحد بني سعد بن قيس ابْن ثَعْلَبَة أَن يزِيد بن مسْهر كَانَ خَالع أَصْرَم بن عَوْف بن ثَعْلَبَة بن سعد بن قيس بن ثَعْلَبَة فَلَمَّا خلع يزِيد بن مسْهر أَصْرَم من مَاله خالعه على أَن يرهنه ابنيه: أقلب وشهاباً ابْني أَصْرَم وأمهما فطيمة بنت شُرَحْبِيل بن عَوْسَجَة بن ثَعْلَبَة بن سعد بن قيس.

وَأَن يزِيد قمر أَصْرَم فَطلب إِلَيْهِ أَن يدْفع إِلَيْهِ ابنيه رهينة فَأَبت

ص: 397